عصفورة الربيع
الجزء الرابع ..

(4) ــــــــــــــــــــــــــــــــ تساؤلات ...

جلست أتأمل الصور المعلقة على جدران عيادة العيون ، وأمي بجواري .. بينما انهمكت الطبيبة في تفحص بعض الأوراق وتدوين الملاحظات .. فلما فرغت ، نظرت إلي وقالت وهي ترفع نظارتها المنزلقة على أنفها :
ـ حالة عينيك مستقرة الآن .. ولكن يجب ألا ترهقيهما كثيراً ..
ومدت إلي بورقة صرف الدواء ، فنهضنا شاكرين وانصرفنا ..

سألني ( سعد ) وهو ينطلق بالسيارة :
ـ هل تنوين أخذ إجازة من المدرسة ؟
هممت بالرد عليه إلا أن أمي استوقفتني بقولها :
ـ أجل يا ( سعد ) ، لا بد أن تستريح قليلاً ..!
قلت محتجة :
ـ ولكني بخير يا أمي ، لا يمكنني أن أترك المدرسة هذه الأيام بسبب الامتحانات ..
لم يعلق ( سعد ) بشيء ، وما كنت أتوقع ذلك ، فهو لا زال في دائرة الحزن ولم يخرج منها تماماً بعد ..
وسمعت أمي تقول وقد علا صوتها القلق :
ـ أرجو أن تكون نتائج التحليل مبشرة بالخير !..
ورجوت الله من قلبي أن تكون كذلك ....

*******************

أغلقت دفتر التحضير حين اشتد الألم في رأسي ..
ومر وقت طويل حاولت فيها أن أتناساه بأي شيء ، ولكني لم أفلح ..
الساعة قد قاربت على العاشرة و ( سعد ) لما يعد .. ماذا تراه يفعل ؟
الألم يشتد شيئاً فشيئاً ، أحسست بأني لم أذق طعم الراحة منذ زمن بعيد ، مع أني كنت بخير قبل ساعة !!
حقاً إن السعادة ليست بالمال ، ولو كانت تشترى لما اشتكى أحد من هذه الحياة
وتقلباتها ..
وفيما أنا مسترسلة في أفكاري إذ ارتفع صوت الهاتف ، وكما توقعت كان ( سعد ) هو المتصل ..

ـ السلام عليكم ..
ـ وعليكم السلام ، أين أنت ؟؟
ضحك في جذل وهو يرد علي :
ـ وهل قلقت علي ؟ لا تقلقي عزيزتي ، لدي عمل مهم وسأتأخر قليلاً .. لا تنتظريني على العشاء ..
ـ متى ستعود ؟؟
ولم أسمع رداً لأن ( سعد ) كان قد أقفل الخط ..

لا أدري ، انتابني شعور غريب لدى سماعي ضحكته ، وشعرت بجفاء في صوته ، هل أنا محقة ؟؟
ولم أمض وقتاً كثيراً في التفكير في كلماته ، لأن الألم قد ازداد حدة وأعتقد أنه علي أن آخذ الدواء ..
لم تكن لدي أدنى رغبة في تناول العشاء ، فتوجهت إلى غرفتي ربما كان النوم يريحني من هذا الألم ..
أطفأت أنوار المنزل جميعها ، إلا غرفة النوم ، وتركت النافذة مفتوحة لأدع الأشجار تشاركني سهرة الليلة على الأقل ..
ياااه !! لم أكن أعلم أنني أهاب الظلام والوحدة إلى هذا الحد !!
رحت أتقلقل على فراشي كالمحمومة ، كنت أعرف أن النوم لن يجد إلى عيني سبيلاً قبل عودة ( سعد ) ..
لماذا يخاف المرء من الظلام ، ولماذا يكره الوحدة ؟؟
أما الظلام فلا أدري سبب خوفي منه ، فهو رعب أزلي منذ أن وعت عيناي الدنيا ، الظلام يمثل لي الظلم .. والضياع .. و .. وكل شيء يجعل الخوف يتسلل إلى قلبك !!
ولكن لولا الظلام لما عرفنا نعمة الضياء ، ولما عرفنا السكون كذلك !!
أما الوحدة .. فلست ابن خلدون كي أفكر مثله وأقول أن الإنسان مدني بطبعه ..!
يا إلهي !! لماذا أفكر في هذه الأمور ؟ ألأنس الألم ، أم لأتجاهل غياب ( سعد ) عني ؟؟

*********************

عاد ( سعد ) بعد منتصف الليل ، دخل بهدوء كما النسمات الليلية التي أنعشت قلبي في وحدتي ..
لم أشعر به إلا وهو يطل من وراء الباب حذراً ..


ـ ألم تنامي بعد ؟؟
قالها بدهشة لم تخف البشر الطافح على محياه ، فرددت على سؤاله بسؤال آخر :
ـ لماذا تأخرت كل هذا الوقت ؟
دلف إلى الغرفة وجلس على حافة السرير ، وقال وهو يعبث في جيبه وكأنما يبحث عن شيء ما :
ـ أخبرتك أن لدي عملاً مهماً .. العمل يسير على ما يرام هذه الأيام ..
ونظر لي مبتسماً ثم أخذ يتأمل قصاصة أخرجها من جيبه ..
ـ هل تناولت العشاء ؟
أجابني دون أن يحول وجهه إلي :
ـ أجل .. تناولته مع صديق .. وأنت ؟؟
هنا شعـــرت بالألم يعاودني فأغلقت عيني متأوهة ، اقترب مني يسألني في اهتمام :
ـ أنت متعبة ؟؟
ـ قليلاً ..
قام مسرعاً وهو يقول :
ـ حسناً ، سأجلب لك الدواء ..
وانصرف من الغرفة وترك الأفكار تطوف في ذهني ..
أين يجد ( سعد ) السعادة الحقيقية ؟؟ في عمله والأموال التي يجمعها ؟؟ أم أن للسعادة عنده أبعاداً أخرى ؟؟
ولم أزل أفكر حتى عاد ......

*******************
زهرةالايمان
زهرةالايمان
قصة جميلة ومؤثرة تابعي عزيزتي فنحن معك وأرجو أن لاتكون خاتمتها حزينة لأني أحب التفاؤل بالخير والسعادة
عصفورة الربيع
زهرة الإيمان ..

أفرحني حضورك بالفعل ..
جزيت خيراً ..


( ملحوظة ) :
لا أدري سبب تكرار المشاركة ، لقد حدث خطأ ما ، فعذراً ..
اسيرة الحرمان
مذهل
رائع ايتها الرائعه ...... قه جميله اكمليايتها الاديبه الصاعده فنحن معكِ:24: :26:
عصفورة الربيع
أسيرة الحرمان ..

شكراً على كلماتك المشجعة ..:19:

سأنزل الجزء الخامس غداً بإذن الله ..
انتظروني لو أردتم .....