um susu :

(52) سرب الحمامات يقول نبي الرحمة (ص): [الأرواح جنود مجندة . فما تعارف منها ائتلف . وما تناكر منها اختلف](مسلم). ويقول عليه الصلاة والسلام: [مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة] (البخاري). ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: [الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) (الألباني) . * * * انطلقت بِضْع حمامات من اعشاشها تبحث عن مكان أمين وظل ظليل وحَب كثير وماء وفير..لم تكن ثمة روابط كثيرة تجمع بينهن فهن من مواطن وأسراب مختلفة، ولكن جمعهن هدف البحث عن المأوى الآمن والمرتع الضامن، فانطلقن بعيدا في السماء وذهبن يستقصين ويتحرَّين. مررن بجبال شاهقات يسكنها الثلج كل حين و يكثر فيها البرق والرعد... ومررن بصحارٍ قاحلات تحرقها الشمس كل حين ويكثر فيها الجدب والقحط. ثم رأت أحداهن شجرة عملاقة وسط حقل كبير أخضر فحطت على غصن من أغصانها ونظرت حولها فوجدت الأمن والأمان ولكنها استوحشت المكان فلم تكن ثمة حمامات أُخر يشاركنها هذا النعيم.. وبعد حين حطت الى جوارها حمامة بيضاء مثلها فألفت المكان وألفت صاحبتها التي سبقتهااليه.. وتوالت بعدها نزول الحمامات الى هذه الشجرة ذات الظل الظليل والثمر الوفير.. فألِفن جميعا هذا المكان وألِفن بعضهن البعض، وتمتعن جميعا بنعيم كبير وثمر لا يبلى وظل لا ينقطع، وشكَّلن سِربا جديدا جميلا متآلفا متناغما يشد بعضه بعضا ويؤازر بعضه بعضا. * * * هذه الحمامات هن فتيات وسيدات شابات مؤمنات، من العراق والكويت والحجاز ، ومن مصر والمغرب ومن دول أخرى وبعضهن في المهجر، كن يتحرَّين عن الصحبة الصالحة في زمن صَعُبَ فيه العثور على الصحبة الصالحة الخالصة الآمنة.. ولكن.... وكما أن للثورة الإلكترونية الكونية شرورها ومفاسدها، فإن لها حسناتها وفوائدها، والقابضة على دينها يلهمها الله فتعلم عم تتحرى وكيف تتحرى وفي اي موقع آمن تحط رحالها، وكيف تُنشئ الصحبة الصالحة وكيف تستثمر الفائض من وقتها في حوار مهذب، وتناصح أمين، وتبادل للخبرات والأفكار. وهكذا حط هذا السرب المؤمن الناشد لجوار الله ورسوله في موقع لشبكة الإنترنت باسم (عالم حواء) وانشئن لهن في داخله واحة للتواصل والتناصح أسمينه (بيت الحب والإيمان) وحصًّنَّ بيتهن من تطفُّل المتطفلين، ودخول المارقين، وصرن يتذاكرن ويتدارسن معا ما يُسعدْنَ به أنفسهن وأولادهن وأزواجهن ومجتمعاتهن..ولأنهن يعلمن أن السعادة في الدنيا تكون سعادة ناقصة ومبتورة إذا لم يكن نُشدان الآخرة يشكل الثقل الأعظم والهم الأكبر في حياتهن، فإن جُلَّ اهتمام هذا السرب الجميل إنصرف الى التربية الخلقية والإيمانية المنهجية ضمن الإطار الإيماني الشامل لكتاب الله وسنة رسوله. وكم أسعدني أن تكون إبنتي وملاكي وقرة عيني من المؤتلفات في هذا السرب الجميل..حدثتني كيف أنهن تمنين أن يرى بعضهن البعض ولكن.. لأن كل واحدة منهن تسكن بلدا ولهن أسر ومسؤوليات خاصة، فإن لقائهن المادي البدني كان أمرا مستحيلا، ولكن أيضا... ولأن الله ألَّف بين أرواحهن فقد اقترحت احداهن أن يكون موعدهن قبل صلاة الفجر من كل جمعة بنصف ساعة تدعو كل واحدة منهن لزميلاتها وتذكرهن واحدة واحدة، فيكون هذا التواصل الإيماني الروحاني المبارك أجمل وأقوى وأنفع من كل تواصل مادي مجرد. وحدثتني ايضا أن إحداهن تمنت على الله أن يكون حشرهن معا ودخولهن الجنة معا، وقالت لزميلاتها إني ارى وقد تشابكت أيدينا ونحن نلبس جلابيب ناصعة البياض تخلو من كل دنس، والسرور طاغ على محيّانا فنَرِدَ على الرسول (ص) فيبش في وجوهنا ويرحب بنا واحدة واحدة ويسقينا من يده الشريفة من ماء الكوثر. والله إن المرء ليعجز كيف يعبر عن سروره وهو يرى هذه القلوب النظرة المؤمنة تتآلف حبا في الله وحبا في رسوله (ص) وحبا في دينه ومنهجه. لقد بكيت فرحا وأنا ارى هذه القلوب الغضة تنشد جوار الله وتعرف الله وتخشى الله في زمن يكون القابض على دينه كالقابض على جمر من النار... وبكيت حزنا لنفسي وانا أرى قلبي الهرم الذي يسكن جوفي لا يزال متعلقا بالدنيا، راغبا في ملذاتها، لاهيا عن ذكر الله. * * * وأنا أستعرض قصة (سرب الحمامات) خطر ببالي كيف أن السياسة الجاهلة غير الحكيمة في البلدان الإسلامية تزرع - عن قصد وعن غير قصد - الكراهية بين المسلمين وتضخم الخلافات بينهم حتى صار البعض منا يقدس الحدود المفروضة بين بلداننا – من أعدائنا - أكثر مما يقدس كتاب الله وسنة رسوله.. ثم رأيت كيف أن العمق الإيماني والتواصل الروحي لسرب الحمامات قد تغلب على هذه السياسات العرجاء فتشكل السرب من حمامات من العراق ومصر ومن بلدان أخرى لا يزال حكامها يعادي بعضهم بعضا.. وما زال الإعلام الأحمق فيها – المعلن والخفي - يغذي الخلافات بين شعوب هذه البلدان. وتحضرني هنا حكايتان.. الأولى حصلت معي إذ ركبت يوما عربة أجرة في بلد عربي ومن لهجتي عرف أنني من البلد الفلاني وإذ يعلم أن بين بلدي وبين بلد آخر خلافات صنعها حكام فاسدون، وبدون أية مقدمات صار يلعن كل أهل ذلك البلد ويسبهم ويذكر رجالهم ونسائهم بسوء.. قلت له إتق الله يارجل ما لك هل جننت؟ أليس من تسبهم وتلعنهم عربا مثلك؟ أليسوا مسلمين يؤمنون بالله ورسوله وقرآنه مثلك أو ربما أكثر منك؟ ألتفِتْ الى رزقك واتق الله في أعراض المسلمين.. فسكت وقاد العربة بهدوء الى حيث أقصد. أما الحكاية الثانية فقد حدثنيها قائم بالأعمال في سفارة دولة عربية في بلد عربي قال: في ظرف خاص اضطررت لركوب عربة أجرة وكان معي احد موظفي السفارة وجلسنا في المقعد الخلفي وتحدثنا في بعض الأمور باللهجة المحلية لبلدنا، فالتفت السائق نحونا وسألنا هل أنتما من البلد الفلاني (وذكر بلدا غير بلدنا) وأردت أن أقف على قصده من السؤال فقلت (نعم)، فأوقف العربة بشكل مفاجئ وسبنا وسب البلد الذي يظن اننا منه وأهل البلد وحكامه وطلب منا النزول فورا قائلا في عصبية مقيتة:لا يشرفني أن أقل أمثالكم في عربتي. وأضاف القائم بالأعمال يقول: لقد دهشت من هذا التصرف الأرعن ولكن عرفت انني امام إنسان جاهل بكل معنى الكلمة وكان الأسلم أن نترك العربة، ولكنني في الوقت نفسه أردت أن أعطي لهذا السائق درسا يفيده في حياته وفي مهنته، فركبنا عربة أجرة ثانية وطلبنا من السائق أن يلحق بالعربة الأولى وفي الوقت نفسه إتصلت بالجهة الأمنية المسؤولة عن أمن السفارات وأعطيتهم رقم العربة والشارع الذي نحن فيه فحضرت قوة صغيرة بسرعة فائقة واوقفت العربة ووقفنا نحن خلفهم وذكرت لهم أمام سائق العربة الأولى ما حصل بالتفصيل وقلت لهم: لقد طلبت منكم التدخل لسببين : الأول أن هذا يسيء بسمعة بلدكم وقد يعكر علاقاتكم مع البلدان الأخرى إذا استفحل هذا السلوك. والثاني قد يقود الى شجار وتصادم وعراك إذا كان الراكب رجلا جاهلا وعومل بهذا السوء. وعندما عرف السائق مناصبنا إعتذر كثيرا وطالبنا بالعفو والمسامحة.. وأراد رجال الأمن أن يوقفوه ويقودوه الى مكان آخر ولكنني رجوتهم أن يسامحوه، ثم التفتُّ الى السائق وقلت له: يا أخي أسع وراء رزقك ورزق أطفالك ودعك من هذه الحماقات. إذا كانت لك رؤى سياسية تخالف رؤية حكام بلد آخر فلا يليق بك أن تسب أهل ذلك البلد وتهينهم هكذا وهم ضيوف في بلدك. والحكايتان لا تحتاجان الى أي تعليق...!!! * * * أعود ثانية الى سرب الحمامات لأقف صاغرا ذليلا أمام هيبة المنظر، واتساع العمق الروحي والأيماني لبيتهن السعيد (بيت الحب والإيمان).. مؤمنات صالحات قانتات هدفهن الحب في الله.. وهدفهن التناصح والتآزر بينهن في كل ما يخص دينهم ودنياهم...وهدفهن التذاكر والتواصل معا من أجل ترصين عقيدتهن وصيانة أخلاقهن، وتربية أطفالهن تربية تسر معلم التربية الإيمانية الأول سيدنا وحبيبنا محمد (ص). اللهم يا قوي ويا متين، قوّي عزيمتهن وأشدد على أياديهن، اللهم بارك لهن في أرزاقهن وأزواجهن واولادهن وأعمارهن وأعمالهن الصالحات، اللهم اجعل بيوتهن جميعا بيوت علم وتقوى، اللهم اجعل لكل واحدة منهن مّلَكاً حرسا ورصدا، يحرس عقيدتهن واعراضهن وازواجهن واولادهن. اللهم بارك لهن في السنة الحسنة التي سنوها لتكون نقطة جذب لغيرهن من المسلمات، واجعل من ذلك ثواب صدقة جارية تُربي بها أعمالهن الصالحات في الدنيا وتثقل بها ميزان حسناتهن في الآخرة. اللهم وأفض عليَّ من بركة أذكارهن ودعائهن في الأسحار ما تحيي به موات قلبي، وتغفر بها سوء صنيعي، وتثبت بها قدمي على طريق منهجك القويم وهدي حبيبك ورسولك الكريم محمد (ص).. اللهم آمين. g ¯ h آخر كتابات والدي إن شاء الله تعجبكم وعاوزة اسمع تاثير المقال عليكم ، عشان اكتب لكم احاسيسي عندما قرات المقال.

(52) سرب الحمامات يقول نبي الرحمة (ص): [الأرواح جنود مجندة . فما تعارف منها ائتلف . وما...