السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خالد روشه
تختلف الرؤى والنظريات حول أساليب العلاج التربوية والنفسية لأطفالنا وأبنائنا الذين قد يعانون من مشكلات مختلفة , ففي حين يرى بعض العلماء أن أساليب المواجهة والتعريف بالمشكلة وتبيين حجمها للطفل دافعا له في سبيل حل مشكلته، فإن آخرين يرون أن التهوين من شأن الأزمات التي يمر بها الطفل وتيسير أثرها هو دافع له في سبيل الحل , وقد انتشرت الطرق التقويمية للعلاج بالنصح المباشر والضبط الانفعالي والتقنين السلوكي والعقاب وغيره مما هو يصب في بوتقة واحدة هي التوجيه المباشر للفعل والمنع المباشر عن الخطأ عن طريق بعض الضغوط الكلامية والتوجيهية وقد يستعمل فيها العنف في بعض الأحيان , ونحن هنا نقدم أنموذجا آخر لعلاج مشكلات الأبناء بأسلوب أسماه المتخصصون بأسلوب " العلاج الملطف " ويمكننا نحن أن نسميه : أسلوب العلاج بالرفق .. ونحاول أن نعرض أهم محاور هذه الطريقة العلاجية فيما يلي :
يتركز العمل بهذا الأسلوب في مجال التعامل مع المشكلات النفسية والسلوكية بين أصحاب المشكلات السلوكية كالأبناء المصابين بالعنف في سلوكهم مع الغير وإمراض النطق الناتجة عن الارتباك النفسي وأمراض الانطواء والخجل المبالغ فيه، والخارجين من صدمات انفعالية أو من تعرضوا لمصائب حياتية، بل تتعدى إلى علاج المشكلات الكامنة، مثل : الكذب عند الأطفال والأنانية وحب الامتلاك للأشياء والعجب وحب التميز وغيره..
طريقة إسلامية :
تعتبر طريقة العلاج الملطف هي طريقة قد اعتمدتها النظرية التربوية الإسلامية منذ قرون , بل لا نبالغ إذا قلنا إن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قد وضع أسس هذه الطريقة العلاجية بوضوح تام وأصل أصولها وقعد قواعدها وبين طريقة تطبيقها , وهؤلاء العلماء التربويون الغربيون الذين يقدمون هذه الطريقة الجديدة لم يأتونا بما لا نعلم قبل 1426 عاما ..
فقد أوصى النبي _صلى الله عليه وسلم_ بالرفق وأمر به ودعا إليه فقال في الصحيح :" ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما منع عن شيء إلا شآنه" وقد كان _صلى الله عليه وسلم_ يحب الرفق في أمره كله , وقال _صلى الله عليه وسلم_ لعائشة كما في صحيح البخاري : يا عائشة إن الله لا يحب القول الغليظ , وقد جرب النبي _صلى الله عليه وسلم_ تجربة تربوية ناجحة يحكيها لنا تابعه الصحابي الجليل أنس بن مالك الذي صار من أهم الشخصيات الإسلامية العالمية المؤثرة بعد ذلك , يقول أنس : " لقد خدمت النبي _صلى الله عليه وسلم_ عشر سنين، فما قال لي عن شيء فعلته لم فعلت ذلك ولا عن شيء لم أفعله لم لم تفعل ذلك، ولم يعبس في وجهي قط ".. فانظر أيها القارئ إلى ذلك التطبيق البديع، وذلك الأثر الرائع الذي تركته تلك الطريقة التربوية المؤثرة في سواء شخصية أنس واستقامتها ..
طريقة منهجية مختلفة :
بالرغم من بعض الاختلافات الرئيسة بين التعليم الملطف وأساليب العلاج السلوكي الأخرى ، فإن هناك نقاط تماثل تجعل أوجه الشبه بينهما أكثر من أوجه الاختلاف . فالتعليم الملطف ـ مثله في ذلك مثل العلاج السلوكي ـ يبدأ بتحديد المشكلة تحديدا نوعيا ويرسم أهدافا مسبقة للعلاج ، ويستخدم كثيرا من الأساليب الشائعة في العلاج السلوكي كالتدعيم والتجاهل . ومن ثم فإننا نراه مكملا ـ وليس بديلا ـ عن العلاج السلوكي . لكن التعليم الملطف يختلف عن المناهج العلاجية السلوكية التقليدية في جوانب منها :
1ـ أنه يرفض استخدام العقاب تماما ويتجنب استخدام الأساليب التنفيرية في تعديل السلوك بما في ذلك كل أشكال العقاب كتكاليف الاستجابة والإبعاد المؤقت , والنظرية الإسلامية التربوية تثبت العقاب وتقبله لكن تضعه في أسلوب علاجي مختلف قد يلجأ إليه في حالات خاصة.
2ـ يرفض عملية الضبط والتحكم كهدف من الأهداف العلاجية . ويبشر بأن أهداف العلاج يجب أن تكون متجهة لتكوين رابطة وجدانية بين المريض والمربي .
3ـ يتبنى فلسفة المشاركة والاقتناع بكل سلوك يقوم به الطفل ولا يجبره على شيء يفعله بل يترك له حرية الاختيار، ويكون ذلك بعد التوجيه العقلي والبيان الكامل للصواب والخطأ.
بعبارة أخرى فعملية العلاج في ضوء هذا المنهج تتجه إلى تكوين صلات وجدانية قوية بالمريض ، وتتبنى وجهة نظر تربوية نحو مشكلاته ، وتركز على التبادل والأخذ والعطاء بين الطفل والمعالج خلال عملية العلاج .
4ـ يراعي العلاج الملطف الشعورية ويجعل لها موقعا قويا في أي خطة علاجية بما في ذلك التركيز على الحب والتقبل والتسامح والدفء وغيره .
الفكرة التي يقوم عليها العلاج
تقوم هذه الطريقة العلاجية على أساس اعتبار أن كل التفاعلات الإنسانية ـ ناجحة أو فاشلة ـ تعتمد أساساً على اتجاهاتنا ومعتقداتنا وأحكامنا الأخلاقية المتبادلة وجواذبنا الشعورية والوجدانية، ومن ثم فإن كنا نعتقد أن الطفل المشاغب ( مثلا ) هو شخص قد أفسدته التربية والتدليل ، فإن تفاعلاتنا مع هذا الطفل ستتجه في الغالب الأعم إلى الحزم والعقاب وإملاء الأوامر ، وقد يسهم أسلوبنا هذا بدوره في تكوين معتقدات وأحكام لديه يرانا بمقتضاها أننا لا نفهمه وأننا نتسلط عليه ولا نصغي لمشاعره ، ولهذا فإن التفاعل الصحي ستبتره منذ البداية الأحكام والآراء المتبادلة للأشخاص موضوع هذا التفاعل .
ويطلق أصحاب التعليم الملطف على هذه المجموعة من القيم الشخصية اسم الوضع القيمي أو الإطار المرجعي الشخصي الذي نسترشد به خلال عملية التفاعل ، والذي من شأنه أن يحكم نشاطاتنا اليومية .
والوضع القيمي شيء غير محدد بدقة، فهو كإطار مرجعي يتغير دوماً بحسب ما نواجه من الشخص الذي نتفاعل معه، ومن ثم فهو يتعدل ويتغير عندما نواجه شخصا عدوانيا أو انسحابيا .
ومن المهم الانتباه إلى الجهاز القيمي العاطفي لكل شخص خلال عملية التفاعل . هذا الانتباه كفيل بألا يجعل هدفنا هو التركيز على تعديل جانب محدد من السلوك الشاذ ، أو القفز إلى استخدام الأساليب الفنية الجاهزة . إن معرفتنا بهذا للطفل صاحب المشكلة تساعدنا بادئ ذي بدء على إقامة إطار عمل يمكننا من خلاله تقدير نتائج التفاعل ، ومدى استناده إلى المبدأ الرئيسي من مبادئ العلاج المتبادل بدلا من التركيز على الانصياع والطاعة والخضوع .
الهدف الرئيس من التعليم الملطف :
إن الهدف الرئيس من العلاج الملطف هو تكوين رابطة وجدانية قائمة على مساندة صاحب المشكلة ومن ثم يهدف إلى المعالج هنا إلى تطوير علاقة إيجابية بالطفل قبل الدخول في خطة العلاج .
ونتيجة للرابطة الوجدانية التي تتكون تدريجيا مع الطفل ، يتعلم الطفل ثلاثة أشياء، هي :
1ـ إن وجود المربي يرتبط لدى الطفل بالأمان والطمأنينة .
2ـ إن كلماتنا وإيماءاتنا ( بما فيها اللمس ، الابتسام ، والعناق ) تعني الإثابة والمكافأة في ذاتها ، وليس التحكم والرغبة في الضبط .
3ـ إن مكافأة الطفل تأتي من إسهامه ( وليس من مجرد خضوعه ) .
وذلك سيجعل من الميسور علينا تحقيق تغيرات إيجابية في تفاعلاتنا مع الطفل . لا أن تكون خططنا قائمة على مجرد رد الفعل ودرء الخطر، فالمربي الذي استطاع أن يبني علاقة دافئة ، سيكون بإمكانه التنبؤ بالسلوك ؛ قبل حدوثه ، وسيكون بإمكانه الاستفادة من هذه الرابطة في أكثر المواقف خطراً وحرجاً . لهذا نجد أن العلاج الملطف غالباً ما يحقق نجاحاً كبيراً في مثل هذه الحالات بالذات .
نصائح المتخصصين للمربين في هذا المجال :
1ـ اجعل وجودك مدعما للطفل، وبعبارة أخرى ، يحتاج الوالدان والمشرفون على تربية الطفل إلى أن يجعلوا حضورهم أو وجودهم مع الطفل مرتبطا بالدفء والرعاية والتقبل والاهتمام، ولا يشترط هنا الثواب والهدية، فالغثابة ليست من ضمن وسائل هذه الطريقة العلاجية .. بل لا تكاد تحتاج إليها.
2ـ شجع الطفل على تبادل السلوك التحبيبي والوجداني؛ كالمصافحة الطويلة والابتسامة في الوجه مع النظرة في العين، والتسريب الوجداني لما يمكن أن يكون قد أغضبه أو التفريغ النفسي لمواقف سابقة قد مرت به أو غيره .
وكل هذا هنا مرتبط بالنجاح في العلاقة الإيجابية والاتصال ، وليس كمجرد استجابة لسلوك بصفة المعالج السلوكي بأنه سلوك جيد أو غير مرضي .
3ـ أن تكون تفاعلاتنا مع الطفل طبيعية وغير مفتعلة، وناشئة عن قناعة وجدانية من الوالدين والمربين .
4ـ عندما يعزف الطفل عن الإسهام والتفاعل لأي سبب ، يجب على المربين أن يخلقوا الظروف الملائمة التي تدفع الطفل إلى السلوك المطلوب ولا يدفعونه إليه دفعا باستخدام الأوامر والنواهي .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خالد روشه
تختلف الرؤى والنظريات حول أساليب العلاج التربوية...
هذا الموضوع وجدته في موقع متخصص في التوجيه والإرشار وحبيت انقله هنا للفائده
يُعتبر تعليم الطفل اللغةَ، وإرشاده إلى أساليب التخاطب مع من حوله بأسلوب طبيعي خلال التعاملات اليومية العديدة ـ أعظم هديّة يمكن أن يقدّمها الأهل للطفل. وكذا مساعدته على اكتشاف قدراته واستخدامها إلى أقصى حدٍّ ممكن في طريق تعلّم اللغة والتخاطب، وتذليل العوائق والصعاب واستخدام أفضل الطرق التربوية لتحقيق ذلك.
إن الأطفال يبدءون التواصل منذ اللحظة التي يولدون فيها، وحينما ينمون وتتوفر لديهم فرص للتعلم فإنهم يطورون طرقا للتواصل أكثر وضوحا تحظى بقبول وتفهّم من الآخرين. وهذا يتطلّب معرفة بمراحل نموّهم وبتطوّر إمكانياتهم ويحتاجون إلى وقت لمعرفة ذلك ، وهذا بدوره يؤدي إلى السماح لهم بقيادة الحديث ونمو اللغة وتعميق التجربة.
إن تعلم اللغة يتم ضمن المحادثات الطبيعية المعتادة التي تحدث في ممارستنا اليومية، والطفل لا يستخدم كلمات لم يعتد عليها أو يكررها كثيرا في حياته اليومية لأن الاكتساب تدريجي، واستخدام الحوار مع الطفل يشجّعه على عملية التواصل ، مع الأخذ في الاعتبار تفاوت قدرات الأطفال وإمكانياتهم في الاستجابة والإدراك.
إن فهم وتفسير محاولات الأطفال على التواصل والاستجابة لها، تبعث على الإحساس بالسعادة والرضا، وتدفعهم بشكل رئيس إلى زيادة حماسهم ورغبتهم في التواصل. والطفل لا يتعلم الكلام بالتحدّث إلى نفسه فحسب بل إن قدراته لا تتطوّر إلا من خلال تفاعله مع العالم المحيط به، ويشكّل الوالدان وبقية أفراد الأسرة الجزء الأكبر من ذلك المحيط ولذا فإن طريقة الأم على وجه الخصوص في التعامل مع طفلها ستترك أثرا كبيرا على طريقة تخاطبه، وعليها أن تدرك أهمية الدور الذي تلعبه في حياته وأهمية استجابتها لاحتياجاته واهتماماته.
المنهج التربوي لتشجيع الأطفال على التخاطب:
يرتكز هذا المنهج التعليمي على مفهومين رئيسين بإمكان الأم تطبيقهما وفق خطوتين متتاليتين للتواصل مع طفلها على النحو التالي :
الأولى هي : ( ران ) وتعني راقبي ، انتظري، أنصتي إلى الطفل.
و الثانية هي : ( أتى ) وتعني: اسمحي لطفلك بقيادة الحديث ، تكيفي مع سلوكه لتشاركيه هذه اللحظة ، أضيفي إلى لغته وتجربته خلال هذه اللحظات 0
* والخطوة الأولى تتطلّب وقتا كافيا ومهارة حقيقية لفهم كلام ورسائل الطفل ليتم فك رموز هذه الرسائل، لأن لكل طفل أسلوبه الخاص المكوّن من حركات الجسم والأصوات.
ولكي تتعرفي على طفلك بصورة حقيقية يجب أن تعملي على ملاحظته ومتابعته ثمّ إعطائه الفرصة الكافية للتواصل بطريقته الخاصة، مع الاستماع إليه جيدا، وعندئذ سيدرك مدى اهتمامك وحرصك على الاستماع إليه، وهذا من شأنه المساعدة على التواصل لأن الطفل سيدرك أنّ محاولاته للتواصل تلقى الاهتمام والترحيب منك. وفي هذه الخطوة يمتزج الحنان بالتعلم معاً.