دونا
دونا
في صحبة الأنبياء..

((وقفات تدبرية)

=============

﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَٰحِدَةً وَأَنَا۠ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ ﴾
كيف تكون جميع الرسل وأتباعها أمةً واحدة؟
أي: هؤلاء الرسل المذكورون هم أمتكم، وأئمتكم الذين بهم تأتمون، وبهديهم تقتدون؛ كلهم على دين واحد، وصراط واحد، والرب أيضاً واحد، ولهذا قال: (وأنا ربكم). السعدي:530.


ومعنى كونها واحدة: أنها توحّد الله تعالى؛ فليس دونه إله، وهذا حال شرائع التوحيد، وبخلافها أديان الشرك؛ فإنها لتعدد آلهتها تتشعب إلى عدة أديان؛ لأن لكل صنم عبادة وأتباعاً، وإن كان يجمعها وصف الشرك. ابن عاشور:17/141



(وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ۖ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93))
وقوله : ( وتقطعوا أمرهم بينهم ) أي : اختلفت الأمم على رسلها ، فمن بين مصدق لهم ومكذب;
ولهذا قال : ( كل إلينا راجعون ) أي : يوم القيامة ، فيجازى كل بحسب عمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر
=======


(فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94))
( وإنا له كاتبون ) أي : يكتب جميع عمله ، فلا يضيع عليه منه شيء .
==========


(وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95))
يقول تعالى : ( وحرام على قرية ) قال ابن عباس : وجب ، يعني : قدرا مقدرا أن أهل كل قرية أهلكوا أنهم لا يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة .
هكذا صرح به ابن عباس ، وأبو جعفر الباقر ، وقتادة ، وغير واحد .
وفي رواية عن ابن عباس : ( أنهم لا يرجعون ) أي : لا يتوبون .
والقول الأول أظهر .
المرجع: تفسير ابن كثير



(حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96))
هذا تحذير من الله للناس، أن يقيموا على الكفر والمعاصي، وأنه قد قرب انفتاح يأجوج ومأجوج،
وهما قبيلتان عظيمتان من بني آدم، وقد سد عليهم ذو القرنين، لما شكي إليه إفسادهم في الأرض،
وفي آخر الزمان، ينفتح السد عنهم، فيخرجون إلى الناس في هذه الحالة والوصف،
الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع، وهو الحدب ينسلون أي: يسرعون.
وفي هذا دلالة على كثرتهم الباهرة، وإسراعهم في الأرض،
إما بذواتهم، وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد،
وتسهل عليهم الصعب، وأنهم يقهرون الناس،
ويعلون عليهم في الدنيا، وأنه لا يد لأحد بقتالهم.
يارب احفظنا بحفظك
دونا
دونا
في صحبة سورة الانبياء:-
﴿ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شَٰخِصَةٌ أَبْصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟﴾
ما سبب شخوص أبصار الذين كفروا يوم القيامة؟
ففي ذلك اليوم ترى أبصار الكفار شاخصة من شدة الأفزاع، والأهوال المزعجة، والقلاقل المفظعة، وما كانوا يعرفون من جناياتهم وذنوبهم، وأنهم يدعون بالويل والثبور، والندم والحسرة على ما فات.
السعدي:531.



﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ

حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ ﴾
قال ابن عباس : آية لا يسألني الناس عنها !
لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عنها ،
أو جهلوها فلا يسألون عنها ؛
فقيل : وما هي ؟
قال : (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون )
لما أنزلت شق على كفار قريش ، وقالوا : شتم آلهتنا ،
وأتوا ابن الزبعرى وأخبروه ، فقال : لو حضرته لرددت عليه .
قالوا : وما كنت تقول ؟
قال : كنت أقول له : هذا المسيح تعبده النصارى
و اليهود تعبد عزيرا أفهما من حصب جهنم ؟
فعجبت قريش من مقالته ، ورأوا أن محمدا قد خصم ؛
فأنزل الله تعالى : (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون)
وفيه نزل (ولما ضرب ابن مريم ) مثلا يعني ابن الزبعرى
(إذا قومك منه يصدون) بكسر الصاد ؛ أي يضجون
وقال العلماء : لا يدخل في هذا عيسى ولا عزير ولا الملائكة صلوات الله عليهم ؛ لأن ( ما ) لغير الآدميين . فلو أراد ذلك لقال : ( ومن ) . قال الزجاج : ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركو مكة دون غيرهم .
تفسير القرطبي



مامعنى كونهم حصب جهنم؟
قال ابن عباس : أي وقودها ، يعني كقوله : ( وقودها الناس والحجارة ) .
وقال ابن عباس أيضا : ( حصب جهنم ) بمعنى : شجر جهنم .
وفي رواية قال : ( حصب جهنم ) يعني : حطب جهنم ، بالزنجية .
وقال مجاهد ، وعكرمة ، وقتادة : حطبها . وهي كذلك في قراءة علي وعائشة - رضي الله عنهما .
وقال الضحاك : ( حصب جهنم ) أي : ما يرمى به فيها .
وكذا قال غيره . والجميع قريب .
السعدي



ما الحكمة في دخول الأصنام النار؟
والحكمة في دخول الأصنام النار -وهي جماد لا تعقل، وليس عليها ذنب- بيان كذب من اتخذها آلهة، وليزداد عذابهم.
السعدي:531.



(لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100))

دونا
دونا
قبس من روائع البيان في سورة الأنبياء
مشاركة من امي حب دائم
الله يجزاها الجنة..

(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30))
إن الرتق هو الاتصال ، والفتق ضده وهو الانفصال ،
وإذا أمعنت النظر في الآية وجدت أن الله أخبر عن اتصال السموات والأرض بالمصدر دون الفعل فقال (كَانَتَا رَتْقًا) ، وفي حالة الفتق أخبر عن ذلك بالفعل فقال (فَفَتَقْنَاهُمَا) ولم يقل (صارتا فتقاً) . وذلك ليبين لك أن الرتق كان متمكناً من السموات والأرض أشد التمكن ، وفي هذا إشارة إلى عظيم قدرته سبحانه في فتقهما بعد أن كانتا رتقاً . فتعالت قدرتك يا رب !




(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(33))
إليك اختي المؤمنه واحداً من بدائع الإعجاز في هذه الآية، ففيها محسن بديعي (كُلٌّ فِي فَلَكٍ) تقرأ حروفه من آخرها على الترتيب كما تقرأ من أولها ، فإنك إذا قرأتها من اليسار تلفظها (كُلٌّ فِي فَلَكٍ) كأنك قرأتها من اليمين . وهذا ما يسمى عند أهل الاختصاص (المقلوب المستوي) ، وهو من مبتكرات القرآن إذ لم يذكروا منه شيئاً وقع في كلام العرب ، ومثله (سر فلا كبا بك الفرس).






(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ(51))

انظري أختي الحبيبو إلى هذا التكريم والتشريف الذي كلل
سيدنا إبراهيم ، فقد نسب الله لذاته إيتاء إبراهيم رشده ، فقال
(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ) ولم يقل (ولقد أوتي إبراهيم رشده) بصيغة
المجهول، للتنويه بشرف إبراهيم ولتفخيم منزلته . وزاد ذلك المقام تعظيماً
بقوله (وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ) ، ألا ترى أن ذلك يوحي إلى أن إبراهيم
آتاه الله رشداً عظيماً ، لأن الله يعلم من هو إبراهيم ، أي يعلم أنه أهل
لذلك الرشد .





(وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ(76))
ماهو الكرب الذي نزل بقوم نوح حتى امتن الله عليه وعلى أهله بالإنجاء ، ولم وصف بالعظيم؟
عبّر الله عن الطوفان بالكرب لأن الكرب في أصله يدل على شدة حزن النفس ، بسبب خوف أو حزن ، وآثر القرآن أن يكني عن الطوفان بالكرب العظيم لما فيه من تهويل للناس عند ابتدائه وعند مده ، ولا يزال لاحقاً لمواقع هروبهم حتى يعمهم فيبقوا ملازمين آلام الخوف ، فتارة يغرقون وتارة يطفون . وهذا كله يدل على أن الكرب الذي خيم على قلوبهم ، ولا شك بأنه كرب ، وكرب متكرر عظيم لا يعرف قدره إلا من ذاقه ، حماني الله وإياك من البلايا والكروب .
دونا
دونا
يتبع..
قبس من روائع البيان في سورة الأنبياء
مشاركة من امي حب دائم
الله يجزاها الجنة..

(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(83))
تأملي اختي المؤمنة في هذا الأدب الذي يتسربل به سيدنا أيوب عليه السلام ، فهو في حالة ضر وألم وقد اضطره هذا الحال إلى رفع الشكوى إلى كاشف البلوى ، فهل قال ( رب إني مريض فاشفني ، أو إني سقيم فأزل عني ما أجد)؟ إنه لم يزد على أن قال (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) ، واستعمل المس الذي يعني الإصابة الخفيفة ، ولا شك أنه لو كان في اللغة عبارة ألطف من كلمة المس لاستعملها ، فقد عبّر بالمس جرياً مع الأدب الذي سلكه أيوب في دعائه مع الله ، إذ جعل ما حل به من الضر كالمس الخفيف .

(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ(84))
انظري أختي الحبيبة إلى روعة التعبير في قوله (فَكَشَفْنَا) إذ أن الكشف يعني إزالة الغطاء عن الشيء بسرعة ، ولذلك آثر القرآن أن يعبر عن استجابة الله لدعاء أيوب بكشف الضر دون ( فشفيناه) لأن الشفاء قد يقتضي وقتاً حتى يتماثل المريض إلى البرء التام ، وأما الكشف فلا يستغرق إلا مدة الإزالة ، وهي مدة لا تكاد تحسب لسرعة حصولها .






(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(87))

لطيفة : دخل ابن عباس على معاوية رضي الله عنهما ، فقال له معاوية : (لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة فغرقت فلم أجد لنفسي خلاصاً إلا بآية ،
قال : وما هي؟
فقرأ معاوية هذه الآية (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
وقال : أويظن نبي الله أن الله لا يقدر عليه؟
قال ابن عباس : هذا من القدر لا من القدرة ،يعني التضييق عليه .
(فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ)


لم جمع ربنا الظلمات فقال (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ) ولم يقل (فنادى في الظلمة )؟
وصف ربنا مكان نداء ذي النون بأنه في الظلمات بصيغة الجمع ، للإشارة إلى ظلمة الليل وظلمة مقر البحر وظلمة بطن الحوت .
دونا
دونا
في صحبة الأنبياء:-
==========
﴿لَا يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلْأَكْبَرُ ﴾
ماهو الفزع الأكبر؟
والفزع الأكبر: أهوال يوم القيامة والبعث ...
وقال الحسن: هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار،
وقال ابن جريج وسعيد بن جبير والضحاك: هو إذا أطبقت النار على أهلها، وذبح الموت بين الجنة والنار.
وقيل : المراد بالفزع الأكبر : النفخة في الصور . قاله العوفي عن ابن عباس ، وأبو سنان سعيد بن سنان الشيباني ، واختاره ابن جرير في تفسيره .
( وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون )
يعني : تقول لهم الملائكة ، تبشرهم يوم معادهم إذا خرجوا من قبورهم : ( هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) أي : قابلوا ما يسركم .
تفسير القرطبي + ابن كثير



(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104))
مالمقصود بطي السماء؟
يخبر تعالى أنه يوم القيامة يطوي السماوات - على عظمها واتساعها - كما يطوي الكاتب للسجل أي: الورقة المكتوب فيها، فتنثر نجومها، ويكور شمسها وقمرها، وتزول عن أماكنها { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ } أي: إعادتنا للخلق، مثل ابتدائنا لخلقهم، فكما ابتدأنا خلقهم، ولم يكونوا شيئا، كذلك نعيدهم بعد موتهم.
{ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } ننفذ ما وعدنا، لكمال قدرته، وأنه لا تمتنع منه الأشياء.
تفسير السعدي



(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105))
في الآية بشرى للصالحين، فما هي؟
{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ } وهو الكتاب المزبور، والمراد: الكتب المنزلة، كالتوراة ونحوها
{ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ } أي: كتبناه في الكتب المنزلة، بعد ما كتبنا في الكتاب السابق، الذي هو اللوح المحفوظ، وأم الكتاب الذي توافقه جميع التقادير المتأخرة عنه والمكتوب في ذلك: { أَنَّ الْأَرْضَ } أي: أرض الجنة { يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } الذين قاموا بالمأمورات، واجتنبوا المنهيات، فهم الذين يورثهم الله الجنات، كقول أهل الجنة: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ }
ويحتمل أن المراد: الاستخلاف في الأرض، وأن الصالحين يمكن الله لهم في الأرض، ويوليهم عليها كقوله تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } الآية.
تفسير السعدي
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أراد أن أراضي الكفار يفتحها المسلمون، وهذا حكم من الله بإظهار الدين، وإعزاز المسلمين .
البغوي



(إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106))
على ماذا يعود اسم الاشارة هذا في الاية؟
واسم الإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ يعود على القرآن الكريم الذي منه هذه السورة.
والبلاغ: الشيء الذي يكفى الإنسان للوصول إلى غايته. يقال: في هذا الشيء بلاغ أى: كفاية أو سبب لبلوغ المقصد.
أى: إن في هذا القرآن، وفيما ذكر في هذه السورة من آداب وهدايات، وعقائد وتشريعات، لبلاغا وكفاية في الوصول إلى الحق، لقوم عابدين.
وخص العابدين بالذكر، لأنهم هم المنتفعون بتوجيهات القرآن الكريم، إذ العابد لله- تعالى- بإخلاص، يكون خاشع القلب، نقى النفس، مستعدا للتلقي والتدبر والانتفاع.



(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107))
كيف كان النبي ﷺ هو الرحمة المهداة؟
على كل وجه: أن الله رحم العالمين بإرسال سيدنا محمد ﷺ لأنه جاءهم
بالسعادة الكبرى، والنجاة من الشقاوة العظمى، ونالوا على يديه الخيرات
الكثيرة في الآخرة والأولى، وعلمهم بعد الجهالة، وهداهم بعد الضلالة .
ما الجواب على من قال: (رحمة للعالمين) عموم، والكفار لم يرحموا به؟
إن قيل: رحمة للعالمين عموم، والكفار لم يرحموا به؟ فالجواب من وجهين: أحدهما: أنهم كانوا معرضين للرحمة به لو آمنوا؛ فهم الذين تركوا الرحمة بعد تعريضها لهم، والآخر: أنهم رحموا به؛ لكونهم لم يعاقبوا بمثل ما عوقب به الكفار المتقدّمون من الطوفان، والصيحة، وشبه ذلك.
ابن جزي



(وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (111))
مالمراد بفتنة لكم؟
أي: لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه شر لكم، وأن تتمتعوا في الدنيا إلى حين، ثم يكون أعظم لعقوبتكم.
السعدي






(قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ ۗ وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ (112))
مامعنى الدعاء الوارد في الاية؟
( قال رب احكم بالحق ) أي : افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق .
فاستجاب الله هذا الدعاء، وحكم بينهم في الدنيا قبل الآخرة، بما عاقب الله به الكافرين من وقعة " بدر " وغيرها.
قال قتادة : كان الأنبياء عليهم السلام ، يقولون : ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ) ،
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك .
وعن مالك ، عن زيد بن أسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالا قال : ( رب احكم بالحق ) .
وقوله : ( وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) أي : على ما يقولون ويفترون من الكذب ، ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك ، والله المستعان عليكم في ذلك .
تفسير ابن كثير و السعدي