دبه تسوي ريجيم
sami74 sami74 :
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
الليبراليون الجدد.. عمالة تحت الطلب







كتب جون بي آلترمان (Jon B. Alterman) مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية الأمريكي (Center for Strategic and International Studies) مقالاً تحت هذا العنوان تحدث فيه عن تنامي الدعم الغربي لليبراليين العرب محذراً من أن تعاظم هذا الدعم سيضر الليبراليين العرب ولن يفيدهم، ومحذراً الغربيين من الرهان عليهم. ويعد هذا المقال اختصاراً لمقال آخر كان قد كتبة

أصبحت الحاجة ماسة إلى الليبراليين العرب أكثر من أي وقت مضى؛ حيث يرى فيهم بعض الغربيين الأمل والقوى القادرة على مواجهة خطر «القاعدة» لذلك يدعوهم كبار مسؤولي الحكومات في واشنطن ولندن وباريس وغيرها من العواصم الغربية إلى موائد الأكل وشرب الخمر.

لقد ازداد الدعم الغربي لليبراليين العرب، لكن يبدو أن تنامي هذا الدعم قد يحدث تأثيراً معاكساً؛ فبدلاً من أن يؤدي إلى تقويتهم فإنه سيؤدي إلى تهميشهم ووصمهم بالعمالة، بل جعل الكثيرين يتشككون في الإصلاح السياسي الذي يسعى الغرب إلى تحقيقه في المنطقة.

يعتبر اتخاذ السياسة الغربية لليبراليين العرب قاعدة انطلاق لتنفيذ سياساتها في المنطقة أمراً منطقياً؛ بالنظر إلى التجانس الموجود بين الطرفين؛ فالليبراليون العرب على مستوى تعليمي جيد، ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة، وفي بعض الأحيان يتحدثون الفرنسية أيضاً. فالساسة الغربيون يجدون الراحة في التعامل معهم وهم كذاك يحبون التعامل مع الغرب.

لكن إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا، فيجب أن نعترف أن الليبراليين العرب القدامى قد كبر سنهم وازدادت عزلتهم وتضاءل عددهـــم، ولـم يعد لهــم إلا تأثيـر محدود في مجتمعاتهم والقليل من الشرعية؛ فهم بالنسبة لمواطني بلــدانهم وبخاصـة الشبــاب منهــم لا يمثــلون أمل المستقبل، بـل يمثلــون الأفكـار الغابـرة التـي لـم تنجـح في الماضي، ولـم يعـد لديهـم القـدرة على استمالة قلوب وعقول أبناء بلدانهم.

إن اهتمام الغرب المتزايد بالليبراليين العرب يُنذر بتأزم موقفهم، ويجعلهم يوصَمون بالعمالة، ليس العمالة الهادفة إلى تحقيق الحرية والتقدم، ولكن العمالة للغرب ومساعدته في مساعيه لإضعاف وإخضاع العالم العربي. بل الأسوأ من ذلك جعلهم يتحولون إلى الغرب؛ حيث يجدون حفاوة الاستقبال تاركين بذلك مجتمعاتهم؛ لأنهم لا يجدون فيها تلك الحفاوة التي يجدونها في الغرب.

إن الناظر إلى حال الليبراليين العرب يجد أن السواد الأعظم منهم ينتظر أن تأتي الولايات المتحدة لتسلمهم مفاتيح البلاد التي يعيشون فيها؛ في الوقت الذي تقوم فيه الجماعات المحافظة بعمل برامج نشطة إبداعية مبهرة يقدمون من خلالها مجموعة من الخدمات التي تمس الحياة اليومية للمواطنين. مع هذا؛ فإن كثيراً من الليبراليين يعتقدون حتى الآن أن دورهم ينتهي بمجرد كتابة مقالة.

وإن من غير المحتمل أن يؤدي هذا الدعم المتنامي إلى انغماس هؤلاء الأشخاص في مجتمعاتهم، بل على العكس؛ فإن ذلك الدعم سيشكل حافزاً لهم لتعلم كيفية الحصول على المساعدات من الهيئات الغربية التي تقدم المعونة. وقد ذكر لي أحد أصدقائي بالإدارة الأمريكية أن نموذج المتلقين للمعونة التي تقدمها الإدارة الأمريكية هو ابن لأحد السفراء من أم ألمانية وتصادف أنه يدير منظمة أهلية. إن تقديم المساعدات إلى تلك المنظمات لا يجعلها تبدو نبتاً للوطن بل على العكس يقلل من ذلك التصور.

إن السياسة الحكيمة تقتضي تنفيذ النقاط الثلاث الأساسية التالية بدلاً من الرهان على الليبراليين العرب:

أولاً: أن نستثمر الحرية؛ وذلك بأن ندعم الحرية للجميع ليس فقط لمن يدعمون أفكارنا، بل ولمن يعارضونها. وقد يرى بعضنا أن الضغط على الحكومات العربية لإتاحة المجال أمام حرية التعبير وحرية إنشاء الجمعيات الأهلية والانضمام لها يشكل خطراً كبيراً، خاصة في ظل الحرب العالمية على الإرهاب. لكن ذلك أمر غاية في الأهمية؛ لأن تلك الحرية ستوجد سوقاً حرة تُعرض فيها كل الأفكار، وهو الأمر الذي سيمكِّن الليبراليين من كسب الدعم الشعبي بدلاً من أن يُنظَر إليهم على أنهم قد اختيروا من الغرب ليكونوا بديلاً عن القوميين والمحافظين والراديكاليين. نحن دائماً ندعي أننا نرغب في أن تقوم دولة عظمى بإدارة الشرق الأوسط كي تتيح المجال للمنافسة. إذاً لماذا لا نرحب بتلك المنافسة بين الأفكار المبنية على مبدأ تكافؤ الفرص للجميع؟

ثانياً: يجب أن نقلل من الشروط والصفات المطلوبة في المنظمات التي نقدم لها الدعم. فعدم تقديم الدعم لمنظمات تقوم بأعمال إرهابية يعد أمراً طبيعياً. لكن سياسة منع الدعم عن المنظمات التي لا تقدم الدعم لسياستنا تعتبر هزيمة لأنفسنا، وستؤدي بنا إلى العزلة، كما ستضعف من مصداقية كل من نرغب في العمل معه.

ثالثاً وأخيراً: يجب استحداث أنشطة جديدة لا تحمل ختم الإدارة الأمريكية؛ هذه الأنشطة الجديدة يمكن أن تنفذ بمشاركة من الحلفاء الأوروبيين الذين يشعر الكثير منهم بالقلق من تأزم الوضع السياسي والاجتماعي في العالم العربي. بعض الأنشطة الأخرى يمكن أن تقوم بها المنظمات الأهلية والجامعات ومؤسسات أخرى. الهدف من ذلك ليس إخفاء الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة في هذه الأنشطة، بل الهدف هو جذب قطاع كبير من المجتمعات الشرق أوسطية إلى قطاع كبير من المجتمعات الغربية.

كما يجب أن لا نتخلى عن الليبراليين العرب؛ فكثير منهم يقاتل بشجاعة في سبيل تحقيق أفكار ندعمها، والتخلي عنهم سيبعث بـرسـائل خاطئـة. لكـن فـي الوقـت نفـسه يـجب أن لا نعلق أملنا على نجاحهم؛ فالأفضل لنا أن نحقق نجاحات جزئية مع قطاع كبير من العامة بدلاُ من أن نحقق نجاحاً كبيراً مـع مجموعة مـن النخبـة المنعـزلة والتـي لا تتمتع بأي تفويض شعبي.

إننا نريد أن نروِّج للفكر التحرري بين جماهير العالم العربي الموجودة في القاهرة وبغداد وبيروت، وليس في واشنطن ولندن وباريس؛ لذلك يجب أن يأتي الدعم المقدم إليهم من حكومات تلك الدول وليس من الحكومات الغربية. وإذا نسينا ذلك فعندئذ لن نكون قد أسأنا لأنفسنا فقط، بل سنكون قد أسأنا في حقهم أيضاُ.



منقول لتعم الفائده
دبه تسوي ريجيم
الليبراليون الجدد.. عمالة تحت الطلب كتب جون بي آلترمان (Jon B. Alterman) مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية الأمريكي (Center for Strategic and International Studies) مقالاً تحت هذا العنوان تحدث فيه عن تنامي الدعم الغربي لليبراليين العرب محذراً من أن تعاظم هذا الدعم سيضر الليبراليين العرب ولن يفيدهم، ومحذراً الغربيين من الرهان عليهم. ويعد هذا المقال اختصاراً لمقال آخر كان قد كتبة أصبحت الحاجة ماسة إلى الليبراليين العرب أكثر من أي وقت مضى؛ حيث يرى فيهم بعض الغربيين الأمل والقوى القادرة على مواجهة خطر «القاعدة» لذلك يدعوهم كبار مسؤولي الحكومات في واشنطن ولندن وباريس وغيرها من العواصم الغربية إلى موائد الأكل وشرب الخمر. لقد ازداد الدعم الغربي لليبراليين العرب، لكن يبدو أن تنامي هذا الدعم قد يحدث تأثيراً معاكساً؛ فبدلاً من أن يؤدي إلى تقويتهم فإنه سيؤدي إلى تهميشهم ووصمهم بالعمالة، بل جعل الكثيرين يتشككون في الإصلاح السياسي الذي يسعى الغرب إلى تحقيقه في المنطقة. يعتبر اتخاذ السياسة الغربية لليبراليين العرب قاعدة انطلاق لتنفيذ سياساتها في المنطقة أمراً منطقياً؛ بالنظر إلى التجانس الموجود بين الطرفين؛ فالليبراليون العرب على مستوى تعليمي جيد، ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة، وفي بعض الأحيان يتحدثون الفرنسية أيضاً. فالساسة الغربيون يجدون الراحة في التعامل معهم وهم كذاك يحبون التعامل مع الغرب. لكن إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا، فيجب أن نعترف أن الليبراليين العرب القدامى قد كبر سنهم وازدادت عزلتهم وتضاءل عددهـــم، ولـم يعد لهــم إلا تأثيـر محدود في مجتمعاتهم والقليل من الشرعية؛ فهم بالنسبة لمواطني بلــدانهم وبخاصـة الشبــاب منهــم لا يمثــلون أمل المستقبل، بـل يمثلــون الأفكـار الغابـرة التـي لـم تنجـح في الماضي، ولـم يعـد لديهـم القـدرة على استمالة قلوب وعقول أبناء بلدانهم. إن اهتمام الغرب المتزايد بالليبراليين العرب يُنذر بتأزم موقفهم، ويجعلهم يوصَمون بالعمالة، ليس العمالة الهادفة إلى تحقيق الحرية والتقدم، ولكن العمالة للغرب ومساعدته في مساعيه لإضعاف وإخضاع العالم العربي. بل الأسوأ من ذلك جعلهم يتحولون إلى الغرب؛ حيث يجدون حفاوة الاستقبال تاركين بذلك مجتمعاتهم؛ لأنهم لا يجدون فيها تلك الحفاوة التي يجدونها في الغرب. إن الناظر إلى حال الليبراليين العرب يجد أن السواد الأعظم منهم ينتظر أن تأتي الولايات المتحدة لتسلمهم مفاتيح البلاد التي يعيشون فيها؛ في الوقت الذي تقوم فيه الجماعات المحافظة بعمل برامج نشطة إبداعية مبهرة يقدمون من خلالها مجموعة من الخدمات التي تمس الحياة اليومية للمواطنين. مع هذا؛ فإن كثيراً من الليبراليين يعتقدون حتى الآن أن دورهم ينتهي بمجرد كتابة مقالة. وإن من غير المحتمل أن يؤدي هذا الدعم المتنامي إلى انغماس هؤلاء الأشخاص في مجتمعاتهم، بل على العكس؛ فإن ذلك الدعم سيشكل حافزاً لهم لتعلم كيفية الحصول على المساعدات من الهيئات الغربية التي تقدم المعونة. وقد ذكر لي أحد أصدقائي بالإدارة الأمريكية أن نموذج المتلقين للمعونة التي تقدمها الإدارة الأمريكية هو ابن لأحد السفراء من أم ألمانية وتصادف أنه يدير منظمة أهلية. إن تقديم المساعدات إلى تلك المنظمات لا يجعلها تبدو نبتاً للوطن بل على العكس يقلل من ذلك التصور. إن السياسة الحكيمة تقتضي تنفيذ النقاط الثلاث الأساسية التالية بدلاً من الرهان على الليبراليين العرب: أولاً: أن نستثمر الحرية؛ وذلك بأن ندعم الحرية للجميع ليس فقط لمن يدعمون أفكارنا، بل ولمن يعارضونها. وقد يرى بعضنا أن الضغط على الحكومات العربية لإتاحة المجال أمام حرية التعبير وحرية إنشاء الجمعيات الأهلية والانضمام لها يشكل خطراً كبيراً، خاصة في ظل الحرب العالمية على الإرهاب. لكن ذلك أمر غاية في الأهمية؛ لأن تلك الحرية ستوجد سوقاً حرة تُعرض فيها كل الأفكار، وهو الأمر الذي سيمكِّن الليبراليين من كسب الدعم الشعبي بدلاً من أن يُنظَر إليهم على أنهم قد اختيروا من الغرب ليكونوا بديلاً عن القوميين والمحافظين والراديكاليين. نحن دائماً ندعي أننا نرغب في أن تقوم دولة عظمى بإدارة الشرق الأوسط كي تتيح المجال للمنافسة. إذاً لماذا لا نرحب بتلك المنافسة بين الأفكار المبنية على مبدأ تكافؤ الفرص للجميع؟ ثانياً: يجب أن نقلل من الشروط والصفات المطلوبة في المنظمات التي نقدم لها الدعم. فعدم تقديم الدعم لمنظمات تقوم بأعمال إرهابية يعد أمراً طبيعياً. لكن سياسة منع الدعم عن المنظمات التي لا تقدم الدعم لسياستنا تعتبر هزيمة لأنفسنا، وستؤدي بنا إلى العزلة، كما ستضعف من مصداقية كل من نرغب في العمل معه. ثالثاً وأخيراً: يجب استحداث أنشطة جديدة لا تحمل ختم الإدارة الأمريكية؛ هذه الأنشطة الجديدة يمكن أن تنفذ بمشاركة من الحلفاء الأوروبيين الذين يشعر الكثير منهم بالقلق من تأزم الوضع السياسي والاجتماعي في العالم العربي. بعض الأنشطة الأخرى يمكن أن تقوم بها المنظمات الأهلية والجامعات ومؤسسات أخرى. الهدف من ذلك ليس إخفاء الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة في هذه الأنشطة، بل الهدف هو جذب قطاع كبير من المجتمعات الشرق أوسطية إلى قطاع كبير من المجتمعات الغربية. كما يجب أن لا نتخلى عن الليبراليين العرب؛ فكثير منهم يقاتل بشجاعة في سبيل تحقيق أفكار ندعمها، والتخلي عنهم سيبعث بـرسـائل خاطئـة. لكـن فـي الوقـت نفـسه يـجب أن لا نعلق أملنا على نجاحهم؛ فالأفضل لنا أن نحقق نجاحات جزئية مع قطاع كبير من العامة بدلاُ من أن نحقق نجاحاً كبيراً مـع مجموعة مـن النخبـة المنعـزلة والتـي لا تتمتع بأي تفويض شعبي. إننا نريد أن نروِّج للفكر التحرري بين جماهير العالم العربي الموجودة في القاهرة وبغداد وبيروت، وليس في واشنطن ولندن وباريس؛ لذلك يجب أن يأتي الدعم المقدم إليهم من حكومات تلك الدول وليس من الحكومات الغربية. وإذا نسينا ذلك فعندئذ لن نكون قد أسأنا لأنفسنا فقط، بل سنكون قد أسأنا في حقهم أيضاُ. منقول لتعم الفائده
الليبراليون الجدد.. عمالة تحت الطلب كتب جون بي آلترمان (Jon B. Alterman)...
الليبراليون السعوديون وتكريس المكارثية






خيانة النخب والمثقفين لا تعدلها خيانة وأخطاؤهم المتعمدة ليس فوقها جريمة وانحرافهم في التهجم والتطاول ضد خصومهم جناية لا يماثلها جناية على الإطلاق لأن صاحبها فقد الشرف والنزاهة في الخصومة.


في منتصف الخمسينات الميلادية من القرن الماضي كان للسيناتور الأمريكي المشهور جوزيف مكارثي سطوة خطيرة على السياسة الأمريكية وهذه السطوة انبثق عنها فكرة المكارثية عبر لجنة متابعة النشاطات ضد أمريكا وهي المطاردة والاتهام لكل من وجد لديه شبهة تحرر أو توجه يساري أو استقلالية في إبداء الرأي وتمت محاكمة هؤلاء بتهمة الانتماء إلى الحزب الشيوعي الذي كان ولا يزال محظورا في الولايات المتحدة الأمريكية وكان لدى مكارثي أسماء كتاب وصحفيين ومفكرين وضعهم في القائمة السوداء.


وباسم الحرب على الشيوعية تم اعتقال الآلاف من المفكرين والأحرار من الكتاب والصحفيين حتى إن الكاتب المعروف توماس مان والحائز على جائزة نوبل تعرض لعمليات مضايقة واضطهاد بسبب تصنيف المكارثيين له بأنه يحمل فكرا متعاطفا مع الشيوعيين ومن هؤلاء من تمت إحالته إلى كراسي الإعدام و تصفيته جسديا.


كانت هذه الفترة فترة سيئة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وصارت المكارثية فكرة خبيثة تحارب من قبل جميع التوجهات الحرة النزيهة لما فيها من الظلم الفادح والتنكيل بالظنون ودون وجود ما يدل على ذلك.


اليوم تعود المكارثية وبصورة شبيهة للماضي لكن بأبطال جدد.


بعد أحداث التفجيرات الإرهابية في المملكة توجهت الجهود من قبل القطاع الأمني وأهل العلم والدعوة إلى محاربة هذه الأفعال والوقوف في وجهها وكانت طلائع هذا التوجه هو القضاء على عدد كبير من الأعمال وملاحقة المتهمين بارتكابها إضافة إلى قيام العلماء بدور حيوي ومباشر في التصدي للشبهات وتزييفها وقاموا بحركات تصحيح ومراجعة قوبلت بارتياح عارم في أوساط المجتمع.


هذا الأمر لم يرض الليبراليين السعوديين ولا إخوانهم من دعاة التنوير فقاموا بمهاجمة أهل العلم والدعاة إلى الله ووصفوهم بالفكر الصحوي الثوري وأنهم سبب رئيسي لهذه التفجيرات وأن الذين يفجرون هم من تلاميذهم وأصحابهم وبينهم تواطؤ واتفاق : أن يفجر هؤلاء وأولئك يدينون ويستنكرون ويشجبون وفي خضم هذه التهم أخذوا ينادون بضرورة سجن وإيقاف من لم ينكر بمثل ما يريدون هم أو تكلم بطريقة لا تروقهم ولا ترضيهم.


وأصبح الاستنكار والتنديد مرفوضا إلا إذا كان كما يريده الليبراليون والتنويريون وهو استنكار مخلوط بالشتم والقذف والتطاول على أصول الدين وقيم الشريعة النبيلة وأيضا لا بد من مزج هذا الاستنكار بالبراءة من العلماء والدعاة والقبول بالليبراليين وغيرهم من الفرق الزائغة عن الصراط المستقيم.

تجد هذه الاتهامات مبثوثة في كتابات العديد من الصحفيين والإعلاميين ومن يوصفون بالمفكرين السعوديين من أمثال عبدالرحمن الراشد وتركي الحمد وعبدالله بن بخيت وخالد الغنامي وجمال خاشقجي وحمود السالمي وعبدالله بن بجاد وحسن المالكي وعادل الطريفي وحمزة المزيني وعبد الله أبو السمح بل لا تكاد تجد صحيفة أو قناة أو إذاعة إلا وفيها يوميا مقال أو تعليق يؤكد ما أشرت إليه.


وأخذ هؤلاء يستدلون على زعمهم بأشرطة وأبحاث قديمة فيها كلام مجمل ومحتمل وينزلون تلك الاحتمالات على الواقع والحاضر ويؤكدون بهذا على أن الصحويين — كما يحلو لهم تسميتهم — هم من دعاة الإرهاب ويشكلون بأفكارهم وماضيهم نواة للعمل المسلح في داخل البلاد.


هذا التعامل المكارثي العقيم يؤكد إفلاس الليبراليين والتنويريين لأنهم خرجوا من مقابلة الحجة بالحجة والرأي بالرأي إلى توزيع التهم واجترار الماضي وممارسة الإسقاط لأخطائهم وجرائمهم على أهل العلم المعاصرين واستعداء الدولة على العلماء والدعاة واستغلال الظرف الذي تمر به البلاد لتنفيذ أجندة خاصة بهم كانوا يتربصون زمنا طويلا ويتحينون الفرصة المناسبة للعمل عليها.


أكثر هؤلاء الليبراليين والتنويريين كانوا في الماضي من دعاة الثورة والتوجهات اليسارية المنحرفة أو كانوا تكفيريين ومنهم من سجن في قضايا التنظيمات المسلحة والأحزاب المحظورة ومع ذلك فلا يتكلمون عن ماضيهم أو يشيرون إليه بينما يقبلون توبة من وافقهم في الفكر ولكنهم عندما يأتون إلى مخالفيهم من أهل العلم والدعوة فإنهم يصفونهم بالتطرف ولا يقبلون منهم قولا ولا رأيا إلا بعد أن يعلنوا تراجعهم عن أفكارهم وعلى رأس ما يطلبونه منهم هو القبول بالليبراليين والتنويريين فإن لم يفعلوا فهم من دعاة الإرهاب والمغذيين له.


حتى التنويريين لم يكونوا أحسن حظا من أولئك ومن يتتبع سيرتهم يجد لديهم الانحرافات العلمية والفكرية والسلوكية الخطيرة فمنهم من ساهم في تفجير المنشآت الحكومية ومنهم من قام بتهريب الأسلحة ومنهم من كان في تنظيمات وخلايا سرية إلى غير ذلك من الموبقات.

لماذا يتطلب من المجتمع قبول الليبراليين وتراجعاتهم ولا يقبل بأهل العلم وتراجعاتهم فيما لو أخطئوا ؟.

كان الليبراليون السعوديون في الماضي ما بين ثوريين واشتراكيين وقوميين ناصريين يساريين وسجن عدد كبير منهم بتهمة المناوئة للدولة ومنهم من شارك في خلايا كان الهدف منها القضاء على النظام الحاكم والكثير من هذه التوجهات كانت تعادي الدولة لأن الدولة تحكم بالشريعة ومع ذلك وبعد سجنهم وتغيير أفكارهم عادوا وكأن شيئا لم يكن ودخلوا في الحياة اليومية دون أي مضايقة أو دعوة إلى محاسبتهم على الماضي بل إن منهم من تم تعيينه في مناصب قيادية مما يدل على طي صفحة الماضي ونسيان الأفكار السالفة.


مثلا كان الدكتور تركي الحمد ثوريا يساريا ثم بعثيا ثم قوميا وسجن في شبابه لفترة من الزمن كما ذكر ذلك بنفسه في جريدة البلاد بتاريخ 16/7/1421 هـ ومع ما كان يؤمن به من تلك المبادئ الثورية الهدامة إلا أنه صور ماضيه وماضي رفاقه على أنهم مجموعة من المخمورين الباحثين عن الجنس والمتعة كما في رواياته وهذا الماضي الكئيب للدكتور تركي الحمد تم غض الطرف عنه وتجاهله وأعيد للواجهة مرة أخرى على أنه مفكر معتدل له آراءه وأفكاره التي يجب أن تحترم.


والشيعة أيضا كانوا يحملون توجهات مناوئة للدولة فكثير منهم انخرط في نشاط الثورة الإسلامية والعمل على تصديرها إلى الخارج لاسيما في دول الخليج ومنهم من أنشأ خلايا لتنظيم حزب الله الشيعي في المنطقة الشرقية ومنهم من شارك فعليا في حركات ثورة وعصيان مدني ومنهم من شارك في الاعتداء على الحجاج الآمنين ومنهم من خرج للخارج وأصبح معارضا يتكلم بلسان الداعي للخروج على الدولة واستقر في إيران أو العراق أو لبنان وصدر بحق الكثير من هؤلاء أحكام غيابية ثم تم تخفيفها إلى أن صدر لهم عفو ملكي خاص في عام 1412 هـ واستفاد منه عدد كبير من الشيعة.

ومع هذا الماضي الثوري المتمرد والبائس للشيعة إلا أن الليبراليين يدعون إلى ضرورة احتواء الشيعة ودمجهم في المجتمع والقبول بهم كأقلية محترمة لها حقوقها الكاملة التامة وعدم التمييز بينها وبين السنة وأقبل الليبراليون على مفكري الشيعة وأظهروا لهم الحفاوة والتكريم مع أن ماضي هؤلاء المفكرين كان ثوريا خالصا كما هو الحال مع الدكتور حسن الصفار فقد كان الصفار من دعاة الثورة ضد المملكة وممن يحملون توجهات مناوئة للدولة وله كتب معروفة للمتابعين يدعو فيها للخروج على حكام البلاد وهذه الكتب ممنوعة من التداول في الداخل.

ويمتلك الصفار أيضا موقع " شبكة راصد الإخبارية " وهو موقع شيعي يعتني بالشيعة وأخبارهم وأطروحاتهم إضافة إلى حمله لتوجهات معارضة وبصراحة للدولة كما أن الصفار مرتبط ارتباطا وثيقا بالمعارض الشيعي توفيق السيف في لندن والآخر علي الأحمد في واشنطن ويقال أن بينهم تنسيقا فيما يطرحونه ويتبنونه من مواقف وآراء ومع ذلك نجد من الليبراليين الاحتفاء والتكريم للدكتور الصفار ويعتبرونه رمزا فكريا ووطنيا يستحق التقدير مع ماضيه الثوري وحاضره المريب.


ويدعوا الليبراليون أيضا إلى القبول التام لمن يسمون بالتنويريين السعوديين وهؤلاء فئة صغيرة السن خرجت فجأة ولأكثرهم ماض تكفيري وسبق أن سجن في قضايا التفجير وتهريب الأسلحة وحصل لهم تغير مريب في فترات مجهولة كان أغلبها داخل أقبية السجون وبعد أن تخلوا عن أفكارهم السالفة تم توظيفهم في الجرائد والمجلات والقنوات الفضائية ويدفع لهم رواتب باهظة ويمنحون صفحات مفتوحة للكتابة ويمنحون أيضا ألقابا فخرية مناسبة مثل : باحث في الجماعات الإسلامية أو خبير في الشئون الإسلامية.


وللإنصاف فإن من يسمون بالتنويريين السعوديين منقسمون على أنفسهم وبينهم تنافر شديد في المواقف والآراء فمنهم المعتدل ومنهم المتطرف وهم فيما بينهم شديدو التجاذب والتباين وعندما خرج منصور النقيدان وصدح بآرائه الضالة انقسم كثير من التنويريين على أنفسهم بين راض عما طرحه النقيدان ومثرب عليه ولهؤلاء التنويريين جلسات واجتماعات دورية يحضرها نخب مختارة يتم فيها التباحث في قضايا الفكر ومستجدات الآراء كما أن لديهم مراكز بحث مدعومة من قبل بعض الجهات ولهم أيضا نفوذ في المجلات الإسلامية في إدارتها والإشراف على تحريرها وإعداد خططها اللازمة وهذا ما يفسر التغير الكبير الحاصل في بعض هذه المجلات فهم يقومون بالإعداد لأجندتهم ولكن دون ظهور أسماءهم في العلن مما يتيح لهم هامشا أعلى لبث أفكارهم دون أن ينكشف للناس أسماؤهم وبهذا يضفون عليها شرعية زائدة.


هذا القبول الكامل من الليبراليين لأنفسهم وأصحابهم ممن كانوا يوما على طريقة ثورية مناوئة للدولة وأيضا قبولهم التام للشيعة ودعوتهم إلى ضرورة دمجهم في المجتمع ومنحهم الحقوق الوطنية كاملة والغض عن ماضيهم ثم الحديث عن التنويريين واعتبارهم جزءا من الواقع بل وجعلهم رأسا في الصحافة والإعلام وغفران سيئات الماضي الموبقة كل هذه الأمور يقابلها رفض تام وإقصاء لمن يسمونهم بالصحويين فلا يملكون منابر يدافعون فيها عن أنفسهم بل وتوجه ضدهم التهم ويطالب خصومهم بضرورة سجنهم ومحاكمتهم ومنهم من طلب من الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بسجنهم ومقاضاتهم.


ولفظة الصحويين تم توسيعها لتشمل أيضا هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء كما وقع ذلك في مقالة لناهد باشطح وصفت فيه أحد فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بأنها إرهاب نفسي وفعلت مثل فعلتها ليلى الأحدب حين وصفت فتوى أخرى لأحد أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بأنه إرهاب فكري.


الأحداث الأخيرة كشفت حقيقة مهمة وهي أن الذين سعوا إلى إطفاء الفتنة واحتواء الأزمة كانوا من أهل العلم والدعوة فهم الذين قدموا المراجعات العلمية ودعوا إلى ضرورة كشف الشبه عن العقول المنحرفة وأعلنوا عن إنشاء حملات للتوعية والتبصير ومنهم من دخل إلى السجون وناقش أولئك الشباب ومنهم من قام بدور الوسيط في تسليم المطلوبين لأنفسهم واستصدروا من الدولة عفوا لمن يسلم نفسه وجميع هذه الجهود قابلها جهود أخرى من الليبراليين والتنويريين تمثلت في الهجوم على الإسلام وقيمه وتعاليمه وتوزيع التهم والتفرغ للشتم والقذف والدعوة إلى الاعتقال والتصفية.


الشفافية لدى الدعاة وأهل العلم وتفرغهم لمواجهة هذه الأحداث المروعة هو ما جعلهم مقبولين لدى الناس يثقون فيهم ويقبلون كلامهم ويرتضون حكمهم وهو أيضا ما جعل الدولة والمسئولين يثقون فيهم وفي آرائهم ويرتضونهم موجهين ومرشدين للشباب في السجون ودور الرعاية بينما لم نجد من الليبراليين ومن مشى على طريقتهم إلا انتهاز هذه الأحداث لبث القطيعة بين المسلم وبين تعاليم دينه أو تشكيكه في مناهج الدراسة ومناهج أئمة الدعوة النجدية وهذا الأمر هو ما يزيد النار اشتعالا ولا يطفئ شيئا من نار الفتنة.


وحتى الدعوات المناوئة للدولة التي أصدرها بعض المعارضين في الخارج لم يتصد لها إلا أهل العلم فقاموا بإصدار بيانات تدعو الناس إلى الالتزام بمنهج الكتاب والسنة في التعامل مع الواقع وقضايا السياسة ومعرفة حقوق الراعي والرعية دون جنوح أو بغي وكتب الشيخ سفر الحوالي — شفاه الله — بيانا مؤثرا كان له دور فاعل في ضبط الناس والرد على أولئك الداعين لإثارة الفتنة ولم نجد من الليبراليين أي أشارة أو دعم لتلك المواقف الشجاعة من العلماء مع أن لدى الليبراليين المنابر الإعلامية ولديهم مقدرات لا توجد لدى الآخرين إلا أنهم لم يصنعوا شيئا لمواجهة تلك الفتنة.


وفي أحداث العراق كان العلماء صريحين في تقييم وضعها فأيدوا المقاومة الموجهة ضد الجيوش الغازية المحتلة وفي نفس الوقت طلبوا من العراقيين أن يمارسوا اللعبة السياسية ما وجدوا لذلك فائدة وأما بالنسبة للمقاتلين من الخارج ولاسيما من المملكة فقد أعلنوا وبصراحة أنهم ضد خروج المقاتلين للعراق وهذا المنهج عرف عنهم من قديم وهو ما ظلوا يمارسونه في الأحداث الأخيرة وكان لدعواتهم تأثير واضح على تهدئة الأوضاع ووقف خروج الشباب للعراق وأما الليبراليون فقد وقفوا في صف الولايات المتحدة ضد المقاومة وشنعوا على المجاهدين تشنيعا عظيما وأصبحت جريدة الشرق الأوسط وقناة العربية من الأدوات التي يستخدمها الأمريكيون في حربهم ضد المقاومة.


وقامت أكثر الجرائد بمهاجمة بيان الـ 26 عالما وتفرغوا فترة من الزمن للطعن فيهم والتشنيع عليهم مع أن بيانهم كان واضحا صريحا ولا يتحمل أي دعوة لخروج الشباب من المملكة أو غيرها إلى العراق للقتال وتزعمت جريدة الوطن تلك الحملة حتى إنها في أحد أعدادها وفي صفحتها الأولى قامت بمهاجمة الشيخ سلمان العودة ونسجت قصة من الخيال زعمت فيها أن الشيخ يؤيد ذهاب الشباب للعراق ومع أن تلك الفترة كانت فترة عصيبة على المسلمين في العراق لاسيما في أحداث الفلوجة إلا أننا لم نجد من أولئك الكتاب أي تعاطف من المسلمين في العراق وكأن ما يحدث في العراق يحدث في دولة نائية في أقصى أطراف الأرض في الوقت الذي كتب فيه أمثال عبدالله بن بخيت مقالة عن سروال السنة ! وكتب حمود السالمي عن هزيمة المنتخب وعزا تلك الهزيمة للفكر الصحوي ! وكتب خالد الغنامي عن التحليل والنقد السينمائي !.


حينما نتحدث عن انتهازية الليبراليين أو مكارثيتهم فإننا نتحدث عن أمر معروف ويكاد يكون صورة نمطية لليبراليين في المملكة ولعل الكثيرين يتذكرون الدكتور تركي الحمد عندما خرج في إذاعة البي بي سي وأعلن فيها أن المناهج السعودية فيها ما يغذي الإرهاب ويدعو للكراهية ومثل لذلك بالجهاد وغيره وهذا الأمر وجدناه لاحقا في تقرير أمريكي معد خصيصا لمجلس الشيوخ فيه تقرير عن المناهج السعودية يذكر حرفيا ما ورد في كلام الدكتور تركي الحمد.

والدكتور الحمد لا يكاد يترك مناسبة إلا ويتهم من يسميهم بالإسلامويين بالانتهازية !! مع أن الانتهازية صفة واضحة في الحمد فلا تكاد تمر مناسبة إلا ويستغلها في الهجوم على المجتمع وعلى ثقافته التي يرى هو أنها يجب أن تكون ثقافة مرنة غير جامدة أو ثابتة ولو أننا حاكمنا أحدا على ماضيه لكان الدكتور الحمد أول من يجب أن يلغى من قائمة المؤثرين لما له من ماض ثوري.


وأصبحت القنوات الفضائية مسرحا للكثير من الليبراليين السعوديين يهاجمون فيه الدعوة النجدية ومناهج التعليم ومراكز الهيئة والمراكز الصيفية وغيرها من الجهات الخيرية.
ووصل الأمر مداه حينما قام مجموعة من هؤلاء الليبراليين بعقد اجتماعات بحضور ديبلوماسي أمريكي تمخض عنه توقيع عريضة فيها مطالب كثيرة تقوم على أسس إصلاحية ليبرالية وعمموا هذه الوثيقة وجمعوا لها تواقيع الناس ومن قرأ تلك العريضة وجد فيها الكثير من المخالف للشريعة ومن أراد الاطلاع عليها فلينظر في لائحة الاتهام الموجهة ضد الدميني ورفيقيه.


والأيام كفيلة بتسجيل ممارسات سلبية سلوكية كانت أو فكرية أشد من سابقتها لهؤلاء الليبراليين ونحن نترقب المزيد منها ما داموا يسيرون على نفس الطريق وتدعمهم أمريكا من الخلف.