كنت ممن شاهدوا هذا المشهد من سطح المسجد الحرام.
شاهد المشهد نفسه المئات بل الآلاف غيري. و سوف أقصه عليكم الآن .. كما كان.
دخلت مجموعة من الناس إلى المسجد الحرام قبل الصلاة و بينهم رجل لا يبدو وجهه من بعيد. لم يكن أحد منهم محرما ، و كأنهم أتوا للصلاة ، و الصلاة فقط. و عند دخولهم إلى صحن الطواف ، توجهوا إلى منطقة بعيدة عن الكعبة و جلس منهم من جلس و قام البعض بأداء ركعتي السنة.
بعد قليل دخلت مجموعة اخرى من الناس و بينهم امرأة لم يظهر منها شيء. و اتجهت هذه المجموعة إلى نفس المكان الذي اتجهت إليه المجموعة الأولى و صدف أن تركوا المرأة التي كانت معهم إلى جوار الرجل الذي جاء مع المجموعة الأخرى.
كان الرجل و المرأة قريبين من بعضهما بشكل واضح ، و مع ذلك لم يلفت ذلك نظر أحد ممن رأى المشهد. لم يظهر أي شيء غير عادي منهما ، اللهم أنهما كانا جنبا إلى جنب. و لكن عندما اقيمت الصلاة ، لم يقوما و يؤديا الصلاة مع الناس.
مرة أخرى ، لم ينكر ذلك المشهد أحد. و لعل النساء قد يصيبهن ما يمنعهن عن الصلاة ، فماذا عن الرجل ؟ و لماذا بقيا قريبين من بعضهما دون أن يحركا ساكنا ؟ لماذا لم ينتبه لذلك أهليهما ؟ لماذا لم يمنعهما مسؤولو الحرم عن الجلوس وقت الصلاة إلى جانب بعضهما البعض ؟
أسئلة كثيرة جدا جالت في خاطري ...
سألت نفسي : ماذا لو كنت أنت مكان الرجل ؟ ماذا كنت فاعلا ؟ ...
سألت نفسى : ترى ماهو شعور ذلك الرجل و قد صلى الناس و هو في مكانه إلى جانب إمرأة في المسجد الحرام ؟
و لكن الإجابة كانت في كلمة واحدة.
إنها الكلمة التي أقضت مضاجع المؤمنين و الصالحين...
إنه الأمر الذي كل عظيم بالنسبة له حقير ... و كل ضيق بالنسبة له واسع ...
... ...
إنه ... الموت
قال تعالى (كل نفس ذائقة الموت) و قال تعالى (كلا إذا بلغت التراقي و قيل من راق ؟ و ظن أنه الفراق ، و التفت الساق بالساق ، إلى ربك يومئذ المساق)
و كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يعظ رجلا اسمه عنبسة فقال : "يا عنبسة : اكثر ذكر الموت ، فإنك لا تكون في ضيق من أمرك و معيشتك فتذكر الموت إلا اتسع ذلك عليك. و لا تكون في سرور من أمرك و غبطة فتذكر الموت إلا ضيق ذلك عليك) و صدق رحمه الله.
لقد كانا ميتين .. لم ير الناس سوى جنازتين. لم يبد منهما إلا الأكفان..
جيء بهما على الأكتاف محمولين ، و وضعا جنبا إلى جنب استعدادا للصلاة عليهما ، و لذلك لم يحركا ساكنا. لم يكن المنظر يلفت انتباه أحد لأنه منظر متكرر في المسجد الحرام.
"الصلاة على الأموات يرحمكم الله"
قام الناس عندها بسبب هذين الشخصين قومة واحدة. هدأ التسبيح ، و أجلت صلاة السنة حتى ينتهي الناس من صلاة الجنازة.
"الله أكبر"
كبر الإمام و بدأ بقراءة الفاتحة.
ترى هل كانا على الصراط المستقيم ، صراط الذين انعم الله عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين ؟ نسأل الله لهما رحمة الرحمن الرحيم مالك يوم الدين.
"الله أكبر"
اللهم صلي على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.. ترى هل كانا على طريق محمد عليه الصلاة و السلام و سنته ؟ قال تعالى (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة)
"الله أكبر"
اللهم اغفر لهما و ارحمهما و عافهما و اعف عنهما ، اللهم اكرم نزلهما و وسع مدخلهما ، اللهم كفر عنهما سيئاتهما ، اللهم اغسلهما بالماء و الثلج و البرد و نقهما من ذنوبهما كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس . اللهم ابدلهما دورا خيرا من دورهما و أهلا خيرا من أهليهما. اللهم لا تحرمنا أجرهما و لا تفتنا بعدهما و اغفر لنا و لهما. اللهم اغفر لموتانا و موتا المسلمين.. اللهم اغفر للمومنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات .. برحمتك يا أرحم الراحمين ..
نقلا من منتدى السنة
هذا الموضوع مغلق.
خزامى
•
جزاك الله خير أخوي على التذكير .. وعلى الكلمات الطيبه..
قصة رائعة تحمل في طياتها معاني كثيرة......ولكن هل من متعظ ؟جزاك الله خيرا على التذكير بالموت(إن كل نفس ذائقة الموت) وشكرا
الصفحة الأخيرة