![[رسالة خير]](https://cdn.hawaaworld.com/images/user_avatar.png){kind=avatar}
15 رمضان, بقي من رمضان 15 يوماً .
بسم الله الرحمن الرحيم
قالَ الله تعالى :
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله
وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر
حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله .
كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .
ولهذا قال " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " أي :
يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم
وهو أعظم من الأول كما قال بعض العلماء الحكماء :
ليس الشأن أن تَحِب إنما الشأن أن تُحَب .
وقال الحسن البصري وغيره من السلف :
زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية فقال :
" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " .
ثم قال تعالى " ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " .
أي باتباعكم الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا من بركة سفارته.
تفسير ابن كثير .
منقول .
قالَ رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه و آله و صحبه و سلَّم - :
( قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ،
الصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ، ولا يصخب ،
فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم ، والذي نفس محمد بيده ،
لخلوف فم الصائم ، أطيب عند الله من ريح المسك ).
الراوي: أبو هريرة .
المحدث: الألباني .
خلاصة حكم المحدث: صحيح .
توجيهٌ نبويٌّ ذو كَمَالِ و حُسن, إن نُفِّذَ بإحسان, من لَدُنِ صائِمٍ يَرْجُو القُبُول .
يتبيَّن من الحديثِ أعلاه, نُقاطٌ و فضائِلَ عديدة, نُوجزها بـ يُسر :
1. * " كُل عمل ابن آدم له, إلاَّ الصيام هو لي و أنا أجزي به " :
لأن الصيام يحتاجُ إلى إخلاصٍ أكثر من أي عبادةٍ أُخرى .
إخلاصٌ يَحْوِي رُوحَ من تخلَّق بأخلاق الدِّين الإسلامي .
دونَ رياءٍ ولا تحرٍّ للسمعة .
هُوَ لله, لأن العَبْدَ ما رَجَا في طاعته و التزامه, إلاَّ الله .
فأخفى بذلك جزاءه عن ملائكته, و عن الكتبة .
هُوَ لله, و ما دامَ الإخلاصُ أساساً في قَلْبِ العَبد .
فـ إنَّ الله بـ قَدْرِ كُلِّ إخلاصٍ, سـ يُجازي .
2. * الصيام جُنَّة :
جُنَّة : بمعنى سِتْر و وقاية .
مانع من الرفث و الآثام و المعاصي, لما هُو مستوجبٌ ذلك على العَبْد .
واجبٌ أن يتَّقي كُلَّ فُحشٍ, قولاً أو فعلاً, ما دامَ ملزوماً بـ الصيام .
لذا, أصبحَ هذا الصيامُ وقايةً للعبدِ من الآثامِ و الفواحش .
3. * إذا كان يوم صوم أحدكم, فلا يرفث, ولا يصخب :
الرفث : أن يتكلم بكلامٍ فاحشٍ بذيء .
يصخب : أي يصيحُ و يُخاصم .
هذا, أنَّ الله - عز و جل - أمرَ الصَّائِم بـ حفظ اللسان عن فُحشِ القول .
و الجِدالِ و الصخب, تربيةً للنفسِ و تهذيباً .
و ذلك من أُسُس الصيام, التي إن أخلَّ بها, أخلَّ العَبْدُ بـ أجره عندَ الله .
كُلَّما ارتكبَ خطأً, من رفثٍ أو صخبٍ أو جهل, كُلَّما نقص ثوابه .
4. * فإن شاتمه أحدٌ أو قاتله, فليقل : إني امرؤٌ صائم :
شاتمه : أي سَبَّه .
قاتله : دفعه أو ضربه .
الفِعْلُ المرجو في هذه اللحظة : تنبيهُ المُعتدي بـ أنَّك صائم .
" ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " !
فـ في ذلك تنبيهٌ و إرشاد, لـ من تعدَّى, بـ صيامك .
و أنَّهُ ما من شيءٍ كفَّ يَدَكَ عنه و عن دفاعك, إلاَّ اتَّباعُ نهجِ الله سُبحانه .
المُوضَّح في حديثِ النبي - صلى الله عليه و آله و صحبه و سلَّم - .
فـ في ذلك دفعٌ للشَّرِّ بـ الخير, و تهذيبٌ و تربيةٌ للرُّوح .
أسمى تربيةٍ و تهذيب, يدعو لَهُ ديننا الحنيف .
5. * والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم، أطيب عند الله من ريح المسك :
خلوف : هي الرائحة الكريهة التي تصدر من فم الصائم .
و ما مصدرها إلاَّ معدة الإنسان, لـ خلوِّها من الطعام .
هذه الرائحة, إنما هِيَ عندَ الله أطيبُ من المسك .
فكما يتأفف الإنسانُ منها حينَ صيامه, سيرى حينَ يقومُ الأشهاد لله .
تِلْكَ الرائحة كـ طيبِ المِسك, حين يُقبل أهل المحشر عليه في الآخرة .
جزاءَ طاعته في الدُّنيا, و إخلاصه .
وما ذَلِكَ إلاَّ تشريفاً و سُلْوَةً للمؤمن, الذي تَرَكَ طعامه و شرابه و شهوته لله سبحانه .