كيف تختارين شرك العمر

الترفيه والتسلية

معايير اختيار الشريك الناجح

اليوم، تضاءلت جداً فرص الاختيار، والمفارقة أن هذا التضاؤل توافق مع الحرية الاجتماعية للفتيات (التي لم تكن متوفرة لجيلنا، عندما كانت مروحة الخيارات أوسع) وترافق أيضاً مع التطلب ـ غالباً الإيجابي ـ لمن سيكون الشريك.

من الناحية الديمغرافية، يبدو بأن الشباب الذي هاجر والذي حارب والذي غاب، أفضى بنا ديموغرافياً إلى نقص في عدد الشباب بالنسبة لعدد الشابات، أدى إلى وجود شريحة كاملة من الشابات التي لم تتزوج في العمر المفترض الزواج خلاله في مجتمعاتنا الشرقية، وجعلتها خارج الاختيار/ قسراً/ أو طوعاً/ في مجتمع تحدد بنيته الاجتماعية والاقتصادية سقف الأعمار المقبولة في كل زواج، كلما كانت فيه الفتاة شابة جداً كلما كانت حظوظها أكبر.
إذا أضفنا إلى ذلك تدهور الوضع الاقتصادي وغياب الطبقة الوسطى فأعراس الأغنياء ستجري دوماً، وأعراس الفقراء تغذيها العفوية والقناعة والبساطة. أما الزواج في الطبقات الوسطى، فهو محك الاختيار وعقلنته، ومحك صياغة مجتمع مقبل بما يحمله من قيم، ومن قبول لآخر مختلف، ومن توق عاقل ومنظم للترقي الاجتماعي. ولذا فإن غياب الطبقة الوسطى الذي يجري الكلام الكثير عنه في المجال الاقتصادي، هو أولاً خسارة في المجال الاجتماعي يتردد صداها في مجال اختيار الشريك ومعاييره.

يمكننا أن نضيف أيضاً أن المرأة العصرية، لم تعد كجيل أمهاتنا، جيل القبول والصمت والتحمل الساكن. أصبحت المرأة اليوم تطلب شريكاً يحترم قدراتها، يفسح لها مجال النمو الشخصي، يساعدها على تحقيق نفسها، يعاملها بالندية الانسانية، أي أصبحت تطلب زواجاً من نوع آخر وحباً من نوع آخر.

وأصبحت المرأة الشابة الآن، تلتقي أحياناً رجلاً لم يستوعب بعد التطور الذي حصل في شخصية المرأة الحديثة والذي يتطلب حيزاً وجودياً أوسع في طريقة التعامل المتساوي في تقاسم المسؤوليات (أحياناً يربكه إسهام المرأة في الإعالة) فمع رجل يشد نظره إلى مثال أبيه، نلتقي امرأة تشد نظرها إلى مثال ابنتها، ومع رجل يحاول التمسك بالماضي لأنه ضمان امتيازاته، قد تلتقي امرأة تستنجد بالمستقبل لفرض انسانيتها، وهذه مقاييس تماه شئنا أم أبينا تضعها الشابات اليوم في منظار اختيارها.

وتعتري الشابة اليوم الرهبة أمام هذه الخطوة، سواء كانت تخضع لقانون أحوال شخصية يجعل من ((نصيبها)) قدرها إلى الأبد أو كانت تخضع لقانون يتيح لها الطلاق.
هذه العوامل العديدة تؤدي إلى تأخير في عمر الزواج أو إلى صرف النظر عنه.

مَن هو الشريك ؟
قد نعتبر غالباً أن الشريك هو مَن سيصبح أب الأولاد ونغفل عن أن الشريك هو الزوج أولاً. إننا نفتقد في مجتمعاتنا مفهوم الزوجية الذي يطغى عليه مفهوم العائلية. مفهوم الزوج أي الانسان الذي أستطيع أن أتابع حواراً معه، دون أن يكون كلامي بالضرورة عن مشاكل الأولاد ومسؤوليات البيت المباشرة. الزوج أي الاعتراف بالهوية وليس فقط بالدور الذي ينسج الهوية (أي عندما نحول المرأة إلى أم حنون بامتياز والرجل إلى أب حازم معيل للبيت فقط).
هذا الشريك قد يكون شريكاً واقعياً حقيقياً وقد يكون شريكاً متوهماً.

ـ هل المعايير هي التي تصنع الزواج الناجح ؟
من الأكيد أن هناك حدوداً وسيعة لكل اختيار. فالزواج في مجتمعاتنا، ليس شراكة بين شخصين متفردين. إنه نسج لعلاقات أسرية ومجتمعية، تجعل منه أحياناً حدثاً اجتماعياً قبل أ يكون تحولاً شخصياً في الصميم، كما تذكر الآية الكريمة: (أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً).
لذا، فهناك معايير ثابتة لتأمين الاطمئنان الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، الضروري لبناء علاقة زوجية وعائلية. ولكنها ولو توفرت في كمالها بدون أما أسميه ((لسعة الحب الخفية)) فإنها ستحول الزواج إلى تنظيم عاقل ورصين لحياة مستقرة. ولا أعني بلسعة الحب، العشق الكبير. فالعشق انفجار عاطفي لا يتعايش مع هدوء الحياة اليومية، وقد يكون بداية تسفر عن حب عميق متواصل.

وتتبدل المعايير انطلاقاً من مرجعيتها/ وتاريخها/ وزمنها/ وظروفها المادية والنفسية/ ومن توق كل من الشريكين في الوعي وفي اللاوعي.

ـ في دور الوعي:
تصدر الأخلاق الموقع الأول في معايير الاختيار، تتصدرها اختياراً وثوقاً. أي أن الجواب أحياناً يكون تعبيراً عن الرغبة لا عن الواقع الفعلي.

ففي الواقع نجد أن الوضع المادي يحتل مركزاً مرموقاً في عملية الاختيار التي تأخذ بعين الاعتبار، المحيط العائلي ودرجة القرابة، والشكل والجمال الخارجي، والموقع الاجتماعي، والعمر، والوضع العلمي، والانتماء الديني، وحس المسؤولية. ويتبدل سلم هذه المعايير من طبقة إلى أخرى.

ـ في دور اللاوعي:
والكلمة هنا لا تعني عدم الوعي، بل الوعي النفسي غير المعبر عنه والمدفون في داخل أنفسنا، أن اللاوعي يعلب دوراً أساسياً في توجيه الاختيار، لأنه ينقل صورتنا الحقيقية المموهة بالصورة الاجتماعية. وتكبر أو تصغر إمكانية التعبير عنه بالنسبة لحيز الحرية المتاح في طبقة أو منطقة أو طائفة عن أخرى.

يلعب دوراً أهمية التكوين النفسي منذ الطفولة الأولى في صياغة الشخصية السوية أو في تكوين العقد المكبوتة، كما أن تطوير عدوانية الشخصية بين العداء تجاه الآخرين (سادية) أو العداء للنفس (مازوشية) يبلور شخصية المرأة في تكوين شخصية مقدامة دون وقاحة، ومعطاءة دون انسحاق وهو ميزان لم يجد توازنه بعد في مجتمع ما بعد الحرب.

ـ كما يلعب تأثير العلاقة بين الأب والأم معاً وبينهما الأولاد من خلال السلطوية والاتكال دوراً في صياغة المثال الأول أمام الشابة لمعنى الزوجية والعائلة (وهنا أركز على أهمية المثال الذي لا يجب أن يستخف به الأهل أمام أولادهم)، وأمام الشاب في استيعابه لاحترام الآخر، وخاصة المرأة.

وهناك التوق الباطني غير المباح به فقد نتربى مثلاً على أفلام يحمل الممثل فيها صورة وجه أو ملامح أو لهجة نفتش عنها في خياراتنا الحميمة.

وهناك الجاذبية، أي الذرات الجاذبة أو المنفرة في الشخصية. من جاذبية الحديث والحضور إلى الجاذبية الجنسية، وهناك الارتياح والاطمئنان اللتين توحي بهما بعض الشخصيات.
وهناك التشارك في مفهوم الحب: هل هو تلق، هل هو عطاء، هل هو مشاركة، هل هو تضحية أو كرم أو أنانية مقنعة؟:26: :icon28:
:26:
6
702

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

راما!
راما!
موضوع متميز جدا شكرا حبيبتي على هذا الطرح الرائع 00 جعله الله في ميزان حسناتك 00
ريهام 1
ريهام 1
يعطيك العافيه ع الموضوع
شو شو الامورة
شو شو الامورة
مشكوووووره اختي على الموضوع الرائع

يجزيج ربي الف خير
لللللللوش
لللللللوش
يسلموووووو على الموضوع الرائع