ذو العيون 1
في جنوب المملكة شدت كلماتي رحالها لتنسج لكم قصة وقعت على أرض في بيئة وعرة وبالتحديد على سفوح الجبال المرتفعة التي لا يستطيع العيش فيها سوى الصقور وقبائل يعرفون بمسمى (القبائل الجبلية)
وبعد مشقة الصعود وصلنا للمكان المقصود قرية نائية تحيط بها الأشجار وتسمع خرير الماء يتتدفق حتى يصل إلى مكان يتجمع فيه ليصبح اشبه بالعيون
وأيضا تشعر بأنطباع حين تشاهد بيوتهم التي أعتمدوا على الصخور في بنائها
وأيضا ملابسهم لها سماتها الخاصة التي ميزت ساكني هذه الجبال
كانت هذه القبيلة كبقية القبائل في تركيبها الاجتماعي فذلك بيت الشيخ الذي يتضح أنه اكبر البيوت الموجودة في تلك القرية
وأيضا يوجد فيه رجال لهم شأن في القبيلة كفارسها وحكيمها وشاعرها وتاجرها فكل هؤلاء لا يمكن تجاهلهم وأيضا يوجد فيها من ألحق اسمه بأسم القبيلة ولكن له حدود يجب أن لا يتجاوزها
وهذه أعراف وضعها الناس الاسلام بريء منها فلا فرق في الأسلام بين الناس إلا بالتقوى
وبعد أن أخذتك في نبذة مختصرة عن تضاريس المكان وطبائع السكان نبدأ بكان يا ما كان قصة حصلت في هذا الزمان وليس في قديم الأزمان
جابر رجل جمع بشاعة المنظر وسوء الأخلاق وكان يمثل الصعاليك في قديم الأزمان فكانت كل أفعاله للشر تنسب وكانت عيناه صغيرتان وكان صاحبه يمازحه ويقول له كأن عيناك اثقاب مسمار
وكان صاحبه أسمه أسامة
جلسا جابر و أسامة وهم في حالة سكر شديد
فقال جابر بئسا لهذه القبيلة التي يتزعمها الشيخ معيض فهو حينما يرآني كأنما يرى الشيطان
فأجابه أسامة بل قل المدعو بالسيف الفارس الذي به يفرحون كم حدثت نفسي أن أمسح وجهه بالتراب حتى يعرف قدر نفسه
فضحك جابر وقال يبدوا أنك نسيت أخاك عبدالرزاق أنا سمعته وهو يحذرك من مصاحبتي وينذرك ويحذرك مني ويصفني بالشؤم
قال أسامة دعك من أخي فأنت تعرف طباعه فهو يحب الدنيا ويرى أن من يملك المال يعد من الرجال
ولكن أسوأ من في هذه القرية المسمى سالم الذي يظن أنه أصبح إبن تاجر لما أمتلك ابوه اكثر من مائة رأس من الغنم
فتقادحت نظرات جابر شرارا وقال هل رأيت أخته المها
قال أسامة لا لم أرها فهل رأيتها وكيف رأيتها قال جابر شاهدتها وهي ترعى غنم ابيها في طرف بيتهم حيث كنت مخمورا فلم استطع أن اعود إلى البيت وأنا بهذا الحال وأنت تعرف شراسة أمي أن رأتني قد تقتلني فنمت بين الصخور وما أفقت إلا على ثغاء الأغنام
فلما فتحت عيني ورفعت رأسي رأيت المها وهي كاشفة تحلب أحدى الشياه
ماذا أقول لك يا أسامة كنت قد أضمرت في نفسي أن أهجم عليها ولكن حال دون ذلك أبوها الذي كان يجلس بجوارها وبيده بندق فخشيت من هذا المسن المعتوه أن يطلق الرصاص علي
ولكني عزمت أن اراقبها حتى أن سنحت لي فرصة انقضيت عليها
ضحك أسامة وقال لم أعرف مجنونا أكثر منك
كان في القرية مدرسة وفي كل عام يأتون معلمين جدد لأن المعلمون السنة الماضية أما ينقلون أو يفصلون لصعوبة الحياة بالنسبة لأشخاص عاشوا في المدن
وفي بداية ذلك العام كان من ضمن المعلمين الجدد معلم أسمه بدر كان من مدينة الرياض ولم يرضى أن يسكن في المدرسة مع بقية المعلمين
فبحث عن سكن في قرية فدله بعض الناس لأبو سالم الذي يملك مجلس خارجي بجوار بيته فذهب إلى أبو سالم فوجد سالم موجود مع أبيه
فرحبا به وقاما بضيافته على أكمل وجه
كان سالم يحب أن يعرف كل شيء عن الرياض فسأل بدر عنها
فقال بدر الرياض اصبحت دولة في داخل دولة من كبرها وكثر سكانها فالزحام هو عنوانها وأصبحت ناطحات السحاب جبالها الشاهقة وأسواقها الضخمة بساتينها التي تقضي فيها بالساعات ولا تمل من البقاء فيها
أنا اعجز أن اصف لك الرياض بكلمات ولكن أن شئت أخذتك معي في إجازة الأسبوع لتراها بعينك
دخل السرور لقلب سالم
ثم قال بدر أعود لموضوع الغرفة أريد أن أعرف كم أجارها
نظر أبوسالم لبدر وقال هذه ليست غرفة بل مجلس للضيافة بنيته ولكن اعترض افراد القبيلة علي فكيف أبني مجلس للضيافة ومجلس الشيخ مفتوح فأقفلته حتى لا تصبح هناك مشاكل من هذا الموضوع
فما دمت أنت في هذا المجلس فأنت ضيفا علي
وبالفعل سكن بدر بالمجلس ومضت الأيام بينما كان بدر ينظر من نافذة المجلس قبيل غروب الشمس وكان الهواء شديدا مما جعله يقف خلف النافذة ويتعجب من الهدوء والسكينة التي تحيط بالمكان وما لبث غير قليل إلا وأصوات الماشية التي تقودها المها جعلت الأجواء تتحرك وأبوها برفقتها ومرت الماشية من جوار سكن بدر والمها تساعد أبوها المسن في أدخال الماشية لحضيرتها ولكن الهواء الشديد رفع حجاب المها ليرى بدر وجهها الذي كأنه القمر
اصبحت صورة وجه المها راسخة رسوخ الجبال في قلب بدر وأصبح القلب متيم بحب فتاة من النظرة الأولى
كان بدر يكن لعائلة أبوسالم كل أحترام فكل وجباته كان يجدها عند الباب
حيث كانت حورية البنت الكبرى لأبو سالم هي من تقوم بأعباء البيت من طبخ وتنظيف حيث أن أمها قد توفت بعد سنتين من ولادتها لإبنتها المها
وكانت هي من تعد الطعام لبدر ثم تضعه عند باب المجلس الذي يسكن فيه بدر
كان بدر يستمتع جدا بالأكل لأنه يتخيل يد المها وهي تطبخه وأصبح يردد في نفسه أريد أن اتزوج طاهية هذا الطعام
وفي منتصف السنة وفي عطلة ما بين الفصلين أقترح بدر على سالم أن يرافقه إلى الرياض فالأجازة مدتها أسبوع يمكنه من خلالها أن يتعرف على مدينة الرياض وبالفعل سافر سالم إلى الرياض وأصبح منبهر ومعجب في الرياض وفي الحقيقة كان سالم يحب أن يعيش في المدن ويريد بأي شكل أن يخرج من القرية التي يسكنها
فسأل سالم بدر هل يمكن أن ننتقل للعيش بالرياض
شعر بدر بالفرحة فكيف لا يفرح والفتاة التي عشقها ستأتي وتسكن قريبة منه وبدأ يقنعه ويطمعه بالتجارة التي ستدر عليه أموال كثيرة
أقتنع سالم لكن كان عليه أن يقنع والده بأن يبيع ماشيته ومزارعه ويرحل للعيش بالرياض ولكن هذه المهمة مستحيلة فلن يرضى ابوسالم بأن يترك أرضه وأرض أبائه وأجداده وأضف أنه من العيب والعار من يبيع أرضه في عرف قبيلته
وبعد أن رجع سالم حاول أن يقنع أبوه ولكن كل محاولاته باءت بالفشل
ومع مرور الأيام صدر أسم بدر في قائمة المنقولين لمدينة الرياض
وأصبح الوقت يداهمه حيث لم يبقى على نهاية العام الدراسي سوى شهر واسبوعان وهو يكاد يجن فصورة المها لم تغادر عقله
وهو جالس يفكر وينتظر العشاء طرق الباب فأعتقد كالعادة أن المها أحضرت العشاء ووضعته عند الباب ثم غادرت فلما فتح الباب وجد سالم يحمل صينية طعام فرحب به
فقال سالم شعرت ببعض الضيق فقلت أتي أليك واتناول العشاء معك
كتم بدر فرحته بقدوم سالم له لأنه يمكنه أن يخطب أخته منه
فبدأ بدر يسأله ما حدث في موضوع انتقالكم للرياض فقال سالم يحتاج الموضوع وقت أكبر
ثم بدأ بدر يثني على مذاق الطعام وقال مازحا أسأل الله أن يرزقني بزوجة تطهو مثل هذا الطعام
فهم سالم ما ينوي بدر قوله
فقال سالم أن كنت تريد أختي زوجة لك فأنت تعرف مكان بيتنا
ثم رجع سالم عن كيف الاستثمار في الرياض وأستمر الحوار بينهم عن التجارة وكيف كسب الأموال
طبعا استأذن سالم وذهب لمنزله بينما بقي بدر جالس سارح في خياله ففي كلام سالم الموافقة بشرط أن يأتي لخطبتها
وبدأ ينتظر شمس الغد متى تشرق ليذهب إلى بيت أبوسالم ويتقدم لخطبة الفتاة التي لم تغب عن باله لحظة واحدة وبالفعل وفي مساء اليوم التالي توجه بدر إلى أبوسالم وقال أريد أن أخطب طاهية الطعام ضحك أبوسالم وقال تريد أن تحرمنا طيب الطعام لا مانع لدي فلقد رأيت منك ما أثلج صدري فنعم الرجل أنت ولكن الأمر يعود لها ثم قال لسالم أنهض وأسأل أختك
ثم سأل سالم حورية هل توافقين على بدر ومن خجلها وسكوتها عرف موافقتها ولم يمضي أسبوعان حتى أصبحت حورية زوجة لبدر
طبعا بقي شهر لكي ينتقل بدر للرياض فما كان من حورية إلا أن سكنت معه في المجلس الذي يسكنه فلما دخلت عليه ورأى وجهها تعجب فليست هذه الفتاة التي أرادها ولكنه أخفى ذلك في نفسه فبدأ يحاول من محاورتها أن يعرف ما حدث
فقال لها من كان يطبخ لي الطعام اللذيذ فأبتسمت وقالت هل كان يعجبك طبخي
فقال إذا أنت من تطهين قالت نعم
فقال هل أحد يساعدك فقالت أن الأعمال مقسمة بيني وبين أختي وأخي فأن اقوم بأعمال البيت وأخي يهتم بالمزارع وأختي المها تساعد أبي في رعي الغنم
هنا أهتز قلب بدر وعرف أن المها هي من سكنت قلبه والآن أصبحت حورية هي زوجته ويعني أن المها صارت بعيدة المنال فما كان منه إلا أن تقبل الأمر وعاش الواقع وبعد مضي شهر أنتقل بدر إلى الرياض مع زوجته حورية
بقي سالم يحاول أن يقنع أبوه بالأنتقال للرياض لكن دون جدوى
بينما سالم يمشي في القرية وجد أمامه جابر وبرفقته صديقه أسامة الذي يرافقه أبنه زيد ذو الاربع سنوات
وبدأ جابر يتغزل في أخت سالم المها دون استحياء أو خجل مما آثار سالم فأنقض على جابر دون شعور ولكنه تفاجأ أنه يلكم صخرة صلداء لا تتحرك ويبدوا أن جابر أنتهز الفرصة ثم بدأ يضرب سالم ضرب حتى ساواه بالأرض ثم وضع قدمه على وجه سالم وبدأ يأمره أن يتعهد بأن لا يتجرأ ويمد يده عليه فما كان من سالم إلا أن رضخ وردد ما طلب منه جابر
قام سالم وذهب للشيخ وحدثه بما حدث فما كان من الشيخ سوى أن ارسل لفارس القبيلة كان أسمه سعيد ولكن كان لقبه اصبح هو الشائع بين الناس وكانوا يسمونه بالسيف بالفعل ذهب السيف إلى جابر وحذره من أن يعود لفعلته
ضحك جابر وقال أتذكر ياالسيف سارق غنم القبيلة الذي لحقت به
طبعا بدأ السيف يسترجع ذاكرته فكيف ينسى فهو يذكر وفي عتمت الليل الراعي يصرخ ويستنجد من لص سرق أحدى الشياه فأجاب السيف النداء وبدأ يتبع الأثر حتى وصل للرجل ملثم يقود خروفا بيده فأوقفه السيف ولما نظر لعيونه عرف أنه جابر فعيونه الصغيرة فضحته
لكن جابر لم يبالي بالسيف ولم يصغي لتهديده فما كان منه سوى أن مضى قدما فما كان من السيف إلا إيقافه بالقوة ولكن هيهات فلم يضع السيف يده على كتف جابر إلا وهو على وجهه متمرغا بالتراب وجابر ممسك برقبته وهو يقول لا أحب أن اقتلك وأنت فارس قبيلتنا ولكن أن تبعتني مرة آخرى فسوف أقتلك
ثم مضى جابر يقود الغنيمة التي سرقها
نهض السيف والتراب قد التصق بوجهه وثيابه ثم أتجه لخيله وجعله يتقلب على التراب وما لبث قليل إلا ورجال من قبيلته تبعوا الأثر حتى وصلوا له فلما رأوا حاله سألوه ما حدث لك
فقال عثر الخيل فسقط وسقطت معه فخافوا عليه أن يكون قد أصيب فلم يعد يهمهم أمر السارق وأنما صحة السيف هي الأهم فرجعوا إلى بيوتهم كل هذه الأحداث مرت سريعا برأس السيف وهو واقف أمام جابر
ثم قال إني أتيتك طالبا منك أن تكف عن ايذاء سالم فقط وهذه بعض النقود تجعلك تكف شرك عنه
طبعا فرح جابر فمن يشرب الخمر يبحث عن أي مال ليشتريه
وافق جابر دون تردد فالكرامة عنده تباع وتشترى
ومضت الأيام وسالم قد زاد كرهه للقرية وساكينها وحاول اقناع ابوه مجددا لكن دون جدوى
وبقي أيام قليلة على عيد الأضحى فأعلن الشيخ معيض عن مسابقة مضمونها من يمتطي المشهر وهذا أسم خيل لدى السيف لأطول وقت هو الفائز
وكان المشهر خيل غير مروض الطبع و الكل توقع النتيجة مسبقا فمن غير تخمين السيف سيفوز
طبعا سمع جابر عن الجائزة عن طريق صاحبه أسامة وكانت الجائزة الأولى عشرة آلاف ريال
فأراد جابر أن يجرب ركوب المشهر فهو لم يمتطي ابدا خيلا
فذهب لإسطبل السيف في الليل وأخرج المشهر من غرفته فسمع السيف صهيل المشهر فخرج من بيته مسرعا
طبعا أمتطى جابر المشهر دون سرج ولا لجام
وحاول المشهر أن يسقط جابر لكن جابر صفعه بيده صفعة جعلت المشهر يقف على رجلان من شدة الألم وكما قيل الخيل تعرف خيالها فبدأ المشهر يركض بكل سرعة وجابر فوقه وكأنه جزء منه
وكان السيف يراقب من بعد فشعر بالنقص فلو شارك جابر في السباق فلا ريب أنه سيفوز
وفي اليوم التالي أتجه السيف إلى الشيخ معيض وهو يحمل إقتراح
فقال السيف أنت أيها الشيخ قد اقترحت بالأمس إقتراحا أردت أن أبين لك بعض مخاطره فأنت تعرف أن يوم العيد يجب أن يكون عامرا بالسعادة فأخشى أن يسقط أحد المتسابقين من ظهر المشهر فيصاب او يكسر وهذا سيكون أمر محزنا فأنا أقترح أن نضع دائرة على الأرض ويتصارع اثنان فمن يسقط الثاني أو يخرجه من الدائرة يعتبر رابحا
وافق الشيخ بشرط أن يشارك السيف وافق السيف بشرط أنه سينسحب بعد أن يفوز في المباراة الأولى
هذا الموضوع مغلق.
ذو العيون 3
طبعا سالم وضع خطة لكي يترك القرية بمن فيها ولم يكن لأبوسالم حل سوى الرضوخ لأمر ابنه لأنه يشعر أنه هو السبب فيما حصل لإبنته
وبعد أن مر شهران من أعلان زواج المها من جابر إلا أعلن الطلاق بينهما ونشر بين الناس أن سبب الطلاق أن المها حاولت بشتى الطرق أن تجعل جابر يصلي ولكنه رفض أن يصلي فما كان منها سوى طلب الطلاق
وبعد أن مضى اربعة أشهر حانت ساعة الولادة وكان سالم قد خطط خطة جهنمية حيث أتفق مع عماته أنهم بعد أنتهاء ولادة المها يعلنون أن المها أصيبت بنزيف حاد حتى توفت
وبالطبع كان قد أتفق سالم مع عبدالرزاق أخو صديق جابر ببيع جميع ما يملك في القرية من بيوت ومزارع
وبالفعل ولدت المها بطفل ثم أعلنت عماتها أنها ماتت
أنتشر خبر وفاة المها في القرية
وأحضر سالم لعماته كفن وكان قد أتى بمجسم أرسله له نسيبه بدر الذي كان يصله كل الأخبار التي تحدث بالقرية
وفي اليوم التالي حفر سالم قبر لكي يدفن المجسم الذي سيعتقد الناس أنها المها
بينما كان عمات المها مجتمعات وكأنهم يغسلون المها ويكفنونها
وبعد أن كفنوها طرق الباب فلما فتحت أحدى عمات المها تفاجأت بأن من طرقت الباب هي أم جابر
التي أستحت أن تبقى في بيتها دون مساعدة في غسيل المها وتكفينها
فلما دخلت ورأت أنهم قد كفونها أرادت أن تكشف عن وجهها وتقبلها ولكن عمات المها حاولوا أن يمنعوها فنظرت لهم بنظرات غاضبة وقالت لن تمنعوني من تقبيل أم حفيدي فكشفت الكفن فوجدت الدمية
فلما أحس عمات المها أنهن كشفن قالت أحداهن أن كل ما يحدث من مصائب لنا بسبب أبنك
فأتمنى أن تكتمي ما حدث وتجعلي المها تستطيع أن تعيش حياتها من جديد فلا تقضي عليها كما فعل أبنك
أما حفيدك
فبعد أن تنتهي أيام العزى وقبل أن يسافر أبوسالم وأسرته سيأتي سالم لك بحفيدك لتعتني به
خرجت أم جابر وهي مطأطأة الرأس فهي لا يمكنها سوى الصمت
وبعد مضي أيام العزى وفي منتصف الليل أراد سالم أن يسافر من القرية إلى الرياض دون أن يرآه أحد فأراد أن يأخذ الطفل من المها ليوصله لبيت جدته لكن بدأت المها تتوسل أبوها وأخوها بأن يسمحوا لها بأخذ أبنها معها
لكن سالم أنتزع ولدها بكل قوة ثم قال لها بعد خمس عشر دقيقة سنسافر من هنا وخرج سالم وهو يحمل الطفل ولما أقترب من بيت أم جابر خطر بباله فكرة شيطانية فهو يعرف أن جابر يسكن في غرفة في طرف القرية ويكون في هذا الوقت في حالة سكر شديد
فأن أعطاه هذا الطفل في هذا الوقت فأن حياة الطفل ستكون في خطر شديد وبالفعل وصل الغرفة ووضع الطفل عند الباب وطرق الباب ففتح جابر الباب وسالم واقف من بعيد
فقال سالم ياشيطان هذا طفلك فأعتني به
ثم مشى وترك طفل مولود عند أب سكران يخشى هو على نفسه منه
ولكن سالم كان يرجوا أن يختفي أي شيء يذكر الناس بهذا العار
فحين ولدت أخته بعد ستة أشهر عرف الناس أن هناك أشياء حدثت قبل الزواج وأنما أقيم هذا الزواج من أجل أن يستر هذه الجريمة
فأن قتل جابر أبنه فيكون قد صاد عصفورين بحجر واحدة
سافر سالم وأبوه وأخته التي يعتقد أهل القرية أنها ماتت
إلى الرياض لتبدأ الأسرة حياة جديدة
حمل جابر الطفل وهو يترنح ورمى به على الفراش وهو استلقى على الأرض ونام وقبل شروق الشمس أستيقظ بعد أن أنتهى مفعول الخمر
فأخذ كل ما معه من مال ليتقابل مع صديق له من اليمن يكون وسيط بينه وبين مروجي الحشيش
وترك الطفل الرضيع يبكي
طبعا سالم وضع خطة لكي يترك القرية بمن فيها ولم يكن لأبوسالم حل سوى الرضوخ لأمر ابنه لأنه يشعر أنه هو السبب فيما حصل لإبنته
وبعد أن مر شهران من أعلان زواج المها من جابر إلا أعلن الطلاق بينهما ونشر بين الناس أن سبب الطلاق أن المها حاولت بشتى الطرق أن تجعل جابر يصلي ولكنه رفض أن يصلي فما كان منها سوى طلب الطلاق
وبعد أن مضى اربعة أشهر حانت ساعة الولادة وكان سالم قد خطط خطة جهنمية حيث أتفق مع عماته أنهم بعد أنتهاء ولادة المها يعلنون أن المها أصيبت بنزيف حاد حتى توفت
وبالطبع كان قد أتفق سالم مع عبدالرزاق أخو صديق جابر ببيع جميع ما يملك في القرية من بيوت ومزارع
وبالفعل ولدت المها بطفل ثم أعلنت عماتها أنها ماتت
أنتشر خبر وفاة المها في القرية
وأحضر سالم لعماته كفن وكان قد أتى بمجسم أرسله له نسيبه بدر الذي كان يصله كل الأخبار التي تحدث بالقرية
وفي اليوم التالي حفر سالم قبر لكي يدفن المجسم الذي سيعتقد الناس أنها المها
بينما كان عمات المها مجتمعات وكأنهم يغسلون المها ويكفنونها
وبعد أن كفنوها طرق الباب فلما فتحت أحدى عمات المها تفاجأت بأن من طرقت الباب هي أم جابر
التي أستحت أن تبقى في بيتها دون مساعدة في غسيل المها وتكفينها
فلما دخلت ورأت أنهم قد كفونها أرادت أن تكشف عن وجهها وتقبلها ولكن عمات المها حاولوا أن يمنعوها فنظرت لهم بنظرات غاضبة وقالت لن تمنعوني من تقبيل أم حفيدي فكشفت الكفن فوجدت الدمية
فلما أحس عمات المها أنهن كشفن قالت أحداهن أن كل ما يحدث من مصائب لنا بسبب أبنك
فأتمنى أن تكتمي ما حدث وتجعلي المها تستطيع أن تعيش حياتها من جديد فلا تقضي عليها كما فعل أبنك
أما حفيدك
فبعد أن تنتهي أيام العزى وقبل أن يسافر أبوسالم وأسرته سيأتي سالم لك بحفيدك لتعتني به
خرجت أم جابر وهي مطأطأة الرأس فهي لا يمكنها سوى الصمت
وبعد مضي أيام العزى وفي منتصف الليل أراد سالم أن يسافر من القرية إلى الرياض دون أن يرآه أحد فأراد أن يأخذ الطفل من المها ليوصله لبيت جدته لكن بدأت المها تتوسل أبوها وأخوها بأن يسمحوا لها بأخذ أبنها معها
لكن سالم أنتزع ولدها بكل قوة ثم قال لها بعد خمس عشر دقيقة سنسافر من هنا وخرج سالم وهو يحمل الطفل ولما أقترب من بيت أم جابر خطر بباله فكرة شيطانية فهو يعرف أن جابر يسكن في غرفة في طرف القرية ويكون في هذا الوقت في حالة سكر شديد
فأن أعطاه هذا الطفل في هذا الوقت فأن حياة الطفل ستكون في خطر شديد وبالفعل وصل الغرفة ووضع الطفل عند الباب وطرق الباب ففتح جابر الباب وسالم واقف من بعيد
فقال سالم ياشيطان هذا طفلك فأعتني به
ثم مشى وترك طفل مولود عند أب سكران يخشى هو على نفسه منه
ولكن سالم كان يرجوا أن يختفي أي شيء يذكر الناس بهذا العار
فحين ولدت أخته بعد ستة أشهر عرف الناس أن هناك أشياء حدثت قبل الزواج وأنما أقيم هذا الزواج من أجل أن يستر هذه الجريمة
فأن قتل جابر أبنه فيكون قد صاد عصفورين بحجر واحدة
سافر سالم وأبوه وأخته التي يعتقد أهل القرية أنها ماتت
إلى الرياض لتبدأ الأسرة حياة جديدة
حمل جابر الطفل وهو يترنح ورمى به على الفراش وهو استلقى على الأرض ونام وقبل شروق الشمس أستيقظ بعد أن أنتهى مفعول الخمر
فأخذ كل ما معه من مال ليتقابل مع صديق له من اليمن يكون وسيط بينه وبين مروجي الحشيش
وترك الطفل الرضيع يبكي
ذو العيون 4
وبعد شروق الشمس أتجهت أم جابر لبيت أبوسالم فلما وصلت وجدت عبدالرزاق وأبنه مشبب عند البيت بالطبع كان كل منهما يكره الاخر فسألت أم جابر أين ابوسالم فأجاب أبومشبب قد سافروا جميعا ولن يعودوا أبدا
فقالت والطفل أين هو
فغضب أبومشبب وقال هل تحقيقين معي لا شأن لي بك وبطفلك فالذي يجب أن تعرفيه أن هذا المكان أصبح ملكي فلا تعودي هنا أبدا
أتجهت أم جابر إلى بيت الشيخ معيض وقالت قد ذهبت إلى بيت أبوسالم وقد رحلوا ولا أدري أين وضعوا حفيدي فلقد قال لي أبنهم سالم أنه سيحضره لي قبل رحليهم
أبتسم الشيخ وهدأ من روع أم جابر وقال لا تخافي الأمور ستكون على ما يرام
فأنا أعتقد أن أمه تمسكت به وأصرت على أخذه فهو الآن في احضان أمه وأنت يا أم جابر اصبحتي كبيرة على رعاية طفل
قالت أم جابر أنا أعرف سالم فلن يرتاح له بال حتى يتخلص من الطفل
فغضب الشيخ معيض من أم جابر وقال بإنفعال إتقي الله ولا تسيئي الظن بسالم فكل ما يدور برأسك من وسوسة الشيطان
وبينما الشيخ يتكلم قاطعه أحد ابناء القرية وكان أسمه مهدي حيث كان خارجا بالماشية إلى المراعي التي تقع الغرفة التي يسكنها جابر فسمع صوت طفل يبكي بكاء مرير
حين سمعت أم جابر الكلام أطلقت ساقيها للريح تركض بدون شعور وتبعها الشيخ معيض
فلما وصلت الغرفة وجدت الباب مفتوح فدخلت الغرفة فوجدت الطفل يبكي وقد أنهكه البكاء
حملته بأحضانها وبدأت تبكي مع الطفل
فلما وصل الشيخ معيض ورأي الحال أرسل الولد مهدي إلى بيته ليحضر رضاعة
فمن الأكيد أن الطفل يبكي من الجوع
وبالفعل بعد أن رضع الطفل سكت عن البكاء فحملته جدته إلى بيتها
وبعد شروق الشمس أتجهت أم جابر لبيت أبوسالم فلما وصلت وجدت عبدالرزاق وأبنه مشبب عند البيت بالطبع كان كل منهما يكره الاخر فسألت أم جابر أين ابوسالم فأجاب أبومشبب قد سافروا جميعا ولن يعودوا أبدا
فقالت والطفل أين هو
فغضب أبومشبب وقال هل تحقيقين معي لا شأن لي بك وبطفلك فالذي يجب أن تعرفيه أن هذا المكان أصبح ملكي فلا تعودي هنا أبدا
أتجهت أم جابر إلى بيت الشيخ معيض وقالت قد ذهبت إلى بيت أبوسالم وقد رحلوا ولا أدري أين وضعوا حفيدي فلقد قال لي أبنهم سالم أنه سيحضره لي قبل رحليهم
أبتسم الشيخ وهدأ من روع أم جابر وقال لا تخافي الأمور ستكون على ما يرام
فأنا أعتقد أن أمه تمسكت به وأصرت على أخذه فهو الآن في احضان أمه وأنت يا أم جابر اصبحتي كبيرة على رعاية طفل
قالت أم جابر أنا أعرف سالم فلن يرتاح له بال حتى يتخلص من الطفل
فغضب الشيخ معيض من أم جابر وقال بإنفعال إتقي الله ولا تسيئي الظن بسالم فكل ما يدور برأسك من وسوسة الشيطان
وبينما الشيخ يتكلم قاطعه أحد ابناء القرية وكان أسمه مهدي حيث كان خارجا بالماشية إلى المراعي التي تقع الغرفة التي يسكنها جابر فسمع صوت طفل يبكي بكاء مرير
حين سمعت أم جابر الكلام أطلقت ساقيها للريح تركض بدون شعور وتبعها الشيخ معيض
فلما وصلت الغرفة وجدت الباب مفتوح فدخلت الغرفة فوجدت الطفل يبكي وقد أنهكه البكاء
حملته بأحضانها وبدأت تبكي مع الطفل
فلما وصل الشيخ معيض ورأي الحال أرسل الولد مهدي إلى بيته ليحضر رضاعة
فمن الأكيد أن الطفل يبكي من الجوع
وبالفعل بعد أن رضع الطفل سكت عن البكاء فحملته جدته إلى بيتها
ذو العيون 5
بدأ الطفل بالبكاء مرة أخرى فأحتارت أم جابر ما ترضعه فليست تملك سوى كم شاه لا لبن فيها
ولكنها تذكرت ولدها حسن فهو قبل شهر رزق بمولودة أسماها سلمى فلن يرفض حسن أن ترضع أمراته أبن أخيه
فذهبت لبيته والطفل معها فلما رأى حسن الطفل أسود وجهه فالكل عرف قصة جابر وما فعله بالمها
فقالت أمه أريد من زوجتك أن ترضع ابن أخيك مع أبنتك سلمى
فنكس حسن رأسه وقال يا أمي أن هذا الطفل شرعا ليس أبن أخي لأنه تزوج أم هذا الطفل وقد حملت به
نظرت الأم بشدة لحسن وقالت الآن أصبحت تتكلم عن الشرع والدين فحين تصلي الخمس الصلوات في المسجد حينها تكلم عن الشرع
خذ هذا الطفل وقل لزوجتك ترضعه فما يدريك لعله هو من يحامي عن عرضك وأرضك
وزوجته بالغرفة تستمع للحوار فغضبت من كلام عمتها فخرجت عليها وبدأت ترفع صوتها وتقول هل تعتقدين أني بقرة أسقي المواليد حليب
وهل تريدين من طفل الشوارع هذا يصبح أخا لسلمى
وأيضا أين كنتي من قبل فلم تحضري زواجي بأبنك ولم تزوريني لما ولدت بسلمى فلما أحتجتينا اتيتي الينا ؟
فأخرجي من بيتي من غير مطرود
نظرت أم جابر لولدها حسن الذي سمع كلمات الطرد لأمه ولم يحرك ساكنا
فخرجت من بيت أبنها ورجعت لبيتها وزاد بكاء الطفل فما كان بيدها سوى البكاء معه
فطرق الباب ففتحته بسرعة ترجو من الله الفرج
فوجدت الشيخ معيض ومعه ناقة وقال لها أعرف أن الطفل يحتاج لحليب ليرضعه وأنت لا تملكين مصدرا للحليب فهذه أعز وأكرم ناقة أمتلكها أسميها بالبركة لغزارة حليبها فهي هدية مني للطفل
فملأت الدموع عيني أم جابر وقالت والله لا أملك شيء لاعطيك غير الدعاء لله بأن يوسع رزقك
فقال الشيخ أن دعائك هذا أغلى عندي من كنوز الدنيا
ثم أستأذن للإنصراف ولكن أستدار بسرعة وسأل أم جابر ما أسميتي الغلام
فقالت لم أسمه بعد
فما رأيك أنت
فقال هو حفيدك وأنتي من لها الحق في تسميته
فقالت بل أقسمت بالله عليك أن تسمه أنت
فقال الشيخ أن كنت مسميه فأني مسميه خالد فأنا واثق أنه ستبقى أفعاله خالدة على ألسن الناس
فقالت أم جابر ونعم الأسم وأنا من اليوم سيكون أسمي أم خالد فهذا الولد ليس بولد أبني بل ولدي
جلست أم خالد طبعا نزولا لرغبة ام جابر ابدلنا لها أسمها
تتأمل في خالد حيث يتضح أن خالد كان يشبه أمه أشد الشبه ما عدا عيناه الصغيرتان فهي كعينا أباه
أبتسمت أم خالد وقالت في نفسها أخشى أن اتعب في تربيته ثم يصبح مثل أباه
ثم أستعاذت بالله من هذه الأفكار
وبدأت الأيام تتوارى ليبان المخفي وتتابعت الشهور حتى وفت الأثنى عشر شهر لعمر خالد حيث أصبح عمره سنة واحدة
وكالعادة كان الشيخ معيض يأتي كل يومان يتفقد أم خالد وولدها(بالطبع الجدة أم جابر اعتبرت خالد ولدها للتذكير)
فلما وصل وجد السيف يتكلم معها ويسألها عن أحتياجاتها فسلم الشيخ عليهما فردا عليه السلام
ثم قال السيف لا أدري أبارك لك أولا مع أن مولودك جاء في ظهر اليوم بينما مولودي جاء في صباح اليوم
فقالت أم خالد بل أنا من ابارك لكما فلم أعلم إلا من كلام السيف
فقال الشيخ لا أريدكما تباركا لي بل أدع الله أن يبارك الله فيه ويصلحه
فكلما سمعت أن أبوان رزقا بمولود إلا دعوت لهم أن يصلح لهم مولوهم ويرزقهم بره
نظر الشيخ لأم خالد وهي تذرف الدمع من عيناها فأحس الشيخ أنها فهمت كلامه خطأ فأراد أن يوضح لها
لكن قاطعته أم خالد وقالت أنا أعرف أنك لا تقصد ولدي
ولكني فرحت بعد ولادتي بولدي ولم أكن أعلم أنه سيأتي يوم أتمنى أني لم ألدهما
فحاول السيف أن يهون عليها مصيبتها فأشار إلى خالد وكان جالس يلعب بالتراب بينما كانت الناقة تبعد عنه أمتار تنظر له
وفجأة أنطلقت الناقة بأتجاه خالد بأقصى سرعته فظن السيف أنها تريد أن تبرك عليه فأخرج خنجره يريد أن يقتل الناقة
لكن الناقة بدأت تضرب بخفها على الأرض بجوار خالد
ثم توقفت فلما أقترب السيف منها وأبعدها عن الولد ونظر في المكان الذي ضربت الناقة بخفها وجد فيها عقرب كبيرة قد ماتت من أثر خف الناقة
فكبر السيف ووحد الله وقال والله أن الحيوانات أكثر رحمة من البشر
أنتشر خبر الناقة والعقرب بين أهل القرية وأصبحت قصة تقال في كل المجالس
وفي أحد الأيام زار القرية بعض المصطافون فوجدوا كرم الضيافة في كل مكان ذهبوا له بل أقام الشيخ لهم وليمة غداء فلما تناولوا غداءهم أبدى أحد المصطافون وكان أسمه ثامراستياءه من مبنى المدرسة والمركز الصحي وأيضا عن الطرق الترابية
فقال الشيخ نحن كل شهر نرسل خطابات لوزارة الصحة ووزارة التعليم دون فائدة تذكر
أستأذن الضيوف للإنصراف للعودة لديارهم
ولما وصل ثامر عند الباب أمسك الشيخ وقال له أن أردت كل أمور قريتك تتحسن فأكتب معروض بأحتياجاتكم ثم تذهب بنفسك وتقابل الملك فأن وصلت للملك فثق أن كل مشاكلكم حلت
بدأ الطفل بالبكاء مرة أخرى فأحتارت أم جابر ما ترضعه فليست تملك سوى كم شاه لا لبن فيها
ولكنها تذكرت ولدها حسن فهو قبل شهر رزق بمولودة أسماها سلمى فلن يرفض حسن أن ترضع أمراته أبن أخيه
فذهبت لبيته والطفل معها فلما رأى حسن الطفل أسود وجهه فالكل عرف قصة جابر وما فعله بالمها
فقالت أمه أريد من زوجتك أن ترضع ابن أخيك مع أبنتك سلمى
فنكس حسن رأسه وقال يا أمي أن هذا الطفل شرعا ليس أبن أخي لأنه تزوج أم هذا الطفل وقد حملت به
نظرت الأم بشدة لحسن وقالت الآن أصبحت تتكلم عن الشرع والدين فحين تصلي الخمس الصلوات في المسجد حينها تكلم عن الشرع
خذ هذا الطفل وقل لزوجتك ترضعه فما يدريك لعله هو من يحامي عن عرضك وأرضك
وزوجته بالغرفة تستمع للحوار فغضبت من كلام عمتها فخرجت عليها وبدأت ترفع صوتها وتقول هل تعتقدين أني بقرة أسقي المواليد حليب
وهل تريدين من طفل الشوارع هذا يصبح أخا لسلمى
وأيضا أين كنتي من قبل فلم تحضري زواجي بأبنك ولم تزوريني لما ولدت بسلمى فلما أحتجتينا اتيتي الينا ؟
فأخرجي من بيتي من غير مطرود
نظرت أم جابر لولدها حسن الذي سمع كلمات الطرد لأمه ولم يحرك ساكنا
فخرجت من بيت أبنها ورجعت لبيتها وزاد بكاء الطفل فما كان بيدها سوى البكاء معه
فطرق الباب ففتحته بسرعة ترجو من الله الفرج
فوجدت الشيخ معيض ومعه ناقة وقال لها أعرف أن الطفل يحتاج لحليب ليرضعه وأنت لا تملكين مصدرا للحليب فهذه أعز وأكرم ناقة أمتلكها أسميها بالبركة لغزارة حليبها فهي هدية مني للطفل
فملأت الدموع عيني أم جابر وقالت والله لا أملك شيء لاعطيك غير الدعاء لله بأن يوسع رزقك
فقال الشيخ أن دعائك هذا أغلى عندي من كنوز الدنيا
ثم أستأذن للإنصراف ولكن أستدار بسرعة وسأل أم جابر ما أسميتي الغلام
فقالت لم أسمه بعد
فما رأيك أنت
فقال هو حفيدك وأنتي من لها الحق في تسميته
فقالت بل أقسمت بالله عليك أن تسمه أنت
فقال الشيخ أن كنت مسميه فأني مسميه خالد فأنا واثق أنه ستبقى أفعاله خالدة على ألسن الناس
فقالت أم جابر ونعم الأسم وأنا من اليوم سيكون أسمي أم خالد فهذا الولد ليس بولد أبني بل ولدي
جلست أم خالد طبعا نزولا لرغبة ام جابر ابدلنا لها أسمها
تتأمل في خالد حيث يتضح أن خالد كان يشبه أمه أشد الشبه ما عدا عيناه الصغيرتان فهي كعينا أباه
أبتسمت أم خالد وقالت في نفسها أخشى أن اتعب في تربيته ثم يصبح مثل أباه
ثم أستعاذت بالله من هذه الأفكار
وبدأت الأيام تتوارى ليبان المخفي وتتابعت الشهور حتى وفت الأثنى عشر شهر لعمر خالد حيث أصبح عمره سنة واحدة
وكالعادة كان الشيخ معيض يأتي كل يومان يتفقد أم خالد وولدها(بالطبع الجدة أم جابر اعتبرت خالد ولدها للتذكير)
فلما وصل وجد السيف يتكلم معها ويسألها عن أحتياجاتها فسلم الشيخ عليهما فردا عليه السلام
ثم قال السيف لا أدري أبارك لك أولا مع أن مولودك جاء في ظهر اليوم بينما مولودي جاء في صباح اليوم
فقالت أم خالد بل أنا من ابارك لكما فلم أعلم إلا من كلام السيف
فقال الشيخ لا أريدكما تباركا لي بل أدع الله أن يبارك الله فيه ويصلحه
فكلما سمعت أن أبوان رزقا بمولود إلا دعوت لهم أن يصلح لهم مولوهم ويرزقهم بره
نظر الشيخ لأم خالد وهي تذرف الدمع من عيناها فأحس الشيخ أنها فهمت كلامه خطأ فأراد أن يوضح لها
لكن قاطعته أم خالد وقالت أنا أعرف أنك لا تقصد ولدي
ولكني فرحت بعد ولادتي بولدي ولم أكن أعلم أنه سيأتي يوم أتمنى أني لم ألدهما
فحاول السيف أن يهون عليها مصيبتها فأشار إلى خالد وكان جالس يلعب بالتراب بينما كانت الناقة تبعد عنه أمتار تنظر له
وفجأة أنطلقت الناقة بأتجاه خالد بأقصى سرعته فظن السيف أنها تريد أن تبرك عليه فأخرج خنجره يريد أن يقتل الناقة
لكن الناقة بدأت تضرب بخفها على الأرض بجوار خالد
ثم توقفت فلما أقترب السيف منها وأبعدها عن الولد ونظر في المكان الذي ضربت الناقة بخفها وجد فيها عقرب كبيرة قد ماتت من أثر خف الناقة
فكبر السيف ووحد الله وقال والله أن الحيوانات أكثر رحمة من البشر
أنتشر خبر الناقة والعقرب بين أهل القرية وأصبحت قصة تقال في كل المجالس
وفي أحد الأيام زار القرية بعض المصطافون فوجدوا كرم الضيافة في كل مكان ذهبوا له بل أقام الشيخ لهم وليمة غداء فلما تناولوا غداءهم أبدى أحد المصطافون وكان أسمه ثامراستياءه من مبنى المدرسة والمركز الصحي وأيضا عن الطرق الترابية
فقال الشيخ نحن كل شهر نرسل خطابات لوزارة الصحة ووزارة التعليم دون فائدة تذكر
أستأذن الضيوف للإنصراف للعودة لديارهم
ولما وصل ثامر عند الباب أمسك الشيخ وقال له أن أردت كل أمور قريتك تتحسن فأكتب معروض بأحتياجاتكم ثم تذهب بنفسك وتقابل الملك فأن وصلت للملك فثق أن كل مشاكلكم حلت
الصفحة الأخيرة
وكان من ضمن المشاركين جابر وتم عمل القرعة
وكان الجميع يتمنى أن يقع جابر مع السيف ليفوز السيف ويريحهم من جابر
وصار ما تمناه الجميع وأصبح موعد اللقاء في الغد
وبعد أن اظلمت السماء أتجه السيف لبيت جابر الذي كان يسكن مع أمه والذي كان يسكن معه أيضا أخوه حسن
فطرق الباب ففتح حسن الباب ورحب بالسيف فسأله عن جابر فقال إنه نائما وبقي السيف ينتظر حتى جاء جابر بعد نصف ساعة
فأستأذن حسن وأنصرف فسأل السيف جابر لما تريد المشاركة في المسابقة فقال من أجل الحصول على المال فقال له السيف ما رأيك في الحصول على ضعف الجائزة فقال جابر مقابل ماذا قال السيف أن تجعلني أفوز عليك وتجعلني أظهر أني أقوى منك بكثير أمام الجميع
لم يتردد جابر ما دام سيحصل على المال
وبعد أن أجتمع الناس والكل يريد ان يعرف من الغلبة له بين السيف وبين جابر
وبالفعل بدأت المنافسة بين جابر والسيف وبدأ جابر يترنح بيد السيف والكل جدا فرح بما ترآه أعينهم ففيهم من يردع جابر إن تجاوز حدوده
وبالفعل أتم جابر إتفاقه بأن يجعل السيف ينتصر وأوفى السيف بعهده مع جابر
بعد ما حصل جابر على المال بدأ يصرفه في المخدر
وبدأت أخلاق جابر وصاحبه إسامة تزداد سوء
طبعا أخو جابر أراد أن يتزوج فطلب من أمه أن تذهب وتكلم أم فتاة أختارها فلما عرفت أم جابر الفتاة التي يريدها أبنها حسن خيرته أما الفتاة او امه
ولأن بعض الرجال تحكمه شهواته أختار حسن الزواج من هذه الفتاة فطردته أمه من البيت
أما جابر فكان يعد العدة لمصيبة أعظم من مصيبة أخاه فلقد سمع أن ابو المها مرض فذهب للمكان الذي ترعى المها ماشيتها فيه ولكن مرت ثلاثة أيام ولم تأتي
حيث كان ابوسالم يسأل المها هل أخرجتي الماشية للمرعى فتجيب كما قال لها سالم بنعم
وفي اليوم الرابع وبعد الغداء خرج سالم ليهتم بالمزارع
فنادى ابوسالم أبنته وقال لها يا المها أخرجي الماشية وأياك أن تكذبي على رجل مسن
فوقعت كلماته في قلبها فعزمت أن تخالف كلام أخوها وتخرج الماشية للمرعى كما طلب أبوها
وبالفعل خرجت بالماشية في المكان الذي كان ينتظر فيه جابر
لم يصدق جابر عيناه فأخيرا جاءت فريسته وبدأ يراقب المكان فشعر بالأمان فالهدوء سيد المكان
فبدأ يتسلل حتى انقض عليها وأغلق فمها حتى لا تفضحه ومن شدة الهول والفجيعة أغمي عليها بعد أن سرق جابر منها شرفها
عاد سالم وقت الغروب للبيت
ولم يجد أخته فسأل ابوه فقال ألم تعد بعد من رعي الغنم
دخلت المخاوف في قلب سالم وأتجه للمكان الذي بالعادة ترعى فيه ماشيتهم فوجد أخته مكشوفة ومغمى عليها
فحمل أخته للبيت قبل أن يرآه أحد وأدخلها البيت نهض الأب المريض وشاهد ما حدث لإبنته فلما أفاقت أخبرتهم بما حدث
وأخبرتهم أن جابر من فعل بها هذا
شعر الأب بالذنب وكيف عاشت بنته لحظاتها وهي تدافع نفسها أمام هذا الوحش البشري فوقع الأب واحتار سالم ما يفعل هل يحمل ابيه أو يقتل جابر
ولكن ما حيلته سوى أن رضخ للأمر الواقع
بعد أن افاق ابوسالم طلب من ولده أن يدعوا الشيخ وبالفعل جاء الشيخ وأخبروه بما حدث
بقي الشيخ صامتا لا يدري ما يقول ثم قال هناك حلان لا ثالث لهم أما نبلغ مركز الشرطة بما حدث فقال سالم ويصبح عارنا على كل لسان
فقال الشيخ إذا الحل الثاني أقرب هو ننتظر شهرا فأن حملت زواجناها به وأن لم تحمل نصمت عن الموضوع وتنتهي المشكلة
فقال سالم وجابر نتركه بلا عقاب
فقال الشيخ لا يمكنني فعل شيء فأن كنت تريد عقابه فالشرطة هي ملجأك
فما كان من سالم سوى الأنتظار فمر شهر واسبوعان وحدث ما كان يكره حيث أتضح أن أخته أصبحت حامل فصعق
طبعا أخفى الموضوع عن الشيخ وطلب من أخته أن تحمل أشياء ثقيلة وأعطاءها بعض الحبوب لعل الحمل يسقط ومر أسبوعان آخران دون فائدة
فما كان من سالم سوى أخبار الشيخ فغضب منه وقال هل تريد أن تفضح أختك
فعزم أن يأتي بجابر لبيت ابوسالم ليخطب المها رسميا
وبالفعل جاء جابر وهو يمني النفس بأن تصبح المها زوجته
فلما دخل ابوسالم بدأ يستغرب
نظرات الغضب والحقد الصادرة من ابوسالم وأبنه فتكلم الشيخ وقال أنت فعلت فعلة شنيعة ونحن نريد أن نستر الموضوع فالمها حملت منك
والآن نريد أن نزوجكها ولكن بشرط الزواج سيكون فقط في الأوراق
ولن تدخل عليها فضحك جابر وبكل عجرفة أن أردتم أن تزوجوني بنتكم كما يفعل الناس فأنتم تعرفون مكاني
وأستمر الحال شهر كاملا في أخذ وعطاء فلما أحس الشيخ معيض أن جابر يماطل إتجه لأبوسالم وإبنه وقال لهم لا يوجد حل سوى أرغام جابر على الموافقة بالزواج على شروطنا ولكن يجب أن يساعدنا السيف لانه الوحيد القادر على أرغامه
وبالفعل ارسل الشيخ إلى السيف وأخبره بالقصة
توجه السيف إلى جابر ومعه عشرة آلاف فهذه الطريقة سترغمه على الموافقة
فلما قابل السيف جابر بدأ يحذره من عاقبة الأمور وأن الأمر قد ينكشف فيضطر سالم بأن يبلغ الشرطة فتصبح أنت في ورطة
فتبسم جابر وقال يا أخي لابد أن تعرف أن لكل بداية نهاية وعلى الأنسان أن لا يعترض على الأقدار
فلست أهتم أن تم معاقبتي فأنا مجرم استحق العقوبة
عرف السيف أن الحوار مع جابر لا ينفع إلا بلغة المال فأخرج من جيبة عشرة آلاف ثم قال أعتقد أن هذا المال يكفيك
نظر جابر بسخرية وقال عشرة آلاف تكفي مصاريف شاب مقبل على الزواج
فقال السيف أذا كم تريد ؟
أريد ضعفي هذا المبلغ أي ثلاثين ألف
كتم السيف أهات في قلبه فهذا الشخص المنحل هتك عرض فتاة ولما أرادوا ستر الفتاة أصبح هذا الصعلوك هو المتفضل
وافق السيف بشرط أنه يطلقها حين يطلب منه ذلك
وبالفعل أقام الشيخ وعلى نفقته زواج جابر من المها لكي يعلم الناس بزاوجهم فتمشي الأمور
وفي يوم الزواج بدأ أستغراب الناس ينتشر كيف تزوج أجمل فتاة في القرية من صعلوك بل كيف وافق أبوسالم وأبنه على هذا الزواج وهم يكرهون جابر أشد الكره فبدأت بعض الشكوك تظهر من هذا الموضوع
طبعا سمعت ام جابر بخبر زواج أبنها جابر من المها فكادت تطير من الفرحة فهي تعرف البنت وأخلاقها فتأملت أن يهدي الله أبنها على يدها
فتوجهت مسرعة إلى بيت المها لترى زوجة أبنها فلما طرقت الباب فتحت أحدى عماتها الباب فلما رأت أم جابر كأنها أشمأزت لكن أم جابر كانت شديدة لا تسمح أن يهينها أحد فدفعت عمت المها ودخلت فوجدت أجواء حزن لا فرح ورأت المها تبكي فلما اقتربت منها وبفراستها عرفت أن المها حامل وفطنت أن أبنها هو الفاعل
فرجعت لبيتها تحمل معها الخيبة والحسرة
فأخذت بندقيتها وجلست عند الباب تنتظر جابر العريس
ولكن جابر بعد أن تناول العشاء في بيت الشيخ ذهب مع صديقه أسامة ليقضيا باقي وقتهم في غرفة جعلاها مكان لسكرهم وكانت الغرفة تقع في أطراف القرية
فنامت أم جابر عند الباب حتى بدأ آذان الفجر ينشر الأمان ويطرد الشيطان فمر الشيخ من جوار بيت أم جابر ليصلي ولكنه رأى أم جابر نائمة عند الباب والبندقية بيدها فعرف أنها عرفت ما حصل من أبنها فتوجه لها بسرعة وناداها ففتحت عيناه وقالت لم أنم ولن أنم قبل أن افعل ما كان يجب أن تفعلوه
كيف تتركوه حي بعد ما فعل إلا يوجد فيكم رجل رشيد
فبدأ الشيخ يقنع أم جابر بالتراجع عما تنوي فعله لأنها بذلك ستفضح المها
فأقتنعت أم جابر بكلام الشيخ ولكنها أقسمت إلا يسكن بعد اليوم في البيت
وبعد أن قربت الشمس للمغيب عاد جابر للبيت ولكنه تفاجأ أن مفاتيحه لا تفتح وما لبث قليل إلا وأمه تفتح الباب وبيدها بندق تصوبها أتجاه فقالت لك بضع دقائق لتنجو بروحك فأنا لم أعد أريد أن آراك هنا
كان يعرف جابر أمه ويعرف أنها إذا قالت فعلت فولى هاربا وعاد إلى غرفته التي يشرب الخمر بها ويتعاطى فيها الحشيش