ذكرى ... من أيامي الراحلة

الأدب النبطي والفصيح

أصوات كثيرة بدأت تتسلل إلى أذني وأنا ملتفة على سريري ، هذه زقزقة عصافير ، وهذه قرقرة دجاج ، وهذا هديل حمام . قمت من نومي وقفزت من السرير وأنا أتبع رائحة جميلة تعشقها نفسي ؛ لقد كانت جدتي تجلس وبجوارها زوجات أخوالي حول الفرن البلدي الذى يوقد بالحطب والقش يخبزون الخبز اللذيذ . وامتدت يد جدتي الحنونة إلي لتعطيني فطيرتى التى تصنعها خصيصا لي بالعسل فأخذتها متلهفة ووضعت على وجنتها قبلة سريعة وركضت لأصعد إلى السطح ، فهناك أرى البلدة كلها ؛ لأن كل بيوتها لا تتعدى الطابقين وتحيط بهذه البيوت الحقول الخضراء من كل جانب كالسوار ، ويمر من بينها نهر النيل العظيم ، ومع النسائم العليلة بدأت في التهام فطيرتي ، وإذا بي ألمح خالي يتجه بأدوات الرسم إلى الحقول ليكمل لوحته وركضت ألح عليه ليصحبني معه ، ومشينا نشق الطرقات غير الممهدة نلقي السلام على كل من يقابلنا حتى وصلنا إلى شاطئ النيل ، وبدأ خالي فى الرسم ، وصعدت أنا فوق صخرة فى النيل وجلست عليها ووضعت قدمي العارية فى الماء وأنا أراقب فى سعادة تلك الأسماك الصغيرة وهى تمر بجوار قدمى تحت صفحة الماء الرقراقة الشفافة . لوحة فنية رائعة مصنوعة بيد خالق عظيم . وبدأت الشمس تعلن عن انسحابها وتعكس اللون الأحمر على المزارع ، وتنزل رويدا رويدا لتحتضن صفحة النيل فى جمال وصمت مهيب ؛ فأخذ خالي بيدي وبدأنا نحن أيضا فى الرحيل ، وفي رحلة العودة شعرت بثقل رأسي وبصوت عال ينادي علي ؛ فتحت عيني لأجد نفسي بين ابنتي تنادى كل منهما علي ي وقد تشاجرتا معا وتريدان فض الاشتباك ، لقد كان حلم يقظة ذهب بي بعيدا ليسترجع معي يوما من أيام طفولتي الراحلة بلا عودة ، كان كل شئ هنالك صاف شفاف برئ لاتشوبه هموم الشباب ولا تعكره مشاكل الحياة.

وهذه دعوة مني إليكن ليتذكر كل منا يوما غاليا من أيام طفولته الراحلة لنعيشه معا ونستعيد معا ولو لدقائق ذكرياتنا الجميلة؛ لنضفى ابتسامة على قلوبنا ،ونعطيها إجازة صغيرة تستمتع فيها لتكمل رحلة واقعها بكل ما فيه.
9
975

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حنين المصرى
حنين المصرى
هذه الذكريات عمرها اكثر من ثلاثين عاما
وسعدت جدااا حين مرت بخاطرى كالحلم
فاليبحث كل منا عن لحظات راحلة كهذه لينعم بلحظات من السعادة يستمد منها ما يجعله يكمل يومه بسعادة وراحة
نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
دائماً ما أشبه الأطفال بهادم اللذات هههههههههههه
( ربما يجب علي أن أضحك بالفصحى حتى لا أقع في مصيدة
لغة الضاد ها ها ها ها )
فهم دائماً يظهرون في الوقت الغير مناسب
سلم الفكر ياحنين ولي عودة
بعد أن أعصر شريط ذكرياتي
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
لو خُيّرت بين أن أظل طفلة صغيرة ، وبين أن أكبر وتكبر معي الهموم
لماترددت لحظة في التشبث بتلابيب الطفولة ؛ ذلك لأن تلك البراءة لاترى إلا
بعين الفرح ؛ رغم أن الأحزان قدتنطق من حولها ..وهذا ماكنته طفلة !
كنت كنورس البياض يسبح في خيال بحره ..!
فللأضواء الملونة في عيني مساء سحر خاص تغرق به خيالاتي
والعالم من حولي كنت أراه أشد اتساعاً وأكثر رحابة مما هو الآن ..
والدمع إن جال في عيني فسرعان ماتجففه قطعة من الكاكاو أو لعبة ما ، أو كلمة حلوة ..ثم لاألبث أن انسى وأبتسم واتجه بكليتي إلى منابع السعادة لأتمرغ فيها .
ولا تسلي عن شرود خيالي حين يجسم كل مايراه في السماء خاصة آنذاك فكل
ما أمعنه نظراً .. أراه متحركاً أمامي ...!
البدرله ملامح وفم يبسم لي دائماً .. والنجوم عيون تغمزني وأبادلها الغمز ، حتى غيوم الشتاء عند العصر أرقبها من فوق سطح المنزل مكاني المنعزل المفضل ،وما زال ، فتتشكل لي بصور مختلفة وأخالها تبعث فيها الحياة ؛ فأهرول هابطة حين ينتابني الخوف من الأشكال المرعبة ...
بينما تأسرني المناظر التي تترى بها .. فهذه عربة سندريلا ، وتلك واحة نخيل ، وهذا بستان ، وذاك بحر وسماء وغيوم وطيور في قلب الغيوم ، وعلى صفحة السماء..! تظل تتشكل وتتغير كل ثانية ، وأتبعها بناظري حتى تغيب في الأفق ..!
أين هي الآن مني تلك السنين ؟؟!
أبحث في أعماقي عن الطفلة عليّ أعيشهامجدداً لحظات سعادة ...
فأستعيد ذكراها ، وأعجز عن استرجاع سعادتها !

سلمت ياحنين على هذه الفسحة المثيرة التي خصصت لذاكرة الطفولة ..!
ولى مثلك مع الروائح العالقة في مسامي ذكريات أخرى عن طفولةعبقة
فالرائحة من أكثر الأحاسيس إثارة لغبار الذكرى ..!
بورك طرحك الجميل ..!
وشكرت ..!
نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
أنا سأشارككم بذكرى لم تكن جميلة ابداً
من دفتر ذكريات الطفولة
فلقد إستيقظت ذات ليلة ووجدت
ضيفاً غير مرغوب فيه يرقد بجانبي
تخيلوا ماذا؟!
لقد كانت قطة كبيرة شكلها أرعبني
ومن ليلتها الا الآن وأنا أصاب
بحالة ذعر اذا مرت بجانبي قطة 
تغريد حائل
تغريد حائل
طبول البراءة مازالت تُقرع في ميدان ذاكرتي،
وتتسم بطفولة مخملية تتناول الأفراح بملعقة من أحلام الياسمين...
في ذات صباح أختلستُ من الشروق بصيص نور... نعم أعترف.!
وأهديته لجارتنا المسافرة لعالم الوحدة... القاطنة في مدن الشيب.
فتارة كنتُ أنظم لها الأبرة والخيط، وأستمتع بمداعبة مذياعها القديم،
وتارة أجلب لها الماء... المنسكب نصفه فوق حصير حرمانها من نعمة الأبناء.
وعندما أكون في قمة الإختلاس ينتابني النوم بين أغراضها المتبعثرة،
وتوقظني كفوف "أمي" المخضبة بالحنان -رحمها الله-
ودعوات الجارة الطيبة... تتهافت كرذاذ ذاك الصباح..!

الغالية حنين...
شكراً لكِ على هذه المساحة الدافئة التي داعبت أرواحنا قبل حبر أقلامنا...
لاحرمنا الله من ينابيع بيانكِ -شاعرتنا-
وفقكِ الله!!