صباح الضامن
صباح الضامن
(27) وعند بوابة قصر زياد وقف الصديقان كان الباب مشرعاً ويطل منه البهو الكبير يتحدى ضيق صدورهما وضيق بيوتهما وضيق شوارعهما و يوحي إليهما بأمر خفي . سمعوا هنا همساً يختلف عن ذاك الضجيج المتهالك في القلوب . فهنا همس عال بنغمة وتيرتها لا تتقطع ولا تخبو ولا تخنق , إنها وتيرة غنية . وهاهي يا يحيى جولتك الآن أنت تملك سطورها فهل ستحسن السير في ميمنتها وميسرتها أم أن اقتحامك سيكون الآن انتحاراً لكل ما ناديت به . هيا يحيى خذ عقلك فأنت أمام عقل المال فمن سينتصر ؟ وانطلق صوت زياد مرحباً رآه يحيى اليوم مختلفاً رآه أطول قليلاً وأكثر اعتداداً بنفسه وحتى نبرة الترحيب كانت جامدة ليس فيها تلك الحرارة وأحس بقشعريرة تسري في كيانه وكأن هبة الهواء الباردة حولهم تنذر بجو مكفهر . وانطلق الصديقان إلى مكتب زياد وشعر يحيى بأنه في معرض لكل التقنيات الحديثة وليس مكتباً ولكنه لم يدقق بالتفاصيل كثيراً حتى لا يهتز فيكفيه ما به . وابتدأ زياد بالحديث كسر به جو التوتر القائم : - كيف الحال يا أدباءنا ؟ آه قال يحيى بنفسه كأن (( النا )) هذه تقدمة لاحتواء شيء فبادره قائلاً ممازحاً - أفضل بقليل من أمس فالمنتصر ليس هنا . ضحك الجميع وقال زياد : - حادثني على الهاتف صديقك المنتصر يعاتبني أن سمحت لك بالتهجم عليه - هل كان ينتظر أن تطردني ؟ قالها يحيى بكبرياء جعلت زياد يأخذ قلماً أمامه ويرتد مستنداً على مقعده الجلدي الوثير .ولم يجب مما جعل يحيى يقول لنفسه يبدو أني أصبت منه أمراً لا يحبه فتدخل رجا قائلا ً - السيد زياد يعرف قيمة الرجال ولن يفعلها . ابتسم زياد لهذه الرشوة ولم تعجب يحيى فصمت ولم يعقب . ولكن زياد أردف قائلا: - بل كان ينتظر أن أسانده فهو صديق قديم لي وبيننا تعاملات كثيرة . هزت العبارة الأخيرة يحيى وتضايق منها وكأنها مؤشر هذا هو زياد الذي سيشتري إنتاجك يا يحيى أنظر من يصاحب . وتابع زياد قائلا : - أنا لا يهمني ماضي الرجل ولا كيف كان ما يهمني أنه ناجح الآن ولديه سجل تجاري نظيف ويكفيني هذا . آه نظيف حدث يحيى نفسه يبدو أنه غسل أمواله كما كان يغسل الترمس . - عموما هو ليس محور اهتمامنا الليلة فلنتحدث بأمر الكتب , الحقيقة أني أريد كل إنتاجك بالأمس لما ذهبتم طلبت كل أعداد الصحف التي تنشر بها مقالاتك وأعجبتني جداً ولكني علمت من بعض الإخوة أن ما يخبأ في أدراجك ليس ذاك النوع من الرومانسيات بل هي قصص منعوا نشرها لأنك فيها تهاجم الخطأ وتضع قلمك في عينه فلما خافوا من أن تسيل دماؤهم خنقوا كلماتك أليس هذا ما حدث ؟ دهش رجا من أسلوب زياد فهو يعلم أن الرجل ليس بقاريء وإن كان يحب اجتماع الأدباء فهو يريد استكمال نقص لديه فلا شهادات له ولا أحد يعرف كيف جمع ثروته وأصابع الاتهام كثيرة ولكنه وأدها بمشاريعه الثقافية والانتاجية فمن أين له هذا التحليل الدقيق ؟ يبدو أن المستشارين كثر ؟ فنظر إلى يحيى الذي كان ينقر بإصبعه على طرف المكتب متفكراً بما قال وليس حاله بأقل من صاحبه فالدهشة اعترته من هذا التلخيص الدقيق والمباشر لكل شيء . وحثه زياد على التفاعل بقوله - أليس كذلك يا صديق ؟؟ - بلى كذلك يا سيد زياد - إذا فلنكن صرحاء - كيف ؟ وبم - أنت لديك العقل والفكر والأدب والموهبة - نعم - وأنا لدي العقل والمال وموهبة توظيفه وتشغيله - بلا شك - إذا فنحن نكمل بعضنا - لأي حلقة يا سيد زياد نكمل أي حلقة ؟ تنبه زياد لقولة يحيى ولكنه لم يجبه واسترسل قائلاً : - قلت لك بالأمس أن تحضر كل إنتاجك ووعدتك بنشره أليس كذلك ؟ - بلى - وأنا عند كلمتي .. ولكن واهتز قلب يحيى وتململ رجا في مكانه - ولكن ماذا ؟؟ - فقط أريد ان أسألك سؤالا يا يحيى ؟ لم رفضت تغيير أفكارك وتمسكت بها أليس لأنك مخلص لمبادئك ؟ أليس لأنك تريد أن تنشر أفكارك التي تصلح وتبني وتعرف الناس على مواطن الخطأ ؟ - بلى يا سيد زياد بلى .. - أنا ساقوم بنشر أفكارك كلها ولن أنقص حرفاً واحداً مما كتبته بل سأنشرها في كل بقاع العالم ولو اقتضى الأمر ان أترجمها إلى لغات كثيرة فسأفعل وسترى كلامك بين أيدي الكثير وسيتحقق حلمك وتصلح وتبني . - ولكنك يا سيد زياد لم تقرأه بعد فقد يكون أصعب من أن ينشر - تعني أن به مساس لشخصيات بأسمائها - لا أبداً فأنا لم أتعرض أبدا لأشخاص فذاك لا يهمني إنما أردت أن أحث الناس على رؤية الخطأ وإشعال همتهم للعمل الجاد لرفع هذا الخطأ وعدم الرضوخ من أجل لقمة العيش ويتركوا المقولة اللهم نفسي اللهم نفسي . - عظيم جداً وأنا سأنشر هذا التوجه وأحب أن أكون فاعلاً فيه تعجب يحيى وتذكر كلمة ولكن ... التي قطعها زياد وأحس أنه ابتلع طوفانا ً سيقذفه الآن وخشي يحيى أن يكون نجاته أن يضع كتبه أسفل رجليه حتى لا يغرق . واستطرد زياد : - سأنشره يحيى سأنشره أيها الأديب بآلاف النسخ وقد يحصد جوائز ولكن ... - ولكن ...... - مادام الهدف العام وجهتك ولا يهمك أي شيء - طبعاً الهدف العام هو وجهتي - إذاً لن نختلف . - على ماذا ؟؟؟؟ وأوجس يحيى هنا خيفة . - أن أضع بدلاً من اسمك ............إسمي . (28) كلما ... كلما سدت سدود واستبيح النقاء وصار فريسة بحث في قواميس اللغة وجد توصيف لكل شيء إلا هذا ..... أين أنت يا رباطة الجأش الآن ؟ تعالي يا نفس يا محاربة واستحدثي سلاحاً فقد أن الفؤاد بما سمع . ويح خطوات العوز التي قادت سفنك الطائشة في بحر لجي يغشاه ظلم فوق ظلم . فتح المزاد والبائع قادر فتح المزاد من يشتري العقل بأعلى الأثمان فتح المزاد يا يحيى ولن تعرف كيف تصل بلوحاتك لأعلى ثمن . أنت الآن على جسر خشبي قديم في عرض البحر أمامك هواء القراصنة يحمل ذهب الجزيرة المفقودة وخلفك أحلامك منشورة بأساطير حولك : كان هنا فتى همام يدعى يحيى من أجل الصالح العام عبأ أحلامه في زجاجة وألقى بها في يم كبير فاستلقفتها عفاريت البحر وطاروا بها حيث قرصان وملك لأعالي البحارفقام بنشرها في كل شراع له فأصبحت الرياح لها منجبة وقبلها دود الأرض وفراش الحقول وكل دابة هابة بترحاب . وما كانوا له رفقاء وما توسدوا أذرعة حروفه ولا ناموا في أحضانها فهي أخطر منهم . أما الآن فقد زال الخطر فجأة وأصبحت مذهبة مجنحة مزهوة صائبة لأنها بتوقيع غير توقيعه . هكذا سيكون .......... ووقف يحيى ولم ينبس ببنت شفة فقد رأى كتبه تتطاير أمامه تحمل اسم زياد أبو الوفا ورأى بائع الكتب ذي الشعر الأجعد يبيعها قائلاًً : كتب العلامة زياد كتب الأديب زياد أبو الوفا ب...ب... بكم يا ترى ؟ هل ستكون ككتب مزين الجعفر أم ككتب الموسوعة بقرشين لالا أظن ستحصد الجوائز فهي مذهبة وضحك يحيى ضحك في قلبه بهستيرية و لم يبد على وجهه إلا مرار الضحكات . وقف .. ووقف معه رجا الحائر كل شيء توقعه إلا هذا . ووقف زياد قائلاً - فكر في الموضوع جيداً قبل أن تقرر يا أديب يحيى فكر فيه فالثمن سيكون آلافاً مؤلفة ولن تنتهي طالما أنت تكتب وأنا أنشر وباسمي ... - فكر يا يحيى بمن اقتحم هدوءك فكر بمن سيسرق.......يسرق ماذا ؟؟ والتفت إلى رجا وقدماه تسرعان ورجا لا يستطيع اللحاق به - قف يا يحيى قف لنتكلم وذاك يركض ويركض الدنيا تطوى تحت قدميه وأنفاسه تتلاحق - سأهرب من السارق سأهرب . وكأن جمرات النار تتدافع في رأسه تصيبه بحمى وهو يهذي ويركض سأهرب من السارق سأهرب . ورجا يصيح إثره : - قف يا صيقي أستحلفك بالله أن تقف قف من أجل أن أحادثك عن حلوة المذاق قف .... ويقف يحيى ....... وهو يرتجف . يتبع
(27) وعند بوابة قصر زياد وقف الصديقان كان الباب مشرعاً ويطل منه البهو الكبير يتحدى ضيق صدورهما...
(29)
ويحتضنه رجا ويجره إلى حقل قريب ويجلسه قسراً على العشب وهو يرتجف
سيسرق اسمي , لا عقلي , لالالالا عقلي معي نعم إنه معي لن يسرقه كيف يستطيع لن يستطيع فلو أنه سرق عقلي أموت وإذا مت فلن ينشر باسمه ولن أقبض أنا الآلاف المؤلفة وإذا لم اقبض الآلاف إذاً فإن عقلي لم يمت لازال معي .. إذاً أنا حي ولم أسرق
كيف حي ولم أسرق؟؟؟ فعقلي هي حياتي إن سرق عقلي سيسرق حياتي لالا دعني أصف لك الأمور بشكل افضل عقلي .........
- كفى يحيى ما بك كفى ..
- لا يا صديقي هو سيدفع مقابل ان أبيع
قل لي هل إذا بعته عقلي أبيعه جسدي أيضا بكل مافيه ؟؟ هنا القلب به حلوة المذاق , هل سأبيعها معه وإذا كبرت ولم تجد عقل أبيها في الدنيا ماذا ستقول مؤكد أنها ستعاتبني وستصرخ في قائلة
ونهض ماداً ذراعيه وصار يصرخ بأعلى صوته
- ستقول يا أبي لم بعت عقلك كان لي سندا ً ,,يا أبي ما نفعتني أموال وما اشترت لي حكمة ولا طريقاً فضللت بمالك المر
يا أبت لم فعلت بي هكذا؟ وبعتني بعتني يا أبي لما بعت عقلك ......
وجلس يردد والدموع تنهمر من عينيه لم يا أبي لم ؟؟ لم ؟
وانتفض قائلاً :
- لا يا ابنتي لا....... أنا بعت من أجلك من أجل حلواك وثوبك من أجل لمعة عيونك , من أجل أن أرى الوسن في عينيك يوم تصافحين القمر .
من أجلك بنيتي أبيع عقلي إنه ثمن حياة لك ولأخوتك
سأبيع رجا سأبيع
هيا لنعد له وسأبيع
بل انتظر سأتدلل عليه لن أقول له الآن حتى لا يبخسني الثمن سأظل أياماً أفكر ثم أشتري صندوقا ذهبيا أضع له عقلي فيه وأعلن عن المزاد البائع واحد والشاري واحد والثمن عال عال عال ..
أتعلم يا رجا الآن أستطيع ان أكتب كل ما أريد ولينشرها باسمه وليأخذ جائزة نوبل إن أراد آه ما أسعدني سينتشر الفكر أخيراً
وقام يدور في الحقل ويردد
- يا فراشات الدنيا هيا أقبلي واحملي أحلام يحيى في قلوبك الملونة
يا سحباً سابحات ترفقي فذاك عقلي ما ستمطرين به
يا طيوراً غداة كتبت لك كنت في منأى عني تعالي الآن فقد تصالحت مع قومي ولبس عقلي جلداً جدياً باسم جديد
باسم جديد باسم زياد أبو الوفا .......وصار يكرر الاسم ووقع أرضاً وهو ينتحب ورجا يتابعه بعينيه وقلبه يتفطر حزناً عليه , ينتظر أن تهدأ عواصفه فلا مجال الآن لإيقافه فالحزن أعمق من أن تذيبه كلمات وتطويه في قلب العدم .
يتبع
صباح الضامن
صباح الضامن
(29) ويحتضنه رجا ويجره إلى حقل قريب ويجلسه قسراً على العشب وهو يرتجف سيسرق اسمي , لا عقلي , لالالالا عقلي معي نعم إنه معي لن يسرقه كيف يستطيع لن يستطيع فلو أنه سرق عقلي أموت وإذا مت فلن ينشر باسمه ولن أقبض أنا الآلاف المؤلفة وإذا لم اقبض الآلاف إذاً فإن عقلي لم يمت لازال معي .. إذاً أنا حي ولم أسرق كيف حي ولم أسرق؟؟؟ فعقلي هي حياتي إن سرق عقلي سيسرق حياتي لالا دعني أصف لك الأمور بشكل افضل عقلي ......... - كفى يحيى ما بك كفى .. - لا يا صديقي هو سيدفع مقابل ان أبيع قل لي هل إذا بعته عقلي أبيعه جسدي أيضا بكل مافيه ؟؟ هنا القلب به حلوة المذاق , هل سأبيعها معه وإذا كبرت ولم تجد عقل أبيها في الدنيا ماذا ستقول مؤكد أنها ستعاتبني وستصرخ في قائلة ونهض ماداً ذراعيه وصار يصرخ بأعلى صوته - ستقول يا أبي لم بعت عقلك كان لي سندا ً ,,يا أبي ما نفعتني أموال وما اشترت لي حكمة ولا طريقاً فضللت بمالك المر يا أبت لم فعلت بي هكذا؟ وبعتني بعتني يا أبي لما بعت عقلك ...... وجلس يردد والدموع تنهمر من عينيه لم يا أبي لم ؟؟ لم ؟ وانتفض قائلاً : - لا يا ابنتي لا....... أنا بعت من أجلك من أجل حلواك وثوبك من أجل لمعة عيونك , من أجل أن أرى الوسن في عينيك يوم تصافحين القمر . من أجلك بنيتي أبيع عقلي إنه ثمن حياة لك ولأخوتك سأبيع رجا سأبيع هيا لنعد له وسأبيع بل انتظر سأتدلل عليه لن أقول له الآن حتى لا يبخسني الثمن سأظل أياماً أفكر ثم أشتري صندوقا ذهبيا أضع له عقلي فيه وأعلن عن المزاد البائع واحد والشاري واحد والثمن عال عال عال .. أتعلم يا رجا الآن أستطيع ان أكتب كل ما أريد ولينشرها باسمه وليأخذ جائزة نوبل إن أراد آه ما أسعدني سينتشر الفكر أخيراً وقام يدور في الحقل ويردد - يا فراشات الدنيا هيا أقبلي واحملي أحلام يحيى في قلوبك الملونة يا سحباً سابحات ترفقي فذاك عقلي ما ستمطرين به يا طيوراً غداة كتبت لك كنت في منأى عني تعالي الآن فقد تصالحت مع قومي ولبس عقلي جلداً جدياً باسم جديد باسم جديد باسم زياد أبو الوفا .......وصار يكرر الاسم ووقع أرضاً وهو ينتحب ورجا يتابعه بعينيه وقلبه يتفطر حزناً عليه , ينتظر أن تهدأ عواصفه فلا مجال الآن لإيقافه فالحزن أعمق من أن تذيبه كلمات وتطويه في قلب العدم . يتبع
(29) ويحتضنه رجا ويجره إلى حقل قريب ويجلسه قسراً على العشب وهو يرتجف سيسرق اسمي , لا عقلي ,...
النهايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة(30)
وأحاط رجا صديقه بذراعيه ضاماً رأسه إلى صدره وأخذ يردد
- كفى يا صديقي كفى ما هكذا نواجه الأمور أنت أقوى من هذا ما الأمر؟
- الأمر يا صديقي الوفي أن عقلي في مزاد فهل تريده أن لا يجن !!
- لا عقلك ليس في المزاد إنما شرف ذلك الرجل
وكأن الجملة الأخيرة أيقظت يحيى قليلاً فارتد مسنداً رأسه إلى سور الحقل قائلاً:
- حقاً شرفه
وهدءا قليلاً ثم وضع يحيى رأسه بين كفيه ونظر إلى الحقل الأخضر الممتد قائلاً:
- هل أبيع يا رجا ؟
- لست أنا من يجيب على هذا السؤال .
- الحمى تأكل رأسي لن أفكر أريد أن أنام ولكن ليس في بيتي خذني أي مكان أي مكان بالله عليك الحمى تأكل رأسي وقام كالمذعور. خذني أي مكان أريد أن أنام لا أريد أن أفكر .
وخرجا إلى بيت رجا وهناك نام يحيى حتى الصباح ورجا يسمعه يهذي :
- سأبيع عقلي لك يا حلوة المذاق , خذيه واحتفظي به لا ترميه كلعبتك المكسرة إنه لك لالا إنه لرجا بل لذاك المأفون سيبيعه بقرشين وستجعله أم جواد سيجاراً .......
قضى رجا كل الليل وهو يضع الكمادات الباردة على جبين يحيى كان يعلم أن حمى صديقه سببها صدمة حلم فلا شك أن في أعماقه تمنى أن ينشر له أبو الوفا وفي عمق أمنياته كان يظن أنه قد فتح له باب ذهبي ولم يكن يعتقد أن الثمن سيكون باهظاً حد الجنون .
وعند الصباح استيقظ يحيى على رائحة القهوة يحضرها رجا فقام إليه يترنح وكأنه مريض منذ أيام فأنبه رجا قائلاً :
- لم قمت من فراشك ؟ سأحضر لك القهوة هناك .
- لا تدللني كثيراً ياصديقي فلا يصلح لي ذلك ...
- لقد اتصلت بجاركم عزيز ليخبر زوجتك أنك عندي حتى لا تقلق .
- وضحك يحيى بمرارة قائلاً لن تقلق علي فكم من مرة بت في الحقول حتى أرتاح من نقيقها .
- أهي ضفدع مائي أيضاً !
وابتسم يحيى بصعوبة ...... تمنى رجا أن يحادثه يحيى بالأمر حتى يرتاح من التفكير بقراره
- لقد ذهبت إلى عملك وعملي وأخذت لكلينا إجازة وأنت نائم .
- فعلت خيراً يا صديقي قالها وكأنه مغيب عن هذه الدنيا .
فنحن يا رجا في هامش هذه الدنيا هذا الهامش واسع جدا فكم فيه من أمثالنا
- وكم فيه من أمثالنا رددها رجا .....
- أترانا يا رجا في زمن الاضمحلال إني أحس أني كذرة في هواء مسموم أخشى على نفسي وأخشى على الآخرين .
- لم ياصديقي ؟
- رأسي يكاد ينفجر لا أستطيع حلاً للموضوع .
وصمت رجا لم يكن يأمل أن تكون ردة فعل يحيى هكذا تمنى أن يصيح بقوة لا يا زياد عقلي ليس للبيع وينهي القضية ولكنه عذره فالحاجة والحلم أكبر منه .
- وماذا قررت يا صديقي ؟؟
- لا أدري
- أتحس بخيبة أمل
- وضحك يحيى ملء شدقيه قائلا :
- أضحكتني يا صاحبي أو خيبة أمل!!! فمنذ متى كان عندي أمل حتى يخيب وعاد إلى ضحك هستيري أوقفه رجا صارخاً :
- كفى
- هناك يا صديقي في زوايا العمر يكمن أنا ..أنا إنسان أبسط من خيال وأقل من ذرة
هناك يستوي لدى من هو مثلي كل شيء بدءا من واقع وانتهاء بوهم ..بدءا من حلم وانتهاء بيقظة, واقعنا يضحك علينا بحزن وحزن مرير ثم نأتي نحن فنخرج ألسنتنا له ونضحك معه وعليه وعلينا ......
هناك لما نرخي وعينا المستقل ونستشرف منه حيواتنا فقط هناك ننتبه أننا يا صديق العمر هوامش في هوامش فإن لم نكتب فيها صك تحرير ستظل الدائرة تحيط بنا وتضيق فحتى الهامش لن يقبلنا ونلفظ خارج أكوان التواجد لنقول قولة واحدة
مهزومون .....
- وهناك يا صديقي الأديب هم سطروا لنا الهوامش وحشرونا فيها فكيف سنكتب صك التحرير ؟
- بهذا ..وأشار لعقله , بهذا يا رفيق العمر .
- كفتي ميزان إذا لدينا .
- نعم عقلي بكفة وماله بكفة فمن سيرجح يا ترى ؟
- أتيت بالنهاية قبل أن نوغل تدرجاً في عمق المسألة .
- عمقها أن نعرف أين أنا وأين هو ؟
- اولا يدخل في حساباتك أي أناس آخرين ؟
- لن أدعهم يدخلون في مثاقيل ميزاننا فهم بأناملهم الخفية المحفورة في أفئدتنا سيرجحون كفته فتأثيرهم علينا سلباً وعليه إيجاباً .
- أي أنك لو فكرت بحرمان فلذات أكبادك...
- سيكون حرمانهم سوطا ًيجلدني ويضعف تصالبي .
- وكأني ألمح قراراً ينجب هنا في عقلك بعيداً عن القلب .
- لربما ليس قراراً بل حديثاً بصوت عال .
- إذا فأنت لا زلت حائراً , ماذا يمنعك من اتخاذ القرار ؟
- أتظن أني سأتشبث بوهم نشر أفكاري ويكون عندي مثالية كبيرة أن انتشري ولا يهم الاسم ؟
- ربما !
- خطر على بالي ذلك
- والنتيجة؟
- أتعلم يا رجا الفكر لما يقنع الناس يجب أن يكون مصدره قلبهم النابض ولا يأتي من صالونات مذهبة ومال مرتو بعرق الناس . من يتبعك ويقتنيك جملة في صدره يكون قد مررك في مشاعره واحتواك في صدره وابتسم لمرأى اسمك وأعطاك من حبه لهفة لسماعك فكنت له كنجمة هادية يعيدة أنت لا تجتمع معها إلا إذا أردتها لك هادية فتحمد الله أنك اهتديت بها وأنها خلقت لتنير لك .
من سيقرأ لزياد ؟
سيقرأ له من يشتري كتابه ,من يستطيع الدفع وقد يكون الكتاب زينة لمكتبة فقط ...... وهؤلاء ليسوا الشريحة التي وجهت لهم الكتاب .
- إذا فبيع عقلك ليوضع على طبق من ذهب لن يجدي .....
- لن يكون له زخم المصداقية التي أنشد . ولا الاتباع الذي أريد ولا الإصلاح الذي يهدف .
- لله درك يا يحيى كم أنت عميق الفكر
- وخاوي الجيب يا صديقي , أتعلم ؟
- ماذا
- أنا لازلت حائرا والحمى تأكل رأسي ولا أدري ماذا أفعل فكل ما قلته لك تفكيراً وليس قراراً .
- ولكنه قريب من المنطق يا صاحبي .
- وهل المنطق هو ما يتبع هل هو يا رجا لا أظن ؟
- بل هو لأمثالنا .
- لا هو للجميع ونحن نتبعه لأنه لا حيلة لنا إلا أن نتبعه فهو ما تبقى لنا .
- أحيانا أظن بأنك فقدت ظلك يا أخي . قالها رجا وهو ينظر إلى بعيد خائفاً أن ينهار يحيى
- ربما فظلي هو امتداد لفكري فإن أنا بعت فكري فقدت ظلي .
- وهل ستبيعه ؟؟
- ووضع يحيى يده على قلبه ثم رأسه ووقف بجانب النافذة وأخذ يضحك بمرارة ثم انتحب ثم ضحك ثم انفجر بصوت عال قائلاًً:
- آه يا نبراس الفهم المعلق بثنايا حرفي يكاد صنع يدي يتوه في قحل وجفاف
أشرق بغصتي يا رفيقي أشرق فابكني يوم أَشرق ولا أصحو .
آه يا قلماً سيكسر إن تخاذل وبيع في سوق نخاسة
أصمتي يا حاجة اصمتي......... أصمتي
فلن تسملي الصبح الوضيء من عيون الدنيا
أصمتي فلن أكون إلا وزن شعر في زمن قواف عاليات
أصمتي فقصاصاتي حكايات زمن حب كان
حكايات عمر بروح الندى كل حرف عاش قلبي وعاش عقلي وعاش العمر طيفاً
يوم أساوم على عقلي بقروش عفنات يومها سأسلم سلاح المقاومة وسأموت
البيع موات
والحياة صراخ قلم نسمع صريره على شوائب الطرق فيكتسحها فإما أن تقصفه وتجعله من ركاماتها
وإما ان يرتسم لون ألق مبهر
فأي نسلك يا رفيق العمر في متاهات الزمان
أيٌ نسلك ؟؟

ويأخذ يحيى مؤلفاته يستعرضها
ويقرأ الأديب يحيى أسماء مؤلفاته التي لم تر إلا نور عين رجا ورواقات النادي :
هذه أول رواية كتبتها
اسمها : سبح الطير وغنى .. إنها عن انتهاك للمساحات الخضراء في بلادي يوم قتلها غابات الجشع الرمادي من شواهق وبنايات حرمت الطير من أعشاشه والفقير من خلواته والشدو من إيقاعاته .
وهذه اسمها ((لن تقتلوه)) وهي عن مروجي المخدرات
وهذه اسمها ((عفاريت الليل)) وهي عن ناشري الفساد في علب الليل القذرة
وهذه اسمها ((خذوه واصلبوني لأجله )) وهي عن الوطن السليب
وهذه اسمها ((الثمن)) : وهي قصة بيع الجسد لفتيات الهوى
وهذه اسمها (((عفوا ......فلا مساس ))) وهي يوم قطعوا لي أصابعي حتى لا أمسهم
وهنا .......... وهنا ...........وهذه مشروع رواية سأبدأ بكتابتها منذ اليوم
سأسميها :


((سأضحك ملء الحزن ))



وستقول :
سأضحك على حاضري ولو ملء الحزن حتى لا أبكي على موتي وأنا أتنفس ................وسأضع اسمي تحتها باللون الأحمر : .............................


الأديب يحيى العمر




تمت بحمد الله
سكارلت
سكارلت
سأضحك ملء الحزن ...

عنوان صارخ , وتعبير رائع لنفس ذات كبرياء وشموخ !!!

قلة هم من يصمدون بقيمهم أمام زحف الجوع والقهر

وترفض نفوسهم الأبية أن تبخس رقي فكرهم وأصالة أقلامهم

سلم اليراع أستاذتنا الغالية

ودام المداد
المدينة داري
المدينة داري
صباح الضامن يعجز القلم عن كتابة أي شئ في ساحة القلم ويعجز العقل عن صياغة جملة في حقك وحق كلماتك وحق الحقيقة هنا أجد أكثر من قصة انما هي حياة يعشها الكثيرون في كثير من النواحي خاض قلمك حربا أعدائك فيها كثيرون وأنت لهم بوركت يا غالية وفي انتظارك لا تنسينا من صالح الدعاء تقبلي تقديري واحترامي أختك أم حنين فهل تذكرينني؟؟
صباح الضامن يعجز القلم عن كتابة أي شئ في ساحة القلم ويعجز العقل عن صياغة جملة في حقك وحق...
على استحياء ... تضغط أناملي على الجهاز لتسجل تحية تقدير
أبت إلا أن تكتبها ... أستاذتي القديرة <واسمحي لي بهذا القب>
أنا من أشد المتابعين لكل ماتكتبينه هنا منذ زمن ليس بالقصير
وقبل أن أصبح عضوة في المنتدى .. فلكِ مني كل حب
وكل دعوة بالخير ...


دمتِ بنقــــــــــــاء
المـميــــــــــزة
على استحياء ... تضغط أناملي على الجهاز لتسجل تحية تقدير أبت إلا أن تكتبها ... أستاذتي القديرة &lt;واسمحي لي بهذا القب&gt; أنا من أشد المتابعين لكل ماتكتبينه هنا منذ زمن ليس بالقصير وقبل أن أصبح عضوة في المنتدى .. فلكِ مني كل حب وكل دعوة بالخير ... دمتِ بنقــــــــــــاء
على استحياء ... تضغط أناملي على الجهاز لتسجل تحية تقدير أبت إلا أن تكتبها ... أستاذتي القديرة...
:)