سراب

سراب @srab_1

عضو نشيط

روائع......................... .(( ســــــراب ))

الأدب النبطي والفصيح

الساعة تقترب من الخامسة صباحاً..أكاد أسمع من بين هذا الصمت دبيب نهار جديد.. لقد عصاني النوم فأحببت أن أرسم لك حروفا أسكب فيها شيئا من روحي و وجداني .. و ما السطور التالية إلا زفرات قلبي و آهات نفسي و همسات تتمشى في دهاليز أعماقي .. ربما تتفق معي على أن ذات الإنسان قارة مجهولة بحاجة إلى ربان ماهر لاكتشافها .. أحيانا تبدو لي الثقافة هي معرفة الذات .. وذات الإنسان هي مسرح خفي ترقص فيه الأفكار .. قد يصبح حديقة .. قد يصير مقبرة .. قد يغدو هذا المسرح صحراء ميتة تجول فيها الجن و العفاريت .. الإنسان من الداخل دون نور أمل يغدو كطير كسيح فقد أحد جناحيه .. ولك أن تتخيل .. عصفور أعرج يتخبط تحت أقدام الخيول في معركة شرسة . و الإنسان عندما يبتسم يبدو لي أنه يرمم أعماقه .. يزيفها .. ينثر عليها المساحيق .. أحيانا الابتسامة تصبح جريمة .. و مجنون من يبتسم في هذه الدنيا .. إنها ليست دعوة لمزيد من القلق و الحزن .. بل هي رسالة للتأمل .. الحياة عندي عاصفة ..رعود .. صواعق .. بحر هائج .. سماء جريحة .. حمامة قتيلة .. وردة مسحوقة .. كلمة مشنوقة .. اللحظة القادمة عندي هي الكارثة بعينها .. إنها لحظة مليئة بالضباب .. بالدخان .. بالصراخ .. أشم رائحة الهزيمة من ثنايا الغد دائما .. الغد عندي حقيبة مملوءة بالخوف .. بالرعب .. بالديناميت .. بأحلام موؤدة و آمال محطمة ..والغد ينام كل ليلة تحت وسادتي .. تحت غطائي .. يعبث بأحلامي .. بأفكاري .. كل ليلة يرتكب مجزرة مرعبة .. يطلق الرصاص على أجمل الأحلام و أحلى الأمنيات .. و أستيقظ كل صباح و وسادتي قد غدت قبرا لكل بارقة أمل بغد أفضل .. و الموت عندي أراجوز غريب يتراقص أمامي بعدد دقائق يومي ..أهرب منه إلى أي مكان فأجده يترصدني في كل مكان و خلف كل باب ووراء كل إلتافة أو نظرة .. والحب عندي هو الحلم المستحيل الذي وضعته في تابوت و ألقيت به في أعماق البحر .. فنزيف العواطف قد يقود إلى الجنون .. إلى الجنوح .. إلى السقوط .. و أنا مجنون بغير هذا الحلم المستحيل .. والليل عندي أنشودة جميلة أهمس بها للنجوم .. للقمر .. للأرواح الهائمة تحت جناح الظلام .. كل ليلة يمر تحت نافذتي عباقرة التاريخ أسامرهم .. و أجادلهم و في نهاية المطاف أطلق عليهم الرصاص جميعا .. فأغزل من أفكارهم نور طريقي ..و من كلماتهم نبراس حياتي .. في الليل يا صديقي أصنع نجاحي بتشريح جثث العظماء و أتعرف على سبيل نجاحهم .. ذات مرة سقطت نجمة من السماء بين يدي .. عطفت عليها .. رعيتها .. أودعتها قلبي .. وعندما أطل الصباح وجدت الوردة ذابلة ..ميتة .. بعض الورد يقتلها العطف .. و تذبحها الرعاية .. إنها تلك الورود التي اعتادت على التفتح بين الأشواك .. النجاح عندي يا صديقي سجن .. عذاب .. شوق .. حب .. خوف .. حريق .. ثورة .. و ثورات النجاح عندي لا تنتهي .. في داخلي قصر كبير يصول و يجول فيه الثوار .. وتحت عرش كل واحد منهم قنبلة موقوتة اسمها الفشل . أما الصداقة فهي زورق من الحب يسبح في بحر من الصدق و الوفاء و الأمانة .. إنها جسر إلى العالم .. إلى حيث شيء منن الراحة .. الصديق هو أنا في شخص آخر .. هكذا قالوا .. و هكذا أقول .. والكتابة عندي نوع من البكاء على الورق .. إنها جنازة أشيع من خلالها أيامي و أصدق مشاعري .. الكتابة هي الحريق الكبير الذي أشعله بين أصابعي و أنا أنزف ورودا قتيلة و عصافير محنطة .. في داخلي ذئب يعيش بين غابات نفسي و أدغالها .. أحاول اصطياده.. أطارده .. أمسك به .. أذبحه .. فأجد دمه ينبت مائة ذئب و ذئب .. في داخلي عندليب صغير يشدو و طير بمرح في الغابة .. أحاول أن أرعاه .. و كل ما أخشاه أن أجده ذات يوم و قد ألقى بنفسه في النار .. في دهاليز نفسي رجل أعمى يبتسم بهدوء رغم الظلام .. لا يصرخ .. لا يتبرم .. لا يشكو .. ولكنه يبكي بصمت كلما وجدني قد شيعت حلما إلى القبر .. وفي ساحة ذاتي جثث مبعثرة .. و أمنيات محترقة .. كل ليلة أهبط إلى ذاتي أحمل الرفش بيدي .. أدفن حلما و أزرع وردة .. أواري جثة و أحصد دمعة .. قد تنمو الوردة .. قد تكبر الدمعة و لكن .. إلى متى ؟؟ في دمي يركض رجل كهل عاش ألف عام و عام .. يحميني من نفسي .. من الذئب ..من الحريق .. من الهزيمة .. من السقوط .. يصفعني بقوة إذا أخطأت .. يمنحني زهرة إذا أحسنت .. انه ضميري الذي حاولت أن أخونه ألف مرة فصفح عني ألف مرة .. تسللت إلي مخدعه لأحرقه بفراشه .. فلم استطع .. انه ضميري الذي يكتب بالنيابة عني و يقف لي وراء كل باب و خلف كل زاوية .
421
27K

هذا الموضوع مغلق.

الفتاة الشامية
أهلا بك أخت سراب
و اذا كنت أنت التي كتبت ذلك فالحقيقة أن الأسلوب جميل جدا والكلمات قوية و لكنك تنتقلين بين الأفكار بسرعة و لا تثبتين على واحدة بعينها
وفقك الله
سراب
سراب
الى الفاضلة الفتاة الشامية
اشكر لك تفضلك بقراءة السطور السابقة . هذا اولا .
ثانيا : قولك انني اتنقل بين الأفكار بسرعة ولااثبت على صورة بعينها فلا ادري ان كان هذا مدح ام قدح .
اما ثالثا : فسراب اسم مذكر حيث نقول : هذا سراب ولا نقول هذه سراب


ولك التقدير و الإحترام
اخوكم : سراب
fatima
fatima
أخي سراب :
كلماتك كالماء الرقراق المنساب بين الجداول والأنهار .. لا أستطيع أن أصف لك مدى العمق الذي أحسست به وأنا أتجول في هذه الدهاليز .. صحيح أنك تنتقل بين الأفكار بسرعة ولكني أرى هذا الشيء في هذه الخاطرة بالذات شيء جميل وخادم للمعنى الذي أردت الكتابة من أجله ..
سراب :
شيء جميل أن نفرغ مشاعرنا على الورق .. قد تذروها الرياح بعيداً بعيداً قبل أن نلتقط أنفاسنا عليها ولكن هذه هي متعة الكتابة أنك تظل عاجزاً دائمًأعن كتابة ما تريد التعبير عنه وهذا الدافع دوماً للإبداع
أشد على يديك وأقول لك أكتب وأكتب فالكتابة نور يجب أن نغسل أرواحنا فيه <IMG SRC="http://cocktail.eksa.net/~cocktail/cgi-bin/ubb//smilies/cwm38.gif" border=0>
سراب
سراب
اختي الكريمة فاطمة :
لا املك سوى ان اشكرك من اعماق قلبي على كلماتك المشجعة و التي تؤكد بين حروفها على وعي ادبي و انساني ..
دمت بخير لأخيك سراب
سراب
سراب
تمنيت يومها أن يضل الليل طريقه إلى مدينتنا .. كانت الرياح تعزف نغمة جنائزية .. و السماء تطل بنجوم باهتة وقمر بارد لا نبض فيه .. و أنا .. أنا أقف وراء نافذتي أبعثر همومي هنا و هناك .. ضجيج المدعوين يمزق أذنيّ .. أصواتهم صرخات تضج في أعماقي .. سياط تلتهب فوق ظهري .. أشواك تدمي عينيّ .. أريد أن أنسى كل شيء .. أريد أن أنسى اني عروس .. و أن هناك بشر ينتظرون طلّتي عليهم ليرشقوني بخناجر فضولهم .. أريد أن أنسى أن هناك رجلا غريبا سوف يمزق وحدتي و يقودني إلى صخب الحياة و زحامها ..أريد أن أنسى كل شيء .. سوى نافذتي هذه التي تركض بي نحو السحاب .. وهذا الشارع الذي احكي له أحلامي.. وتلك النجوم التي يحلو لي أن أداعبها والعب بها .. وتلك الرياح التي تهمس لي بأساطير قديمة .. هذه هي دنياي .. ليل يبتسم .. و ريح تغني .. لم تكن لي أحلام الصبايا وآمالهن .. لم أحلم بفارس مستقبل .. ولا بضجيج أطفال .. ولا بقصر يغفو على ربوة تطل على ذراعي شاطئ .. كان أقصى حلم لدي هو أن أجد كتابا أقفز به إلى نافذتي كلما حط الليل رحاله .. اجلس و أقرأ بنهم شديد إلى أن أرى خيوط الفجر تتسابق في صفحة السماء .. وربما سقط كتابي من يدي إذا ما غلبني النعاس على النافذة ..
لم أكن اعشق ارتياد منتدى الفتيات .. ولا لقائهن أو الحديث معهن .. ليس كراهية في ذلك وإنما هو خوف .. نعم خوف … كنت أخاف أن يفتضح أمري لديهن .. إن بي عاهة ألمت بي في طفولتي .. كم كانت أياما قاسية .. كنت حينها طفلة صغيرة لا تعرف سوى الابتسامة الصافية .. و القلب الأبيض و الوجه المشرق المضيء .. إلى أن جاء ذلك اليوم الذي اختفت فيه الابتسامة و تمرد القلب الأبيض و تلون الوجه المضيء بألوان قاتمة .. وذلك حينما امتدت ألسنة نار عاتية لتحرق كل ما في بيتنا بلا هوادة .. ولم تشبع النيران ليلتها إلا بعد أن امتدت بقسوة لتلتهم يدي اليمنى .. وهئنذا الآن أعيش بيد واحدة أكافح بها في زحمة الحياة ..ولم تقو والدتي على رؤية الفراغ تحت كتفي الأيمن فما كان منها إلا أن أصرت على وضع يد صناعية خشبية تقضى على هذا الفراغ .. و لكن لم تقض على أحزاني و دموعي و آهاتي ..لهذا كله كنت أفضل أن أنزوي بعيدا عن البشر لأنني ببساطة عاجزة عن رد تحيتهن الحارة إلا بيد باردة لا حياة فيها و هذا مالا أريده ..
أوه .. ضجيج المدعوين يرتفع .. و هدير الرياح يشتد .. ماذا أفعل ؟ أمي تدخل اليّ و علامات الدهشة على وجهها : ( إلى الآن لم تلبسي فستان الزفاف ؟ تعالي أساعدك يا حبيبتي ) .. و امتدت يدها لتساعدني بينما شرد عقلي هناك .. في البعيد .. عند ذاك الرجل الذي يريدني زوجة له .. أتراه ضل دربه في العثور على عروس بذراعين ؟ قادرة على تطويق عنقه و احتضان أحلامه و بناء المستقبل معه ؟ أم .. أم ؟ .. وقفز السؤال ينتصب أمامي كأفعى مميتة .. أتراه يجهل ما بي .. ؟ و ألقيت سؤالي إلى أمي فوجدتها تتلعثم في كلماتها و تتعثر في إجابتها و كأنها تحاول إخفاء الحقيقة عني .. ( بالطبع يا ابنتي انه يعرف ما بك و يقدر مصابك و إن شاء الله سيكون قادرا على مساعدتك و إسعادك أيضا ..هيا يا ابنتي .. ها أنت جاهزة ) ..
نظرت لنفسي في المرآة .. وجه ذابل .. عيون دامعة .. قلب باكٍ .. وجسد سرقت النيران بعضه .. وروح تزدحم بالغصات و الحسرات .. انه قدرك أيها الرجل .. انه قدرك ..
و امتدت يد أمي لتساعدني في نزول درجات السلم بينما تقدمنا نساء حملن الدفوف و فتحن أفواههن بأصوات و كلمات لم أفهمها .. شعرت و كأنهن يحاولن إغاظتي .. كل واحدة منهن حملت دفاً و تضرب عليه بيدها الأخرى ..لم أبالي كثيرا .. فما أراه أمامي لا يعطيني فرصة لأهرب بعقلي بعيداً ..
أعبر القاعة التي غصّت بالنساء و الصبايا .. لا أعرف أحداً منهن .. جميعهن صديقات للعائلة .. أما أنا فلا أصدقاء لي سوى الليل الذي يحتضن دموعي كل ليلة .. الرياح التي تزمجر هذا المساء شعرت بها تشدو لي بفرح ..والقمر الذي كان يغفو بحزن على نافذتي كل ليلة كأني رأيته يبتسم قبل قليل ..
لا زلت أعبر القاعة الواسعة .. أترى أين المستقر ؟ .. انه هناك .. شاب في أبهى الثياب يقف ينتظر وصولي إليه .. إنها ألف خطوة و خطوة .. و كل خطوة تحمل ألف علامة استفهام عن القادم من الأيام .. أصبحت أمامه الآن .. ابتسم في وجهي .. حاولت أن أبتسم له فجاءت ابتسامتي باهتة كضوء الشمعة التي تضيء ظلام حياتي .. جلسنا .. صمتٌ ثقيل ران علينا .. سرقت بعض النظرات إليه .. هذا زوجي .. هكذا أمي تقول .. وقالت انه يعلم أني لا املك سوى ذراعاً واحدة .. أتراه هل يستطيع أن يتحملني و يتحمل أيامي معه ؟ .. أترى هل سننجح في بناء بيت سعيد ؟ .. و .. و ..
أسئلة حائرة حامت فوق رأسي ولم أعثر إلا على الحيرة و المزيد من القلق .. أمي تدعونا إلى البوفيه .. تتوسطه تورتة كبيرة ..و تحيط به أصناف كثيرة من الطعام لا اعرف لها إسماً .. وبين ضجيج المدعوين الذين أحاطوا بنا وبين شبح الخوف الذي سكن قلبي و بين نظرات أمي الحانية التي تدعوني للاطمئنان امتدت يد الزوج لتمسك بيدي لنقطع قالب الحلوى ..وجمت .. خفت .. اهتز كياني كله .. أمي وضعت يدها على فمها كأنها تريد أن تكتم صرخة مدوية .. حاولت أن ابتعد عنه .. يده تحمل سكينا صغيرة و قالب الحلوى ينتظر و العيون تراقب بفضول و نهم .. هممت أن اهرب .. ولكن يده كانت أسبق فقد أمسك بيدي الخشبية .. الدم يتفجر في عروقي و الدمع فر من عيني .. و الرعب يتراقص في أعماقي ..كل ما حولي يخذلني فجأة و يتخلى عني ..ابتعدت عن عريسي أكثر فأكثر و صخب القاعة يعلو و يعلو .. سحبني بقوة نحوه فما شعرت إلا ويدي الخشبية قد انسلّت من كتفي .. ذهل العريس .. صرخت أمي .. هرج و مرج في القاعة .. صرخت أنا بأعلى صوتي … لا .. امتدت يدي اليتيمة إلى السكين وهويت بها إلى صدر هذا الشاب الذي هتك سر حزني و عذابي .. الصراخ يملأ المكان .. يدي ترتفع و تهوي .. أمي سقطت في إغماءة مفجعة .. و عريسي أمامي يتخبط في دماءه التي ارتوى منها فستاني الأبيض .. شيطان مذعور سكن يدي اليسرى و أنا أرى يدي الخشبية ملقاة تحت الأقدام تفضحني و تهزأ بي .. السكين في يدي تهوي في كل اتجاه .. و نظرت إلى نفسي فجأة .. فوجدتني غارقة في بركة من الدماء و النحيب و الوعيل يطوقني .. فسقطت مغميا عليّ .. ولم أفق من غيبوبتي إلا على سرير أبيض و في يدي اليسرى قيود من الحديد ربطت إلى السرير ..