معالم في المنهج التربوي النبوي (محمد الدويش)

الأسرة والمجتمع

1 - الصبر وطول النفس:
يسهل على الإنسان أن يتعامل مع الآلة الصماء، ويستطيع الباحث أن يصبر ويكافح في دراسة هذه الظاهرة المادية أو تلك ، لكن التعامل مع الإنسان له شأن آخر وبعد آخر ، ذلك أن الناس بشر لا يحكم تصرفاتهم ومواقفهم قانون مطرد، فتراه تارة هنا وتارة هناك، تارة يغضب ويسخط وتارة يرضى ويبسط .
ولهذا أجمع المختصون بأن الظاهرة الإنسانية ظاهرة معقدة، وأن البحث فيها تكتنفه صعوبات عدة فكيف بالتعامل المباشر مع الإنسان والسعي لتقويمه وتوجيه سلوكه .
ومن يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يرى كيف صبر وعانى .
حتى ربى هذا الجيل المبارك، كو فترة من الزمن قضاها صلى الله عليه وسلم؟ وكم هي المواقف التي واجهها صلى الله عليه وسلم ومع ذلك صبر واحتسب وكان طويل النفس بعيد النظر.
إن البشر مهما علا شأنهم فلن يصلوا إلى درجة العصمة، وهل أعلى من شأناً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهاهم يتنزل فيهم في بدر: ((لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم )) وفي أحد ((منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة)) وفي حنين ((ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)) .
وحين قسم صلى الله عليه وسلم غنائم حنين قيل له في ذلك ، فقال قولته المشهورة …. الحديث .
وكان صلى الله عليه وسلم يخطب فجاءت عير فتبعها الناس …
ومع ذلك يبقى هذا الجيل وهذا المجتمع هو القمة، وهو المثل لأعلى للناس في هذه الدنيا .
فكيف بمن دونهم بل لا يسوغ أن يقارن بهم، إن ذلك يفرض على المربي أن يكون طويل النفس صابراً عالي الهمة متفائلاً .
2 - الخطاب الخاص:
وكما كان صلى الله عليه وسلم يوجه الخطاب لعامة أصحابه، فقد كان يعتني بالخطاب الخاص لفئات خاصة من المربين .
فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم حين يصلي العيد أن يتجه إلى النساء ويخطب فيهن، كما روى ذلك ابن عباس -رضي الله عنهما- قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبل ولا بعد، ثم مال على النساء ومعه بلال فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن، فجعلت المرأة تلقي القلب والخرص(رواه البخاري ومسلم).
بل تجاوز الأمر مجرد استثمار اللقاءات العابرة. فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه- أن النساء قلن لرسول الله صلى الله عليه وسلم :غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فواعدهن يوماً فلقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان مما قال: "ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار". فقالت امرأة: واثنين فقال:"واثنين"(رواه البخاري ومسلم) .
وقد يكون الخصوص لقوم أو فئة دون غيرهم، كما فعل في غزوة حنين حين دعا الأنصار وأكد ألا يأتي غيرهم … الحديث .
2
887

هذا الموضوع مغلق.

ــــ ربا ـــ
ــــ ربا ـــ
جزاك الله خيرا اخى العزيز أبو الحسن .. وربنا يعيننا على التربية السليمة ...اللهم آمين
أم يحيى
أم يحيى
جزاكم الله خيرا أخ أبو الحسن على هذه الإشارة المهمة في التربية .

فنحن الأمهات نواجه الكثير والكثير من الصعوبات في تربية أبنائنا ،

ننسى أنهم أطفال ، وكما قيل ، إن طفولة الإنسان هي أطول طفولة من الناحية الزمنية مقارنة مع غيره من الكائنات الحية ،

فهذه الحيوانات والطيور ، تظل تحت رعاية أمها ، لفترة بسيطة جدا ، ثم ما يلبث أن يستقل هذا الصغير ويصبح مسؤولا عن حياته .

ونحن ، لا يزال أبناءنا تحت رعايتنا لمدة قد تصل الى العشرين عاما ، في زماننا هذا .

لذا كان لزاما علينا ألتحلي باقصى ما يمكننا من الصبر في التعامل معهم .

الأمر الآخر الذي ذكرتم ،
هو الفروق الفردية بين الأبناء ، فلكل منهم قدرات وطاقات ميزه الله تعالى بها عن غيره ، لذا كان على الأم أن تنتبه جيدا لهذه الفروق ، فما يصلح لهذا الولد قد لا يصلح مع ذاك ..حتى لو كانوا في سن متقاربة ،

ولا يتأتى ذلك إلا بالصبر ، وطول المتابعة ، والقراءة في الكتب التي تعنى بالتربية ، ولا مانع من كتب علم النفس بشرط استغلال ما يناسبنا كمسلمين .

ونحن كمسلمين لم نترك هملا ، خلقنا الله تعالى ودلناوهدانا ، وأرسل رسوله عليه الصلاة والسلام فلم يترك لنا أمر إلا دلنا عليه ، حتى حسدتنا بني يهود وقالوا أن نبيهم ما ترك شيئا الا وعلمهم إياه ، حتى آداب دخول الخلاء .

فليس لنا عذرا إن قصرنا أو أهملنا في رعايتهم إلا ما خرج من أيدينا .