دونا
دونا
في صحبة الأنبياء:-

مقتطفات سريعة..




-----

*لتكبير الصور اضغطي عليها..
المرجع تفسير السعدي- موقع تفاسير
دونا
دونا
في صحبة سورة الانبياء:-


<<ابراهيم عليه السلام>>
كانت قصة ابراهيم عليه السلام
اطول قصة ذكرت في سورة الأنبياء..
وسنقف عندها باذن الله عبر محطات سريعة
نتعرف فيها اكثر عن نبي الله ابراهيم عليه السلام..



منزلة إبراهيم عليه السلام:
هو أحد أولي العزم وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد
وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا،
فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب.
وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.
وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس.
وجعل في ذريته النبوة والكتاب.
فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده
حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم،
جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم.
ولذلك سمي بأبو الأنبياء.
ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة.
نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم.
إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين.
نبي هو أول من سمانا المسلمين.
نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده.
نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب.
يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق.
فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)
لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم.
قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة.
وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا.



حال المشركين قبل بعثة إبراهيم:
ترى الناس قد انقسموا في زمنه إلى ثلاث فئات:
وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر.
فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية.
وفئة تعبد الملوك والحكام.



وكان لإبراهيم عليه السلام مع كل فئة مواجهة
ففي سورة الأنعام ذكرت مواجهته لعبدة الكواكب والنجوم
حيث أعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه
حتى اطمأن قومه أنه يعبد مايعبدون..
غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح.
لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس.
وإبراهيم لا يحب الآفلين. وكرر القصة ذاتها مع القمر
كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل.
(لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون.
ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه..
فيعلن أن الشمس ربه،لأنها أكبر من القمر.
وما أن غابت الشمس، حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب.
فكلها مخلوقات تأفل. وأنهى جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا..
ليس مشركا مثلهم.


بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب،
استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام.
آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة.
وقد ذكرت تفاصيل هذه المواجهه العجيبة في سورة الأنبياء..
(يتبع)
دونا
دونا
في صحبة سورة الانبياء:-
>> مواجهة ابراهيم عليه السلام لعبدة الأصنام <<


ولد ابراهيم عليه السلام في أسرة
كان المسؤول عنها أب يصنع بيديه تماثيل الآلهة.

وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان له بمثابة الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة،
وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته..
ومهما يكن من أمر فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة.

ومهنة الأب اضفت عليه قداسة خاصة في قومه،
وجعلت لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع.
هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة الحاكمة.

من هذه الأسرة ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته
وضد نظام مجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة
وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم والكواكب
وضد كل أنواع الشرك باختصار.



مرت الأيام.. وكبر إبراهيم..
كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده.
لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا،
ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه.

مواجهة عبدة الأصنام:

خرج إبراهيم على قومه بدعوته. قال بحسم :
(إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)
قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55)
قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) (الأنبياء)


انتهى الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه.. كان أشدهم ذهولا وغضبا هو أباه أو عمه الذي رباه كأب..
واشتبك الأب والابن في الصراع. فصلت بينهما المبادئ فاختلفا.. الابن يقف مع الله، والأب يقف مع الباطل.


وخرج إبراهيم من بيت أبيه وهجر قومه وما يعبدون من دون الله.
وقرر في نفسه أمرا.
وكان لهم عيد يقيمونه في كل عام، يقضون أيامه خارج المدينة
يهرعون إليه بعد أن يضعوا طعامًا كثيرًا في بيت العبادة،
حتى إذا ما رجعوا من عيدهم أكلوه فرحين وأقبلوا إليه مغبطين،
ولما هموا بالذهاب إلى عيدهم طلبوا أن يرافقهم، فأبى وامتنع،
وقد عقد العزم على أن يهدم ويكسّر معبوداتهم،
وادعى العلة وتظاهر بالمرض والسقم،
ولم تكن به علة ولا مرض،
ولكنه كان سقيم النفس كاسف البال،
ينقطع فؤاده حزنًا على إشراك قومه لأنهم لم يستجيبوا لدعوته.

وخرج إبراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد.
كانت الشوارع المؤدية إلى المعبد خالية.
وكان المعبد نفسه مهجورا. انتقل كل الناس إلى الاحتفال.
دخل إبراهيم المعبد ومعه فأس حادة.
نظر إلى تماثيل الآلهة المنحوتة من الصخر والخشب.
نظر إلى الطعام الذي وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا.
اقترب إبراهيم من التماثيل وسألهم: (أَلَا تَأْكُلُونَ)
كان يسخر منهم ويعرف أنهم لا يأكلون.
وعاد يسأل التماثيل: (مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ) ثم هوى بفأسه على الآلهة.


وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة..
إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم (لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ)
فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة!
ولعلهم حينئذ يراجعون القضية كلها، فيرجعون إلى صوابهم.

إلا أن قوم إبراهيم الذين عطّلت الخرافة عقولهم عن التفكير،
وغلّ التقليد أفكارهم عن التأمل والتدبر.
لم يسألوا أنفسهم: إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع
دون أن تدفع عن أنفسها شيئا؟! وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها؟!
وبدلا من ذلك (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ).

عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادة التماثيل،
ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها!

فأحضروا إبراهيم عليه السلام، وتجمّع الناس،
وسألوه (قالوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ)؟
فأجابهم إبراهيم (قال بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)
و قد هزهم هزا، وردهم إلى شيء من التدبر التفكر:

(فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) (الأنبياء)
وكانت بادرة خير أن يستشعروا ما في موقفهم من سخف، وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم.
وأن تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون به أنفسهم،

(ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (65) (الأنبياء)

وحقا كانت الأولى رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية نكسة على الرؤوس؛
كما يقول التعبير القرآني المصور العجيب..
كانت الأولى حركة في النفس للنظر والتدبر.
أما الثانية فكانت انقلابا على الرأس فلا عقل ولا تفكير.
وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم.
أية حجة لإبراهيم أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون؟


فيجيبهم ابراهيم عليه السلام:-
(قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) (الأنبياء)

عند ذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل،
فيلجأون إلى القوة الغاشمة والعذاب الغليظ:
(قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) (الأنبياء)

(يتبع)
دونا
دونا
في صحبة الانبياء..
نجاة إبراهيم عليه السلام من النار:
وبدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم.
انتشر النبأ في المملكة كلها.
وجاء الناس من القرى والجبال والمدن
ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهة وحطمها
واعترف بذلك وسخر من الكهنة.
وحفروا حفرة عظيمة ملئوها بالحطب والخشب والأشجار.
وأشعلوا فيها النار. وأحضروا المنجنيق وهو آلة جبارة
ليقذفوا إبراهيم فيها فيسقط في حفرة النار..
ووضعوا إبراهيم بعد أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق.
واشتعلت النار في الحفرة وتصاعد اللهب إلى السماء.
وكان الناس يقفون بعيدا عن الحفرة من فرط الحرارة اللاهبة.
وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار.






جاء جبريل عليه السلام وسال ابراهيم: يا إبراهيم.. ألك حاجة؟
قال إبراهيم: أما إليك فلا. وأما إلى الله فنعم حسبنا الله ونعم الوكيل..


انطلق المنجنيق ملقيا إبراهيم في حفرة النار. كانت النار موجودة في مكانها، ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها في الإحراق.
فقد أصدر الله جل جلاله إلى النار (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69)) الانبياء.
أحرقت النار قيوده فقط. وجلس إبراهيم وسطها كأنه يجلس وسط حديقة.
واستحالت النار إلى سلام بارد يلطف عنه حرارة الجو.
جلس الكهنة والناس يرقبون النار من بعيد.
كانت حرارتها تصل إليهم على الرغم من بعدهم عنها.
وظلت النار تشتعل فترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا.
فلما انطفأت فوجئوا بإبراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل.
وثيابه كما هي لم تحترق. وليس عليه أي أثر للدخان أو الحريق.
وتصاعدت صيحات الدهشة الكافرة. خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة.
(وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)) (الأنبياء)






لا يحدثنا القرآن الكريم عن عمر إبراهيم حين حطم أصنام قومه،
لا يحدثنا عن السن التي كلف فيها بالدعوة إلى الله.
ويبدو من استقراء النصوص القديمة أن إبراهيم كان شابا صغيرا حين فعل ذلك،
بدليل قول قومه عنه: (سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ).
وكلمة الفتى تطلق على السن التي تسبق العشرين.





مواجهة عبدة الملوك:
أقام ابراهيم عليه السلام الحجة على عبدة التماثيل بشكل قاطع،
كما أقامها على عبدة النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم،
ولم يبق إلا أن تقام الحجة على الملوك المتألهين وعبادهم..
وبذلك تقوم الحجة على جميع الكافرين.






فذهب إبراهيم عليه السلام لملك متألّه كان في زمانه.
وتجاوز القرآن اسم الملك لانعدام أهميته،
لكن روي أن الملك المعاصر لإبراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الآراميين بالعراق.
واخبرنا الله تعالى في كتابه الحكيم الحجة الأولى التي أقامها إبراهيم عليه السلام على الملك الطاغية،
فقال إبراهيم بهدوء: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ) البقرة
قال الملك: (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضر رجلا يسير في الشارع وأقتله،
وأستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه من الموت..
وبذلك أكون قادرا على الحياة والموت.
لم يجادل إبراهيم الملك لسذاجة ما يقول.
غير أنه أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة
وهو في الحقيقة ليس قادرا.
فقال إبراهيم: (فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)
استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا.. فلما انتهى كلام النبي بهت الملك.
أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب.
إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها..
قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها.
ولو كان الملك صادقا في ادعائه الألوهية
فليغير نظام الكون وقوانينه..
ساعتها أحس الملك بالعجز..
وأخرسه التحدي. ولم يعرف ماذا يقول،
ولا كيف يتصرف. انصرف إبراهيم من قصر الملك،
بعد أن بهت الذي كفر.
دونا
دونا
((قصة ابراهيم عليه السلام))
هجرة إبراهيم عليه السلام:

انطلقت شهرة إبراهيم في المملكة كلها.
تحدث الناس عن معجزته ونجاته من النار،
وتحدث الناس عن موقفه مع الملك وكيف أخرس الملك فلم يعرف ماذا يقول.
واستمر إبراهيم في دعوته لله تعالى.
بذل جهده لدعوة قومه، حاول إقناعهم بكل الوسائل،
ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه،
ولم يؤمن معه من قومه سوى امرأة ورجل واحد.
امرأة تسمى سارة، وقد صارت فيما بعد زوجته،
ورجل هو لوط، وقد صار نبيا فيما بعد.
وحين أدرك إبراهيم أن أحدا لن يؤمن بدعوته. قرر الهجرة.
قبل أن يهاجر، دعا والده للإيمان، ثم تبين لإبراهيم أن والده عدو لله،
وأنه لا ينوي الإيمان، فتبرأ منه وقطع علاقته به.


خرج إبراهيم عليه السلام من بلده وبدأ هجرته.
سافر إلى مدينة تدعى أور. ومدينة تسمى حاران.
ثم رحل إلى فلسطين ومعه زوجته،
المرأة الوحيدة التي آمنت به.
وصحب معه لوطا.. الرجل الوحيد الذي آمن به.



بعد فلسطين ذهب إبراهيم إلى مصر.
وطوال هذا الوقت وخلال هذه الرحلات كلها،
كان يدعو الناس إلى عبادة الله،
ويحارب في سبيله، ويخدم الضعفاء والفقراء،
ويعدل بين الناس، ويهديهم إلى الحقيقة والحق.
وتأتي بعض الروايات لتبين قصة إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة
وموقفهما مع ملك مصر. فتقول:
وصلت الأخبار لملك مصر بوصول رجل لمصر معه أمرأة هي أجمل نساء الأرض.
فطمع بها. وأرسل جنوده ليأتونه بهذه المرأة. وأمرهم بأن يسألوا عن الرجل الذي معها،
فإن كان زوجها فليقتلوه. فجاء الوحي لإبراهيم عليه السلام بذلك.
فقال إبراهيم -عليه السلام- لسارة إن سألوك عني فأنت أختي -أي أخته في الله-،
وقال لها ما على هذه الأرض مؤمن غيري وغيرك -فكل أهل مصر كفرة،
ليس فيها موحد لله عز وجل.
فجاء الجنود وسألوا إبراهيم: ما تكون هذه منك؟ قال: أختي.


وقفة:
لنقف هنا قليلا.. قال إبراهيم حينما قال لقومه
(إني سقيم) و (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه) و (هي أختي).
كلها كلمات تحتمل التاويل.
لكن مع هذا كان إبراهيم عليه السلام خائفا جدا
من حسابه على هذه الكلمات يوم القايمة.
فعندما يذهب البشر له يوم القيامة
ليدعوا الله أن يبدأ الحساب
يقول لهم لا إني كذب على ربي ثلاث مرات.
ونجد أن البشر الآن يكذبون أمام الناس
من غير استحياء ولا خوف من خالقهم.



لما عرفت سارة أن ملك مصر فاجر ويريدها له
أخذت تدعوا الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك
وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر.
فلما أدخلوها عليه. مد يده إليها ليلمسها فشلّ وتجمدت يده في مكانها،
فبدأ بالصراخ لأنه لم يعد يستطيع تحريكها،
وجاء أعوانه لمساعدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء.
فخافت سارة على نفسها أن يقتلوها بسبب ما فعلته بالملك.
فقالت: يا رب اتركه لا يقتلوني به. فاستجاب الله لدعائها.
لكن الملك لم يتب وظن أن ما حدث كان أمرا عابرا وذهب.
فهجم عليها مرة أخرى. فشلّ مرة ثانية. فقال: فكيني.
فدعت الله تعالى فَفَكّه. فمد يده ثالثة فشلّ.
فقال: فكيني وأطلقك وأكرمك.
فدعت الله سبحانه وتعالى فَفُك.
فصرخ الملك بأعوانه: أبعدوها عني فإنكم لم تأتوني بإنسان بل أتيتموني بشيطان.
فأطلقها وأعطاها شيئا من الذهب،
كما أعطاها أَمَةً اسمها "هاجر".


لتكون في خدمتها
هذه الرواية مشهورة عن دخول إبراهيم -عليه السلام- لمصر.
وفكرت سارة إنها وإبراهيم وحيدان، وهي لا تنجب أولادا،
ماذا لو قدمت له هاجر لتكون زوجة لزوجها؟
وهكذا زوجت سارة سيدنا إبراهيم من هاجر،
وولدت هاجر ابنها الأول فأطلق والده عليه اسم "إسماعيل".
كان إبراهيم شيخا حين ولدت له هاجر أول أبنائه إسماعيل.
يتبع