(89 - 96)
جاء الكتاب العزيز معجزا، فلم يجد المتعنتون
سوى الجنوح إلى طلب الخوارق المادية سبيلاً
ضاربين بأمثاله الرائعة وحقائقه القائمة وأساليبه المعجزة
عرض الحائط في تبجح وغطرسة واستكبار
وهم يظنون أنهم بذلك يعجزون النبي صلى الله عليه وسلم.
فطلبوا تفجير الأنهار في أزقة مكة
وتحويل جبالها إلى جنات وارفة الظلال
ورمضائها إلى بساتين دانية القطوف...
إلى غير ذلك مما جاء في سياق هذه الآيات.
ولو كان طلب الحق بُغيتهم لاكتفوا بالقرآن
الذي تضمّن كافة أشكال الإعجاز
ولاهتدوا بما علموه وعايشوه وعرفوه عن شخصه عليه السلام.
ولو تفكّروا لأدركوا أن الرسول إنما هو بشر يوحى إليه
فليس إلها حتى يأتي بالخوارق
وليس ملكا لأن الملائكة لا يصلحون للعيش على الأرض.
وبشرية الرسل أمر قدّره الله تعالى
وهو ليس عيبا بحقهم لأن البشر كلهم مكرّمون.
كما أن الهداية من الله تعالى ولا تتوقف على خوارق
وأما الآيات المادية التي أنزلت على الأمم السابقة
فلم تزدهم إلا خسارا ووبالا بإصرارهم على التكذيب بعدها.
وما دامت هذه سنة الله في خلقه
فهو يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ينهي معهم الجدل
وأن يكل أمره وأمرهم إلى الله الخبير البصير.
========
(97 - 100)
لقد جعل الله للهدى وللضلال سننًا، وهيأ الإنسان ليسير وفقها.
فالذي يستحق هداية الله بمحاولته واتجاهه يهديه الله
والذي يستحق الضلال بإعراضه عن دلائل الهدى وآياته
لا يعصمه أحد من عذاب الله
ويحشر يوم القيامة بصورة مهينة وهو أعمى وأبكم وأصم
ليكون مصيره في النهاية جهنم كلما سكنت زادها الله لهبًا ووهجًا.
وهذه العاقبة المخيفة المخزية استحقوها باستكبارهم
كما قادهم إلى إنكار البعث بعد الممات.
ولو انهم أعملوا عقولهم في خلق السماوات والأرض
لما استبعدوا وقوع البعث
فخالقهما على عِظم حجمهما قادر على أن يخلق مثلهم
ومن ثم فهو اقدر سبحانه على أن يعيدهم أحياء حين يحين أجلهم.
ثم بيّن الله سبحانه أنهم لا يقنعون، بل يبقون على بخلهم وشحهم
حتى لو أعطيت لهم خزائن رحمة الله التي وسعت كل شيء
والتي لا يُخشى نفاذها ولا نقصها.
========
(101- 104)
كما ذُكر المسجد الأقصى
وطرف من قصة بني إسرائيل وموسى في أول السورة
ختمت السورة كذلك بمَثل من قصة موسى وبني إسرائيل.
فإذا كان بنو إسرائيل قد طغوا وأفسدوا مرات من قبل
رغم ما أوتوه من الآيات، فحل بهم العذاب
وإذا كانوا يطغون ويفسدون مرة أخرى حاليا
فسينتظرهم مثله من العذاب
فقد كان هذا أيضا ديدن فرعون وآله قبلهم
حين أعرضوا عن المعجزات التسع
التي جاءهم بها موسى عليه السلام.
العصا واليد والسنين ونقص الثمرات
والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم
وفي هذا إرشاد إلى كون الآيات المادية
لا تغني الكافرين بل تعجل هلاكهم
وفيه أيضا تحذير للناس جميعا أنهم سيحشرون جميعا يوم القيامة
وقبله أيضا في أرض المنشر والمحشر
منطقة المسجد الأقصى وبيت المقدس
حتى يلاقي كل منهم جزاءه الأوفى.
=========
(105 - 111)
القرآن الكريم كتاب نزل بالحق
على الرسول صلى الله عليه وسلم
وكل ما فيه حق لا خلاف فيه ولا ريب.
جاء ليربّي أمة ويقيم لها نظامًا عمليًا متكاملا
لهذا نزل مفرقًا وفقًا للحاجات الواقعية للأمة
والملابسات التي صحبت فترة التربية الأولى.
وبينما يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم
هذا الكتاب الحق على قومه ليختاروا الإيمان به أو عدمه
يوجّه أنظارهم إلى نموذج تلقي أهل العلم بالكتب السابقة
له ويصوّر كيف تفتّحت قلوبهم للحق الذي وجدوه فيه
فأذعنوا له، وسجدوا وخشعوا لله تعالى.
روى مكحول أن رجلا من المشركين
سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في سجوده :
" يا رحمن يا رحيم "
فقال : إنه يزعم أنه يدعو واحدا ، وهو يدعو اثنين .
فأنزل الله هذه الآية
(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ)
وكذا روي عن ابن عباس ، رواهما ابن جرير ..
وقد كانوا كذلك يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم
ويؤذونه في صلاته، فأمره الله جلّ في علاه
أن يتوسط في صلاته بين الجهر والخفوت.
وكما بدأت السورة بتسبيح الله تعالى
فقد ختمت بحمد الله وتكبيره وتقرير وحدانيته
وتنزيهه عن الحاجة إلى الولد والشريك والنصير.
(89 - 96)
جاء الكتاب العزيز معجزا، فلم يجد المتعنتون
سوى الجنوح إلى طلب الخوارق المادية...
(89 - 96)
جاء الكتاب العزيز معجزا، فلم يجد المتعنتون
سوى الجنوح إلى طلب الخوارق المادية سبيلاً
ضاربين بأمثاله الرائعة وحقائقه القائمة وأساليبه المعجزة
عرض الحائط في تبجح وغطرسة واستكبار
وهم يظنون أنهم بذلك يعجزون النبي صلى الله عليه وسلم.
فطلبوا تفجير الأنهار في أزقة مكة
وتحويل جبالها إلى جنات وارفة الظلال
ورمضائها إلى بساتين دانية القطوف...
إلى غير ذلك مما جاء في سياق هذه الآيات.
ولو كان طلب الحق بُغيتهم لاكتفوا بالقرآن
الذي تضمّن كافة أشكال الإعجاز
ولاهتدوا بما علموه وعايشوه وعرفوه عن شخصه عليه السلام.
ولو تفكّروا لأدركوا أن الرسول إنما هو بشر يوحى إليه
فليس إلها حتى يأتي بالخوارق
وليس ملكا لأن الملائكة لا يصلحون للعيش على الأرض.
وبشرية الرسل أمر قدّره الله تعالى
وهو ليس عيبا بحقهم لأن البشر كلهم مكرّمون.
كما أن الهداية من الله تعالى ولا تتوقف على خوارق
وأما الآيات المادية التي أنزلت على الأمم السابقة
فلم تزدهم إلا خسارا ووبالا بإصرارهم على التكذيب بعدها.
وما دامت هذه سنة الله في خلقه
فهو يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ينهي معهم الجدل
وأن يكل أمره وأمرهم إلى الله الخبير البصير.
========
(97 - 100)
لقد جعل الله للهدى وللضلال سننًا، وهيأ الإنسان ليسير وفقها.
فالذي يستحق هداية الله بمحاولته واتجاهه يهديه الله
والذي يستحق الضلال بإعراضه عن دلائل الهدى وآياته
لا يعصمه أحد من عذاب الله
ويحشر يوم القيامة بصورة مهينة وهو أعمى وأبكم وأصم
ليكون مصيره في النهاية جهنم كلما سكنت زادها الله لهبًا ووهجًا.
وهذه العاقبة المخيفة المخزية استحقوها باستكبارهم
كما قادهم إلى إنكار البعث بعد الممات.
ولو انهم أعملوا عقولهم في خلق السماوات والأرض
لما استبعدوا وقوع البعث
فخالقهما على عِظم حجمهما قادر على أن يخلق مثلهم
ومن ثم فهو اقدر سبحانه على أن يعيدهم أحياء حين يحين أجلهم.
ثم بيّن الله سبحانه أنهم لا يقنعون، بل يبقون على بخلهم وشحهم
حتى لو أعطيت لهم خزائن رحمة الله التي وسعت كل شيء
والتي لا يُخشى نفاذها ولا نقصها.
========
(101- 104)
كما ذُكر المسجد الأقصى
وطرف من قصة بني إسرائيل وموسى في أول السورة
ختمت السورة كذلك بمَثل من قصة موسى وبني إسرائيل.
فإذا كان بنو إسرائيل قد طغوا وأفسدوا مرات من قبل
رغم ما أوتوه من الآيات، فحل بهم العذاب
وإذا كانوا يطغون ويفسدون مرة أخرى حاليا
فسينتظرهم مثله من العذاب
فقد كان هذا أيضا ديدن فرعون وآله قبلهم
حين أعرضوا عن المعجزات التسع
التي جاءهم بها موسى عليه السلام.
العصا واليد والسنين ونقص الثمرات
والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم
وفي هذا إرشاد إلى كون الآيات المادية
لا تغني الكافرين بل تعجل هلاكهم
وفيه أيضا تحذير للناس جميعا أنهم سيحشرون جميعا يوم القيامة
وقبله أيضا في أرض المنشر والمحشر
منطقة المسجد الأقصى وبيت المقدس
حتى يلاقي كل منهم جزاءه الأوفى.
=========
(105 - 111)
القرآن الكريم كتاب نزل بالحق
على الرسول صلى الله عليه وسلم
وكل ما فيه حق لا خلاف فيه ولا ريب.
جاء ليربّي أمة ويقيم لها نظامًا عمليًا متكاملا
لهذا نزل مفرقًا وفقًا للحاجات الواقعية للأمة
والملابسات التي صحبت فترة التربية الأولى.
وبينما يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم
هذا الكتاب الحق على قومه ليختاروا الإيمان به أو عدمه
يوجّه أنظارهم إلى نموذج تلقي أهل العلم بالكتب السابقة
له ويصوّر كيف تفتّحت قلوبهم للحق الذي وجدوه فيه
فأذعنوا له، وسجدوا وخشعوا لله تعالى.
روى مكحول أن رجلا من المشركين
سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في سجوده :
" يا رحمن يا رحيم "
فقال : إنه يزعم أنه يدعو واحدا ، وهو يدعو اثنين .
فأنزل الله هذه الآية
(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ)
وكذا روي عن ابن عباس ، رواهما ابن جرير ..
وقد كانوا كذلك يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم
ويؤذونه في صلاته، فأمره الله جلّ في علاه
أن يتوسط في صلاته بين الجهر والخفوت.
وكما بدأت السورة بتسبيح الله تعالى
فقد ختمت بحمد الله وتكبيره وتقرير وحدانيته
وتنزيهه عن الحاجة إلى الولد والشريك والنصير.