المجموعة العاشرة
لا تصلي الصلوات في وقتها بسبب العمل فهل تترك الصوم
سؤال:
مسلمة تعيش في بلد غير مسلم ، ولا تستطيع أن تصلي كل صلاة في وقتها بسبب العمل ، فهل تصوم أم تفطر ؟ لأن الصلاة أهم من الصوم .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لمسلمٍ الإقامة في بلاد الكفر والسفر إليها من غير ضرورة تحوجه إلى ذلك ، ويتحتم هذا المنع في حال عدم قدرته على القيام بشعائر الدين فيه ، ومن أعظم شعائر الدين : الصلاة ، فإذا كان الإنسان من أهل تلك البلاد ، أو وفد إليها ثم عجز عن إظهار شعائر دينه فالواجب عليه أن يخرج من ديار الكفر إلى ديار المسلمين ، ليتمكن من إظهار شعائر دينه ، وليعلم أنه غير معذور ببقائه في تلك الديار إلا إن كان مستضعفاً لا يستطيع الهجرة بدينه من تلك البلاد إلى حيث يستطيع إظهار دينه .
قال ابن قدامة المقدسي :
... فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب :
أحدها : من تجب عليه , وهو من يقدر عليها , ولا يمكنه إظهار دينه , ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار , فهذا تجب عليه الهجرة ; لقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/97 ، وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ؛ ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه , والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
الثاني : من لا هجرة عليه ، وهو من يعجز عنها , إما لمرض , أو إكراه على الإقامة , أو ضعف ; من النساء والولدان وشبههم , فهذا لا هجرة عليه ; لقول الله تعالى : ( إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ) النساء/98-99 ، ولا توصف باستحباب ; لأنها غير مقدور عليها .
والثالث : من تستحب له , ولا تجب عليه ، وهو من يقدر عليها , لكنه يتمكن من إظهار دينه , وإقامته في دار الكفر , فتستحب له , ليتمكن من جهادهم , وتكثير المسلمين , ومعونتهم , ويتخلص من تكثير الكفار , ومخالطتهم , ورؤية المنكر بينهم ، ولا تجب عليه ; لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة .
" المغني " ( 9 / 237 ، 238 ) .
ولما كان أكثر الناس إنما تحمله على الإقامة في بلاد الكفر حرصه على الدنيا ، وشحّه بما فيها من كثرة في المال أو عز وجاه ، أو أهل وإخوان ، قال تعالى بعد ما أخبر عن حال الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، قال : ( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ) النساء/100
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذا في بيان الحث على الهجرة والترغيب وبيان ما فيها من المصالح ، فوعد الصادق في وعده ، أن من هاجر في سبيله ابتغاء مرضاته أنه يجد مراغما في الأرض وسعة .
فالمراغم مشتمل على مصالح الدين والسعة على مصالح الدنيا ، وذلك أن كثيرا من الناس يتوهم أن في الهجرة شتاتا بعد الألفة ، وفقرا بعد الغنى ، وذلا بعد العز ، وشدة بعد الرخاء ، والأمر ليس كذلك . فإن المؤمن ما دام بين أظهر المشركين فدينه في غاية النقص ، لا في العبادات القاصرة عليه ، كالصلاة ونحوها ، ولا في العبادات المتعدية ، كالجهاد بالقول والفعل وتوابع ذلك ، لعدم تمكنه من ذلك ، وهو بصدد أن يفتن عن دينه ، خصوصا إن كان مستضعفاً ، فإذا هاجر في سبيل الله تمكن من إقامة دين الله وجهاد أعداء الله ، ومراغمتهم ، فإن المراغمة : اسم جامع لكل ما يحصل به إغاظة لأعداء الله من قول وفعل وكذلك ما يحصل له سعة في رزقه ، وقد وقع كما أخبر الله تعالى ، واعتبر ذلك بالصحابة رضي الله عنهم فإنهم لما هاجروا في سبيل الله وتركوا ديارهم وأولادهم وأموالهم لله كمل بذلك إيمانهم وحصل لهم من الإيمان التام والجهاد العظيم والنصر لدين الله ما كانوا به أئمة لمن بعدهم وكذلك حصل لهم ما يترتب على ذلك من الفتوحات والغنائم ما كانوا به أغنى الناس وهكذا كل من فعل فعلهم يحصل له ما حصل لهم إلى يوم القيامة " اهـ.
ثانياً :
لا يحل لمسلمٍ أن يؤخر الصلاة عن وقتها إلا من عذر ، ومن الأعذار الشرعية التي تبيح التأخير : النوم والنسيان ، ولم يكن القيام بأعمال الدنيا من الأعذار المبيحة لترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها ، بل من صفات المؤمنين الصادقين أنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذِكر الله وإقام الصلاة .
قال الله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ . رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) النور/36–38 .
وحذر الله تعالى عباده من الانشغال بأموالهم وأولادهم عن طاعته وذكره ، وذكر لهم أن من فعل ذلك فهم الخاسرون حقاً ، لا كما يظن من يفرط في دينه من أجل عمله ودنياه وشحّه بالربح العاجل .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) المنافقون/9
وهل للخاسرين على الحقيقة مصير ، إلا مصير أئمة الكفر ، الذين أضاعوا الدين شُحَّاً بدنياهم .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَقَالَ : ( مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ ، وَلا بُرْهَانٌ ، وَلا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ ) رواه أحمد (6540) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح
قال ابن القيم رحمه الله :
" وإنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر لأنهم من رؤوس الكفرة ، وفيه نكتة بديعة ، وهو : أن تارك المحافظة على الصلاة ؛ إما أن يشغله ماله ، أو ملكه ، أو رياسته ، أو تجارته ، فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون ، ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون ، ومن شغله عنها رياسة ووزارة فهو مع هامان ، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف " اهـ . الصلاة وحكم تاركها (1/63)
وأما داهية الدواهي فهي التفكير في الفطر وترك الصيام ، تبعاً لترك الصلاة .
وصدق الله العظيم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 ، فانظري يا أمة الله كيف جرَّك الشيطان إلى هدم عمود الدين ، وركنه الثاني بعد الشهادتين ، وهو الصلاة ، ثم يجرك اللّعين بغروره إلى هدم ركن آخر ، فثالث ، فرابع ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أيها الأخت السائلة ، إن سؤالك ، بل إن مسئوليتك الواجبة عليه هي أن تبحثي عن الطريق لبناء ما هدمتيه من دينك بترك صلاتك ، لا أن تسألي عن هدم ما هو قائم عندك من الأركان ، فأي شرع ، بل أي عقل يقول ذلك . قال الله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُون * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) النحل/91-92
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
وهذا يشمل جميع ما عاهد العبد عليه ربه من العبادات ، والنذور ، والأيمان التي عقدها ، إذا كان الوفاء بها برا ... " ثم قال بعد كلام له : ( ولا تكونوا : في نقضكم للعهود بأسوأ الأمثال وأقبحها وأدلها على صفة متعاطيها ، وذلك كالتي تغزل غزلاً قوياً ، فإذا استحكم وتم ما أريد منه ، نقضت غزلها من بعد قوة ، فجعلته أنكاثا ، فتعبت على الغزل ، ثم على النقض ، ولم تستفد سوى الخيبة والعناء وسفاهة العقل ونقص الرأي ، فكذلك من نقض ما عاهد عليه فهو ظالم جاهل سفيه ناقص الدين والمروءة " اهـ.
ونعم ، الصلاة كما قلت أهم من الصوم ، وهي خير ما فرضه الله على عباده من الأعمال ، ولأجل ذلك نقول لك : صلِّي ، يا أمة الله ، واثبتي على صومك ، وليس غير .
قد يضيق بك عملك ، قد تخسرين عمله من أصله ، قد ...، وقد ...
لكن ليس إلا دينك ، دينك دينك ، لحمك ودمك .
والله يوفقنا وإياك إلى ما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
من اعتكف العشر الأواخر ، متى يدخل ومتى يخرج ؟
سؤال:
أريد أن أعتكف العشر الأواخر من رمضان ، وأريد أن أعرف متى أدخل المسجد ومتى أخرج منه ؟. الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أما دخول المعتكف فذهب جمهور العلماء ( منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله ) إلى أن من أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :
1- أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان . متفق عليه .
وهذا يدل على أنه كان يعتكف الليالي لا الأيام ، لأن العشر تمييز لليالي ، قال الله تعالى : ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) الفجر/2.
والعشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين .
فعلى هذا ، يدخل المسجد قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين .
2- وقالوا : إن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر ، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر ، فينبغي أن يكون معتكفا فيها . قاله السندي في حاشيتة النسائي .
وانظر : "المغني" (4/489) .
لكن روى البخاري (2041) ومسلم (1173) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ .
وقد قال بظاهر هذا الحديث بعض السلف وأنه يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر . وبه أخذ علماء اللجنة الدائمة (10/411) ، والشيخ ابن باز (15/442) .
لكن أجاب الجمهور عن هذا الحديث بأحد جوابين :
الأول :
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان معتكفاً قبل غروب الشمس ولكنه لم يدخل المكان الخاص بالاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر .
قال النووي :
( إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه ) اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول : يَبْدَأ بِالاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار , وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ , وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ , وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد : يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر , وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف , وَانْقَطَعَ فِيهِ , وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح , لا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الاعْتِكَاف , بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد , فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ اهـ .
الجواب الثاني :
أَجَابَ به الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَة بِحَمْلِ الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل ذَلِكَ فِي يَوْم الْعِشْرِينَ . قال السندي : وَهَذَا الْجَوَاب هُوَ الَّذِي يُفِيدهُ النَّظَر ، فَهُوَ أَوْلَى وَبِالاعْتِمَادِ َأَحْرَى اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 501) :متى يبتدئ الاعتكاف ؟
فأجاب :
"جمهور أهل العلم على أن ابتداء الاعتكاف من ليلة إحدى وعشرين لا من فجر إحدى وعشرين ، وإن كان بعض العلماء ذهب إلى أن ابتداء الاعتكاف من فجر إحدى وعشرين مستدلاًّ بحديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري : ( فلما صلى الصبح دخل معتكفه ) لكن أجاب الجمهور عن ذلك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام انفرد من الصباح عن الناس ، وأما نية الاعتكاف فهي من أول الليل ، لأن العشر الأواخر تبتدىء من غروب الشمس يوم عشرين" اهـ .
وقال أيضاً (ص 503) :
"دخول المعتكِف للعشر الأواخر يكون دخوله عند غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ، وذلك لأن ذلك وقت دخول العشر الأواخر، وهذا لا يعارضه حديث عائشة لأن ألفاظه مختلفة ، فيؤخذ بأقربها إلى المدلول اللغوي، وهو ما رواه البخاري (2041) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ .
فقولها : ( وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ ) يقتضي أنه سبق مكثُه دخولَه ( أي سبق مكثُه في المسجد دخولَه مكان الاعتكاف ) ، لأن قولها: ( اعتكف ) فعل ماض ، والأصل استعماله في حقيقته اهـ .
ثانياً:
وأما خروجه :
فإنه يخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من أيام رمضان .
سئل الشيخ ابن عثيمين : متى يخرج المعتكف من اعتكافه أبعد غروب شمس ليلة العيد أم بعد فجر يوم العيد ؟
فأجاب :
"يخرج المعتكف من اعتكافه إذا انتهى رمضان ، وينتهي رمضان بغروب الشمس ليلة العيد" اهـ فتاوى الصيام (ص 502) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/411) :
"وتنتهي مدة اعتكاف عشر رمضان بغروب شمس آخر يوم منه" اهـ .
وإذا اختار البقاء حتى يصلي الفجر ويخرج من معتكفه إلى صلاة العيد فلا بأس ، فقد استحب ذلك بعض السلف .
قال الإمام مَالِك رحمه الله إنَّهُ رَأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ لا يَرْجِعُونَ إِلَى أَهَالِيهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ النَّاسِ . قَالَ مَالِك : وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ .
وقال النووي في "المجموع" (6/323) :
"قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ : وَمَنْ أَرَادَ الاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ , لِكَيْ لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مِنْهُ , ويَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ , سَوَاءٌ تَمَّ الشَّهْرُ أَوْ نَقَصَ , وَالأَفْضَلُ أَنْ يَمْكُثَ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ , أَوْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى لِصَلاةِ الْعِيدِ إنْ صَلُّوهَا فِي الْمُصَلَّى" اهـ .
وإذا خرج من الاعتكاف مباشرة إلى صلاة العيد فيستحب له أن يغتسل قبل الخروج إليها ويتجمل ، لأن هذا من سنن العيد . راجع تفصيل ذلك في السؤال (36442) .
الإسلام سؤال وجواب
هل حلق اللحية يبطل الصوم؟
سؤال:
هل حلق اللحية في نهار رمضان هل يبطل الصيام ؟ عافانا الله وجميع المسلمين من حلقها . الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يحرم على الرجل حلق لحيته في رمضان وفي غيره ؛ للأحاديث الصحيحة الصريحة الآمرة بإعفائها منها :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى ، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ) رواه البخاري (5892) ومسلم (259).
وقوله : ( جُزُّوا الشَّوَارِبَ ، وَأَرْخُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا الْمَجُوسَ ) رواه مسلم (260) .
وقال العلامة ابن مفلح رحمه الله :
" وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض " انتهى من الفروع (1/130)
ثانياً :
ليس حلق اللحية من المفطرات ، لكنه ينقص أجر الصائم . وهكذا جميع المعاصي من كذب وغيبة ، ونحو ذلك .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل تحدث المرء بكلام حرام في نهار رمضان يفسد صومه ؟
فأجاب :
" إذا قرأنا قول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم وهي التقوى ، والتقوى هي ترك المحرمات ، وهي عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك المحظور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ ، وَالْعَمَلَ بِهِ ، وَالْجَهْلَ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) رواه البخاري (6057) .
وعلى هذا ؛ يتأكد على الصائم اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال ، فلا يغتاب الناس ، ولا يكذب ، ولا ينمّ بينهم ، ولا يبيع بيعا محرما ، ويجتنب جميع المحرمات . وإذا اجتنب الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام ، ولكن المؤسف أن كثيرا من الصائمين لا يفرقون بين يوم صومهم وفطرهم ، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش وغيره ، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم ، وهذه الأفعال لا تبطل الصيام ، ولكن تنقص من أجره ، وربما عند المعادلة تضيع أجر الصوم "
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج19 سؤال رقم233 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
اختلف مع والديه قبل دخول رمضان فبم تنصحونه ؟
سؤال:
ما حكم من بدأ صيام الشهر الفضيل وهو على خلاف مع والديه على مصاريف البيت التي يحملونه إياها دون مشاركة عادلة من قِبلهم علماً بأنهم يستطيعون المساعدة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أوجب الله تعالى برَّ الوالدين ، ونهى عن عقوقهما ، وأمر بمصاحبتها بالمعروف ، وكل ذلك واضح مبيَّن في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
انظر أجوبة الأسئلة : ( 5326 ) و ( 30893 ) و ( 22782 ) .
ولم يُشرع الصيام من أجل الجوع والعطش ، بل قد ذكر الله تعالى الحكمة العظيمة ، والفائدة الجليلة من تشريع الصيام ، وهو أن يحصِّل العبد به تقوى الله تعالى .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
والتقوى : هي فعل الطاعات وترك المعاصي .
ومن هنا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم كثير من الناس ، وأنه لا ينالهم إلا الجوع والعطش .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر " .
رواه ابن ماجه ( 1690 ) . وصححه ابن حبان ( 8 / 257 ) والألباني في " صحيح الترغيب " ( 10 / 83 ) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ربَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر " .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 12 / 382 ) . وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " ( 1084 ) .
وكما ينبغي للمسلم أن يتحيَّن فرصة إدراك والديه أو أحدهما ليدخل الجنة بسبب ذلك : فإنه ينبغي أن يتحيَّن فرصة رمضان ليتوب ويستغفر ويتقي ربه تعالى ليدخل بسبب ذلك الجنة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : آمين ، آمين ، آمين ، قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت : آمين آمين آمين ، قال : أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ، فقال : يا محمد ، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ، قال : ومن ذُكرتَ عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين .
رواه ابن حبان ( 3 / 188 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1679 ) .
والخلاصة :
أنه يجب عليك أن تحرص على رضا والديك ولو حمَّلاك فوق طاقتك ، فإنك إن احتسبتَ ذلك فتح الله لك – إن شاء – أبواباً من الرزق ، ولا داعي للتحسس من طلب الأهل مالاً للنفقة ، وحيث أنهم لم يطلبوا ذلك المال للحرام والمعصية فهو أمر غير مستنكر .
ويمكنك التكلم معهم - إن كانوا قادرين - بالحسنى ، وإفهامهم بحاجتك وعدم قدرتك على أكثر مما تدفع ، وكذا يجب عليك أن تساعدهم وتنفق عليهم بما تستطيعه إن كانوا محتاجين .
ودخول شهر رمضان فرصة لإصلاح ما بينك وبينهم ، وفرصة للبذل والعطاء ، وأكثر الأبواب في البذل والعطاء أجراً هو الإنفاق على الأهل كما في حديث : حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ...) رواه البخاري (1428) ومسلم (1034) ، فأنفق واحتسب الأجر عند الله ، وأبشر بالذي يسرك من ربك تعالى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
نزول المني من جماع الليل نهاراً هل يفسد الصيام ؟
سؤال:
بعد الجماع ليلا قد ينزل المنى من الفرج نهاراً ، فهل هذا يبطل الصيام ؟ وهل يجب الاغتسال لأداء الصلاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نزول المني نهاراً بعد جماع الليل لا يبطل الصيام ، وقد أبيح لنا الأكل والشرب والجماع من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، قال تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ... ) البقرة/187 .
وقد نص العلماء رحمهم الله على أن نزول المني نهارا من جماع الليل لا يفسد الصوم .
قال في "الجوهرة النيرة" (1/138) وهو من كتب الحنفية :
" وَلَوْ خَشِيَ الْمَجَامِعُ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَنَزَعَ فَأَمْنَى بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يُفْطِرْ " انتهى .
وقال في "حاشية الدسوقي" (1/523) وهو من كتب المالكية :
" لَوْ جَامَعَ لَيْلا وَنَزَلَ مَنِيُّهُ بَعْدَ الْفَجْرِ ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ لا شَيْءَ عَلَيْهِ ، كَمَنْ اكْتَحَلَ لَيْلا ثُمَّ هَبَطَ الْكُحْلُ لِحَلْقِهِ نَهَارًا " انتهى . ونحوه في "شرح مختصر خليل" (2/249) .
وقال النووي في "المجموع" (6/348) وهو شافعي المذهب :
" إذَا جَامَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ نَزَعَ مَعَ طُلُوعِهِ أَوْ عَقِبَ طُلُوعِهِ وَأَنْزَلَ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ ; لأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ , كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ قِصَاصًا فَمَاتَ مِنْهُ " انتهى .
ثانياً :
إذا جامع واغتسل ثم خرج منه مني بعد الاغتسال فإنه لا يجب إعادة الغسل مرة أخرى ، لأن السبب واحد فلا يوجب غُسليْن ، وإنما يجب الغسل إذا نزل بشهوة جديدة .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 44945 ) و ( 12352 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تغضب زوجها فهل ينقص أجر صومها؟
سؤال:
هل إغضابي لزوجي ينقص من أجر صيامي؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على حسن العشرة ، والمودة والرحمة .
قال الله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/21 .
وقال : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
وقال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/228
وعلى هذا فينبغي لكل واحد من الزوجين أن يكون حريصاً على إرضاء الآخر ، وعدم فعل ما يغضبه أو يؤذيه .
وقد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال : أَقَامَتْ أُمُّ صَالِحٍ (زوجته) مَعِي عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا اخْتَلَفْت أَنَا وَهِيَ فِي كَلِمَةٍ !
وقد شرع الله تعالى للزوجين كلَّ ما يجلب المحبة والمودة بينهما ويقويها ، ونهاهما عن كل ما يضاد ذلك .
ولو علم الزوجان هذه القاعدة الشرعية في كيفية معاملة الزوجين أحدهما للآخر ، لاستقامت الحياة ، وكانت كما أرادها الله عز وجل سكنا ومودة ورحمة .
فكل واحد من الزوجين مأمور شرعا بكل ما يجلب المحبة ويقويها ، ومنهي عما يضاد ذلك .
حتى نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عن كثرة الصلاة والصيام إذا كان ذلك يضيع حق أهله
روى البخاري (1153) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ ؟ قُلْتُ : إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ . قَالَ : فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا ، وَلأَهْلِكَ حَقًّا ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ .
قوله : ( هَجَمَتْ عَيْنُكَ ) أي غارت أو ضعفت لكثرة السهر . قوله : (نَفِهَتْ) أي كَلَّت .
ثانياً :
الصائم مأمور بحسن الخلق ، حتى أمره النبي صلى الله عليه وسلم إذا قاتله أحد أو سبه أن لا يرد بالمثل ، وإنما يصبر ويكف نفسه ، ويقول : إني صائم .
روى البخاري (1894) ومسلم (1151) عن أبي هرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ ، وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ) .
قال النووي :
(الرَّفَث) هُوَ السُّخْف وَفَاحِش الْكَلام . . . وَالْجَهْل قَرِيب مِنْ الرَّفَث , وَهُوَ خِلاف الْحِكْمَة وَخِلاف الصَّوَاب , مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل .
وَاعْلَمْ أَنَّ نَهْيَ الصَّائِمِ عَنْ الرَّفَث وَالْجَهْل وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَة لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ , بَلْ كُلّ أَحَد مِثْله فِي أَصْل النَّهْي عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّ الصَّائِم آكَدُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى باختصار .
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل : إني صائم ، إني صائم ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
واللغو هو الكلام الباطل . وقيل : ما لا فائدة فيه .
وروى البخاري (6057) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) .
قال الحافظ :
" َاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَفْعَالَ تَنْقُصُ الصَّوْم . . .
قال السُّبْكِيّ الْكَبِير : ذكر هذه الأشياء في الحديث ينبهنا عَلَى أَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : زِيَادَة قُبْحِهَا فِي الصَّوْمِ عَلَى غَيْرِهَا .
وَالثَّانِي : الْبَحْث عَلَى سَلامَةِ الصَّوْمِ عَنْهَا , وَأَنَّ سَلامَتَهُ مِنْهَا صِفَة كَمَالِ فِيهِ .
وَقُوَّة الْكَلامِ تَقْتَضِي أَنْ يُقَبَّحَ ذَلِكَ لأَجْلِ الصَّوْمِ , فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ يَكْمُلُ بِالسَّلامَةِ عَنْهَا . قَالَ : فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ عَنْهَا نَقَصَ " انتهى من فتح الباري بتصرف واختصار .
ثالثاً :
حق الزوج على زوجته عظيم ، قال الله تعالى : ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) البقرة/228 .
وإن كان غضبه بسبب امتناعها عن فراشه ، كان إثمها أشد وأعظم ؛ لما روى ابن خزيمة في صحيحه عن عطاء بن دينار الهذلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا تقبل منهم صلاة ولا تصعد إلى السماء ولا تجاوز رؤوسهم . . ذكر منهم : وامرأة دعاها زوجها من الليل فأبت عليه ) . والحديث صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (485) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَات غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) رواه البخاري (3237) ، ومسلم (1436) .
وقد سبق في جواب السؤال (50063) بيان أن المعاصي تنقص ثواب الصوم ، وقد تكثر المعاصي حتى تزيل ثواب الصيام بالكلية .
وإذا قصر أحد الزوجين في حقوق الآخر أو أغضبه كان ذلك سببا لنقص صيامه .
هذا ما لم يكن غضبه بغير حق ، فإن بعض الأزواج يغضبون بغير حق ، وبعضهم يغضب لاستقامة المرأة وصلاحها ، فيكون مبطلا في غضبه ، نسأل الله العافية .
والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام؟
سؤال:
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام مع أن هلال رمضان واحد ؟ وقديماً يعذرون لعدم وجود وسائل الإعلام .
الجواب:
الحمد لله
أولا : السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر ، هو اختلاف مطالع الأهلة . واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا .
وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد ، لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال ، بل قبل طلوعه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن ينادي بتوحيد الأمة في الصيام ، وربط المطالع كلها بمطالع مكة ، فقال :
" هذا من الناحية الفلكية مستحيل ؛ لأن مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم ، وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه .
أما الدليل الأثري فقال الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) البقرة/185 . فإذا قُدِّرَ أن أناسا في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر -أي : الهلال - وأهل مكة شهدوا الهلال ، فكيف يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر ؟! وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) متفق عليه ، فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من الشرقيين بأن يصوموا ، مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم علق ذلك بالرؤية .
أما الدليل النظري فهو القياس الصحيح الذي لا تمكن معارضته ، فنحن نعلم أن الفجر يطلع في الجهة الشرقية من الأرض قبل الجهة الغربية ، فإذا طلع الفجر على الجهة الشرقية ، فهل يلزمنا أن نمسك ونحن في ليل ؟ الجواب : لا . وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية ، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر ؟ الجواب : لا . إذاً الهلال كالشمس تماما ، فالهلال توقيته توقيت شهري ، والشمس توقيتها توقيت يومي ، والذي قال : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 . هو الذي قال : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن نجعل لكل مكانٍ حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر ، ويربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه ، وجعلها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سنته ألا وهي شهود القمر ، وشهود الشمس ، أو الفجر " انتهى من فتاوى أركان الإسلام ص 451.
وقال رحمه الله موضحاً هذا القياس ، ومؤيداً به حجة الذين اعتبروا اختلاف المطالع :
" قالوا : والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي ، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري ، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب ، ويفطرون قبلهم أيضا .
فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فإن مثله تماما في التوقيت الشهري .
ولا يمكن أن يقول قائل : إن قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) لا يمكن لأحد أن يقول : إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار .
وكذلك نقول في عموم قوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ) وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ ، والنظر الصحيح ، والقياس الصحيح أيضا ، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي " انتهى . نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد المقصود ص 104 .
وصدر عن هيئة كبار العلماء ، بيان مهم بهذا الخصوص ، وهذا نصه :
" أولاً : اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً ، ولم يختلف فيها أحد من العلماء ، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في : اعتبار خلاف المطالع ، وعدم اعتباره .
ثانياً : مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال ، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين ، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين : أجر الاجتهاد ، وأجر الإصابة ، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد .
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين : فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع ، ومنهم من لم ير اعتباره . واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة ، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) البقرة/189 . وبقوله صلى الله عليه وسلم : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وذلك لاختلاف الفهم في النص ، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به .
ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها ، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها ، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً ، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة . فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه . وعدم إثارة هذا الموضوع ، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة ، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته .
ثالثاً : نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب ، وما ورد في الكتاب والسنة ، واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك ، فقرروا بإجماعٍ عدمَ اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ ) الحديث . وما في معنى ذلك من الأدلة " انتهى نقلا عن "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/102) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم تطعيم الكبد الوبائي في نهار رمضان
سؤال:
ما حكم تطعيم الكبد الوبائي في الكتف الأيمن في نهار رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يضرُّ ذلك ، ولا يؤثر في الصيام ، حيث أن هذا التطعيم ليس من المغذيات .
الإسلام سؤال وجواب
نصراني يسأل ماذا تفعلون في شهر رمضان؟
سؤال:
ماذا تفعلون خلال شهر الصيام ؟.
الجواب:
الحمد لله
خص الله تعالى شهر رمضان بخصائص وفضائل ليست في غيره من الشهور ، فهو سيد الشهور ، ولله تعالى أن يختار بعض الشهور على بعض ، وأن يفضل بعض الليالي على بعض ، كما قال سبحانه : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) القصص/68 .
وجعل الله تعالى في رمضان ليلة القدر ، التي قال الله عز وجل عنها : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) القدر/3 . أي أن العبادة فيها أكثر ثواباً وأجراً من العبادة في ألف شهر ، وهو من عظيم فضل الله على هذه الأمة .
وليلة القدر تكون في العشر الأخير من رمضان ، ولهذا يجتهد المسلمون في هذه العشر في العبادة أكثر من غيرها التماساً لهذه الليلة المباركة .
وأما ما نفعله - نحن المسلمين - في رمضان ، فإننا نتقرب إلى الله ، ونجتهد في عبادته ، وقد شرع لنا أنواعاً من العبادات التي يحب أن نتقرب إليه بها ، فمن ذلك :
1- الصيام ، وهو الامتناع عن الأكل والشرب والجماع وما ألحق بها من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، ولسنا الأمة الوحيدة التي فرض الله عليها الصيام ، بل ما من أمة من الأمم السابقة إلا فرض الله عليها الصيام ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
2- الإكثار من الصلاة بالليل (صلاة التراويح) .
وقيام الليل له أثر عجيب في تهذيب النفوس وإصلاحها ، وهو أيضاً من أسباب مغفرة الذنوب .
3- قراءة القرآن .
فرمضان هو شهر القرآن ، ففيه بدأ نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم . ولهذا تجد المسلمين يختمون القرآن قراءةً في رمضان ، فمنهم من يختمه مرة أو مرتين ، وأكثر من ذلك . وقد علم المسلم أن قراءة الحرف الواحد من القرآن الكريم بعشر حسنات ، وأن قراءة صفحة واحدة فيها آلاف الحسنات .
4- الصدقة ، وإطعام الطعام .
كان نبينا صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان .
ورغبنا نبينا صلى الله عليه وسلم في إطعام الطعام ، وتفطير الصائم ، حتى جعل ثواب من فَطَّر صائما مثل أجر الصائم ، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً .
5- الدعاء .
فرمضان شهر الدعاء ، فدعوة الصائم مستجابة ، وللصائم عند فطره دعوة لا ترد .
6- الاعتكاف .
وهو المكث في المسجد لأجل التفرغ لطاعة الله تعالى وعبادته ، وهو مسنون في العشر الأواخر من رمضان التماساً لليلة القدر .
7- وقد فرض الله في آخره زكاة تسمى زكاة الفطر ، تطهر الصائم مما حصل في صومه من اللغو والرفث ، وتكون طعمة وإعانة للمساكين .
وهي فرض على الصغير والكبير والذكر والأنثى من المسلمين ، وهي وسيلة من وسائل الشعور بوحدة المجتمع المسلم ، وتماسكه وتراحمه .
8- ثم شرع الله للصائمين صلاة العيد ، تكون خاتمة لأعمالهم الحسنة التي أدوها في رمضان ، واجتماعا لهم يظهرون فيه الفرح والسرور والشكر لله تعالى .
والحاصل أن المسلم الموفق يقضي شهر رمضان في صوم وصلاة وقيام وذكر وتلاوة للقرآن ، ويختمه باعتكاف وزكاة ، مع الحرص على صلة الأرحام ، وبذل المعروف ، وكثرة الإنفاق في سبيل الله ، وغير ذلك من أعمال البر والخير . فيكون رمضان موسم خير له ، يتزود فيه من الطاعات ، ويتخلص فيه من الأوزار والسيئات ، ففي كل ليلة من رمضان يعتق الله أناسا من النار ، يتجاوز عن سيئاتهم ، ويغفر لهم زلاتهم ، ولهذا كان شهر رمضان أحب الشهور إلى المسلمين ، وهم يشعرون فيه بالسعادة والسرور ، والأنس والاطمئنان ، ويتمنون أن تكون السنة كلها رمضان .
ولعلك تزور أحد المراكز الإسلامية لترى بنفسك البهجة والفرحة التي يعيشها المسلمون في رمضان ، صغارا وكبارا ، وذلك من أثر الطاعة والعبادة كما سبق .
نسأل الله أن يهديك لما فيه خيرك وسعادتك في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
صام ثم سافر إلى بلد تأخر عنهم في الصيام فهل يصوم واحدا وثلاثين يوماً؟
سؤال:
إذا صمت في بلد ثم سافرت أثناء الشهر إلى بلد كان قد تأخر يوماً في دخول الشهر ، ففي آخر الشهر إذا صاموا ثلاثين يوماً ، فهل أصوم معهم وأكون قد صمت واحداً وثلاثين يوماً ؟.الجواب:
الحمد لله
إذا سافر الإنسان من البلد التي صام فيها أول الشهر إلى بلد تأخر عندهم الفطر فإنه يبقى لا يفطر حتى يفطروا .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا من شرق آسيا ، عندنا الشهر الهجري يتأخر عن المملكة العربية السعودية بيوم ، وسأسافر إلى بلدي في رمضان ، وقد بدأت الصوم في المملكة ، وفي نهاية الشهر نكون قد صمنا واحدا وثلاثين يوماً ، فما حكم صيامنا ؟ وكم يوماً نصوم ؟
فأجاب :
" إذا صمتم في السعودية أو غيرها ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم ، ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ) لكن إن لم تكملوا الشهر تسعة وعشرين يوما فعليكم إكمال ذلك ، لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين " انتهى . "مجموع فتاوى ابن باز" (15/155) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
ما حكم من صام في بلد مسلم ثم انتقل إلى بلد آخر تأخر أهله عن البلد الأول ولزم من متابعتهم صيام أكثر من ثلاثين يوماً أو العكس ؟
فأجاب بقوله :
إذا انتقل الإنسان من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي وتأخر إفطار البلد الذي انتقل إليه فإنه يبقى معهم حتى يفطروا ؛ لأن الصوم يوم يصوم الناس ، والفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحي الناس ، وهذا وإن زاد عليه يوم ، أو أكثر فهو كما لو سافر إلى بلد تأخر فيه غروب الشمس ، فإنه يبقى صائماً حتى تغرب ، وإن زاد على اليوم المعتاد ساعتين ، أو ثلاثاً ، أو أكثر ، ولأنه إذا انتقل إلى البلد الثاني فإن الهلال لم ير فيه وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن لا نصوم ولا نفطر إلا لرؤيته ، فقال : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ) .
وأما العكس : وهو أن ينتقل من بلد تأخر فيه ثبوت الشهر إلى بلد تقدم ثبوت الشهر فيه فإنه يفطر معهم ، ويقضي ما فاته من رمضان ، إن فاته يوم قضى يوماً ، وإن فاته يومان قضى يومين ، فإذا أفطر لثمانية وعشرين يوماً قضى يومين إن كان الشهر تامًّا في البلدين ، ويوماً واحداً إن كان ناقصاً فيهما أو في أحدهما . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 24 ) .
وسئل أيضاًَ :
قد يقول قائل : لماذا قلتم يؤمر بصيام أكثر من ثلاثين يوماً في الأولى ويقضي في الثانية ؟
فأجاب بقوله :
يقضي في الثانية لأن الشهر لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً ، ويزيد على الثلاثين يوماً لأنه لم يُر الهلال ، وفي الأولى قلنا له : أفطر وإن لم تتم تسعة وعشرين يوماً ؛ لأن الهلال رؤي ، فإذا رؤي فلا بد من الفطر ، لا يمكن أن تصوم يوماً من شوال ، ولما كنت ناقصاً عن تسعة وعشرين لزمك أن تتم تسعة وعشرين بخلاف الثاني ، فإنك لا تزال في رمضان إذا قدمت إلى بلد ولم ير الهلال فيه فأنت في رمضان ، فكيف تفطر ؟ فيلزمك البقاء ، وإذا زاد عليك الشهر فهو كزيادة الساعات في اليوم . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 25 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 38101 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
كان ممنوعا من الطعام بسبب المرض فهل يجب عليه الصيام ؟
سؤال:
قمت بعملية جراحية ، وقد منعت من الشرب لمدة 3 أيام ، ثم سمحوا لي بشرب الماء والعصائر فقط 3 أيام ، وبالصدفة كان اليوم التالي لها مباشرة هو أول أيام رمضان ، وقد طلب مني الطبيب أن أبدأ في الأكل من أول يوم من رمضان ، وقد أفطرت اليوم الأول لأنني كنت جائعاً جدا ، ولا أستطيع الصيام ، وسوف أفطر اليوم الثاني أيضاً من رمضان . فهل هذا جائز ؟.
الجواب:
الحمد لله
الذي يظهر أنك معذور في إفطارك ؛ لأنك لا تزال في عذر المرض ، وقد أسقط الله تعالى وجوب الصيام عن المريض فقال تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/184 .
فالظاهر جواز فطرك اليوم الأول والثاني من رمضان لعذر المرض ، والواجب عليك قضاء هذين اليومين بعد انتهاء شهر رمضان ، متفرقَيْن أو متتابعَيْن على حسب السعة والقدرة ، والأولى الإسراع في القضاء بعد انتهاء الشهر مباشرة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
فقأ حب الشباب وأثره على الصيام
سؤال:
يوجد في وجهي حب الشباب ، وقد فقعت واحدة وأنا صائم في رمضان ، وكنت في شك من إفطاري ، ولكني قد قضيت ذلك اليوم فيما بعد بالصيام . هل يترتب عليّ فعل شيء ؟.
الجواب:
الحمد لله
فقأ حَب الشباب الذي يظهر في الوجه لا يفسد الصوم ولا يوجب القضاء .
ومفسدات الصيام أشياء معلومة ، دل عليها القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي :
1- الجماع .
2- الاستمناء .
3- الأكل والشرب .
4- ما كان بمعنى الأكل والشرب – كالحقن المغذية .
5- القيء عمداً .
6- الحجامة ، وما كان بمعناها كالتبرع بالدم .
7- الحيض والنفاس للمرأة .
ولمعرفة أدلة ذلك انظر السؤال (38023) .
ولا يجوز القول بأن هذا الشيء مفسد للصوم إلا بدليل صحيح يدل على ذلك .
ولا يوجد دليل على إفساد الصيام بفقأ حب الشباب أو البثور التي تظهر على الجسم .
وعلى هذا فصومك صحيح ولا يلزمك القضاء ، وتثاب على اليوم الذي صمته قضاءً ويكون لك نافلة .
مع التنبيه إلى أنه ينبغي مراجعة الأطباء في فقأ حب الشباب ، هل هو مضر أم لا ؟
فإن كان مضراً فإنه ينبغي تركه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
رأت الطهر ثم نزل عليها إفرازات فماذا تفعل؟
سؤال:
إن دورتي الشهرية ستة أيام وفي اليوم السادس انقطع الدم ، ووضعت منديل لأتأكد ، وكان يخرج القصة البيضاء قليلا ، فاغتسلت وجامعني زوجي في تلك الليلة ، ثم اغتسلت وصمت (نحن في رمضان) وفي الظهر وجدت بعض الإفرازات فيها شيء يسير جدّاً من الاصفرار أو الاحمرار ، فلا أدري ما الحكم ؟ هل أقضي هذا اليوم أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا ندري ما المراد بقولك : "يخرج القصة البيضاء قليلاً" .
فإن كان مرادك أنك رأيت القصة البيضاء ، فهي علامة على الطهر ، فما نزل بعدها من الصفرة أو الحمرة لا يعتبر حيضاً ، لقول أم عطية رضي الله عنها : كُنَّا لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا . رواه أبو داود (307) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فعلى هذا ؛ صومك صحيح ، ولا حرج فيما وقع من الجماع ، لأنك لم تكوني حائضاً .
وإن كان مرادك أنك رأيت بقايا من الصفرة أو الحمرة ، فهذا دليل على عدم انتهاء الحيض ، ولا ينبغي للمرأة أن تتعجل فتحكم بانتهاء الحيض مع وجود الصفرة أو الحمرة ، مهما كان قليلاً ، فقد كانت النساء يبعثن إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ ، فَتَقُولُ : لا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ . رواه مالك (130) .
(الدُّرجَةِ) : ما تحتشي به المرأة من قطنة وغيرها لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيء أم لا . وقيل : هي وعاء صغير .
(الْكُرْسُفُ) هو القطن .
وانظري السؤال (66062) .
وعلى هذا ، فعليك قضاء صيام هذا اليوم ، لأنه لا يصح الصيام مع وجود الحيض .
أما ما وقع من الجماع فيه ، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى ، لأنك كنت تظنين انتهاء الحيض ، ولم تتعمدي فعل المحرم ، وقد قال الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) الأحزاب/5 .
الإسلام سؤال وجواب
سيسافر من بلدة إلى أخرى ويعود في نفس اليوم فهل له الفطر؟
سؤال:
سوف أسافر من أمستردام إلى باريس وأعود في نفس اليوم ، هل يجوز لي أن أفطر في ذلك اليوم ؟. الجواب:
الحمد لله
المسافر من الذين رخَّص الله لهم الفطر في رمضان ، قال الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185 .
ولا فرق بين أن يكون السفر شاقاً أو سهلاً .
وقد اختلف العلماء في الحد الذي يصير به الإنسان مسافرا بحيث يجوز له الترخص برخص السفر ، ومنها : الفطر للصائم .
فذهب جمهور العلماء إلى اعتبار المسافة ، وهي ما يقارب 80 كم .
وذهب آخرون ـ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ إلى أن المعتبر هو العرف ، وليس المسافة .
فكل ما اعتبره الناس في العرف سفرا فهو سفر تثبت له أحكام السفر في الشرع .
ولا ريب أن السفر من أمستردام إلى باريس يعتبره الناس في العرف سفراً ، ولو عاد في نفس اليوم .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (4/257) في الرجل يخرج مسافة طويلة في مدة قصيرة ، قال : " مدة قصيرة في مسافة طويلة ، كمن ذهب مثلا من القصيم إلى جدة في يومه ورجع ، فهذا يسمى سفرا ، لأن الناس يتأهبون له ، ويرون أنهم مسافرون " انتهى .
والمسافة بين القصيم وجدة (900) كم تقريبا .
وعلى هذا ، من سافر من أمستردام إلى باريس وعاد في نفس اليوم فهو مسافر على القولين جميعا , أي سواء اعتبرنا المسافة أم العرف .
وهل الأفضل له أن يصوم أو يفطر ؟
الجواب :
الأفضل له الصيام إلا إذا وجد مشقة فالأفضل الفطر .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأفضل للمسافر أن يصوم إلا إذا وجد مشقة فإنه يفطر ، والدليل على أن الأفضل أن يصوم :
أولاً : أنه فعل الرسول عليه الصلاة والسلام ، قال أبو الدرداء رضي الله عنه : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرٍّ شديدٍ حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر ، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة . رواه مسلم .
ثانياً : ولأنه إذا صام كان أيسر عليه ؛ لأن القضاء يكون على الإنسان أصعب - غالباً - من الأداء في وقته ؛ لأنه إذا صام في رمضان صار موافقاً للناس في صيامهم ، فيكون ذلك أسهل عليه ، والله عز وجل حينما فرض على عباده الصيام قال : ( يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ ) .
ثالثاً : ولأنه إذا صام رمضان في السفر كان أسرع في إبراء ذمته ، إذ إن الإنسان لا يدري ماذا يعتريه بعد رمضان ، فيكون صومه أسرع في إبراء الذمة .
وهناك فائدة رابعة : وهي أنه إذا صام في رمضان فقد صام في الوقت الفاضل - وهو رمضان - .
ولكن مع المشقة لا يصوم وهو مسافر ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال : ما هذا ؟ قالوا : صائم ، قال : ( لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ) قال ذلك لمن يصوم في السفر وقد شق عليه ، ولهذا لما نزل منزلاً ذات يوم سقط الصوَّام لأنهم متعبون ، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ ) رواه مسلم .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/السؤال رقم 112) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

الجموعة الحادية عشر
حكم استنشاق رائحة الطعام تعمدا
سؤال:
ما حكم من يستنشق رائحة الطعام متعمدا وهو صائم ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج على الصائم في شم الروائح الطيبة ، من طعام وطيب وغير ذلك ، إلا أنه لا يستنشق البخور ، ولا الأبخرة المتصاعدة من الطعام ؛ لأن لها جرما (مادة) فقد تنفذ إلى المعدة .
جاء في "حاشية الدسوقي" (1/525) :
" متى وصل دخان البخور أو بخار القِدْر للحلق وجب القضاء . . . إذا وصل باستنشاق ، سواء كان المستنشق صانعه أو غيره , وأما لو وصل واحد منهما للحلق بغير اختياره فلا قضاء لا على الصانع ولا على غيره على المعتمد " انتهى باختصار .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل يجوز استعمال الطيب كدهن العود والكولونيا والبخور في نهار رمضان ؟
فأجاب :
" نعم ، يجوز استعماله بشرط ألا يستنشق البخور " انتهى . "فتاوى ابن باز" (15/267) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم استعمال الصائم للروائح العطرية في نهار رمضان ؟
فأجاب : " لا بأس أن يستعملها في نهار رمضان وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه ، لأن له جرما يصل إلى المعدة وهو الدخان " انتهى .
"فتاوى رمضان" (ص 499) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/271) :
" من تطيب بأي نوع من أنواع الطيب في نهار رمضان وهو صائم لم يفسد صومه ، لكنه لا يستنشق البخور والطيب المسحوق كسحوق المسك " انتهى .
والحاصل : أن مجرد شم الطعام لا بأس به في الصيام ، إلا أنه لا يستنشق الأبخرة المتصاعدة منه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم مس يد الفتاة في رمضان
سؤال:
ما حكم من مس يد فتاة أو قامت تلك الفتاة بضمه أو تقبيله في نهار رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يحرم على الرجل أن يمس يد امرأة أجنبية عنه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045) .
وإذا كان هذا في مجرد المس ، فإن الضم والتقبيل أعظم وأشد . وإذا حاولت المرأة فعل ذلك ، وجب على الرجل أن يمنعها ، وألا يمكنها من فعل الحرام معه .
وهذا حكم عام ، يشمل الصائم وغيره ، إلا أن الصائم يتأكد في حقه البعد عن جميع المحرمات والمغريات والمثيرات التي تنافي حكمة الصوم وأهدافه ، وقد قال الله تعالى في بيان الحكمة من فرض الصيام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
وقال عز وجل في الحديث القدسي : ( الصَّوْمُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي ) . رواه البخاري (7492) ومسلم (1151) .
فعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى تعالى ، ويعزم على عدم العود لذلك أبداً .
وأما صومه ففيه تفصيل :
إن خرج منه منيّ بسبب هذه الأعمال ، فسد صومه ، ووجب عليه قضاء هذا اليوم .
وإن لم يخرج منه مني فصومه صحيح .
ولكن ... ليس معنى صحة صومه أنه لا إثم عليه ، أو أن صومه كامل .
كلا ! بل كل المعاصي التي يفعلها العبد تنقص من ثواب صيامه ، وقد تذهب بثواب كله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) رواه البخاري (6057) .
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ ) رواه ابن ماجه (1690) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وانظر السؤال )50063) .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا ، ويعيذنا من مضلات الفتن .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
استعمال العدسات اللاصقة بعد وضعها في محلول التنظيف لا يؤثر على الصيام
سؤال:
هل يجوز استخدام العدسات اللاصقة أثناء الصيام ؟ لأنها وكما تعلمون توضع في محلول خاص لتنظيفها ؟ أرجو الإجابة بالتفصيل .
الجواب:
الحمد لله
يجوز استعمال العدسات اللاصقة أثناء الصيام ، ولا يضر كونها توضع أولا في محلول التنظيف ؛ إذ غاية الأمر أن يتسرب شيء من المحلول إلى العين ، فيكون بمثابة قطرة العين ، وهي لا تفسد الصوم ، على الصحيح من قولي أهل العلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا بأس للصائم أن يكتحل ، وأن يقطر في عينه ، وأن يقطر في أذنيه ، حتى وإن وجد طعمه في حلقه ، فإنه لا يفطر بهذا ؛ لأنه ليس بأكل ولا شرب ، ولا بمعنى الأكل والشرب . والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب ، فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما . وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصواب " انتهى .
"فقه العبادات" (ص 191) .
وانظر السؤال )2299( ، )22199( ، )38023) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لماذا خص الصوم بقوله تعالى : (الصيام لي وأنا أجزي به)؟
سؤال:
لماذا خص الله جزاء الصوم به سبحانه وتعالى ؟ .
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري (1761) ومسلم (1946) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ . . . الحديث ) .
ولما كانت الأعمال كلها لله وهو الذي يجزي بها ، اختلف العلماء في قوله : ( الصيام لي وأنا أجزي به ) لماذا خص الصوم بذلك ؟
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله من كلام أهل العلم عشرة أوجه في بيان معنى الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل ، وأهم هذه الأوجه ما يلي :
1- أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، قال القرطبي : لما كانت الأعمال يدخلها الرياء ، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله فأضافه الله إلى نفسه ولهذا قال في الحديث : (يدع شهوته من أجلي) . وقال ابن الجوزي : جميع العبادات تظهر بفعلها وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوبٍ ( يعني قد يخالطه شيء من الرياء ) بخلاف الصوم .
2- أن المراد بقوله : ( وأنا أجزى به ) أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته . قال القرطبي : معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير . ويشهد لهذا رواية مسلم (1151) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ، وهذا كقوله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
3- أن معنى قوله : ( الصوم لي ) أي أنه أحب العبادات إلي والمقدم عندي . قال ابن عبد البر : كفى بقوله : ( الصوم لي ) فضلا للصيام على سائر العبادات . وروى النسائي (2220) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ ) . صححه الألباني في صحيح النسائي .
4- أن الإضافة إضافة تشريف وتعظيم ، كما يقال : بيت الله ، وإن كانت البيوت كلها لله . قال الزين بن المنير : التخصيص في موضع التعميم في مثل هذا السياق لا يفهم منه إلا التعظيم والتشريف .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وَهَذَا الحديثُ الجليلُ يدُلُّ على فضيلةِ الصومِ من وجوهٍ عديدةٍ :
الوجه الأول : أن الله اختصَّ لنفسه الصوم من بين سائرِ الأعمال ، وذلك لِشرفِهِ عنده ، ومحبَّتهِ له ، وظهور الإِخلاصِ له سبحانه فيه ، لأنه سِرُّ بَيْن العبدِ وربِّه لا يطَّلعُ عليه إلاّ الله . فإِن الصائمَ يكون في الموضِعِ الخالي من الناس مُتمكِّناً منْ تناوُلِ ما حرَّم الله عليه بالصيام ، فلا يتناولُهُ ؛ لأنه يعلم أن له ربّاً يطَّلع عليه في خلوتِه ، وقد حرَّم عَلَيْه ذلك ، فيترُكُه لله خوفاً من عقابه ، ورغبةً في ثوابه ، فمن أجل ذلك شكر اللهُ له هذا الإِخلاصَ ، واختصَّ صيامَه لنفْسِه من بين سَائِرِ أعمالِهِ ولهذا قال : ( يَدعُ شهوتَه وطعامَه من أجْلي ) . وتظهرُ فائدةُ هذا الاختصاص يوم القيامَةِ كما قال سَفيانُ بنُ عُييَنة رحمه الله : إِذَا كانَ يومُ القِيَامَةِ يُحاسِبُ الله عبدَهُ ويؤدي ما عَلَيْه مِن المظالمِ مِن سائِر عمله حَتَّى إِذَا لم يبقَ إلاَّ الصومُ يتحملُ اللهُ عنه ما بقي من المظالِم ويُدخله الجنَّةَ بالصوم .
الوجه الثاني : أن الله قال في الصوم : (وأَنَا أجْزي به) فأضافَ الجزاءَ إلى نفسه الكريمةِ ؛ لأنَّ الأعمالَ الصالحةَ يضاعفُ أجرها بالْعَدد ، الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سَبْعِمائة ضعفٍ إلى أضعاف كثيرةٍ ، أمَّا الصَّوم فإِنَّ اللهَ أضافَ الجزاءَ عليه إلى نفسه من غير اعتبَار عَددٍ ، وهُوَ سبحانه أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين ، والعطيَّةُ بقدر مُعْطيها . فيكُونُ أجرُ الصائمِ عظيماً كثيراً بِلاَ حساب . والصيامُ صبْرٌ على طاعةِ الله ، وصبرٌ عن مَحارِم الله ، وصَبْرٌ على أقْدَارِ الله المؤلمة مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ وضعفِ البَدَنِ والنَّفْسِ ، فَقَدِ اجْتمعتْ فيه أنْواعُ الصبر الثلاثةُ ، وَتحقَّقَ أن يكون الصائمُ من الصابِرِين . وقَدْ قَالَ الله تَعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10 . . . " انتهى .
"مجالس شهر رمضان" (ص 13) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يريد أن يبدأ الصيام من اليوم الرابع
سؤال:
هل يجوز أن أبدأ صومي في اليوم الرابع من رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
صوم رمضان واجب على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر على الصوم . ومن كان كذلك فإنه يحرم عليه الفطر بغير عذر ، لما في ذلك من المخالفة الصريحة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وانتهاك حرمة هذا الشهر العظيم .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 وقال : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 فيلزم الصوم إذا ثبت دخول شهر رمضان ، برؤية الهلال ، أو بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوما .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , وَإِقَامِ الصَّلاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ , وَالْحَجِّ , وَصَوْمِ رَمَضَان ) رواه البخاري (8) ومسلم (16) .
فإن كان سؤالك عن تأخير الصوم إلى اليوم الرابع بغير عذر ، فقد علمت أن هذا أمر محرم لا يجوز الإقدام عليه ، بل هو من كبائر الذنوب وانظر جواب السؤال رقم (38747) .
وإن كان تأخير الصوم لعذر ، كمرض أو سفر ، فلا حرج عليك في ذلك ، ويجب عليك الصوم بمجرد انتهاء عذرك سواء كان ذلك في اليوم الرابع أو غيره ، مع قضاء الأيام التي أفطرتها ؛ لما سبق من قوله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) .
أي : إذا أفطر المريض أو المسافر فالواجب عليه إذا انتهى رمضان أن يقضي عدد الأيام التي أفطرها .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز له الإفطار بسبب مشقة العمل ؟
سؤال:
نحن في بلد غربي أي : لا يهتم بالصيام والصائمين ، وزوجي يعمل لفترة سنة ليكمل سنته الأخيرة في مجال الصيدلة وهذا العمل هو المقرر الدراسي للسنة الأخيرة ، أي : سنة تطبيقية في ميدان العمل ، المشكلة التي تواجهنا هي أن العمل يبعد مسافة ساعة بالسيارة ، ومكان مكتظ بالمرضى ، وبدأ زوجي يشعر بالدوار والصداع أثناء العمل حيث بدأ يعطي الأدوية للمرضى بطريقة خطأ ، فهو الآن يفكر بالإفطار لهذا السبب ، علما أن مسافة الطريق من المنزل للعمل أقل من 48 ميلا كما ذكرتم في أحد الأجوبة ، لكن الطريق يأخذ ساعة ذهابا وساعة أخرى إيابا ، كما أن مدة العمل 12 ساعة متواصلة ، فهل يجوز له الإفطار على أن يقضي بعد الانتهاء من هذه السنة الأخيرة من دراسته .
الجواب:
الحمد لله
الصوم ركن من أركان الإسلام ثابت بالكتاب والسنة وإِجماع الأُمة ، ولا يجوز للمسلم أن يفطر بغير عذر شرعي من مرض أو سفر ، وقد يحصل للإنسان أثناء الصوم مشقة فعليه أن يصبر ويستعين بالله عز وجل ، فإذا عطش الإنسان في نهار رمضان فلا بأس أن يصب على رأسه الماء للتبرد وأن يتمضمض ، فإذا سبب له العطش ضرراً بالغاً أو خشي الهلاك من العطش جاز له الفطر ، وعليه القضاء فيما بعد .
لكن لا يجوز أن يكون العمل هو السبب في المشقة الحاصلة له إذا كان يمكنه أخذ إجازة من العمل في شهر رمضان أو كان يستطيع تخفيف أعباء عمله فيه ، أو تغييره إلى ما هو أسهل .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام ، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض الله عليه ، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا ، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه ، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً ، ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه ، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب ، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته ، فالعمل كثير ، وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة ، ولن يعدم المسلم وجهاً من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله ، ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً . ويرزقه من حيث لا يحتسب . ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ) الطلاق/2، 3 .
وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لا يتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة ، قال الله تعالى : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ) النساء/100 ، وقال تعالى : ( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر/ 10 .
فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 10 / 234 – 236 ) .
وسئلوا – أيضاً - : عن رجل يعمل في مخبز ويواجه عطشاً شديداً وإرهاقاً في العمل هل يجوز له الفطر ؟
فأجابوا :
" لا يجوز لذلك الرجل أن يفطر ، بل الواجب عليه الصيام ، وكونه يخبز في نهار رمضان ليس عذراً للفطر ، وعليه أن يعمل حسب استطاعته " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 10 / 238 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ما حكم من يقول متى يأتي وقت الفطور ؟
سؤال:
ما حكم الذي يقول متى يأتي وقت الفطور ؟.
الجواب:
الحمد لله
وقت الإفطار هو وقت انتهاء الصيام ، وهو وقت صلاة المغرب ، ولا حرج على من يسأل عن وقت الإفطار ليتنعم بما أباحه الله له من الطعام والشراب الجماع ، وليفرح بإتمام عبادته ، فعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ , وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) رواه البخاري ( 1805 ) ومسلم ( 1151 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال القرطبي : معناه فرح بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر ، وهذا الفرح طبيعي وهو السابق للفهم , وقيل : إن فرحه بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه , وخاتمة عبادته , وتخفيف من ربه , ومعونة على مستقبل صومه .
قلت : ولا مانع من الحمل على ما هو أعم مما ذكر , ففرح كل أحد بحسبه لاختلاف مقامات الناس في ذلك , فمنهم من يكون فرحه مباحاً وهو الطبيعي , ومنهم من يكون مستحبّاً وهو من يكون سببه شيء مما ذكره " انتهى .
" فتح الباري " ( 4 / 118 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
زميله في العمل يغتاب الناس فماذا يصنع معه ؟
سؤال:
لديَّ صديق يكثر من الكلام عن الناس في رمضان وغير رمضان ، وبطبيعة أننا معا بمكان عمل واحد بأنه لا يفارقني بتاتاً .
أرجو الرد على السؤال في حكم سماعي لكلامه .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
شرع الله تعالى الصيام في شهر رمضان ليحصِّل أهلُه التقوى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 ، فإذا لم يهذِّب هذا الشهرُ ذلك الموظف الآكل للحوم الناس فمتى سيتهذب ويتوب ويرعوي ؟!
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) رواه البخاري ( 1804 ) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( ليس الصيام من الشراب والطعام وحده ، ولكنه من الكذب والباطل واللغو ) .
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه : ( إذا صمتَ فليصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمأثم ، ودع أذى الخادم ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء ) .
وليحذر هؤلاء الذين يغتابون الناس ويأكلون لحومهم أن يضيع عليهم صيامهم , فلا يكون حظهم منه إلا الجوع والعطش .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ) رواه أحمد ( 8693 ) صححه ابن حبان ( 8 / 257 ) والألباني في " صحيح الترغيب " ( 1 / 262 ) .
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن فعل المعاصي يبطل الصوم .
قالت حفصة بنت سيرين رحمها الله : الصيام جُنَّة ، ما لم يخرقها صاحبها ، وخرقها الغيبة ! .
وعن إبراهيم النخعي رحمه الله قال : كانوا يقولون : الكذب يفطِّر الصائم !
وإلى هذا ذهب بعض السلف ، وهو أن المعاصي كلها تُفطِّر ، ومن ارتكب معصية في صومه فعليه القضاء ، وهو مذهب الإمام الأوزاعي ، واختاره ابن حزم الظاهري رحمهم الله .
وأما جمهور العلماء فرأوا أن فعل المعاصي ينقص أجر الصوم ولا يبطله ، وهو الصحيح .
وانظر جواب السؤال رقم (50063) .
ثانياً :
الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب ، قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات/12.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ ) .
رواه أبو داود ( 4878 ) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 533 ) .
ثالثاً :
يجب عليك الإنكار على زميلك هذا ، وعدم الرضا بفعله .
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ , وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم ( 49 ) .
قال النووي رحمه الله :
" اعلم أنه ينبغي لمن سمع غِيبةَ مسلم أن يردّها ويزجرَ قائلَها , فإن لم ينزجرْ بالكلام زجرَه بيده , فإن لم يستطع باليدِ ولا باللسان فارقَ ذلكَ المجلس , فإن سمعَ غِيبَةَ شيخه أو غيره ممّن له عليه حقّ أو كانَ من أهل الفضل والصَّلاح كان الاعتناءُ بما ذكرناه أكثر .
روينا في كتاب الترمذي عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال : ( مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيامَةِ ) قال الترمذي : حديث حسن " انتهى .
" الأذكار " ( ص 795 ، 796 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أنا فتاة أكره الغيبة والنميمة ، وأكون أحيانا في وسط جماعة يتحدثون عن أحوال الناس ، ويدخلون في الغيبة والنميمة ، وأنا في نفسي أكره هذا وأمقته ، ولكوني شديدة الخجل فإنني لا أستطيع أن أنهاهم عن ذلك ، وكذلك لا يوجد مكان حتى أبتعد عنهم ، ويعلم الله أنني أتمنى أن يخوضوا في حديث غيره ، فهل علي إثم في جلوسي معهم ؟ وما الذي يتوجب فعله ؟ وفقكم الله لما فيه خير الإسلام والمسلمين .
فأجاب :
" عليك إثم في ذلك إلا أن تنكري المنكر ، فإن قبلوا منك فالحمد لله ، وإلا وجب عليك مفارقتهم ، وعدم الجلوس معهم ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام/68 ، وقوله عز وجل : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) النساء/140 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ , وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، والله ولي التوفيق " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 440 ) .
فاحرص على تذكير صاحبك بحكم الغيبة ، وبيِّن له عقوبة فاعلها ، فلعله يدع ما هو عليه من المعصية ، وذكِّره بأن الغيبة في رمضان أشد إثماً ، والأصل أنك تفارق مجلسه إن أصرَّ على عدم الاستجابة لحكم الله تعالى ، ولكن بما أنك موظف معه ولا تملك ترك المكان ، فاهجر سماعه واهجر الانتباه لكلامه ، ويمكنك استعمال أسلوب التهديد برفع أمره إلى المسئولين في العمل ، أو تهديده بإخبار من يتكلم في عرضهم ، فلعله إن لم يخف من الله تعالى أن يخاف من الناس فيترك غيبتهم وترتاح من سماع أذاه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل للزوجة أن تمتنع عن زوجها في رمضان للعبادة ؟
سؤال:
ما الحكم في امرأة تأبى زوجها في رمضان نتيجة انشغالها بالعبادة والقُرب من الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
شهر رمضان مناسبة عظيمة للعابدين ليزيدوا في عباداتهم ، وللعاصين أن يتركوا ما هم عليه من معاصٍ ويصطلحوا مع ربهم عز وجل بتركها والإكثار من الطاعة فيه لبداية طيبة لحياة أخرى غير التي كانوا عليها .
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بفضيلة الصيام والقيام والاعتكاف في هذا الشهر ، كما أن فيه ليلة – وهي ليلة القدر – جعلها الله تعالى خيراً من ألف شهر .
وعليه : فلا يُنكر على من أراد استغلال أيام هذا الشهر لطاعة ربه ، فالنفوس فيه مهيأة لقراءة القرآن وطاعة الرحمن ، وسواء كان ذلك من الرجال أم من النساء .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري ( 37 ) ومسلم ( 760 ) .
ثانياً :
يجب أن تعلم المرأة أن لزوجها عليها حقّاً عظيماً ، فلا يجوز لها أن تضرب بهذه الحقوق عرض الحائط ، ولا يجوز لها أن تعارض حق زوجها بما تؤديه من نافلة العبادات .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا , وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ ) . رواه ابن ماجه (1853) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" ( 1938 ) .
" القَتَب للجمل كالإكاف لغيره ، ومعناه : الحث لهن على مطاوعة أزواجهن ، وأنه لا ينبغي لهن الامتناع في هذه الحالة ، فكيف في غيرها ؟
"حاشية السندي على ابن ماجه" .
ولعظم حق الزوج أُمرت المرأة باستئذانه قبل قيامها ببعض التطوعات التي قد تتعارض مع حقه ، ومنها :
1. صوم النافلة :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) رواه البخاري ( 4896 ) ومسلم ( 1026 ) .
قال النووي رحمه الله :
" هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن معين , وهذا النهي للتحريم صرح به أصحابنا , وسببه أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام , وحقه فيه واجب على الفور فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي " انتهى .
" شرح مسلم " ( 7 / 115 ) .
2. الخروج للمسجد
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِذَا اسْتَأْذَنَتْ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْهَا ) رواه البخاري ( 4940 ) ومسلم ( 442 ) .
ثالثاً :
ويجب على الزوج أن يتقي الله في امرأته ، وأن لا يكلفها فوق طاقتها ، إذ كثير من الرجال يشغلون نساءهم نهاراً بالطبخ ، وليلاً بالحلويات ، فتضيع الأيام والليالي على المرأة ، فلا تحسن استغلال نهار صومها بطاعة ، ولا ليله بعبادة ، ومن حق الزوجة على زوجها أن يكون لها نصيب من عبادات هذا الشهر وطاعاته ، فلا يمنعها من قراءة القرآن ، ولا من قيام الليل ، وأن يكون ذلك بتنسيق بينهما لئلا يحصل تعارض بين حقه وطاعة ربها وعبادته ، وهذا – طبعاً – في عبادات النوافل ، أما الفرائض فليس للزوج منعها منها .
وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه هو حثهن على الطاعة والعبادة ، وخاصة في العشر الأواخر من رمضان .
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ , وَأَحْيَا لَيْلَهُ , وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ) رواه البخاري ( 1920 ) ومسلم ( 1174 ) .
وإذا عرف كل واحد من الزوجين ما له وما عليه استراحا من الشقاق والنزاع غالباً , وإذا علما أن مثل هذه المناسبة قد لا تتكرر في حياتهما إلا قليلاً زاد ذلك من حرصهما على استغلال أيام رمضان ولياليه أحسن استغلال .
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف بين قلوبكما ، وأن يعينكما على طاعته وحسن عبادته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مصابة بمرض نفسي ، فكيف تصوم وتصلي ؟
سؤال:
ابنتي مصابه بمرض نفسي مزمن (وهو الاضطراب الوجداني) وفى رمضان الماضي لم تصم رمضان لأنها قد انتكست وصار وعيها ليس معها صرت أعانى منها أشهرا طويلة فماذا أفعل ؟
السؤال الثاني : البنت إذا نامت لا أستطيع إيقاظها لأي صلاة حتى تصحو هي للمشقة التي أعانى منها هل على الأم إثم ؟
والبنت عمرها 23 سنة ولها في المرض 4 سنوات تعاني وهي تصيبها انتكاسة مرتين في السنة ، دعواتكم لها بالشفاء .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفي ابنتك ويعافيها ويصلح حالها .
ثانيا :
إذا كان هذا المرض شديدا بحيث أفقدها وعيها خلال شهر رمضان ، فإنه لا يلزمها قضاء ولا كفارة ؛ لأنها لم تكن مكلفة بالصوم حينئذ .
وأما إذا كان المرض مجرد اكتئاب فقط ، ووعيها معها ، فلها حالتان :
الأولى : أن يكون مرضها يرجى شفاؤه حسب تقرير الأطباء ، فالواجب عليها قضاء ما فاتها ، حين يزول عنها المرض .
والثانية : أن يكون مرضها لا يرجى شفاؤه ، فلا يجب عليها الصيام ، وإنما تطعم عن كل يوم مسكينا .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه : مريض أدرك بعض شهر رمضان ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال هل يقضي عنه أبناؤه ؟
فأجاب :
"ليس عليه القضاء إذا أصابه ما يذهب عقله أو ما يسمى بالإغماء ، فإنه إذا استرد وعيه لا قضاء عليه ، فمثله مثل المجنون والمعتوه لا قضاء عليه ، إلا إذا كانت الإغماءة مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر ، فلا بأس بالقضاء احتياطا ، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه ، وإذا رد الله عقله يبتدئ العمل " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15/209) .
ثالثا :
إذا كانت ابنتك لا تستيقظ لأداء الصلاة في وقتها ، ولا تستطيعين إيقاظها ، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى ، ويجب عليها إذا استيقظت أن تقضي ما فاتها من الصلوات ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا ) رواه مسلم (684) .
وإن كان أداؤها لكل صلاة في وقتها يشق عليها ، فإن لها أن تجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، تقديما أو تأخيرا حسب الأيسر لها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والقصر سببه السفر خاصة ، لا يجوز في غير السفر. وأما الجمع فسببه الحاجة والعذر ، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل ، وكذلك الجمع للمطر ونحوه ، وللمرض ونحوه ، ولغير ذلك من الأسباب ؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمة " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 293 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات ؟!
سؤال:
أود أن أسأل هل لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا نعلم أحداً من أهل العلم قال بأن لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات ، والنحلة والعقرب تضعان السم في بدن الملدوغ ، وهو يتحرز من لدغهما ، وجميع مفسدات الصيام يشترط فيها لكي تفسد الصيام أن يفعلها الصائم مختاراً .
أما لو فعلها مكرها فإنه لا يفطر بها ، كمن طار إلى حلقه ذباب فابتلعه ، لا يفطر بذلك .
ولا يعرف خلاف بين العلماء المعاصرين أن الحقن الجلدية والعضلية لا تفطر ، والأصل : صحة الصوم حتى يقوم دليل على فساده ، وهذه الإبر ليست أكلاً ، ولا شرباً ، ولا بمعنى الأكل والشرب ، فإذا كان حقن الدواء لا يفطر ، فلدغة العقرب النحلة لا تفطر من باب أولى .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 38023 ) : بيان مفسدات الصيام بالتفصيل ، فلينظر .
وينظر جواب السؤال رقم ( 2299 ) وفيه أثر استعمال الأدوية والأدوات الطبيّة على الصيام .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجب على هؤلاء الصوم ؟ وهل يلزمهم القضاء ؟
سؤال:
هناك صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ ، وفي أثناء صومه في نهار رمضان بلغ فهل يجب عليه قضاء ذلك اليوم ؟ وكذلك الكافر إذا أسلم ؟ وكذلك الحائض إذا طهرت ؟ وكذلك المجنون إذا أفاق ؟ وكذلك المسافر إذا عاد وكان مفطراً ؟ وكذلك المريض إذا تعافى وكان قد أفطر ؟ فماذا على هؤلاء من حيث الإمساك في ذلك اليوم والقضاء ؟.
الجواب:
الحمد لله
هؤلاء المذكورون في السؤال ليس حكمهم واحداً ، وسبق أن ذكرنا اختلاف العلماء وشيئا من أقوالهم في جواب السؤال رقم (49008) .
ويمكن تقسيم هؤلاء المذكورين في السؤال إلى مجموعتين :
فالصبي إذا بلغ ، والكافر إذا أسلم ، والمجنون إذا أفاق لهم حكم واحد ، وهو وجوب الإمساك ولا يجب عليهم القضاء .
وأما الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام والمريض إذا شفي فحكمهم واحد أيضا ، فلا يجب عليهم الإمساك ولا يستفيدون بإمساكهم شيئاً ، ويجب عليهم القضاء .
والفرق بين المجموعة الأولى والثانية : أن المجموعة الأولى وجد فيهم شرط التكليف ، وهو البلوغ والإسلام والعقل . وإذا ثبت تكليفهم وجب عليهم الإمساك , ولا يلزمهم القضاء لأنهم أمسكوا حين وجب عليهم الإمساك ، أما قبل ذلك فلم يكونوا مكلفين بالصيام .
وأما المجموعة الثانية فإنهم مخاطبون بالصيام لذا كان واجباً في حقهم ، لكن وُجد عندهم عُذرٌ يبيح لهم الفطر , وهو الحيض والسفر والمرض فخفف الله عنهم وأباح لهم الفطر ، فزالت حرمة اليوم في حقهم ، فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار لم يستفيدوا شيئا من إمساكهم ، ولزمهم القضاء بعد رمضان .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :
" إذا قدم المسافر إلى بلده وهو مفطر : فإنه لا يجب عليه الإمساك ، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه ؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليه ، هذا هو القول الصحيح ، وهو مذهب مالك والشافعي ، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علناً " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 58 ).
وقال أيضا :
" إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك ، ولها أن تأكل وتشرب ، لأن إمساكها لا يفيدها شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليها ، وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، يعني : من جاز له الفطر أول النهار جاز له الفطر في آخره " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 59 ) .
وسئل الشيخ أيضا :
من أفطر في نهار رمضان لعذر شرعي فهل يجوز له أن يأكل ويشرب بقية اليوم ؟
فأجاب بقوله :
" يجوز له أن يأكل ويشرب ؛ لأنه أفطر بعذر شرعي ، وإذا أفطر بعذر شرعي فقد زالت حرمة اليوم في حقه ، وصار له أن يأكل ويشرب ، بخلاف الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بدون عذر ، فإنا نلزمه بالإمساك ، وإن كان يلزمه القضاء ، فيجب التنبه للفرق بين هاتين المسألتين " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
وقال أيضا :
" ذكرنا أثناء بحثنا في الصيام أن المرأة إذا كانت حائضاً وطهرت في أثناء النهار : فإن العلماء اختلفوا هل يجب عليها أن تمسك بقية اليوم فلا تأكل ولا تشرب ، أو يجوز لها أن تأكل وتشرب بقية اليوم ، وقلنا : إن في ذلك روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله : إحداهما : - وهي المشهور من المذهب - أنه يجب عليها الإمساك ، فلا تأكل ولا تشرب .
والثانية : أنه لا يجب عليها الإمساك ، فيجوز لها أن تأكل وتشرب ، وقلنا : إن هذه الثانية هي مذهب مالك والشافعي رحمهما الله ، وإن ذلك هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، وقلنا : إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة ، وأن يأخذ بما ترجح عنده منها ، وأن لا يبالي بخلاف أحد ما دام أن الدليل معه ؛ لأننا نحن مأمورون باتباع الرسل ؛ لقوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَـادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ ) .
وأما الاحتجاج بما صح به الحديث حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء في أثناء اليوم ، فأمسك الناس بقية يومهم ، نقول : لا مستند لهم في هذا الحديث ؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع ، وإنما فيه تجدد وجوب ، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب ؛ لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل سببه ، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع ، ومادام هذا المانع موجوداً مع وجود أسباب الحكم ، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده ، ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها : ما لو أسلم إنسان في أثناء اليوم ، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب ، ونظيرها أيضاً : ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر ، فإن هذا تجدد له الوجوب فنقول لمن أسلم في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولكن لا يجب عليك القضاء ، ونقول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولا يجب عليك القضاء ، بخلاف الحائض إذا طهرت ، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء ، الحائض إذا طهرت أثناء النهار أجمع العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكون صوماً ، وأن عليها القضاء ، وبهذا عرف الفرق بين تجدد الوجوب وبين زوال المانع ، فمسألة الحائض إذا طهرت من باب زوال المانع ، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ، هذا من باب تجدد الوجوب ، والله الموفق " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
الإسلام سؤال وجواب
يقيم في ألمانيا فهل يصوم مع الجمعية الأوربية أم مع السعودية
سؤال:
نحن نقيم في ألمانيا والمشكلة أن إمام مسجد قال : سوف نصوم مثل السعودية ، وفي المسجد الثاني قيل إننا سنصوم تبعاً للجمعية الأوربية الإسلامية التي من المفروض أنها تهتم عادة بمراقبة الهلال . فما قولكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت الجمعية الأوربية الإسلامية تعتمد على رؤية الهلال ، فإن الأولى في حقكم ، هو الموافقة لهم في الصيام والإفطار .
والمسألة فيها خلاف قديم المشهور: هل لكل بلد رؤيته ؟ أم يلزم الجميع اتباع من رأوا الهلال ولو اختلفت المطالع ؟ وهو خلاف سائغ مبني على الاجتهاد ، ولا حرج على أحد في الأخذ بأحد هذين القولين حسب ما يظهر له من الأدلة .
ولعل أرجح القولين أن اختلاف المطالع معتبر ، وقد سبق بيان طرف من أدلة هذا القول في جواب السؤال رقم (50487) .
ومما يدل على ذلك : ما رواه مسلم (1819) عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ : فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا , وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ ، فَرَأَيْتُ الْهِلالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلالَ ، فَقَالَ : مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلالَ ؟ فَقُلْتُ : رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : أَنْتَ رَأَيْتَهُ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، وَرَآهُ النَّاسُ ، وَصَامُوا ، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ ، فَقَالَ : لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْت ، ِ فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ أَوْ نَرَاهُ ، فَقُلْتُ : أَوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ ؟ فَقَالَ : لا ، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فهذا يدل على أنه مع تباعد البلاد فلكل بلد رؤيته ، وأنه لا يلزم الجميع الصوم برؤية إحدى البلدان له .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ابتلاع بقايا الطعام في فمه أثناء النهار
سؤال:
عندما يستيقظ الشخص في الصباح وهو صائم وكانت في فمه بقايا من سحوره فما الحكم إذا ابتلعه ؟.
الجواب:
الحمد لله
لاشك أن الأكل من مفسدات الصيام ، قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187.
ومعلوم عند المسلمين أن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، وسائر المفطرات . "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (25/219) .
والأكل هو إيصال جامد إلى المعدة عن طريق الفم .
انظر : "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/389) .
ولا يشترط في هذا الأكل أن يكون نافعاً أو كثيراً ، بل لو ابتلع شيئا لا ينتفع به ( خرزة مثلا ) أو ابتلع شيئا قليلا ، فإنه يكون قد أفطر وأفسد صيامه .
وابتلاع بقايا الطعام التي تكون بين الأسنان يعتبر أكلا فيكون مفسدا للصيام
وهذا إذا ابتلعها الصائم مختاراً .
بحيث تمكن من إخراجها ولكنه ابتلعها عمدا ، أما إذا سبقت إلى حلقه وابتلعها ولم يتمكن من إخراجها فلا حرج عليه وصيامه صحيح ، لأنه يشترط في جميع مفسدات الصيام أن يفعلها الصائم مختاراً ، فإن فعلها مكرهاً بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22981) .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/260) :
" ومن أصبح بين أسنانه طعام ; لم يخل من حالين :
أحدهما : أن يكون يسيرا لا يمكنه لفظه , فازدرده (أي ابتلعه) , فإنه لا يفطر به ; لأنه لا يمكن التحرز منه , فأشبه الريق , قال ابن المنذر : أجمع على ذلك أهل العلم .
الثاني : أن يكون كثيرا يمكن لفظه , فإن لفظه فلا شيء عليه , وإن ازدرده عامدا , فسد صومه في قول أكثر أهل العلم ، لأنه بلع طعاما يمكنه لفظه باختياره , ذاكرا لصومه , فأفطر به , كما لو ابتدأ الأكل " انتهى بتصرف يسير .
وخلاصة الجواب :
أنه إذا تمكن من إخراجها ولكنه لم يفعل وابتلعها فقد أفسد صيامه ، وإذا ابتلعها بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
المراسلة بين الجنسين وأثرها على الصيام
سؤال:
ما حكم إذا أنا راسلت صديقتي على النت في رمضان طالما في حدود الاحترام وهي تفتح الكاميرا وأنا أراها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية : حفظ النسل والأعراض ؛ من أجل ذلك حرّم الله الزنا ، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه ، من خلوة رجل بامرأة أجنبية منه ، ونظرة آثمة ، وسفر بلا محرم ، وخروج المرأة من بيتها معطرة متبرجة كاسية عارية .
ومن ذلك : حديث الرجل الخادع مع المرأة ، وخضوعها له بالقول إغراء له وتغريراً به ، وإثارة لشهوته ، وليقع في حبالها ، سواء كان ذلك عند لقاء في طريق ، أو في محادثة هاتفية ، أو مراسلة كتابية ، أو غير ذلك .
وقد حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات - أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ، وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً ، قال الله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32 . راجع سؤال رقم (10221) .
والمحادثات والمراسلات بين الرجل والمرأة ، عن طريق النت هي باب من أبواب الفتنة والشر ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ، ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك . راجع سؤال رقم (34841) .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
" لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به . وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى .
"فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 96) .
ثانياً :
الصائم مأمور بتقوى الله تعالى ، وفعل ما أمر ، واجتناب ما نهى عنه .
فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، وإنما المقصود تحقيق تقوى الله تعالى ( لعلكم تتقون ) ، وتهذيب النفس ، والتخلي عن رذائل الأعمال ، وسفاسف الأخلاق ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ) رواه الحاكم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم )50063) بيان أثر المعاصي على الصوم وأنها قد تذهب ثوابه بالكلية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مريض يتناول ستة أقراص دواء يوميّاً فهل له الفطر ؟
سؤال:
أنا مصاب بمرض في العمود الفقري ، وأتناول من العلاجات 6 حبات دواء ، فهل يجوز لي أن أفطر وأقضي لاحقا ؟.
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يعافيك ، ويرزقك الصبر والاحتساب لتنال الأجر كاملاً موفوراً ، وقد خفف الله تعالى عن المريض فأباح له الفطر في رمضان على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد زوال المرض , قال الله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/184 .
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
" أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة , والأصل فيه قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) " انتهى .
" المغني " ( 3 / 88 ) .
والمرض المبيح للفطر هو الذي يضر معه الصوم أو يؤخر شفاءه منه ، وتناول الدواء ليس عذراً إلا إذا كان لا يمكنه تناوله إلا في نهار صومه ، فإن أمكن المريض تناول الدواء وقت السحور وبعد المغرب وكان الصوم غير مضرٍّ له : لم يجز له الفطر , فإن احتاج إلى تناول الدواء نهاراً فلا حرج عليه أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها .
قال النووي رحمه الله :
" قال أصحابنا : شرط إباحة الفطر : أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها , وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة : لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا " انتهى .
" المجموع " ( 6 / 257 ) .
وقال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
" والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه .
قيل لأحمد : متى يفطر المريض ؟ قال : إذا لم يستطع ، قيل : مثل الحمى ؟ قال : وأي مرض أشد من الحمى " انتهى .
" المغني " ( 3 / 88 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" المشروع للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصوم يضرّه أو يشقّ عليه ، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب ، لقول الله سبحانه : ( وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته ) ، وفي رواية أخرى : ( كما يحبّ أن تؤتى عزائمه ) انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 139 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" إذا شرب المريض الدواء في رمضان بعد طلوع الفجر فإن صيامه هذا غير صحيح ؛ لأنه تعمد الإفطار ويلزمه الإمساك بقية اليوم ، إلا إذا شق عليه الإمساك من أجل المرض فله أن يفطر من أجل المرض ، ويلزمه القضاء ؛ لأنه تعمد الفطر .
ولا يحل للمريض أن يتناول دواء وهو صائم في رمضان إلا عند الضرورة ، مثل أن نخاف عليه من الموت فنعطيه حبوباً تخفف عنه ، فإنه في هذا الحال يكون مفطراً ولا حرج عليه في الفطر مع المرض " انتهى .
" فتاوى ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 76 ) .
فإن كان مرضك مستمراً مزمناً بحيث لا تستطيع معه القضاء فلا يجب عليك الصيام ولا القضاء , وإنما الواجب عليك أن تطعم مسكينا ، وجبة غداء أو عشاء عن كل يومٍ تفطره من رمضان .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هناك رجل مريض بمرض القلب ، ولا يعمل عنده إلا جزء بسيط يحتاج إلى الدواء باستمرار ، يعني تقريباً كل ثمان ساعات أو ست ساعات فهل يسقط عنه الصوم ؟
فأجاب :
" نعم ، يسقط عنه الصوم ، ويطعم عن كل يوم مسكيناً ، إن شاء أعطى المساكين كل مسكين ربع صاع من الأرز ، وإن جعل معه لحماً فهو أحسن ، وإن شاء عشَّاهم في آخر ليلة من رمضان ، أو غداهم في يوم آخر في الفطر ، كل ذلك جائز " انتهى .
" فتاوى ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 87 ) .
وينظر في أحوال المرض : جواب السؤال رقم ( 38532 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل له أن يفطر تبعا للسعودية ، وأهل بلده صائمون
سؤال:
عندنا في بلدنا أكملنا رمضان ثلاثين يوما ، أما السعودية فصاموا تسعة وعشرين يوما وفوجئت بصديق لي في يوم الثلاثين أنه أفطر وقال لي : إنه يحرم صيام هذا اليوم لأن الهلال قد ظهر بالمملكة .
السؤال : ما حكم ما فعله صاحبي ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان المسلم موجوداً في بلد يعتبر الرؤية الشرعية لإثبات دخول الشهر وخروجه ، فإنه مأمور بموافقتهم في الصيام والإفطار ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12660).
أما إذا كان المسلم في بلد كافر ، أو في بلد يتلاعبون بدخول الشهر وخروجه حسب أهوائهم ، غير مراعين في ذلك الرؤية الشرعية ، فلا حرج عليه في اتباع من يثق في رؤيتهم وتمسكهم بالأحكام الشرعية .
وانظر جواب السؤال رقم )50522) ففيه بيان ذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يرهقها الصيام جدّاً فهل تفطر ؟
سؤال:
أعاني من شدة العطش في نهار رمضان لدرجة القيء والدوخة والضعف العام بالجسم ، وهذا ما يجعلني أشرب الماء فقط ، وقلبي يتقطع لعملي هذا ، علما أنني أحافظ على صلواتي وأذكاري وقراءتي للقرآن .
الجواب:
الحمد لله
شرع الله تعالى الصيام تشريعاً سهلاً ميسراً ، ولذلك قال الله تعالى أثناء آيات الصيام : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) .
وقد أباح الله تعالى للمريض أن يفطر في رمضان .
والمرض الذي يبيح للصائم ذلك هو المرض الموجود بالفعل مما يُخشى زيادته أو تأخر شفائه ، أو المرض المتوقع حدوثه بسبب الصيام . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12488) .
وعلى هذا ، إذا كان الصيام يؤدي بالسائلة إلى القيء والدوخة بسبب ضعف جسمها فلا حرج عليها من الفطر في رمضان ، وعليها القضاء ، إن كانت تستطيع ذلك ، فإن لم تكن تستطيع القضاء فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :
ما حكم من أفسد صومه الواجب بسبب العطش ؟
فأجاب :
" حكمه أنه يحرم على من كان في صوم واجب سواء من رمضان أو قضائه ، أو كفارة ، أو فدية يحرم عليه أن يفسد هذا الصوم ، لكن إن بلغ به العطش إلى حد يخشى عليه من الضرر ، أو من التلف فإنه يجوز له الفطر ولا حرج عليه ، حتى ولو كان ذلك في رمضان إذا وصل إلى حد يخشى على نفسه الضرر ، أو الهلاك : فإنه يجوز له أن يفطر " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 149 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
من هو المسكين الذي يُعطى فدية الصيام ؟ وكم وماذا يُعطى ؟
سؤال:
يقول الله تعالى : ( ففدية طعام مسكين ) هل يشترط في هذا المسكين البلوغ والتكليف ؟ وهل لو أراد الإنسان أن يطعم ثلاثين مسكينا هل يدخل أبناء المسكين ومن يعول في العدد ؟ وهل يجزئ بدل الطعام مال ؟ وكيف يقدر هذا الإطعام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لأحدٍ يقدر على الصيام في رمضان وليس عنده عذر شرعي أن يفطر ، وليس كل من أفطر برخصة من الشرع يطعم مقابل كل يوم مسكينا ، وإنما الإطعام للشيخ الكبير والمريض مرضاً مزمناً لا يُرجى شفاؤه .
قال الله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184 .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ( هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ) رواه البخاري ( 4505 ) .
والمريض الذي لا يرجى شفاؤه حكمه حكم الشيخ الكبير .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ : يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ " انتهى .
" المغني " ( 4 / 396 ) .
ثانياً :
ولا يشترط في هذا المسكين أن يكون بالغاً ، بل يُعطى الصغير الذي يأكل الطعام باتفاق الأئمة ، وإنما اختلفوا في إعطائها للرضيع ، فذهب إلى جوازه جمهور العلماء ( منهم أبو حنيفة والشافعي وأحمد ) لأنه مسكين فيدخل في عموم الآية ، وظاهر كلام الإمام مالك رحمه الله أنها لا تعطى للرضيع ، فإنه قال : يجوز الدفع إلى الفطيم ، واختاره الموفق ابن قدامة رحمه الله .
انظر : "المغني" (13/508) ، و"الإنصاف" (23/342) , و "الموسوعة الفقهية" (35/101– 103) .
ثالثاً :
وأبناء المسكين وزوجته وأهله الذين يجب عليه أن ينفق عليهم يدخلون في هذا العدد ، إذا كانوا لا يجدون كفايتهم ، ولا أحد ينفق عليهم غير هذا المسكين .
ولهذا يعطى المسكين من زكاة المال ما يكفيه ويكفي أهله .
قال في "الروض المربع" (3/311) :
" فيعطى الصنفان – أي : الفقراء والمساكين - تمام كفايتهما وعائلتهما منه " انتهى .
رابعاً :
وأما الذي يُطعم ومقداره : فيدفع إلى المسكين نصف صاع ( كيلو ونصف تقريباً ) من قوت البلد ، سواء كان أرزاً أم تمراً أم غير ذلك ، وإذا أعطي معه إداماً أو لحماً فهو أحسن .
فقد روى البخاري - معلقاً بصيغة الجزم عن أنس رضي الله عنه أنه كان بعد ما كبر وعجز عن الصوم يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا خبزا ولحما .
ولا يجوز أن يدفع قيمة الطعام مالاً .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" والإطعام لا يكون بالنقود كما ذكرت ، وإنما يكون الإطعام بدفع الطعام الذي هو قوت البلد ؛ بأن تدفع عن كل يوم نصف الصاع من قوت البلد المعتاد ، ونصف الصاع يبلغ الكيلو والنصف تقريباً.
فعليك أن تدفع طعاماً من قوت البلد بهذا المقدار الذي ذكرنا عن كل يوم ، ولا تدفع النقود ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) البقرة/184 ؛ نص على الطعام " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (3/140) .
وانظر جواب السؤال رقم )39234) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يبطل صومه بانكشاف عورته ورؤية أحدهم لها ؟
سؤال:
إذا رآني أحد أصدقائي عاريا أو انكشفت عورتي أمامه أثناء الصيام فهل يبطل ذلك صيامي ؟.
الجواب:
الحمد لله
إظهار العورة أمام من لا يحل له النظر إليها حرام ، ولا يحل لأحدٍ فعله لا في رمضان ولا في غيره ، فيحرم كشفها ويحرم النظر إليها .
فعن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟ قَالَ : ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) ، فَقَالَ : الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : ( إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ ) ، قُلْتُ : وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا ؟ قَالَ : ( فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ ) رواه الترمذى (2794) وحسَّنه ، وابن ماجه ( 1920 ) , وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ، وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ ) رواه مسلم ( 338 ) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل , والمرأة إلى عورة المرأة , وهذا لا خلاف فيه " انتهى .
" شرح مسلم " ( 4 / 30 ) .
وأما إن كانت المسألة ظهور العورة عن غير قصد فليس عليك إثم ، ويجب على الآخر أن يغض بصره عنها .
وليس الصوم بفاسد على كلا الحالتين – العمد والخطأ - ، وقد سبق في جواب السؤال رقم )38023) بيان مفسدات الصيام ، فلتنظر هناك .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (37658) بيان أثر المعاصي على الصيام ، وأنها تنقص ثوابه ، وقد تذهبه بالكلية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مقدار الفدية التي في آية الصيام
سؤال:
ما مقدار الفدية التي ذكرت في آية الصيام ؟. الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من أدركه رمضان وهو لا يستطيع الصيام لكونه شيخاً كبيراً ، أو مريضاً لا يُرجى له الشفاء فإنه لا يجب عليه الصيام لعدم استطاعته ، فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/183-184.
وروى البخاري (4505) عن ابْن عَبَّاسٍ قال : ( لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/396) :
"الشَّيْخُ الْكَبِيرَ وَالْعَجُوزَ إذَا كَانَ يُجْهِدُهُمَا الصَّوْمُ , وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً , فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا . . . فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الإِطْعَامِ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ , وَ ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا ) . . . وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ اهـ باختصار .
وفي الموسوعة الفقهية (5/117) :
"اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يُصَارُ إلَى الْفِدْيَةِ فِي الصِّيَامِ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ إمْكَانِ قَضَاءِ الأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا لِشَيْخُوخَةٍ لا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الصِّيَامِ , أَوْ مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , لقوله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) وَالْمُرَادُ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام ) ص111) :
"لا بد أن نعرف أن المريض ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول: مريض يرجى برؤه مثل ذوي الأمراض الطارئة التي يرجى أن يشفى منها، فهذا حكمه كما قال الله تعالى : (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . ليس عليه إلا أن ينتظر البرء ثم يصوم، فإذا قدر أنه استمر به المرض في هذه الحال، ومات قبل أن يشفى فإنه ليس عليه شيء؛ لأن الله إنما أوجب عليه القضاء في أيام أخر وقد مات قبل إدراكها، فهو كالذي يموت في شعبان قبل أن يدخل رمضان لا يقضى عنه.
القسم الثاني : أن يكون المرض ملازماً للإنسان مثل مرض السرطان ـ والعياذ بالله ـ ومرض الكلى، ومرض السكر وما أشبهها من الأمراض الملازمة التي لا يرجى انفكاك المريض منها، فهذه يفطر صاحبها في رمضان، ويلزمه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كالكبير والكبيرة اللذين لا يطيقان الصيام يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: (وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)" اهـ .
ثانياً :
أما صفة الإطعام فيخير بين أن يعطي كل مسكين نصف صاع من الطعام كالأرز ونحوه (أي كيلو جرام ونصف تقريباً) ، أو يصنع طعاماً ويدعو إليه المساكين .
قال البخاري : وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز عن امرأة كبيرة في السن ولا تطيق الصوم فماذا تفعل ؟
فأجاب :
عليها أن تطعم مسكيناً عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما ، ومقداره بالوزن كيلو ونصف على سبيل التقريب . كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وعنهم ، فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام فلا شيء عليها ، وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في أول الشهر أو وسطه أو آخره ، وبالله التوفيق" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/203) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص111) :
"فيجب على المريض المستمر مرضه، وعلى الكبير من ذكر وأنثى إذا عجزوا عن الصوم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً، سواء إطعاماً بتمليك بأن يدفع إلى الفقراء هذا الإطعام، أو كان الإطعام بالدعوة يدعو مساكين بعدد أيام الشهر فيعشيهم كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعل حين كبر صار يجمع ثلاثين مسكيناً فيعشيهم فيكون ذلك بدلاً عن صوم الشهر" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/164) : عن الإطعام للعاجز في رمضان كالشيخ العاجز والمرأة العاجزة من كبر، والمريض الذي لا يشفى .
فأجابت :
"من عجز عن صوم رمضان لكبر سن كالشيخ الكبير والمرأة العجوز أو شق عليه الصوم مشقة شديدة رخص له في الفطر، ووجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، نصف صاع من بر (قمح) أو تمر أو أرز أو نحو ذلك مما يطعمه أهله، وكذا المريض الذي عجز عن الصوم أو شق عليه مشقة شديدة ولا يرجى برؤه لقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 . وقوله : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 . وقوله : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184" اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أنواع أدوية الربو وحكم تناولها في نهار رمضان
سؤال:
تكثر أنواع الأدوية لمرض الربو فمنها البخاخ المعروف ، وهناك أدوية على شكل كبسولة توضع داخل علبة مخصصة للشفط عن طريق الفم حيث تطحن داخل العلبة ويتم شفطها ، وهناك جهاز يوضع به دواء سائل مع الجهاز يوضع الأنبوب مع كمامة على الوجه ثم يشغل هذا الجهاز فيخرج هذا السائل مذابا بمحلول مائي على هيئة غاز ، هل هذه تعتبر من المفطرات ؟.
الجواب:
الحمد لله
أدوية مرض " الربو " كثيرة ، ومنها ما يفطِّر ومنها ما لا يفطِّر ، ومن أشهر هذه الأدوية والعلاجات : البخاخ ، والأكسجين ، والتبخير ، والكبسولات .
أما البخاخ فهو غاز مضغوط يستعمله المريض ويصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لتوسيع الرئتين ، وهو ليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما ، وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة بعدم الفطر باستعمال هذا الدواء ، وهو ما يفتي به الشيخ ابن عثيمين وعامة علمائنا .
وانظر جواب السؤال رقم ( 37650 ) لتقف على فتاواهم .
وأما الأكسجين فهو أيضا ليس أكلاً ولا شرباً ، وعليه : فيمكن استعماله أثناء الصيام دون أي حرج .
وأما التبخير : فيكون استعماله عن طريق جهاز يقوم بتحويل الدواء - وعادة ما يكون الدواء محلولاً في ملح الصوديوم – السائل إلى بخار ورذاذ ناعم ، ويوضع الدواء في وعاء صغير خاص بالجهاز ، وعند تشغيل الجهاز يتم ضخ هواء بسرعة عالية مما يسبب تبخير هذا الدواء ، وبالتالي يتم استنشاقه من قبَل المريض إما عن طريق كمَّام يوضع على الفم ، أو أنبوب صغير يمكن وضعه داخل الفم .
ووصول قطرات الماء والملح إلى الجوف عن طريق هذا الجهاز أمر شبه حتمي ، ولا يستطيع المريض تفادي حدوثه ، وعليه : فإذا استعمل هذه الطريقة فليفطر وليقض يوماً آخر مكانه .
وأما الكبسولات : فهي عبارة عن كبسولات يكون فيها الدواء على شكل بودرة جافة ، ويتم إدخال هذه الكبسولات إلى جهاز خاص فيه أداة لثقب هذه الكبسولات لتحرير جرعة الدواء ويتم شفطها من الجهاز بواسطة الفم .
واستعمال هذه الكبسولات مفسد للصيام ، لأن جزءاً من هذه البودرة يختلط بالريق وينزل إلى المعدة .
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
بعض الناس مصاب بالربو ويحتاج إلى استعمال البخاخة أثناء صيامه ، فما حكم ذلك ؟ .
فأجاب :
" اختناق النفس المعروف بالربو يصيب بعض الناس ، نسأل الله لنا ولهم العافية ، فيستعمل دوائين ، دواء يسمى ( كبسولات ) يستعملها فهذه تفطر ؛ لأنه دواء ذو جرم يدخل إلى المعدة ، ولا يستعمله الصائم في رمضان إلا في حالة الضرورة ، وإذا استعمله في حال الضرورة فإنه يكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ، ويقضي يوماً بدله ، وإذا قدر أن هذا المرض مستمر دائماً معه فإنه يكون كالشيخ الكبير ، عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ، ولا يجب عليه الصوم .
والنوع الثاني : من دواء الربو غاز ليس فيه إلا هواء يفتح مسام الشرايين حتى يتنفس بسهولة : فهذا لا يفطر ولا يفسد الصوم ، وللصائم أن يستعمله ، وصومه صحيح " انتهى .
( 19 / السؤال رقم 159 ) .
وسئل الشيخ رحمه الله :
شخص به مرض الربو ولا يستطيع قراءة القرآن إلا باستعمال الأكسجين ، فهل يستعمله في نهار رمضان ؟
فأجاب :
" إذا كان استعماله للأكسجين ليس بضروري : فالأحسن أن لا يستعمله ، والصائم لا يلزمه أن يقرأ القرآن حتى نقول : إنه يستعمله ليقرأ القرآن ، لكن بعض المصابين بهذا المرض يقول : إنني لا أستطيع أن أدع استعماله ، وإذا لم أستعمله أخشى على نفسي ويختنق نفسي ، فنقول : لا بأس أن تستعمل هذا الأكسجين ؛ لأنه حسبما بلغنا لا يصل إلى المعدة ، وإنما يصل إلى أفواه العروق التي تتفتح ليسهل النفس ، وإذا كان كذلك فلا حرج فيه .
لكنَّ هناك نوعاً من الحبوب يعطى لأصحاب الربو ، وهي عبارة عن كبسولة فيها دقيق ... ، فهذا لا يجوز استعماله في الصيام الواجب ؛ لأنه إذا اختلط بالريق وصل إلى المعدة ، وحينئذ يكون مفطراً فإذا كان الإنسان مضطراً إلى استعماله فإنه يفطر ويقضي بعد ذلك ، فإن كان مضطراً إليه في جميع الوقت فإنه يفطر ويفدي فيطعم عن كل يوم مسكيناً ، والله أعلم " انتهى باختصار .
( 19 / السؤال رقم 163 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يصوم عن شخص مريض في ليل رمضان ؟!
سؤال:
إذا كان أحد أفراد أسرتي مريضًا فهل يصح الصوم عني وعنه لمدة 24 ساعة ( دون أكل سحور ) ؟. الجواب:
الحمد لله
أولاً :
المريض الذي لا يستطيع الصوم له حالتان : إما أن يكون مرضه عارضاً طارئاً : فهذا يفطر وعليه القضاء بعد شفائه وقدرته على الصيام ، وإما أن يكون مرضه مزمناً : فهذا يُفطر ويُطعم عن كل يومٍ مسكيناً .
وانظر جواب السؤال رقم ( 37761 ) .
ثانياً :
الصوم إنما يكون في النهار ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، أما الليل فليس وقتاً للصيام ، قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 ، ففي هذه الآية الكريمة بيان وقت الصوم – وهو النهار – ووقت الفطر – وهو الليل - ، فلا يصح – بحال – جعل ليل رمضان مكاناً للصوم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوصال في الصوم . رواه البخاري (1962) ومسلم (1102) .
والوصال : أن لا يفطر بالليل ، بل يستمر صائماً ليلا ونهارا .
وقال الإمام البخاري رحمه الله : " بَاب الْوِصَالِ وَمَنْ قَالَ لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ " .
ثالثاً :
الأصل في العبادات البدنية أن يُؤدّيها المسلم عن نفسه ، ولا تدخلها النيابة ، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلي عن أحدٍ ولا أن يصوم عنه بإجماع العلماء ، وإنما تدخل النيابة في الحج والعمرة لمن يعجز عنه في حياته كما جاء في النصوص الصحيحة الصريحة .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" أما الصلاة فإجماع من العلماء أنه لا يُصلِّي أحدٌ عن أحدٍ فَرْضاً عليه من الصلاة ، ولا سُنة ، ولا تطوعا لا عن حي ولا عن ميت ، وكذلك الصيام عن الحي لا يجزئ صوم أحدٌ في حياته عن أحد ، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه .
وأما من مات وعليه صيام فهذا موضع اختلف فيه العلماء قديماً وحديثاً " انتهى .
" الاستذكار " ( 3 / 340 ) .
والخلاصة :
أن الصوم يكون بالنهار لا بالليل ، وصوم الليل لا يصح .
ولا يصح لأحد أن يصوم عن شخص مريض ، وهذا المريض إن كان يرجو الشفاء من مرضه فلعيه القضاء بعد حصول الشفاء ، وإن كان لا يرجو حصول الشفاء فعليه أن يطعم مكان كل يوم مسكيناً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تفوته أوقات الصلوات في رمضان بسبب النوم فماذا عليه ؟
سؤال:
في موسم الصيام أشعر بتعب بحيث إنني إذا نمت يفوتني فرضان أو أكثر وأشعر بالذنب , وسؤالي هو : إذا نمت عن صلاة الظهر والعصر حتى أتى وقت المغرب وأخاف خروج وقت المغرب فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
تضييع الصلوات عن وقتها أمر عظيم ، وقد توعدَّ الله تعالى على ذلك بوعيد شديد فقال : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 .
ومعنى ( غَيّاً ) :
قال ابن عباس رضي الله عنهما : خسرانا ، وقال قتادة : شرّاً ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : واد في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم .
انظر " تفسير ابن كثير " ( 3 / 172 ) .
وقيل لابن مسعود رضي الله عنه : إن الله تعالى يكثر من ذكر الصلاة في القرآن : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) ، و ( الذين هم على صلاتهم يحافظون ) ، و ( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) ؛ قال : ذلك – أي : ذلك الوعيد - على مواقيتها ؛ قالوا : ما كنا نرى يا أبا عبد الرحمن إلا على تركها ؟ قال : تركها كفر .
" تعظيم قدر الصلاة " للمروزي ( 2 / 5 ) وقال محققه سنده حسن .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النوم عن الصلاة المكتوبة ضمن الأسباب التي يعذب بها الإنسان في قبره ، وانظر جواب السؤال رقم (46068) لتقف على هول هذا العذاب وشدته ، نسأل الله تعالى العافية .
وإليك هذه الموعظة من هذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، يتكلم في كلمات معدودات عن حكم صلاة الجماعة ، وحال تاركها ، وأجر الذاهب إليها ، وحال من علت همته وهو معذور ليذهب للجماعة وليقام في الصف .
قَالَ : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى ، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، ثم قال : وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً ، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ) رواه مسلم ( 654 ) .
ولا يليق بالمسلم أن لا يعرف الصيام إلا في شهر رمضان ، فإن في العام أياماً فاضلة استحب فيها الصيام كيوم عرفة ، وعاشوراء ، وفي كل أسبوع يستحب صيام الاثنين والخميس ، وفي كل شهر يستحب صيام ثلاثة أيام منه ، فلو أنك عوَّدت نفسك على الصيام طيلة العام لم تره حملاً ثقيلاً يجعلك تنام النهار كلَّه وتضيع الصلوات .
ويجب عليك أن تأخذ بالأسباب التي توقظك للصلاة ، ولا يجوز لك تعمد ترك الصلاة بعذر النوم وأنت تستطيع الاستيقاظ في أوقات الصلوات .
وينبغي أن تنظر في سبب تعبك في الصيام ، فإن كان تعبك بسبب العمل : فعليك أن توازن بين العمل والصيام ، وإذا لم تكن مضطرا للعمل ، ولم تستطع القيام بالصيام والصلاة وسائر العبادات مع العمل ، فإنك تأخذ إجازة من العمل خلال شهر الصيام . وانظر جواب السؤال رقم (65803) , (43772) ، وإن كان بسبب السهر : فيحرم عليك هذا السهر الذي يسبب لك ترك الصلوات حتى يخرج وقتها .
ويجب عليك أن توصي من حولك من أهلك وزوجتك وأولادك بأن يوقظوك للصلاة ، ويجب عليهم أن يعينوك على طاعة الله تعالى وأداء الصلوات في أوقاتها .
وإن كنتَ أخذت بالأسباب ولم تستيقظ لتعب شديد أو مرض فخرج وقتان للصلاة فإنك تقضي ما فاتك من الصلاة بترتيبها المعهود فتصلي الظهر ثم العصر..... وهكذا إلا أن تخشى خروج وقت الثانية فإنك تبدأ بها ، فلو استيقظت قبل غروب الشمس ولم تكن صليت الظهر والعصر ، وضاق وقت العصر حتى كادت الشمس تغيب فابدأ بالعصر ، ثم صلِّ الظهر بعدها ، فالمغرب .
ونسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته وحسن عبادته ، وأن يعلي همتك في الخير .
ونرجو منك النظر في جواب السؤالين ( 38158 ) و ( 47123 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
مهنته غطاس فكيف يصوم وقد يدخل في حلقه الماء ؟
سؤال:
أعمل غطاساً يوميّاً في البحر ، بعض الأحيان يدخل رذاذ من ماء البحر في الفم يصل إلى الحلق ، ولكن لا يدخل إلى الجوف ، هل هذا يبطل الصيام ؟ وهل في حالة عدم مقدرتي على الصيام بسبب الجهد ماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال رقم (39232) أنه لا بأس أن يغوص الصائم في الماء ، وعليه أن يحرص أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع .
ثانياً :
صوم رمضان ركن من أركان الإسلام ، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون بصيامه أو يضيعه بمجرد حصول مشقة بسبب العمل ، بل الواجب عليه أن يحاول الجمع بين الصيام والعمل إن أمكن ، فإن لم يمكن ولم يكن مضطراً للعمل ، فإنه يقدم الصيام ، فيأخذ إجازة من العمل إن أمكن ، فإن لم يمكن وكان مضطرا للعمل ، فإنه ينوي الصيام من الليل ويصبح صائما ، فإن شق عليه مشقة شديدة جاز له أن يفطر للضرورة ، وعليه قضاء هذا اليوم ، فإن لم يشق عليه وتمكن من إتمام الصيام وجب عليه ذلك .
وانظر جواب السؤال رقم (43772) .
وانظر "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/234) .
ثالثاً :
إذا سبح الصائم في الماء ووصل الماء إلى حلقه بغير اختياره ، فإنه لا يفطر ، لعدم القصد ، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله .
وانظر : "المغني" (3/358) ، "الإنصاف" (7/434) ، "الشرح الممتع" (6/393) .
رابعاً :
قول السائل : " أن الماء يصل إلى حلقه ولكنه لا يدخل إلى الجوف "
لعل قصده بالجوف : المعدة .
وقد اختلف العلماء في مفسدات الصيام : هل العبرة بوصول الطعام أو الشراب إلى الحلق أم إلى المعدة ؟
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/393) : " ذكر المؤلف رحمه الله ست مسائل علق الحكم فيها بوصول الماء إلى حلق الصائم ، فجعل مناط الحكم وصول الماء إلى الحلق لا إلى المعدة ، وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أن مناط الحكم وصول المفطر إلى المعدة ، ولا شك أن هذا هو المقصود إذ لم يرد في الكتاب والسنة أن مناط الحكم هو الوصول إلى الحلق ، لكن الفقهاء رحمهم الله قالوا : إن وصوله إلى الحلق مظنة وصوله إلى المعدة ، أو إن مناط الحكم وصول المفطر إلى شيء مجوف والحلق مجوف " انتهى .
والخلاصة :
لا حرج في السباحة والغوص في الماء مع الصيام ، وإذا وصل شيء من الماء إلى الحلق أو إلى المعدة من غير اختيارك فإنك لا تفطر بذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود المذكورين في آية الصيام
سؤال:
ما معنى قول الله تعالى : (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187.
ومعنى ذلك أن الله تعالى أباح للصائم الأكل والشرب ليلاً حتى يتبين له (أي يتيقن) طلوع الفجر .
والمراد من الخيط الأبيض النهار ، والخيط الأسود الليل .
قال الحافظ : وَمَعْنَى الآيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ , وَهَذَا الْبَيَانُ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ .
وَقَوْلُهُ : ( مِنْ الْفَجْرِ ) بَيَانٌ لِلْخَيْطِ الأَبْيَضِ , وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ لأَنَّ بَيَانَ أَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلآخَرِ اهـ .
وقد فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم الآية على خلاف معناها ، ففهموا أن المراد منها الخيط الحقيقي ، فكان أحدهم يجعل تحت وسادته أو يربط في رجله خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويظل يأكل حتى يتبين له أحدهما من الآخر ، وسبب هذا الخطأ في فهم معنى الآية أن الله تعالى أنزل الآية أولاً بدون قوله : (مِنَ الْفَجْرِ ) ، ففهمها بعض الصحابة على المعنى المتبادر إلى الذهن من كلمة "الخيط" ثم أنزل الله تعالى بعد مدة (قال بعض العلماء إنها سنة) أنزل قوله : ( مِنَ الْفَجْرِ ) فعلموا أن المراد بالخيط الأبيض ضوء الفجر (النهار) وبالخيط الأسود الليل .
روى البخاري (1917) ومسلم (1091) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ
( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يَنْزِلْ (مِنْ الْفَجْرِ) فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ
حكم استنشاق رائحة الطعام تعمدا
سؤال:
ما حكم من يستنشق رائحة الطعام متعمدا وهو صائم ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج على الصائم في شم الروائح الطيبة ، من طعام وطيب وغير ذلك ، إلا أنه لا يستنشق البخور ، ولا الأبخرة المتصاعدة من الطعام ؛ لأن لها جرما (مادة) فقد تنفذ إلى المعدة .
جاء في "حاشية الدسوقي" (1/525) :
" متى وصل دخان البخور أو بخار القِدْر للحلق وجب القضاء . . . إذا وصل باستنشاق ، سواء كان المستنشق صانعه أو غيره , وأما لو وصل واحد منهما للحلق بغير اختياره فلا قضاء لا على الصانع ولا على غيره على المعتمد " انتهى باختصار .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل يجوز استعمال الطيب كدهن العود والكولونيا والبخور في نهار رمضان ؟
فأجاب :
" نعم ، يجوز استعماله بشرط ألا يستنشق البخور " انتهى . "فتاوى ابن باز" (15/267) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم استعمال الصائم للروائح العطرية في نهار رمضان ؟
فأجاب : " لا بأس أن يستعملها في نهار رمضان وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه ، لأن له جرما يصل إلى المعدة وهو الدخان " انتهى .
"فتاوى رمضان" (ص 499) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/271) :
" من تطيب بأي نوع من أنواع الطيب في نهار رمضان وهو صائم لم يفسد صومه ، لكنه لا يستنشق البخور والطيب المسحوق كسحوق المسك " انتهى .
والحاصل : أن مجرد شم الطعام لا بأس به في الصيام ، إلا أنه لا يستنشق الأبخرة المتصاعدة منه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم مس يد الفتاة في رمضان
سؤال:
ما حكم من مس يد فتاة أو قامت تلك الفتاة بضمه أو تقبيله في نهار رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يحرم على الرجل أن يمس يد امرأة أجنبية عنه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045) .
وإذا كان هذا في مجرد المس ، فإن الضم والتقبيل أعظم وأشد . وإذا حاولت المرأة فعل ذلك ، وجب على الرجل أن يمنعها ، وألا يمكنها من فعل الحرام معه .
وهذا حكم عام ، يشمل الصائم وغيره ، إلا أن الصائم يتأكد في حقه البعد عن جميع المحرمات والمغريات والمثيرات التي تنافي حكمة الصوم وأهدافه ، وقد قال الله تعالى في بيان الحكمة من فرض الصيام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
وقال عز وجل في الحديث القدسي : ( الصَّوْمُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي ) . رواه البخاري (7492) ومسلم (1151) .
فعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى تعالى ، ويعزم على عدم العود لذلك أبداً .
وأما صومه ففيه تفصيل :
إن خرج منه منيّ بسبب هذه الأعمال ، فسد صومه ، ووجب عليه قضاء هذا اليوم .
وإن لم يخرج منه مني فصومه صحيح .
ولكن ... ليس معنى صحة صومه أنه لا إثم عليه ، أو أن صومه كامل .
كلا ! بل كل المعاصي التي يفعلها العبد تنقص من ثواب صيامه ، وقد تذهب بثواب كله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) رواه البخاري (6057) .
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ ) رواه ابن ماجه (1690) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وانظر السؤال )50063) .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا ، ويعيذنا من مضلات الفتن .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
استعمال العدسات اللاصقة بعد وضعها في محلول التنظيف لا يؤثر على الصيام
سؤال:
هل يجوز استخدام العدسات اللاصقة أثناء الصيام ؟ لأنها وكما تعلمون توضع في محلول خاص لتنظيفها ؟ أرجو الإجابة بالتفصيل .
الجواب:
الحمد لله
يجوز استعمال العدسات اللاصقة أثناء الصيام ، ولا يضر كونها توضع أولا في محلول التنظيف ؛ إذ غاية الأمر أن يتسرب شيء من المحلول إلى العين ، فيكون بمثابة قطرة العين ، وهي لا تفسد الصوم ، على الصحيح من قولي أهل العلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا بأس للصائم أن يكتحل ، وأن يقطر في عينه ، وأن يقطر في أذنيه ، حتى وإن وجد طعمه في حلقه ، فإنه لا يفطر بهذا ؛ لأنه ليس بأكل ولا شرب ، ولا بمعنى الأكل والشرب . والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب ، فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما . وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصواب " انتهى .
"فقه العبادات" (ص 191) .
وانظر السؤال )2299( ، )22199( ، )38023) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لماذا خص الصوم بقوله تعالى : (الصيام لي وأنا أجزي به)؟
سؤال:
لماذا خص الله جزاء الصوم به سبحانه وتعالى ؟ .
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري (1761) ومسلم (1946) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ . . . الحديث ) .
ولما كانت الأعمال كلها لله وهو الذي يجزي بها ، اختلف العلماء في قوله : ( الصيام لي وأنا أجزي به ) لماذا خص الصوم بذلك ؟
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله من كلام أهل العلم عشرة أوجه في بيان معنى الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل ، وأهم هذه الأوجه ما يلي :
1- أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، قال القرطبي : لما كانت الأعمال يدخلها الرياء ، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله فأضافه الله إلى نفسه ولهذا قال في الحديث : (يدع شهوته من أجلي) . وقال ابن الجوزي : جميع العبادات تظهر بفعلها وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوبٍ ( يعني قد يخالطه شيء من الرياء ) بخلاف الصوم .
2- أن المراد بقوله : ( وأنا أجزى به ) أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته . قال القرطبي : معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير . ويشهد لهذا رواية مسلم (1151) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ، وهذا كقوله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
3- أن معنى قوله : ( الصوم لي ) أي أنه أحب العبادات إلي والمقدم عندي . قال ابن عبد البر : كفى بقوله : ( الصوم لي ) فضلا للصيام على سائر العبادات . وروى النسائي (2220) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ ) . صححه الألباني في صحيح النسائي .
4- أن الإضافة إضافة تشريف وتعظيم ، كما يقال : بيت الله ، وإن كانت البيوت كلها لله . قال الزين بن المنير : التخصيص في موضع التعميم في مثل هذا السياق لا يفهم منه إلا التعظيم والتشريف .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وَهَذَا الحديثُ الجليلُ يدُلُّ على فضيلةِ الصومِ من وجوهٍ عديدةٍ :
الوجه الأول : أن الله اختصَّ لنفسه الصوم من بين سائرِ الأعمال ، وذلك لِشرفِهِ عنده ، ومحبَّتهِ له ، وظهور الإِخلاصِ له سبحانه فيه ، لأنه سِرُّ بَيْن العبدِ وربِّه لا يطَّلعُ عليه إلاّ الله . فإِن الصائمَ يكون في الموضِعِ الخالي من الناس مُتمكِّناً منْ تناوُلِ ما حرَّم الله عليه بالصيام ، فلا يتناولُهُ ؛ لأنه يعلم أن له ربّاً يطَّلع عليه في خلوتِه ، وقد حرَّم عَلَيْه ذلك ، فيترُكُه لله خوفاً من عقابه ، ورغبةً في ثوابه ، فمن أجل ذلك شكر اللهُ له هذا الإِخلاصَ ، واختصَّ صيامَه لنفْسِه من بين سَائِرِ أعمالِهِ ولهذا قال : ( يَدعُ شهوتَه وطعامَه من أجْلي ) . وتظهرُ فائدةُ هذا الاختصاص يوم القيامَةِ كما قال سَفيانُ بنُ عُييَنة رحمه الله : إِذَا كانَ يومُ القِيَامَةِ يُحاسِبُ الله عبدَهُ ويؤدي ما عَلَيْه مِن المظالمِ مِن سائِر عمله حَتَّى إِذَا لم يبقَ إلاَّ الصومُ يتحملُ اللهُ عنه ما بقي من المظالِم ويُدخله الجنَّةَ بالصوم .
الوجه الثاني : أن الله قال في الصوم : (وأَنَا أجْزي به) فأضافَ الجزاءَ إلى نفسه الكريمةِ ؛ لأنَّ الأعمالَ الصالحةَ يضاعفُ أجرها بالْعَدد ، الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سَبْعِمائة ضعفٍ إلى أضعاف كثيرةٍ ، أمَّا الصَّوم فإِنَّ اللهَ أضافَ الجزاءَ عليه إلى نفسه من غير اعتبَار عَددٍ ، وهُوَ سبحانه أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين ، والعطيَّةُ بقدر مُعْطيها . فيكُونُ أجرُ الصائمِ عظيماً كثيراً بِلاَ حساب . والصيامُ صبْرٌ على طاعةِ الله ، وصبرٌ عن مَحارِم الله ، وصَبْرٌ على أقْدَارِ الله المؤلمة مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ وضعفِ البَدَنِ والنَّفْسِ ، فَقَدِ اجْتمعتْ فيه أنْواعُ الصبر الثلاثةُ ، وَتحقَّقَ أن يكون الصائمُ من الصابِرِين . وقَدْ قَالَ الله تَعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10 . . . " انتهى .
"مجالس شهر رمضان" (ص 13) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يريد أن يبدأ الصيام من اليوم الرابع
سؤال:
هل يجوز أن أبدأ صومي في اليوم الرابع من رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
صوم رمضان واجب على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر على الصوم . ومن كان كذلك فإنه يحرم عليه الفطر بغير عذر ، لما في ذلك من المخالفة الصريحة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وانتهاك حرمة هذا الشهر العظيم .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 وقال : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 فيلزم الصوم إذا ثبت دخول شهر رمضان ، برؤية الهلال ، أو بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوما .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , وَإِقَامِ الصَّلاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ , وَالْحَجِّ , وَصَوْمِ رَمَضَان ) رواه البخاري (8) ومسلم (16) .
فإن كان سؤالك عن تأخير الصوم إلى اليوم الرابع بغير عذر ، فقد علمت أن هذا أمر محرم لا يجوز الإقدام عليه ، بل هو من كبائر الذنوب وانظر جواب السؤال رقم (38747) .
وإن كان تأخير الصوم لعذر ، كمرض أو سفر ، فلا حرج عليك في ذلك ، ويجب عليك الصوم بمجرد انتهاء عذرك سواء كان ذلك في اليوم الرابع أو غيره ، مع قضاء الأيام التي أفطرتها ؛ لما سبق من قوله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) .
أي : إذا أفطر المريض أو المسافر فالواجب عليه إذا انتهى رمضان أن يقضي عدد الأيام التي أفطرها .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز له الإفطار بسبب مشقة العمل ؟
سؤال:
نحن في بلد غربي أي : لا يهتم بالصيام والصائمين ، وزوجي يعمل لفترة سنة ليكمل سنته الأخيرة في مجال الصيدلة وهذا العمل هو المقرر الدراسي للسنة الأخيرة ، أي : سنة تطبيقية في ميدان العمل ، المشكلة التي تواجهنا هي أن العمل يبعد مسافة ساعة بالسيارة ، ومكان مكتظ بالمرضى ، وبدأ زوجي يشعر بالدوار والصداع أثناء العمل حيث بدأ يعطي الأدوية للمرضى بطريقة خطأ ، فهو الآن يفكر بالإفطار لهذا السبب ، علما أن مسافة الطريق من المنزل للعمل أقل من 48 ميلا كما ذكرتم في أحد الأجوبة ، لكن الطريق يأخذ ساعة ذهابا وساعة أخرى إيابا ، كما أن مدة العمل 12 ساعة متواصلة ، فهل يجوز له الإفطار على أن يقضي بعد الانتهاء من هذه السنة الأخيرة من دراسته .
الجواب:
الحمد لله
الصوم ركن من أركان الإسلام ثابت بالكتاب والسنة وإِجماع الأُمة ، ولا يجوز للمسلم أن يفطر بغير عذر شرعي من مرض أو سفر ، وقد يحصل للإنسان أثناء الصوم مشقة فعليه أن يصبر ويستعين بالله عز وجل ، فإذا عطش الإنسان في نهار رمضان فلا بأس أن يصب على رأسه الماء للتبرد وأن يتمضمض ، فإذا سبب له العطش ضرراً بالغاً أو خشي الهلاك من العطش جاز له الفطر ، وعليه القضاء فيما بعد .
لكن لا يجوز أن يكون العمل هو السبب في المشقة الحاصلة له إذا كان يمكنه أخذ إجازة من العمل في شهر رمضان أو كان يستطيع تخفيف أعباء عمله فيه ، أو تغييره إلى ما هو أسهل .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام ، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض الله عليه ، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا ، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه ، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً ، ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه ، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب ، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته ، فالعمل كثير ، وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة ، ولن يعدم المسلم وجهاً من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله ، ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً . ويرزقه من حيث لا يحتسب . ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ) الطلاق/2، 3 .
وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لا يتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة ، قال الله تعالى : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ) النساء/100 ، وقال تعالى : ( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر/ 10 .
فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 10 / 234 – 236 ) .
وسئلوا – أيضاً - : عن رجل يعمل في مخبز ويواجه عطشاً شديداً وإرهاقاً في العمل هل يجوز له الفطر ؟
فأجابوا :
" لا يجوز لذلك الرجل أن يفطر ، بل الواجب عليه الصيام ، وكونه يخبز في نهار رمضان ليس عذراً للفطر ، وعليه أن يعمل حسب استطاعته " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 10 / 238 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ما حكم من يقول متى يأتي وقت الفطور ؟
سؤال:
ما حكم الذي يقول متى يأتي وقت الفطور ؟.
الجواب:
الحمد لله
وقت الإفطار هو وقت انتهاء الصيام ، وهو وقت صلاة المغرب ، ولا حرج على من يسأل عن وقت الإفطار ليتنعم بما أباحه الله له من الطعام والشراب الجماع ، وليفرح بإتمام عبادته ، فعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ , وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) رواه البخاري ( 1805 ) ومسلم ( 1151 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال القرطبي : معناه فرح بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر ، وهذا الفرح طبيعي وهو السابق للفهم , وقيل : إن فرحه بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه , وخاتمة عبادته , وتخفيف من ربه , ومعونة على مستقبل صومه .
قلت : ولا مانع من الحمل على ما هو أعم مما ذكر , ففرح كل أحد بحسبه لاختلاف مقامات الناس في ذلك , فمنهم من يكون فرحه مباحاً وهو الطبيعي , ومنهم من يكون مستحبّاً وهو من يكون سببه شيء مما ذكره " انتهى .
" فتح الباري " ( 4 / 118 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
زميله في العمل يغتاب الناس فماذا يصنع معه ؟
سؤال:
لديَّ صديق يكثر من الكلام عن الناس في رمضان وغير رمضان ، وبطبيعة أننا معا بمكان عمل واحد بأنه لا يفارقني بتاتاً .
أرجو الرد على السؤال في حكم سماعي لكلامه .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
شرع الله تعالى الصيام في شهر رمضان ليحصِّل أهلُه التقوى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 ، فإذا لم يهذِّب هذا الشهرُ ذلك الموظف الآكل للحوم الناس فمتى سيتهذب ويتوب ويرعوي ؟!
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) رواه البخاري ( 1804 ) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( ليس الصيام من الشراب والطعام وحده ، ولكنه من الكذب والباطل واللغو ) .
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه : ( إذا صمتَ فليصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمأثم ، ودع أذى الخادم ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء ) .
وليحذر هؤلاء الذين يغتابون الناس ويأكلون لحومهم أن يضيع عليهم صيامهم , فلا يكون حظهم منه إلا الجوع والعطش .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ) رواه أحمد ( 8693 ) صححه ابن حبان ( 8 / 257 ) والألباني في " صحيح الترغيب " ( 1 / 262 ) .
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن فعل المعاصي يبطل الصوم .
قالت حفصة بنت سيرين رحمها الله : الصيام جُنَّة ، ما لم يخرقها صاحبها ، وخرقها الغيبة ! .
وعن إبراهيم النخعي رحمه الله قال : كانوا يقولون : الكذب يفطِّر الصائم !
وإلى هذا ذهب بعض السلف ، وهو أن المعاصي كلها تُفطِّر ، ومن ارتكب معصية في صومه فعليه القضاء ، وهو مذهب الإمام الأوزاعي ، واختاره ابن حزم الظاهري رحمهم الله .
وأما جمهور العلماء فرأوا أن فعل المعاصي ينقص أجر الصوم ولا يبطله ، وهو الصحيح .
وانظر جواب السؤال رقم (50063) .
ثانياً :
الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب ، قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات/12.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ ) .
رواه أبو داود ( 4878 ) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 533 ) .
ثالثاً :
يجب عليك الإنكار على زميلك هذا ، وعدم الرضا بفعله .
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ , وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم ( 49 ) .
قال النووي رحمه الله :
" اعلم أنه ينبغي لمن سمع غِيبةَ مسلم أن يردّها ويزجرَ قائلَها , فإن لم ينزجرْ بالكلام زجرَه بيده , فإن لم يستطع باليدِ ولا باللسان فارقَ ذلكَ المجلس , فإن سمعَ غِيبَةَ شيخه أو غيره ممّن له عليه حقّ أو كانَ من أهل الفضل والصَّلاح كان الاعتناءُ بما ذكرناه أكثر .
روينا في كتاب الترمذي عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال : ( مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيامَةِ ) قال الترمذي : حديث حسن " انتهى .
" الأذكار " ( ص 795 ، 796 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أنا فتاة أكره الغيبة والنميمة ، وأكون أحيانا في وسط جماعة يتحدثون عن أحوال الناس ، ويدخلون في الغيبة والنميمة ، وأنا في نفسي أكره هذا وأمقته ، ولكوني شديدة الخجل فإنني لا أستطيع أن أنهاهم عن ذلك ، وكذلك لا يوجد مكان حتى أبتعد عنهم ، ويعلم الله أنني أتمنى أن يخوضوا في حديث غيره ، فهل علي إثم في جلوسي معهم ؟ وما الذي يتوجب فعله ؟ وفقكم الله لما فيه خير الإسلام والمسلمين .
فأجاب :
" عليك إثم في ذلك إلا أن تنكري المنكر ، فإن قبلوا منك فالحمد لله ، وإلا وجب عليك مفارقتهم ، وعدم الجلوس معهم ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام/68 ، وقوله عز وجل : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) النساء/140 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ , وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، والله ولي التوفيق " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 440 ) .
فاحرص على تذكير صاحبك بحكم الغيبة ، وبيِّن له عقوبة فاعلها ، فلعله يدع ما هو عليه من المعصية ، وذكِّره بأن الغيبة في رمضان أشد إثماً ، والأصل أنك تفارق مجلسه إن أصرَّ على عدم الاستجابة لحكم الله تعالى ، ولكن بما أنك موظف معه ولا تملك ترك المكان ، فاهجر سماعه واهجر الانتباه لكلامه ، ويمكنك استعمال أسلوب التهديد برفع أمره إلى المسئولين في العمل ، أو تهديده بإخبار من يتكلم في عرضهم ، فلعله إن لم يخف من الله تعالى أن يخاف من الناس فيترك غيبتهم وترتاح من سماع أذاه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل للزوجة أن تمتنع عن زوجها في رمضان للعبادة ؟
سؤال:
ما الحكم في امرأة تأبى زوجها في رمضان نتيجة انشغالها بالعبادة والقُرب من الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
شهر رمضان مناسبة عظيمة للعابدين ليزيدوا في عباداتهم ، وللعاصين أن يتركوا ما هم عليه من معاصٍ ويصطلحوا مع ربهم عز وجل بتركها والإكثار من الطاعة فيه لبداية طيبة لحياة أخرى غير التي كانوا عليها .
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بفضيلة الصيام والقيام والاعتكاف في هذا الشهر ، كما أن فيه ليلة – وهي ليلة القدر – جعلها الله تعالى خيراً من ألف شهر .
وعليه : فلا يُنكر على من أراد استغلال أيام هذا الشهر لطاعة ربه ، فالنفوس فيه مهيأة لقراءة القرآن وطاعة الرحمن ، وسواء كان ذلك من الرجال أم من النساء .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري ( 37 ) ومسلم ( 760 ) .
ثانياً :
يجب أن تعلم المرأة أن لزوجها عليها حقّاً عظيماً ، فلا يجوز لها أن تضرب بهذه الحقوق عرض الحائط ، ولا يجوز لها أن تعارض حق زوجها بما تؤديه من نافلة العبادات .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا , وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ ) . رواه ابن ماجه (1853) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" ( 1938 ) .
" القَتَب للجمل كالإكاف لغيره ، ومعناه : الحث لهن على مطاوعة أزواجهن ، وأنه لا ينبغي لهن الامتناع في هذه الحالة ، فكيف في غيرها ؟
"حاشية السندي على ابن ماجه" .
ولعظم حق الزوج أُمرت المرأة باستئذانه قبل قيامها ببعض التطوعات التي قد تتعارض مع حقه ، ومنها :
1. صوم النافلة :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) رواه البخاري ( 4896 ) ومسلم ( 1026 ) .
قال النووي رحمه الله :
" هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن معين , وهذا النهي للتحريم صرح به أصحابنا , وسببه أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام , وحقه فيه واجب على الفور فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي " انتهى .
" شرح مسلم " ( 7 / 115 ) .
2. الخروج للمسجد
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِذَا اسْتَأْذَنَتْ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْهَا ) رواه البخاري ( 4940 ) ومسلم ( 442 ) .
ثالثاً :
ويجب على الزوج أن يتقي الله في امرأته ، وأن لا يكلفها فوق طاقتها ، إذ كثير من الرجال يشغلون نساءهم نهاراً بالطبخ ، وليلاً بالحلويات ، فتضيع الأيام والليالي على المرأة ، فلا تحسن استغلال نهار صومها بطاعة ، ولا ليله بعبادة ، ومن حق الزوجة على زوجها أن يكون لها نصيب من عبادات هذا الشهر وطاعاته ، فلا يمنعها من قراءة القرآن ، ولا من قيام الليل ، وأن يكون ذلك بتنسيق بينهما لئلا يحصل تعارض بين حقه وطاعة ربها وعبادته ، وهذا – طبعاً – في عبادات النوافل ، أما الفرائض فليس للزوج منعها منها .
وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه هو حثهن على الطاعة والعبادة ، وخاصة في العشر الأواخر من رمضان .
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ , وَأَحْيَا لَيْلَهُ , وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ) رواه البخاري ( 1920 ) ومسلم ( 1174 ) .
وإذا عرف كل واحد من الزوجين ما له وما عليه استراحا من الشقاق والنزاع غالباً , وإذا علما أن مثل هذه المناسبة قد لا تتكرر في حياتهما إلا قليلاً زاد ذلك من حرصهما على استغلال أيام رمضان ولياليه أحسن استغلال .
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف بين قلوبكما ، وأن يعينكما على طاعته وحسن عبادته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مصابة بمرض نفسي ، فكيف تصوم وتصلي ؟
سؤال:
ابنتي مصابه بمرض نفسي مزمن (وهو الاضطراب الوجداني) وفى رمضان الماضي لم تصم رمضان لأنها قد انتكست وصار وعيها ليس معها صرت أعانى منها أشهرا طويلة فماذا أفعل ؟
السؤال الثاني : البنت إذا نامت لا أستطيع إيقاظها لأي صلاة حتى تصحو هي للمشقة التي أعانى منها هل على الأم إثم ؟
والبنت عمرها 23 سنة ولها في المرض 4 سنوات تعاني وهي تصيبها انتكاسة مرتين في السنة ، دعواتكم لها بالشفاء .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفي ابنتك ويعافيها ويصلح حالها .
ثانيا :
إذا كان هذا المرض شديدا بحيث أفقدها وعيها خلال شهر رمضان ، فإنه لا يلزمها قضاء ولا كفارة ؛ لأنها لم تكن مكلفة بالصوم حينئذ .
وأما إذا كان المرض مجرد اكتئاب فقط ، ووعيها معها ، فلها حالتان :
الأولى : أن يكون مرضها يرجى شفاؤه حسب تقرير الأطباء ، فالواجب عليها قضاء ما فاتها ، حين يزول عنها المرض .
والثانية : أن يكون مرضها لا يرجى شفاؤه ، فلا يجب عليها الصيام ، وإنما تطعم عن كل يوم مسكينا .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه : مريض أدرك بعض شهر رمضان ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال هل يقضي عنه أبناؤه ؟
فأجاب :
"ليس عليه القضاء إذا أصابه ما يذهب عقله أو ما يسمى بالإغماء ، فإنه إذا استرد وعيه لا قضاء عليه ، فمثله مثل المجنون والمعتوه لا قضاء عليه ، إلا إذا كانت الإغماءة مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر ، فلا بأس بالقضاء احتياطا ، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه ، وإذا رد الله عقله يبتدئ العمل " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15/209) .
ثالثا :
إذا كانت ابنتك لا تستيقظ لأداء الصلاة في وقتها ، ولا تستطيعين إيقاظها ، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى ، ويجب عليها إذا استيقظت أن تقضي ما فاتها من الصلوات ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا ) رواه مسلم (684) .
وإن كان أداؤها لكل صلاة في وقتها يشق عليها ، فإن لها أن تجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، تقديما أو تأخيرا حسب الأيسر لها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والقصر سببه السفر خاصة ، لا يجوز في غير السفر. وأما الجمع فسببه الحاجة والعذر ، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل ، وكذلك الجمع للمطر ونحوه ، وللمرض ونحوه ، ولغير ذلك من الأسباب ؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمة " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 293 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات ؟!
سؤال:
أود أن أسأل هل لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا نعلم أحداً من أهل العلم قال بأن لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات ، والنحلة والعقرب تضعان السم في بدن الملدوغ ، وهو يتحرز من لدغهما ، وجميع مفسدات الصيام يشترط فيها لكي تفسد الصيام أن يفعلها الصائم مختاراً .
أما لو فعلها مكرها فإنه لا يفطر بها ، كمن طار إلى حلقه ذباب فابتلعه ، لا يفطر بذلك .
ولا يعرف خلاف بين العلماء المعاصرين أن الحقن الجلدية والعضلية لا تفطر ، والأصل : صحة الصوم حتى يقوم دليل على فساده ، وهذه الإبر ليست أكلاً ، ولا شرباً ، ولا بمعنى الأكل والشرب ، فإذا كان حقن الدواء لا يفطر ، فلدغة العقرب النحلة لا تفطر من باب أولى .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 38023 ) : بيان مفسدات الصيام بالتفصيل ، فلينظر .
وينظر جواب السؤال رقم ( 2299 ) وفيه أثر استعمال الأدوية والأدوات الطبيّة على الصيام .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجب على هؤلاء الصوم ؟ وهل يلزمهم القضاء ؟
سؤال:
هناك صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ ، وفي أثناء صومه في نهار رمضان بلغ فهل يجب عليه قضاء ذلك اليوم ؟ وكذلك الكافر إذا أسلم ؟ وكذلك الحائض إذا طهرت ؟ وكذلك المجنون إذا أفاق ؟ وكذلك المسافر إذا عاد وكان مفطراً ؟ وكذلك المريض إذا تعافى وكان قد أفطر ؟ فماذا على هؤلاء من حيث الإمساك في ذلك اليوم والقضاء ؟.
الجواب:
الحمد لله
هؤلاء المذكورون في السؤال ليس حكمهم واحداً ، وسبق أن ذكرنا اختلاف العلماء وشيئا من أقوالهم في جواب السؤال رقم (49008) .
ويمكن تقسيم هؤلاء المذكورين في السؤال إلى مجموعتين :
فالصبي إذا بلغ ، والكافر إذا أسلم ، والمجنون إذا أفاق لهم حكم واحد ، وهو وجوب الإمساك ولا يجب عليهم القضاء .
وأما الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام والمريض إذا شفي فحكمهم واحد أيضا ، فلا يجب عليهم الإمساك ولا يستفيدون بإمساكهم شيئاً ، ويجب عليهم القضاء .
والفرق بين المجموعة الأولى والثانية : أن المجموعة الأولى وجد فيهم شرط التكليف ، وهو البلوغ والإسلام والعقل . وإذا ثبت تكليفهم وجب عليهم الإمساك , ولا يلزمهم القضاء لأنهم أمسكوا حين وجب عليهم الإمساك ، أما قبل ذلك فلم يكونوا مكلفين بالصيام .
وأما المجموعة الثانية فإنهم مخاطبون بالصيام لذا كان واجباً في حقهم ، لكن وُجد عندهم عُذرٌ يبيح لهم الفطر , وهو الحيض والسفر والمرض فخفف الله عنهم وأباح لهم الفطر ، فزالت حرمة اليوم في حقهم ، فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار لم يستفيدوا شيئا من إمساكهم ، ولزمهم القضاء بعد رمضان .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :
" إذا قدم المسافر إلى بلده وهو مفطر : فإنه لا يجب عليه الإمساك ، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه ؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليه ، هذا هو القول الصحيح ، وهو مذهب مالك والشافعي ، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علناً " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 58 ).
وقال أيضا :
" إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك ، ولها أن تأكل وتشرب ، لأن إمساكها لا يفيدها شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليها ، وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، يعني : من جاز له الفطر أول النهار جاز له الفطر في آخره " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 59 ) .
وسئل الشيخ أيضا :
من أفطر في نهار رمضان لعذر شرعي فهل يجوز له أن يأكل ويشرب بقية اليوم ؟
فأجاب بقوله :
" يجوز له أن يأكل ويشرب ؛ لأنه أفطر بعذر شرعي ، وإذا أفطر بعذر شرعي فقد زالت حرمة اليوم في حقه ، وصار له أن يأكل ويشرب ، بخلاف الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بدون عذر ، فإنا نلزمه بالإمساك ، وإن كان يلزمه القضاء ، فيجب التنبه للفرق بين هاتين المسألتين " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
وقال أيضا :
" ذكرنا أثناء بحثنا في الصيام أن المرأة إذا كانت حائضاً وطهرت في أثناء النهار : فإن العلماء اختلفوا هل يجب عليها أن تمسك بقية اليوم فلا تأكل ولا تشرب ، أو يجوز لها أن تأكل وتشرب بقية اليوم ، وقلنا : إن في ذلك روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله : إحداهما : - وهي المشهور من المذهب - أنه يجب عليها الإمساك ، فلا تأكل ولا تشرب .
والثانية : أنه لا يجب عليها الإمساك ، فيجوز لها أن تأكل وتشرب ، وقلنا : إن هذه الثانية هي مذهب مالك والشافعي رحمهما الله ، وإن ذلك هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، وقلنا : إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة ، وأن يأخذ بما ترجح عنده منها ، وأن لا يبالي بخلاف أحد ما دام أن الدليل معه ؛ لأننا نحن مأمورون باتباع الرسل ؛ لقوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَـادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ ) .
وأما الاحتجاج بما صح به الحديث حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء في أثناء اليوم ، فأمسك الناس بقية يومهم ، نقول : لا مستند لهم في هذا الحديث ؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع ، وإنما فيه تجدد وجوب ، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب ؛ لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل سببه ، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع ، ومادام هذا المانع موجوداً مع وجود أسباب الحكم ، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده ، ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها : ما لو أسلم إنسان في أثناء اليوم ، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب ، ونظيرها أيضاً : ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر ، فإن هذا تجدد له الوجوب فنقول لمن أسلم في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولكن لا يجب عليك القضاء ، ونقول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولا يجب عليك القضاء ، بخلاف الحائض إذا طهرت ، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء ، الحائض إذا طهرت أثناء النهار أجمع العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكون صوماً ، وأن عليها القضاء ، وبهذا عرف الفرق بين تجدد الوجوب وبين زوال المانع ، فمسألة الحائض إذا طهرت من باب زوال المانع ، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ، هذا من باب تجدد الوجوب ، والله الموفق " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
الإسلام سؤال وجواب
يقيم في ألمانيا فهل يصوم مع الجمعية الأوربية أم مع السعودية
سؤال:
نحن نقيم في ألمانيا والمشكلة أن إمام مسجد قال : سوف نصوم مثل السعودية ، وفي المسجد الثاني قيل إننا سنصوم تبعاً للجمعية الأوربية الإسلامية التي من المفروض أنها تهتم عادة بمراقبة الهلال . فما قولكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت الجمعية الأوربية الإسلامية تعتمد على رؤية الهلال ، فإن الأولى في حقكم ، هو الموافقة لهم في الصيام والإفطار .
والمسألة فيها خلاف قديم المشهور: هل لكل بلد رؤيته ؟ أم يلزم الجميع اتباع من رأوا الهلال ولو اختلفت المطالع ؟ وهو خلاف سائغ مبني على الاجتهاد ، ولا حرج على أحد في الأخذ بأحد هذين القولين حسب ما يظهر له من الأدلة .
ولعل أرجح القولين أن اختلاف المطالع معتبر ، وقد سبق بيان طرف من أدلة هذا القول في جواب السؤال رقم (50487) .
ومما يدل على ذلك : ما رواه مسلم (1819) عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ : فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا , وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ ، فَرَأَيْتُ الْهِلالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلالَ ، فَقَالَ : مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلالَ ؟ فَقُلْتُ : رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : أَنْتَ رَأَيْتَهُ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، وَرَآهُ النَّاسُ ، وَصَامُوا ، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ ، فَقَالَ : لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْت ، ِ فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ أَوْ نَرَاهُ ، فَقُلْتُ : أَوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ ؟ فَقَالَ : لا ، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فهذا يدل على أنه مع تباعد البلاد فلكل بلد رؤيته ، وأنه لا يلزم الجميع الصوم برؤية إحدى البلدان له .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ابتلاع بقايا الطعام في فمه أثناء النهار
سؤال:
عندما يستيقظ الشخص في الصباح وهو صائم وكانت في فمه بقايا من سحوره فما الحكم إذا ابتلعه ؟.
الجواب:
الحمد لله
لاشك أن الأكل من مفسدات الصيام ، قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187.
ومعلوم عند المسلمين أن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، وسائر المفطرات . "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (25/219) .
والأكل هو إيصال جامد إلى المعدة عن طريق الفم .
انظر : "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/389) .
ولا يشترط في هذا الأكل أن يكون نافعاً أو كثيراً ، بل لو ابتلع شيئا لا ينتفع به ( خرزة مثلا ) أو ابتلع شيئا قليلا ، فإنه يكون قد أفطر وأفسد صيامه .
وابتلاع بقايا الطعام التي تكون بين الأسنان يعتبر أكلا فيكون مفسدا للصيام
وهذا إذا ابتلعها الصائم مختاراً .
بحيث تمكن من إخراجها ولكنه ابتلعها عمدا ، أما إذا سبقت إلى حلقه وابتلعها ولم يتمكن من إخراجها فلا حرج عليه وصيامه صحيح ، لأنه يشترط في جميع مفسدات الصيام أن يفعلها الصائم مختاراً ، فإن فعلها مكرهاً بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22981) .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/260) :
" ومن أصبح بين أسنانه طعام ; لم يخل من حالين :
أحدهما : أن يكون يسيرا لا يمكنه لفظه , فازدرده (أي ابتلعه) , فإنه لا يفطر به ; لأنه لا يمكن التحرز منه , فأشبه الريق , قال ابن المنذر : أجمع على ذلك أهل العلم .
الثاني : أن يكون كثيرا يمكن لفظه , فإن لفظه فلا شيء عليه , وإن ازدرده عامدا , فسد صومه في قول أكثر أهل العلم ، لأنه بلع طعاما يمكنه لفظه باختياره , ذاكرا لصومه , فأفطر به , كما لو ابتدأ الأكل " انتهى بتصرف يسير .
وخلاصة الجواب :
أنه إذا تمكن من إخراجها ولكنه لم يفعل وابتلعها فقد أفسد صيامه ، وإذا ابتلعها بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
المراسلة بين الجنسين وأثرها على الصيام
سؤال:
ما حكم إذا أنا راسلت صديقتي على النت في رمضان طالما في حدود الاحترام وهي تفتح الكاميرا وأنا أراها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية : حفظ النسل والأعراض ؛ من أجل ذلك حرّم الله الزنا ، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه ، من خلوة رجل بامرأة أجنبية منه ، ونظرة آثمة ، وسفر بلا محرم ، وخروج المرأة من بيتها معطرة متبرجة كاسية عارية .
ومن ذلك : حديث الرجل الخادع مع المرأة ، وخضوعها له بالقول إغراء له وتغريراً به ، وإثارة لشهوته ، وليقع في حبالها ، سواء كان ذلك عند لقاء في طريق ، أو في محادثة هاتفية ، أو مراسلة كتابية ، أو غير ذلك .
وقد حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات - أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ، وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً ، قال الله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32 . راجع سؤال رقم (10221) .
والمحادثات والمراسلات بين الرجل والمرأة ، عن طريق النت هي باب من أبواب الفتنة والشر ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ، ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك . راجع سؤال رقم (34841) .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
" لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به . وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى .
"فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 96) .
ثانياً :
الصائم مأمور بتقوى الله تعالى ، وفعل ما أمر ، واجتناب ما نهى عنه .
فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، وإنما المقصود تحقيق تقوى الله تعالى ( لعلكم تتقون ) ، وتهذيب النفس ، والتخلي عن رذائل الأعمال ، وسفاسف الأخلاق ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ) رواه الحاكم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم )50063) بيان أثر المعاصي على الصوم وأنها قد تذهب ثوابه بالكلية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مريض يتناول ستة أقراص دواء يوميّاً فهل له الفطر ؟
سؤال:
أنا مصاب بمرض في العمود الفقري ، وأتناول من العلاجات 6 حبات دواء ، فهل يجوز لي أن أفطر وأقضي لاحقا ؟.
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يعافيك ، ويرزقك الصبر والاحتساب لتنال الأجر كاملاً موفوراً ، وقد خفف الله تعالى عن المريض فأباح له الفطر في رمضان على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد زوال المرض , قال الله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/184 .
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
" أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة , والأصل فيه قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) " انتهى .
" المغني " ( 3 / 88 ) .
والمرض المبيح للفطر هو الذي يضر معه الصوم أو يؤخر شفاءه منه ، وتناول الدواء ليس عذراً إلا إذا كان لا يمكنه تناوله إلا في نهار صومه ، فإن أمكن المريض تناول الدواء وقت السحور وبعد المغرب وكان الصوم غير مضرٍّ له : لم يجز له الفطر , فإن احتاج إلى تناول الدواء نهاراً فلا حرج عليه أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها .
قال النووي رحمه الله :
" قال أصحابنا : شرط إباحة الفطر : أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها , وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة : لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا " انتهى .
" المجموع " ( 6 / 257 ) .
وقال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
" والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه .
قيل لأحمد : متى يفطر المريض ؟ قال : إذا لم يستطع ، قيل : مثل الحمى ؟ قال : وأي مرض أشد من الحمى " انتهى .
" المغني " ( 3 / 88 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" المشروع للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصوم يضرّه أو يشقّ عليه ، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب ، لقول الله سبحانه : ( وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته ) ، وفي رواية أخرى : ( كما يحبّ أن تؤتى عزائمه ) انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 139 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" إذا شرب المريض الدواء في رمضان بعد طلوع الفجر فإن صيامه هذا غير صحيح ؛ لأنه تعمد الإفطار ويلزمه الإمساك بقية اليوم ، إلا إذا شق عليه الإمساك من أجل المرض فله أن يفطر من أجل المرض ، ويلزمه القضاء ؛ لأنه تعمد الفطر .
ولا يحل للمريض أن يتناول دواء وهو صائم في رمضان إلا عند الضرورة ، مثل أن نخاف عليه من الموت فنعطيه حبوباً تخفف عنه ، فإنه في هذا الحال يكون مفطراً ولا حرج عليه في الفطر مع المرض " انتهى .
" فتاوى ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 76 ) .
فإن كان مرضك مستمراً مزمناً بحيث لا تستطيع معه القضاء فلا يجب عليك الصيام ولا القضاء , وإنما الواجب عليك أن تطعم مسكينا ، وجبة غداء أو عشاء عن كل يومٍ تفطره من رمضان .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هناك رجل مريض بمرض القلب ، ولا يعمل عنده إلا جزء بسيط يحتاج إلى الدواء باستمرار ، يعني تقريباً كل ثمان ساعات أو ست ساعات فهل يسقط عنه الصوم ؟
فأجاب :
" نعم ، يسقط عنه الصوم ، ويطعم عن كل يوم مسكيناً ، إن شاء أعطى المساكين كل مسكين ربع صاع من الأرز ، وإن جعل معه لحماً فهو أحسن ، وإن شاء عشَّاهم في آخر ليلة من رمضان ، أو غداهم في يوم آخر في الفطر ، كل ذلك جائز " انتهى .
" فتاوى ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 87 ) .
وينظر في أحوال المرض : جواب السؤال رقم ( 38532 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل له أن يفطر تبعا للسعودية ، وأهل بلده صائمون
سؤال:
عندنا في بلدنا أكملنا رمضان ثلاثين يوما ، أما السعودية فصاموا تسعة وعشرين يوما وفوجئت بصديق لي في يوم الثلاثين أنه أفطر وقال لي : إنه يحرم صيام هذا اليوم لأن الهلال قد ظهر بالمملكة .
السؤال : ما حكم ما فعله صاحبي ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان المسلم موجوداً في بلد يعتبر الرؤية الشرعية لإثبات دخول الشهر وخروجه ، فإنه مأمور بموافقتهم في الصيام والإفطار ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12660).
أما إذا كان المسلم في بلد كافر ، أو في بلد يتلاعبون بدخول الشهر وخروجه حسب أهوائهم ، غير مراعين في ذلك الرؤية الشرعية ، فلا حرج عليه في اتباع من يثق في رؤيتهم وتمسكهم بالأحكام الشرعية .
وانظر جواب السؤال رقم )50522) ففيه بيان ذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يرهقها الصيام جدّاً فهل تفطر ؟
سؤال:
أعاني من شدة العطش في نهار رمضان لدرجة القيء والدوخة والضعف العام بالجسم ، وهذا ما يجعلني أشرب الماء فقط ، وقلبي يتقطع لعملي هذا ، علما أنني أحافظ على صلواتي وأذكاري وقراءتي للقرآن .
الجواب:
الحمد لله
شرع الله تعالى الصيام تشريعاً سهلاً ميسراً ، ولذلك قال الله تعالى أثناء آيات الصيام : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) .
وقد أباح الله تعالى للمريض أن يفطر في رمضان .
والمرض الذي يبيح للصائم ذلك هو المرض الموجود بالفعل مما يُخشى زيادته أو تأخر شفائه ، أو المرض المتوقع حدوثه بسبب الصيام . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12488) .
وعلى هذا ، إذا كان الصيام يؤدي بالسائلة إلى القيء والدوخة بسبب ضعف جسمها فلا حرج عليها من الفطر في رمضان ، وعليها القضاء ، إن كانت تستطيع ذلك ، فإن لم تكن تستطيع القضاء فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :
ما حكم من أفسد صومه الواجب بسبب العطش ؟
فأجاب :
" حكمه أنه يحرم على من كان في صوم واجب سواء من رمضان أو قضائه ، أو كفارة ، أو فدية يحرم عليه أن يفسد هذا الصوم ، لكن إن بلغ به العطش إلى حد يخشى عليه من الضرر ، أو من التلف فإنه يجوز له الفطر ولا حرج عليه ، حتى ولو كان ذلك في رمضان إذا وصل إلى حد يخشى على نفسه الضرر ، أو الهلاك : فإنه يجوز له أن يفطر " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 149 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
من هو المسكين الذي يُعطى فدية الصيام ؟ وكم وماذا يُعطى ؟
سؤال:
يقول الله تعالى : ( ففدية طعام مسكين ) هل يشترط في هذا المسكين البلوغ والتكليف ؟ وهل لو أراد الإنسان أن يطعم ثلاثين مسكينا هل يدخل أبناء المسكين ومن يعول في العدد ؟ وهل يجزئ بدل الطعام مال ؟ وكيف يقدر هذا الإطعام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لأحدٍ يقدر على الصيام في رمضان وليس عنده عذر شرعي أن يفطر ، وليس كل من أفطر برخصة من الشرع يطعم مقابل كل يوم مسكينا ، وإنما الإطعام للشيخ الكبير والمريض مرضاً مزمناً لا يُرجى شفاؤه .
قال الله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184 .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ( هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ) رواه البخاري ( 4505 ) .
والمريض الذي لا يرجى شفاؤه حكمه حكم الشيخ الكبير .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ : يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ " انتهى .
" المغني " ( 4 / 396 ) .
ثانياً :
ولا يشترط في هذا المسكين أن يكون بالغاً ، بل يُعطى الصغير الذي يأكل الطعام باتفاق الأئمة ، وإنما اختلفوا في إعطائها للرضيع ، فذهب إلى جوازه جمهور العلماء ( منهم أبو حنيفة والشافعي وأحمد ) لأنه مسكين فيدخل في عموم الآية ، وظاهر كلام الإمام مالك رحمه الله أنها لا تعطى للرضيع ، فإنه قال : يجوز الدفع إلى الفطيم ، واختاره الموفق ابن قدامة رحمه الله .
انظر : "المغني" (13/508) ، و"الإنصاف" (23/342) , و "الموسوعة الفقهية" (35/101– 103) .
ثالثاً :
وأبناء المسكين وزوجته وأهله الذين يجب عليه أن ينفق عليهم يدخلون في هذا العدد ، إذا كانوا لا يجدون كفايتهم ، ولا أحد ينفق عليهم غير هذا المسكين .
ولهذا يعطى المسكين من زكاة المال ما يكفيه ويكفي أهله .
قال في "الروض المربع" (3/311) :
" فيعطى الصنفان – أي : الفقراء والمساكين - تمام كفايتهما وعائلتهما منه " انتهى .
رابعاً :
وأما الذي يُطعم ومقداره : فيدفع إلى المسكين نصف صاع ( كيلو ونصف تقريباً ) من قوت البلد ، سواء كان أرزاً أم تمراً أم غير ذلك ، وإذا أعطي معه إداماً أو لحماً فهو أحسن .
فقد روى البخاري - معلقاً بصيغة الجزم عن أنس رضي الله عنه أنه كان بعد ما كبر وعجز عن الصوم يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا خبزا ولحما .
ولا يجوز أن يدفع قيمة الطعام مالاً .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" والإطعام لا يكون بالنقود كما ذكرت ، وإنما يكون الإطعام بدفع الطعام الذي هو قوت البلد ؛ بأن تدفع عن كل يوم نصف الصاع من قوت البلد المعتاد ، ونصف الصاع يبلغ الكيلو والنصف تقريباً.
فعليك أن تدفع طعاماً من قوت البلد بهذا المقدار الذي ذكرنا عن كل يوم ، ولا تدفع النقود ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) البقرة/184 ؛ نص على الطعام " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (3/140) .
وانظر جواب السؤال رقم )39234) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يبطل صومه بانكشاف عورته ورؤية أحدهم لها ؟
سؤال:
إذا رآني أحد أصدقائي عاريا أو انكشفت عورتي أمامه أثناء الصيام فهل يبطل ذلك صيامي ؟.
الجواب:
الحمد لله
إظهار العورة أمام من لا يحل له النظر إليها حرام ، ولا يحل لأحدٍ فعله لا في رمضان ولا في غيره ، فيحرم كشفها ويحرم النظر إليها .
فعن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟ قَالَ : ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) ، فَقَالَ : الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : ( إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ ) ، قُلْتُ : وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا ؟ قَالَ : ( فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ ) رواه الترمذى (2794) وحسَّنه ، وابن ماجه ( 1920 ) , وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ، وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ ) رواه مسلم ( 338 ) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل , والمرأة إلى عورة المرأة , وهذا لا خلاف فيه " انتهى .
" شرح مسلم " ( 4 / 30 ) .
وأما إن كانت المسألة ظهور العورة عن غير قصد فليس عليك إثم ، ويجب على الآخر أن يغض بصره عنها .
وليس الصوم بفاسد على كلا الحالتين – العمد والخطأ - ، وقد سبق في جواب السؤال رقم )38023) بيان مفسدات الصيام ، فلتنظر هناك .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (37658) بيان أثر المعاصي على الصيام ، وأنها تنقص ثوابه ، وقد تذهبه بالكلية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مقدار الفدية التي في آية الصيام
سؤال:
ما مقدار الفدية التي ذكرت في آية الصيام ؟. الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من أدركه رمضان وهو لا يستطيع الصيام لكونه شيخاً كبيراً ، أو مريضاً لا يُرجى له الشفاء فإنه لا يجب عليه الصيام لعدم استطاعته ، فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/183-184.
وروى البخاري (4505) عن ابْن عَبَّاسٍ قال : ( لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/396) :
"الشَّيْخُ الْكَبِيرَ وَالْعَجُوزَ إذَا كَانَ يُجْهِدُهُمَا الصَّوْمُ , وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً , فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا . . . فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الإِطْعَامِ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ , وَ ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا ) . . . وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ اهـ باختصار .
وفي الموسوعة الفقهية (5/117) :
"اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يُصَارُ إلَى الْفِدْيَةِ فِي الصِّيَامِ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ إمْكَانِ قَضَاءِ الأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا لِشَيْخُوخَةٍ لا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الصِّيَامِ , أَوْ مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , لقوله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) وَالْمُرَادُ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام ) ص111) :
"لا بد أن نعرف أن المريض ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول: مريض يرجى برؤه مثل ذوي الأمراض الطارئة التي يرجى أن يشفى منها، فهذا حكمه كما قال الله تعالى : (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . ليس عليه إلا أن ينتظر البرء ثم يصوم، فإذا قدر أنه استمر به المرض في هذه الحال، ومات قبل أن يشفى فإنه ليس عليه شيء؛ لأن الله إنما أوجب عليه القضاء في أيام أخر وقد مات قبل إدراكها، فهو كالذي يموت في شعبان قبل أن يدخل رمضان لا يقضى عنه.
القسم الثاني : أن يكون المرض ملازماً للإنسان مثل مرض السرطان ـ والعياذ بالله ـ ومرض الكلى، ومرض السكر وما أشبهها من الأمراض الملازمة التي لا يرجى انفكاك المريض منها، فهذه يفطر صاحبها في رمضان، ويلزمه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كالكبير والكبيرة اللذين لا يطيقان الصيام يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: (وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)" اهـ .
ثانياً :
أما صفة الإطعام فيخير بين أن يعطي كل مسكين نصف صاع من الطعام كالأرز ونحوه (أي كيلو جرام ونصف تقريباً) ، أو يصنع طعاماً ويدعو إليه المساكين .
قال البخاري : وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز عن امرأة كبيرة في السن ولا تطيق الصوم فماذا تفعل ؟
فأجاب :
عليها أن تطعم مسكيناً عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما ، ومقداره بالوزن كيلو ونصف على سبيل التقريب . كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وعنهم ، فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام فلا شيء عليها ، وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في أول الشهر أو وسطه أو آخره ، وبالله التوفيق" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/203) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص111) :
"فيجب على المريض المستمر مرضه، وعلى الكبير من ذكر وأنثى إذا عجزوا عن الصوم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً، سواء إطعاماً بتمليك بأن يدفع إلى الفقراء هذا الإطعام، أو كان الإطعام بالدعوة يدعو مساكين بعدد أيام الشهر فيعشيهم كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعل حين كبر صار يجمع ثلاثين مسكيناً فيعشيهم فيكون ذلك بدلاً عن صوم الشهر" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/164) : عن الإطعام للعاجز في رمضان كالشيخ العاجز والمرأة العاجزة من كبر، والمريض الذي لا يشفى .
فأجابت :
"من عجز عن صوم رمضان لكبر سن كالشيخ الكبير والمرأة العجوز أو شق عليه الصوم مشقة شديدة رخص له في الفطر، ووجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، نصف صاع من بر (قمح) أو تمر أو أرز أو نحو ذلك مما يطعمه أهله، وكذا المريض الذي عجز عن الصوم أو شق عليه مشقة شديدة ولا يرجى برؤه لقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 . وقوله : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 . وقوله : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184" اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أنواع أدوية الربو وحكم تناولها في نهار رمضان
سؤال:
تكثر أنواع الأدوية لمرض الربو فمنها البخاخ المعروف ، وهناك أدوية على شكل كبسولة توضع داخل علبة مخصصة للشفط عن طريق الفم حيث تطحن داخل العلبة ويتم شفطها ، وهناك جهاز يوضع به دواء سائل مع الجهاز يوضع الأنبوب مع كمامة على الوجه ثم يشغل هذا الجهاز فيخرج هذا السائل مذابا بمحلول مائي على هيئة غاز ، هل هذه تعتبر من المفطرات ؟.
الجواب:
الحمد لله
أدوية مرض " الربو " كثيرة ، ومنها ما يفطِّر ومنها ما لا يفطِّر ، ومن أشهر هذه الأدوية والعلاجات : البخاخ ، والأكسجين ، والتبخير ، والكبسولات .
أما البخاخ فهو غاز مضغوط يستعمله المريض ويصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لتوسيع الرئتين ، وهو ليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما ، وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة بعدم الفطر باستعمال هذا الدواء ، وهو ما يفتي به الشيخ ابن عثيمين وعامة علمائنا .
وانظر جواب السؤال رقم ( 37650 ) لتقف على فتاواهم .
وأما الأكسجين فهو أيضا ليس أكلاً ولا شرباً ، وعليه : فيمكن استعماله أثناء الصيام دون أي حرج .
وأما التبخير : فيكون استعماله عن طريق جهاز يقوم بتحويل الدواء - وعادة ما يكون الدواء محلولاً في ملح الصوديوم – السائل إلى بخار ورذاذ ناعم ، ويوضع الدواء في وعاء صغير خاص بالجهاز ، وعند تشغيل الجهاز يتم ضخ هواء بسرعة عالية مما يسبب تبخير هذا الدواء ، وبالتالي يتم استنشاقه من قبَل المريض إما عن طريق كمَّام يوضع على الفم ، أو أنبوب صغير يمكن وضعه داخل الفم .
ووصول قطرات الماء والملح إلى الجوف عن طريق هذا الجهاز أمر شبه حتمي ، ولا يستطيع المريض تفادي حدوثه ، وعليه : فإذا استعمل هذه الطريقة فليفطر وليقض يوماً آخر مكانه .
وأما الكبسولات : فهي عبارة عن كبسولات يكون فيها الدواء على شكل بودرة جافة ، ويتم إدخال هذه الكبسولات إلى جهاز خاص فيه أداة لثقب هذه الكبسولات لتحرير جرعة الدواء ويتم شفطها من الجهاز بواسطة الفم .
واستعمال هذه الكبسولات مفسد للصيام ، لأن جزءاً من هذه البودرة يختلط بالريق وينزل إلى المعدة .
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
بعض الناس مصاب بالربو ويحتاج إلى استعمال البخاخة أثناء صيامه ، فما حكم ذلك ؟ .
فأجاب :
" اختناق النفس المعروف بالربو يصيب بعض الناس ، نسأل الله لنا ولهم العافية ، فيستعمل دوائين ، دواء يسمى ( كبسولات ) يستعملها فهذه تفطر ؛ لأنه دواء ذو جرم يدخل إلى المعدة ، ولا يستعمله الصائم في رمضان إلا في حالة الضرورة ، وإذا استعمله في حال الضرورة فإنه يكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ، ويقضي يوماً بدله ، وإذا قدر أن هذا المرض مستمر دائماً معه فإنه يكون كالشيخ الكبير ، عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ، ولا يجب عليه الصوم .
والنوع الثاني : من دواء الربو غاز ليس فيه إلا هواء يفتح مسام الشرايين حتى يتنفس بسهولة : فهذا لا يفطر ولا يفسد الصوم ، وللصائم أن يستعمله ، وصومه صحيح " انتهى .
( 19 / السؤال رقم 159 ) .
وسئل الشيخ رحمه الله :
شخص به مرض الربو ولا يستطيع قراءة القرآن إلا باستعمال الأكسجين ، فهل يستعمله في نهار رمضان ؟
فأجاب :
" إذا كان استعماله للأكسجين ليس بضروري : فالأحسن أن لا يستعمله ، والصائم لا يلزمه أن يقرأ القرآن حتى نقول : إنه يستعمله ليقرأ القرآن ، لكن بعض المصابين بهذا المرض يقول : إنني لا أستطيع أن أدع استعماله ، وإذا لم أستعمله أخشى على نفسي ويختنق نفسي ، فنقول : لا بأس أن تستعمل هذا الأكسجين ؛ لأنه حسبما بلغنا لا يصل إلى المعدة ، وإنما يصل إلى أفواه العروق التي تتفتح ليسهل النفس ، وإذا كان كذلك فلا حرج فيه .
لكنَّ هناك نوعاً من الحبوب يعطى لأصحاب الربو ، وهي عبارة عن كبسولة فيها دقيق ... ، فهذا لا يجوز استعماله في الصيام الواجب ؛ لأنه إذا اختلط بالريق وصل إلى المعدة ، وحينئذ يكون مفطراً فإذا كان الإنسان مضطراً إلى استعماله فإنه يفطر ويقضي بعد ذلك ، فإن كان مضطراً إليه في جميع الوقت فإنه يفطر ويفدي فيطعم عن كل يوم مسكيناً ، والله أعلم " انتهى باختصار .
( 19 / السؤال رقم 163 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يصوم عن شخص مريض في ليل رمضان ؟!
سؤال:
إذا كان أحد أفراد أسرتي مريضًا فهل يصح الصوم عني وعنه لمدة 24 ساعة ( دون أكل سحور ) ؟. الجواب:
الحمد لله
أولاً :
المريض الذي لا يستطيع الصوم له حالتان : إما أن يكون مرضه عارضاً طارئاً : فهذا يفطر وعليه القضاء بعد شفائه وقدرته على الصيام ، وإما أن يكون مرضه مزمناً : فهذا يُفطر ويُطعم عن كل يومٍ مسكيناً .
وانظر جواب السؤال رقم ( 37761 ) .
ثانياً :
الصوم إنما يكون في النهار ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، أما الليل فليس وقتاً للصيام ، قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 ، ففي هذه الآية الكريمة بيان وقت الصوم – وهو النهار – ووقت الفطر – وهو الليل - ، فلا يصح – بحال – جعل ليل رمضان مكاناً للصوم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوصال في الصوم . رواه البخاري (1962) ومسلم (1102) .
والوصال : أن لا يفطر بالليل ، بل يستمر صائماً ليلا ونهارا .
وقال الإمام البخاري رحمه الله : " بَاب الْوِصَالِ وَمَنْ قَالَ لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ " .
ثالثاً :
الأصل في العبادات البدنية أن يُؤدّيها المسلم عن نفسه ، ولا تدخلها النيابة ، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلي عن أحدٍ ولا أن يصوم عنه بإجماع العلماء ، وإنما تدخل النيابة في الحج والعمرة لمن يعجز عنه في حياته كما جاء في النصوص الصحيحة الصريحة .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" أما الصلاة فإجماع من العلماء أنه لا يُصلِّي أحدٌ عن أحدٍ فَرْضاً عليه من الصلاة ، ولا سُنة ، ولا تطوعا لا عن حي ولا عن ميت ، وكذلك الصيام عن الحي لا يجزئ صوم أحدٌ في حياته عن أحد ، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه .
وأما من مات وعليه صيام فهذا موضع اختلف فيه العلماء قديماً وحديثاً " انتهى .
" الاستذكار " ( 3 / 340 ) .
والخلاصة :
أن الصوم يكون بالنهار لا بالليل ، وصوم الليل لا يصح .
ولا يصح لأحد أن يصوم عن شخص مريض ، وهذا المريض إن كان يرجو الشفاء من مرضه فلعيه القضاء بعد حصول الشفاء ، وإن كان لا يرجو حصول الشفاء فعليه أن يطعم مكان كل يوم مسكيناً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تفوته أوقات الصلوات في رمضان بسبب النوم فماذا عليه ؟
سؤال:
في موسم الصيام أشعر بتعب بحيث إنني إذا نمت يفوتني فرضان أو أكثر وأشعر بالذنب , وسؤالي هو : إذا نمت عن صلاة الظهر والعصر حتى أتى وقت المغرب وأخاف خروج وقت المغرب فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
تضييع الصلوات عن وقتها أمر عظيم ، وقد توعدَّ الله تعالى على ذلك بوعيد شديد فقال : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 .
ومعنى ( غَيّاً ) :
قال ابن عباس رضي الله عنهما : خسرانا ، وقال قتادة : شرّاً ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : واد في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم .
انظر " تفسير ابن كثير " ( 3 / 172 ) .
وقيل لابن مسعود رضي الله عنه : إن الله تعالى يكثر من ذكر الصلاة في القرآن : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) ، و ( الذين هم على صلاتهم يحافظون ) ، و ( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) ؛ قال : ذلك – أي : ذلك الوعيد - على مواقيتها ؛ قالوا : ما كنا نرى يا أبا عبد الرحمن إلا على تركها ؟ قال : تركها كفر .
" تعظيم قدر الصلاة " للمروزي ( 2 / 5 ) وقال محققه سنده حسن .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النوم عن الصلاة المكتوبة ضمن الأسباب التي يعذب بها الإنسان في قبره ، وانظر جواب السؤال رقم (46068) لتقف على هول هذا العذاب وشدته ، نسأل الله تعالى العافية .
وإليك هذه الموعظة من هذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، يتكلم في كلمات معدودات عن حكم صلاة الجماعة ، وحال تاركها ، وأجر الذاهب إليها ، وحال من علت همته وهو معذور ليذهب للجماعة وليقام في الصف .
قَالَ : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى ، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، ثم قال : وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً ، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ) رواه مسلم ( 654 ) .
ولا يليق بالمسلم أن لا يعرف الصيام إلا في شهر رمضان ، فإن في العام أياماً فاضلة استحب فيها الصيام كيوم عرفة ، وعاشوراء ، وفي كل أسبوع يستحب صيام الاثنين والخميس ، وفي كل شهر يستحب صيام ثلاثة أيام منه ، فلو أنك عوَّدت نفسك على الصيام طيلة العام لم تره حملاً ثقيلاً يجعلك تنام النهار كلَّه وتضيع الصلوات .
ويجب عليك أن تأخذ بالأسباب التي توقظك للصلاة ، ولا يجوز لك تعمد ترك الصلاة بعذر النوم وأنت تستطيع الاستيقاظ في أوقات الصلوات .
وينبغي أن تنظر في سبب تعبك في الصيام ، فإن كان تعبك بسبب العمل : فعليك أن توازن بين العمل والصيام ، وإذا لم تكن مضطرا للعمل ، ولم تستطع القيام بالصيام والصلاة وسائر العبادات مع العمل ، فإنك تأخذ إجازة من العمل خلال شهر الصيام . وانظر جواب السؤال رقم (65803) , (43772) ، وإن كان بسبب السهر : فيحرم عليك هذا السهر الذي يسبب لك ترك الصلوات حتى يخرج وقتها .
ويجب عليك أن توصي من حولك من أهلك وزوجتك وأولادك بأن يوقظوك للصلاة ، ويجب عليهم أن يعينوك على طاعة الله تعالى وأداء الصلوات في أوقاتها .
وإن كنتَ أخذت بالأسباب ولم تستيقظ لتعب شديد أو مرض فخرج وقتان للصلاة فإنك تقضي ما فاتك من الصلاة بترتيبها المعهود فتصلي الظهر ثم العصر..... وهكذا إلا أن تخشى خروج وقت الثانية فإنك تبدأ بها ، فلو استيقظت قبل غروب الشمس ولم تكن صليت الظهر والعصر ، وضاق وقت العصر حتى كادت الشمس تغيب فابدأ بالعصر ، ثم صلِّ الظهر بعدها ، فالمغرب .
ونسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته وحسن عبادته ، وأن يعلي همتك في الخير .
ونرجو منك النظر في جواب السؤالين ( 38158 ) و ( 47123 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
مهنته غطاس فكيف يصوم وقد يدخل في حلقه الماء ؟
سؤال:
أعمل غطاساً يوميّاً في البحر ، بعض الأحيان يدخل رذاذ من ماء البحر في الفم يصل إلى الحلق ، ولكن لا يدخل إلى الجوف ، هل هذا يبطل الصيام ؟ وهل في حالة عدم مقدرتي على الصيام بسبب الجهد ماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال رقم (39232) أنه لا بأس أن يغوص الصائم في الماء ، وعليه أن يحرص أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع .
ثانياً :
صوم رمضان ركن من أركان الإسلام ، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون بصيامه أو يضيعه بمجرد حصول مشقة بسبب العمل ، بل الواجب عليه أن يحاول الجمع بين الصيام والعمل إن أمكن ، فإن لم يمكن ولم يكن مضطراً للعمل ، فإنه يقدم الصيام ، فيأخذ إجازة من العمل إن أمكن ، فإن لم يمكن وكان مضطرا للعمل ، فإنه ينوي الصيام من الليل ويصبح صائما ، فإن شق عليه مشقة شديدة جاز له أن يفطر للضرورة ، وعليه قضاء هذا اليوم ، فإن لم يشق عليه وتمكن من إتمام الصيام وجب عليه ذلك .
وانظر جواب السؤال رقم (43772) .
وانظر "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/234) .
ثالثاً :
إذا سبح الصائم في الماء ووصل الماء إلى حلقه بغير اختياره ، فإنه لا يفطر ، لعدم القصد ، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله .
وانظر : "المغني" (3/358) ، "الإنصاف" (7/434) ، "الشرح الممتع" (6/393) .
رابعاً :
قول السائل : " أن الماء يصل إلى حلقه ولكنه لا يدخل إلى الجوف "
لعل قصده بالجوف : المعدة .
وقد اختلف العلماء في مفسدات الصيام : هل العبرة بوصول الطعام أو الشراب إلى الحلق أم إلى المعدة ؟
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/393) : " ذكر المؤلف رحمه الله ست مسائل علق الحكم فيها بوصول الماء إلى حلق الصائم ، فجعل مناط الحكم وصول الماء إلى الحلق لا إلى المعدة ، وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أن مناط الحكم وصول المفطر إلى المعدة ، ولا شك أن هذا هو المقصود إذ لم يرد في الكتاب والسنة أن مناط الحكم هو الوصول إلى الحلق ، لكن الفقهاء رحمهم الله قالوا : إن وصوله إلى الحلق مظنة وصوله إلى المعدة ، أو إن مناط الحكم وصول المفطر إلى شيء مجوف والحلق مجوف " انتهى .
والخلاصة :
لا حرج في السباحة والغوص في الماء مع الصيام ، وإذا وصل شيء من الماء إلى الحلق أو إلى المعدة من غير اختيارك فإنك لا تفطر بذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود المذكورين في آية الصيام
سؤال:
ما معنى قول الله تعالى : (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187.
ومعنى ذلك أن الله تعالى أباح للصائم الأكل والشرب ليلاً حتى يتبين له (أي يتيقن) طلوع الفجر .
والمراد من الخيط الأبيض النهار ، والخيط الأسود الليل .
قال الحافظ : وَمَعْنَى الآيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ , وَهَذَا الْبَيَانُ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ .
وَقَوْلُهُ : ( مِنْ الْفَجْرِ ) بَيَانٌ لِلْخَيْطِ الأَبْيَضِ , وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ لأَنَّ بَيَانَ أَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلآخَرِ اهـ .
وقد فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم الآية على خلاف معناها ، ففهموا أن المراد منها الخيط الحقيقي ، فكان أحدهم يجعل تحت وسادته أو يربط في رجله خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويظل يأكل حتى يتبين له أحدهما من الآخر ، وسبب هذا الخطأ في فهم معنى الآية أن الله تعالى أنزل الآية أولاً بدون قوله : (مِنَ الْفَجْرِ ) ، ففهمها بعض الصحابة على المعنى المتبادر إلى الذهن من كلمة "الخيط" ثم أنزل الله تعالى بعد مدة (قال بعض العلماء إنها سنة) أنزل قوله : ( مِنَ الْفَجْرِ ) فعلموا أن المراد بالخيط الأبيض ضوء الفجر (النهار) وبالخيط الأسود الليل .
روى البخاري (1917) ومسلم (1091) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ
( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يَنْزِلْ (مِنْ الْفَجْرِ) فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ

Muslima :
الله يجزيك خير فرائـد نادرة على هذه الهدية العظيمة الرائعة دمت في حفظ الله ورعايتهالله يجزيك خير فرائـد نادرة على هذه الهدية العظيمة الرائعة دمت في حفظ الله ورعايته
المجموعة الثانية عشر
صام قبل البلوغ ونسي قضاء بعض الأيام فهل يقضيها بعد بلوغه ؟
سؤال:
عندما كنت في أول متوسط - وكان عمري آنذاك 13 عاماً - أفطرت ثلاثة أيام ونسيتها ولم أتذكرها إلا هذه السنة ، عمري الآن 16 سنة ، علماً بأني لم أبلغ ، فهل أقضي بالصوم فقط أم عليَّ شيء آخر ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يكلَّف الصبي بالواجبات الشرعية إلا بعد بلوغه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ) رواه أبو داود (4399) . وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " ، وما يفعله الصبي من طاعات واجبة أو مستحبة قبل البلوغ فإنه يثاب عليها ، فمن حجَّ وهو صبي أو صام أو صلَّى كُتب له أجر ذلك كله ، ولكن الحج لا يجزئه عن حجة الإسلام ، فعليه بعد البلوغ أن يحج حجة أخرى .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ : ( مَنْ الْقَوْمُ ؟ قَالُوا : الْمُسْلِمُونَ ، فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِ أَجْرٌ ) رواه مسلم ( 1336 ) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام بل يقع تطوعا ، وهذا الحديث صريح فيه " انتهى .
" شرح النووي " ( 9 / 99 ) .
وقال الخطابي :
إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقي حتى بلغ ويدرك مدرك الرجال ، وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوب فرض ولكن يكتب له أجرها تفضلا من الله سبحانه وتعالى ، ويكتب لمن يأمره بها ويرشده إليها أجر .
انظر : " عون المعبود " ( 5 / 110 ) .
ولا يؤمر بقضاء ما أفطره وهو صبي ، ولا يؤمر بقضاء ما تركه من صلوات .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
فأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه : فلا قضاء عليه ، وسواء كان قد صامه أو أفطره ، هذا قول عامة أهل العلم " المغني " ( 3 / 94 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" صيام الصبي ليس بواجب عليه ، ولكن على ولي أمره أن يأمره به ليعتاده ، وهو – أي الصيام في حق الصبي الذي لم يبلغ – سنَّة ، له أجر في الصوم ، وليس عليه وزر إذا تركه " انتهى .
" فقه العبادات " ( ص 186 ) .
وعلى هذا ، فلا يلزمك قضاء هذه الأيام الثلاثة التي أفطرتها ، لأن الصوم لم يكن واجباً عليك ، وإن أردت قضاءها فلا حرج عليك ، وتقضي بالصوم فقط ، يوماً مكان يوم ، وليس عليك شيء آخر .
ثانياً :
قولك في السؤال : "إن عمرك الآن 16 سنة ولم تبلغ"
بل أنت الآن بالغ ! لأن البلوغ يحصل بإحدى ثلاث علامات ـ بالنسبة للذكر :
1- إنزال المني
2- إنبات الشعر الخشن حول العانة .
3- بلوغ خمسة عشر سنة .
وتزيد الأنثى علامة رابعة وهي نزول الحيض .
فمتى وجدت إحدى هذه العلامات ثبت البلوغ ، ولا يشترط وجود كل هذه العلامات .
وانظر جواب السؤال رقم (70425) .
وبما أن عمرك 16 سنة فإنك تعتبر بالغاً ، فاعمل لذلك ، فقد انتهى زمن الصغر وعدم التكليف ، فإن الملائكة تكتب على كل شخص بالغ ما يفعله من خير أو شر ) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) الزلزلة/8 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
وصل شعبان برمضان
سؤال:
عفا الله عنى وتركت التدخين وبدأت الصيام من يوم 7 رجب وحتى نهاية شعبان ولم أفصل بين شعبان ورمضان حيث اختلفت الفتاوى في ذلك .
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله الذي وفقك لترك هذا المحرم ، ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات على دينه حتى الممات .
ومواصلتك الصيام بين شعبان ورمضان جائزة ،
وقد أصبت السنة بفعلك هذا ، راجع سؤال رقم (13726 ),(26850) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم زيارة طبيبة نساء في رمضان
سؤال:
ما حكم زيارة طبيبة نساء في رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا تُمنع المرأة من زيارة الطبيبة من أجل الفحص والكشف ، على أن تتقيد بالضوابط الشرعية في مسألة كشف العورة ، وقد سبق ذكر هذه الضوابط في جواب السؤال رقم ( 5693 ) .
وأما بالنسبة لفحص الرحم الداخلي باليد أو بالمنظار فهو لا يفطر ، وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 38023 ) تفصيل الأشياء التي تفطِّر الصائم والتي لا تفطِّره ، ومما جاء فيه :
" من الأشياء التي لا تفطر :
ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
ما يدخل مجرى البول للذكر أو الأنثى ، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار ، أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مفسدات الصيام
سؤال:
نريد ذكر ملخص مبطلات الصوم .
الجواب:
الحمد لله
فقد شرع الله تعالى الصوم على أتم ما يكون من الحكمة .
فأمر الصائم أن يصوم صوماً معتدلاً ، فلا يضر نفسه بالصيام ، ولا يتناول ما يضاد الصيام .
ولذلك كانت المفطرات على نوعين :
فمن المفطّرات ما يكون من نوع الاستفراغ كالجماع والاستقاءة والحيض والاحتجام ، فخروج هذه الأشياء من البدن مما يضعفه ، ولذلك جعلها الله تعالى من مفسدات الصيام ، حتى لا يجتمع على الصائم الضعف الناتج من الصيام مع الضعف الناتج من خروج هذه الأشياء فيتضرر بالصوم . ويخرج صومه عن حد الاعتدال .
ومن المفطرات ما يكون من نوع الامتلاء كالأكل والشرب . فإن الصائم لو أكل أو شرب لم تحصل له الحكمة المقصودة من الصيام . مجموع الفتاوى 25/248
وقد جمع الله تعالى أصول المفطرات في قوله :
( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 .
فذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أصول المفطرات ، وهي الأكل والشرب والجماع
وسائر المفطرات بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته .
ومفسدات الصيام (المفطرات) سبعة . وهي :
1- الجماع .
2- الاستمناء .
3- الأكل والشرب .
4- ما كان بمعنى الأكل والشرب .
5- إخراج الدم بالحجامة ونحوها .
6- القيء عمداً .
7- خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة .
فأول هذه المفطرات : الجماع
وهو أعظم المفطرات وأكبرها إثما .
فمن جامع في نهار رمضان عامدا مختارا بأن يلتقي الختانان ، وتغيب الحشفة في أحد السبيلين ، فقد أفسد صومه ، أنزل أو لم يُنزل ، وعليه التوبة ، وإتمام ذلك اليوم ، والقضاء والكفارة المغلظة ، ودليل ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ . قَالَ : هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لا .. . الحديث رواه البخاري (1936) ومسلم (1111) .
ولا تجب الكفارة بشيء من المفطرات إلا الجماع .
وثاني المفطرات : الاستمناء
وهو إنزال المني باليد أو نحوها .
والدليل على أن الاستمناء من المفطرات : قول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم : ( يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151) . وإنزال المني من الشهوة التي يتركها الصائم .
فمن استمنى في نهار رمضان وجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يُمسك بقية يومه ، وأن يقضيه بعد ذلك .
وإن شرع في الاستمناء ثمّ كفّ ولم يُنزل فعليه التوبة ، وصيامه صحيح ، وليس عليه قضاء لعدم الإنزال ، وينبغي أن يبتعد الصائم عن كلّ ما هو مثير للشهوة وأن يطرد عن نفسه الخواطر الرديئة.
وأما خروج المذي فالراجح أنه لا يُفطّر .
الثالث من المفطرات : الأكل أو الشرب .
وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى المعدة عن طريق الفم .
وكذلك لو أدخل إلى معدته شيئاً عن طريق الأنف فهو كالأكل والشرب .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ) رواه الترمذي (788) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 631 ) .
فلولا أن دخول الماء إلى المعدة عن طريق الأنف يؤثر في الصوم لم يَنْهَ النبيُ صلى الله عليه وسلم الصائمَ عن المبالغة في الاستنشاق .
الرابع من المفطرات : ما كان بمعنى الأكل والشرب .
وذلك يشمل أمرين :
1- حقن الدم في الصائم ، كما لو أصيب بنزيف فحقن بالدم ، فإنه يفطر لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
2- الإبر (الحقن) المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب ، لأنها بمنزلة الأكل والشرب . الشيخ ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان" ص 70 .
وأما الإبر التي لا يُستعاض بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو تنشيط الجسم أو إبر التطعيم فلا تضرّ الصيام سواء عن طريق العضلات أو الوريد . فتاوى محمد بن إبراهيم (4/189) . والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل .
وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يعتبر مفطّرا . فتاوى اللجنة الدائمة (10/19).
المفطر الخامس : إخراج الدم بالحجامة .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ) رواه أبو داود (2367) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2047) .
وفي معنى إخراج الدم بالحجامة التبرع بالدم لأنه يؤثر على البدن كتأثير الحجامة .
وعلى هذا لا يجوز للصائم أن يتبرع بالدم إلا أن يوجد مضطر فيجوز التبرع له ، ويفطر المتبرع ، ويقضي ذلك اليوم . ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان" ص 71 .
ومن أصابه نزيف فصيامه صحيح ، لأنه بغير اختياره . فتاوى اللجنة الدائمة (10/264) .
وأما خروج الدم بقلع السن أو شق الجرح أو تحليل الدم ونحو ذلك فلا يفطر لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها إذ لا يؤثر في البدن تأثير الحجامة .
المفطر السادس : التقيؤ عمداً
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ ). رواه الترمذي (720) صححه الألباني في صحيح الترمذي (577) .
ومعنى ذرعه أي غلبه .
وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ صَوْمِ مَنْ اسْتَقَاءَ عَامِدًا اهـ المغني (4/368).
فمن تقيأ عمدا بوضع أصبعه في فمه ، أو عصر بطنه ، أو تعمد شمّ رائحة كريهة ، أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه ، فعليه القضاء .
وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره . "مجالس شهر رمضان" ابن عثيمين ص 71 .
المفطر السابع : خروج دم الحيض والنفاس
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ) . رواه البخاري (304) .
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها ولو كان قبل غروب الشمس بلحظة .
وإذا أحست المرأة بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها ، وأجزأها يومها.
والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلا فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها . الفتح 4/148 .
والأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها ، وترضى بما كتب الله عليها ، ولا تتعاطى ما تمنع به الدم ، وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في الحيض والقضاء بعد ذلك ، وهكذا كانت أمهات المؤمنين ، ونساء السلف . فتاوى اللجنة الدائمة 10/151 .
بالإضافة إلى أنه قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك ، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك .
فهذه هي مفسدات الصيام . وكلها -ماعدا الحيض والنفاس- لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة :
ـ أن يكون عالما غير جاهل .
ـ ذاكرا غير ناس .
ـ مختارا غير مُكْرَه .
وللفائدة نذكر بعض الأشياء التي لا تفطر :
الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السنّ ومداواة الجراح كل ذلك لا يفطر . مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/233 ، 25/245 .
الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
ما يدخل مجرى البول للذكر أو الأنثى ، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار ، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة .
حفر السن ، أو قلع الضرس ، أو تنظيف الأسنان ، بالسواك أو فرشاة الأسنان ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
غاز الأكسجين وغازات التخدير ( البنج ) ما لم يعط المريض سوائل ( محاليل ) مغذية .
ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية .
إدخال قثطرة ( أنبوب دقيق ) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
أخذ عينات ( خزعات ) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل ( محاليل ) أو مواد أخرى .
دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .
والله تعالى أعلم .
انظر مجالس رمضان للشيخ ابن عثيمين وكتيب سبعون مسألة في الصيام الموجود في ق
صام قبل البلوغ ونسي قضاء بعض الأيام فهل يقضيها بعد بلوغه ؟
سؤال:
عندما كنت في أول متوسط - وكان عمري آنذاك 13 عاماً - أفطرت ثلاثة أيام ونسيتها ولم أتذكرها إلا هذه السنة ، عمري الآن 16 سنة ، علماً بأني لم أبلغ ، فهل أقضي بالصوم فقط أم عليَّ شيء آخر ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يكلَّف الصبي بالواجبات الشرعية إلا بعد بلوغه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ) رواه أبو داود (4399) . وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " ، وما يفعله الصبي من طاعات واجبة أو مستحبة قبل البلوغ فإنه يثاب عليها ، فمن حجَّ وهو صبي أو صام أو صلَّى كُتب له أجر ذلك كله ، ولكن الحج لا يجزئه عن حجة الإسلام ، فعليه بعد البلوغ أن يحج حجة أخرى .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ : ( مَنْ الْقَوْمُ ؟ قَالُوا : الْمُسْلِمُونَ ، فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِ أَجْرٌ ) رواه مسلم ( 1336 ) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام بل يقع تطوعا ، وهذا الحديث صريح فيه " انتهى .
" شرح النووي " ( 9 / 99 ) .
وقال الخطابي :
إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقي حتى بلغ ويدرك مدرك الرجال ، وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوب فرض ولكن يكتب له أجرها تفضلا من الله سبحانه وتعالى ، ويكتب لمن يأمره بها ويرشده إليها أجر .
انظر : " عون المعبود " ( 5 / 110 ) .
ولا يؤمر بقضاء ما أفطره وهو صبي ، ولا يؤمر بقضاء ما تركه من صلوات .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
فأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه : فلا قضاء عليه ، وسواء كان قد صامه أو أفطره ، هذا قول عامة أهل العلم " المغني " ( 3 / 94 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" صيام الصبي ليس بواجب عليه ، ولكن على ولي أمره أن يأمره به ليعتاده ، وهو – أي الصيام في حق الصبي الذي لم يبلغ – سنَّة ، له أجر في الصوم ، وليس عليه وزر إذا تركه " انتهى .
" فقه العبادات " ( ص 186 ) .
وعلى هذا ، فلا يلزمك قضاء هذه الأيام الثلاثة التي أفطرتها ، لأن الصوم لم يكن واجباً عليك ، وإن أردت قضاءها فلا حرج عليك ، وتقضي بالصوم فقط ، يوماً مكان يوم ، وليس عليك شيء آخر .
ثانياً :
قولك في السؤال : "إن عمرك الآن 16 سنة ولم تبلغ"
بل أنت الآن بالغ ! لأن البلوغ يحصل بإحدى ثلاث علامات ـ بالنسبة للذكر :
1- إنزال المني
2- إنبات الشعر الخشن حول العانة .
3- بلوغ خمسة عشر سنة .
وتزيد الأنثى علامة رابعة وهي نزول الحيض .
فمتى وجدت إحدى هذه العلامات ثبت البلوغ ، ولا يشترط وجود كل هذه العلامات .
وانظر جواب السؤال رقم (70425) .
وبما أن عمرك 16 سنة فإنك تعتبر بالغاً ، فاعمل لذلك ، فقد انتهى زمن الصغر وعدم التكليف ، فإن الملائكة تكتب على كل شخص بالغ ما يفعله من خير أو شر ) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) الزلزلة/8 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
وصل شعبان برمضان
سؤال:
عفا الله عنى وتركت التدخين وبدأت الصيام من يوم 7 رجب وحتى نهاية شعبان ولم أفصل بين شعبان ورمضان حيث اختلفت الفتاوى في ذلك .
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله الذي وفقك لترك هذا المحرم ، ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات على دينه حتى الممات .
ومواصلتك الصيام بين شعبان ورمضان جائزة ،
وقد أصبت السنة بفعلك هذا ، راجع سؤال رقم (13726 ),(26850) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم زيارة طبيبة نساء في رمضان
سؤال:
ما حكم زيارة طبيبة نساء في رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا تُمنع المرأة من زيارة الطبيبة من أجل الفحص والكشف ، على أن تتقيد بالضوابط الشرعية في مسألة كشف العورة ، وقد سبق ذكر هذه الضوابط في جواب السؤال رقم ( 5693 ) .
وأما بالنسبة لفحص الرحم الداخلي باليد أو بالمنظار فهو لا يفطر ، وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 38023 ) تفصيل الأشياء التي تفطِّر الصائم والتي لا تفطِّره ، ومما جاء فيه :
" من الأشياء التي لا تفطر :
ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
ما يدخل مجرى البول للذكر أو الأنثى ، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار ، أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مفسدات الصيام
سؤال:
نريد ذكر ملخص مبطلات الصوم .
الجواب:
الحمد لله
فقد شرع الله تعالى الصوم على أتم ما يكون من الحكمة .
فأمر الصائم أن يصوم صوماً معتدلاً ، فلا يضر نفسه بالصيام ، ولا يتناول ما يضاد الصيام .
ولذلك كانت المفطرات على نوعين :
فمن المفطّرات ما يكون من نوع الاستفراغ كالجماع والاستقاءة والحيض والاحتجام ، فخروج هذه الأشياء من البدن مما يضعفه ، ولذلك جعلها الله تعالى من مفسدات الصيام ، حتى لا يجتمع على الصائم الضعف الناتج من الصيام مع الضعف الناتج من خروج هذه الأشياء فيتضرر بالصوم . ويخرج صومه عن حد الاعتدال .
ومن المفطرات ما يكون من نوع الامتلاء كالأكل والشرب . فإن الصائم لو أكل أو شرب لم تحصل له الحكمة المقصودة من الصيام . مجموع الفتاوى 25/248
وقد جمع الله تعالى أصول المفطرات في قوله :
( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 .
فذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أصول المفطرات ، وهي الأكل والشرب والجماع
وسائر المفطرات بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته .
ومفسدات الصيام (المفطرات) سبعة . وهي :
1- الجماع .
2- الاستمناء .
3- الأكل والشرب .
4- ما كان بمعنى الأكل والشرب .
5- إخراج الدم بالحجامة ونحوها .
6- القيء عمداً .
7- خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة .
فأول هذه المفطرات : الجماع
وهو أعظم المفطرات وأكبرها إثما .
فمن جامع في نهار رمضان عامدا مختارا بأن يلتقي الختانان ، وتغيب الحشفة في أحد السبيلين ، فقد أفسد صومه ، أنزل أو لم يُنزل ، وعليه التوبة ، وإتمام ذلك اليوم ، والقضاء والكفارة المغلظة ، ودليل ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ . قَالَ : هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لا .. . الحديث رواه البخاري (1936) ومسلم (1111) .
ولا تجب الكفارة بشيء من المفطرات إلا الجماع .
وثاني المفطرات : الاستمناء
وهو إنزال المني باليد أو نحوها .
والدليل على أن الاستمناء من المفطرات : قول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم : ( يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151) . وإنزال المني من الشهوة التي يتركها الصائم .
فمن استمنى في نهار رمضان وجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يُمسك بقية يومه ، وأن يقضيه بعد ذلك .
وإن شرع في الاستمناء ثمّ كفّ ولم يُنزل فعليه التوبة ، وصيامه صحيح ، وليس عليه قضاء لعدم الإنزال ، وينبغي أن يبتعد الصائم عن كلّ ما هو مثير للشهوة وأن يطرد عن نفسه الخواطر الرديئة.
وأما خروج المذي فالراجح أنه لا يُفطّر .
الثالث من المفطرات : الأكل أو الشرب .
وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى المعدة عن طريق الفم .
وكذلك لو أدخل إلى معدته شيئاً عن طريق الأنف فهو كالأكل والشرب .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ) رواه الترمذي (788) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 631 ) .
فلولا أن دخول الماء إلى المعدة عن طريق الأنف يؤثر في الصوم لم يَنْهَ النبيُ صلى الله عليه وسلم الصائمَ عن المبالغة في الاستنشاق .
الرابع من المفطرات : ما كان بمعنى الأكل والشرب .
وذلك يشمل أمرين :
1- حقن الدم في الصائم ، كما لو أصيب بنزيف فحقن بالدم ، فإنه يفطر لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
2- الإبر (الحقن) المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب ، لأنها بمنزلة الأكل والشرب . الشيخ ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان" ص 70 .
وأما الإبر التي لا يُستعاض بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو تنشيط الجسم أو إبر التطعيم فلا تضرّ الصيام سواء عن طريق العضلات أو الوريد . فتاوى محمد بن إبراهيم (4/189) . والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل .
وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يعتبر مفطّرا . فتاوى اللجنة الدائمة (10/19).
المفطر الخامس : إخراج الدم بالحجامة .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ) رواه أبو داود (2367) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2047) .
وفي معنى إخراج الدم بالحجامة التبرع بالدم لأنه يؤثر على البدن كتأثير الحجامة .
وعلى هذا لا يجوز للصائم أن يتبرع بالدم إلا أن يوجد مضطر فيجوز التبرع له ، ويفطر المتبرع ، ويقضي ذلك اليوم . ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان" ص 71 .
ومن أصابه نزيف فصيامه صحيح ، لأنه بغير اختياره . فتاوى اللجنة الدائمة (10/264) .
وأما خروج الدم بقلع السن أو شق الجرح أو تحليل الدم ونحو ذلك فلا يفطر لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها إذ لا يؤثر في البدن تأثير الحجامة .
المفطر السادس : التقيؤ عمداً
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ ). رواه الترمذي (720) صححه الألباني في صحيح الترمذي (577) .
ومعنى ذرعه أي غلبه .
وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ صَوْمِ مَنْ اسْتَقَاءَ عَامِدًا اهـ المغني (4/368).
فمن تقيأ عمدا بوضع أصبعه في فمه ، أو عصر بطنه ، أو تعمد شمّ رائحة كريهة ، أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه ، فعليه القضاء .
وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره . "مجالس شهر رمضان" ابن عثيمين ص 71 .
المفطر السابع : خروج دم الحيض والنفاس
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ) . رواه البخاري (304) .
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها ولو كان قبل غروب الشمس بلحظة .
وإذا أحست المرأة بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها ، وأجزأها يومها.
والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلا فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها . الفتح 4/148 .
والأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها ، وترضى بما كتب الله عليها ، ولا تتعاطى ما تمنع به الدم ، وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في الحيض والقضاء بعد ذلك ، وهكذا كانت أمهات المؤمنين ، ونساء السلف . فتاوى اللجنة الدائمة 10/151 .
بالإضافة إلى أنه قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك ، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك .
فهذه هي مفسدات الصيام . وكلها -ماعدا الحيض والنفاس- لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة :
ـ أن يكون عالما غير جاهل .
ـ ذاكرا غير ناس .
ـ مختارا غير مُكْرَه .
وللفائدة نذكر بعض الأشياء التي لا تفطر :
الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السنّ ومداواة الجراح كل ذلك لا يفطر . مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/233 ، 25/245 .
الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
ما يدخل مجرى البول للذكر أو الأنثى ، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار ، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة .
حفر السن ، أو قلع الضرس ، أو تنظيف الأسنان ، بالسواك أو فرشاة الأسنان ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
غاز الأكسجين وغازات التخدير ( البنج ) ما لم يعط المريض سوائل ( محاليل ) مغذية .
ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية .
إدخال قثطرة ( أنبوب دقيق ) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
أخذ عينات ( خزعات ) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل ( محاليل ) أو مواد أخرى .
دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .
والله تعالى أعلم .
انظر مجالس رمضان للشيخ ابن عثيمين وكتيب سبعون مسألة في الصيام الموجود في ق

عنودتي10
•
فرائـد نادرة :
نكمل المجموعة الرابعة معنى الآية (ثم أتموا الصيام إلى الليل) سؤال: كنت أتساءل أثناء قراءتي للقرآن في سورة البقرة الآية (187) بأن الله قال : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل) فالكثير منا يفطر في وقت المغرب . هل ممكن أن تشرح لنا هذه المسألة. الجواب: الحمد لله ليس هناك إشكال بين الآية وبين إفطار الصائم بعد غروب الشمس ، وذلك لأن الليل يدخل بغروب الشمس ، فأول الليل هو غروب الشمس ، وآخره طلوع الفجر . ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ ، وَغَابَتْ الشَّمْسُ ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) . ومعنى الحديث : أنه إذا غربت الشمس فقد دخل الليل ، وانتهى النهار ، وحينئذ يحل للصائم أن يفطر . انظر : شرح مسلم للنووي (7/209) . والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد . الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد هل للأم أن تمنع أبنتها من الصيام لأجل التغذية سؤال: هل من حق الأم منع ابنتها من صيام التطوع بحجة الحاجة للغذاء ؟ وهل يجوز للبنت في هذه الحالة الصوم رغما عن أمها ؟. الجواب: الحمد لله للوالدين منع الولد سواء كان ابناً أو بنتاً من التطوع ، سواء كان بالحج أو الصيام أو الجهاد أو غيرها لا سيما إذا رأى الوالدان أن التطوع بمثل ذلك مما يضرّ بالولد ، أو كانت حاجة الوالدين لا يمكن تأديتها إلا بذلك ، أما الفرائض فلا ، وإذا مُنع الولد من قبل الوالد من التطوع فأجره على الله . الشيخ : عبد الكريم الخضير. كيفية تهذيب الغريزة بالصيام سؤال: يتعلق سؤالي بالصيام في غير شهر رمضان المبارك . أعني الصيام عندما تكون لدى المسلم رغبة في الزواج لكنه لا يستطيعه في الوقت الراهن . أعلم أنه يُنصح بالصيام في مثل هذه الحالة، لكن ما هو الحكم الصحيح في ذلك؟. الجواب: الحمد لله جاء هذا الدين الحنيف بتهذيب الغرائز حتى لا يبقى الإنسان المسلم المتميز بشخصيته أسيراً لشهواته كالحيوان ، وشرع له من الشرائع الواجبة و المستحبة ما يحتمي بها من الآثار السيئة التي تنتج عن الانسياق وراء الشهوات ، ومن هذه التشريعات مشروعية الصيام لمن لم يستطع الوصول إلى التصريف الطبيعي لهذه الشهوة من خلال الزواج ، كما قال عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) البخاري 5066 مسلم 1400.و المراد أن الصوم يخفف من تأثير الشهوة على الشاب . وهذا الحكم وإن كان مشروعاً لعموم الشباب فإن الحاجة إليه تزداد مع زيادة الفتن وتيسُّر أسباب المنكرات وكثرة المغريات ، لاسيما لمن يعيش وسط مجتمعات يكثر فيها التبرج والانحلال ، فينبغي الحرص على هذه العبادة للمحافظة على العفة والدين ، ويستعين الإنسان مع الصيام بدعاء الله تعالى أن يحفظه في دينه وعرضه وأن ييسر له الزواج الذي يحصن به فرجه ، ويستعين كذلك بتذكر ما أعدّه الله تعالى في الجنان من الحور العين لمن استقام على أمره تعالى وحفظ نفسه . الشيخ محمد صالح المنجد متى يفطر الصائم سؤال: هل الأفضل أن أفطر بعد غروب الشمس أم أنتظر حتى يذهب الضوء من السماء ؟. الجواب: الحمد لله السنَّة تعجيل الفطر وهو أن يفطر بعد غروب الشمس مباشرة ، بل إن تأخيره إلى أن تشتبك النجوم من فعل اليهود وتبعهم عليه الرافضة ، فلا ينبغي التأخير المتعمد حتى يمسي الصائم جدّاً ، ولا أن يؤخر إلى آخر الأذان ، فكل ذلك ليس من هديه صلى الله عليه وسلم . عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر " . رواه البخاري ( 1856 ) ومسلم ( 1098 ) . قال النووي : فيه الحث على تعجيل الفطر بعد تحقق غروب الشمس , ومعناه : لا يزال أمر الأمة منتظماً وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السنَّة , وإذا أخروه كان ذلك علامة على فسادٍ يقعون فيه " شرح مسلم " ( 7 / 208 ) . وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال : كنتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فصام حتى أمسى فقال لرجل : انزل فاجدح لي ، ( المراد إعداد نوع معين من الطعام ليُفطر عليه ) قال : لو انتظرت حتى تمسي ، قال : انزل فاجدح لي ، إذا رأيت الليل قد أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم . رواه البخاري ( 1857 ) ومسلم ( 1101 ) . وعن أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا : يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة ، قالت : أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ؟ قال : قلنا : عبد الله - يعني : ابن مسعود - قالت : كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ( 1099 ) . قال الحافظ ابن حجر : تنبيه : من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان , وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس , وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت - زعموا - فأخروا الفطر وعجلوا السحور وخالفوا السنَّة , فلذلك قل عنهم الخير وكثُر فيهم الشر, والله المستعان . " فتح الباري " ( 4 / 199 ) . الإسلام سؤال وجواب معجون الأسنان لا يضرّ الصيام إذا لم يصل إلى الحلق سؤال: هل استعمال معجون الأسنان لتنظيف الفم في نهار رمضان يبطل الصيام ؟. الجواب: الحمد لله إذا لم يصل معجون الأسنان إلى الحلق فإنّه لا يُفطّر ، والأفضل أن يُستخدم في الليل ويستعمل السواك بالنهار . وفقنا الله وإياكِ إلى طاعته . الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد حكم المضمضة حال الصيام سؤال: في حال الصوم هل يجوز وضع الماء في الفم عند الوضوء ؟. الجواب: الحمد لله المؤمن مأمور بإسباغ الوضوء ، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ) رواه الترمذي ( الصوم / 788) , وأبو داود 142 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (631) . أسبغ الوضوء : أي أكمله . فنبَّه عليه الصلاة والسلام على تجنب المبالغة في المضمضة والاستنشاق حال الصوم حتى لا يؤدي ذلك إلى المحظور وهو دخول الماء في الجوف حال الصيام . أما مجرَّد المضمضة حال الصوم فليس فيها شيء إذا لم يدخل الماء في جوف الصائم. ولذلك صح في الحديث أن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ قَالَ : ( أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنْ الْمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ ) قُلْتُ : لا بَأْسَ بِهِ قَالَ فَمَهْ ) رواه أبو داود ( الصوم / 2037) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (2089) قال شارح الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أَرَأَيْت لَوْ مَضْمَضْت مِنْ الْمَاء ) : فِيهِ إِشَارَة إِلَى فِقْه بَدِيع وَهُوَ أَنَّ الْمَضْمَضَة لا تَنْقُض الصَّوْم وَهِيَ أَوَّل الشُّرْب .... والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب لم تعرف علامات البلوغ فأفطرت رمضان جهلاً سؤال: جرت العادة في بعض بلاد المسلمين أن معرفة علامة بلوغ المرأة الظاهرة هو الحيض دون النظر إلى بقية العلامات الأخرى كظهور الشعر الخشن حول العانة وغير ذلك مما هو معروف في كتب الفقه . تأثرا بهذا النوع من الأعراف أو العادات ، بدأت إحدى الأخوات صيام شهر رمضان صيام الفرض بعد رؤية دم الحيض مع العلم أنها كانت آنذاك تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما وأنه قد بدأ ينبت لها الشعر حول أماكن العورة قبل رؤية دم الحيض ، ولكنها لم تعد تتذكر أكان ذلك الشعر خشنا أو غير ذلك ، كذلك لم تعد تتذكر كم سنة قد أفطرت بعد ظهور ذلك الشعر . السؤال : 1- ما هي العلامات المعتبرة شرعا أو عرفا في معرفة بلوغ المرأة ، 2- ثم ما حكم إفطار هذه الأخت لتلك الرمضانات التي بدأ فيها ظهور الشعر دون الحيض إذا لم يعتد بذلك العرف شرعا . وهل الجهل في مثل هذه الحالة العينية مقبول أو معتبر ؟ . الجواب: الحمد لله بلوغ المرأة يحصل بواحد من أمور أربعة : 1- أن تُتِمَّ خمس عشرة سنة . 2- أن تنبت عانتها ، وهو الشعر الخشن حول الفرج . 3- بإنزال المنيّ المعروف . 4- أن تحيض . فإذا حصل واحد من هذه الأربعة ، فقد بلغت وكُلفت ووجبت عليها العبادات كما تجب على الكبيرة . وإذا لم تعلم المرأة أن البلوغ يحصل بذلك فليس عليها إثم حين تركت الصيام لأنها جاهلة ، والجاهل لا إثم عليه ما لم يكن مفرطاً في التعلّم مع قدرته عليه ، لكن يجب عليها أن تبادر بقضاء صيام الذي لم تصمه لأن المرأة متي بلغت أصبحت مكلّفة ويجب عليها قضاء ما تركته من الصيام في وقت التكليف ، ويجب عليها أن تتحرى لمعرفة ما أفطرته بعد بلوغها من أيام ، ولتبادر به حتى يزول عنها الإثم . الإسلام سؤال وجواب كيفية الصلاة والصوم في البلاد التي نهارها دائم أو ليلها دائم سؤال: بالنسبة للدول التي لا يحل فيها الظلام في فصل الصيف فكيف يصلون المغرب والعشاء ؟ وماذا يفعلون في شهر رمضان حيث يحل في ذلك الوقت ، فكيف يصوموا ؟. الجواب: الحمد لله صدرت فتوى رقم (2769) من هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة في هذه المسألة بمثل ما ذكرناه ، وهذا نص السؤال والجواب : الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده .. وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي الأمين العام لاتحاد الطلبة المسلمين بهولندا، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والسؤال نصه : نرجو من سماحتكم التفضل بموافاتنا بالفتوى اللازمة لكيفية تعيين أوقات صلاة المغرب والعشاء والصبح ، وكذلك تعيين أول رمضان ، وأول أيام عيد الفطر المبارك ، ذلك أنه بالنسبة إلى حركة شروق وغروب الشمس في بلدان شمال أوربا والقريبة من القطب الشمالي تختلف عن مثيلتها في بلدان الشرق الإسلامي ، والسبب في ذلك يرجع إلى وقت مغيب الشفق الأحمر والأبيض، فيلاحظ أن الشفق الأبيض في الصيف يمتد حتى يكاد يستغرق الليل كله فيصعب تحديد وقت العشاء وكذلك طلوع الصبح ؟ والجواب : لقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في بيان تحديد أوقات الصلوات ، وتحديد بدء صباح كل يوم ونهايته في رمضان في بلاد مماثلة لبلادكم هذا مضمونه : بعد الاطلاع والدراسة والمناقشة قرر المجلس ما يلي: أولاً : من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف ويقصر في الشتاء وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً . لعموم قوله تعالى { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا } ( الإسراء / 78 ) وقوله تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا } ( النساء / 103 ) ولما ثبت عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن وقت الصلاة فقال له : «صل معنا هذين» يعني اليومين ، فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن ، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية ، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس ، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما كان اليوم الثاني أمره أن يبرد بالظهر فأبرد بها ، ... وصلى العصر والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق ، وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل ، وصلى الفجر فأسفر بها ثم قال : « أين السائل عن وقت الصلاة » فقال الرجل أنا يا رسول الله قال : « وقت صلاتكم بين ما رأيتم » رواه البخاري ومسلم . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر مالم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان» أخرجه مسلم في صحيحه . إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً ولم تفرق بين طول النهار وقصره وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم ، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة. ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد وقد قال الله تعالى: { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}. ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله ، أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً ، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء قال تعالى : {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر}، وقال الله تعالى : {لايكلف الله نفساً إلا وسعها} ، وقال : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} . ثانياً : من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً ولا تطلع فيها الشمس شتاء ، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر ، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة ، وأن يقدروا لها أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض ، لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه التخفيف حتى قال : «يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة ...» إلى آخره . ولما ثبت من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خمس صلوات في اليوم والليلة» فقال : هل علي غيرهن قال : «لا ، إلا أن تطوع...» الحديث . ولما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال : «صدق» إلى أن قال : وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا قال : «صدق» قال فبالذي أرسلك : آلله أمرك بهذا؟ قال: « نعم... » الحديث . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث أصحابه عن المسيح الدجال فقيل له ما لبثه في الأرض قال : «أربعون يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم» فقيل : يا رسول الله اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : « لا ، اقدروا له » فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة ، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم . فيجب على المسلمين في البلاد المسئول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة . وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب بلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار ويكون مجموعها أربعاً وعشرين ساعة لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال ، وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 130 – 136 ) جامع زوجته من غير إنزال في نهار رمضان جاهلاً تحريم ذلك ، ولا يغتسل بعد الجماع سؤال: تزوجت قبل تسع سنوات - خلال السنة الأولى من الزواج كنت أداعب زوجتي أثناء نهار رمضان ويتخلل ذلك جماع لها , جهلاً مني بتحريم ذلك حيث كنت أعتقد انه إذا لم يحصل إنزال فلا يفسد الصوم . - بعد السنة الأولى لم اكرر ما فعلت مره أخرى , وذلك كي أبعد نفسي عن الشبهات . - منذ أن تزوجت إلى الآن كنت أكرر ما حصل خلال السنة الأولى من مداعبة لزوجتي ولكن خلال ليل رمضان وباقي أيام السنة سواء ليل أو نهار ويتخلل ذلك الجماع من غير إنزال ولا أغتسل اعتقادا ًمني انه إذا لم يحصل إنزال فلا يوجب الغسل . ارجوا التكرم بالإجابة مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما حصل هو جهل مني مع توضيح ما يلزمني أنا وزوجتي . الجواب: الحمد لله هنا في السؤال مسألتان : الأولى : جماع الصائم . الثانية : أحكام من جامع ولم يغتسل . أولاً : جماع الصائم لزوجته في نهار رمضان لو حالان : الحال الأولى : أن يعتقد أن الجماع بدون إنزال غير محرَّم في نهار رمضان . فجامع وهو جاهل للحكم . الحالة الثانية : أن يعلم أن الجماع حرام ولكنه لا يعرف العقوبة . أما الحالة الأولى فقد قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " القول الراجح أن من فعل مفطراً من المفطرات أو محظوراً من المحظورات في الإحرام أو مفسداً من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه ، لقول الله تعالى : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) فقال الله : قد فعلت . فهذا الرجل الذي أتى أهله في نهار رمضان إذا كان جاهلاً بالحكم ، يظن أن الجماع المحرَّم هو ما كان فيه إنزال فإنه لا شيء عليه . وأما الحال الثانية فإن كان يدري أن الجماع حرام ولكنه لا يعرف أن فيه الكفارة فإن عليه الكفارة ، لأن هناك فرقاً بين الجهل بالحكم وبين الجهل بالعقوبة ، فالجهل بالعقوبة لا يُعذر به الإنسان ، والجهل بالحكم يعذر به الإنسان . ولهذا قال العلماء : لو شرب الإنسان مسكراً يظنُّ أنه لا يُسكر أو يظن أنه ليس بحرام فإنه ليس عليه شيء ، ولو علم أنه يسكر وأنه حرام ولكن لا يدري أنه يُعاقب عليه ، فعليه العقوبة ولا تسقط عنه ، وبناء عليه نقول للسائل ما دمت لا تدري أنه يحرم عليك الجماع بدون إنزال فإنه لا شيء عليك ولا على زوجتك إذا كانت مثلك في الجهل . ثانياً : أثر هذا الفعل على الصيام والصلاة . أما الصيام فلا أثر للجنابة فيه ، إذ أن الجنب يصح صومه ، لكن ترك الغسل للصلاة هو المشكلة ، فالصلاة لا تصح بدون اغتسال لبقاء الجنابة وأكثر العلماء على أنه يجب على هذا الإنسان أن يقضي جميع الصلوات التي لم يغتسل لها لكن من المعلوم أن هذا الرجل سوف يجامع فيحصل إنزال فيغتسل . إلا أنه قد يخفى عليه مقدار ما حصل فيه الخلل مما اغتسل له فنقول له تحرّ واقض احتياطاً وإذا كنت لا تعلم عن هذا شيئاً ولم يخطر ببالك أن الجماع المجرد عن الإنزال يوجب الغسل فنرجو أن لا يكون عليك شيء ، أي أن لا يكون عليك قضاء لكن عليك التوبة ، والاستغفار من التفريط في ترك السؤال . الشيخ ابن عثيمين ، اللقاء الشهري ويراجع جواب سؤال رقم ( 9446 ) . الإسلام سؤال وجواب زوجها قوي الشهوة فماذا تفعل ؟ سؤال: تزوجنا منذ 6 أشهر وعندنا مشكلة تتعلق بتنظيم عملية الجماع فهو عنده رغبة قوية جداً وحاولت أن أوفي باحتياجاته لكنني لم أستطع وأصبحت مرهقة وبدنياً غير قادرة على ذلك. وزوجي وجد أن الموقف سيء وهو ينفصل عني في المنزل . أعلم أن واجبي هو إشباع رغباته لكن ما هي واجباتنا نحو بعضنا البعض ؟ إذا كان أحدنا لا يستطيع مجاراة الآخر رغم نية إرضاء الطرفين : هل يجوز لزوجي أن ينفصل عني بهذه الطريقة؟ وهل يحق له أن يأتي إلي من أجل هذه العلاقة رغم أننا لم نتكلم سوياً ؟ نحن ولله الحمد بالرغم من هذا سعداء مع بعضنا ونحب بعضنا ويحترم كل منا الآخر. ولكننا نريد حلاً إسلامياً لإزالة هذه المشكلة من حياتنا. الجواب: الحمد لله الواجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ، وقد قدَّر جمهور العلماء المدة التي لا يحل للزوج أن يترك الجماع بها أربعة أشهر ، والأصح أن ذلك لا يتحدد بمدة بل الواجب عليه ان يطأها بقدر كفايتها . قال ابن قدامة رحمه الله : والوطء واجب على الرجل إذا لم يكن له عذر ، وبه قال مالك . " المغني " ( 7 / 30 ) . وقال الجصَّاص : إن عليه وطأها بقوله تعالى : { فتذروها كالمعلَّقة } يعني : لا فارغة فتتزوج ، ولا ذات زوج ، إذا لم يوفها حقها من الوطء . " أحكام القرآن " ( 1 / 374 ) . وقال شيخ الإسلام رحمه الله : ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ، ما لم ينهك بدنه ، أو يشغله عن معيشته ، غير مقدَّر بأربعة أشهر ... " الاختيارات الفقهية " ( ص 246 ) . ويجب على المرأة أن تطيع زوجها إذا دعاها للفراش ، فإن أبت فهي عاصية . عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح " . رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436 ) . قال شيخ الإسلام : يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش وذلك فرض واجب عليها .. .. فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة ... ، كما قال تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا } . " الفتاوى الكبرى " ( 3 / 145 ، 146 ) . ولا يجوز للزوج أن يحمِّل امرأته ما لا طاقة لها به من الجماع ، فإذا كانت معذورة لمرض أو عدم تحمل لم تأثم من رفضها للجماع . قال ابن حزم : وفرض على الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما ما لم تكن المدعوة حائضا أو مريضة تتأذى بالجماع أو صائمة فرض فإن امتنعت لغير عذر فهي ملعونة . " المحلى " ( 10 / 40 ) . وقال البهوتي : ( وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت ... ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها ) فليس له الاستمتاع بها إذن لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف وحيث لم يشغلها عن ذلك ولم يضرها فله الاستمتاع . " كشاف القناع " ( 5 / 189 ) . وللزوجة التي يضرها زوجها بكثرة الجماع أن تصطلح مع زوجها على عدد معين تتحمله ، فإن زاد حتى ضرها ذلك فلها أن ترفع أمرها للقاضي ، فيحكم القاضي بعدد معين يلزم الزوج والزوجة به . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ، ما لم ينهك بدنه ، أو يشغله عن معيشته ، غير مقدَّر بأربعة أشهر ... فإن تنازعا : فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة ، وكوطئه إذا زاد . " الاختيارات الفقهية " ( ص 246 ) . وحيث لا يوجد الآن في بلدكم قضاء شرعي فعلي الزوجة أن تحاول الاتفاق مع زوجها حول هذا الأمر ، ولتكلمه بصراحة وتذكره بالآيات والأحاديث التي تأمر الزوج بحسن المعاشرة مع زوجته ، وتبين له أنها لم تمتنع عنه إلا لما يصيبها من الضرر ، وأنها حريصة كل الحرص على طاعته وتلبية رغبته والنصيحة للأخت السائلة أن تصبر على زوجها ، وتتحمل الأمر قدر استطاعتها ، ولتعلم أنها مثابة مأجورة على ذلك من الله تعالى . وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في امرأته ، ولا يحملها ما لا طاقة لها به ، وليحسن إلى امرأته ، وليعاشرها بالمعروف ، فإذا كانت شهوته قوية بحيث لا تكفيه زوجة واحدة فلماذا لا يحاول البحث عن حل لهذه المشكلة التي قد تكون سبباً لإفساد العلاقة بينه وبين زوجته ، أو لما هو أخطر من ذلك وهو أن يتجه لإشباع شهوته بطريق محرم . ومن هذه الحلول التي قد تساعد على حل هذه المشكلة أن يتزوج بأخرى ، فقد أباح الله تعالى للرجل أن يتزوج بأربع بشرط أن يعدل بينهن ، ومن الحلول أيضاً : أن يكثر من الصيام ، فإن الصيام يقلل من الشهوة ، ومنها أيضاً : أن يتناول أدوية تخفف من شهوته بشرط ألا يكون في ذلك ضرر عليه . والله تعالى المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب هل يصلِّي المسلم ويصوم لأجل الدعاء ؟ سؤال: هل يجوز للشخص أن يذهب للحرم للصلاة لكي يدعو الله أن يحقق له شيئاً معيناً يريده ، كأن يدعو الله أن يشفي مريضه أو أن يرزقه الله أولاداً ؟ وهل يجوز له أن يصوم بعض الأيام لنفس الغرض ؟. الجواب: الحمد لله لا مانع أن يذهب المسلم لأداء الصلاة في المسجد الحرام من أجل الدعاء ، ولكن الأفضل أن لا يقتصر قصده على الصلاة من أجل الدعاء ، بل يكون قصده التعبد لله تعالى بهذه الصلاة ، ورجاء ثواب الآخرة ، ثم الصلاة مشتملة على الذكر وقراءة قرآن والركوع والسجود والدعاء فيكون الدعاء وتابعاً للصلاة وليس هو المقصود الأعظم ؛ والمسجد الحرام من الأماكن المباركة المعظمة ، فإذا صلَّى ودعا الله تعالى في سجوده – مثلاً - فيكون قد جمع بين فضل المكان وفضل الهيئة ، فإذا كان هذا في الثلث الأخير من الليل فيكون أضاف إليه شرف الزمان . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم " أما الركوع فعظِّموا فيه الربَّ ، وأمَّا السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ ( أي : حقيق وجدير ) أنْ يستجاب لكم " – رواه مسلم ( 479 ) من حديث ابن عباس - : ففيه الأمر في الركوع بالتعظيم ، وأمره بالدعاء في السجود بيانٌ منه أنَّ الدعاء في السجود أحق بالإجابة من الركوع ، ولهذا قال : " فقمِنٌ أنْ يُستجاب لكم " كما قال : " أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجدٌ " – رواه مسلم ( 482 ) من حديث أبي هريرة - فهو أمرٌ بأنْ يكون الدعاء في السجود . " مجموع الفتاوى " ( 22 / 378 ) . وقال – رحمه الله - : والدعاء مستجاب عند نزول المطر ، وعند التحام الحرب ، وعند الأذان والإقامة ، وفي أدبار الصلوات ، وفي حال السجود ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر ، ودعوة المظلوم ، وأمثال ذلك ، فهذا كله مما جاءت به الأحاديث المعروفة في الصحاح والسنن ، والدعاء بالمشاعر كعرفة ومزدلفة ومنى والملتزم ونحو ذلك من مشاعر مكة ، والدعاء بالمساجد مطلقاً ، وكلما فضل المسجد كالمساجد الثلاثة : كانت الصلاة والدعاء فيه أفضل . " مجموع الفتاوى " ( 27 / 129 – 130 ) . ومن باب آخر يقال : التوسل بالأعمال الصالحة مشروع ، ولذا يمكن جعل الوضوء والصلاة في المسجد الحرام من الأعمال الصالحة التي يتوسل بها بين يدي الدعاء . عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله لي أن يعافيني فقال : إن شئتَ أخرت لك وهو خير وإن شئتَ دعوت ، فقال : ادعه ، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة ، يا محمد إني قد توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى ، اللهم شفعه في " . رواه الترمذي ( 3578 ) وابن ماجه ( 1385 ) – واللفظ له - . والحديث : صححه الترمذي والألباني في " صحيح الجامع " ( 1279 ) . فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ويصلي ركعتين قبل أن يدعو ، فدل ذلك على أن الصلاة من الأعمال الصالحة التي يتوسل بها إلى الله بين يدي الدعاء ، ويكون ذلك من أسباب إجابة الدعاء . وأما الصيام : فما قيل في الصلاة يقال في الصيام ، فينبغي أن يكون قصده التعبد لله تعالى بهذه العبادة العظيمة ، وتحصيل الثواب الأخروي والوصول إلى تقوى الله ومرضاته ، ثم إذا صام فإن الصائم يستحب له الإكثار من الدعاء فإن دعوة الصائم مستجابة لاسيما عند فطره . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب الحكمة من مشروعية الصيام سؤال: ما الحكمة من مشروعية الصيام ؟. الجواب: الحمد لله لا بد أولاً أن نعلم أن الله تعالى من أسمائه الحسنى ( الحكيم ) والحكيم مشتق من الحُكْم ومن الحِكْمة . فالله تعالى له الحكم وحده ، وأحكامه سبحانه في غاية الحكمة والكمال والإتقان . ثانياً : أن الله تعالى لم يشرع حكماً من الأحكام إلا وله فيه حكم عظيمة ، قد نعلمها ، وقد لا تهتدي عقولنا إليها ، وقد نعلم بعضها ويخفى علينا الكثير منها . ثالثاً : قد ذكر الله تعالى الحكمة من مشروعية الصيام وفرضِه علينا في قوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183 . فالصيام وسيلة لتحقيق التقوى ، والتقوى هي فعل ما أمر الله تعالى به ، وترك ما نهى عنه . فالصيام من أعظم الأسباب التي تعين العبد على القيام بأوامر الدين . وقد ذكر العلماء رحمهم الله بعض الحكم من مشروعية الصيام ، وكلها من خصال التقوى ، ولكن لا بأس من ذكرها ، ليتنبه الصائم لها ، ويحرص على تحقيقها . فمن حكم الصوم : 1- أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى شُكْرِ النِّعْم , فالصيام هُوَ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ , وهذه مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَعْلاهَا , وَالامْتِنَاعُ عَنْهَا زَمَانًا مُعْتَبَرًا يُعَرِّفُ قَدْرَهَا , إذْ النِّعَمُ مَجْهُولَةٌ , فَإِذَا فُقِدَتْ عُرِفَتْ, فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى قَضَاءِ حَقِّهَا بِالشُّكْرِ . 2- أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى ترك المحرمات , لأَنَّهُ إذَا انْقَادَتْ النَفْسٌ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَلالِ طَمَعًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى , وَخَوْفًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ , فَأَوْلَى أَنْ تَنْقَادَ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَرَامِ , فَكَانَ الصَّوْمُ سَبَبًا لاتِّقَاءِ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى . 3- أَنَّ فِي الصَّوْمِ التغلب على الشَّهْوَةِ , لأَنَّ النَّفْسَ إذَا شَبِعَتْ تَمَنَّتْ الشَّهَوَاتِ , وَإِذَا جَاعَتْ امْتَنَعَتْ عَمَّا تَهْوَى , وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ : مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ; فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ , وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ , فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) . 4- أَنَّ الصَّوْمَ مُوجِبٌ لِلرَّحْمَةِ وَالْعَطْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ , فَإِنَّ الصَّائِمَ إذَا ذَاقَ أَلَمَ الْجُوعِ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ , ذَكَرَ مَنْ هَذَا حَالُهُ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ , فَتُسَارِعُ إلَيْهِ الرِّقَّةُ عَلَيْهِ , وَالرَّحْمَةُ بِهِ , بِالإِحْسَانِ إلَيْهِ , فكان الصوم سبباً للعطف على المساكين . 5- فِي الصَّوْمِ قَهْرٌ لِلشَّيْطَانِ ، وإضعاف له , فتضعف وسوسته للإنسان ، فتقل منه المعاصي ، وذلك لأن ( الشَّيْطَان يَجْرِيَ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ ) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فبالصيام تضيق مجاري الشيطان فيضعف ، ويقل نفوذه . قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/246) : ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب ، وإذا أكل أو شرب اتسعت مجاري الشياطين - الذي هو الدم - وإذا صام ضاقت مجاري الشياطين ، فتنبعث القلوب إلى فعل الخيرات ، وترك المنكرات اهـ بتصرف . 6- أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه ، لعلمه باطلاع الله عليه . 7- وفي الصيام التزهيد في الدنيا وشهواتها ، والترغيب فيما عند الله تعالى . 8- تعويد المؤمن على الإكثار من الطاعات ، وذلك لأن الصائم في الغالب تكثر طاعته فيعتاد ذلك . فهذه بعض الحكم من مشروعية الصيام ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لتحقيقها ويعيننا على حسن عبادته. والله أعلم . انظر : تفسير السعدي (ص 116) ، حاشية ابن قاسم على الروض المربع (3/344) ، الموسوعة الفقهية (28/9) . الإسلام سؤال وجواب على من يجب صوم رمضان ؟ سؤال: من الذي يجب عليه صوم رمضان ؟. الجواب: الحمد لله يجب الصوم على الشخص إذا توفرت فيه خمسة شروط : أولاً / أن يكون مسلماً . ثانياً / أن يكون مكلفاً . ثالثاً / أن يكون قادراً على الصوم . رابعاً / أن يكون مقيماً . خامساً / الخلو من الموانع . فهذه الشروط الخمسة متى توفرت في الشخص وجب عليه الصوم . فخرج بالشرط الأول الكافر ؛ فالكافر لا يلزمه الصوم ولا يصح منه ، فإذا أسلم لم يؤمر بقضائه . والدليل على ذلك قوله تعالى : ( وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا يُنفقون إلا وهم كارهون ) فإذا كانت النفقات - ونفعها متعدٍ - لا تُقبل منهم لكفرهم ، فالعبادات الخاصة من باب أولى . وكونه لا يقضي إذا أسلم لقوله تعالى : ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) وثبت عن طريق التواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يأمر من أسلم بقضاء ما فاته من الواجبات . وهل يعاقب الكافر في الآخرة على ترك الصيام إذا لم يسلم ؟ الجواب : نعم يعاقب على تركه ، وعلى ترك جميع الواجبات ؛ لأنه إذا كان المسلم المطيع لله الملتزم بشرعه يعاقب عليها فالمستكبر من باب أولى ، وإذا كان الكافر يُعذب على ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس ، ففعل المحرمات وترك الواجبات من باب أولى ، وهذا من القياس . أما النص فيقول الله تعالى عن أصحاب اليمين أنهم يقولون للمجرمين : ( ما سلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين . ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين ) فهذه الأربعة هي التي أدخلتهم النار : { لم نكُ من المصلين } الصلاة ، { لم نكُ نطعم المسكين } الزكاة ، { وكنا نخوض مع الخائضين } مثل الاستهزاء بآيات الله .{ وكنا نكذب بيوم الدين } . الشرط الثاني : أن يكون مكلفاً ، والمكلف هو البالغ العاقل ، لأنه لا تكليف مع الصغر ولا تكليف مع الجنون . والبلوغ يحصل بواحد من ثلاثة أمور تجدها في السؤال (20475) . والعاقل ضده المجنون ، أي فاقد العقل من مجنون ومعتوه ، فكل من ليس له عقل بأي وصف من الأوصاف فإنه ليس بمكلف ، وليس عليه واجب من واجبات الدين لا صلاة ولا صيام ولا إطعام ، أي لا يجب عليه شيء إطلاقاً . الشرط الثالث : " القادر " أي قادر على الصيام ، أما العاجز فليس عليه صوم لقول الله تعالى : ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدةٌ من أيام أُخر ) . لكن العجز ينقسم إلى قسمين : قسم طارئ وقسم دائم : فالقسم الطارئ هو المذكور في الآية السابقة ( كالمريض مرضا يُرجى زواله والمسافر فهؤلاء يجوز لهم الإفطار ثم قضاء ما فاتهم ) . والعجز الدائم ( كالمريض مرضاً لا يُرجى شفائه ، وكبير السن الذي يعجز عن الصيام ) وهو المذكور في قوله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين ) حيث فسرها ابن عباس رضي الله عنهما " بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم فيُطعمان عن كل يوم مسكينا " . الشرط الرابع : أن يكون مقيماً ، فإن كان مسافرا فلا يجب عليه الصوم ؛ لقوله تعالى : ( ومن كان مريضاً أو على سفر فعدةٌ من أيامٍ أُخر ) وقد أجمع العلماء أنه يجوز للمسافر الفطر . والأفضل للمسافر أن يفعل الأيسر ، فإن كان في الصوم ضرر كان الصوم حراماً لقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) فإن هذه الآية تدل على أن ما كان ضرراً على الإنسان كان منهياً عنه . راجع السؤال (20165) فإن قلت : ما هو مقياس الضرر الذي يُحرِّم الصيام ؟ فالجواب : الضرر يكون بالحس ، وقد يُعلم بالخَبَر ، أما بالحس فأن يشعر المريض بنفسه أن الصوم يضره ويثير علي الأوجاع ، ويوجب تأخر الشفاء وما أشبه ذلك . وأما الخَبَر فأن يُخبره طبيب عالم ثقة بأنه يضره . الشرط الخامس : الخلو من الموانع ، وهذا خاص بالنساء ، فالحائض والنفساء لا يلزمها الصوم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم مقرراً ذلك : " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم " . فلا يلزمها ولا يصح منها إجماعاً ، ويلزمها قضاؤه إجماعاً . الشرح الممتع 6/330 والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب البيت ورمضان سؤال: أنا رب أسرة ، وها هو رمضان قد أقبل ، فكيف أقوم برعاية أسرتي وتربيتهم خلال هذا الشهر الكريم ؟. الجواب: الحمد لله فإن من نعم الله على المسلم أن يبلغه صيام رمضان ويعينه على قيامه ، فهو شهر تتضاعف فيه الحسنات ، وتُرفع فيه الدرجات ، ولله فيه عتقاء من النار ، فحري بالمسلم أن يستغل هذا الشهر بما يعود عليه بالخير ، وأن يبادر ساعات عمره بالطاعة ، فكم من شخص حُرِمَ إدراك هذا الشهر لمرض أو وفاة أو ضلال وكما أنه يجب على المسلم أن يبادر ساعات عمره باستغلال هذا الشهر ، فإن عليه تجاه أولاده واجباً لا بد له منه ، بحسن رعايتهم وتربيتهم ، وحثهم على أبواب الخير ، وتعويدهم عليه ؛ لأن الولد ينشأ على ما عوَّده عليه والده : وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه وفي هذه الأيام المباركة لا بد أن يكون للأب والأم دور في استغلال هذا الأمر ، ويمكن أن نوصي الأبوين بما يلي : 1. متابعة صيام الأولاد والحث عليه لمن قصَّر منهم في حقه . 2. تذكيرهم بحقيقة الصيام وأنه ليس فقط ترك الطعام والشراب وإنما هو طريق لتحصيل التقوى ، وأنه مناسبة لمغفرة الذنوب وتكفير الخطايا . عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقي المنبر فقال : آمين ، آمين ، آمين ، فقيل له : يا رسول الله ، ما كنت تصنع هذا ؟ فقال : قال لي جبريل : أرغم الله أنف عبد أو بَعُدَ دخل رمضان فلم يغفر له ، فقلت : آمين ، ثم قال : رغم أنف عبدٍ أو بَعُدَ أدرك والديه أو أحدهما لم يدخله الجنة ، فقلت : آمين ، ثم قال : رغم أنف عبد أو بَعُدَ ذُكِرت عنده فلم يصل عليك ، فقلت : آمين " رواه ابن خزيمة ( 1888 ) – واللفظ له - ، والترمذي ( 3545 ) وأحمد ( 7444 ) وابن حبان ( 908 ) ، انظر " صحيح الجامع " ( 3510 ) . 3. تعليمهم آداب وأحكام الطعام من حيث الأكل باليمين ومما يليهم ، وتذكيرهم بتحريم الإسراف وضرره على أجسادهم . 4. منعهم من الإطالة في تناول الإفطار بحيث تفوتهم صلاة المغرب جماعة . 5. التذكير بحال الفقراء والمعدمين ممن لا يجدون لقمة يطفئون بها نار جوعهم ، والتذكير بحال المهاجرين والمجاهدين في سبيل الله في كل مكان . 6. وفي هذه الاجتماعات مناسبة لاجتماع الأقرباء وصلة الأرحام ، ولا زالت هذه العادة موجودة في بعض البلدان ، فهي فرصة للمصالحة وصلة الرحم المقطوعة . 7. إعانة الأم في إعداد المائدة وتجهيزها ، وكذا في رفع المائدة وحفظ الطعام الصالح للأكل . 8. تذكيرهم بصلاة القيام والاستعداد لها بالتقليل من الطعام وبالتجهز قبل وقت كافٍ لأدائها في المسجد . 9. بالنسبة للسحور يُذكِّر الأبوان ببركة السحور وأنه يقوي الإنسان على الصيام . 10. إعطاء وقتٍ كافٍ قبل صلاة الفجر لكي يوتر من لم يوتر منهم ، ولكي يصلي من أخَّر صلاته إلى آخر الليل ، ولكي يدعو كل واحدٍ ربه بما يشاء . 11. الاهتمام بصلاة الفجر في وقتها جماعة في المسجد للمكلفين بها ، وقد رأينا كثيراً من الناس يستيقظون آخر الليل لتناول الطعام ثم يرجعون إلى فرشهم تاركين صلاة الفجر. 12. كان من هديه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه " يحيي ليله ويوقظ أهله " وفي هذا دلالة على أن الأسرة يجب أن تهتم باستغلال هذه الأوقات المباركة فيما يرضي الله عز وجل ، فعلى الزوج أن يوقظ زوجته وأولاده للقيام بما يقربهم عند ربهم عز وجل . 13. قد يوجد في البيت أولاد صغار وهم بحاجة للتشجيع على الصيام فعلى الأب أن يحثهم على السحور ، ويُشجعهم على الصيام بالثناء والجوائز لمن أتم صيام الشهر أو نصفه .. وهكذا . عن الربيع بنت معوذ قالت : أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار : مَن أصبح مفطراً فليتمَّ بقية يومه ، ومن أصبح صائماً فليصُم ، قالت : فكنا نصومه بعدُ ونصوِّم صبياننا [ الصغار ونذهب بهم إلى المساجد ] ، ونجعل لهم اللعبة من العهن ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار . رواه البخاري ( 1859 ) ومسلم ( 1136 ) والزيادة بين المعكوفين له . العِهن : الصوف . قال النووي : وفي هذا الحديث : تمرين الصبيان على الطاعات ، وتعويدهم العبادات ، ولكنهم ليسوا مكلفين ، قال القاضي : وقد روي عن عروة أنهم متى أطاقوا الصوم وجب عليهم ، وهذا غلط مردود بالحديث الصحيح " رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم - وفي رواية يبلغ - " ، والله أعلم . " شرح مسلم " ( 8 / 14 ) . 14. إن تيسر للأب والأم الذهاب بالأسرة إلى العمرة في رمضان فخيرٌ يقدمونه لأنفسهم ولأسرتهم ، فالعمرة في رمضان لها أجر حجة ، والأفضل الذهاب في أوله تجنباً للزحام . 15. وعلى الزوج أن لا يكلِّف زوجته بما لا طاقة لها به من حيث إعداد الطعام والحلويات ، فإن كثيراً من الناس اتخذوا هذا الشهر للتفنن في الطعام والشراب والإسراف فيه ، وهو ما يُذهب حلاوة هذا الشهر ويُفوِّت على الصائمين بلوغ الحكمة منه وهو تحصيل التقوى . 16. شهر رمضان شهر القرآن ، فننصح بعمل مجلس في كل بيتٍ يُقرأ فيه القرآن ويقوم الأب بتعليم أهله القراءة ويوقفهم على معاني الآيات ، وكذا أن يكون في المجلس قراءة كتاب في أحكام وآداب الصيام ، وقد يسَّر الله تعالى لكثير من العلماء وطلبة العلم أن يؤلِّفوا كُتباً في مجالس رمضان ، ويحوي الكتاب ثلاثين مجلساً ، فيُقرأ في كل يوم موضوعٌ ، فيتحصل منه خير عميم للجميع . 17. يحثهم على الإنفاق وتفقد الجيران والمحتاجين . عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " . رواه البخاري ( 6 ) ومسلم ( 2308 ) . 18. وعلى الأبوين منع أهلهم وأولادهم من السهر الذي تضيع فيه الأوقات من غير فائدة فضلا عن السهر على المحرَّمات ، فإن شياطين الإنس تخرج من أصفادها في هذا الشهر لتقدِّم للصائمين الشرور والفسق والفجور في ليالي رمضان ونهاره . 19. تذكر اجتماع الأسرة في جنة الله تعالى في الآخرة ، فالسعادة العظمى هو اللقاء هناك تحت ظل عرشه سبحانه ، وما هذه المجالس المباركة في الدنيا والاجتماع على طاعته في العلم والصيام والصلاة إلا من السبيل التي تؤدي إلى تحقيق هذه السعادة . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . الإسلام سؤال وجواب علموا بدخول رمضان في النهار فصاموا سؤال: بعض إخواننا المسلمين لا يعلمون بدخول رمضان إلا بعد طلوع الشمس ويتمون صيامهم ، هل يجزؤهم أو يعيدوا صومه ؟. الجواب: الحمد لله لقد أصابوا في إمساكهم بقية اليوم وعليهم قضاء يومٍ مكانه . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 245 . والسبب في وجوب قضاء يوم مكانه أنهم لم ينووا الصيام من الليل ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : " من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " رواه أحمد (6/287) وأبو داوود برقم (2454) والترمذي (730) والنسائي (2331) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود (2143) . الإسلام سؤال وجواب دعاء الصائم عند فطره سؤال: ما هو الدعاء الذي ندعو به عندما نفطر ونحن صائمون ؟. الجواب: الحمد لله قال عمر : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " . رواه أبو داود ( 2357 ) والدارقطني ( 25 ) ، وقال ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 2 / 202 ) : " قال الدارقطني : إسناده حسن " . وأما دعاء : " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت " فقد رواه أبو داود ( 2358 ) وهو حديث مرسل ، فهو ضعيف ، ضعيف أبي داود (510 ) للألباني . والدعاء بعد العبادات له أصل كبير في الشرع مثل الدعاء بعد الصلوات وبعد قضاء مناسك الحج ، ولا يخرج الصوم عنه إن شاء الله ، وقد ذكر الله تعالى آية الدعاء والترغيب به بين آيات الصيام وهي قوله تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة / 186 ، للدلالة على أهمية الدعاء في هذا الشهر . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أخبر سبحانه أنَّه قريبٌ مِن عباده يجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه ، فهذا إخبارٌ عن ربوبيته لهم وإعطائه سُؤلهم وإجابةِ دعائهم ؛ فإنهم إذا دعَوْه فقد آمنوا بربوبيته لهم ... ، ثم أمَرهم بأمرين فقال : { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } البقرة / 186 . فالأول : أنْ يطيعوه فيما أمرهم به من العبادة والاستعانة . والثاني : الإيمان بربوبيته وألوهيته وأنَّه ربهم وإلههم ولهذا قيل: إجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد وعن كمال الطاعة لأنَّه عقب آية الدعاء بقوله : { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي }. " مجموع الفتاوى " ( 14 / 33 ) . الإسلام سؤال وجواب النظر إلى النساء يبطل الصيام سؤال: ما حكم النظر إلى النساء قي شهر رمضان ؟ . الجواب: الحمد لله هذا السؤال يشتمل على مسألتين : الأولى : حكم النظر إلى النساء . الثانية : هل النظر إلى النساء يبطل الصيام أو يوجب الكفارة ؟ أما حكم النظر إلى النساء فهو محرم لأن الله عز وجل أمر المؤمنين بغض البصر فقال تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 ، وأمر بذلك رسوله عليه الصلاة والسلام فعَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ : ( اصْرِفْ بَصَرَكَ ) رواه أبو داود ( النكاح/1836 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1880) . ولذلك يجب امتثال أمر الله ورسوله قال تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63 ، أما المسألة الثانية : وهي تأثير النظر إلى النساء الأجنبيات على الصيام ، فقد سألت اللجنة الدائمة عن هذا السؤال فأجابت : بأنه " ليس مبطلاً للصيام ، وعليه أن يغض بصره " فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 10/274 فالواجب على المسلم لاسيما الصائم صرف النظر عنهن حتى لا يخدش صومه بالمحرمات ، ومن وقع في ذلك فعليه التوبة إلى الله . الإسلام سؤال وجواب الإمساك قبل الفجر بدقائق بدعة سؤال: في بعض البلاد هناك وقت يكون قبل الفجر بحوالي عشر دقائق يقولون إنه وقت الإمساك ، يبدأ الناس فيه الصيام ويمسكون عن الطعام والشراب . فهل هذا الفعل صحيح ؟. الجواب: الحمد لله هذا الفعل غير صحيح . لأن الله تعالى أباح للصائم أن يأكل ويشرب حتى يتبين طلوع الفجر . قال الله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) البقرة / 187 . وروى البخاري (1919) ومسلم (1092) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أَنَّ بِلالا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) . قال النووي رحمه الله : فِيهِ : جَوَاز الأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع وَسَائِر الأَشْيَاء إِلَى طُلُوع الْفَجْر اهـ . قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/199) : من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان ، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة اهـ وسئل الشيخ ابن عثيمين عما يوجد في بعض التقاويم من تحديد وقت للإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة فقال : هذا من البدع ، وليس له أصل من السنة ، بل السنة على خلافه ، لأن الله قال في كتابه العزيز : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) البقرة/187 . وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) . وهذا الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله عز وجل فيكون باطلاً وهو من التنطع في دين الله وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ) رواه مسلم (2670) اهـ . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب ما هو المرض الذي يبيح للصائم أن يفطر؟ سؤال: ما هو المرض الذي يبيح للإنسان أن يفطر في رمضان ؟ هل يجوز الإفطار بأي مرض ولو كان خفيفاً ؟. الجواب: الحمد لله ذهب أكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن المريض لا يجوز له أن يفطر في رمضان إلا إذا كان مرضه شديداً . والمراد بالمرض الشديد : 1- أن يزداد المرض بسبب الصوم . 2- أن يتأخر الشفاء بسبب الصوم . 3- أن تصيبه مشقة شديدة ، وإن لم تحصل له زيادة في المرض ولا تأخر للشفاء . 4- وألحق به العلماء من يخشى حصول المرض بسبب الصيام . قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/403) : ( وَالْمَرَضُ الْمُبِيحُ لِلْفِطْرِ هُوَ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزِيدُ بِالصَّوْمِ أَوْ يُخْشَى تَبَاطُؤُ بُرْئِهِ . قِيلَ لأَحْمَدَ : مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ ؟ قَالَ : إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ . قِيلَ : مِثْلُ الْحُمَّى ؟ قَالَ : وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى ! . . . وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى الْمَرَضَ بِالصِّيَامِ , كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَتَهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ ; لأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ خَوْفًا مِمَّا يَتَجَدَّدُ بِصِيَامِهِ , مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ وَتَطَاوُلِهِ , فَالْخَوْفُ مِنْ تَجَدُّدِ الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهُ ) اهـ قال النووي في "المجموع" (6/261) : (الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ لا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ . . . وَهَذَا إذَا لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِالصَّوْمِ وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَالَةٍ لا يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّوْمُ , بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا : شَرْطُ إبَاحَةِ الْفِطْرِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ يُشَقُّ احْتِمَالُهَا ) اهـ وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز الفطر لكل مريض وإن لم تحصل له مشقة بسب الصوم . وهو قول شاذ ردَّه جمهور العلماء . قال النووي : وَأَمَّا الْمَرَضُ الْيَسِيرُ الَّذِي لا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ بِلا خِلَافٍ عِنْدَنَا اهـ المجموع (6/261) . وقال الشيخ ابن عثيمين : المريض الذي لا يتأثّر بالصوم ، مثل الزكام اليسير ، أو الصداع اليسير ، ووجع الضرس ، وما أشبه ذلك ، فهذا لا يحلّ له أن يُفطر ، وإن كان بعض العلماء يقول : يحلّ له للآية ( ومن كان مريضاً ) البقرة/185 ، ولكننا نقول : إن هذا الحكم معلّل بعلّة وهي أن يكون الفطر أرفق به ، أما إذا كان لا يتأثّر فإنّه لا يجوز له الفطر ، ويجب عليه الصوم اهـ . الشرح الممتع (6/352) . الإسلام سؤال وجواب استعمال البخاخ للربو لا يفطر الصائم سؤال: هل استعمال البخاخ في الفم في نهار رمضان يفسد الصوم لمن يعاني من أزمة في التنفس ؟. الجواب: الحمد لله استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفسد الصيام . (وبخاخ الربو لا يفطّر لأنه غاز مضغوط يذهب إلى الرئة وليس بطعام ، وهو محتاج إليه دائما في رمضان وغيره . فتاوى الدعوة : ابن باز عدد 979 ). انظر : كتيب "سبعون مسألة في الصيام" . وقال الشيخ ابن عثيمين : هذا البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة ، فحينئذٍ نقول : لا بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم ، ولا تفطر بذلك اهـ فتاوى أركان الإسلام ص 475. وقال علماء الجنة الدائمة : دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقاً يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لا إلى المعدة ، فليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما . . . والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء اهـ فتاوى إسلامية (1/130) . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب متى يفطر راكب الطائرة سؤال: متي يفطر راكب الطائرة ؟. الجواب: الحمد لله ( إذا غربت الشمس فأفطر على الأرض ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس لم يلزمه الإمساك لأنه أتمّ صيام يومه كاملا فلا سبيل إلى إعادته للعبادة بعد فراغه منها . وإذا أقلعت به الطائرة قبل غروب الشمس وأراد إتمام صيام ذلك اليوم في السفر فلا يُفطر إلا إذا غربت الشمس في المكان الذي هو فيه من الجوّ ، ولا يجوز للطيار أن يهبط إلى مستوى لا تُرى فيه الشمس لأجل الإفطار لأنه تحايل لكن إن نزل لمصلحة الطيران فاختفى قرص الشمس أفطر ) . من فتاوى الشيخ ابن باز مشافهة . انظر كتيب "سبعون مسألة في الصيام" . قالت اللجنة الدائمة : إذا كان الصائم في الطائرة واطلع بواسطة الساعة والتليفون عن إفطار البلد القريبة منه وهو يرى الشمس بسبب ارتفاع الطائرة فليس له أن يفطر لأن الله تعالى قال : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) وهذه الغاية لم تتحقق في حقه ما دام يرى الشمس . وأما إذا أفطر بالبلد بعد انتهاء النهار في حقه فأقلعت الطائرة ثم رأى الشمس فإنه يستمر مفطراً لأن حكمه حكم البلد التي أقلع منها وقد انتهى النهار وهو فيها .اهـ وقالت اللجنة في فتوى أخرى : إذا كان الشخص بالطائرة في نهار رمضان وهو صائم ويريد الاستمرار بصيامه إلى الليل فإنه لا يجوز أن يفطر إلا بعد غروب الشمس اهـ مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (10/136-137) . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب الإفطار عمدا في رمضان بلا عذر سؤال: تركت امرأة صيام ثلاثة أيام من رمضان بلا عذر ، بل تهاوناً ، فما حكم الله في ذلك وماذا يلزمها ؟. الجواب: الحمد لله إذا كان الواقع كما ذكر من فطرها ثلاثة أيام من رمضان تهاوناً لا استحلالاً لذلك فقد ارتكبت إثماً عظيماً وذنباً كبيراً بانتهاكها حرمة رمضان، فإن صيامه ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) إلى أن قال تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) البقرة / 183 – 185 ، وعليها أن تصوم ثلاثة أيام قضاءً عن الأيام التي أفطرتها ، وإن وقع منها جماع في نهار يوم من الأيام الثلاثة التي أفطرتها فعليها كفارة عن ذلك اليوم مع قضائه ، وإن كان الجماع في يومين فعليها كفارتان وهكذا مع القضاء ، والكفارة عتق رقبة فإن لم تجد صامت شهرين متتابعين ، فإن لم تستطع أطعمت ستين مسكيناً مما تطعمه ( أي من طعام أهل البلد ) ، وعليها أن تستغفر الله وتتوب إليه وتؤدي الصوم الذي فرض الله عليها والعزم الصادق على ألا تفطر في رمضان مرة أخرى وعليها إطعام مسكين عن كل يوم من الأيام الثلاثة لتأخيرها القضاء إلى ما بعد رمضان آخر . والله اعلم . انظر فتاوى اللجنة (10/141)نكمل المجموعة الرابعة معنى الآية (ثم أتموا الصيام إلى الليل) سؤال: كنت أتساءل أثناء...
جزاك الله كل خير
سامحيني أختي صاحبة الموضوع عملت إقتباس لمشاركتك ووضعتها في تجمعنا حتى يستفيد الجميع
سامحيني أختي صاحبة الموضوع عملت إقتباس لمشاركتك ووضعتها في تجمعنا حتى يستفيد الجميع
الصفحة الأخيرة
وكل عام وانت وجميع بنات المنتدى بصحة وعافية بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك أعاننا الله واياكن صيامه وقيامه ............آآآآآآآآآآآآآآآآآمين