في تفسير : إهدنا الصراط المستقيم :
اهدنا الصراط المستقيم
قراءة الجمهور بالصاد .
وقرئ : السراط وقرئ بالزاي ،
قال الفراء : وهي لغة بني عذرة وبلقين وبني كلب .
لما تقدم الثناء على المسئول ، تبارك وتعالى ، ناسب أن يعقب بالسؤال ؛
كما قال : فنصفها لي ونصفها لعبدي ،
ولعبدي ما سأل وهذا أكمل أحوال السائل ، أن يمدح مسئوله ،
ثم يسأل حاجته [ وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله : ( اهدنا ] ،
لأنه أنجح للحاجة وأنجع للإجابة ،
ولهذا أرشد الله تعالى إليه لأنه الأكمل ،
وقد يكون السؤال بالإخبار عن حال السائل واحتياجه ،
كما قال موسى عليه السلام : ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) [ القصص : 24 ]
وقد يتقدمه مع ذلك وصف المسئول ،
كقول ذي النون : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [ الأنبياء : 87 ]
وقد يكون بمجرد الثناء على المسئول ، كقول الشاعر :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء
:
والهداية هاهنا : الإرشاد والتوفيق ،
وقد تعدى الهداية بنفسها كما هنا اهدنا الصراط المستقيم
فتضمن معنى ألهمنا ، أو وفقنا ، أو ارزقنا ، أو اعطنا ؛
وهديناه النجدين ) [ البلد : 10 ] أي : بينا له الخير والشر ،
وقد تعدى بإلى ، كقوله تعالى : ( اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ) [ النحل : 121 ]
فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) [ الصافات : 23 ]
وذلك بمعنى الإرشاد والدلالة ،
وكذلك قوله تعالى : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) [ الشورى : 52 ]
وقد تعدى باللام ، كقول أهل الجنة : ( الحمد لله الذي هدانا لهذا ) [ الأعراف : 43 ]
أي وفقنا لهذا وجعلنا له أهلا .
وأما الصراط المستقيم ، فقال الإمام أبو جعفر بن جرير :
أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه .
وكذلك ذلك في لغة جميع العرب ، فمن ذلك قول جرير بن عطية الخطفي :
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموارد مستقيم
قال : والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصر
، قال : ثم تستعير العرب الصراط فتستعمله في كل قول وعمل وصف باستقامة
أو اعوجاج ، فتصف المستقيم باستقامته ، والمعوج باعوجاجه .
ثم اختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف في تفسير الصراط ،
وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد ،
وهو المتابعة لله وللرسول ؛ فروي أنه كتاب الله ،
قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثني يحيى بن يمان ، ناس ،
ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا ،
وداع يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب ،
قال : ويحك ، لا تفتحه ؛ فإنك إن تفتحه تلجه .
فالصراط الإسلام ، والسوران حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ،
وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ،
في تفسير : إهدنا الصراط المستقيم :
اهدنا الصراط المستقيم
قراءة الجمهور بالصاد .
وقرئ : السراط...
صباح الهنا والسرور على احلى فيض