و رغم أن المعلومات التي ذكرها الصحفي تبدو قريبة من التصور ، خاصة مع مثل القوات الأميركية ، إلا أن الغرض من نشر هذه المعلومات – بفرض صحتها – يشوبه التردد ، حول ما إذا كان الغرض منه صحفيا بحتا ، أم إحداث نوع من الارهاب النفسي لمقاتلي القاعدة و طالبان ، لما ينتظرهم إذا لم يسارعوا إلى تسليم أنفسهم و التعاون مع القوات الأميركية و الإدلاء بما لديهم من معلومات ...
و ننشر هنا نص رواية الصحفي ، لنتعرف على حجم المعاناة التي يسببها الأميركيون لأناس كل ما فعلوه أنهم أقاموا دولة إسلامية ، على غير ماتهوى أميركا : -
اجتاحني خوف لا يوصف من حلكة العتمة إذ كانت ظلمات بعضها فوق بعض ، وأصم الصمت المطبق سمعي ، فهل خبرت يوما الصمت المطبق حين يطوفك من كل الجهات ، و ضجت جوارحي بألم لا يطاق جراء الأصفاد المحكمة ، و عجزت عن الصراخ و الاستغاثة لأنني كنت تحت وطاة هذه النظارات السوداء ، الحاجبة لادنى إشعاع ضوء ، و المربوطة إلى السترة التي أرتديها ، و هي أشبه بلباس عمال الغلايات ، و لم أكن أستطيع الكلام أو السمع أو الشم أو اللمس او الإبصار ، اي أن كل حواسي كانت معطلة ..
خضت التجربة المروعة لستين دقيقة فحسب ، لأقترب مما يحس به الأسير ، و ادنو عن كثب و لو لبرهة صغيرة من تلك الظروف ، فكانت هذه الساعة القصيرة كانها هي الدهر كله لقسوتها العاتية ، إلا أن هناك فرقا جوهريا ، فأنا على الأقل كنت موقنا بأنني عما قريب سأرمي بثياب الأسر و انطلق إلى فردوس حريتي من جديد خلافا لأولئك المشتبه بهم من أسرى القاعدة الكحبوسين وراء الأسلاك الشائكة في الاقعدة الأميركية في خليج جوانتانامو في كوبا
صدمة العمر :
http://www.islammemo.com

بذلنا كل ما في وسعنا لمحاكاة تلك الأساليب الهمجية التي اتبعتها أميركا مع أولئك الأسرى ، فكانت صدمتي بما مررت به في تلك الساعة ، تفوق كل تصور ، بل يمكن القول أنها كانت صدمة العمر .. أبت عياناي المعصوبتان التأقلم مع الهوة المظلمة ، و فقدت فورا الإحساس بالاتجاهات ، و سحقني رهاب الأمكان المغلقة و ملأني رعبا ، و عجزت حتى عن تحسس طريقي أو تلمس دربي في هذه الظلمة الغامرة ، و لا سيما و أن القفازات التي ارتديتها و القيود المعدنية التي كبلت معصمي شلت حركتي تماما ، و كأن ذراعي قد بترتا ...و للوهلة الأولى انتابني إحساس بأن اللباس المهين الذي ارتديته كان مجرد وضع ثقيل غير مريح ، إلا أن أصفاد يدي و الأربطة حول رأسي بدأت تحدث في ألما و خدرا معذبا ، غير أنه سرعان ما اجتاحتني موجات من الألم الجسدي و النفسي التي لا تطاق ، و أحسست بالدموع في عيني و قطرات العرق تتصبب و تتجمع عند حاجبي ، و تعطلت جوارحي كلها ، و شهقت يائسا لاتنسم من الهواء نسمة ، و حاولت التنفس من أنفي ، و أوحيت لنفسي بانني يجب ألا أصاب بالذعر ، إلا أن كل ما تسرب إلى حاسة الشم لدي كان رائحة المادة التي صنعت منها الكمامة الجراحية ، و كانت فظيعة تثير الغثيان ، و ادركت ان انيني و زفرات عذابي لم يسمعها أحد ...
خارج الزمن :
و ضمن اللفاع الضخم الذي طوق و سد أذني ، لم أكن أستطيع سماع شئ البتة ، واقتربت من الأرض للتخفيف من الشعور بالعزلة التامة ، و جفلت متاعا حين داس أحدهم على قدمي ، و احسست بوحدة لا مثيل لرعبها ، و زايلني الإحساس بالزمن فلربما قضيت هنا ثلاثين دقيقة أو ثلاث ساعات ، و جاءني الفرج في النهاية ، عندما فكوا القيود عن يدي و نزعوا عني ذلك اللباس اللعين ، و اعشى وهج النور بصري ، فأعماني لبرهة من الزمن بعدما نزعوا العصابات عن عيني ، و لبضع دقائق لم أدر أين أنا ، و كاد كلام الناس ، مجرد كلامهم يصم أذني بعد تلك التجربة ، إلا أنني اصبحت حرا على الأقل ، على العكس من أولئك الذين يعانون مما هو أسوا من الجحيم في الأسر الأميركي ...