الحلقة الثانية :
في العدد الماضي دخلت سلمى حياة صحيفتنا ، وبدأت تروي لنا قصتها التي ألحت على أن تسميها من مأساة ، وهانحن نتابع نشر تلك القصة/المأساة، دون تدخل إلا بتحويل حوار سلمى من العامية العراقية المختلطة ببعض المفردات الانكليزية والهولندية الى اللغة العربية .
كانت سلمى قد تحدثت عن بداية عملها في اللجنة الأولمبية العراقية بوظيفة مترجمة ، وكم هي أحبت ذلك العمل ، ووصلت في نهاية حديثها الى الاجتماع الذي كان مزمعا عقده والذي سيترأسه عدي صدام حسين.
و ماذا حدث بعد ذلك؟
تمام الساعة الثانية عشرة ، وفي قاعة الاجتماعات، نحن دخلنا قبل عشر دقائق أو خمس ، صدقني ، هناك بعض الناس دخلوا قبل نصف ساعة ، كنت أجلس الى جانب الاستاذ أبو هادي..
من أبو هادي؟
أبو هادي ، مسؤول علاقات عامة، يعني هو ليس مسؤولا بل موظف مهم في العلاقات العامة ، كنا نتحدث بصوت هامس ، حين فتح الباب المواجه لنا ، يعني ليس الباب الرئيسي ، بل الباب الثاني ودخل عدي وخلفه اثنان من حراسه ومعاونوه في اللجنة.
سيدتي ، ارى أنك تتذكرين التفاصيل بشكل جيد، وكأنها حدثت قبل يومين وليس منذ ثلاث عشرة سنة
شوف، خويه، الحمد لله الله أعطاني ذاكرة جيدة ولا أدري اذا كانت نعمة أو نقمة ، لكن أنا أتذكر حوادث كثيرة منذ الطفولة
بتفاصيلها؟
نعم بتفاصيلها ، مثلا اذا تحب أروي لك بعض الأحداث التي حدثت بالمتوسطة أو بالابتدائية
لا، أحب أن نبقى في موضوعنا الرئيسي اذا سمحت ، قلت بأن عدي دخل قاعة الاجتماعات ومعه الحرس والمعاونون
نعم ، وقفنا جميعا ، وكان هو يمشي بهدوء ، ويتأملنا واحدا واحدا ، جلس على كرسيه ، ووقف وراءه أحد حراسه ، وصار يتحدث عن وضع اللجنة والرياضة العراقية بشكل عام ، ووجه ملاحظات لبعض الموجودين ، طبعا كان الجميع ساكتين ، لم يقل أي منهم كلمة واحدة ظلوا ساكتين ، ويستمعون،
استمرالاجتماع حوالي الساعة ونصف ، ثم نهض عدي واقفا وغادر القاعة بسرعة ، كنت ألملم اوراقي بعد انصرافه ، وكان ابو هادي يتكلم مع واحد من المدربين على ما أظن ، أتاني واحد من الحارسين اللذين كانا مع عدي ، قال لي : الاستاذ يطلبك
طبعا ، استغربت قلت له: لكن الاستاذ راح، قال لي بنبرة غريبة: لا ، الاستاذ ماراح هو موجود بمكتبه
اتفضلي معي، حملت اوراقي وسرت خلف الحارس ، انتابني إحساس غريب ، لاأدري ، يعني نوع من الخوف والتردد.
اذن توجهت الى مكتب عدي
نعم ، كان يتحدث على الهاتف ، ويضحك
هل تتذكرين ماالذي كان يقوله ؟
لا ، يعني كلام لاادري ، ماكو شي محدد، لما دخلت انهى المكالمة ، واشار لي بأن أجلس ، جلست على الكرسي القريب من طاولته ، اشعل سيجاره وظل ينظر الي حوالي خمس دقائق
تقصدين بأنه لم يقل شيئا خلال خمس دقائق ؟
و لا كلمة ، ظل ساكتا يتأملني ، ويبتسم ، احسست بأني مثل المتهم، يعني انت مجرب مثل هذا الموقف، تجلس لمدة خمس دقائق ويمكن أكثر أمام أحدهم وهو ينظر ، دون أن تسمع منه كلمة واحدة ، نظر الى ساعته ، وابتسم ، ثم قال لي بهدوء شديد : شكرا للمقابلة ، تستطيعين الذهاب
لم أدر ماذا اقول له ، لكني قلت بارتباك : أشكرك أستاذ . وغادرت الغرفة بسرعة ، كدت أن أسقط في الممر ، تعثرت وانا انزل السلالم ، لاأدري ، صرت أحس بنفسي مثل المجنونة تماما ، أمام الباب كان حارس الاستاذ يقف بانتظاري ، توقفت أمامه ، مد يده الى جيب بنطاله وأخرج مفتاحا ، قال بتهذيب شديد ، وكأنه غير الرجل الذي خاطبني قبل قليل ، تخلى عن تلك الطريقة القاسية التي خاطبني بها أول مرة ، وصار انسانا مهذبا ولطيفا:تفضلي ، هاي هدية من الاستاذ ، ثم أضاف مازحا : يعني أحسن ماتركبين بالأمانة
الأمانة ، ماذا يقصد؟
ضحكت سلمى بعمق ، وقالت :
الأمانة ، هي باصات النقل الداخلي في العراق ، نحن العراقيين نسميها الأمانة .
ماذا يعني هذا قدم لك مفتاحا وقال لك أفضل من ركوب الباص! المفتاح كان مفتاح سيارة أليس كذلك؟
نعم هذا صحيح ، مفتاح سيارة شفر موديل 90 لونها فضي . استغربت ، لا ، بل طار عقلي ، يعني لا ادري كيف أصف لك مشاعري ، خوف ورعب ، في العراق الناس تسمع قصص عجيبة غريبة عن عدي ، وقصي ، صحيح هو مديرنا بالعمل ، لكن أنا وبصراحة لااستحق أن أحصل على سيارة بعد شهرين في اللجنة .
وهل قبلت الهدية؟
لو كنت مكاني هل كنت سترفضها ! أنا قبلت الهدية لأني لا أقدر أن أرفضها ، رفض هدية من عدي صدام حسين ليس أمرا سهلا ، يعني لايمكن أن يقوم أي واحد في العراق بمثل هذا الفعل ، أصلا قليل الناس الذين يقدم لهم عدي أو أي واحد من عائلته هدية
كأنك فرحت بالهدية ، يعني أرى أنك تضعين الأعذار لنفسك لقبول هدية عدي
عفوا أستاذ ، هذا ليس صحيحا ، قلت لك انا لم أستطع رفض الهدية ، ولم أقل لك بأني فرحت بالهدية .
أخذت مفتاح السيارة ، وماذا فعلت بعد ذلك؟
أنا كنت أجيد القيادة ، ولكن لم يكن عندي رخصة سوق ، انتظرت حتى ذهب الحارس ، وتركت السيارة في مكانها ، أخذت سيارة تاكسي ورجعت الى البيت ، فتحت الباب ودخلت مسرعة ، لأن الهاتف كان يرن ، رفعت السماعة ، وجاءني صوت غريب يقول لي : إن شاءالله تكون الهدية أعجبتك ، ولو إني عاتب عليك.
طبعا كان المتحدث هو عدي، ارتبكت وقلت : السيارة ، نعم ، شكرا أستاذ ، الحقيقة لاأدري كيف أشكرك....
قاطعني ضاحكا ، وقال : لكن قلت لك بأني عاتب عليك
خير أستاذ ، هل بدر مني شيء جعلك تعتب عليّ، أقصد أنا لم أفعل شيئاً
ضحك بشدة وقال: مدام الهدية بقيت أمام باب اللجنة ، هذا معقول
أستاذ أنا ليس لدي رخصة قيادة ، ولا يمكن أسوق السيارة من دون رخصة المرور يخالفوني
رد علي بلهجة قاسية: المرور لايخالف سيارة عدي صدام حسين ، السيارة بعد قليل ستكون أمام باب بيتك ، وغدا تركبينها وتذهبين الى عملك ، وأي شرطي يتجرأ ويقوم بتوقيفك حسابه عندي ، اتفقنا
اتفقنا أستاذ
هل يلزمك شيء؟
لا أبدا ، سلامتك أستاذ .
أغلقت سماعة الهاتف ، وتهاويت مذهولة على مقعد قريب ، كنت مثل الغايب عن الوعي ، حتى أني لم أنتبه إلى أن زوجي قد دخل إلى البيت ، كان يقف قريباً مني وينظر إليّ ، مستغرباً:
مابك ؟ قالها ، والدهشة بادية عليه ثم أضاف : تعبانة ؟
لا أبداً حبيبي ، ماكو شي ، شاردة شويه ، تدري اليوم سلموني سيارة من اللجنة
سيارة ، دفعة واحدة ، ألف مبروك ، أين هي ؟
في الخارج ، أمام الباب ، ألم ترها حين دخلت ؟
لا لم أر شيئاً
لايمكن .
اندفعت راكضة الى الخارج ، وكانت السيارة تقف قرب سيارة زوجي الذي وقف مندهشا وقال :
أقسم بالله بأنها لم تكن موجودة حين أتيت
حبيبي ، كيف لم تكن موجودة ، يمكن أنت لم تنتبه .
عفوا سيدتي ، كيف كنت متأكدة من أن السيارة موجودة في الخارج ، على الرغم من أنك تركتها أمام باب اللجنة الأولمبية ، أين يقع بيتكم ؟
يعني أنا كنت متأكدة ، لاأدري يمكن لأن عدي قال لي بأن السيارة ستكون أمام باب البيت بعد قليل ، ومقراللجنة يبعد عن بيتنا بحدود ربع ساعة بالسيارة ، كنا نسكن في المنصور قرب الأسواق المركزية ، ومقر اللجنة بشارع فلسطين ، يمكن حتى اقل من ربع ساعة .
ماذا فعل زوجك بعد ذلك ؟
لم يفعل شيئا ، بارك لي مرة ثانية ، وقال لي إني لازم أحصل على شهادة قيادة .
مدام ، هل يمكن أن أسألك لماذا أخفيت الحقيقة عن زوجك؟
أية حقيقة؟!
حقيقة السيارة ، واتصال عدي بك ، ولقائك به
أنا لم أخف تلك الأشياء عنه بقصد ، لكن لم أرغب في إزعاجه ، كان زوجي حساسا جدا ، وكنت أعرف طبيعته جيدا ، واذا قلت له تلك الأشياء كان سيغضب ، وسينزعج ، وأنا لا أريد إزعاجه .
يعني في رأيك الموضوع كان مزعجاً؟
طبعا مزعج ، مزعج جدا أيضاً ، وصدقني أنا الآن نادمة كثيرا لأني لم أخبر زوجي بما حدث في وقتها يمكن كانت الأمور ستكون مختلفة ، يعني كان ممكن الذي حدث لم يحدث، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل ، أحيانا الشيطان يصور الأمور للإنسان عكس ماهي في الواقع ، ربما لو قلت له لما دفعنا الثمن جميعنا .
صارت سلمى تبكي بألم ، ولم أدر ماالذي يمكن أن أفعله لمساعدتها ، غادرت الغرفة وأحضرت لها كأس ماء وعدت ، تناولت من يدي الماء وشربته دفعة واحدة ، مسحت دموعها ، وتابعت الحديث:
مر أسبوعان دون أن يتصل بي عدي أو يرسل لي أحدا من طرفه فحمدت الله أن الأمور كانت تسير بهذه الصورة ، لا أخفيك كنت أحس أن هناك تهامسا في اللجنة حول موضوع السيارة التي قدمها الأستاذ لي يعني حضرتك تعرف الناس يتكلمون ، ليس علناً أكيد بل همساً، وصرت أحس أن هناك من يلاحقني أينما ذهبت ، قال لي أبو هادي مرة : انتبهي جيدا ياابنتي ، أنت جميلة ، والعيون كلها تلاحقك ، قلت له مستغربة : ماذا تقصد ؟ قال : أنا لاأقصد شيئا ، المهم أنت مثل ابنتي .
بعد أسبوعين تماما جاءني الى مكتبي في اللجنة واحد من رجال عدي وأخبرني أن الاستاذ يطلبني الى مكتبه ، تعرف كنت كأني أنتظر هذا الاستدعاء فربما ارتاح من القلق الذي كنت أعيش فيه ، كان ثمة شيء يجعلني دائما وطيلة الأيام التي مرت قبل أن يطلبني عدي الى مكتبه أشعر بنوع من التوتر ، زوجي لاحظ ذلك وسألني أكثر من مرة عن السبب وكنت أقول له بأن السبب هو التعب من العمل والحمل
الحمل؟
نعم ، لقد كنت حاملا في الشهر الأول
ذهبت اذن لمقابلة عدي بعد أن طلبك الى مكتبه
طبعا ، دخلت الى المكتب ، وكان يجلس على الأريكة وليس على كرسيه ، فور دخولي بادرني قائلا:
أهلا بمترجمتنا الشجاعة ، كيف الأحوال ؟
الحمد لله ، الله يخليك أستاذ
أشار لي بأن أجلس إلى جانبه فجلست ، كانت الأريكة كبيرة ، نظر إليّ وأنا جالسة ، تأمل وجهي بشكل فيه شيء من الوقاحة ، ثم قال : مرتاحة بالشغل ؟
الحمدلله أستاذ مرتاحة ، وأشكرك على السيارة
السيارة ! آه تذكرت ، هذا شيء بسيط ، أنت موظفة ممتازة ، وتستحقين أكثر من ذلك ، زوجك مهندس بالدورة أليس كذلك؟
نعم أستاذ
مرتاح في العمل ؟
نعم أستاذ
إن شاء الله لايوجد إزعاج
لا الحمدلله أستاذ ، ماكو أي إزعاج ، الامور بخير
أنا ، أنت تعرفين الناس الذين يعملون معي أحب أن يكونوا مرتاحين تماما ، ولا ينقصهم شيء.
الله يخليك أستاذ
سكت عدي ، وماعاد يتكلم نهض ، وسار باتجاه طاولة مكتبه ، حمل جهاز التحكم وأدار التلفزيون ، ثم أشعل سيجاره ، وصار يتفرج على برنامج كان يبث على التلفزيون، التفت إلي وقال ضاحكا:
مدام ، ممكن أن تذهبي اذا أردت
شكرا أستاذ
لم يجب ولم يلتفت الي ، غادرت مكتبه ، وتوجهت الى مكتبي، جلست شاردة حتى وقت نهاية الدوام، يعني لم أفهم ماالذي يريده هذا الشخص الغريب الطباع
ألم تفكري بترك العمل بسبب هذه التصرفات الغريبة؟
لا أبدا ، يعني كانت تصرفاته لاتوحي بأي شيء ، كان ورغم كل مايقال عنه من حدة الطبع والقسوة وحب التسلط ، هذه الصفات كان الناس كلهم يعرفونها عنه ، لكنه كان هادئا ومريحا اثناء حديثه ، ولو أن تصرفاته كان فيها شيء من الغرابة ، المهم ، الأمور استمرت هكذا حتى جاءني في احد الأيام وقبل أن أغادر مقر اللجنة متوجهة الى بيتي ، جاءني مرافقه وقال لي الأستاذ عنده سهرة غداً وهو يدعوك للحضور بمفردك ، طبعا لاأدري احسست بأني لم أسمع بشكل جيد ، تصدق ، دخت وصرت اشوف الدنيا تدور ، سألت المرافق: عفوا ماذا قلت؟
أجابني بشيء من الانزعاج :قلت لك الاستاذ يدعوك لحضور سهرة في مزرعته، الساعة السابعة سوف آتي لاصطحابك من أمام منزلك غداً في السادسة والنصف .
دارت الأرض بي ، لم أدر ماذا أصابني ، أحسست كأن أمعائي تقطعت ، لم أعد قادرة على رؤية شيء مما يحدث أمامي ، لم أعد أرى ذلك المرافق ذا السحنة الكريهة ، صدقني تمنيت الموت في تلك اللحظة قبل أن أقول للمرافق: سهرة ، لكن زوجي لايقبل أن أذهب
ضحك المرافق وقال بغطرسة: لما الأستاذ يدعوك ، يجب أن توافقي ، هذه الدعوة غير قابلة للمنقشة أو الرفض ، مفهوم
انفجرت غاضبة ، وصرخت في وجهه : قلت لك لاأستطيع ، أنا امرأة متزوجة ، وهذه السهرات لاتناسبني ، افهمني ، افهمني ، افهمني أرجوك.
رد ببرود شديد : أفهمك ؟ لماذا تطلبين مني أن أفهمك إذا كان كلامك أصلا ليس مفهوماً؟ الموضوع بسيط ولايحتاج الى كل هذا الصراخ ، إما أن تكوني مع الأستاذ أو أنت تعرفين ماالذي يمكن أن يحدث.
يعني أن تكوني جاهزة ومستعدة في تمام الساعة السادسة والنصف غدا ، ولا تذهبي الى العمل في الصباح حتى تكوني مرتاحة أثناء السهرة، هذه هي التعليمات وعليك تنفيذها
في العدد القادم:
كان الخوف والاستغراب يعم الشوارع والبيوت ، لم يدر أحد حقيقة مايجري
انتظروا الحلقة الثالثة ـ بإذن الله ـ

التؤاميه
•


قصه مشوووووووووووووووووووووووووووقه:23:
كملي يالتؤاميه بسرعه ولا تطولين عليناااااااااااااااااااااااا:32:
كملي يالتؤاميه بسرعه ولا تطولين عليناااااااااااااااااااااااا:32:

الصفحة الأخيرة
من جد قصه مشوووقه
ولله حسيت بالم البنت من جد مع اني ماعرفت قصتها
بس يكفي كونها جميله وطاحت بين يدين طاغيه .....