

أغلى شهد
•
كالعادة أول يوم الفطور يكون جماعي وفي إحدى الصالات الرئيسية ومنظم
واللي يصلح الفطور طباخات تحت إشراف أخصائية تغذية ...
والفطور منوع وشامل أشبه بالبوفيه يعني شوربات وسمبوسة وفطائر منوعة
وبيتزا وعصائر وسلطات وفواكه و قهوة وحلويات كنافة وبسبوسة والعشاء مشويات
وبطاطس مقلية وسلطة ....
الفطور جماعي فقط أول يوم أما باقي الأيام كل أسرة يفطرون لوحدهم
في أسرتهم على سفرة الطعام ....
أعداد اللي يفطرون كبيرة بالمئات يعني اممممممممممممم
طبعا فيه أيام يأتي فيها مسؤولات يفطرون معنا وفيه أيام نفطر فيها خارج الدار بمطاعم
واستراحات وأيام نتلقى دعوات العام أفطرنا مرة في المملكة ومرة في الفيصلية ....
نكمل القصة
في الدار الفتيات الكبيرات يتحملن المسؤولية من تلقاء أنفسهن طبعا
ويتولين مهمة تربية الأصغر سنا منهن وبعضهن يتولين مهمة الدفاع عن أمهاتهن
ففي إحدى الأسر كان هناك فتاة كبيرة وفتاة أخرى صغيرة وأم وثلاثة أولاد صغار طبعا
وغضبت الأم من الطفلة الصغيرة ووبختها وقامت الطفلة برفع صوتها على الأم هنا هبت
الفتاة الكبيرة للدفاع عن الأم وقامت بضرب الصغيرة وشدها من شعرها حتى إن يديها
امتلأت من شعرها ورفستها برجلها ولم تتوقف عن ضربها إلا بعد أن تدخلت الأم وأمرتها بالتوقف
وأيضا كان هنالك أختين شقييقتين في الدار إحداهما في عمر الـ 17 سنة والأخرى 13 سنة
وفي إحدى المرات حين تلفظت الشقيقة الصغرى على الأم قامت الكبيرة بضربها حتى تدخلن
الأمهات وأنقذنها من بين يديها .....
أيضا الأمهات كن يتخذن من أبناء وبنات الدار وسيلة للحصول على مايريدون ففي طفولتي
كنت أتذكر الأمهات يحرضننا على أن نطلب من الأخصائيات الذهاب إلى أماكن معينة
أو شراء طعام معين أو إحضار أشياء معينة لنا وكنانطلب من الأخصائيات ذلك وفعلا ينفذن لنا مانريد ....
و حين كنا صغارا كانوا هم من يختارون لنا الملابس
وأدوات المدرسة وكل حاجياتنا ولم نكن نختار ما نريد , في طفولتي كنت أرى
مع زميلاتي في المدرسة أشياء أخرى غير التي امتلكها وحينما
اسألهن من أين اشتروها يخبرنني بأنها من المكتبة وأحيانا يخبرنني
اسم المكتبة التي اشتروا منها وطبعا لا فائدة من معرفتي
لأنني لم أكن أذهب للمكتبة ولم أكن أختر ما أريد فكنا نستلم كل
شيء من الإدارة ومازال هكذا النظام رغم أن الذهاب للمكتبات وشراء
أدوات المدرسة له وقع خاص وكنا نمتلك نفس نوع الأقلام ونفس
الدفاتر ونفس الحقائب والكراسات والألوان وكل شيء وكان لذلك
ميزة واحدة وهي أن من يحضر من المدرسة شيئا مختلفا يتم كشفه
مباشرة والتحقيق معه ليعرف إن كان قد سرقها أو كيف حصل عليها
كان عاصم دائما يحضر لنا أقلاما بأشكال جميلة ومختلفة وحين
تكتشف ذلك الأم يحلف ويقسم أن زميلهأهداها عليه ,
وفي إحدى المرات رأيت مع زميلتي مقلمة جميلة وبقيت
لمدة أسبوع أجمع من مصروفي حتى جمعت عشرة ريالات وأعطيتها
زميلتي لتشتري لي مقلمة كمقلمتها ورجعت للدار وأنا مسرورة
كي أريها إخوتي لأنهم لا يمتلكون مثلها ولا يوجد في الدار
مثلها وحين رأوها ذهب أحد إخوتي
ليخبر أمي أنني أحضرت مقلمة من المدرسة وجاءت الأم
وبدأت مسلسل التحقيق معي وأخبرتها بأنني
جمعت المبلغ وأعطيته زميلتي لتشتريها لي وقامت الأم بمصادرة
المقلمة إلى حين التأكد من صدق ما أقول
وفي اليوم التالي أعادتها لي بعد أن سألت زميلتي وتأكدت منها , حين كبرنا أصبحنا نختار مانريد
كنا نلبس مايريدون وأصبحنا نلبس مانريد , كنا نأكل مايريدون أصبحنا نأكل مانريد
كانوا يشترون لنا مانريد فأصبحنا نشتري مانريد نحن .....
واللي يصلح الفطور طباخات تحت إشراف أخصائية تغذية ...
والفطور منوع وشامل أشبه بالبوفيه يعني شوربات وسمبوسة وفطائر منوعة
وبيتزا وعصائر وسلطات وفواكه و قهوة وحلويات كنافة وبسبوسة والعشاء مشويات
وبطاطس مقلية وسلطة ....
الفطور جماعي فقط أول يوم أما باقي الأيام كل أسرة يفطرون لوحدهم
في أسرتهم على سفرة الطعام ....
أعداد اللي يفطرون كبيرة بالمئات يعني اممممممممممممم
طبعا فيه أيام يأتي فيها مسؤولات يفطرون معنا وفيه أيام نفطر فيها خارج الدار بمطاعم
واستراحات وأيام نتلقى دعوات العام أفطرنا مرة في المملكة ومرة في الفيصلية ....
نكمل القصة
في الدار الفتيات الكبيرات يتحملن المسؤولية من تلقاء أنفسهن طبعا
ويتولين مهمة تربية الأصغر سنا منهن وبعضهن يتولين مهمة الدفاع عن أمهاتهن
ففي إحدى الأسر كان هناك فتاة كبيرة وفتاة أخرى صغيرة وأم وثلاثة أولاد صغار طبعا
وغضبت الأم من الطفلة الصغيرة ووبختها وقامت الطفلة برفع صوتها على الأم هنا هبت
الفتاة الكبيرة للدفاع عن الأم وقامت بضرب الصغيرة وشدها من شعرها حتى إن يديها
امتلأت من شعرها ورفستها برجلها ولم تتوقف عن ضربها إلا بعد أن تدخلت الأم وأمرتها بالتوقف
وأيضا كان هنالك أختين شقييقتين في الدار إحداهما في عمر الـ 17 سنة والأخرى 13 سنة
وفي إحدى المرات حين تلفظت الشقيقة الصغرى على الأم قامت الكبيرة بضربها حتى تدخلن
الأمهات وأنقذنها من بين يديها .....
أيضا الأمهات كن يتخذن من أبناء وبنات الدار وسيلة للحصول على مايريدون ففي طفولتي
كنت أتذكر الأمهات يحرضننا على أن نطلب من الأخصائيات الذهاب إلى أماكن معينة
أو شراء طعام معين أو إحضار أشياء معينة لنا وكنانطلب من الأخصائيات ذلك وفعلا ينفذن لنا مانريد ....
و حين كنا صغارا كانوا هم من يختارون لنا الملابس
وأدوات المدرسة وكل حاجياتنا ولم نكن نختار ما نريد , في طفولتي كنت أرى
مع زميلاتي في المدرسة أشياء أخرى غير التي امتلكها وحينما
اسألهن من أين اشتروها يخبرنني بأنها من المكتبة وأحيانا يخبرنني
اسم المكتبة التي اشتروا منها وطبعا لا فائدة من معرفتي
لأنني لم أكن أذهب للمكتبة ولم أكن أختر ما أريد فكنا نستلم كل
شيء من الإدارة ومازال هكذا النظام رغم أن الذهاب للمكتبات وشراء
أدوات المدرسة له وقع خاص وكنا نمتلك نفس نوع الأقلام ونفس
الدفاتر ونفس الحقائب والكراسات والألوان وكل شيء وكان لذلك
ميزة واحدة وهي أن من يحضر من المدرسة شيئا مختلفا يتم كشفه
مباشرة والتحقيق معه ليعرف إن كان قد سرقها أو كيف حصل عليها
كان عاصم دائما يحضر لنا أقلاما بأشكال جميلة ومختلفة وحين
تكتشف ذلك الأم يحلف ويقسم أن زميلهأهداها عليه ,
وفي إحدى المرات رأيت مع زميلتي مقلمة جميلة وبقيت
لمدة أسبوع أجمع من مصروفي حتى جمعت عشرة ريالات وأعطيتها
زميلتي لتشتري لي مقلمة كمقلمتها ورجعت للدار وأنا مسرورة
كي أريها إخوتي لأنهم لا يمتلكون مثلها ولا يوجد في الدار
مثلها وحين رأوها ذهب أحد إخوتي
ليخبر أمي أنني أحضرت مقلمة من المدرسة وجاءت الأم
وبدأت مسلسل التحقيق معي وأخبرتها بأنني
جمعت المبلغ وأعطيته زميلتي لتشتريها لي وقامت الأم بمصادرة
المقلمة إلى حين التأكد من صدق ما أقول
وفي اليوم التالي أعادتها لي بعد أن سألت زميلتي وتأكدت منها , حين كبرنا أصبحنا نختار مانريد
كنا نلبس مايريدون وأصبحنا نلبس مانريد , كنا نأكل مايريدون أصبحنا نأكل مانريد
كانوا يشترون لنا مانريد فأصبحنا نشتري مانريد نحن .....

أغلى شهد
•
أشكرك غاليتي على المداخلة الجميلة
وأحبك الله الذي أحببتني فيه
بالنسبة لكيفية تبني طفل من الدار فأعتقد الإجراءات سهلة جدا
لا أعرفها بالضبط لكنها ميسرة بل والدار تصرف مبلغ شهري لكل أسرة تكفل طفلا
وذلك تحفيزا على كفالتهم كما تتكفل بكسوته وأدوات مدرسته ....
وايضا بالإمكان الكفالة غير الدائمة وهي الأسر الصديقة التي تاخذ الطفل لبعض الأيام
فقط كنهاية الأسبوع أو الإجازات وغيره ....
أتمنى لك التوفيق والسعادة والأجر ....
وأحبك الله الذي أحببتني فيه
بالنسبة لكيفية تبني طفل من الدار فأعتقد الإجراءات سهلة جدا
لا أعرفها بالضبط لكنها ميسرة بل والدار تصرف مبلغ شهري لكل أسرة تكفل طفلا
وذلك تحفيزا على كفالتهم كما تتكفل بكسوته وأدوات مدرسته ....
وايضا بالإمكان الكفالة غير الدائمة وهي الأسر الصديقة التي تاخذ الطفل لبعض الأيام
فقط كنهاية الأسبوع أو الإجازات وغيره ....
أتمنى لك التوفيق والسعادة والأجر ....

أغلى شهد
•
كانت وجدان تحب ناصر منذ الطفولة
برغم أننا كنا في عمر طفولي ولا نعرف معنى الحب أو الاعجاب
إلا أن وجدان وناصر كانا منجذبين لبعضهما وبينهما ارتباط عاطفي
وبرغم أننا كنا نتعامل مع بعضن البعض كإخوة وننظر لبعضنا على أننا
إخوة إلا أن وجدان لم تكن ترى ناصر كما نراه ولم يكن هو أيضا
يراها كما يرانا ...
ربما كانت تحبه وتشعر أنه ليس بأخيها لأنه جاء للدار وهو في عمر الخمس
سنوات فأصبحت تشعر بأنه غريب عنها فقد جاء للدار من دار أخرى
في مدينة أخرى فجاء لدارنا لأنه كان لديه بعض المراجعات في أحد المستشفيات
ونظرا لكثرة مواعيده في تلك الفترة قرروا إبقاءه في الدار معنا كي يسهل عليه
الذهاب للمستشفى وظل معنا حتى انتقل لدار البنين ...
كنا في فترة العصر وبعد الانتهاء من استذكار دروسنا نتجه للحديقة كي نلعب فيها
حتى غروب الشمس وطبعا كنا ننتظر وقت اللعب في الحديقة بفارغ الصبر
وما إن يأتي الوقت حتى ننطلق مسرعين للحديقة عدا وجدان التي كانت
تقف أمام المرآة طويلا وأحيانا أمام الدولاب لتختار ملابس جديدة
وأحيانا تتوسل للأم أن تضع لها أحمر الشفاه أو أن تعيد لها تسريح شعرها
بطريقة مبتكرة وتخترع لها تسريحة مختلفة عنا لتبدو مميزة ....
وما أن تصل لبوابة الحديقة إلا وتجد ناصر ينتظرها أمام الباب فهو دائما
يسبقها ويستقبلها ولا يلعب أو يدخل الحديقة حتى تأتي معه ...
وكنا نلعب في الحديقة ألعابا جماعية وأحيانا كرة قدم وأي لعبة نلعبها يصران
فيها ناصر ووجدان على أن يكونا في فريق واحد أو مجموعة واحدة ....
وحين يختلف أحد مع وجدان فيضربها أو يشتمها يهرع ناصر للدفاع عنها
سواء كانت هي على حق أو حتى مخطئة فهو لا يسمح لأحد مهما كان
أن يعتدي عليها بالكلام أو الضرب ....
مرت الأيام وحان وقت الفراق , الفراق ذلك الكابوس الذي يداهمنا في أي
وقت والذي تجرعنا جميعا مرارته وتألمنا منه ...
كان الكل في الدار يعرف مدى ارتباط وجدان وناصر ببعضمها ومدى حبهما
البريء والعفوي والذي كان تحت رقابة وأعين الأمهات ....
فحين أصبح ناصر في الـ 11 أو 12 من عمره بدأ يستعد للانتقال لدار
البنين , كانت وجدان تبكي في كل وقت وكل لحظة عليه , تبكي حين
تراه يرتب حقائبه وتبكي حين ترى الحزن يكسو ملامحه لأنه سيغادرنا
وتبكي حين يعاهدها بأنه لن ينساها ولن يتخلى عنها فقال لها في يوم رحيله
سأعود حين أكبر واصطحبك معي لنعيش في بيت لوحدنا ....
مايقارب الست سنوات قضتها وجدان بقرب ناصر تلعب معه , تختلف معه
تضحك معه وتبكي معه , ست سنوات وهي تراه كل يوم بل كل وقت
وفجأة يختفي من حياتها وللأبد وقد لا تراه لآخر يوم في حياتها ....
رحل ناصر وهو متألم وبقيت وجدان وهي أيضا تتألم وأعتقد أن لسان
حالهما كان يقول كما يقول فاروق جويدة واعذروني إن كنت دوما أستشهد
بقصائد فاروق جويدة لكنني من المعجبين بقصائده والتي أشعر أنها
غالبا تعبر عما بداخلنا بصدق ....
لو أننا لم نفترق
لو أننا ...لم نفترق
لبقيت نجما في سمائك ساريا
وتركت عمرى في لهيبك يحترق
لو أننى سافرت في قمم السحاب
وعدت نهرا في ربوعك ينطلق
لكنها الأحلام تنثرنا سرابا في المدى
وتظل سرا.. في الجوانح يختنق
.................................................. .
لو أننا .. لم نفترق
كانت خطانا في ذهول تبتعد
وتشدنا أشواقنا
فنعود نمسك بالطريق المرتعد
تلقي بنا اللحظات
في صخب الزحام كأننا
جسد تناثر في جسد
جسدان في جسد نسير .. وحولنا
كانت وجوه الناس تجرى كالرياح
فلا نرى منهم احد
............................................
مازلت اذكر عندما جاء الرحيل
وصاح في عينى الأرق
وتعثرت أنفاسنا بين الضلوع
وعاد يشطرنا القلق
ورأيت عمرى في يديك
رياح صيف عابث
ورماد أحلام .. وشيئا من ورق
هذا أنا...
عمرى ورق
حلمى ورق
طفل صغير في جحيم الموج
حاصره الغرق
ضوء طريد في عيون الأفق
يطويه الشفق
نجم أضاء الكون يوما ... واحترق
.................................................. ........
لا تسألي العين الحزينة
كيف أدمتها المقل؟!
لا تسألي النجم البعيد
بأي سر قد أفل؟!
مهما توارى الحلم في عيني
وأرقني الأجل
مازلت ألمح في رماد العمر
شيئا من أمل
فغدا ستنبت في جبين الأفق
نجمات جديدة
وغدا ستورق في ليالي الحزن
أيام سعيدة
وغدا أراك على المدى
شمسا تضئ ظلام أيامي
وان كانت بعيده
لو أننا لم نفترق
حملتك في ضجر الشوارع فرحتي
والخوف يلقيني على الطرقات
تتمايل الأحلام بين عيوننا
وتغيب في صمت اللقا نبضاتي
والليل سكير يعانق كأسه
ويطوف منتشيا على الحانات
والضوء يسكب في العيون بريقه
ويهيم في خجل على الشرفات
ماكنت اعرف والرحيل يشدنا
أنى اودع مهجتي وحياتي
ماكان خوفي من وداع قد مضى
بل كان خوفي من فراق آت
لم يبقى شئ منذ كان وداعنا
غير الجراح تئن في كلماتي
لو أننا ..لم نفترق
" يتبع "
برغم أننا كنا في عمر طفولي ولا نعرف معنى الحب أو الاعجاب
إلا أن وجدان وناصر كانا منجذبين لبعضهما وبينهما ارتباط عاطفي
وبرغم أننا كنا نتعامل مع بعضن البعض كإخوة وننظر لبعضنا على أننا
إخوة إلا أن وجدان لم تكن ترى ناصر كما نراه ولم يكن هو أيضا
يراها كما يرانا ...
ربما كانت تحبه وتشعر أنه ليس بأخيها لأنه جاء للدار وهو في عمر الخمس
سنوات فأصبحت تشعر بأنه غريب عنها فقد جاء للدار من دار أخرى
في مدينة أخرى فجاء لدارنا لأنه كان لديه بعض المراجعات في أحد المستشفيات
ونظرا لكثرة مواعيده في تلك الفترة قرروا إبقاءه في الدار معنا كي يسهل عليه
الذهاب للمستشفى وظل معنا حتى انتقل لدار البنين ...
كنا في فترة العصر وبعد الانتهاء من استذكار دروسنا نتجه للحديقة كي نلعب فيها
حتى غروب الشمس وطبعا كنا ننتظر وقت اللعب في الحديقة بفارغ الصبر
وما إن يأتي الوقت حتى ننطلق مسرعين للحديقة عدا وجدان التي كانت
تقف أمام المرآة طويلا وأحيانا أمام الدولاب لتختار ملابس جديدة
وأحيانا تتوسل للأم أن تضع لها أحمر الشفاه أو أن تعيد لها تسريح شعرها
بطريقة مبتكرة وتخترع لها تسريحة مختلفة عنا لتبدو مميزة ....
وما أن تصل لبوابة الحديقة إلا وتجد ناصر ينتظرها أمام الباب فهو دائما
يسبقها ويستقبلها ولا يلعب أو يدخل الحديقة حتى تأتي معه ...
وكنا نلعب في الحديقة ألعابا جماعية وأحيانا كرة قدم وأي لعبة نلعبها يصران
فيها ناصر ووجدان على أن يكونا في فريق واحد أو مجموعة واحدة ....
وحين يختلف أحد مع وجدان فيضربها أو يشتمها يهرع ناصر للدفاع عنها
سواء كانت هي على حق أو حتى مخطئة فهو لا يسمح لأحد مهما كان
أن يعتدي عليها بالكلام أو الضرب ....
مرت الأيام وحان وقت الفراق , الفراق ذلك الكابوس الذي يداهمنا في أي
وقت والذي تجرعنا جميعا مرارته وتألمنا منه ...
كان الكل في الدار يعرف مدى ارتباط وجدان وناصر ببعضمها ومدى حبهما
البريء والعفوي والذي كان تحت رقابة وأعين الأمهات ....
فحين أصبح ناصر في الـ 11 أو 12 من عمره بدأ يستعد للانتقال لدار
البنين , كانت وجدان تبكي في كل وقت وكل لحظة عليه , تبكي حين
تراه يرتب حقائبه وتبكي حين ترى الحزن يكسو ملامحه لأنه سيغادرنا
وتبكي حين يعاهدها بأنه لن ينساها ولن يتخلى عنها فقال لها في يوم رحيله
سأعود حين أكبر واصطحبك معي لنعيش في بيت لوحدنا ....
مايقارب الست سنوات قضتها وجدان بقرب ناصر تلعب معه , تختلف معه
تضحك معه وتبكي معه , ست سنوات وهي تراه كل يوم بل كل وقت
وفجأة يختفي من حياتها وللأبد وقد لا تراه لآخر يوم في حياتها ....
رحل ناصر وهو متألم وبقيت وجدان وهي أيضا تتألم وأعتقد أن لسان
حالهما كان يقول كما يقول فاروق جويدة واعذروني إن كنت دوما أستشهد
بقصائد فاروق جويدة لكنني من المعجبين بقصائده والتي أشعر أنها
غالبا تعبر عما بداخلنا بصدق ....
لو أننا لم نفترق
لو أننا ...لم نفترق
لبقيت نجما في سمائك ساريا
وتركت عمرى في لهيبك يحترق
لو أننى سافرت في قمم السحاب
وعدت نهرا في ربوعك ينطلق
لكنها الأحلام تنثرنا سرابا في المدى
وتظل سرا.. في الجوانح يختنق
.................................................. .
لو أننا .. لم نفترق
كانت خطانا في ذهول تبتعد
وتشدنا أشواقنا
فنعود نمسك بالطريق المرتعد
تلقي بنا اللحظات
في صخب الزحام كأننا
جسد تناثر في جسد
جسدان في جسد نسير .. وحولنا
كانت وجوه الناس تجرى كالرياح
فلا نرى منهم احد
............................................
مازلت اذكر عندما جاء الرحيل
وصاح في عينى الأرق
وتعثرت أنفاسنا بين الضلوع
وعاد يشطرنا القلق
ورأيت عمرى في يديك
رياح صيف عابث
ورماد أحلام .. وشيئا من ورق
هذا أنا...
عمرى ورق
حلمى ورق
طفل صغير في جحيم الموج
حاصره الغرق
ضوء طريد في عيون الأفق
يطويه الشفق
نجم أضاء الكون يوما ... واحترق
.................................................. ........
لا تسألي العين الحزينة
كيف أدمتها المقل؟!
لا تسألي النجم البعيد
بأي سر قد أفل؟!
مهما توارى الحلم في عيني
وأرقني الأجل
مازلت ألمح في رماد العمر
شيئا من أمل
فغدا ستنبت في جبين الأفق
نجمات جديدة
وغدا ستورق في ليالي الحزن
أيام سعيدة
وغدا أراك على المدى
شمسا تضئ ظلام أيامي
وان كانت بعيده
لو أننا لم نفترق
حملتك في ضجر الشوارع فرحتي
والخوف يلقيني على الطرقات
تتمايل الأحلام بين عيوننا
وتغيب في صمت اللقا نبضاتي
والليل سكير يعانق كأسه
ويطوف منتشيا على الحانات
والضوء يسكب في العيون بريقه
ويهيم في خجل على الشرفات
ماكنت اعرف والرحيل يشدنا
أنى اودع مهجتي وحياتي
ماكان خوفي من وداع قد مضى
بل كان خوفي من فراق آت
لم يبقى شئ منذ كان وداعنا
غير الجراح تئن في كلماتي
لو أننا ..لم نفترق
" يتبع "
الصفحة الأخيرة
فاجتمعوا الإدارة والأخصائيات والأمهات وكل الموظفات وقالوا إنه يجب
تعليمنا الاتيكيت وأيضا كيفية التعامل مع الآخرين بلطف وأدب وما إلى ذلك
لأننا كنا نفتقد فن التعامل مع الآخرين خاصة أننا اعتدنا على تواجد الكثيرات فلم
نعد نفرق من حيث المعاملة بين الموظفات والضيفات ....
وبعد نهاية الاجتماع جاءت إحدى الأمهات عند أمي في أسرتنا فقالت لها
شفتي وش يقولون قالوا إيش قالوا بيعلمون عيال الدار التكتيت طبعا هي كانت أمية
فماكانت تعرف تنطق الكلمة لكنها كانت تفهم معناها فردت عليها أمي اي عاد والله مابقى غير
عيال الدار يتعلمون الاتيكيت لو نعلم فيهم من هنا لين السنة الجاية ما تعلموا .....
وبقي الاتيكيت لعدة أسابيع سيرة المجالس في أرجاء الدار والكل يستهجن الفكرة ويستحقرها
وفعلا بدأن الأمهات بتلقين الأبناء أصول الاتيكيت وكنا نتلقى يوميا دروس في الاتيكيت وكالعادة نسمع ولا نطبق
فحين نأكل تبدأ الأم بتنبيهنا إلى أن لا نصدر أصواتا اثناء المضغ وأن لا ننصدر إزعاجا بالملعقة والشوكة
في الصحن .....الخ وحين ينتهي الطعام ونبدأ في اللعب نتلقى نصائحا أخرى وهي أن لا نضحك بصوت
عال وأن نلعب بهدوء وأن لا نستخدم العنف في اللعب وحين يأتي زائر نتلقى النصائح أيضا فيجب
أن نتأدب مع الضيوف وأن نجعل بيننا وبينهم رسميات وأن لا نتدخل ونسألهم عما لا يخصنا
طبعا كان من عاداتنا حين نرى ضيفة جديدة أن نذهب إليها مباشرة ونسلم عليها وننطلق في الأسئلة
واستجوابها فنسألها عن اسمها وعن حياتها وعن كل شيء وأحيانا نبدي راينا في شكلها ولبسها
وكثيرا ماكنا نوقعهم في إحراج بكلامنا لذا أصبحن الأمهات يطلبون منا التزام الصمت والأدب مع الضيوف
وعدم إحراجهم بشيء في إحدى المرات جاءت ضيفتان للدار وكانتا في عمر متقارب وكالعادة
تم استجوابهما وبعد معرفة الاسم والعمر وسبب القدوم وكل شي تم سؤالهما عن صلة القرابة
كنا نردد سؤالا واحدا لكل اثنتين نراهما مع بعضهما وهو وش تقربون لبعض ؟؟؟
فقالت إحداهما أنتم وش تتوقعون ؟؟؟
فقال أسامة لها بنتك فقالت لا حرام عليك ماتشوفني قدها وين تصير بنتي وإحنا كبر بعض
فقال آخر أختك ؟؟؟ فقالت لا وين أختي ماتشوفونها ماتشبه لي , وفي النهاية قالت لنا إنهما
صديقتان لم نكن نعرف أن الأم يجب أن تكون أكبر من ابنتها لأن في الدار أمهات صغيرات وبناتهم أكبر
منهم أو في أعمارهم فكنا نظن أن الأم منالممكن أن تكون بنفس عمر بنتها أو أصغر
أيضا لم نكن نعرف جيدا معنى الأم أو الأخت وصلة القرابة .....
المهم أننا ظللنا لمدة شهور نتلقى دروس الاتيكيت ولا نستفيدمنها شيئا حتى يأس الجميع منا
وانتشرت النكات علينا في تلك الفترة حيث وجدن الأمهات شيئا يتسلين عليه وحين يجتمعن
تبدأ كل أم بسرد قصص تعليم الاتيكيت لأبنائها فإحدى الأمهات كانت تعلم بناتها كيف يرتبن أشكالهن
وشعورهن بحيث يضعن فيها الشباصات وتقول ما إن انتهت من النصائح إلا وتفاجأت بأحد الأولاد الذكور
المنصتين لها يضع في شعره من الأمام شباصة كي يكون مرتبا طبعا الابن كان من المتأخرين عقليا
انتهت تلك الدروس ولا أتذكر أننا تأثرنا بها أو تغيرنا منها ....
" يتبع "