الفصل الثالث
هَرْمَجِدُّونْ ARMAGEDDON
وما أدراك ما هرمجدون؟!
- إنها الوقعة العظيمة والحرب المدمرة…
- إنها المنازلة الاستراتيجية الضخمة القريبة القريبة …
- إنها الحرب التحالفية – العالمية – القادمة التي ينتظرها جميع أهل الأرض اليوم.
- إنها الحرب الدينية السياسية.
- إنها معركة التنّين Dragon War متعددة الأطراف.
- إنها أعظم وأشرس حروب التاريخ.
- إنها بداية النهاية.
- إنها الحرب التي عم قبلها "السلام المشبوه"، فيقول الناس: حل السلام، حل الأمن.
- إنها معركة هرمجدون.
- "هرمجدون" كلمة عبرية مكونة من مقطعين: "هَرْ": ومعناها بالعبرية: جبل. و "مجيدو": وادي في فلسطين( ). وهو ساحة المعركة القادمة التي سوف تمتد من "مجيدو" في الشمال إلى "إيدوم" في الجنوب مسافة حوالي 200 ميل وتصل إلى البحر الأبيض المتوسط في الغرب وإلى تلال "موهاب" في الشرق مسافة 100 ميل( ).
- ويعتبر العسكريون – خاصة الغزاة القدماء – هذه المنطقة موقعاً استراتيجياً يستطيع أي قائد يستولي عليه أن يتصدى لكل الغزاة( ).
- وكلمة "هرمجدون" مألوفة معروفة عند أهل الكتاب تجدها في كتبهم المقدسة وأبحاث علمائهم وباحثيهم كما سنبين في الصفحات القادمة.
وعندما نقول أهل الكتاب نعني بهم اليهود والنصارى فقط.
ونحن لا نأتي بدعاً من القول إذا ذكرنا أقوال أهل الكتاب فقد أذن لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن نُحدّث عنهم فقال: "بلّغوا عنّي ولو آيةً وحَدّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حَرَجْ.. "( )، بشرط أن نكون على حذر مما نسمعه منهم فلا نقبل من كلامهم إلا ما كان موافقاً لشرعنا، شاهداً له فإن خالف رددناه عليهم.
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا حدّثكم أهلُ الكتاب فلا تُصدّقوهم ولا تُكذّبوهم"( )
هرمجدون، بين المسلمين وأهل الكتاب:
أولاً: أقوال أهل الكتاب:
1- جاء في "سفر الرؤيا/16-16": وجمَعَت الأرواح الشيطانية جيوش العالم كلها في مكان يسمى "هرمجدون" الإنجيل ص 388 الناشر دار الثقافة.
2- جاء في كتاب (البعد الديني في السياسة الأمريكية) ان سبعة من رؤساء أمريكا يؤمنون بمعركة هرمجدون( ).
3- يقول رونالد ريجان الرئيس الأسبق لأمريكا: (إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيرى "هرمجدون")( ).
4- (… كل شيء سوف ينتهي في بضع سنوات .. ستقوم المعركة العالمية الكبرى معركة هرمجدون أو سهل مجيدو) ( ).
5- يقول "جيمي سواجزت": (كنت أتمنى أن أستطيع القول: أننا سنحصل على السلام، ولكني أؤمن بأن "هرمجدون" مقبلة، إن "هرمجدون" قادمة وسيخاض غمارها في وادي "مجيدو"، إنها قادمة إنهم يستطيعون أن يوقّعوا على اتفاقيات السلام التي يريدون، إن ذلك لن يحقق شيئاً، هناك أيام سوداء قادمة) ( ).
6- يقول "جيري فولويل" زعيم الأصوليين المسيحيين: (إن هرمجدون هي حقيقة إنها مركبة ولكن نشكر الله أنها ستكون نهاية أيام العامة) ( ).
7- يقول سكوفيلد: (إن المسيحيين المخلصين يجب أن يرحبوا بهذه الحادثة لأنه بمجرد ما تبدأ المعركة النهائية "هرمجدون" فإن المسيح سوف يرفعهم إلى السحاب وإنهم سوف يُنقذون وإنهم لن يواجهوا شيئاً من المعاناة التي تجري تحتهم) ( ).
8- تقول جريس هالسل الكاتبة الأمريكية: (إننا نؤمن كمسيحيين أن تاريخ الإنسانية سوف ينتهي بمعركة تدعى "هرمجدون" وأن هذه المعركة سوف تتوّج بعودة المسيح الذي سيحكم بعودته على جميع الأحياء والأموات على حد سواء) ( ).
هذا طرف من أقوال أهل الكتاب يبين مدي إيمانهم بمعركة هرمجدون واعتقادهم بقرب وقوعها ومن أراد المزيد من أقوالهم فليرجع إلى الكتب المذكورة.
ثانياً: المسلمون وهرمجدون:
واعجبا !!! فعلى حين نرى أقوال أهل الكتاب قد تواترت كثرة وتوفّرت على إثبات "هرمجدون" وأنها حقيقة لا خيال: نجد أقواماً من المسلمين لا يدرون ما "هرمجدون"؟؟ وما تعني هذه الكلمة الخطيرة في قاموس أهل الكتاب.
نحن لا نقصد كلمة هرمجدون كلفظ وإنما كمدلول ورمز فإنها كلمة تعني الكثير والكثير.
بعض الكُتّاب المسلمين بدأ يهتّم بأمر هذه المعركة ويصدر المقالات الهامة (المعتمدة على الحدس التحليلي والحس التاريخي وفقه الواقع السياسي) تلك التي تقرر:
- أن المعركة الحاسمة قريبة يجري إعداد مسرحها الآن.
- وأنها ستكون استراتيجية، نووية، عالمية.
- وأن اليهود سيخسرون فيها ويكُسرون( )
ونحن نقول:
إننا متفقون مع كل الأقوال السابقة، أعني أن معركة هرمجدون حقيقة واقعة وأنها قريبة قريبة مع اختلاف في تفاصيل ونتائج هذه المعركة فنقول: إنه ستكون معركة تحالفية عالمية يكون المسلمون والروم (أوروبا وأمريكا) طرفاً واحداً لا محالة فيقاتلون عدواً مشتركاً لا نعلمه يقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم "عدواً من ورائهم.."، وإن كان الواقع المعاصر يقول إن الطرف الآخر لن يكون إلا المعسكر الشرقي الشيوعيين أو الشيعة. وسيكون النصر حليف معسكرنا.
أما عن اليهود فليس في مراجعنا ما يدل على دورهم في هذه الحرب العالمية ولكنهم متورطون فيها لا محالة بل هم الذين سيوقدون نارها ثم يصلونها، وسيفنى ثلثاهم فيها كما يقول أهل الكتاب( )، أما الثلث الباقي من الباقي من اليهود فيتولى المسلمون القضاء عليهم في زمن المهدي بعد نزول عيسى وقتل الدجال.
وإليكم نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتحدث عن هذه المعركة.
قال صلى الله عليه وسلم: "ستصالحون الرومَ صُلحاً آمناً فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم فَتَسلمون وتَغْنمون ثم تَنزلون بمرج ذي تُلوم فيقوم رجلٌ من الروم فيرفع الصليب ويقولك غلب الصليب فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فيغدر الروم وتكون الملاحم فيجتمعون لكم في ثمانين غاية مع كال غاية اثنا عشر ألفاً"( ).
وكما هو واضح من نص الحديث أن ثمّة حربين ستقعان الأولى وهي هرمجدون العالمية وهي التي يعرفها الجميع ويتوقعونها أما المعركة الثانية وهي "الملاحم" وفي بعض الروايات "الملحمة الكبرى" فهذه لا يعلم بها إلا القليل وهي التي ستكون بين المسلمين وبين الروم (أوروبا وأمريكا) في أعقاب معركة هرمجدون حيث يكون غدر الروم بنا.
فمعركة "هرمجدون" هي أول ما ننتظره كبداية للفتن والملاحم الأخيرة وستكون – كما سنبين في الباب الثالث: المهدي – حرباً مدمرة نووية تفنى معظم الأسلحة الاستراتيجية، وتعود الكلمة المسموعة في الحروب في الحروب بعد للسيوف والرماح والخيل. ولا عجب في ذلك فإن السنة الكونية المطردة في الحضارات القديمة كلها الفناء بعد الازدهار، والسقوط بعد العلو وقد بلغت حضارة القرن العشرين ذروة الإبداع الأرضي، بل بدأ الحديث عن ما يسمونه حرب النجوم. سبحان الله، فما بعد الارتفاع إلا الانهيار وإن غداً لناظره قريب ومعركة "هرمجدون" تدور رحاها في أرض فلسطين، حيث تلتقي جيوش جرارة قوامها – كما يقول أهل الكتاب- 400 مليون جندي. وقد فصل الحديث عنها كتاب النبوءة والسياسة للكاتبة الأمريكية دريس هالسل، والذي منه أخذنا الخريطة المرفقة في الصفحة القادمة والتي تبين مكان أرض المعركة فارتقب إنا مرتقبون.
عبير الزهور @aabyr_alzhor
عضوة شرف في عالم حواء
هذا الموضوع مغلق.
حساب عمر الأمم
هذا الفصل يعتبر من أهم فصول هذا الكتاب وهو مبحث نفيس قد يخفى على كثير من الناس. ونحن لم نأت فيه بجديد إلا أننا استخرجنا كنزه من باطن أمهات الكتب فنفضنا عنه التراب وعرضناه في صورته الأصلية نقياً زاهراً لا خفاء فيه ولا غبار عليه. ورحم الله علماءنا الأعلام الذين تركوا لنا ميراثاً هائلاً من فقه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الذي ما ترك شيئاً في الأرض ولا في السماء ولا طائر يطير بجناحيه إلا وأبان لنا منه علماً.
قال الحافظ ابن حجر في كتابه القيم فيتح الباري – تعليقاً على أحاديث عمر الأمم – ما نصه: (واستُدِلّ به – أي الحديث المذكور – على أن بقاء هذه الأمة (أمة الإسلام) يزيد على الألف لأنه يقتضي أن مدة اليهود نظير مدتي النصارى والمسلمين، وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفي سنة، ومدة النصارى من ذلك ستمائة) ( ) اهـ.
وقال أيضاً: (وتضمّن الحديث الإشارة إلى قصر المدة التي بقيت من الدنيا) ( ).
ومن الإجمال إلى تفصيلٍ أكثر لكلام ابن حجر السابق نقول: أن كلامه قد تضمن جملاً:
1- إن مدة عمر اليهود نظير (تساوي) مدتي عمر النصارى والمسلمين مجتمعة. أي أن مدة عمر اليهود = مدة عمر المسلمين + مدة عمر النصارى.
2- إن مدة عمر النصارى هي ستمائة سنة وقد جاء بذلك أثر صحيح رواه البخاري في صحيحه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: (فترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ستُّمائة سنة) ( ).
ومما سبق يمكننا أن نقول إن:
مدة عمر المسلمين = مدة عمر ليهود مطروحاً منه مدة عمر النصارى.
وحيث إن مدة عمر اليهود والنصارى تزيد على ألفي سنة ومدة عمر النصارى هي ستمائة سنة إذن بالطرح الجبري يكون:
عمر أمة اليهود= 2000-600 = 1400 سنة تزيد قليلاً.
وذكر أهل النقل وكتب التاريخ العام أن هذه الزيادة تزيد عن المائة سنة قليلاً.
إذاً: عمر أمة اليهود = 1500 سنة تزيد قليلاً.
وحيث أن عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود – عمر النصارى
إذاً: عمر أمة الإسلام = 1500 – 600 = 900 سنة تزيلا قليلاً
+ 500 سنة ( )
إذاً: عمر أمة الإسلام = 1400 سنة تزيد قليلاً.
كم تكون هذه الزيادة؟
يوق الإمام السيوطي في رسالته المسماة: (الكشف) في بيان خروج المهدي يقول رحمه الله ما نصه: (الذي دلت عليه الآثار أن مدة هذه الأمة تزيد على الألف ولا تبلغ الزيادةٌ خمسمائة أصلاً) ( ).
مضى من هذا القليل ثلاثون عاماً فنحن الآن في عام 1417 هـ نضيف إليها ثلاث عشرة سنة قبل بدء التقويم الهجري وهي ما بين بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هجرته.
فنحن الآن في سنة 1417 من الهجرة ولكننا في سنة 1430 من البعثة.
فنحن إذن – بناء على ما قدمناه من حسابات مستندين إلى كلام أئمتنا الأعلام المعتمد على ما صح من الآثار – نعيش والعالم في حقبة ما قبل النهاية.
في مرحلة الاستعداد للفتن والملاحم الأخيرة التي تسبق ظهور العلامات الكبرى.
وإتماماً للفائدة نورد في الفصل القادم أقوال أهل الكتاب التي تتفق مع ما قدمنا وتؤكد أن النهاية قريبة.
الفصل الرابع
أقوال أهل الكتاب في قرب النهاية
قد يكون هذا الفصل من الكتاب حادياً لمعتدلي أهل الكتاب ومنصفيهم إلى الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وترك تكذيبه. فإنهم سيجدون توافقاً عجيباً بين بعض نصوص كتبهم المقدسة وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم. بل إننا نطمع في إسلام كثير منهم حيث أخبرتنا الأحاديث النبوية أن كثيراً من الروم سيسلمون في آخر الزمان، بل إن فتح قسطنطينية سيكون على أيدي طائفة منهم حيث أخبر الحديث أنه يغزو القسطنطينية سبعون ألفاً من بني إسحق (الروم) فيفتحونها بالتهليل والتكبير.. لا إله إلا الله .. والله أكبر( ).
وإليكم بعض أقوال أهل الكتاب في قرب النهاية:
1- جاء في (إنجيل متى) / 20/1-16 ص31 ما نصه ( ):
(مثل العمال في الكَرْم)
(فإن ملكوت السماوات يشبه بإنسان رب بيت خرج في الصباح الباكر ليستأجر عمالاً لكَرْمه، واتفق مع العمال على أن يدفع لكل منهم ديناراً في اليوم، وأرسلهم إلى كرمه. ثم خرج نحو الساعة التاسعة صباحاً، فلقى في ساحة المدينة عمالاً آخرين بلا عمل، فقال لهم: اذهبوا أنتم أيضاً واعملوا في كرمي فأعطيكم ما يحق لكم، فذهبوا. ثم خرج إلى الساحة أيضاً نحو الساعة الثانية عشرة ظهراً. ثم نحو الثالثة بعد الظهر، أرسل مزيداً من العمال إلى كرمه. ونحو الساعة الخامسة بعد الظهر، خرج أيضاً فلقى عمالاً آخرين بلا عمل، فسألهم: لماذا تقفون هنا طول النهار بلا عمل؟ أجابوه: لأنه لم يستأجرنا أحد. فقال: اذهبوا أنتم أيضاً إلى كرمي. وعندما حل المساء، قال رب الكرم لوكيله: ادع العمال وادفع الأجرة مبتدئاً بالآخرين ومنتهياً إلى الأولين. فجاء الذين عملوا من الساعة الخامسة وأخذ كل منهم ديناراً.
لما جاء الأولون، ظنوا أنهم سيأخذون أكثر. ولكن كل واحد منهم نال ديناراً واحداً وفيما هم يقبضون الدينار، تذمّروا على رب البيت، قائلين: هؤلاء الآخرون عملوا ساعة واحدة فقط، وأنت قد ساويتهم بنا نحن الذين عملنا طول النهار تحت حر الشمس! فأجاب واحداً منهم: يا صاحبي، أنا ظلمتك؟!، ألم تتفق معي على دينار؟ خذ ما هو لك وامضِ في سبيلك، فأنا أريد أن أعطى هذا الأخير مثلك. أما يحق لي أن أتصرف بما لي كما أريد؟ أم أن عينك شريرة لأنني أنا صالح؟ فهكذا يصير الآخرون أولين والأولون آخرين)( ).
2- جاء في الإنجيل – الرسالة الأولى إلى مؤمني تسالونيكي / 5 ما نصه:
(أما مسالة الأزمنة والأوقات المحددة فلستم في حاجة لأن يُكتب إليكم فيها. لأنكم تعلمون يقيناً أن يوم الرب سيأتي كما يأتي اللص في الليل، فبينما الناس يقولون حلّ السلام والأمن ينزل بهم الهلاك المفاجئ كالمخاض الذي يَدْهَمُ الحُبلى فلا يستطيعون أبداً أن يُفلتوا).
3- يقول نيكسون الرئيس الأسبق لأمريكا في كتاب بعنوان (1999 نصر بلا حرب):
(إن عام 1999 نكون قد حققنا السيادة الكاملة على العالم … وبعد ذلك يبقى ما بقي على المسيح) ( ). أي أنهم يحددون أنه لا يأتي عام 2000 غلا وقد هيأوا لعودة المسيح.
4- يقول (بات روبرتسون) زعيم الأصوليين الإنجيليين:
(إن إعادة مولد إسماعيل هي الإشارة الوحيدة إلى أن العد التنازلي لنهاية الكون قد بدأ، كما أنه مع مولد إسرائيل فإن بقية التنبؤات أخذت تتحقق بسرعة) ( ).
5- يقول (بيلي جراهام) الرئيس السابق للقساوسة الإنجيلين في عام 1970 محذراً من أن يكون العالم يتحرك الآن بسرعة كبيرة نحو هرمجدون: (إن الجيل الحالي من الشباب قد يكون آخر جيل في التاريخ
6- المهدي (هال لندس) في كتابه (آخر أعظم كرة أرضية): (الجيل الذي ولد منذ عام
48 سوف يشهد العودة الثانية للمسيح) ( ).
7- يقول (جيري فولويل) زعيم الأصوليين المسيحيين: (إننا نعتقد أننا نعيش في الأيام الأخيرة التي تسبق مجئ الرب( ) … إنني لا أعتقد أن أطفالي سيعيشون حياتهم كاملة) ( ).
8- يقول القمص (مينا جرجس) في كتابه (علامات مجئ الرب) ( ): (إن العلامات التي ذكرها الرب في الإنجيل المقدس تبدو واضحة بأكثر جلاء هذه الأيام وأصبحنا نعيشها كلها … كما أنه لا توجد علامة من تلك العلامات التي ذكرها الرب في الإنجيل إلا ونراها واضحة هذه الأيام … الأمر الذي يدعونا أن نكون في حالة استعداد قصوى لاستقبال الرب الآتي على سحب السماء) ( ).
9- قال الأنبا (ديستورس) الأسقف العام في كتابه (نظرات في سفر دانيال) أن: زمن ظهور المسيح الكذاب (الدجّال) أبريل 1998. وزمن المجئ الثاني للمسيح (عيسى بن مريم) هو خريف عام 2001.
وذلك من حسابات أوردها في بحثه (ملحق صور من بعض صفحات هذا البحث).
ويقول ديستورس معلقاً على تاريخ ظهور المسيح الدجال في ربيع 1998: (والشيء العجيب أن أعياد الأديان الثلاثة الخاصة بالذبح سوف تكون في النصف الأول من شهر أبريل. وفي هذا التوقيت سيقوم المسيح الدجال ويقدم مع رئيس الكهنة ذبيحة المحرقة التي يذبحونها عند الهيكل ظانين أن الله سيرسل عليها ناراً من السماء تحرقها فيكون علامة قبول ذلك منهم – ولكن اله لا يلتفت إلى هذا القربان فهي مرفوضة من قبل الله… ) ( ).
ما قدمنا ليس إلا إشارة لأقوال أهل الكتاب وإلا فأقوالهم لا تأتي عليها حصر وكلها تفيد أنهم قد رسخ في اعتقادهم أن الدنيا تعيش في هذه الأيام حقبتها الأخيرة، وهذا مما تخبرهم به كتبهم المقدسة التي يدينون بها.
الباب الثالث
المهدي
الفصل الأول:
المهدي حلقة الوصل بين العلامات الصغرى والعلامات الكبرى للساعة.
الفصل الثاني:
من هو المهدي
الفصل الثالث:
وقت ظهور المهدي
الفصل الرابع:
علامة ظهور المهدي وبيعته.
الفصل الخامس:
ما يكون في أيام المهدي من ملاحم
هذا ما سيتم الحديث عنه في المرة القادمة ان شاء الله
هذا الفصل يعتبر من أهم فصول هذا الكتاب وهو مبحث نفيس قد يخفى على كثير من الناس. ونحن لم نأت فيه بجديد إلا أننا استخرجنا كنزه من باطن أمهات الكتب فنفضنا عنه التراب وعرضناه في صورته الأصلية نقياً زاهراً لا خفاء فيه ولا غبار عليه. ورحم الله علماءنا الأعلام الذين تركوا لنا ميراثاً هائلاً من فقه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الذي ما ترك شيئاً في الأرض ولا في السماء ولا طائر يطير بجناحيه إلا وأبان لنا منه علماً.
قال الحافظ ابن حجر في كتابه القيم فيتح الباري – تعليقاً على أحاديث عمر الأمم – ما نصه: (واستُدِلّ به – أي الحديث المذكور – على أن بقاء هذه الأمة (أمة الإسلام) يزيد على الألف لأنه يقتضي أن مدة اليهود نظير مدتي النصارى والمسلمين، وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفي سنة، ومدة النصارى من ذلك ستمائة) ( ) اهـ.
وقال أيضاً: (وتضمّن الحديث الإشارة إلى قصر المدة التي بقيت من الدنيا) ( ).
ومن الإجمال إلى تفصيلٍ أكثر لكلام ابن حجر السابق نقول: أن كلامه قد تضمن جملاً:
1- إن مدة عمر اليهود نظير (تساوي) مدتي عمر النصارى والمسلمين مجتمعة. أي أن مدة عمر اليهود = مدة عمر المسلمين + مدة عمر النصارى.
2- إن مدة عمر النصارى هي ستمائة سنة وقد جاء بذلك أثر صحيح رواه البخاري في صحيحه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: (فترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ستُّمائة سنة) ( ).
ومما سبق يمكننا أن نقول إن:
مدة عمر المسلمين = مدة عمر ليهود مطروحاً منه مدة عمر النصارى.
وحيث إن مدة عمر اليهود والنصارى تزيد على ألفي سنة ومدة عمر النصارى هي ستمائة سنة إذن بالطرح الجبري يكون:
عمر أمة اليهود= 2000-600 = 1400 سنة تزيد قليلاً.
وذكر أهل النقل وكتب التاريخ العام أن هذه الزيادة تزيد عن المائة سنة قليلاً.
إذاً: عمر أمة اليهود = 1500 سنة تزيد قليلاً.
وحيث أن عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود – عمر النصارى
إذاً: عمر أمة الإسلام = 1500 – 600 = 900 سنة تزيلا قليلاً
+ 500 سنة ( )
إذاً: عمر أمة الإسلام = 1400 سنة تزيد قليلاً.
كم تكون هذه الزيادة؟
يوق الإمام السيوطي في رسالته المسماة: (الكشف) في بيان خروج المهدي يقول رحمه الله ما نصه: (الذي دلت عليه الآثار أن مدة هذه الأمة تزيد على الألف ولا تبلغ الزيادةٌ خمسمائة أصلاً) ( ).
مضى من هذا القليل ثلاثون عاماً فنحن الآن في عام 1417 هـ نضيف إليها ثلاث عشرة سنة قبل بدء التقويم الهجري وهي ما بين بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هجرته.
فنحن الآن في سنة 1417 من الهجرة ولكننا في سنة 1430 من البعثة.
فنحن إذن – بناء على ما قدمناه من حسابات مستندين إلى كلام أئمتنا الأعلام المعتمد على ما صح من الآثار – نعيش والعالم في حقبة ما قبل النهاية.
في مرحلة الاستعداد للفتن والملاحم الأخيرة التي تسبق ظهور العلامات الكبرى.
وإتماماً للفائدة نورد في الفصل القادم أقوال أهل الكتاب التي تتفق مع ما قدمنا وتؤكد أن النهاية قريبة.
الفصل الرابع
أقوال أهل الكتاب في قرب النهاية
قد يكون هذا الفصل من الكتاب حادياً لمعتدلي أهل الكتاب ومنصفيهم إلى الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وترك تكذيبه. فإنهم سيجدون توافقاً عجيباً بين بعض نصوص كتبهم المقدسة وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم. بل إننا نطمع في إسلام كثير منهم حيث أخبرتنا الأحاديث النبوية أن كثيراً من الروم سيسلمون في آخر الزمان، بل إن فتح قسطنطينية سيكون على أيدي طائفة منهم حيث أخبر الحديث أنه يغزو القسطنطينية سبعون ألفاً من بني إسحق (الروم) فيفتحونها بالتهليل والتكبير.. لا إله إلا الله .. والله أكبر( ).
وإليكم بعض أقوال أهل الكتاب في قرب النهاية:
1- جاء في (إنجيل متى) / 20/1-16 ص31 ما نصه ( ):
(مثل العمال في الكَرْم)
(فإن ملكوت السماوات يشبه بإنسان رب بيت خرج في الصباح الباكر ليستأجر عمالاً لكَرْمه، واتفق مع العمال على أن يدفع لكل منهم ديناراً في اليوم، وأرسلهم إلى كرمه. ثم خرج نحو الساعة التاسعة صباحاً، فلقى في ساحة المدينة عمالاً آخرين بلا عمل، فقال لهم: اذهبوا أنتم أيضاً واعملوا في كرمي فأعطيكم ما يحق لكم، فذهبوا. ثم خرج إلى الساحة أيضاً نحو الساعة الثانية عشرة ظهراً. ثم نحو الثالثة بعد الظهر، أرسل مزيداً من العمال إلى كرمه. ونحو الساعة الخامسة بعد الظهر، خرج أيضاً فلقى عمالاً آخرين بلا عمل، فسألهم: لماذا تقفون هنا طول النهار بلا عمل؟ أجابوه: لأنه لم يستأجرنا أحد. فقال: اذهبوا أنتم أيضاً إلى كرمي. وعندما حل المساء، قال رب الكرم لوكيله: ادع العمال وادفع الأجرة مبتدئاً بالآخرين ومنتهياً إلى الأولين. فجاء الذين عملوا من الساعة الخامسة وأخذ كل منهم ديناراً.
لما جاء الأولون، ظنوا أنهم سيأخذون أكثر. ولكن كل واحد منهم نال ديناراً واحداً وفيما هم يقبضون الدينار، تذمّروا على رب البيت، قائلين: هؤلاء الآخرون عملوا ساعة واحدة فقط، وأنت قد ساويتهم بنا نحن الذين عملنا طول النهار تحت حر الشمس! فأجاب واحداً منهم: يا صاحبي، أنا ظلمتك؟!، ألم تتفق معي على دينار؟ خذ ما هو لك وامضِ في سبيلك، فأنا أريد أن أعطى هذا الأخير مثلك. أما يحق لي أن أتصرف بما لي كما أريد؟ أم أن عينك شريرة لأنني أنا صالح؟ فهكذا يصير الآخرون أولين والأولون آخرين)( ).
2- جاء في الإنجيل – الرسالة الأولى إلى مؤمني تسالونيكي / 5 ما نصه:
(أما مسالة الأزمنة والأوقات المحددة فلستم في حاجة لأن يُكتب إليكم فيها. لأنكم تعلمون يقيناً أن يوم الرب سيأتي كما يأتي اللص في الليل، فبينما الناس يقولون حلّ السلام والأمن ينزل بهم الهلاك المفاجئ كالمخاض الذي يَدْهَمُ الحُبلى فلا يستطيعون أبداً أن يُفلتوا).
3- يقول نيكسون الرئيس الأسبق لأمريكا في كتاب بعنوان (1999 نصر بلا حرب):
(إن عام 1999 نكون قد حققنا السيادة الكاملة على العالم … وبعد ذلك يبقى ما بقي على المسيح) ( ). أي أنهم يحددون أنه لا يأتي عام 2000 غلا وقد هيأوا لعودة المسيح.
4- يقول (بات روبرتسون) زعيم الأصوليين الإنجيليين:
(إن إعادة مولد إسماعيل هي الإشارة الوحيدة إلى أن العد التنازلي لنهاية الكون قد بدأ، كما أنه مع مولد إسرائيل فإن بقية التنبؤات أخذت تتحقق بسرعة) ( ).
5- يقول (بيلي جراهام) الرئيس السابق للقساوسة الإنجيلين في عام 1970 محذراً من أن يكون العالم يتحرك الآن بسرعة كبيرة نحو هرمجدون: (إن الجيل الحالي من الشباب قد يكون آخر جيل في التاريخ
6- المهدي (هال لندس) في كتابه (آخر أعظم كرة أرضية): (الجيل الذي ولد منذ عام
48 سوف يشهد العودة الثانية للمسيح) ( ).
7- يقول (جيري فولويل) زعيم الأصوليين المسيحيين: (إننا نعتقد أننا نعيش في الأيام الأخيرة التي تسبق مجئ الرب( ) … إنني لا أعتقد أن أطفالي سيعيشون حياتهم كاملة) ( ).
8- يقول القمص (مينا جرجس) في كتابه (علامات مجئ الرب) ( ): (إن العلامات التي ذكرها الرب في الإنجيل المقدس تبدو واضحة بأكثر جلاء هذه الأيام وأصبحنا نعيشها كلها … كما أنه لا توجد علامة من تلك العلامات التي ذكرها الرب في الإنجيل إلا ونراها واضحة هذه الأيام … الأمر الذي يدعونا أن نكون في حالة استعداد قصوى لاستقبال الرب الآتي على سحب السماء) ( ).
9- قال الأنبا (ديستورس) الأسقف العام في كتابه (نظرات في سفر دانيال) أن: زمن ظهور المسيح الكذاب (الدجّال) أبريل 1998. وزمن المجئ الثاني للمسيح (عيسى بن مريم) هو خريف عام 2001.
وذلك من حسابات أوردها في بحثه (ملحق صور من بعض صفحات هذا البحث).
ويقول ديستورس معلقاً على تاريخ ظهور المسيح الدجال في ربيع 1998: (والشيء العجيب أن أعياد الأديان الثلاثة الخاصة بالذبح سوف تكون في النصف الأول من شهر أبريل. وفي هذا التوقيت سيقوم المسيح الدجال ويقدم مع رئيس الكهنة ذبيحة المحرقة التي يذبحونها عند الهيكل ظانين أن الله سيرسل عليها ناراً من السماء تحرقها فيكون علامة قبول ذلك منهم – ولكن اله لا يلتفت إلى هذا القربان فهي مرفوضة من قبل الله… ) ( ).
ما قدمنا ليس إلا إشارة لأقوال أهل الكتاب وإلا فأقوالهم لا تأتي عليها حصر وكلها تفيد أنهم قد رسخ في اعتقادهم أن الدنيا تعيش في هذه الأيام حقبتها الأخيرة، وهذا مما تخبرهم به كتبهم المقدسة التي يدينون بها.
الباب الثالث
المهدي
الفصل الأول:
المهدي حلقة الوصل بين العلامات الصغرى والعلامات الكبرى للساعة.
الفصل الثاني:
من هو المهدي
الفصل الثالث:
وقت ظهور المهدي
الفصل الرابع:
علامة ظهور المهدي وبيعته.
الفصل الخامس:
ما يكون في أيام المهدي من ملاحم
هذا ما سيتم الحديث عنه في المرة القادمة ان شاء الله
جزاك الله كل الخير مجهود طيب تشكرين عليه والحقيقه الموضوع مخيف ومؤثر ويجعلنا نشعر بنهاية الدنيا.
وانت ايضا اختي ام غان جوزيت خيرا بردك على الموضوع وما لنا الا ان نقول اللهم جنبنا الفتن ما ظهرمنها وما بطن
اخي الكريم ابو الحسن جزاك الله كل الخير
اخي الكريم ابو الحسن جزاك الله كل الخير
الصفحة الأخيرة
عمر أمة الإسلام
الفصل الأول:
توضيحات
الفصل الثاني:
أحاديث عمر الأمم والمعنى العام لها.
الفصل الثالث:
حساب عمر الأمم.
الفصل الرابع:
أقوال أهل الكتاب في قرب النهاية.
الفصل الأول
توضيحات
إن عُمْرَ أمة الإسلام هو منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وإلى أن تقوم الساعة، أو بالتحديد إلى أن تأتي ريحٌ لّيّنة من قِبَل اليمن فتقبض نفس كلّ مؤمن ويكون ذلك بعد موت عيسى ابن مريم عليه السلام ثم لا يبقى على ظهر الأرض مؤمن فينتهي هنا عمر أمة الإسلام ولا يبقى في الأرض إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة.
فعمر الأمة إذن – أيُّ أمّة- يكون منذ بعثة نبيها إلى بعثة النبي الذي بعده فمن آمن بهذا النبي الآخر كان من أمته وأُتي الأجر مرتين( )، ومن كفر به عجز وانقطع وكان كمن كفر بالأنبياء جميعاً.
- فعمر اليهود هو من بعثة موسى عليه السلام إلى بعثة عيسى عليه السلام.
- وعمر النصارى يمتد من بعثة عيسى إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
وهنا يطرح سؤال نفسه: هل ورد لنا في الشرع الحنيف شيء في تحديد أعمار هذه الأمم؟ والجواب: نعم.
وقبل أن نشرع في تفصيل الجواب الذي يقودنا إلى حساب عمر الأمم وبالتالي بدء العلامات الكبرى ننبه إلى أمور:
الأول: أننا لا نستعجل – بكلامنا هذا – إيقاف عجلة الحياة الدنيا وخراب العالم.
كلا فإننا تعلمنا من ديننا أن نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبداً ولا نتوقف حتى تتوقف عجلة الحياة الدنيا فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها"( ).
ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً"( ).
فكلامنا إذن عن قرب النهاية لا يعني أبداً إلقاء اليد إلى العجز وترك العمل أو طلب العلم أو الدعوة إلى الله بل على العكس من ذلك يعني التزود والاستعداد لهذه الفتن والملاحم الأخيرة، التزود بالعلم والعمل والتقوى.
الثاني: ليس المقصود تخويف الناس بل تنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين الغارقين في سبات عميق كي يستعدوا فلا يفاجأوا بالملاحم القريبة الأكيدة قد نزلت بساحتهم ودهمتهم وحلت بديارهم وهم في غفلة معرضون.
الثالث: إننا لن نأتي بكلمة واحدة في هذا الكتاب فيها ظن أو رجم بالغيب لأن الظن لا يغني من الحق شيئاً. وإنما كلامنا مرجعه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم أقوال العلماء الأئمة المستنبط منها. ثم بعد ذلك نستأنس بكلام أهل الكتاب الذين أُذن لنا في التحديث عنهم.
الرابع: وهو هام ونؤكد عليه، أننا لا نحدّد ولا يملك أحدٌ أن يحدّد تاريخاً بعينه أو سنةً بذاتها لعمر أمة الإسلام ولكننا نقرر تقديرات إجمالية معتمدة على ما ورد في الآثار الصحيحة وما أثبته علماؤنا الأعلام من كلام وشروح لهذه الأثار.
ثم إننا نتكلم عن بداية الملاحم لا عن نهاية عمر الدنيا فإن هذا ما اختص الله تعالى نفسه بعلمه فلا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب.
فإذا تقرر ذلك شرعنا في بسط الكلام عن عمر الأمم والله الهادي إلى الحق والصواب.
الفصل الثاني
أحاديث عمر الأمم والمعنى العام لها
أولاً: الأحاديث:
1- روى البخاري في صحيحه بسنده عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتى أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً. ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين. فقال أهل الكتاب: أي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطاً قيراطاً ونحن كنا أكثر عملاً. قال: قال الله عزّ وجل: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا: لا. قال: فهو فضلي أؤتيه من أشاء"( ).
2- وروى البخاري أيضاً في صحيحه عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل فعملوا إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك، فاستأجر آخرين فقال: أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت. فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا. فاستأجر قوماً فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين( )( ).
ثانياً: المعنى العام والشرح الإجمالي:
- يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين – بطريقة ضرب الأمثال للتقريب والتبيين- عن مدة بقاء أمة الإسلام في هذه الحياة الدنيا بالنسبة للأمم قبلها من اليهود والنصارى، فمدة المسلمين الزمنية هي الفترة التي التي تمتد من صلاة العصر إلى غروب الشمس.
ومدة اليهود هي الفترة من الفجر إلى صلاة الظهر – نصف النهار – ومدة النصارى من صلاة الظهر إلى صلاة العصر. أي أن مدة اليهود نظير مدتي المسلمين والنصارى مجتمعين.
لأن اليهود عملوا نصف النهار والمسلمون والنصارى عملوا النصف الآخر للنهار. كما يخبرنا الحديث عن تفضيل الله سبحانه لهذه الأمة الأخيرة أمة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم من غير أن ينقص الأمم السابقة من أجورهم شيئاً أو يظلمهم، لأنه سبحانه وتعلى منزه عن الظلم والنقائص كلها. فقد أعطاهم أجرهم كاملاً غير منقوص.
- والقيراط المذكور في الحديث هو النصيب والملك في الجنة، وإن أقل أهل الجنة منزلة وملكاً من يكون له مثل كل ما تمنى عشر مرات، فالقيراط إذن يعني أجراً عظيماً موفى موفراً.
- فغضب أهل الكتاب، لا لأنهم قد غُمِصًوا حقّهم وغُبنوا في أجرهم ولكن حسداً من عند أنفسهم للأمة المفضلة أمة الإسلام. فقالوا: يا ربنا، لم فضلت هؤلاء علينا بأن ضاعفت لهم الأجر وأجزلت لهم العطاء مع أننا كنا أكثر عملاً؟!
وجملة (كنا أكثر عملاً) تحتمل معنيين:
الأول: كنا أطول زماناً وبقاءً في الحياة الدنيا وبالتالي أكثر عملاً.
الثاني: كنا أكثر أتباعاً مما يستلزم كثرة العمل.
وعلى هذا يكون القائل (كنا أكثر عملاً) على المعنى الأول هم اليهود خاصة ويؤيد ذلك أحد ألفاظ الحديث الذي رواه البخاري في كتاب التوحيد حيث جاء فيه:
(… فقال أهل التوراة…) وذلك لن اليهود بلا خلاف أطول زماناً من المسلمين فيصدق قولهم كنا أكثر عملاً. ويكون قول النصارى كنا أكثر عملاً على المعنى الثاني أي أكثر أتباعاً لأنهم آمنوا بموسى وعيسى جميعاً فيصدق قولهم كذلك( ).
فلما - غضب أهل الكتاب وقالوا ما قالوا بين لهم الرب تبارك وتعالى أنه لم يظلمهم، فأجرهم موفى موفر غير منقوص وغاية ما هنالك أنه سبحانه فضل أمةَ حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم بمزيد عطاءٍ ومنّة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
هل يستوي الذين قالوا عن عجل بهيم (هذا إلهكم وإله موسى فنسى) مع الذين قالوا لا إله إلا الله.
هل يستوي الذين قالوا (عزير ابن الله) والذين قالوا (المسيح ابن الله) مع الذين قالوا "قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد".
هل يستوي الذين قالوا (إن الله فقير ونحن أغنياء) والذين قالوا (هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء) مع الذين قالوا أنت الغني ونحن الفقراء إليك.
هل يستوي الذين قالوا (سمعنا وعصينا) مع الذين قالوا (سمعنا وأطعنا) …
هل يستوي الذين قالوا: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) مع الذين قالوا: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون.
هل يستوون؟ الحمد لله رب العالمين.