بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال ابن كثير رحمه الله : و قُبض صلى الله عليه و سلم حين اشتد ضحى يوم الإثنين من ربيع الأول ، هذا يوم الوفاة يوم الإثنين من ربيع الأول كانت وفاة النبي عليه الصلاة و السلام ، هناك منظر بهيج عجيب ، منظر خلاب عظيم للغاية و هو نظرة الوداع ، نظرة النبي عليه الصلاة و السلام ، نظرة الوداع لصحابته رضي الله عنهم و أرضاهم ، و هذا منظر حقيقة يأخذ بالنفوس أخذا عجيبا ، و ذلكم أن النبي عليه الصلاة و السلام في اليوم الذي وافته المنية فيه يوم الإثنين و كانت و فاته في الضحى في ذلك اليوم نفسه و الناس صفوف يصلون الفجر خلف أبي بكر رضي الله عنه ، ففتح النبي عليه الصلاة و السلام الستر و أخذ ينظر الى أصحابه رضي الله عنهم نظرة وداع ، يودع صحابته الكرام في النظرة الأخيرة التي نظر اليهم فيها صلوات الله و سلامه عليه و ابتسم صلى الله عليه و سلم ، لأنه رأى منظرا مبهجا مفرحا غاية الفرح و هو : الناس في المسجد صفوف مجتمعين يؤدون فرض الله سبحانه و تعالى قائمين بهذه الفريضة العظيمة .
جاء في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي توفي فيه ، حتى إذا كان يوم الإثنين أي اليوم الذي توفي فيه صلى الله عليه و سلم و هم صفوف في الصلاة ، كشف رسول الله صلى الله عليه و سلم سِتر الحجرة فنظر الينا و هو قائم كأن وجهه ورقة مِصحف أي من بهاءه و جماله و حُسنه و ضياءه صلوات الله و سلامه عليه ، ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم ضاحكا . قال أنس : فبهِتنا و نحن في الصلاة من فرحنا بخروج رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و نكص أبو بكر رضي الله عنه على عقبيه ليَصل الصف ظنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خارج للصلاة ، فأشار اليهم صلوات الله و سلامه عليه بيده أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرخى الستر . قال : فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم من يومه ذلك .
و هذه النظرة العظيمة ينبغي أن لا تغيب عن بال المسلم المحِب الصادق في محبته لرسول الله صلوات الله و سلامه عليه ، المحب الصادق للرسول عليه الصلاة و السلام لا يُفْتقد في جماعة المسلمين ، و هذه النظرة كانت في صلاة لفجر ، و ما أكثر ما يُفتقد الناس الآن في صلاة الفجر ، و ما أكثر ما يُؤثر الناس النوم على صلاة الفجر و يسمع المنادي ينادي:
حي على الصلاة
حي على الفلاح
الصلاة خير من النوم
و يبقى نائما على فراشه .
فأين هؤلاء من اللحظات الأخيرة في حياة نبينا الكريم عليه الصلاة و السلام ؟ أين هؤلاء من النظرة الوداع التي ابتسم ضاحكا صلوات الله و سلامه عليه ؟
و كان من آخر ما سُمِع منه من وصايا ، الصلاة الصلاة و ما ملكت أيمانكم .
فأين المتهاونون بالصلاة و المفرطون فيها و المضيعون لها من هذه اللحظات الأخيرة من حياة نبينا عليه الصلاة و السلام ؟ ألا يذكرون نبيهم عليه الصلاة و السلام يُؤتى به تَخُط قدماه في الأرض من شدة الوجع حتى يقوم في الصف يصلي في آخر حياته ؟
ثم يكون الواحد معافى صحيحا لا يشتكي من علة و لا يشتكي من و جع و ينادى للصلاة فلا يجيب و لا يلبي النداء .
أين الحب الصادق ؟ و أين الإتباع الصادق لهذا النبي الكريم صلوات الله و سلامه و بركاته عليه ؟ .

مقتطف من الدرس 35 من
شرح كتاب الفصول في سيرة الرسول لابن كثير 35/50


لفضيلة الشيخ
عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر - حفظهما الله -
منقول لأخذ العبرة
جزاك الله خير