بـســم الله الـرحـمن الـرحـيـم
فــستـان أمــي الــحـريـري الأحــمـر
في هدأت الليل و قبل السحر رن جرس الهاتف
فصحوت و أنا خائفة أُحدث نفسي ...
من يا تُرى سيكون المتصل ؟ ألـــو ... مـن ؟ !!
أوووه أمــي !!
أجبتُ بسـرعةٍ أمــي ؟ !
مـاذا بك هـل أنتِ بخير ؟؟ !!
وأجابت أمـي و إذا بصوتها يدل على أنها مُجهدةٌ جدا"
" نعم ، نعم يا حبيبتي أنا بخير"
بادرتها بسرعة و أنا متلهفةٌ لسماع إجابتها بسؤال آخر
مـاالـذي جـعـلك تتصـلـين في هـذا الـوقـت مـن اللـيـل ؟
قالت أمـي الحبيبة : " أردت أن أسمع صوتك ... ثم أكملت بعد برهة هل تستطعين الحضورغدا" ؟
أجبتُها : " نعم يا أمـي سـأحضر بإذن الله "
أجابت : " إذن أتركك في رعاية الله وغدا" إن شاء الله نلتقي "
أقفلت الهاتف و أنا لأول مرة أشعر بالخوف على أمـي صوتها ليس كالعادة
و أُطمأنُ نفسي كلها ساعات ونلتقي
تمُــر الساعات و كأنها سنوات و أنا أُحدّثُ نفسي
و أنظُر إلى الساعة أنتظر أن تتحرك ...
آآهٍ لماذا عقارب الساعةِ لا تتحرك ؟؟
لماذا تتباطأ ؟؟
هل هي تلاعبني ؟؟ !! فليس الوقت الآن يسمح باللعب
إني خائفة نفسي تحدثني بأن أمي مريضة جدا" و هي
تُخفي ذلك عني حتى لا تُقلقني فهذه أمـي كعادتها
فهي تُحمّل نفسها ما لا تُطيق لكي تُسعد غيرها
آآآه منك يا أمــي إلى متى تتحملين من أجل إسعادنا ؟ !
أحـــبك أمــي فأنتي علمتني معنى التضحية في سبيل إسعاد من أُحب ..
الحمد لله ، و أخيرا" بزغ فجر يوم جديد فلا بد أن أُسرع فالطريقُ طويلةً
فأسرعتُ و بدلتُ ملابسي و سرحت شعري و انطلقت إلى بيت أمـي
و لازال خوفي عليها يكادُ أن يُشلني
سارت بي السيارة في الشوارع و بين الطرقات والأزقة و أحس و كأنها لا تتحرك أبدا"
أسرع أيها السائق لماذا لا تسرع !! أسرع !!
و أخيرا" و صلت لمنزلنا الذي يحوي من الذكريات
الجميلة و المؤلمة الشيء الكثير
دخلتُ بسرعة لأرتمي في حضن أمــي و أُقبّلها فقد مرّ
وقتٌ طويلٌ لم أُشاهدها فيه و ذلك لأنني تزوجت و انتقلت لمدينةٍ أُخرى
دخـلـتُ غـرفة أمـــي
و إذ هي ممدة على السرير في تلك الغرفة التي لم
تبدلها طيلة حياتها لأنها تحملُ لها الكثيرُ من الذكريات الجميلة
يالله ماهـذا يا أمـي : لماذا لم تُخبريني بأنك طريحة الفراش ؟!
لماذا لم تستدعيني لأكون بجوارك ؟ !
لماذا و لماذا و لماذا
أسئلة أعرف إجابتها " أمــي تتحمل الكثير كي تُسعِدُنا
فتنسى في زحمة هذه المسؤوليات
نفسها و هي ترى أن ذلك هو منتهى السعادة "
نظرت إليها و نظرت إليّ نظرة مودعٍ فعرفتُ إنها لن تبقى طويلا"
قبّلتها و جلست بجوارها فأشارت إلى خزانة ملابسها القديمةِ
وقالت : " افتحي الخزانةُ يا بُنيتي "
فتحته و قد كان هناك العديد من الفساتين القديمة
المُعلقة والتي أفنت حياتها وهي لا ترتدي سواها إلا
فُستانٌ أحمرٌ
من قماش الحرير الناعم ذو الأكمام الطويلة من الدانتيل ذو
النقوش و الرسومات الجميلة و تزين صدره قطعة من
الكريستال االلامعه
عندما رأيتُ الفستان الأحمــر : شهقت ، وقلت
كم هو جميل هــذا الفستان الأحمـر يا أمــي ؟ !
لم أشاهدك ترتدينهُ يوما" أبدا" ؟
قالت أمــي بـبطء : " أنا لم أرتده أبدا" في حياتي إلا مرتين فقط مرتين !! "
أجلسي بجواري يا أبنتي أريد أن أعلمك درسا" أو درسين قبل رحيلي "
جلستُ بجانب سريرها و يديّ بين كفيها و تنهَدت
نفسا" عميقا" أكبر مما كُنتُ أظن إنها تقدُر عليه
وقالت : " لأني سوف أرحل في أي لحظةٍ ، ولي خبرة
في الحياة ، فأنا أستطيع رؤية
بعض الأشياء التي لم تريها بعد و أخافُ عليك منها "
" بُنيتي لقد أحسنتُ تعليمك في حياتك العلمية
ولكنني لم أهتم بتعليمك حياتك الإجتماعية ، و أن الأشخاص
تختلف في معرفة بعض الأمور ، تختلف في تفهم الأشياء
فبعضهم يتعلم التضحية و البعض الأخر الأنانية و حب الذات و البعض ...
ان البشر مختلفون يا بنيتي في تقبُل ما يعمله الأخر "
قلتُ : ماذا تعنين يا أمــي ؟!
قالت : لقد اعتقدت دائما" أن المرأة الطيبة لا تأخذ
فرصتها في الحياة ، أي أنها خُلقت لتعمل من أجل
غيرها تعمل هنا ، و تعمل هناك ، و دائما" تحافظ على رغبات
الآخرين و تساندهم وهي موقنةٌ و مُتأكدةٌ أن حقوقها
تأتي دائما" في آخر قائمة إهتماماتها ، سعادتها في أن تُسعد غيرها "
ثم قالت بكل تأكيد و إصرار
" قد تحصلين يا بُنيتي على بعض حقوقك في يوم ما "
و لكن لن يحصل ذلك إلا إذا حاولتِ و اجتهدتِ و عملتِ على أن تُسعدي نفسك و تهتمي بها "
قُـلت كـيف يا أمــي ما الـذي دعـاك لـقـول ذلك ؟!
قالت " سأحكي لك من واقع حياتي ، فحياتي كانت كذلك , فقد كنت أعمل و أجتهد
و أسعى هنا و هناك من أجل من ؟ !
من أجل أبيك ومن أجل إخوتك وأجلك ، لقد فعلتُ كل
شيء تستطيعه أي أمٌ ، كنت أعمل ذلك و أنا سعيدةٌ وراضيةٌ تمام
الرضا عما أعمل ،ولكن يا بُنيتي " لقد أخطأت نعم أخطأت
ألا تـفـهـمـين مـا أقـول ؟ !!
سأفهِمُكِ ... ، لقد وقعت في أسوأ الأخطاء
" فلم أطلُب شيئا" لنفسي طــول حياتي !! "
لم أطلبُ شيئا" لنفسي لأُشعرها بالحياة والسعادة
فسعادتي كانت رسمُ البسمةِ على شِفاهكُم حتى تعبت نـعـم تـعـبت أتـفـهـمـين ؟
حبيبتــي " أن و الدك في الغرفة الأخرى ، تعيس غضبان يحملق في الجدران
يدعو و يدعو ، فعندما أخبره الطبيب بأنه لا يمكن شفائي فقد استشرى الداء في
جسدي كله نسى نفسه و أخطأ و جاء إلى سريري ولم يفعل شيئا" سوى أن قال :
" كيف سنعيش بدونك ؟! "
ماذا سيحدث لي لو رحلتِ ؟
كيف سأصرف أمـوري ؟
فـكــر فـي نـفســه فـقـط !!
لم يتكلم عن حبه لــي أو خـوفه من فقدانـي خوف الـحبيب ، آآه يا لصدمتي فيه
أنا السبب في ذلك ثم أكملت أمــي :
" نعم ، ستكون الحياة صعبةً عليه بعد أن أرحل "
إنه لا يستطيع عمل أي شيءٍ كما تعرفين ..
و أنتم يا أطفالي يا أحبتي لقد أعطيتُ كل واحد منكم كل
شيء و بدون مقابل كنتُ
أول من ينهض .. و آخرُ من ينام
طوال سبعة أيام من الأسبوع
و كُنت آخر من يأكل حتى تشبعوا و ترتاحوا
كُنت أتناول دائما" الخبز المحروق لتشبعوا من الطازج
و أصغر قطعة من الفطائر لتأكلوا أكبرها
أفعـل ذلك و أنا فـي قـمـة الـسـعادة لسعادتكم
بُنيتـي !! : " عندما أرى كيف يعامل بعض إخوتك زوجاتهم الآن أشعر بالذنب "
نعم أشعر بالذنب
" لأنني أنا التي علمتهم ذلك ، فهم لم يتعلموا التضحية
من أجل من نحبهم ، لم يتعلموا أن الحياة مُشاركة وتعاون
لقد تعلموا أن المرأة لا و جود لها إلا لتُعطـي
و ظيفتُها هو إسعاد غيرها على حساب نفسها وراحتها و صحتها "
بُنيتي : " إن كل قرش قد استطعت توفيره ، ضاع على ملابسكم ، أو كتبكم حتى لو كان ذلك
غير ضروري و مجرد كماليات "
" أنا لا أتذكر ولو مرة في حياتي إنني وفرتُ قرشا" لنفسي ، أو إنني ذهبت
إلى السـوق لأشتري شيئا" جميلا" لنفسي "
ثم برقت عينيها وهي تنظر بعيدا" و تتذكـر ثم ابتسمت
و قالت : " أتذكرُ مــرةً واحــدةً في حياتي إنني اشتريتُ
شيئا" جميلا" لنفسي نعم شيئا" واحدا" فقط لنفسي ،
أتعلمين ما هو ؟ إنه هذا الفستان الأحـمر
و قد اشتريتهُ بالصدفةِ ، فقد كنت في طريق العودة إلى المنزل
ورأيت ذلك الفستان مُعلقا" في واجهة احد المحلات التجارية ، فجذبني و تمنيته لنفسي
فتشت حقيبتي و جيوبي و أخيرا" وجدت ثمنه لقد كان ثمنه معقولا"
ترددت في الدفع كثيرا" و قلت هل سأدفع هذه النقود مرة واحدة ؟ ! ولمن ؟ !
لنفسي ؟ !! كيف ؟ !!
بُنيتي لقد أصبحت استخسر كل قرش وكل شيء على نفسي ،
ثم تشجعت و دفعت النقود و رجعت إلى البيت بذلك
الصندوق المبطن بقماش الستان اللامع وبداخله هذا
الفستان الأحمر من الحرير الناعم ذو الأكمام الطويلة لقد أحببته جدا" لأنه لـي أنـا
يا الله انظري إلى تلك القطعة الجميلة من الكريستال اللامعة أنها تتلألأ عندما يقع عليها ضوء
الثريا ألا ترين كم هي جميلة و لامعة ؟
كم أحببتُـها و أحببت ذلك الفستان ياله من فستان ، لقد أسرني ، إنه الآن لـي "
ولكن أ تعلمين ماذا قال والدك عندما عدت بتلك العلبة
وشاهد الفستان ؟
قال بطريقة ما : " أين سترتدين مثل هذا الفستان " ؟ !
لقد كان على صواب ، أين سأرتديه ولم أخرج ولو مرة
منذ أن أنجبت أول طفل ، من أجل أمسية جميلة ، أو لتناول عشاء تحت ضوء الشموع !!
فأنا لم أرتد هذا الفستان إلا مرتين
مرة عندما جربته في محل الملابس ، و مرة عندما
ذهب كل من في البيت و نادرا"ما يكون البيت خاليا"
أوووه يا بُنيتي " عندما أتذكر تلك الليلة أشعر بالسعادة و الفرح "
أتذكر تلك الليلة و كأنها الآن ، لقد كان المنزل خاويا"
فأسرعت إلى الخزانة فتحتُها و لبستُ فستاني و أخذتُ أرقُص نعم أرقُص
و أغني وأتمايلُ أمام المرآة و أنا سعيدةٌ جدا" بتلك الخلوة و بذلك الفستان الأحمر ( إ نـه لــي )
أ و وه ما أجملها من لحظات أغتنمتها لنفسي
" جميل أن يكون للمرء أوقات يسعد فيها نفسه و يشعر بالوجود و بالحياة "
بُنيتي : " لقد كنت دائما" أجزم أنه إذا لم تأخذي شيئا" لنفسك في هذه الحياة الدنيا
فسوف يعوضك الله عن كل هذا في الآخرة "
و لكــــنـي الآن أُجــزمُ بـل و مـُتأكــدةٌ أن الله تعالى يـُريـدُنـا أن ننال شيئا" لأنفسنا ـ شيئا" يُسعِدُنا
و يُفرحُنا لا أن نُجهدُها في سبيل الآخرين فقط
اعلمي يا بُنيتي ، لو أن رحمة و معجزة من الله أستطاعت أن تُخلصني من هذا السرير
فسوف ترين أُمــا" مختلفةٌ لأنني أُريــدُ أن أ كــون ، مختلفةٌ عما
كُنتُ ، أُريد أن أُعطي لكلِ ذي حق حقه و أن لا أنسى نفسي أبدا" فإن لها عليّ حقا" أيضا"
آ آه ، و آ آه ، لقد تنازلت عن حقي كثيرا" ، ومن الصعب أ ن أعرف كيف استرجعه ،
ولكن !!! اتـعـلـمـين ؟
سوف أتعلم و أُعلمك ، وها أنا أُعلمك أن لا تنسي نفسك في زحمة الحياة و مسؤلياتها
و أن تعملي كل ما ترين أنه سيسعدك .. دون أن تُهملي دورك و مسؤلياتك
أحبي نفسك و دلليها و لا تنسيها أبدا"
أبدا" ، أبدا" ، أبدا"
*****
مرت أيامٌ ... و بينما كانت أمــي على فراش الموت
" كان فـســتانــهـا الأحــمــر مُعلقا" في الخزانة ،
كبقية ملابسها القديمة التي أبلت حياتها فيها "
كانت آخر كلمات أمــي " أرجو أن تعـديني بألا تفعلي
مثلي ، إعطـني و عـدا" بذلك "
و عدتها و أنا أبكي ..
أغمضت أمــي عـيـنـيـهـا و توقفت عن التنفس
" لقد مـاتـت أمـــي "
( ومازال فستانها الأحــمـر معلقا" في خزانتها القديمة )
و قـــــــــفــة
مــا هــو الاعـــتدال ؟
الإعتدال يعني التوسط والاقتصاد في جميع الأمور، وهو أفضل طريقة يتبعها
المؤمن ليؤدي ما عليه من واجبات نحو ربه و نحو نفسه و نحو الآخرين
والقرآن الكريم المنزل من الله تعالى قد نظم الحياة و جعل
هناك علاقة منتظمة توفق بطريقة حكيمة و مرتبةبين مطالب الروح ومطالب الجسد
بحيث لا يطغى جانب على جانب
***
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاعتدال في كل شيء ؛ حيث قال عليه الصلاة و السلام
( القَصْدَ القَصْدَ ، تبلغوا ) (( أي ألزموا التوسط في تأدية أعمالكم تحققوا
ما تريدونه على الوجه الأتم )) البخاري و أحمد
ومـــضــــــة
نحــنُ من نصنع الـسـعــادة والــحـيــاة الـسـعــيـدة
هـكــذا كـان و ســيـظـل
دائــما" الــمـهــم الــرغــبـة فــي ذلــك
& أم أنوسي &
& أم أنوسي & @amp_am_anosy_amp
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الولود الودود :الله يجزاك خير والله امك تذكرني بامي الله يحفظها ويرحم امك وبعوضها بالجنه امييييييييييييييييينالله يجزاك خير والله امك تذكرني بامي الله يحفظها ويرحم امك وبعوضها بالجنه امييييييييييييييييين
جزاك الله خير على مرورك و سخر و حفظ لك كل غالي و جعلك قرة عين لزوجك
الصفحة الأخيرة
امييييييييييييييييين