سما الرياض
سما الرياض
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . سنشرع في بداية سلسلة الأخلاق ، في كل مرة نتعرض لخلق من الأخلاق هو كيف نرسخه في أنفسنا ؟ وكيف نتعامل به ؟ وكيف نتخلق به ؟ كيف ننميه ليكون خلقا من أخلاقنا وسلوكا من سلوكياتنا في الحياة ؟ وأنا أعلم أن الكثيرين سيتساءلون لماذا الأخلاق بالذات ؟ ولمَ لا نتحدث عن السيرة أو حكايات الصحابة ؟ لماذا الأخلاق وما هي القيمة التي ستعود علينا من دراستها ؟ لذلك أنا جعلت الشريط الأول مقدمة في الأخلاق أتحدث فيها عن أهمية الأخلاق وما هو هدفنا منها ؟ في الحقيقة هناك أربعة أهداف من دراستنا لهذه السلسلة : - الهدف الأول : أن هذه الأخلاق هي الهدف الأول من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم... نعم... ، إن أول هدف من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ضبط الأخلاق أتتعجب ؟ ؟؟؟?!!!اسمع هذا الحديث " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وفكر فيه . الرسول صلى الله عليه وسلم بعث لماذا ؟ لرحمة البشر ، لخير البشر ، لصلاح البشر ، لهداية البشر ، ألم يقل الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " فكر معي في هذه الآية . تخيل لو أن مجتمعا يسوده الغش ، تسوده الكراهية ، تسوده خيانة الأمانة ، تسوده الفواحش ...، هل يكون في هذا المجتمع مكان للرحمة ؟ هل هذا مجتمع آمن ؟ هل هو مجتمع راضٍ؟ لو أن هذا المجتمع كان أفراد شركة واحدة هل ستنجح ؟ لو كان هذا المجتمع عائلة واحدة هل ستسودها الرحمة وتكون متحابة ومترابطة فيما بينها ؟ إذن هل رأيت العلاقة بين : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، و "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " يعني أنه لا رحمة بين العالمين " لا هداية ، لا صلاح ، لا اطمئنان بين مجتمع من المجتمعات إلا بشيء واحد ألا و هو " الأخلاق " . نقطة أخرى : قد تظن أن العبادات من صلاة ، صوم ، حج ، ذكر دعاء أهم من الأخلاق لكني أقول لك :- لا !!!! الأخلاق أهم . وكيف ذلك ؟ يا جماعة كل هذه العبادات هدفها الأسمى ضبط الأخلاق … فيصبح خُلُق حضرتك سوياً ومنضبطاً ، ولو فقدت عبادة من هذه العبادات ضبط الأخلاق تصبح تمارينا رياضية ليس إلا . ولنبدأ . 1. بالصلاة: يقول الله عز وجل " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " . إذن من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر أيكون قد أدى صلاته أم لا ؟ إنه لم يؤد إلا تمارينا رياضية ، ما هي قيمة الصلاة الأساسية؟؟ ما هو انعكاسها على خلقك . يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خَلقي ولم يبت قصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب " . تمعن معي ؟ ما هي العلاقة بين آداء الصلاة وتقبلها والرحمة بالأرملة ؟ هناك علاقة... إذا لم تجعلك صلاتك رحيما بالناس فأنت إذن لم تصل . ألاحظتم المعنى والعلاقة ؟؟؟ 2. الصدقة: يقول الله عز وجل " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " . هدف الصدقة والزكاة هو التزكية ، فما معنى التزكية ؟ هي التربية العميقة على حسن الخُلق ، أرأيت إذن كل آية من آيات الفرائض تجدها تخدم خُلقا معينا وتحث عليه. و أين يكمن معنى التزكية إذا تصدقت ؟ ، أنت إذا تصدقت ستتعلم الرحمة ، سترحم الضعيف ، ستتعلم الكرم ، ستكره الكــبْر. النبي أيضاً يعلمنا أن هناك صدقات أخلاقية تفوق صدقات الأموال . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، تخيل ، إذا أردت أن تتصدق وليس في جيبك مال ، تستطيع أن تبتسم في وجه أخيك وتكون بذلك قد تصدقت . " تبسمك في وجه أخيك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق صدقة ، وإرشادك للرجل الضرير صدقة ، وأعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " . أرأيتم مفهوم الصدقات ؟؟؟؟ كيف أن إرشاد الرجل لطريق يجهله صدقة ، وأن تفرغ من إنائك في إناء أخيك صدقة ، وأن تنظر لوجه أخيك المؤمن كفيفا كان أم بصيرا صدقة وهكذا . ... وأنا هدفي يا جماعة من درس اليوم أن أجعل كل واحد منكم يستشعر إرادة اغيير ما بنفسه من أعماقه ويريد أن يحسن خُلقه ، وهذه أصبحت قضية مهمة ، لم تعد القضية أن أرتدي الحجاب فقط ، وأنني عندما أرتديه أكون قد أديت كل ما علي من أوامر الدين ، لا أبداً .. إن المعنى الحقيقي لهذا الدين يكون في يندرج تحت : " أين أخلاقك من الإسلام ؟ " 3. الصيام : يقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يجهل ، وإن شاتمه أحدكم أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم " . تخيل ، أصبح يوم صيامك يوم تتجسد فيه أخلاقك ، أصبح يوما لتبيان الأخلاق ، لأنه لا يصح أن أشتم أو أتشاجر أو أفسق أو أجهل أو أن أرفع صوتي أو أجادل لأني صائم ، وصيامي هذا يجعلني مسلما على خلق. أرأيتم : إذن اكتشفنا أن الهدف من الصلاة التحلي بالأخلاق ، و الهدف من الصيام أيضا كذلك 4. الحج : يقول الله تبارك وتعالى :- " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " . الحج يا جماعة تدريب قاس على انضباط الأخلاق ، فعندما تكون قاصد الحج وأنت مستحضر النية ، صار لزاما عليك ألا تزاحم حتى و إن زاحمك أحدهم عند الطواف ، إذا شاتمك أحد فلا ترد عليه ، والمقصود هنا أقل ما يصدر من الكلام غير المقبول ، مثل " أفُ لك " مثلاً قد تحتاج منك الاستغفار وتوبة في الحج ... إنه تدريب قاس لك على مدار عشرين يوماً لضبط نفسك و ترسيخ الأخلاق فيها يتساءل الكثيرون ترى لم كان موسم الحج موسما واحد يجتمع فيه كل المسلمين ، ترى لمَ لا يحج المصريون في شهر رجب مثلاً ، واليمنيون في شهر آخر... أي أن يحج الناس كل من بلده في أوقات متفرقة فجبل عرفات راسخ بمكانه لا يتزحزح عنه ما الداعي لاجتماع الكل عليه في وقت واحد أتراه سيغير مكانه بعد هذا الموسم المحدد ؟؟؟ طبعا لا !!!! الهدف أن يجتمع الكل بتعداد الملايين من مسلمي العالم في وقت واحد و في أوج الزحام و تداعياته ، عليك أن تبرهن على تحكمك بضبط نفسك و تحليك بحسن الأخلاق ... أرأيت ما هو الهدف من الحج وأن يكون ملايين المسلمين معاً على جبل عرفات في وقت واحد ، و جميعهم يرمون الجمرات في وقت واحد ، وجميعهم في منى وجميعهم في المزدلفة... لماذا ؟ إنها رسالة تربوية مفادها : عيشوا معاً واحتكوا ببعضكم و اجعلوا الأخلاق سمتكم ستستطيعون ضبط أخلاقكم في وسط هذا المكان الضيق خلال عشرين يوما ، هل ستعود بعد ذلك وتعجز عن ضبط أخلاقك مع أبيك وأمك ويعلو صوتك ؟ مع جيرانك وفي بيتك ؟ أرأيتم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ما معناها ؟ وإن ضبط الأخلاق أول وأهم هدف من البعثة المحمدية . - بعض الناس تظن أن أهم شيء في الدين أن يتعلم المسلم ، يحفظ القرآن يتعلم أمور الفقه وعلم المواريث و … و … و لكن و لكن أين أخلاقك ؟ يقول إنها في المقام الثاني ، لا ...أبداً ، اقرؤوا معي هذه الآية والتي وردت على لسان سيدنا إبراهيم " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" . البقرة الآية 129ولاحظ معي هنا الترتيب :- أن يأتي رسول من هذه الأمة : ليتلو عليهم الوحي ويعلمهم ، ويحسن أخلاقهم ( يزكيهم ) . هذه الآية أتت في القرآن 4 مرات ، مرة على لسان سيدنا إبراهيم وثلاث مرات على لسان الله عز وجل ، وهذه المرات الثلاث على لسان الله كان الترتيب فيها مختلفا ، يقول الله عز وجل :" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "البقرة(151) لاحظت الترتيب هنا : سيدنا إبراهيم عندما دعا طلب العلم أولاً ثم التزكية لكن الله عز وجل ذكر التزكية أولاً أي أن الأخلاق هي التي تتصدر الأمر . ما هي قيمة مسلم حفظ القرآن وليس بصادق ، ما هي قيمة علم دون خلق كل هذا لا يساوي شيئا . إذن هل ندرك قيمة الخلق هل نتحلى بها و نعيش بها و هل هدفنا الأول من دراستنا لهذه السلسلة " هو ضبط الأخلاق " . الهدف الثاني : - إن هناك انفصالا شديدا لدينا بين الأخلاق والعبادات ، بين الدين والحياة ، داخل المسجد يكون منضبطا ...الحجاب الشرعي والصلاة يؤديان على أكمل وجه ، خارج المسجد تصبح شخصا آخرا ...إذن أين الأخلاق ؟ ستجيب : مادامت العبادات منتظمة فلا أهمية للأخلاق !!!! الحياة شيء ، والدين و تأدية العبادات شيء آخر ، خطأ يا جماعة ، هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء الإسلام وحدة واحدة ، كل متكامل ، وينتج عن هذا الفصل الصارخ نوعان من البشر : الأول : عابد سيئ الخلق ، والثاني : حسن الخلق سيئ العبادة . نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام في شيء إذن هدفنا من هذه السلسلة يا جماعة أن نكون عباد ذوي أخلاق حسنة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ، قال : من لا يأمن جاره بوائقه " . لاحظوا كم أنّ الإيمان مرتبط بالأخلاق ، مثال : المرأة التي نشرت ثيابها المغسولة مبتلة فوق ثياب جارتها و هي جافة ، كتب عليها ملك الشمال سيئة . نعم سيئة كتبت عليك ، هل فكرت فيها من قبل ؟ هل خطرت على بالك من قبل من ترك سيارته أمام مستودع جيرانه وذهب ليصلي ركعتين أتراها قد قبلت صلاته ؟ نحن هنا وقعنا في خطأ يقلل من ثواب حضورنا لهذا الدرس ، جميعنا هنا ترك سيارته أمام باب المسجد لأنه يريد أن يوفر على نفسه عناء المسير إلى سيارته التي أودعها مكانا يبعد عن المسجد بعد خروجه ، ما ذنب الجيران و أهل المنطقة هنا ؟؟؟، كلنا يحسب أنه على صواب فنحن في بيت الله نتدارس ونتعبد ، كلا أبداً نحن مخطئون أرأيتم إننا نفعل أشياء كثيرة خاطئة ونظن أن ليس لها علاقة بالإسلام ...لا ،أبدا الإيمان والأخلاق شيء واحد . .. كل لا يتجزأ جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها ، قال : هي في النار ، تخيل يقال أنها تذكر : أي انتشر صيتها من كثرة الصيام والصلاة والصدقة وفي مدينة النبي ، ولكنه قال : هي في النار . ثم ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها لا تؤذي جيرانها ، قال : هي في الجنة . بالمناسبة هي ليست دعوة للإقلال من الصلاة نحن لا نريد إصلاح شيء على حساب الآخر ، نحن نريد الانضباط في الاثنين معا نريد الموازنة . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم :- " إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتركه الناس اتقاء شره " تخيل !!!! نجد الأب يحذر ابنه إياك أن تلمس أو تضرب ابن هذه الجارة لأنها " ستجمع علينا أهل البناية إذا ما فعلت " و تتسبب في مشكلة نحن في غنى عنها . أما عن حجابها فهو شرعي ما شاء الله ، ما قيمة هذا الحجاب و الناس تتجنبك اتقاء لشرك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " الإيمان بضع وسبعون شعبة – أو وستون شعبة – أعلاها " لا إله إلا الله " ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، فما قولك فيمن فتح شباك سيارته وأخرج بقايا ما كان يأكله وألقى بها في الشارع ، ومن أخرجت لبانة من فمها وألقت بها على الأرض في الشارع ، هل تصدق أنك بذلك قد فقدت شعبة من إيمانك ، فعلا قد فقدتها ... أنت مطالب بإماطة الأذى عن الطريق ويكون ذلك من دلائل إيمانك ، فماذا عمن يفعل العكس...ما بالك بمن تطلب من ابنها أن ينزل مبكراً ليلقي بالقمامة في الشارع قبل أن يستيقظ الجيران ، ترى هل صلت الفجر ؟ و إن صلته أين صلاتها مما فعلت ...؟؟ إننا نريد أن نسترجع العلاقة بين الإيمان والأخلاق ، و نرسخها فتعتبر آثما إذا ما ارتكبت خطأ أخلاقيا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعاً ، إذا رفع أحدهما ، رفع الآخر " . الحياء والإيمان يا جماعة ، ما أوطد العلاقة بينهما مثلا : طالبة بالجامعة تقهقه ضاحكة بأعلى صوتها " أين حياؤها ؟ " و إذا ما أذن لصلاة الظهر تدخل المسجد لتصلي و قد تبكي من فرط الخشوع في صلاتها . الحياء والإيمان قرناء جميعاً . إذن تريد أن تعرف مستوى قوة إيمانك ، أخبرني ما مستوى تخلقك أخبرك إن كنت قريبا من الله أو بعيدا عنه ؟ وهذا ما نريد أن نؤصله بداخلنا ونخرج به من هذه السلسلة . مثال : من خرج بسيارته ويعلم أن ليس بها بنزين كاف وصعد بها الجسر فتعطلت لاستنفاذها ما كان بها من وقود فكان سببا في توقف الكثيرين وسط الطريق هل هو ( آثم ) نعم هو آثم. ولا تقل لي أن ليس لذلك علاقة بالدين ، لا ، إنه لب الدين ، أرأيتم إلى أي درجة نحن بحاجة لتصحيح مفاهيمنا ؟ كما أننا بحاجة لتغيير سلوكيات كثيرة هي من صحيح الإيمان . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في تصحيحه لمفهوم خاطئ لدينا عن الإفلاس . أتدرون ما المفلس ، قالوا : من لا درهم له ولا متاع قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، حتى إذا فنيت حسناته ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " . - أرأيتم ؟؟؟ أتمعنتم المقصود ؟؟؟ ، لذلك إذا دققنا في القرآن اكتشفنا شيء عجيب ، كلما تحدث الله عن صفات المؤمنين ، وجدت أن ترتيب الصفات في سياق الحديث صفة أخلاقية بعدها صفة عبادية ، أخلاق = عبادة = أخلاق = عبادة . مثال : في سورة –المؤمنون- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) أرأيتم كيف تكون صفات المؤمنين خلق وعبادة وتأمل الآية جيداً وبالاثنين معاً يكون المؤمنون . مثال آخر تأمل الآيات التالية من سورة الفرقان: " وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63)" -(خُلُق)- "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) "-( عبادة )-"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)" "إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(66)" -( عبادة )- "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67)" وفي سورة الماعون : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7) " ما الذي أتى بـ " الماعون " بعد ترك الصلاة ؟ إنه التكامل في فهم الإيمان ونحن نريد أن نكون كذلك وهدفنا كل مرة سيكون كذلك . إذن ما هي الأخلاق التي سنتناولها ؟ التواضع: كيف أكون متواضعا ، وما هي صفات المتواضعين ، سيد المتواضعين صلى الله عليه وسلم " كيف كان ؟ الحـــلم: كيف نتعلمه ونتدرب عليه ؟ الهدف الثالث : أن نكون قوما عمليين ، ماذا يعني هذا ؟ هناك أناس مدمنو دروس ، طوال الأسبوع يحضر يوما هنا و يوما هناك وهكذا .لكن ماذا استفدت ؟ نحن نحفظ الدروس بطريقة ممتازة...و لكن اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم . كفانا سماع ولنبدأ في التطبيق ، كل أسبوع سنتواصى بخلق معين نأخذه معاً ثم نطبقه طوال الأسبوع . الهدف الرابع : إننا نريد أن نخرج لمجتمعنا وبلدنا أناس متميزين حسني الأخلاق ونريد أن نبلغ رسالة : من أين يأتي المميزون ؟ من المسجد؟ ، من أين تستفيد المجتمعات والدول ؟ من نماذج خرجوا من المساجد صالحين – أمناء – مخلصين – عباد – يتقنون أعمالهم – صادقون – يحبون بلادهم. إذا ظهرت هذه النماذج سيختفي النموذج المشوه الذي ذكرناه قبل قليل " عابد سيئ الخلق ، نفتن الناس ونغريهم بعبادتنا ثم نفتنهم بسوء أخلاقنا ، فيسألون قائلين ، أنت تريدني أن أكون مثل هذا المتدين الذي يصلي لكنه ينام طوال النهار بالعمل؟؟ لا ، لا أريد أن أكون مثله . كلنا لدينا أخطاء في السلوك نريد أن نضبطها معاً من خلال هذه السلسلة . و كانت هذه أهداف دراستنا لهذه السلسلة . والآن دعونا نعلم فضل حسن الخلق : وستستغربون كثيرا و تتعجبون .ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق " . أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة ليست الصلاة ولا الزكاة ولكنه حسن الخلق – ألا تتشوق لتحسين خلقك بعد كل ما سمعت و بعد هذا الثواب العظيم . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً " . ويقول " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " أترون كيف تسير الأحاديث تمعنوا العبارات " أثقل – أحسن – أكمل " . أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً حتى ولو كانت معلوماته الدينية أقل حتى و إن كانت عباداته ما تزال محتاجة لضبط . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم خلقاً ".يقول أيضاً : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق " . جاء وفد لنبي الله صلى الله عليه وسلم : " وسألوا النبي : من أحب عباد الله إلى الله ؟ قال : أحسنه خلقاً " . أرأيت أهمية أن تحسن أخلاقك ، وإن لم تدرك ذلك فاعلم أنك تسير في اتجاه آخر ...تريد أن تحفظ القرآن ، وأن تدرس علوم الدين .. كل هذا مهم وسنتدارسه سوياً ، لكن أيــــن أنت من تحسين أخلاقك؟؟؟و قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له: " ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ، ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله : قال أحسنكم خلقاً " . ويقول أيضاً : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " ولذلك من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم اهدني بأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت " . أرأيتم حرص النبي ، وهو الذي قال عنه الله عز وجل " وإنك لعلى خلق عظيم " فإذا نظر للمرآة قال : " اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلُقي " ، أرأيت حرصه وإصراره ، هل أنت على سنته سائر و تدعو بهذا الدعاء ، لا أنت حينما تنظر للمرآة تنشغل بشيء آخر بجمالك فترى أن ليس هناك من يضاهيك جمالا و أناقة … يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم – أي ضامن – ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " تخيل !!! النبي صلى الله عليه وسلم يضمن لك بنفسه بيتا في أعلى الجنة ، ألن تبحث عما سيكون لك سببا في حصولك عليه ؟ سأخبركم بشيء و لا تغضبوا مني؟؟ ، إننا نستسهل الأمور – نبحث عما يكون سهلا لنفعله (نصلي – نقرأ القرآن – نلقي السلام بعبارة - السلام عليكم- في الهاتف) و نشكر بعضنا بعبارة -جزاكم الله خيرا-ً ، نلبس الحجاب .. وأصبحنا متدينين بسهولة ، لكن من الصعب علينا أن نضبط أخلاقنا من الصميم . إننا نبحث عن أسهل الطرق لنكون ملتزمين ولكن أين الأخلاق ؟ أين أخلاق الملتزمين . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم ببسطة الوجه وحسن الخلق .تريد أن تفوز بحب الناس ؟؟ ، اجعل وجهك بشوشا وحسن أخلاقك .هل ترسخ بأنفسنا و تجسد بأعمالنا حسن الخلق ؟. أريد أن أطرح عليكم سؤالا : هل أن الأخلاق قابلة للتغيير أم أن هذا مستحيل ؟؟ هل من الممكن أن يصبح البخيل كريما؟؟ ، أم أن ذلك شيئ غير قابل للتغيير ؟؟هل كتب بجيناته الوراثية ، أنه بخيل و لن يكون إلا كذلك ؟؟هل من الممكن أن يصبح العصبي حليماً بالناس ؟؟، هل يمكن أن تتحول فتاة لا تستحي في تعاملاتها إلى فتاة حييّة ؟ هل التغيير ممكن أم لا ؟. يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر " . يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير ، وإياك أن تحسب أنك غير مؤهل للتغيير ... أبداً والله ...يا جماعة كثـــُـر هم الذين تغيروا بعدما التزموا بدينهم فتتعجب كيف أصبح فلان هادئاً هكذا بعد أن كان لا يطاق . كيف ذلك ؟؟بكل بساطة لقد اختار لنفسه حديث النبي صلى الله عليه و سلم " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر.." إذن فالطبائع قابلة للتغيير ، وإلا فلماذا نحن هنا نتحدث ونتدارس عن حسن الخلق إذا لم يكن الحال كذلك .. سأضرب لكم مثلا : النفس مثل الطفل يخلق ناقصا فينمو ويكتمل بالغذاء ، النفس كذلك تكتمل وتنضج ، فكما أن البدن الضعيف العليل يتجرع الدواء ويتحمل مرارته ليقوى و يشفى ... النفس أيضا تصيبها أسقام تتمثل في الأخلاق السيئة ) محتاجة لمجاهدة وصبر . أنا أقول لك هذا الكلام حتى تأتي المرة القادمة وأنت على استعداد وعلى يقين تام أن نفسك وأخلاقك قابلتان للتغيير بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم وطبقاً لقاعدة أن نفسك مثل بدنك ... فالسمين ينحف إذا ما اتبع نظام حمية قاس ويصبر أمام شهيته و يقاوم حبه لأكلة مفضلة كذلك الكاذب إذا ما جاهد نفسه و قاوم سوء خلقه صار صادقا مثل ذاك الذي قاوم السمنة ... ضعيف البنية يداوم على تمارين كثيرة يجري ، يعود نفسه على تمارين يومية و يظل على تلك الحال يوما بعد يوم و يتحمل ويبذل جهدا حتى يصبح ذا لياقة كذلك النفس تتعلم فضائل الأخلاق بالتربية ، بالصبر ، بالمجاهدة . إذن هلا بادرنا بنية التغيير ؟ هناك من يتساءل كيف لي أن أعرف عيوب نفسي ؟ كيف أعرف أن لدي أخلاق سيئة وأريد تحسينها ؟ تريد معرفة ذلك إليك أربع نقاط تمكنك من ذلك : 1- من صديق ناصح ( صاحب الصالحين ) . 2- من عدوك ( اسمع أعدائك )، اسمعي ما تقول عنك فتاة تغار منك ... اسمع ما يردده عنك خصمك في العمل ... وإياك أن تصم أذنيك لربما قال شيء سيفيدك . 3- حضور مثل هذا الدرس . 4- أن تدرس وتعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم . و النقطة الأخيرة أهم النقاط كلها ...من أكمل الناس أخلاقاً ؟ النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه سبحانه و تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) " –سورة القلم- ،هل تريد أن تبلغ مبلغ الفضيلة من الأخلاق ، اسمع عن تواضع النبي صلى الله عليه و سلم ، عن حلمه ، عن معاملته للنساء ، وتعلم ...تعلم من كل ذلك. و لذلك سنستشهد بأخلاق النبي وأفعاله في كل الدروس القادمة و في كل خلق سنتدارسه . يقول الله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) " –سورة الأحزاب-هل تعلمون لماذا ؟ لأن الله عز وجل جمع في الـ 23 سنة فترة بعثة النبي كل ما يحتاجه المرء في حياته حتى يوم القيامة ، إنك لن تستطيع أن تقتدي بأي نبي آخر مثل محمد صلى الله عليه وسلم .تستطيع أن تقتدي بكل نبي في صفة معينة ، فقد كان سيدنا عيسى عليه السلام شابا عازبا مجاهدا لنفسه زاهدا في الدنيا . لكن أتستطيع أن تجد فيه ما تقتدي به إذا ما تزوجت ؟ طبعا لا لأنه لم يتزوج ...... أتستطيع أن تقتدي به كأب ؟؟، كجد ؟؟ ...لا ، كيف كان يعامل زوجاته ؟؟ لا تستطيع الاقتداء بسيدنا سليمان كحاكم غني شاكر متصدق........ لكن هل تستطيع الاقتداء به كفقير صابر؟؟؟... من الذي كان فقيراً وغنيا؟؟ ؟ من الذي كان قوياً وضعيفا؟؟ ؟ من الذي كان حاكماً ومحكوماً ؟؟؟ من الذي كان أباً وجداً؟؟ ؟ من الذي كان عازبا ؟؟ لذلك قال تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " . و في خضم حديثنا عن الأخلاق لابد وأن نغوص في سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و نتتبع صفاته فهو النبي الوحيد الذي ليس له خصوصية تخفى ...نعلم عنه كل شيء ، عن علاقاته بزوجاته و بم اتسمت ؟ داخل بيته...، وهو نائم في فراشه .. ليست هناك أي جزئية في حياته تعد خصوصية لم يطلع أحد عليها أو تعد جانبا مظلما مبهما ... لذلك سأختم هذا الدرس بنقطة وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأننا إذا طالبنا باقتفاء أثر ه صلى الله عليه و سلم فيما عرف عنه من أخلاق دون وجود تعلق به و حب خاص صادق له ، عندها للأسف لن يعدوه قدوتهم ...لن يستشعروا قوة ما سيقال لهم لذلك رأيت أن نغرس في قلوبنا محبة النبي صلى الله عليه وسلم غرسا فيكون ذلك مدخلنا للأخلاق في أحاديثنا اللاحقة . لأنه على قدر محبتك للنبي ستقتدي بأخلاقه . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وماله " . وأنا أروي هذا الحديث ،مرّر الثلاثة بقلبك، وأخبرني هل النبي فعلاً أحب إليك منهم ، هل نحن متعلقون به صلى الله عليه وسلم بهذه الشدة و محبون و مفضلون له . - يقول الله عز وجل " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) " . سورة التوبة الأية 24.اعتبر الله أن من يحب هؤلاء – مع ملاحظة أن جميعهم حلال – أكثر من الله والرسول فاسق ... تخيلوا ... يروي عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا بعض أصحابه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ومشى ، يقول عمر : وجدت نفسي أقول والله يا رسول الله إني أحبك ، فقال له النبي : أكثر من ولدك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من أهلك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من مالك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من نفسك يا عمر ؟ قال : لا ، - لقد كان عمر صادقا من البداية - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر ، لا يكمل إيمانك حتى أكون أحب إليك من نفسك يقول عمر : فخرجت وفكرت ثم عدت لأهتف بها : والله يا رسول الله أنت أحب إلى من نفسي ، فقال رسول الله : الآن يا عمر – أي الآن اكتمل إيمانك الآن ، فقال عبد الله بن عمر ، يا أبت ماذا فعلت بنفسك لقد خرجت لدقائق وعدت ( هل تملك مفتاحا لقلبك ) ، فقال : يا بني خرجت فسألت نفسي من أحتاج يوم القيامة نفسي أكثر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت حاجتي إليه أكثر من حاجتي لنفسي ، وتذكرت كيف كنت في الصراط وما أنقذني إلا هو ، أنقذني الله به ، فأحببته أكثر من نفسي ، فقال عبد الله بن عمر : يا أبت إن نسيت كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما هو الشيء الذي لا تنساه أبداً ؟ فقال : إن نسيت ما نسيت لا أنسى يوم أن ذهبت إليه أقول : ائذن لي أن أخرج إلى العمرة يا رسول الله ، فقال : لا تنساني يا أخي من صالح دعاؤك ، يقول عبد الله بن عمر : فوالله لا أنسى هذه الكلمة أبداً.يقول أبو بكر الصديق يصف حبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : كنا في الهجرة ونحن عطشى ، فجئت بمرقة لبن – القليل من اللبن – فقلت لرسول الله : اشرب يا رسول الله ، فيقول فشرب النبي حتى ارتويت – أنا – أترون الحب ، أترون التعلق بنبي الله صلى الله عليه وسلم . دخل النبي صلى الله عليه وسلم على " ثوبان " خادمه وكان غائباً طوال اليوم فقال له ثوبان : أوحشتني يا رسول الله - أترون قوة التعلق – ترى عندما يذهب أحدكم للحج أو العمرة هل سيقف أمام قبر النبي ويقول له أوحشتني يا رسول الله من قلبه ؟ أنا أعرف رجلا كان يتحدث في مؤتمر فقال ( محمد بن عبد الله ) مجردة هكذا ، فأدى عمرة خصيصاً ليعتذر له . عندما دخل النبي صلى الله عليه و سلم على " ثوبان " وجده يبكي فقال : ما يبكيك يا ثوبان ، قال : أوحشتني ، قال : أهذا ما يبكيك ؟ قال : لا يا رسول الله ، قال فما الذي يبكيك ؟ قال : تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة في الجنة ، وأنى لا أكون معك في الجنة فقال له النبي : يا ثوبان الرجل يحشر مع من أحب . – تريد أن تعلم مكانك في الجنة في قاع الجنة أم في عدن أم في الفردوس انظر إلى درجة حبك للنبي وتعلقك به . سيدنا أبو بكر الصديق يوم إسلام أبيه " أبو قحافة " يوم فتح مكة – وقد أسلم متأخرا جداً بعد أن أصبح عجوزا و فقد البصر – فأخذه أبو بكر وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليم وسلم ليعلن إسلامه فقال له رسول الله : يا أبا بكر هل تركت الشيخ في بيته وذهبنا نحن إليه ؟ فقال أبو بكر : أنت أحق أن يأتي إليك يا رسول الله ، فأسلم أبو قحافة ، فبكى أبو بكر من فرحته ، فقالوا له : هذا يوم فرح ، أبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك ؟ قال أبكي : لأني أحب أن الذي يبايع النبي الآن أبو طالب وليس أبي لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر . فتخيل مدى العلاقة والحب ، إن فرحتي لفرحة النبي أكبر من فرحتي بأبي، أين نحن من هذا الحب ؟ ومن هذا التعلق ؟؟؟فهذا جذع شجرة يحب النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان النبي يخطب في مسجده من على جذع شجرة قبل أن يقام منبره حتى تراه الناس ، فعندما بنوا له المنبر ترك الجذع وأصبح يخطب من على المنبر ، فسمعنا للجذع أنينا – كما يقول الصحابة – لفراق النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم ينزل من على المنبر ويمسح على الجذع ويقول له : ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة ؟ فسكن الجذع .. هو موجود بمكانه حتى اليوم ، في الروضة أمام المنبر مدفون هناك . الجذع نطق وشعر بحلاوة قرب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بعيدون. سيدنا " سواد " يقف يوم غزوة بدر في وسط الجيش – وهو صحابي سمين – فيقول النبي استووا ( استقيموا ) فيذهب النبي ليجد سيدنا سواد يخرج عن الصف قليلاً فقال استو يا سواد فقال : نعم يا رسول الله ، فالتفت النبي وعاد فوجد " سواد " ما زال غير مستو ، فجاء النبي بسواك ونخزه في بطنه وقال : استو يا " سواد " – فنحن في وقت معركة والأمر جدي – قال : أوجعتني يا رسول الله ، فكشف النبي عن بطنه وقال : اقتص يا سواد ، اقتص يا سواد ، فانكب سيدنا سواد على بطن النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها يقول : هذا ما أردت هذا ما أردت ، فيقول له النبي وما حملك على هذا يا سواد ؟ فيقول : يا رسول الله أظن أن اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر عهدي بالدنيا ملاصقة جسدي لجسدك . صلى الله عليه وسلم . صلى الله عليه وسلم ...صلى الله على محمد صلى الله عليه و سلم صلوا عليه و سلموا تسليما
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده...
مشكورة يازملكاوية
هذا فعلا مانحن بحاجة اليه
جزاك الله خيرا
وجزى الله الشيخ عمرو خالد على كل مايقوم به
وياااااارب يجعلها في ميزان حسناته
لو عندنا الكثير من عمرو خالد كان الدنيا بخير
فديت روحه
فديت روحه
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . سنشرع في بداية سلسلة الأخلاق ، في كل مرة نتعرض لخلق من الأخلاق هو كيف نرسخه في أنفسنا ؟ وكيف نتعامل به ؟ وكيف نتخلق به ؟ كيف ننميه ليكون خلقا من أخلاقنا وسلوكا من سلوكياتنا في الحياة ؟ وأنا أعلم أن الكثيرين سيتساءلون لماذا الأخلاق بالذات ؟ ولمَ لا نتحدث عن السيرة أو حكايات الصحابة ؟ لماذا الأخلاق وما هي القيمة التي ستعود علينا من دراستها ؟ لذلك أنا جعلت الشريط الأول مقدمة في الأخلاق أتحدث فيها عن أهمية الأخلاق وما هو هدفنا منها ؟ في الحقيقة هناك أربعة أهداف من دراستنا لهذه السلسلة : - الهدف الأول : أن هذه الأخلاق هي الهدف الأول من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم... نعم... ، إن أول هدف من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ضبط الأخلاق أتتعجب ؟ ؟؟؟?!!!اسمع هذا الحديث " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وفكر فيه . الرسول صلى الله عليه وسلم بعث لماذا ؟ لرحمة البشر ، لخير البشر ، لصلاح البشر ، لهداية البشر ، ألم يقل الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " فكر معي في هذه الآية . تخيل لو أن مجتمعا يسوده الغش ، تسوده الكراهية ، تسوده خيانة الأمانة ، تسوده الفواحش ...، هل يكون في هذا المجتمع مكان للرحمة ؟ هل هذا مجتمع آمن ؟ هل هو مجتمع راضٍ؟ لو أن هذا المجتمع كان أفراد شركة واحدة هل ستنجح ؟ لو كان هذا المجتمع عائلة واحدة هل ستسودها الرحمة وتكون متحابة ومترابطة فيما بينها ؟ إذن هل رأيت العلاقة بين : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، و "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " يعني أنه لا رحمة بين العالمين " لا هداية ، لا صلاح ، لا اطمئنان بين مجتمع من المجتمعات إلا بشيء واحد ألا و هو " الأخلاق " . نقطة أخرى : قد تظن أن العبادات من صلاة ، صوم ، حج ، ذكر دعاء أهم من الأخلاق لكني أقول لك :- لا !!!! الأخلاق أهم . وكيف ذلك ؟ يا جماعة كل هذه العبادات هدفها الأسمى ضبط الأخلاق … فيصبح خُلُق حضرتك سوياً ومنضبطاً ، ولو فقدت عبادة من هذه العبادات ضبط الأخلاق تصبح تمارينا رياضية ليس إلا . ولنبدأ . 1. بالصلاة: يقول الله عز وجل " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " . إذن من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر أيكون قد أدى صلاته أم لا ؟ إنه لم يؤد إلا تمارينا رياضية ، ما هي قيمة الصلاة الأساسية؟؟ ما هو انعكاسها على خلقك . يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خَلقي ولم يبت قصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب " . تمعن معي ؟ ما هي العلاقة بين آداء الصلاة وتقبلها والرحمة بالأرملة ؟ هناك علاقة... إذا لم تجعلك صلاتك رحيما بالناس فأنت إذن لم تصل . ألاحظتم المعنى والعلاقة ؟؟؟ 2. الصدقة: يقول الله عز وجل " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " . هدف الصدقة والزكاة هو التزكية ، فما معنى التزكية ؟ هي التربية العميقة على حسن الخُلق ، أرأيت إذن كل آية من آيات الفرائض تجدها تخدم خُلقا معينا وتحث عليه. و أين يكمن معنى التزكية إذا تصدقت ؟ ، أنت إذا تصدقت ستتعلم الرحمة ، سترحم الضعيف ، ستتعلم الكرم ، ستكره الكــبْر. النبي أيضاً يعلمنا أن هناك صدقات أخلاقية تفوق صدقات الأموال . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، تخيل ، إذا أردت أن تتصدق وليس في جيبك مال ، تستطيع أن تبتسم في وجه أخيك وتكون بذلك قد تصدقت . " تبسمك في وجه أخيك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق صدقة ، وإرشادك للرجل الضرير صدقة ، وأعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " . أرأيتم مفهوم الصدقات ؟؟؟؟ كيف أن إرشاد الرجل لطريق يجهله صدقة ، وأن تفرغ من إنائك في إناء أخيك صدقة ، وأن تنظر لوجه أخيك المؤمن كفيفا كان أم بصيرا صدقة وهكذا . ... وأنا هدفي يا جماعة من درس اليوم أن أجعل كل واحد منكم يستشعر إرادة اغيير ما بنفسه من أعماقه ويريد أن يحسن خُلقه ، وهذه أصبحت قضية مهمة ، لم تعد القضية أن أرتدي الحجاب فقط ، وأنني عندما أرتديه أكون قد أديت كل ما علي من أوامر الدين ، لا أبداً .. إن المعنى الحقيقي لهذا الدين يكون في يندرج تحت : " أين أخلاقك من الإسلام ؟ " 3. الصيام : يقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يجهل ، وإن شاتمه أحدكم أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم " . تخيل ، أصبح يوم صيامك يوم تتجسد فيه أخلاقك ، أصبح يوما لتبيان الأخلاق ، لأنه لا يصح أن أشتم أو أتشاجر أو أفسق أو أجهل أو أن أرفع صوتي أو أجادل لأني صائم ، وصيامي هذا يجعلني مسلما على خلق. أرأيتم : إذن اكتشفنا أن الهدف من الصلاة التحلي بالأخلاق ، و الهدف من الصيام أيضا كذلك 4. الحج : يقول الله تبارك وتعالى :- " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " . الحج يا جماعة تدريب قاس على انضباط الأخلاق ، فعندما تكون قاصد الحج وأنت مستحضر النية ، صار لزاما عليك ألا تزاحم حتى و إن زاحمك أحدهم عند الطواف ، إذا شاتمك أحد فلا ترد عليه ، والمقصود هنا أقل ما يصدر من الكلام غير المقبول ، مثل " أفُ لك " مثلاً قد تحتاج منك الاستغفار وتوبة في الحج ... إنه تدريب قاس لك على مدار عشرين يوماً لضبط نفسك و ترسيخ الأخلاق فيها يتساءل الكثيرون ترى لم كان موسم الحج موسما واحد يجتمع فيه كل المسلمين ، ترى لمَ لا يحج المصريون في شهر رجب مثلاً ، واليمنيون في شهر آخر... أي أن يحج الناس كل من بلده في أوقات متفرقة فجبل عرفات راسخ بمكانه لا يتزحزح عنه ما الداعي لاجتماع الكل عليه في وقت واحد أتراه سيغير مكانه بعد هذا الموسم المحدد ؟؟؟ طبعا لا !!!! الهدف أن يجتمع الكل بتعداد الملايين من مسلمي العالم في وقت واحد و في أوج الزحام و تداعياته ، عليك أن تبرهن على تحكمك بضبط نفسك و تحليك بحسن الأخلاق ... أرأيت ما هو الهدف من الحج وأن يكون ملايين المسلمين معاً على جبل عرفات في وقت واحد ، و جميعهم يرمون الجمرات في وقت واحد ، وجميعهم في منى وجميعهم في المزدلفة... لماذا ؟ إنها رسالة تربوية مفادها : عيشوا معاً واحتكوا ببعضكم و اجعلوا الأخلاق سمتكم ستستطيعون ضبط أخلاقكم في وسط هذا المكان الضيق خلال عشرين يوما ، هل ستعود بعد ذلك وتعجز عن ضبط أخلاقك مع أبيك وأمك ويعلو صوتك ؟ مع جيرانك وفي بيتك ؟ أرأيتم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ما معناها ؟ وإن ضبط الأخلاق أول وأهم هدف من البعثة المحمدية . - بعض الناس تظن أن أهم شيء في الدين أن يتعلم المسلم ، يحفظ القرآن يتعلم أمور الفقه وعلم المواريث و … و … و لكن و لكن أين أخلاقك ؟ يقول إنها في المقام الثاني ، لا ...أبداً ، اقرؤوا معي هذه الآية والتي وردت على لسان سيدنا إبراهيم " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" . البقرة الآية 129ولاحظ معي هنا الترتيب :- أن يأتي رسول من هذه الأمة : ليتلو عليهم الوحي ويعلمهم ، ويحسن أخلاقهم ( يزكيهم ) . هذه الآية أتت في القرآن 4 مرات ، مرة على لسان سيدنا إبراهيم وثلاث مرات على لسان الله عز وجل ، وهذه المرات الثلاث على لسان الله كان الترتيب فيها مختلفا ، يقول الله عز وجل :" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "البقرة(151) لاحظت الترتيب هنا : سيدنا إبراهيم عندما دعا طلب العلم أولاً ثم التزكية لكن الله عز وجل ذكر التزكية أولاً أي أن الأخلاق هي التي تتصدر الأمر . ما هي قيمة مسلم حفظ القرآن وليس بصادق ، ما هي قيمة علم دون خلق كل هذا لا يساوي شيئا . إذن هل ندرك قيمة الخلق هل نتحلى بها و نعيش بها و هل هدفنا الأول من دراستنا لهذه السلسلة " هو ضبط الأخلاق " . الهدف الثاني : - إن هناك انفصالا شديدا لدينا بين الأخلاق والعبادات ، بين الدين والحياة ، داخل المسجد يكون منضبطا ...الحجاب الشرعي والصلاة يؤديان على أكمل وجه ، خارج المسجد تصبح شخصا آخرا ...إذن أين الأخلاق ؟ ستجيب : مادامت العبادات منتظمة فلا أهمية للأخلاق !!!! الحياة شيء ، والدين و تأدية العبادات شيء آخر ، خطأ يا جماعة ، هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء الإسلام وحدة واحدة ، كل متكامل ، وينتج عن هذا الفصل الصارخ نوعان من البشر : الأول : عابد سيئ الخلق ، والثاني : حسن الخلق سيئ العبادة . نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام في شيء إذن هدفنا من هذه السلسلة يا جماعة أن نكون عباد ذوي أخلاق حسنة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ، قال : من لا يأمن جاره بوائقه " . لاحظوا كم أنّ الإيمان مرتبط بالأخلاق ، مثال : المرأة التي نشرت ثيابها المغسولة مبتلة فوق ثياب جارتها و هي جافة ، كتب عليها ملك الشمال سيئة . نعم سيئة كتبت عليك ، هل فكرت فيها من قبل ؟ هل خطرت على بالك من قبل من ترك سيارته أمام مستودع جيرانه وذهب ليصلي ركعتين أتراها قد قبلت صلاته ؟ نحن هنا وقعنا في خطأ يقلل من ثواب حضورنا لهذا الدرس ، جميعنا هنا ترك سيارته أمام باب المسجد لأنه يريد أن يوفر على نفسه عناء المسير إلى سيارته التي أودعها مكانا يبعد عن المسجد بعد خروجه ، ما ذنب الجيران و أهل المنطقة هنا ؟؟؟، كلنا يحسب أنه على صواب فنحن في بيت الله نتدارس ونتعبد ، كلا أبداً نحن مخطئون أرأيتم إننا نفعل أشياء كثيرة خاطئة ونظن أن ليس لها علاقة بالإسلام ...لا ،أبدا الإيمان والأخلاق شيء واحد . .. كل لا يتجزأ جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها ، قال : هي في النار ، تخيل يقال أنها تذكر : أي انتشر صيتها من كثرة الصيام والصلاة والصدقة وفي مدينة النبي ، ولكنه قال : هي في النار . ثم ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها لا تؤذي جيرانها ، قال : هي في الجنة . بالمناسبة هي ليست دعوة للإقلال من الصلاة نحن لا نريد إصلاح شيء على حساب الآخر ، نحن نريد الانضباط في الاثنين معا نريد الموازنة . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم :- " إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتركه الناس اتقاء شره " تخيل !!!! نجد الأب يحذر ابنه إياك أن تلمس أو تضرب ابن هذه الجارة لأنها " ستجمع علينا أهل البناية إذا ما فعلت " و تتسبب في مشكلة نحن في غنى عنها . أما عن حجابها فهو شرعي ما شاء الله ، ما قيمة هذا الحجاب و الناس تتجنبك اتقاء لشرك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " الإيمان بضع وسبعون شعبة – أو وستون شعبة – أعلاها " لا إله إلا الله " ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، فما قولك فيمن فتح شباك سيارته وأخرج بقايا ما كان يأكله وألقى بها في الشارع ، ومن أخرجت لبانة من فمها وألقت بها على الأرض في الشارع ، هل تصدق أنك بذلك قد فقدت شعبة من إيمانك ، فعلا قد فقدتها ... أنت مطالب بإماطة الأذى عن الطريق ويكون ذلك من دلائل إيمانك ، فماذا عمن يفعل العكس...ما بالك بمن تطلب من ابنها أن ينزل مبكراً ليلقي بالقمامة في الشارع قبل أن يستيقظ الجيران ، ترى هل صلت الفجر ؟ و إن صلته أين صلاتها مما فعلت ...؟؟ إننا نريد أن نسترجع العلاقة بين الإيمان والأخلاق ، و نرسخها فتعتبر آثما إذا ما ارتكبت خطأ أخلاقيا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعاً ، إذا رفع أحدهما ، رفع الآخر " . الحياء والإيمان يا جماعة ، ما أوطد العلاقة بينهما مثلا : طالبة بالجامعة تقهقه ضاحكة بأعلى صوتها " أين حياؤها ؟ " و إذا ما أذن لصلاة الظهر تدخل المسجد لتصلي و قد تبكي من فرط الخشوع في صلاتها . الحياء والإيمان قرناء جميعاً . إذن تريد أن تعرف مستوى قوة إيمانك ، أخبرني ما مستوى تخلقك أخبرك إن كنت قريبا من الله أو بعيدا عنه ؟ وهذا ما نريد أن نؤصله بداخلنا ونخرج به من هذه السلسلة . مثال : من خرج بسيارته ويعلم أن ليس بها بنزين كاف وصعد بها الجسر فتعطلت لاستنفاذها ما كان بها من وقود فكان سببا في توقف الكثيرين وسط الطريق هل هو ( آثم ) نعم هو آثم. ولا تقل لي أن ليس لذلك علاقة بالدين ، لا ، إنه لب الدين ، أرأيتم إلى أي درجة نحن بحاجة لتصحيح مفاهيمنا ؟ كما أننا بحاجة لتغيير سلوكيات كثيرة هي من صحيح الإيمان . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في تصحيحه لمفهوم خاطئ لدينا عن الإفلاس . أتدرون ما المفلس ، قالوا : من لا درهم له ولا متاع قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، حتى إذا فنيت حسناته ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " . - أرأيتم ؟؟؟ أتمعنتم المقصود ؟؟؟ ، لذلك إذا دققنا في القرآن اكتشفنا شيء عجيب ، كلما تحدث الله عن صفات المؤمنين ، وجدت أن ترتيب الصفات في سياق الحديث صفة أخلاقية بعدها صفة عبادية ، أخلاق = عبادة = أخلاق = عبادة . مثال : في سورة –المؤمنون- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) أرأيتم كيف تكون صفات المؤمنين خلق وعبادة وتأمل الآية جيداً وبالاثنين معاً يكون المؤمنون . مثال آخر تأمل الآيات التالية من سورة الفرقان: " وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63)" -(خُلُق)- "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) "-( عبادة )-"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)" "إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(66)" -( عبادة )- "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67)" وفي سورة الماعون : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7) " ما الذي أتى بـ " الماعون " بعد ترك الصلاة ؟ إنه التكامل في فهم الإيمان ونحن نريد أن نكون كذلك وهدفنا كل مرة سيكون كذلك . إذن ما هي الأخلاق التي سنتناولها ؟ التواضع: كيف أكون متواضعا ، وما هي صفات المتواضعين ، سيد المتواضعين صلى الله عليه وسلم " كيف كان ؟ الحـــلم: كيف نتعلمه ونتدرب عليه ؟ الهدف الثالث : أن نكون قوما عمليين ، ماذا يعني هذا ؟ هناك أناس مدمنو دروس ، طوال الأسبوع يحضر يوما هنا و يوما هناك وهكذا .لكن ماذا استفدت ؟ نحن نحفظ الدروس بطريقة ممتازة...و لكن اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم . كفانا سماع ولنبدأ في التطبيق ، كل أسبوع سنتواصى بخلق معين نأخذه معاً ثم نطبقه طوال الأسبوع . الهدف الرابع : إننا نريد أن نخرج لمجتمعنا وبلدنا أناس متميزين حسني الأخلاق ونريد أن نبلغ رسالة : من أين يأتي المميزون ؟ من المسجد؟ ، من أين تستفيد المجتمعات والدول ؟ من نماذج خرجوا من المساجد صالحين – أمناء – مخلصين – عباد – يتقنون أعمالهم – صادقون – يحبون بلادهم. إذا ظهرت هذه النماذج سيختفي النموذج المشوه الذي ذكرناه قبل قليل " عابد سيئ الخلق ، نفتن الناس ونغريهم بعبادتنا ثم نفتنهم بسوء أخلاقنا ، فيسألون قائلين ، أنت تريدني أن أكون مثل هذا المتدين الذي يصلي لكنه ينام طوال النهار بالعمل؟؟ لا ، لا أريد أن أكون مثله . كلنا لدينا أخطاء في السلوك نريد أن نضبطها معاً من خلال هذه السلسلة . و كانت هذه أهداف دراستنا لهذه السلسلة . والآن دعونا نعلم فضل حسن الخلق : وستستغربون كثيرا و تتعجبون .ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق " . أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة ليست الصلاة ولا الزكاة ولكنه حسن الخلق – ألا تتشوق لتحسين خلقك بعد كل ما سمعت و بعد هذا الثواب العظيم . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً " . ويقول " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " أترون كيف تسير الأحاديث تمعنوا العبارات " أثقل – أحسن – أكمل " . أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً حتى ولو كانت معلوماته الدينية أقل حتى و إن كانت عباداته ما تزال محتاجة لضبط . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم خلقاً ".يقول أيضاً : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق " . جاء وفد لنبي الله صلى الله عليه وسلم : " وسألوا النبي : من أحب عباد الله إلى الله ؟ قال : أحسنه خلقاً " . أرأيت أهمية أن تحسن أخلاقك ، وإن لم تدرك ذلك فاعلم أنك تسير في اتجاه آخر ...تريد أن تحفظ القرآن ، وأن تدرس علوم الدين .. كل هذا مهم وسنتدارسه سوياً ، لكن أيــــن أنت من تحسين أخلاقك؟؟؟و قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له: " ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ، ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله : قال أحسنكم خلقاً " . ويقول أيضاً : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " ولذلك من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم اهدني بأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت " . أرأيتم حرص النبي ، وهو الذي قال عنه الله عز وجل " وإنك لعلى خلق عظيم " فإذا نظر للمرآة قال : " اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلُقي " ، أرأيت حرصه وإصراره ، هل أنت على سنته سائر و تدعو بهذا الدعاء ، لا أنت حينما تنظر للمرآة تنشغل بشيء آخر بجمالك فترى أن ليس هناك من يضاهيك جمالا و أناقة … يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم – أي ضامن – ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " تخيل !!! النبي صلى الله عليه وسلم يضمن لك بنفسه بيتا في أعلى الجنة ، ألن تبحث عما سيكون لك سببا في حصولك عليه ؟ سأخبركم بشيء و لا تغضبوا مني؟؟ ، إننا نستسهل الأمور – نبحث عما يكون سهلا لنفعله (نصلي – نقرأ القرآن – نلقي السلام بعبارة - السلام عليكم- في الهاتف) و نشكر بعضنا بعبارة -جزاكم الله خيرا-ً ، نلبس الحجاب .. وأصبحنا متدينين بسهولة ، لكن من الصعب علينا أن نضبط أخلاقنا من الصميم . إننا نبحث عن أسهل الطرق لنكون ملتزمين ولكن أين الأخلاق ؟ أين أخلاق الملتزمين . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم ببسطة الوجه وحسن الخلق .تريد أن تفوز بحب الناس ؟؟ ، اجعل وجهك بشوشا وحسن أخلاقك .هل ترسخ بأنفسنا و تجسد بأعمالنا حسن الخلق ؟. أريد أن أطرح عليكم سؤالا : هل أن الأخلاق قابلة للتغيير أم أن هذا مستحيل ؟؟ هل من الممكن أن يصبح البخيل كريما؟؟ ، أم أن ذلك شيئ غير قابل للتغيير ؟؟هل كتب بجيناته الوراثية ، أنه بخيل و لن يكون إلا كذلك ؟؟هل من الممكن أن يصبح العصبي حليماً بالناس ؟؟، هل يمكن أن تتحول فتاة لا تستحي في تعاملاتها إلى فتاة حييّة ؟ هل التغيير ممكن أم لا ؟. يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر " . يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير ، وإياك أن تحسب أنك غير مؤهل للتغيير ... أبداً والله ...يا جماعة كثـــُـر هم الذين تغيروا بعدما التزموا بدينهم فتتعجب كيف أصبح فلان هادئاً هكذا بعد أن كان لا يطاق . كيف ذلك ؟؟بكل بساطة لقد اختار لنفسه حديث النبي صلى الله عليه و سلم " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر.." إذن فالطبائع قابلة للتغيير ، وإلا فلماذا نحن هنا نتحدث ونتدارس عن حسن الخلق إذا لم يكن الحال كذلك .. سأضرب لكم مثلا : النفس مثل الطفل يخلق ناقصا فينمو ويكتمل بالغذاء ، النفس كذلك تكتمل وتنضج ، فكما أن البدن الضعيف العليل يتجرع الدواء ويتحمل مرارته ليقوى و يشفى ... النفس أيضا تصيبها أسقام تتمثل في الأخلاق السيئة ) محتاجة لمجاهدة وصبر . أنا أقول لك هذا الكلام حتى تأتي المرة القادمة وأنت على استعداد وعلى يقين تام أن نفسك وأخلاقك قابلتان للتغيير بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم وطبقاً لقاعدة أن نفسك مثل بدنك ... فالسمين ينحف إذا ما اتبع نظام حمية قاس ويصبر أمام شهيته و يقاوم حبه لأكلة مفضلة كذلك الكاذب إذا ما جاهد نفسه و قاوم سوء خلقه صار صادقا مثل ذاك الذي قاوم السمنة ... ضعيف البنية يداوم على تمارين كثيرة يجري ، يعود نفسه على تمارين يومية و يظل على تلك الحال يوما بعد يوم و يتحمل ويبذل جهدا حتى يصبح ذا لياقة كذلك النفس تتعلم فضائل الأخلاق بالتربية ، بالصبر ، بالمجاهدة . إذن هلا بادرنا بنية التغيير ؟ هناك من يتساءل كيف لي أن أعرف عيوب نفسي ؟ كيف أعرف أن لدي أخلاق سيئة وأريد تحسينها ؟ تريد معرفة ذلك إليك أربع نقاط تمكنك من ذلك : 1- من صديق ناصح ( صاحب الصالحين ) . 2- من عدوك ( اسمع أعدائك )، اسمعي ما تقول عنك فتاة تغار منك ... اسمع ما يردده عنك خصمك في العمل ... وإياك أن تصم أذنيك لربما قال شيء سيفيدك . 3- حضور مثل هذا الدرس . 4- أن تدرس وتعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم . و النقطة الأخيرة أهم النقاط كلها ...من أكمل الناس أخلاقاً ؟ النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه سبحانه و تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) " –سورة القلم- ،هل تريد أن تبلغ مبلغ الفضيلة من الأخلاق ، اسمع عن تواضع النبي صلى الله عليه و سلم ، عن حلمه ، عن معاملته للنساء ، وتعلم ...تعلم من كل ذلك. و لذلك سنستشهد بأخلاق النبي وأفعاله في كل الدروس القادمة و في كل خلق سنتدارسه . يقول الله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) " –سورة الأحزاب-هل تعلمون لماذا ؟ لأن الله عز وجل جمع في الـ 23 سنة فترة بعثة النبي كل ما يحتاجه المرء في حياته حتى يوم القيامة ، إنك لن تستطيع أن تقتدي بأي نبي آخر مثل محمد صلى الله عليه وسلم .تستطيع أن تقتدي بكل نبي في صفة معينة ، فقد كان سيدنا عيسى عليه السلام شابا عازبا مجاهدا لنفسه زاهدا في الدنيا . لكن أتستطيع أن تجد فيه ما تقتدي به إذا ما تزوجت ؟ طبعا لا لأنه لم يتزوج ...... أتستطيع أن تقتدي به كأب ؟؟، كجد ؟؟ ...لا ، كيف كان يعامل زوجاته ؟؟ لا تستطيع الاقتداء بسيدنا سليمان كحاكم غني شاكر متصدق........ لكن هل تستطيع الاقتداء به كفقير صابر؟؟؟... من الذي كان فقيراً وغنيا؟؟ ؟ من الذي كان قوياً وضعيفا؟؟ ؟ من الذي كان حاكماً ومحكوماً ؟؟؟ من الذي كان أباً وجداً؟؟ ؟ من الذي كان عازبا ؟؟ لذلك قال تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " . و في خضم حديثنا عن الأخلاق لابد وأن نغوص في سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و نتتبع صفاته فهو النبي الوحيد الذي ليس له خصوصية تخفى ...نعلم عنه كل شيء ، عن علاقاته بزوجاته و بم اتسمت ؟ داخل بيته...، وهو نائم في فراشه .. ليست هناك أي جزئية في حياته تعد خصوصية لم يطلع أحد عليها أو تعد جانبا مظلما مبهما ... لذلك سأختم هذا الدرس بنقطة وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأننا إذا طالبنا باقتفاء أثر ه صلى الله عليه و سلم فيما عرف عنه من أخلاق دون وجود تعلق به و حب خاص صادق له ، عندها للأسف لن يعدوه قدوتهم ...لن يستشعروا قوة ما سيقال لهم لذلك رأيت أن نغرس في قلوبنا محبة النبي صلى الله عليه وسلم غرسا فيكون ذلك مدخلنا للأخلاق في أحاديثنا اللاحقة . لأنه على قدر محبتك للنبي ستقتدي بأخلاقه . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وماله " . وأنا أروي هذا الحديث ،مرّر الثلاثة بقلبك، وأخبرني هل النبي فعلاً أحب إليك منهم ، هل نحن متعلقون به صلى الله عليه وسلم بهذه الشدة و محبون و مفضلون له . - يقول الله عز وجل " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) " . سورة التوبة الأية 24.اعتبر الله أن من يحب هؤلاء – مع ملاحظة أن جميعهم حلال – أكثر من الله والرسول فاسق ... تخيلوا ... يروي عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا بعض أصحابه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ومشى ، يقول عمر : وجدت نفسي أقول والله يا رسول الله إني أحبك ، فقال له النبي : أكثر من ولدك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من أهلك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من مالك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من نفسك يا عمر ؟ قال : لا ، - لقد كان عمر صادقا من البداية - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر ، لا يكمل إيمانك حتى أكون أحب إليك من نفسك يقول عمر : فخرجت وفكرت ثم عدت لأهتف بها : والله يا رسول الله أنت أحب إلى من نفسي ، فقال رسول الله : الآن يا عمر – أي الآن اكتمل إيمانك الآن ، فقال عبد الله بن عمر ، يا أبت ماذا فعلت بنفسك لقد خرجت لدقائق وعدت ( هل تملك مفتاحا لقلبك ) ، فقال : يا بني خرجت فسألت نفسي من أحتاج يوم القيامة نفسي أكثر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت حاجتي إليه أكثر من حاجتي لنفسي ، وتذكرت كيف كنت في الصراط وما أنقذني إلا هو ، أنقذني الله به ، فأحببته أكثر من نفسي ، فقال عبد الله بن عمر : يا أبت إن نسيت كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما هو الشيء الذي لا تنساه أبداً ؟ فقال : إن نسيت ما نسيت لا أنسى يوم أن ذهبت إليه أقول : ائذن لي أن أخرج إلى العمرة يا رسول الله ، فقال : لا تنساني يا أخي من صالح دعاؤك ، يقول عبد الله بن عمر : فوالله لا أنسى هذه الكلمة أبداً.يقول أبو بكر الصديق يصف حبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : كنا في الهجرة ونحن عطشى ، فجئت بمرقة لبن – القليل من اللبن – فقلت لرسول الله : اشرب يا رسول الله ، فيقول فشرب النبي حتى ارتويت – أنا – أترون الحب ، أترون التعلق بنبي الله صلى الله عليه وسلم . دخل النبي صلى الله عليه وسلم على " ثوبان " خادمه وكان غائباً طوال اليوم فقال له ثوبان : أوحشتني يا رسول الله - أترون قوة التعلق – ترى عندما يذهب أحدكم للحج أو العمرة هل سيقف أمام قبر النبي ويقول له أوحشتني يا رسول الله من قلبه ؟ أنا أعرف رجلا كان يتحدث في مؤتمر فقال ( محمد بن عبد الله ) مجردة هكذا ، فأدى عمرة خصيصاً ليعتذر له . عندما دخل النبي صلى الله عليه و سلم على " ثوبان " وجده يبكي فقال : ما يبكيك يا ثوبان ، قال : أوحشتني ، قال : أهذا ما يبكيك ؟ قال : لا يا رسول الله ، قال فما الذي يبكيك ؟ قال : تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة في الجنة ، وأنى لا أكون معك في الجنة فقال له النبي : يا ثوبان الرجل يحشر مع من أحب . – تريد أن تعلم مكانك في الجنة في قاع الجنة أم في عدن أم في الفردوس انظر إلى درجة حبك للنبي وتعلقك به . سيدنا أبو بكر الصديق يوم إسلام أبيه " أبو قحافة " يوم فتح مكة – وقد أسلم متأخرا جداً بعد أن أصبح عجوزا و فقد البصر – فأخذه أبو بكر وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليم وسلم ليعلن إسلامه فقال له رسول الله : يا أبا بكر هل تركت الشيخ في بيته وذهبنا نحن إليه ؟ فقال أبو بكر : أنت أحق أن يأتي إليك يا رسول الله ، فأسلم أبو قحافة ، فبكى أبو بكر من فرحته ، فقالوا له : هذا يوم فرح ، أبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك ؟ قال أبكي : لأني أحب أن الذي يبايع النبي الآن أبو طالب وليس أبي لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر . فتخيل مدى العلاقة والحب ، إن فرحتي لفرحة النبي أكبر من فرحتي بأبي، أين نحن من هذا الحب ؟ ومن هذا التعلق ؟؟؟فهذا جذع شجرة يحب النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان النبي يخطب في مسجده من على جذع شجرة قبل أن يقام منبره حتى تراه الناس ، فعندما بنوا له المنبر ترك الجذع وأصبح يخطب من على المنبر ، فسمعنا للجذع أنينا – كما يقول الصحابة – لفراق النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم ينزل من على المنبر ويمسح على الجذع ويقول له : ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة ؟ فسكن الجذع .. هو موجود بمكانه حتى اليوم ، في الروضة أمام المنبر مدفون هناك . الجذع نطق وشعر بحلاوة قرب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بعيدون. سيدنا " سواد " يقف يوم غزوة بدر في وسط الجيش – وهو صحابي سمين – فيقول النبي استووا ( استقيموا ) فيذهب النبي ليجد سيدنا سواد يخرج عن الصف قليلاً فقال استو يا سواد فقال : نعم يا رسول الله ، فالتفت النبي وعاد فوجد " سواد " ما زال غير مستو ، فجاء النبي بسواك ونخزه في بطنه وقال : استو يا " سواد " – فنحن في وقت معركة والأمر جدي – قال : أوجعتني يا رسول الله ، فكشف النبي عن بطنه وقال : اقتص يا سواد ، اقتص يا سواد ، فانكب سيدنا سواد على بطن النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها يقول : هذا ما أردت هذا ما أردت ، فيقول له النبي وما حملك على هذا يا سواد ؟ فيقول : يا رسول الله أظن أن اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر عهدي بالدنيا ملاصقة جسدي لجسدك . صلى الله عليه وسلم . صلى الله عليه وسلم ...صلى الله على محمد صلى الله عليه و سلم صلوا عليه و سلموا تسليما
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده...
مشكورة غاليتي
بارك الله فيك وفيه
زملكاويه
زملكاويه
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . سنشرع في بداية سلسلة الأخلاق ، في كل مرة نتعرض لخلق من الأخلاق هو كيف نرسخه في أنفسنا ؟ وكيف نتعامل به ؟ وكيف نتخلق به ؟ كيف ننميه ليكون خلقا من أخلاقنا وسلوكا من سلوكياتنا في الحياة ؟ وأنا أعلم أن الكثيرين سيتساءلون لماذا الأخلاق بالذات ؟ ولمَ لا نتحدث عن السيرة أو حكايات الصحابة ؟ لماذا الأخلاق وما هي القيمة التي ستعود علينا من دراستها ؟ لذلك أنا جعلت الشريط الأول مقدمة في الأخلاق أتحدث فيها عن أهمية الأخلاق وما هو هدفنا منها ؟ في الحقيقة هناك أربعة أهداف من دراستنا لهذه السلسلة : - الهدف الأول : أن هذه الأخلاق هي الهدف الأول من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم... نعم... ، إن أول هدف من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ضبط الأخلاق أتتعجب ؟ ؟؟؟?!!!اسمع هذا الحديث " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وفكر فيه . الرسول صلى الله عليه وسلم بعث لماذا ؟ لرحمة البشر ، لخير البشر ، لصلاح البشر ، لهداية البشر ، ألم يقل الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " فكر معي في هذه الآية . تخيل لو أن مجتمعا يسوده الغش ، تسوده الكراهية ، تسوده خيانة الأمانة ، تسوده الفواحش ...، هل يكون في هذا المجتمع مكان للرحمة ؟ هل هذا مجتمع آمن ؟ هل هو مجتمع راضٍ؟ لو أن هذا المجتمع كان أفراد شركة واحدة هل ستنجح ؟ لو كان هذا المجتمع عائلة واحدة هل ستسودها الرحمة وتكون متحابة ومترابطة فيما بينها ؟ إذن هل رأيت العلاقة بين : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، و "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " يعني أنه لا رحمة بين العالمين " لا هداية ، لا صلاح ، لا اطمئنان بين مجتمع من المجتمعات إلا بشيء واحد ألا و هو " الأخلاق " . نقطة أخرى : قد تظن أن العبادات من صلاة ، صوم ، حج ، ذكر دعاء أهم من الأخلاق لكني أقول لك :- لا !!!! الأخلاق أهم . وكيف ذلك ؟ يا جماعة كل هذه العبادات هدفها الأسمى ضبط الأخلاق … فيصبح خُلُق حضرتك سوياً ومنضبطاً ، ولو فقدت عبادة من هذه العبادات ضبط الأخلاق تصبح تمارينا رياضية ليس إلا . ولنبدأ . 1. بالصلاة: يقول الله عز وجل " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " . إذن من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر أيكون قد أدى صلاته أم لا ؟ إنه لم يؤد إلا تمارينا رياضية ، ما هي قيمة الصلاة الأساسية؟؟ ما هو انعكاسها على خلقك . يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خَلقي ولم يبت قصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب " . تمعن معي ؟ ما هي العلاقة بين آداء الصلاة وتقبلها والرحمة بالأرملة ؟ هناك علاقة... إذا لم تجعلك صلاتك رحيما بالناس فأنت إذن لم تصل . ألاحظتم المعنى والعلاقة ؟؟؟ 2. الصدقة: يقول الله عز وجل " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " . هدف الصدقة والزكاة هو التزكية ، فما معنى التزكية ؟ هي التربية العميقة على حسن الخُلق ، أرأيت إذن كل آية من آيات الفرائض تجدها تخدم خُلقا معينا وتحث عليه. و أين يكمن معنى التزكية إذا تصدقت ؟ ، أنت إذا تصدقت ستتعلم الرحمة ، سترحم الضعيف ، ستتعلم الكرم ، ستكره الكــبْر. النبي أيضاً يعلمنا أن هناك صدقات أخلاقية تفوق صدقات الأموال . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، تخيل ، إذا أردت أن تتصدق وليس في جيبك مال ، تستطيع أن تبتسم في وجه أخيك وتكون بذلك قد تصدقت . " تبسمك في وجه أخيك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق صدقة ، وإرشادك للرجل الضرير صدقة ، وأعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " . أرأيتم مفهوم الصدقات ؟؟؟؟ كيف أن إرشاد الرجل لطريق يجهله صدقة ، وأن تفرغ من إنائك في إناء أخيك صدقة ، وأن تنظر لوجه أخيك المؤمن كفيفا كان أم بصيرا صدقة وهكذا . ... وأنا هدفي يا جماعة من درس اليوم أن أجعل كل واحد منكم يستشعر إرادة اغيير ما بنفسه من أعماقه ويريد أن يحسن خُلقه ، وهذه أصبحت قضية مهمة ، لم تعد القضية أن أرتدي الحجاب فقط ، وأنني عندما أرتديه أكون قد أديت كل ما علي من أوامر الدين ، لا أبداً .. إن المعنى الحقيقي لهذا الدين يكون في يندرج تحت : " أين أخلاقك من الإسلام ؟ " 3. الصيام : يقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يجهل ، وإن شاتمه أحدكم أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم " . تخيل ، أصبح يوم صيامك يوم تتجسد فيه أخلاقك ، أصبح يوما لتبيان الأخلاق ، لأنه لا يصح أن أشتم أو أتشاجر أو أفسق أو أجهل أو أن أرفع صوتي أو أجادل لأني صائم ، وصيامي هذا يجعلني مسلما على خلق. أرأيتم : إذن اكتشفنا أن الهدف من الصلاة التحلي بالأخلاق ، و الهدف من الصيام أيضا كذلك 4. الحج : يقول الله تبارك وتعالى :- " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " . الحج يا جماعة تدريب قاس على انضباط الأخلاق ، فعندما تكون قاصد الحج وأنت مستحضر النية ، صار لزاما عليك ألا تزاحم حتى و إن زاحمك أحدهم عند الطواف ، إذا شاتمك أحد فلا ترد عليه ، والمقصود هنا أقل ما يصدر من الكلام غير المقبول ، مثل " أفُ لك " مثلاً قد تحتاج منك الاستغفار وتوبة في الحج ... إنه تدريب قاس لك على مدار عشرين يوماً لضبط نفسك و ترسيخ الأخلاق فيها يتساءل الكثيرون ترى لم كان موسم الحج موسما واحد يجتمع فيه كل المسلمين ، ترى لمَ لا يحج المصريون في شهر رجب مثلاً ، واليمنيون في شهر آخر... أي أن يحج الناس كل من بلده في أوقات متفرقة فجبل عرفات راسخ بمكانه لا يتزحزح عنه ما الداعي لاجتماع الكل عليه في وقت واحد أتراه سيغير مكانه بعد هذا الموسم المحدد ؟؟؟ طبعا لا !!!! الهدف أن يجتمع الكل بتعداد الملايين من مسلمي العالم في وقت واحد و في أوج الزحام و تداعياته ، عليك أن تبرهن على تحكمك بضبط نفسك و تحليك بحسن الأخلاق ... أرأيت ما هو الهدف من الحج وأن يكون ملايين المسلمين معاً على جبل عرفات في وقت واحد ، و جميعهم يرمون الجمرات في وقت واحد ، وجميعهم في منى وجميعهم في المزدلفة... لماذا ؟ إنها رسالة تربوية مفادها : عيشوا معاً واحتكوا ببعضكم و اجعلوا الأخلاق سمتكم ستستطيعون ضبط أخلاقكم في وسط هذا المكان الضيق خلال عشرين يوما ، هل ستعود بعد ذلك وتعجز عن ضبط أخلاقك مع أبيك وأمك ويعلو صوتك ؟ مع جيرانك وفي بيتك ؟ أرأيتم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ما معناها ؟ وإن ضبط الأخلاق أول وأهم هدف من البعثة المحمدية . - بعض الناس تظن أن أهم شيء في الدين أن يتعلم المسلم ، يحفظ القرآن يتعلم أمور الفقه وعلم المواريث و … و … و لكن و لكن أين أخلاقك ؟ يقول إنها في المقام الثاني ، لا ...أبداً ، اقرؤوا معي هذه الآية والتي وردت على لسان سيدنا إبراهيم " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" . البقرة الآية 129ولاحظ معي هنا الترتيب :- أن يأتي رسول من هذه الأمة : ليتلو عليهم الوحي ويعلمهم ، ويحسن أخلاقهم ( يزكيهم ) . هذه الآية أتت في القرآن 4 مرات ، مرة على لسان سيدنا إبراهيم وثلاث مرات على لسان الله عز وجل ، وهذه المرات الثلاث على لسان الله كان الترتيب فيها مختلفا ، يقول الله عز وجل :" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "البقرة(151) لاحظت الترتيب هنا : سيدنا إبراهيم عندما دعا طلب العلم أولاً ثم التزكية لكن الله عز وجل ذكر التزكية أولاً أي أن الأخلاق هي التي تتصدر الأمر . ما هي قيمة مسلم حفظ القرآن وليس بصادق ، ما هي قيمة علم دون خلق كل هذا لا يساوي شيئا . إذن هل ندرك قيمة الخلق هل نتحلى بها و نعيش بها و هل هدفنا الأول من دراستنا لهذه السلسلة " هو ضبط الأخلاق " . الهدف الثاني : - إن هناك انفصالا شديدا لدينا بين الأخلاق والعبادات ، بين الدين والحياة ، داخل المسجد يكون منضبطا ...الحجاب الشرعي والصلاة يؤديان على أكمل وجه ، خارج المسجد تصبح شخصا آخرا ...إذن أين الأخلاق ؟ ستجيب : مادامت العبادات منتظمة فلا أهمية للأخلاق !!!! الحياة شيء ، والدين و تأدية العبادات شيء آخر ، خطأ يا جماعة ، هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء الإسلام وحدة واحدة ، كل متكامل ، وينتج عن هذا الفصل الصارخ نوعان من البشر : الأول : عابد سيئ الخلق ، والثاني : حسن الخلق سيئ العبادة . نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام في شيء إذن هدفنا من هذه السلسلة يا جماعة أن نكون عباد ذوي أخلاق حسنة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ، قال : من لا يأمن جاره بوائقه " . لاحظوا كم أنّ الإيمان مرتبط بالأخلاق ، مثال : المرأة التي نشرت ثيابها المغسولة مبتلة فوق ثياب جارتها و هي جافة ، كتب عليها ملك الشمال سيئة . نعم سيئة كتبت عليك ، هل فكرت فيها من قبل ؟ هل خطرت على بالك من قبل من ترك سيارته أمام مستودع جيرانه وذهب ليصلي ركعتين أتراها قد قبلت صلاته ؟ نحن هنا وقعنا في خطأ يقلل من ثواب حضورنا لهذا الدرس ، جميعنا هنا ترك سيارته أمام باب المسجد لأنه يريد أن يوفر على نفسه عناء المسير إلى سيارته التي أودعها مكانا يبعد عن المسجد بعد خروجه ، ما ذنب الجيران و أهل المنطقة هنا ؟؟؟، كلنا يحسب أنه على صواب فنحن في بيت الله نتدارس ونتعبد ، كلا أبداً نحن مخطئون أرأيتم إننا نفعل أشياء كثيرة خاطئة ونظن أن ليس لها علاقة بالإسلام ...لا ،أبدا الإيمان والأخلاق شيء واحد . .. كل لا يتجزأ جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها ، قال : هي في النار ، تخيل يقال أنها تذكر : أي انتشر صيتها من كثرة الصيام والصلاة والصدقة وفي مدينة النبي ، ولكنه قال : هي في النار . ثم ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها لا تؤذي جيرانها ، قال : هي في الجنة . بالمناسبة هي ليست دعوة للإقلال من الصلاة نحن لا نريد إصلاح شيء على حساب الآخر ، نحن نريد الانضباط في الاثنين معا نريد الموازنة . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم :- " إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتركه الناس اتقاء شره " تخيل !!!! نجد الأب يحذر ابنه إياك أن تلمس أو تضرب ابن هذه الجارة لأنها " ستجمع علينا أهل البناية إذا ما فعلت " و تتسبب في مشكلة نحن في غنى عنها . أما عن حجابها فهو شرعي ما شاء الله ، ما قيمة هذا الحجاب و الناس تتجنبك اتقاء لشرك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " الإيمان بضع وسبعون شعبة – أو وستون شعبة – أعلاها " لا إله إلا الله " ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، فما قولك فيمن فتح شباك سيارته وأخرج بقايا ما كان يأكله وألقى بها في الشارع ، ومن أخرجت لبانة من فمها وألقت بها على الأرض في الشارع ، هل تصدق أنك بذلك قد فقدت شعبة من إيمانك ، فعلا قد فقدتها ... أنت مطالب بإماطة الأذى عن الطريق ويكون ذلك من دلائل إيمانك ، فماذا عمن يفعل العكس...ما بالك بمن تطلب من ابنها أن ينزل مبكراً ليلقي بالقمامة في الشارع قبل أن يستيقظ الجيران ، ترى هل صلت الفجر ؟ و إن صلته أين صلاتها مما فعلت ...؟؟ إننا نريد أن نسترجع العلاقة بين الإيمان والأخلاق ، و نرسخها فتعتبر آثما إذا ما ارتكبت خطأ أخلاقيا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعاً ، إذا رفع أحدهما ، رفع الآخر " . الحياء والإيمان يا جماعة ، ما أوطد العلاقة بينهما مثلا : طالبة بالجامعة تقهقه ضاحكة بأعلى صوتها " أين حياؤها ؟ " و إذا ما أذن لصلاة الظهر تدخل المسجد لتصلي و قد تبكي من فرط الخشوع في صلاتها . الحياء والإيمان قرناء جميعاً . إذن تريد أن تعرف مستوى قوة إيمانك ، أخبرني ما مستوى تخلقك أخبرك إن كنت قريبا من الله أو بعيدا عنه ؟ وهذا ما نريد أن نؤصله بداخلنا ونخرج به من هذه السلسلة . مثال : من خرج بسيارته ويعلم أن ليس بها بنزين كاف وصعد بها الجسر فتعطلت لاستنفاذها ما كان بها من وقود فكان سببا في توقف الكثيرين وسط الطريق هل هو ( آثم ) نعم هو آثم. ولا تقل لي أن ليس لذلك علاقة بالدين ، لا ، إنه لب الدين ، أرأيتم إلى أي درجة نحن بحاجة لتصحيح مفاهيمنا ؟ كما أننا بحاجة لتغيير سلوكيات كثيرة هي من صحيح الإيمان . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في تصحيحه لمفهوم خاطئ لدينا عن الإفلاس . أتدرون ما المفلس ، قالوا : من لا درهم له ولا متاع قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، حتى إذا فنيت حسناته ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " . - أرأيتم ؟؟؟ أتمعنتم المقصود ؟؟؟ ، لذلك إذا دققنا في القرآن اكتشفنا شيء عجيب ، كلما تحدث الله عن صفات المؤمنين ، وجدت أن ترتيب الصفات في سياق الحديث صفة أخلاقية بعدها صفة عبادية ، أخلاق = عبادة = أخلاق = عبادة . مثال : في سورة –المؤمنون- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) أرأيتم كيف تكون صفات المؤمنين خلق وعبادة وتأمل الآية جيداً وبالاثنين معاً يكون المؤمنون . مثال آخر تأمل الآيات التالية من سورة الفرقان: " وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63)" -(خُلُق)- "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) "-( عبادة )-"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)" "إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(66)" -( عبادة )- "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67)" وفي سورة الماعون : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7) " ما الذي أتى بـ " الماعون " بعد ترك الصلاة ؟ إنه التكامل في فهم الإيمان ونحن نريد أن نكون كذلك وهدفنا كل مرة سيكون كذلك . إذن ما هي الأخلاق التي سنتناولها ؟ التواضع: كيف أكون متواضعا ، وما هي صفات المتواضعين ، سيد المتواضعين صلى الله عليه وسلم " كيف كان ؟ الحـــلم: كيف نتعلمه ونتدرب عليه ؟ الهدف الثالث : أن نكون قوما عمليين ، ماذا يعني هذا ؟ هناك أناس مدمنو دروس ، طوال الأسبوع يحضر يوما هنا و يوما هناك وهكذا .لكن ماذا استفدت ؟ نحن نحفظ الدروس بطريقة ممتازة...و لكن اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم . كفانا سماع ولنبدأ في التطبيق ، كل أسبوع سنتواصى بخلق معين نأخذه معاً ثم نطبقه طوال الأسبوع . الهدف الرابع : إننا نريد أن نخرج لمجتمعنا وبلدنا أناس متميزين حسني الأخلاق ونريد أن نبلغ رسالة : من أين يأتي المميزون ؟ من المسجد؟ ، من أين تستفيد المجتمعات والدول ؟ من نماذج خرجوا من المساجد صالحين – أمناء – مخلصين – عباد – يتقنون أعمالهم – صادقون – يحبون بلادهم. إذا ظهرت هذه النماذج سيختفي النموذج المشوه الذي ذكرناه قبل قليل " عابد سيئ الخلق ، نفتن الناس ونغريهم بعبادتنا ثم نفتنهم بسوء أخلاقنا ، فيسألون قائلين ، أنت تريدني أن أكون مثل هذا المتدين الذي يصلي لكنه ينام طوال النهار بالعمل؟؟ لا ، لا أريد أن أكون مثله . كلنا لدينا أخطاء في السلوك نريد أن نضبطها معاً من خلال هذه السلسلة . و كانت هذه أهداف دراستنا لهذه السلسلة . والآن دعونا نعلم فضل حسن الخلق : وستستغربون كثيرا و تتعجبون .ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق " . أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة ليست الصلاة ولا الزكاة ولكنه حسن الخلق – ألا تتشوق لتحسين خلقك بعد كل ما سمعت و بعد هذا الثواب العظيم . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً " . ويقول " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " أترون كيف تسير الأحاديث تمعنوا العبارات " أثقل – أحسن – أكمل " . أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً حتى ولو كانت معلوماته الدينية أقل حتى و إن كانت عباداته ما تزال محتاجة لضبط . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم خلقاً ".يقول أيضاً : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق " . جاء وفد لنبي الله صلى الله عليه وسلم : " وسألوا النبي : من أحب عباد الله إلى الله ؟ قال : أحسنه خلقاً " . أرأيت أهمية أن تحسن أخلاقك ، وإن لم تدرك ذلك فاعلم أنك تسير في اتجاه آخر ...تريد أن تحفظ القرآن ، وأن تدرس علوم الدين .. كل هذا مهم وسنتدارسه سوياً ، لكن أيــــن أنت من تحسين أخلاقك؟؟؟و قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له: " ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ، ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله : قال أحسنكم خلقاً " . ويقول أيضاً : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " ولذلك من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم اهدني بأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت " . أرأيتم حرص النبي ، وهو الذي قال عنه الله عز وجل " وإنك لعلى خلق عظيم " فإذا نظر للمرآة قال : " اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلُقي " ، أرأيت حرصه وإصراره ، هل أنت على سنته سائر و تدعو بهذا الدعاء ، لا أنت حينما تنظر للمرآة تنشغل بشيء آخر بجمالك فترى أن ليس هناك من يضاهيك جمالا و أناقة … يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم – أي ضامن – ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " تخيل !!! النبي صلى الله عليه وسلم يضمن لك بنفسه بيتا في أعلى الجنة ، ألن تبحث عما سيكون لك سببا في حصولك عليه ؟ سأخبركم بشيء و لا تغضبوا مني؟؟ ، إننا نستسهل الأمور – نبحث عما يكون سهلا لنفعله (نصلي – نقرأ القرآن – نلقي السلام بعبارة - السلام عليكم- في الهاتف) و نشكر بعضنا بعبارة -جزاكم الله خيرا-ً ، نلبس الحجاب .. وأصبحنا متدينين بسهولة ، لكن من الصعب علينا أن نضبط أخلاقنا من الصميم . إننا نبحث عن أسهل الطرق لنكون ملتزمين ولكن أين الأخلاق ؟ أين أخلاق الملتزمين . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم ببسطة الوجه وحسن الخلق .تريد أن تفوز بحب الناس ؟؟ ، اجعل وجهك بشوشا وحسن أخلاقك .هل ترسخ بأنفسنا و تجسد بأعمالنا حسن الخلق ؟. أريد أن أطرح عليكم سؤالا : هل أن الأخلاق قابلة للتغيير أم أن هذا مستحيل ؟؟ هل من الممكن أن يصبح البخيل كريما؟؟ ، أم أن ذلك شيئ غير قابل للتغيير ؟؟هل كتب بجيناته الوراثية ، أنه بخيل و لن يكون إلا كذلك ؟؟هل من الممكن أن يصبح العصبي حليماً بالناس ؟؟، هل يمكن أن تتحول فتاة لا تستحي في تعاملاتها إلى فتاة حييّة ؟ هل التغيير ممكن أم لا ؟. يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر " . يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير ، وإياك أن تحسب أنك غير مؤهل للتغيير ... أبداً والله ...يا جماعة كثـــُـر هم الذين تغيروا بعدما التزموا بدينهم فتتعجب كيف أصبح فلان هادئاً هكذا بعد أن كان لا يطاق . كيف ذلك ؟؟بكل بساطة لقد اختار لنفسه حديث النبي صلى الله عليه و سلم " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر.." إذن فالطبائع قابلة للتغيير ، وإلا فلماذا نحن هنا نتحدث ونتدارس عن حسن الخلق إذا لم يكن الحال كذلك .. سأضرب لكم مثلا : النفس مثل الطفل يخلق ناقصا فينمو ويكتمل بالغذاء ، النفس كذلك تكتمل وتنضج ، فكما أن البدن الضعيف العليل يتجرع الدواء ويتحمل مرارته ليقوى و يشفى ... النفس أيضا تصيبها أسقام تتمثل في الأخلاق السيئة ) محتاجة لمجاهدة وصبر . أنا أقول لك هذا الكلام حتى تأتي المرة القادمة وأنت على استعداد وعلى يقين تام أن نفسك وأخلاقك قابلتان للتغيير بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم وطبقاً لقاعدة أن نفسك مثل بدنك ... فالسمين ينحف إذا ما اتبع نظام حمية قاس ويصبر أمام شهيته و يقاوم حبه لأكلة مفضلة كذلك الكاذب إذا ما جاهد نفسه و قاوم سوء خلقه صار صادقا مثل ذاك الذي قاوم السمنة ... ضعيف البنية يداوم على تمارين كثيرة يجري ، يعود نفسه على تمارين يومية و يظل على تلك الحال يوما بعد يوم و يتحمل ويبذل جهدا حتى يصبح ذا لياقة كذلك النفس تتعلم فضائل الأخلاق بالتربية ، بالصبر ، بالمجاهدة . إذن هلا بادرنا بنية التغيير ؟ هناك من يتساءل كيف لي أن أعرف عيوب نفسي ؟ كيف أعرف أن لدي أخلاق سيئة وأريد تحسينها ؟ تريد معرفة ذلك إليك أربع نقاط تمكنك من ذلك : 1- من صديق ناصح ( صاحب الصالحين ) . 2- من عدوك ( اسمع أعدائك )، اسمعي ما تقول عنك فتاة تغار منك ... اسمع ما يردده عنك خصمك في العمل ... وإياك أن تصم أذنيك لربما قال شيء سيفيدك . 3- حضور مثل هذا الدرس . 4- أن تدرس وتعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم . و النقطة الأخيرة أهم النقاط كلها ...من أكمل الناس أخلاقاً ؟ النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه سبحانه و تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) " –سورة القلم- ،هل تريد أن تبلغ مبلغ الفضيلة من الأخلاق ، اسمع عن تواضع النبي صلى الله عليه و سلم ، عن حلمه ، عن معاملته للنساء ، وتعلم ...تعلم من كل ذلك. و لذلك سنستشهد بأخلاق النبي وأفعاله في كل الدروس القادمة و في كل خلق سنتدارسه . يقول الله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) " –سورة الأحزاب-هل تعلمون لماذا ؟ لأن الله عز وجل جمع في الـ 23 سنة فترة بعثة النبي كل ما يحتاجه المرء في حياته حتى يوم القيامة ، إنك لن تستطيع أن تقتدي بأي نبي آخر مثل محمد صلى الله عليه وسلم .تستطيع أن تقتدي بكل نبي في صفة معينة ، فقد كان سيدنا عيسى عليه السلام شابا عازبا مجاهدا لنفسه زاهدا في الدنيا . لكن أتستطيع أن تجد فيه ما تقتدي به إذا ما تزوجت ؟ طبعا لا لأنه لم يتزوج ...... أتستطيع أن تقتدي به كأب ؟؟، كجد ؟؟ ...لا ، كيف كان يعامل زوجاته ؟؟ لا تستطيع الاقتداء بسيدنا سليمان كحاكم غني شاكر متصدق........ لكن هل تستطيع الاقتداء به كفقير صابر؟؟؟... من الذي كان فقيراً وغنيا؟؟ ؟ من الذي كان قوياً وضعيفا؟؟ ؟ من الذي كان حاكماً ومحكوماً ؟؟؟ من الذي كان أباً وجداً؟؟ ؟ من الذي كان عازبا ؟؟ لذلك قال تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " . و في خضم حديثنا عن الأخلاق لابد وأن نغوص في سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و نتتبع صفاته فهو النبي الوحيد الذي ليس له خصوصية تخفى ...نعلم عنه كل شيء ، عن علاقاته بزوجاته و بم اتسمت ؟ داخل بيته...، وهو نائم في فراشه .. ليست هناك أي جزئية في حياته تعد خصوصية لم يطلع أحد عليها أو تعد جانبا مظلما مبهما ... لذلك سأختم هذا الدرس بنقطة وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأننا إذا طالبنا باقتفاء أثر ه صلى الله عليه و سلم فيما عرف عنه من أخلاق دون وجود تعلق به و حب خاص صادق له ، عندها للأسف لن يعدوه قدوتهم ...لن يستشعروا قوة ما سيقال لهم لذلك رأيت أن نغرس في قلوبنا محبة النبي صلى الله عليه وسلم غرسا فيكون ذلك مدخلنا للأخلاق في أحاديثنا اللاحقة . لأنه على قدر محبتك للنبي ستقتدي بأخلاقه . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وماله " . وأنا أروي هذا الحديث ،مرّر الثلاثة بقلبك، وأخبرني هل النبي فعلاً أحب إليك منهم ، هل نحن متعلقون به صلى الله عليه وسلم بهذه الشدة و محبون و مفضلون له . - يقول الله عز وجل " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) " . سورة التوبة الأية 24.اعتبر الله أن من يحب هؤلاء – مع ملاحظة أن جميعهم حلال – أكثر من الله والرسول فاسق ... تخيلوا ... يروي عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا بعض أصحابه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ومشى ، يقول عمر : وجدت نفسي أقول والله يا رسول الله إني أحبك ، فقال له النبي : أكثر من ولدك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من أهلك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من مالك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من نفسك يا عمر ؟ قال : لا ، - لقد كان عمر صادقا من البداية - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر ، لا يكمل إيمانك حتى أكون أحب إليك من نفسك يقول عمر : فخرجت وفكرت ثم عدت لأهتف بها : والله يا رسول الله أنت أحب إلى من نفسي ، فقال رسول الله : الآن يا عمر – أي الآن اكتمل إيمانك الآن ، فقال عبد الله بن عمر ، يا أبت ماذا فعلت بنفسك لقد خرجت لدقائق وعدت ( هل تملك مفتاحا لقلبك ) ، فقال : يا بني خرجت فسألت نفسي من أحتاج يوم القيامة نفسي أكثر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت حاجتي إليه أكثر من حاجتي لنفسي ، وتذكرت كيف كنت في الصراط وما أنقذني إلا هو ، أنقذني الله به ، فأحببته أكثر من نفسي ، فقال عبد الله بن عمر : يا أبت إن نسيت كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما هو الشيء الذي لا تنساه أبداً ؟ فقال : إن نسيت ما نسيت لا أنسى يوم أن ذهبت إليه أقول : ائذن لي أن أخرج إلى العمرة يا رسول الله ، فقال : لا تنساني يا أخي من صالح دعاؤك ، يقول عبد الله بن عمر : فوالله لا أنسى هذه الكلمة أبداً.يقول أبو بكر الصديق يصف حبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : كنا في الهجرة ونحن عطشى ، فجئت بمرقة لبن – القليل من اللبن – فقلت لرسول الله : اشرب يا رسول الله ، فيقول فشرب النبي حتى ارتويت – أنا – أترون الحب ، أترون التعلق بنبي الله صلى الله عليه وسلم . دخل النبي صلى الله عليه وسلم على " ثوبان " خادمه وكان غائباً طوال اليوم فقال له ثوبان : أوحشتني يا رسول الله - أترون قوة التعلق – ترى عندما يذهب أحدكم للحج أو العمرة هل سيقف أمام قبر النبي ويقول له أوحشتني يا رسول الله من قلبه ؟ أنا أعرف رجلا كان يتحدث في مؤتمر فقال ( محمد بن عبد الله ) مجردة هكذا ، فأدى عمرة خصيصاً ليعتذر له . عندما دخل النبي صلى الله عليه و سلم على " ثوبان " وجده يبكي فقال : ما يبكيك يا ثوبان ، قال : أوحشتني ، قال : أهذا ما يبكيك ؟ قال : لا يا رسول الله ، قال فما الذي يبكيك ؟ قال : تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة في الجنة ، وأنى لا أكون معك في الجنة فقال له النبي : يا ثوبان الرجل يحشر مع من أحب . – تريد أن تعلم مكانك في الجنة في قاع الجنة أم في عدن أم في الفردوس انظر إلى درجة حبك للنبي وتعلقك به . سيدنا أبو بكر الصديق يوم إسلام أبيه " أبو قحافة " يوم فتح مكة – وقد أسلم متأخرا جداً بعد أن أصبح عجوزا و فقد البصر – فأخذه أبو بكر وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليم وسلم ليعلن إسلامه فقال له رسول الله : يا أبا بكر هل تركت الشيخ في بيته وذهبنا نحن إليه ؟ فقال أبو بكر : أنت أحق أن يأتي إليك يا رسول الله ، فأسلم أبو قحافة ، فبكى أبو بكر من فرحته ، فقالوا له : هذا يوم فرح ، أبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك ؟ قال أبكي : لأني أحب أن الذي يبايع النبي الآن أبو طالب وليس أبي لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر . فتخيل مدى العلاقة والحب ، إن فرحتي لفرحة النبي أكبر من فرحتي بأبي، أين نحن من هذا الحب ؟ ومن هذا التعلق ؟؟؟فهذا جذع شجرة يحب النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان النبي يخطب في مسجده من على جذع شجرة قبل أن يقام منبره حتى تراه الناس ، فعندما بنوا له المنبر ترك الجذع وأصبح يخطب من على المنبر ، فسمعنا للجذع أنينا – كما يقول الصحابة – لفراق النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم ينزل من على المنبر ويمسح على الجذع ويقول له : ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة ؟ فسكن الجذع .. هو موجود بمكانه حتى اليوم ، في الروضة أمام المنبر مدفون هناك . الجذع نطق وشعر بحلاوة قرب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بعيدون. سيدنا " سواد " يقف يوم غزوة بدر في وسط الجيش – وهو صحابي سمين – فيقول النبي استووا ( استقيموا ) فيذهب النبي ليجد سيدنا سواد يخرج عن الصف قليلاً فقال استو يا سواد فقال : نعم يا رسول الله ، فالتفت النبي وعاد فوجد " سواد " ما زال غير مستو ، فجاء النبي بسواك ونخزه في بطنه وقال : استو يا " سواد " – فنحن في وقت معركة والأمر جدي – قال : أوجعتني يا رسول الله ، فكشف النبي عن بطنه وقال : اقتص يا سواد ، اقتص يا سواد ، فانكب سيدنا سواد على بطن النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها يقول : هذا ما أردت هذا ما أردت ، فيقول له النبي وما حملك على هذا يا سواد ؟ فيقول : يا رسول الله أظن أن اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر عهدي بالدنيا ملاصقة جسدي لجسدك . صلى الله عليه وسلم . صلى الله عليه وسلم ...صلى الله على محمد صلى الله عليه و سلم صلوا عليه و سلموا تسليما
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده...
الاحسان

أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .


يقول الله عز وجل: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ترى هل نوينا وجربنا التغيير من خلال ما تعرضنا له بالدرس السابق ؟ فتخلقنا بخلق التواضع مع الفقراء والمساكين .. إن الله يقول لنا ابدؤوا وحاولوا أن تتغيروا وانظروا ماذا سيفعل بكم الله .


قد يظن أن بناء السدود و المصانع وشق القنوات والأنهار من أصعب الأشياء .. لا بل أصعب شئ في الدنيا بناء إنسان من الداخل ، أصعب شئ أن تنتج إنسانا ذا أخلاق يصبح نموذجا يحتذى به في المجتمع ، ليس أصعب شئ أن تتعلم الصلاة ، وليس من الصعب أن تصوم وليس صعبا أن تذهب للحج ، أصعب شئ أن تصلح نفسك من الداخل وتزكيها يقول عز و جل " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "الآية 09 سورة الشمس حقا هذا هو الشيء الصعب . سيدنا " عمر بن عبد العزيز " استلم زمام الأمة منذ قرون عديدة وكان في صفوف الأمة بعض الخلل ، و لما أصبح خليفة للمسلمين قال " إنى أعالج شئ لا يعين عليه إلا الله " تعال يا عمر يا بن عبد العزيز وانظر لحال الأمة اليوم وماذا تحتاج لكي تعالج . لذلك نحن نحاول أن نصلح أنفسنا معا من الداخل ولا نسمع لمجرد التسلية و تمضية الوقت ، يا جماعة النبي بدأ مع الصحابة من الجاهلية وحاول بناء أمة صالحة فى 25 سنة فقط بعدها صارت هذه الأمة تقود الأرض كلها ، أناس كانوا يعبدون الأصنام و يأكلون الميتة حسّن من أخلاقهم وعباداتهم ، رباهم وصاروا أمة تقيم الإسلام فى الأرض كلها وتنصر . إذا ليس من الصعب ان تتغيروا و تصبحوا صالحين . ولنبدأ فى خلق ضاع بين المسلمين ، خلق أصبح غريبا فى ارض الإسلام نادرا ما تجد مسلما يتحلى به ، خلق أجادة الغرب ونجح فيه خلق " الإحسان " – وأنا أعلم أن الكثيرين لن يفهموا ويقدروا قيمة هذا الخلق إلا بعد الانتهاء من دراسته .


ما هو الإحسان ؟

ببساطة هو " الإتقان " ، أن تتقن كل شئ ...و لكن هل هذا الخلق ؟ نعم ، إنه من صميم أخلاق الإسلام إتقان الأعمال – إتقان المعاملة .. ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "


فضل الإحسان : واسمع الآيات القرآنية التى تتحدث عن قيمة المحسن عند الله فى كل شئ وليس فى العبادة فقط .


· يقول الله عز وجل : " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين " .


· ويقول الله تبارك وتعالى " إن رحمة الله قريب من المحسنين " .


· إن رحمة الله قريب من الإنسان الذى يتقن أي شئ يكلف به .


· يقول الله تبارك وتعالى : " واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " .


· يقول الله تبارك وتعالى : " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنين " . إذن الله مع المحسنين ، والمحسنون فى درجة المتقين .


· يقول الله تبارك وتعالى : " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " والزيادة هى رؤية الله عز وجل ، أيها المحسنون بشرى لكم برؤية الله عز وجل عيانا . أترون قيمة هذا الخلق الضائع بين الناس .


· يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شئ " كتب : أي أنك مطالب ومأمور بالإحسان ، في كل شئ ، أي فى كل صغيرة وكبيرة أنت مطالب أن تكون محسنا . " إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتل ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته " هل رأيتم المثل الذى اختاره النبي ( كأن تذبح دجاجة ) قد تحسب أنك غير مطالب بالإحسان فيه ،في لحظة إنهاء حياة هذه الدجاجة أنت مطالب بالإحسان .المثال ذكر آخر ما قد تتصور نفسك تفعله (القتل أو الذبح) ، إذن غير ذلك كله أنت مطالب بالاحسان فيه .


ألا ترى أن هذا الخلق ضائع منا ، خصوصا نحن المصريون لدينا مشكلة تسمى (الفهلوة ) ونعتقد أنها شطارة / تميز ، مع أنها عكس ( الإحسان ) ، وهى دليل على سوء خلق " إن الله كتب الإحسان على كل شئ " . " وليحد أحدكم شفرته " دليل على أننا لا يكفى أن نأخذ نية الإحسان ولكن لابد من الأخذ بالأسباب ( أدوات الإحسان ) ، أن تحسن وأنت تقتل أو تذبح ذبيحة فكر فى أحسن الأدوات اللازمة لكى تحسن هذا العمل ( تحد السكين ) . وأنت تراجع دروسك – عليك أن تختار المكان المناسب والوقت المناسب لذلك .. .


هل أصبح المعنى أوضح ؟ .


انظر الى الله عز وجل كيف أحسن إلينا ، سندقق الآن في صفة من صفات الله عز وجل لنتعلم منها ونأخذ بها.


يقول الله تبارك وتعالى : " الذى أحسن كل شئ خلقه " فى كل شئ هل تلاحظ وجود أي نقص فى خلق الله تعالى ، أي اعوجاج أي قصور فى خلقه تبارك وتعالى لن تجد .





يقول تبارك وتعالى " وزيناها للناظرين ، فأرجع البصر هل ترى من فطور " وهو يصف السماء ويسألك أن ترجع البصر وتنظر هل سترى أى اعوجاج؟؟؟ هل ترى أى قصور ؟ ؟؟؟كان من الممكن أن يجعل الله عز و جل للسماء وقت الشروق ووقت الغروب لونين فقط أبيض وأسود ، لكن انظر لجمال المنظر وتعدد الألوان ، انظر للإحسان فى الخلق .. إنه بديع السموات والأرض . انظر الى نفسك ، يقول الله تبارك وتعالى :" لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم " أي خلقتك على أكمل ما يكون انظر الى العينين ومكانيهما ، إلى اللسان و مكانه ، انظر الى جسدك … انظر الى الحيوانات كيف أحسنت خلقها بمختلف أنواعها ؟ " الذى أحسن كل شئ خلقه " . تعلموا من الله ، وتحلوا بهذا الخلق الجميل . يقول الله تبارك وتعالى : "وصوركم فأحسن صوركم" نتعلم منها أن " وأحسن كما أحسن الله إليك " . يقول الله تبارك وتعالى : "الله أنزل أحسن الحديث" أحسن الله خلق الكون ، وأحسن إليك ، وأحسن فى كتابه المنزّل عليك فأنزل فيه أحسن الحديث.


نماذج الإحسان فى حياتنا .

الإحسان فى العبادة

إن آداءك للصلاة عبادة ، لكن إحسانك آدائها خلق ( أن تؤدى الصلاة على أفضل ما يكون ) أرأيت علاقة الأخلاق بالعبادات ....كيف تحسن فى العبادة ؟ .


جاء جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم : قال : يا محمد اخبرني عن الإسلام ، فقال : أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال : فأخبرني عن الإيمان : قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيرة وشره ، قال :فأخبرني عن الإحسان : قال : أن تعبد لله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .


هل تستطيع أن تحسن بهذا الشكل، أن تصلى ركعتين لله وكأنه ينظر إليك وتنظر إليه : تعالوا لنجرب...لم لا نجرب ذلك و نتذوق حلاوته ، أن نعبد الله كأننا نراه ، فإن لم نكن نراه نستشعر مراقبته الشديدة لنا فى كل خطوة ليس فى الصلاة فقط ، لكن اعلم أنه عز و جل مطلع علينا في كل لحظة من لحظات حياتنا في كل حركاتنا و سكناتنا وأنا أضحك ... الله مطلع علي... الآن وأنا أتحدث إلى صديقي – الله مطلع علي الآن وأنا أدخل حجرتي لأنام – الله سيأخذ روحي الآن ، هل تستطيع أن تقضي يوما من عمرك محسنا في كل شيء ؟


الإحسان بالوالدين

يقول عز و جل : " وبالوالدين إحسانا " جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : - يا رسول الله أبايعك على الهجرة والجهاد ، فقال له النبي : هل من والديك احد حي ؟ قال نعم : بل كلاهما ، قال : أتبتغى الآجر ؟ قال : نعم يا رسول الله قال : : فارجع الى والديك فأحسن صحبتها " هل تستطيع أن تحسن لوالديك بنية الفوزبالآجر؟؟؟، خلق الإحسان : ليس محدودا يا إخوتي أو له نهاية ، كل ما تزيد إحسانا و تطبق الإحسان في كل ما تفعل كلما ترتقى عند الله ، أنت لست مطالبا بشئ بعينه . حتى أن الله تعالى قال " وبالوالدين إحسانا " فقط دون تفصيل و تركك لتحسن بطريقتك ... أرنى إذن كيف ستكون نظرة عينك إليهما ، كيف ستكون معهما نبرة صوتك ، كيف ستكون ملامح وجهك وأنت تقول لأمك : هل أنت بحاجة لشئ ؟ أنا الآن لست أعلمك حديثا رقيقا لتقوله لهما ولكنني أتحدث عن إحسانك لهما و هو يتجسد في نبرة صوتك معهما وملامح وجهك . أن تقبل أيديهما ، وقد ذكرنا ذلك فى خضم حديثنا عن التواضع ، لكن قد تسأل ترى كيف يكون الإحسان في تقبيل أيديهما ؟


الإحسان للبنات

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من رجل تدرك له ابتنان أو أخان فيحسن إليهما ما صاحبها أو صاحباه إلا أدخلتاه الجنة " . كيف أحسن للبنات ؟ ذلك في طريقة معاملتك معهن ، في النصيحة لهن ، في إعانتهن على طاعة الله ، أنظر الى النبي صلى الله عليه وسلم وإحسانه الى فاطمة رضى الله عنهما : كانت لا تدخل عليه إلا و قام لها وقبلها من رأسها ، انظر كيف أن الأب هنا هو الذى يفعل ذلك ،ترى كم من أب يفعل ذلك مع ابنته ؟ عندما تزوجت السيدة فاطمة سيدنا علي سكنا بعيدا عن بيت النبي وعن المسجد النبوي ، فذهب النبي لرجل يسكن بجوار المسجد النبوي و قال له : إنى لا أطيق فراق فاطمة ، هل أشتري منك البيت ليأتي على وفاطمة ويسكنا بجواري ؟ فقال له الرجل : يا رسول الله أنا وبيتى فى سبيل الله . لذلك كل من يدخل الروضة سيجد مكان بيت السيدة فاطمة ملاصقا لبيت النبي صلى الله عليه وسلم


والآن ونحن نعيش القرن العشرين كيف ستحسن لابنتك ؟ أنصحك بأن تصادقها حتى لا تخفي عنك شئ، الكثيرات منهن يخدعن اليوم باسم الحب ، اسمع منها واصبر عليها وأنا أرى أن هذا هو أفضل سبل الإحسان في هذا الزمن الصعب الذى نعيشه .


الإحسان فى التحية

يقول الله تبارك وتعالي : " إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها " . حتى عند التحية أنت مطالب بالإحسان ، إذا مد يده مدها أنت أيضا ، إذا ابتسم إليك رد عليه بابتسامة أوسع .


الإحسان فى الجدال

أجل حتى عند اختلاف وجهات النظر . يقول الله تبارك وتعالى : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)" سورة النحل كيف يكون ذلك ؟ إن أبدى رأيا يخالفك ماذا سترد عليه هل ستقول له : لا لا ما هذا الهراء ؟ أو ستقول لا أنا معترض على هذا الحديث؟؟ كيف ستكون محسنا هنا ؟ تستطيع أن تجيبه قائلا : كلام حضرتك جميل لكن أنا عندى رأي أخر أريد أن أقوله . انظر للنبي صلى الله عليه وسلم كيف يجادل بالتى هى أحسن : - جاءه عتبة بن ربيعة فقال : يا أبن أخي إنى عارض عليك أمورا فقال له النبي : قل يا أبا الوليد فإني أسمع : فعرض عليه أشياء سخيفة جدا ، عرض عليه أموالا ، وأن يتزوج من أجمل فتيات قريش ، وأن تكون له العزة والمكانة ، وأن يعالجوه إذا مرض كل ذلك في سبيل أن يترك ما يدعو إليه فقال له النبي : أفرغت يا أبا الوليد ، قال : نعم ، قال : فاسمع منى … أرأيت كيف يكون الجدال بالحسنى ، بعيدا عن العصبية ، يؤخذ على المتدينين أنه إذا جاء أحد وتحدث عن الدين والمتدينين بطريقة ما يثور ويتعصب ، ولا يجادل فى هدوء ، ليتنا تعلمنا عن النبي ، ليت قنواتنا الفضائية تتعلم كيف يكون الجدال بالحسنى ، وأدب الحديث .


الإحسان فى الكلام

تختار أرق الكلام إذا تحدثت ،هل تستطيع وأنت خارج من المنزل أن تسأل والدتك "نفسك فى حاجة " بدلا من " عايزة حاجة ؟ " فالرقة فى نبرة الصوت والكلمة الحلوة لم يكلفاك شئ . انظر للنبي صلى الله عليه وسلم في اختياره للكلمات الحلوة . كان أحد البدو يدعى " زاهر " وقد كان ذميما ، وكان غليظا لأنه من البادية ، فكان الصحابة لا يحبون التعامل معه كثيرا وينفرون منه إلا النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامله برقة شديدة وكان يتودد إليه ، فبينما كان النبي يمر في السوق إذا " زاهر " يقف وسط السوق وكل الصحابة بعيدون عنه ، لا أحد يقف معه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم من ظهره واحتضنه ، فقال زاهر و هو ذو الشخصية الغليظة . من هذا ؟ أرسلني ، يقول الراوي : ففتح النبي ذراعيه، فاستدار فوجد النبي صلى الله عليه وسلم فاتحا ذراعيه ، فيقول زاهر ": فما فرحت بشئ كملاصقتي لجسد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذ النبي بيدى ووقف فى السوق يقول : من يشترى هذا العبد ؟ من يشترى هذا العبد ؟ فيقول زاهر : إذن تجدنى كاسدا يا رسول الله ، فيقول النبي : لكنك عند الله غال – أترون رقة الكلام ، إن كنت كاسدا فى عالم الناس ، فمقامك عند الله عظيما أيها الرجل .


إذن ما أحسن الكلام ؟ أحسن الكلام الدعوة إلى الله . يقول الله تبارك وتعالى : " ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا " . إذا أردت أن تكون محسنا في كلامك ، اجعل كلامك عن الدين ، عن الإسلام .


الإحسان فى الزواج

يقول الله تبارك وتعالى : " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ " من الآية 19 من سورة النساء ، يقول العلماء فى تفسيرهم لهذه الآية إنه ليس معناها أن تعاملهم بالمعروف عندما يحسن إليكم ولكن معناها أن عندما تسيئ إليك تحسن أنت إليها . تحسن فى إختيارك للزوجة ، تبحث عن أصل أهلها ، عن والدتها ، عن دينها ، عن أخلاقها ، هل تحرص على الصلاة أم لا ؟ ابحث عن الصدق فيها و ليس جمالها فحسب .


خلق الإحسان خلق يمكن أن يشمل الدين كله ، يقول عنه ابن القيم : " هو لب الإيمان ، وروح الإيمان ، وكمال الإيمان هذا الخلق خلق الإحسان " . ولو جمعنا فضائل الأعمال كلها من صلاة وصيام وذكر وقرآن لدخلت تحت الإحسان . من الإحسان أيضا فى قوله تعالى : " وعاشروهن بالمعروف " الإحسان فى المسكن : مثلا : كل زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كنّ يسكنّّ بالمسجد النبوي – منطقة صحراوية – فلما تزوج " ماريا المصرية " أسكنها النبي فى مكان يسمى " العوالي " – مكان كله خضرة وزرع حتى يتناسب و طبيعة البيئة المصرية التي كانت تعيش بها السيدة ماريا – أترى إحسان النبي فى اختياره مسكن الزوجية ، وهو المنشغل بإصلاح أمة . لكن ليس معنى ذلك أنك لابد وأن تسكنها فى شقة على النيل باهظة التكاليف وتقول أن هذا من الإحسان ، لا ولكن توفر لها مستوى قريبا من الذى كانت تعيشه .


الإحسان حتى عند الطلاق

يقول لله تبارك وتعالى : "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ " -من الآية 18 من سورة الزمر- هل بلغ الإحسان حاسة السمع ؟؟؟ إذن ماذا ستختار لأذنك عندها ؟ نعم يبلغ الإحسان ذلك أيضا. لا تسمع أذنيك كلاما هابطا ، كلاما بذيئا ... كلاما ليست له قيمة . الاحسان عند مراجعة الدروس : أن تحس وتتقن الدراسة ، تقول لا أنا شاطر وأعلم كيف أنجح دون تعب شديد فى المذاكرة ، ودائما أنجح بسهولة . نعم أنت أمام الناس ناجح ، لكن أمام الله أنت غير محسن ، وأنت فى هذا الخلق تتعامل مع الله وليس مع الناس .


إحسان ربة البيت فى منزلها

فى ترتيب وتنظيف البيت ، في طهي الطعام ، فى تربية الأولاد . تخيلي أنك كلما أتقنت عملك في البيت أكثر كلما كتبت عند الله محسنة بدرجة أكبر . إن كنا نريد أن نبنى مصانعا ، سدودا ، و ننجز مشاريعا ، نقطة البداية ستكون من هنا: بــــــــــــالإحسان .


الإحسان مع الحيوان

لتتعلم جماعات الرفق بالحيوان من النبي صلى الله عليه وسلم : جاء في الحديث الذى رواه الإمام مسلم فى مسنده " أن بينما رجل قد أضجع شاته – أي أنامها لكي يذبحها – ثم أخذ شفرته يحدها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أتريد أن تميتها مرتين ؟ فقال : وكيف ذلك ؟ قال : هل أحديت شفرتك ثم أضجعتها ؟ . أليس عظيما هذا الدين الذي طبّق في كل أمور حياتنا وعلمنا الإحسان فى كل شئ .


الإحسان فى مهنتك

ليتنا نجد منتجا و قد كتب عليه " صنع فى مصر " فنعلم أن من أنتجه مصري مسلم ، و نعلم عندها أن هناك مكان للإحسان في صناعاتنا فنقتنيه . لكن ما يحدث أننا عندما نعلم أن هذه السيارة مثلا ركّبت في مصر يعتريك فورا شك حيالها و تقفز إلى ذهنك عبارة "إياك أن تشتريها" ، اشتر التى ركّبت في إيطاليا فذلك أضمن ... !!!! لماذا ؟ لأنهم يتقنون ، يحسنون.. أما نحن فلسنا بمحسنين . أرأيت كيف يمكن أن يكون المسلم نموذجا سيئا للمسلمين ، و قد بلغ الأمر بالأجنبي الذي اعتنق الإسلام أن قال : الحمد لله أني قد أسلمت قبل أن أرى المسلمين ، لأن أخلاقنا وطبائعنا ليس لها علاقة بالإسلام .


انظر لسيدنا يوسف : كيف كان محسنا في إدارة شؤون الدولة ( مصر ) ويضع سياسة للتخزين ، ويضع سياسة للاستهلاك .


قال : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ(47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ(48)- . سورة يوسف


· دأبا – زيادة في الإنتاج


· ذروه في سنبلة – سياسة للتخزين


· يأكلن ما قدمتم لهن – استهلاك بترشيد .


ما هذا ؟ نبي أنت يا سيدنا يوسف أم أنك وزير اقتصاد ..إنّه الإحسان أرأيت الإحسان وعلاقته بالتخطيط والإدارة .


هل تفخر و تعتز بدينك أم لا ؟ أتستشعر كم هو عظيم ويتسم بالشمولية ؟؟


الإحسان فى الحرب

يقول النبي للجيش فى غزوة مؤتة عند خروجهم " انطلقوا باسم الله ، على ملة رسول الله ، لا تقتلوا شيخا فينا ، لا تقتلوا أمرآة ، لا تقتلوا صغيرا ، لا تقتلوا رضيعا ، لاتهدموا بناءا لاتحرقوا شجرا ، لا تقطعوا نخلا ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " . إنه جيش محسن ، هل سمعت بحياتك هذا التعبير ؟ الإحسان وأنت تقتل الكافر : - يقول الله عز وجل :- " فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ" من الآية 04 من سورة محمد. حدد الله مكان الضرب عند القتل – عند الرقبة – والضرب أي مباشرة دون تعذيب وقد حدد الله من قبل مكان الضربة القاتلة للملائكة في غزوة بدر في قوله تعالى : "فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ" من الآية 12 سورة الأنفال لأنها أسهل نقطة للقتل مباشرة دون تعذيب حتى مع الكفار ؟ نعم أترون عظمة هذا الدين الذي يحسن حتى للكافر وهو يموت .


بقيت نقطتين فى الإحسان : -


الأولى: أنك قد تعترض وتقول لماذا تطالبني أنا بالإحسان ، كيف سأكون الوحيد الذى لا يرمى ورقة في الشارع ، الجميع يفعلون ذلك ، وليس هناك من يحسن في هذا الأمر . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تكونوا إمّعه ، تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا انفسكم فإن أحسن الناس أحسنوا ، وإن أساءوا لا تظلموا " صلى الله عليه وسلم . وطنوا أنفسكم: أي اضبطوا أنفسكم وأخلاقكم. هذا هو المسلم المتفرد الذى يضبط نفسه وخلقه ، و لا يقول أنا جزء من هذه البيئة فأفعل ما يفعلون و أترك ما يتركون ، إذن ماذا أضاف اليك الإيمان ؟ وذهابك للمسجد .


النقطة الثانية :


إنى خائف على بعض الناس والتى ستنوى الإحسان بعد سماعها لهذا الدرس من أن تصاب ببعض الوسوسة. مثال : " سلمت على والدتك وقلت لها إزيك ؟ ثم خرجت وعدت ثانية لتقول لها إزيك جدا ‍ ؟ حتى تكون محسنا " ربة المنزل تستشعر أن الطعام ينقصة ¼ ملي كمون حتى تكون محسنة فى طهيها … أجل لقد ذكرت أن الإحسان هو الكمال والتفرد فى أدائك للأعمال ، لكن ليس هناك فى الإسلام مبالغة ، و وسوسة ، و مثالية . أي خلق فى الإسلام له طرفان والإسلام يطلب منك أن تكون فى وسطيا .


مثال :


· الشجاعة وسط بين التهور والجبن


· الكرم وسط بين البخل والإسراف


· الإحسان وسط بين الفهلوة والوسوسة والمبالغة


" سددوا وقاربوا " حاول أن ترتقى اليوم أن تحسن في حديثك ، فى السماع .


هل نوينا التغيير ، هل نوينا ألا نفضح الإسلام والمسلمين بسوء أخلاقنا ، ألم تحضر هذا الدرس ، ألم ترتدى الحجاب ابدأي إذن فليس ارتدائك الحجاب هو النهاية بل البداية فى المطلوب منك ، أنت أصبحت منبرا متحركا للإسلام ، دالة عليه أحسنى إذن فما أعظم هذا الخلق ، اتقنوا كل شئ .. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبة أجمعين .
زملكاويه
زملكاويه
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . سنشرع في بداية سلسلة الأخلاق ، في كل مرة نتعرض لخلق من الأخلاق هو كيف نرسخه في أنفسنا ؟ وكيف نتعامل به ؟ وكيف نتخلق به ؟ كيف ننميه ليكون خلقا من أخلاقنا وسلوكا من سلوكياتنا في الحياة ؟ وأنا أعلم أن الكثيرين سيتساءلون لماذا الأخلاق بالذات ؟ ولمَ لا نتحدث عن السيرة أو حكايات الصحابة ؟ لماذا الأخلاق وما هي القيمة التي ستعود علينا من دراستها ؟ لذلك أنا جعلت الشريط الأول مقدمة في الأخلاق أتحدث فيها عن أهمية الأخلاق وما هو هدفنا منها ؟ في الحقيقة هناك أربعة أهداف من دراستنا لهذه السلسلة : - الهدف الأول : أن هذه الأخلاق هي الهدف الأول من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم... نعم... ، إن أول هدف من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ضبط الأخلاق أتتعجب ؟ ؟؟؟?!!!اسمع هذا الحديث " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وفكر فيه . الرسول صلى الله عليه وسلم بعث لماذا ؟ لرحمة البشر ، لخير البشر ، لصلاح البشر ، لهداية البشر ، ألم يقل الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " فكر معي في هذه الآية . تخيل لو أن مجتمعا يسوده الغش ، تسوده الكراهية ، تسوده خيانة الأمانة ، تسوده الفواحش ...، هل يكون في هذا المجتمع مكان للرحمة ؟ هل هذا مجتمع آمن ؟ هل هو مجتمع راضٍ؟ لو أن هذا المجتمع كان أفراد شركة واحدة هل ستنجح ؟ لو كان هذا المجتمع عائلة واحدة هل ستسودها الرحمة وتكون متحابة ومترابطة فيما بينها ؟ إذن هل رأيت العلاقة بين : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، و "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " يعني أنه لا رحمة بين العالمين " لا هداية ، لا صلاح ، لا اطمئنان بين مجتمع من المجتمعات إلا بشيء واحد ألا و هو " الأخلاق " . نقطة أخرى : قد تظن أن العبادات من صلاة ، صوم ، حج ، ذكر دعاء أهم من الأخلاق لكني أقول لك :- لا !!!! الأخلاق أهم . وكيف ذلك ؟ يا جماعة كل هذه العبادات هدفها الأسمى ضبط الأخلاق … فيصبح خُلُق حضرتك سوياً ومنضبطاً ، ولو فقدت عبادة من هذه العبادات ضبط الأخلاق تصبح تمارينا رياضية ليس إلا . ولنبدأ . 1. بالصلاة: يقول الله عز وجل " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " . إذن من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر أيكون قد أدى صلاته أم لا ؟ إنه لم يؤد إلا تمارينا رياضية ، ما هي قيمة الصلاة الأساسية؟؟ ما هو انعكاسها على خلقك . يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خَلقي ولم يبت قصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب " . تمعن معي ؟ ما هي العلاقة بين آداء الصلاة وتقبلها والرحمة بالأرملة ؟ هناك علاقة... إذا لم تجعلك صلاتك رحيما بالناس فأنت إذن لم تصل . ألاحظتم المعنى والعلاقة ؟؟؟ 2. الصدقة: يقول الله عز وجل " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " . هدف الصدقة والزكاة هو التزكية ، فما معنى التزكية ؟ هي التربية العميقة على حسن الخُلق ، أرأيت إذن كل آية من آيات الفرائض تجدها تخدم خُلقا معينا وتحث عليه. و أين يكمن معنى التزكية إذا تصدقت ؟ ، أنت إذا تصدقت ستتعلم الرحمة ، سترحم الضعيف ، ستتعلم الكرم ، ستكره الكــبْر. النبي أيضاً يعلمنا أن هناك صدقات أخلاقية تفوق صدقات الأموال . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، تخيل ، إذا أردت أن تتصدق وليس في جيبك مال ، تستطيع أن تبتسم في وجه أخيك وتكون بذلك قد تصدقت . " تبسمك في وجه أخيك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق صدقة ، وإرشادك للرجل الضرير صدقة ، وأعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " . أرأيتم مفهوم الصدقات ؟؟؟؟ كيف أن إرشاد الرجل لطريق يجهله صدقة ، وأن تفرغ من إنائك في إناء أخيك صدقة ، وأن تنظر لوجه أخيك المؤمن كفيفا كان أم بصيرا صدقة وهكذا . ... وأنا هدفي يا جماعة من درس اليوم أن أجعل كل واحد منكم يستشعر إرادة اغيير ما بنفسه من أعماقه ويريد أن يحسن خُلقه ، وهذه أصبحت قضية مهمة ، لم تعد القضية أن أرتدي الحجاب فقط ، وأنني عندما أرتديه أكون قد أديت كل ما علي من أوامر الدين ، لا أبداً .. إن المعنى الحقيقي لهذا الدين يكون في يندرج تحت : " أين أخلاقك من الإسلام ؟ " 3. الصيام : يقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يجهل ، وإن شاتمه أحدكم أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم " . تخيل ، أصبح يوم صيامك يوم تتجسد فيه أخلاقك ، أصبح يوما لتبيان الأخلاق ، لأنه لا يصح أن أشتم أو أتشاجر أو أفسق أو أجهل أو أن أرفع صوتي أو أجادل لأني صائم ، وصيامي هذا يجعلني مسلما على خلق. أرأيتم : إذن اكتشفنا أن الهدف من الصلاة التحلي بالأخلاق ، و الهدف من الصيام أيضا كذلك 4. الحج : يقول الله تبارك وتعالى :- " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " . الحج يا جماعة تدريب قاس على انضباط الأخلاق ، فعندما تكون قاصد الحج وأنت مستحضر النية ، صار لزاما عليك ألا تزاحم حتى و إن زاحمك أحدهم عند الطواف ، إذا شاتمك أحد فلا ترد عليه ، والمقصود هنا أقل ما يصدر من الكلام غير المقبول ، مثل " أفُ لك " مثلاً قد تحتاج منك الاستغفار وتوبة في الحج ... إنه تدريب قاس لك على مدار عشرين يوماً لضبط نفسك و ترسيخ الأخلاق فيها يتساءل الكثيرون ترى لم كان موسم الحج موسما واحد يجتمع فيه كل المسلمين ، ترى لمَ لا يحج المصريون في شهر رجب مثلاً ، واليمنيون في شهر آخر... أي أن يحج الناس كل من بلده في أوقات متفرقة فجبل عرفات راسخ بمكانه لا يتزحزح عنه ما الداعي لاجتماع الكل عليه في وقت واحد أتراه سيغير مكانه بعد هذا الموسم المحدد ؟؟؟ طبعا لا !!!! الهدف أن يجتمع الكل بتعداد الملايين من مسلمي العالم في وقت واحد و في أوج الزحام و تداعياته ، عليك أن تبرهن على تحكمك بضبط نفسك و تحليك بحسن الأخلاق ... أرأيت ما هو الهدف من الحج وأن يكون ملايين المسلمين معاً على جبل عرفات في وقت واحد ، و جميعهم يرمون الجمرات في وقت واحد ، وجميعهم في منى وجميعهم في المزدلفة... لماذا ؟ إنها رسالة تربوية مفادها : عيشوا معاً واحتكوا ببعضكم و اجعلوا الأخلاق سمتكم ستستطيعون ضبط أخلاقكم في وسط هذا المكان الضيق خلال عشرين يوما ، هل ستعود بعد ذلك وتعجز عن ضبط أخلاقك مع أبيك وأمك ويعلو صوتك ؟ مع جيرانك وفي بيتك ؟ أرأيتم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ما معناها ؟ وإن ضبط الأخلاق أول وأهم هدف من البعثة المحمدية . - بعض الناس تظن أن أهم شيء في الدين أن يتعلم المسلم ، يحفظ القرآن يتعلم أمور الفقه وعلم المواريث و … و … و لكن و لكن أين أخلاقك ؟ يقول إنها في المقام الثاني ، لا ...أبداً ، اقرؤوا معي هذه الآية والتي وردت على لسان سيدنا إبراهيم " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" . البقرة الآية 129ولاحظ معي هنا الترتيب :- أن يأتي رسول من هذه الأمة : ليتلو عليهم الوحي ويعلمهم ، ويحسن أخلاقهم ( يزكيهم ) . هذه الآية أتت في القرآن 4 مرات ، مرة على لسان سيدنا إبراهيم وثلاث مرات على لسان الله عز وجل ، وهذه المرات الثلاث على لسان الله كان الترتيب فيها مختلفا ، يقول الله عز وجل :" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "البقرة(151) لاحظت الترتيب هنا : سيدنا إبراهيم عندما دعا طلب العلم أولاً ثم التزكية لكن الله عز وجل ذكر التزكية أولاً أي أن الأخلاق هي التي تتصدر الأمر . ما هي قيمة مسلم حفظ القرآن وليس بصادق ، ما هي قيمة علم دون خلق كل هذا لا يساوي شيئا . إذن هل ندرك قيمة الخلق هل نتحلى بها و نعيش بها و هل هدفنا الأول من دراستنا لهذه السلسلة " هو ضبط الأخلاق " . الهدف الثاني : - إن هناك انفصالا شديدا لدينا بين الأخلاق والعبادات ، بين الدين والحياة ، داخل المسجد يكون منضبطا ...الحجاب الشرعي والصلاة يؤديان على أكمل وجه ، خارج المسجد تصبح شخصا آخرا ...إذن أين الأخلاق ؟ ستجيب : مادامت العبادات منتظمة فلا أهمية للأخلاق !!!! الحياة شيء ، والدين و تأدية العبادات شيء آخر ، خطأ يا جماعة ، هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء الإسلام وحدة واحدة ، كل متكامل ، وينتج عن هذا الفصل الصارخ نوعان من البشر : الأول : عابد سيئ الخلق ، والثاني : حسن الخلق سيئ العبادة . نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام في شيء إذن هدفنا من هذه السلسلة يا جماعة أن نكون عباد ذوي أخلاق حسنة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ، قال : من لا يأمن جاره بوائقه " . لاحظوا كم أنّ الإيمان مرتبط بالأخلاق ، مثال : المرأة التي نشرت ثيابها المغسولة مبتلة فوق ثياب جارتها و هي جافة ، كتب عليها ملك الشمال سيئة . نعم سيئة كتبت عليك ، هل فكرت فيها من قبل ؟ هل خطرت على بالك من قبل من ترك سيارته أمام مستودع جيرانه وذهب ليصلي ركعتين أتراها قد قبلت صلاته ؟ نحن هنا وقعنا في خطأ يقلل من ثواب حضورنا لهذا الدرس ، جميعنا هنا ترك سيارته أمام باب المسجد لأنه يريد أن يوفر على نفسه عناء المسير إلى سيارته التي أودعها مكانا يبعد عن المسجد بعد خروجه ، ما ذنب الجيران و أهل المنطقة هنا ؟؟؟، كلنا يحسب أنه على صواب فنحن في بيت الله نتدارس ونتعبد ، كلا أبداً نحن مخطئون أرأيتم إننا نفعل أشياء كثيرة خاطئة ونظن أن ليس لها علاقة بالإسلام ...لا ،أبدا الإيمان والأخلاق شيء واحد . .. كل لا يتجزأ جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها ، قال : هي في النار ، تخيل يقال أنها تذكر : أي انتشر صيتها من كثرة الصيام والصلاة والصدقة وفي مدينة النبي ، ولكنه قال : هي في النار . ثم ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها لا تؤذي جيرانها ، قال : هي في الجنة . بالمناسبة هي ليست دعوة للإقلال من الصلاة نحن لا نريد إصلاح شيء على حساب الآخر ، نحن نريد الانضباط في الاثنين معا نريد الموازنة . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم :- " إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتركه الناس اتقاء شره " تخيل !!!! نجد الأب يحذر ابنه إياك أن تلمس أو تضرب ابن هذه الجارة لأنها " ستجمع علينا أهل البناية إذا ما فعلت " و تتسبب في مشكلة نحن في غنى عنها . أما عن حجابها فهو شرعي ما شاء الله ، ما قيمة هذا الحجاب و الناس تتجنبك اتقاء لشرك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " الإيمان بضع وسبعون شعبة – أو وستون شعبة – أعلاها " لا إله إلا الله " ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، فما قولك فيمن فتح شباك سيارته وأخرج بقايا ما كان يأكله وألقى بها في الشارع ، ومن أخرجت لبانة من فمها وألقت بها على الأرض في الشارع ، هل تصدق أنك بذلك قد فقدت شعبة من إيمانك ، فعلا قد فقدتها ... أنت مطالب بإماطة الأذى عن الطريق ويكون ذلك من دلائل إيمانك ، فماذا عمن يفعل العكس...ما بالك بمن تطلب من ابنها أن ينزل مبكراً ليلقي بالقمامة في الشارع قبل أن يستيقظ الجيران ، ترى هل صلت الفجر ؟ و إن صلته أين صلاتها مما فعلت ...؟؟ إننا نريد أن نسترجع العلاقة بين الإيمان والأخلاق ، و نرسخها فتعتبر آثما إذا ما ارتكبت خطأ أخلاقيا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعاً ، إذا رفع أحدهما ، رفع الآخر " . الحياء والإيمان يا جماعة ، ما أوطد العلاقة بينهما مثلا : طالبة بالجامعة تقهقه ضاحكة بأعلى صوتها " أين حياؤها ؟ " و إذا ما أذن لصلاة الظهر تدخل المسجد لتصلي و قد تبكي من فرط الخشوع في صلاتها . الحياء والإيمان قرناء جميعاً . إذن تريد أن تعرف مستوى قوة إيمانك ، أخبرني ما مستوى تخلقك أخبرك إن كنت قريبا من الله أو بعيدا عنه ؟ وهذا ما نريد أن نؤصله بداخلنا ونخرج به من هذه السلسلة . مثال : من خرج بسيارته ويعلم أن ليس بها بنزين كاف وصعد بها الجسر فتعطلت لاستنفاذها ما كان بها من وقود فكان سببا في توقف الكثيرين وسط الطريق هل هو ( آثم ) نعم هو آثم. ولا تقل لي أن ليس لذلك علاقة بالدين ، لا ، إنه لب الدين ، أرأيتم إلى أي درجة نحن بحاجة لتصحيح مفاهيمنا ؟ كما أننا بحاجة لتغيير سلوكيات كثيرة هي من صحيح الإيمان . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في تصحيحه لمفهوم خاطئ لدينا عن الإفلاس . أتدرون ما المفلس ، قالوا : من لا درهم له ولا متاع قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، حتى إذا فنيت حسناته ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " . - أرأيتم ؟؟؟ أتمعنتم المقصود ؟؟؟ ، لذلك إذا دققنا في القرآن اكتشفنا شيء عجيب ، كلما تحدث الله عن صفات المؤمنين ، وجدت أن ترتيب الصفات في سياق الحديث صفة أخلاقية بعدها صفة عبادية ، أخلاق = عبادة = أخلاق = عبادة . مثال : في سورة –المؤمنون- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) أرأيتم كيف تكون صفات المؤمنين خلق وعبادة وتأمل الآية جيداً وبالاثنين معاً يكون المؤمنون . مثال آخر تأمل الآيات التالية من سورة الفرقان: " وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63)" -(خُلُق)- "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) "-( عبادة )-"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)" "إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(66)" -( عبادة )- "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67)" وفي سورة الماعون : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7) " ما الذي أتى بـ " الماعون " بعد ترك الصلاة ؟ إنه التكامل في فهم الإيمان ونحن نريد أن نكون كذلك وهدفنا كل مرة سيكون كذلك . إذن ما هي الأخلاق التي سنتناولها ؟ التواضع: كيف أكون متواضعا ، وما هي صفات المتواضعين ، سيد المتواضعين صلى الله عليه وسلم " كيف كان ؟ الحـــلم: كيف نتعلمه ونتدرب عليه ؟ الهدف الثالث : أن نكون قوما عمليين ، ماذا يعني هذا ؟ هناك أناس مدمنو دروس ، طوال الأسبوع يحضر يوما هنا و يوما هناك وهكذا .لكن ماذا استفدت ؟ نحن نحفظ الدروس بطريقة ممتازة...و لكن اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم . كفانا سماع ولنبدأ في التطبيق ، كل أسبوع سنتواصى بخلق معين نأخذه معاً ثم نطبقه طوال الأسبوع . الهدف الرابع : إننا نريد أن نخرج لمجتمعنا وبلدنا أناس متميزين حسني الأخلاق ونريد أن نبلغ رسالة : من أين يأتي المميزون ؟ من المسجد؟ ، من أين تستفيد المجتمعات والدول ؟ من نماذج خرجوا من المساجد صالحين – أمناء – مخلصين – عباد – يتقنون أعمالهم – صادقون – يحبون بلادهم. إذا ظهرت هذه النماذج سيختفي النموذج المشوه الذي ذكرناه قبل قليل " عابد سيئ الخلق ، نفتن الناس ونغريهم بعبادتنا ثم نفتنهم بسوء أخلاقنا ، فيسألون قائلين ، أنت تريدني أن أكون مثل هذا المتدين الذي يصلي لكنه ينام طوال النهار بالعمل؟؟ لا ، لا أريد أن أكون مثله . كلنا لدينا أخطاء في السلوك نريد أن نضبطها معاً من خلال هذه السلسلة . و كانت هذه أهداف دراستنا لهذه السلسلة . والآن دعونا نعلم فضل حسن الخلق : وستستغربون كثيرا و تتعجبون .ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق " . أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة ليست الصلاة ولا الزكاة ولكنه حسن الخلق – ألا تتشوق لتحسين خلقك بعد كل ما سمعت و بعد هذا الثواب العظيم . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً " . ويقول " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " أترون كيف تسير الأحاديث تمعنوا العبارات " أثقل – أحسن – أكمل " . أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً حتى ولو كانت معلوماته الدينية أقل حتى و إن كانت عباداته ما تزال محتاجة لضبط . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم خلقاً ".يقول أيضاً : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق " . جاء وفد لنبي الله صلى الله عليه وسلم : " وسألوا النبي : من أحب عباد الله إلى الله ؟ قال : أحسنه خلقاً " . أرأيت أهمية أن تحسن أخلاقك ، وإن لم تدرك ذلك فاعلم أنك تسير في اتجاه آخر ...تريد أن تحفظ القرآن ، وأن تدرس علوم الدين .. كل هذا مهم وسنتدارسه سوياً ، لكن أيــــن أنت من تحسين أخلاقك؟؟؟و قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له: " ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ، ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله : قال أحسنكم خلقاً " . ويقول أيضاً : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " ولذلك من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم اهدني بأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت " . أرأيتم حرص النبي ، وهو الذي قال عنه الله عز وجل " وإنك لعلى خلق عظيم " فإذا نظر للمرآة قال : " اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلُقي " ، أرأيت حرصه وإصراره ، هل أنت على سنته سائر و تدعو بهذا الدعاء ، لا أنت حينما تنظر للمرآة تنشغل بشيء آخر بجمالك فترى أن ليس هناك من يضاهيك جمالا و أناقة … يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم – أي ضامن – ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " تخيل !!! النبي صلى الله عليه وسلم يضمن لك بنفسه بيتا في أعلى الجنة ، ألن تبحث عما سيكون لك سببا في حصولك عليه ؟ سأخبركم بشيء و لا تغضبوا مني؟؟ ، إننا نستسهل الأمور – نبحث عما يكون سهلا لنفعله (نصلي – نقرأ القرآن – نلقي السلام بعبارة - السلام عليكم- في الهاتف) و نشكر بعضنا بعبارة -جزاكم الله خيرا-ً ، نلبس الحجاب .. وأصبحنا متدينين بسهولة ، لكن من الصعب علينا أن نضبط أخلاقنا من الصميم . إننا نبحث عن أسهل الطرق لنكون ملتزمين ولكن أين الأخلاق ؟ أين أخلاق الملتزمين . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم ببسطة الوجه وحسن الخلق .تريد أن تفوز بحب الناس ؟؟ ، اجعل وجهك بشوشا وحسن أخلاقك .هل ترسخ بأنفسنا و تجسد بأعمالنا حسن الخلق ؟. أريد أن أطرح عليكم سؤالا : هل أن الأخلاق قابلة للتغيير أم أن هذا مستحيل ؟؟ هل من الممكن أن يصبح البخيل كريما؟؟ ، أم أن ذلك شيئ غير قابل للتغيير ؟؟هل كتب بجيناته الوراثية ، أنه بخيل و لن يكون إلا كذلك ؟؟هل من الممكن أن يصبح العصبي حليماً بالناس ؟؟، هل يمكن أن تتحول فتاة لا تستحي في تعاملاتها إلى فتاة حييّة ؟ هل التغيير ممكن أم لا ؟. يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر " . يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير ، وإياك أن تحسب أنك غير مؤهل للتغيير ... أبداً والله ...يا جماعة كثـــُـر هم الذين تغيروا بعدما التزموا بدينهم فتتعجب كيف أصبح فلان هادئاً هكذا بعد أن كان لا يطاق . كيف ذلك ؟؟بكل بساطة لقد اختار لنفسه حديث النبي صلى الله عليه و سلم " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر.." إذن فالطبائع قابلة للتغيير ، وإلا فلماذا نحن هنا نتحدث ونتدارس عن حسن الخلق إذا لم يكن الحال كذلك .. سأضرب لكم مثلا : النفس مثل الطفل يخلق ناقصا فينمو ويكتمل بالغذاء ، النفس كذلك تكتمل وتنضج ، فكما أن البدن الضعيف العليل يتجرع الدواء ويتحمل مرارته ليقوى و يشفى ... النفس أيضا تصيبها أسقام تتمثل في الأخلاق السيئة ) محتاجة لمجاهدة وصبر . أنا أقول لك هذا الكلام حتى تأتي المرة القادمة وأنت على استعداد وعلى يقين تام أن نفسك وأخلاقك قابلتان للتغيير بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم وطبقاً لقاعدة أن نفسك مثل بدنك ... فالسمين ينحف إذا ما اتبع نظام حمية قاس ويصبر أمام شهيته و يقاوم حبه لأكلة مفضلة كذلك الكاذب إذا ما جاهد نفسه و قاوم سوء خلقه صار صادقا مثل ذاك الذي قاوم السمنة ... ضعيف البنية يداوم على تمارين كثيرة يجري ، يعود نفسه على تمارين يومية و يظل على تلك الحال يوما بعد يوم و يتحمل ويبذل جهدا حتى يصبح ذا لياقة كذلك النفس تتعلم فضائل الأخلاق بالتربية ، بالصبر ، بالمجاهدة . إذن هلا بادرنا بنية التغيير ؟ هناك من يتساءل كيف لي أن أعرف عيوب نفسي ؟ كيف أعرف أن لدي أخلاق سيئة وأريد تحسينها ؟ تريد معرفة ذلك إليك أربع نقاط تمكنك من ذلك : 1- من صديق ناصح ( صاحب الصالحين ) . 2- من عدوك ( اسمع أعدائك )، اسمعي ما تقول عنك فتاة تغار منك ... اسمع ما يردده عنك خصمك في العمل ... وإياك أن تصم أذنيك لربما قال شيء سيفيدك . 3- حضور مثل هذا الدرس . 4- أن تدرس وتعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم . و النقطة الأخيرة أهم النقاط كلها ...من أكمل الناس أخلاقاً ؟ النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه سبحانه و تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) " –سورة القلم- ،هل تريد أن تبلغ مبلغ الفضيلة من الأخلاق ، اسمع عن تواضع النبي صلى الله عليه و سلم ، عن حلمه ، عن معاملته للنساء ، وتعلم ...تعلم من كل ذلك. و لذلك سنستشهد بأخلاق النبي وأفعاله في كل الدروس القادمة و في كل خلق سنتدارسه . يقول الله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) " –سورة الأحزاب-هل تعلمون لماذا ؟ لأن الله عز وجل جمع في الـ 23 سنة فترة بعثة النبي كل ما يحتاجه المرء في حياته حتى يوم القيامة ، إنك لن تستطيع أن تقتدي بأي نبي آخر مثل محمد صلى الله عليه وسلم .تستطيع أن تقتدي بكل نبي في صفة معينة ، فقد كان سيدنا عيسى عليه السلام شابا عازبا مجاهدا لنفسه زاهدا في الدنيا . لكن أتستطيع أن تجد فيه ما تقتدي به إذا ما تزوجت ؟ طبعا لا لأنه لم يتزوج ...... أتستطيع أن تقتدي به كأب ؟؟، كجد ؟؟ ...لا ، كيف كان يعامل زوجاته ؟؟ لا تستطيع الاقتداء بسيدنا سليمان كحاكم غني شاكر متصدق........ لكن هل تستطيع الاقتداء به كفقير صابر؟؟؟... من الذي كان فقيراً وغنيا؟؟ ؟ من الذي كان قوياً وضعيفا؟؟ ؟ من الذي كان حاكماً ومحكوماً ؟؟؟ من الذي كان أباً وجداً؟؟ ؟ من الذي كان عازبا ؟؟ لذلك قال تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " . و في خضم حديثنا عن الأخلاق لابد وأن نغوص في سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و نتتبع صفاته فهو النبي الوحيد الذي ليس له خصوصية تخفى ...نعلم عنه كل شيء ، عن علاقاته بزوجاته و بم اتسمت ؟ داخل بيته...، وهو نائم في فراشه .. ليست هناك أي جزئية في حياته تعد خصوصية لم يطلع أحد عليها أو تعد جانبا مظلما مبهما ... لذلك سأختم هذا الدرس بنقطة وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأننا إذا طالبنا باقتفاء أثر ه صلى الله عليه و سلم فيما عرف عنه من أخلاق دون وجود تعلق به و حب خاص صادق له ، عندها للأسف لن يعدوه قدوتهم ...لن يستشعروا قوة ما سيقال لهم لذلك رأيت أن نغرس في قلوبنا محبة النبي صلى الله عليه وسلم غرسا فيكون ذلك مدخلنا للأخلاق في أحاديثنا اللاحقة . لأنه على قدر محبتك للنبي ستقتدي بأخلاقه . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وماله " . وأنا أروي هذا الحديث ،مرّر الثلاثة بقلبك، وأخبرني هل النبي فعلاً أحب إليك منهم ، هل نحن متعلقون به صلى الله عليه وسلم بهذه الشدة و محبون و مفضلون له . - يقول الله عز وجل " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) " . سورة التوبة الأية 24.اعتبر الله أن من يحب هؤلاء – مع ملاحظة أن جميعهم حلال – أكثر من الله والرسول فاسق ... تخيلوا ... يروي عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا بعض أصحابه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ومشى ، يقول عمر : وجدت نفسي أقول والله يا رسول الله إني أحبك ، فقال له النبي : أكثر من ولدك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من أهلك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من مالك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من نفسك يا عمر ؟ قال : لا ، - لقد كان عمر صادقا من البداية - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر ، لا يكمل إيمانك حتى أكون أحب إليك من نفسك يقول عمر : فخرجت وفكرت ثم عدت لأهتف بها : والله يا رسول الله أنت أحب إلى من نفسي ، فقال رسول الله : الآن يا عمر – أي الآن اكتمل إيمانك الآن ، فقال عبد الله بن عمر ، يا أبت ماذا فعلت بنفسك لقد خرجت لدقائق وعدت ( هل تملك مفتاحا لقلبك ) ، فقال : يا بني خرجت فسألت نفسي من أحتاج يوم القيامة نفسي أكثر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت حاجتي إليه أكثر من حاجتي لنفسي ، وتذكرت كيف كنت في الصراط وما أنقذني إلا هو ، أنقذني الله به ، فأحببته أكثر من نفسي ، فقال عبد الله بن عمر : يا أبت إن نسيت كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما هو الشيء الذي لا تنساه أبداً ؟ فقال : إن نسيت ما نسيت لا أنسى يوم أن ذهبت إليه أقول : ائذن لي أن أخرج إلى العمرة يا رسول الله ، فقال : لا تنساني يا أخي من صالح دعاؤك ، يقول عبد الله بن عمر : فوالله لا أنسى هذه الكلمة أبداً.يقول أبو بكر الصديق يصف حبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : كنا في الهجرة ونحن عطشى ، فجئت بمرقة لبن – القليل من اللبن – فقلت لرسول الله : اشرب يا رسول الله ، فيقول فشرب النبي حتى ارتويت – أنا – أترون الحب ، أترون التعلق بنبي الله صلى الله عليه وسلم . دخل النبي صلى الله عليه وسلم على " ثوبان " خادمه وكان غائباً طوال اليوم فقال له ثوبان : أوحشتني يا رسول الله - أترون قوة التعلق – ترى عندما يذهب أحدكم للحج أو العمرة هل سيقف أمام قبر النبي ويقول له أوحشتني يا رسول الله من قلبه ؟ أنا أعرف رجلا كان يتحدث في مؤتمر فقال ( محمد بن عبد الله ) مجردة هكذا ، فأدى عمرة خصيصاً ليعتذر له . عندما دخل النبي صلى الله عليه و سلم على " ثوبان " وجده يبكي فقال : ما يبكيك يا ثوبان ، قال : أوحشتني ، قال : أهذا ما يبكيك ؟ قال : لا يا رسول الله ، قال فما الذي يبكيك ؟ قال : تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة في الجنة ، وأنى لا أكون معك في الجنة فقال له النبي : يا ثوبان الرجل يحشر مع من أحب . – تريد أن تعلم مكانك في الجنة في قاع الجنة أم في عدن أم في الفردوس انظر إلى درجة حبك للنبي وتعلقك به . سيدنا أبو بكر الصديق يوم إسلام أبيه " أبو قحافة " يوم فتح مكة – وقد أسلم متأخرا جداً بعد أن أصبح عجوزا و فقد البصر – فأخذه أبو بكر وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليم وسلم ليعلن إسلامه فقال له رسول الله : يا أبا بكر هل تركت الشيخ في بيته وذهبنا نحن إليه ؟ فقال أبو بكر : أنت أحق أن يأتي إليك يا رسول الله ، فأسلم أبو قحافة ، فبكى أبو بكر من فرحته ، فقالوا له : هذا يوم فرح ، أبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك ؟ قال أبكي : لأني أحب أن الذي يبايع النبي الآن أبو طالب وليس أبي لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر . فتخيل مدى العلاقة والحب ، إن فرحتي لفرحة النبي أكبر من فرحتي بأبي، أين نحن من هذا الحب ؟ ومن هذا التعلق ؟؟؟فهذا جذع شجرة يحب النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان النبي يخطب في مسجده من على جذع شجرة قبل أن يقام منبره حتى تراه الناس ، فعندما بنوا له المنبر ترك الجذع وأصبح يخطب من على المنبر ، فسمعنا للجذع أنينا – كما يقول الصحابة – لفراق النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم ينزل من على المنبر ويمسح على الجذع ويقول له : ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة ؟ فسكن الجذع .. هو موجود بمكانه حتى اليوم ، في الروضة أمام المنبر مدفون هناك . الجذع نطق وشعر بحلاوة قرب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بعيدون. سيدنا " سواد " يقف يوم غزوة بدر في وسط الجيش – وهو صحابي سمين – فيقول النبي استووا ( استقيموا ) فيذهب النبي ليجد سيدنا سواد يخرج عن الصف قليلاً فقال استو يا سواد فقال : نعم يا رسول الله ، فالتفت النبي وعاد فوجد " سواد " ما زال غير مستو ، فجاء النبي بسواك ونخزه في بطنه وقال : استو يا " سواد " – فنحن في وقت معركة والأمر جدي – قال : أوجعتني يا رسول الله ، فكشف النبي عن بطنه وقال : اقتص يا سواد ، اقتص يا سواد ، فانكب سيدنا سواد على بطن النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها يقول : هذا ما أردت هذا ما أردت ، فيقول له النبي وما حملك على هذا يا سواد ؟ فيقول : يا رسول الله أظن أن اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر عهدي بالدنيا ملاصقة جسدي لجسدك . صلى الله عليه وسلم . صلى الله عليه وسلم ...صلى الله على محمد صلى الله عليه و سلم صلوا عليه و سلموا تسليما
المقدمه أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده...
الامانه


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .


خلق اليوم هو الأمانة ، وفي الحقيقة : في ناس كثيرين تتعامل مع هذا الخلق تعامل جزئي، يقول: أنا أمين ، ولا يمكن أن آخذ شيء ملك أي أحد وإذا أحد أعطاني أمانة أو وديعة لابد وأن أرجعها له ، وهذا أنا تربيت عليه في منزلنا وهذا صحيح ، وأنا كثيرين منا ولله الحمد عندهم هذا المعنى ، لكن أنا في الحقيقة أريد أن أذهب بكم لمعاني أشمل وأعم للأمانة ، فالمفهوم الذي نعلمه لا يخص المعنى الأعظم والأشمل لهذا الخلق العظيم .


ولنبدأ لنعيش مع الآيات والأحاديث التي تتحدث عن مفهوم الأمانة وقيمة الأمانة ولكن ما هو عكس الأمانة يا شباب ؟ الخيانة ، والناس جميعها تكره هذا الخلق وتمتعض منه ، تعالوا لنرى الله تعالى ماذا يقول :- يقول الله تبارك وتعالى :- " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " يلفت الله تبارك وتعالى نظرنا إلى " أن إياكم أن تخونوا الله " ، ومن يصدق أننا يمكننا خيانة الله ؟ وما معنى أن تخون الله ؟ أن تترك أوامر الله ، وأوامر الله أمانة في رقبتك ، أرأيت كيف سيبدأ يتسع مفهومنا للأمانة ؟


ولا " تخونوا الرسول " أنا من الممكن أن أخون النبي ؟.......................................... أن تترك أوامر الله ، وأوامر الله أمانة في رقبتك ، أرأيت كيف سيبدأ يتسع مفهومنا للأمانة ؟


ولا " تخونوا الرسول " أنا من الممكن أن أخون النبي ؟.......................................... إذا علمت بسنة النبي ولم تنفذها ولم تنشرها بين الناس . ، بعد قليل سنعلم أن الأمانة شيء ثقيل حقاً .


يقول الله تبارك وتعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " ، سنعلم بعد قليل ما هي أنواع الأمانات – ولاحظ الجمع في لفظ الآية والتي سبقتها – ومن هم أهلها ؟ لنخرج من مفهوم الأمانة إنها مجرد أموال ؛ أو أحد أعطاني شيء و ائتمنني عليه ثم طالبني به ، لا سنبدأ في توسيع هذا المفهوم .


أحاديث النبي عن الأمانة

يقول صلى الله عليه وسلم :- الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، وأداء الأمانة كفارة لما بينها . رواه بن ماجة


وهذه رواية أخرى للحديث الشائع " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينها " .


حديث آخر رواه الإمام أحمد في مسنده " اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة : أصدقوا إذا حدثتم – وأوفوا إذا عاهدتم – وأدوا إذا أؤتمنتم واحفظوا فروجكم – وغضوا أبصاركم – وكفوا أيديكم – من المال الحرام أو إيذاء الناس .


يا ترى أنت حاصل على كم من هؤلاء الستة ، ضامن كم فيهم ؟


يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر عن الأمانة :- " إن الله إذا أراد أن يهلك عبد نزع منه الحياء ، فإذا نزع منه الحياء لم تلقاه إلا مقيتاً ممقتاً ، فإذا لم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً نزعت منه الأمانة ، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائناً مخوناً ، فإن لم تلقه إلا خائناً مخوناً نزعت منه الرحمة ، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رجيماً ملعناً....................... رواه بن ماجة


ألا نرى هذه الأمثلة في الحياء ، مقيتاً ممقتاً ثم تنزع منه الأمانة فيكون خائناً مخوناً … إياك أن تكون من هذه الأمثلة. ( سلسلة عيوب تؤدي بعضها البعض ) – حديث النبي صلى الله عليه وسلم :- ( أحاديث الشفاعة ) – وهو حديث طويل- يقول فيه " ثم يمر الناس على الصراط فيرسل الله تعالى الأمانة والرحم فتقومان على جنبتي الصراط – مجسدتان على يمين ويسار الصراط – فتسألك الأمانة : أأديت ما عليك من حقي ؟ - تطالبك بحقها قبل أن تمر على الصراط . إذن إياك أن تخون أمانة الله ورسوله بأن تضيع دينه ، هل تخيلت مرة أن عدم حجابك خيانة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن تركك الصلاة في المسجد خيانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " وأنتم تعلمون الأوامر والنواهي ، فالخيانة ليست عن جهل . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " آية المنافق ثلاث :- إذا حدث كذب ، وإذا أوعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان . فمن كان فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق . – وتكملة الحديث بهذا الشكل في رواية مسلم – ومن كانت فيهن كلهن كان منافقاً خالصاً " . وانتبهوا هذا النفاق ليس نفاق المشركين عهد النبي أمثال عبد الله بن سلول ، لا ، هذا هو نفاق الأخلاق والذي قد يكون أشد .





ولاحظ إنه لم يقل من لا يصلى ، لكنه قال من كان فيه إحدى هذه الثلاث فليحذر من النفاق ، إذن لو فيك واحدة منها احذر وتخلص منها :- يقول النبي " … كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها " إذن اتركيها . حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " وهذا الحديث صعب جداً ، لا إيمان ، هل يعني هذا إنه غير مؤمن ؟ لا ، ولكن لمن يكتمل إيمانه أبداً مهما يكن بكى في الصلاة ومهما خشع وأدى العمرة والحج أبداً لأنه غير أمين . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم – وأنا بجمع كل هذه الأحاديث حتى أوقظ بداخلكم معنى وقيمة الأمانة حتى نقطع عهداً على أنفسنا ألا نقع في خيانة وضياع الأمانة عند الحديث عن أنواع الأمانات . يقول صلى الله عليه وسلم :- أدي الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " ليس في الأمانة تجزئة يا جماعة ، فلا يصح أن يأخذ مني أحد مثلاً 3 آلاف جنيه ثم لا يردهم لي ويخونني ، ثم يقع تحت يدي قدراً ، ويرسل لي آخر 3 آلاف جنيه لأوصله لنفس الشخص الذي خانني فآخذهم ، فلقد خانني من قبل ، لا ، لا يصح " ولا تخن من خانك " ردهم إليه ثم طالبه بحقلك وهذه قاعدة شرعية يا جماعة . هؤلاء كفاء قريش أخذوا أموال وتجارة وبيوت المسلمين عندما هاجروا من مكة إلى المدينة ولم يخرجوا إلا بالثياب التي يرتدونها ، لكن النبي رد إليهم ودائعهم .





حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفاف في رواه الإمام أحمد في مسنده ونرى أشهر صفتين للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل البعثة الصدق والأمانة ، ولِمَ لأهميتهما وخاصة قبل البعثة .





خطبة الوداع : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة طويلة وقال في ختامها :- " ألا هل بلغت ، ألا هل بلغت ، فليبلغ عني الشاهد منكم الغائب ، فرب مُبلَغ أسعد من سامع " .


أتذكرين الإنسيال " الذي اقترضتيه من صديقتك ولم ترديه حتى الآن ؟ ألا تذكر أنت هذا " التي شيرت " الذي أخذته من صديقك ولم ترده ؟ وألا ترى تشديد النبي عن هذه النقطة بالتحديد ألا هل بلغت ؟ ثلاث مرات .


يقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يسأله :- متى الساعة ؟ فقال له النبي : إذا ضيع الأمانة فانتظر الساعة .


تخيلوا أنها من أشراط الساعة ، وأن قيام السماوات والأرض مرتبط بحفظ الأمانات ، وكأن الأمانة سنة كونية مثلها مثل الشمس والقمر فإذا غابت الشمس والقمر قامت القيامة ، وإذا ضاعت الأمانة قامت القيامة . فقال له الرجل : وما ضياعها ؟ فقال له النبي : إذا وشد الأمر بي إلى غير أهله فانتظر الساعة . وشد : استقر – أنت من الوسادة والتي تجلس عليها وتنام عليها وأنت مستقر – عندما يكون من لا يستحق أن يكون مسئول عن الأمر مسئولاً عنه فانتظر الساعة .


أنواع الأمانات

واعرض نفسك على نوع منها .


أمانة المال والودائع

"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأرواحهم " .


تريد أن تعلم أنت مؤمن أم لا ؟ أنظر إلى الناس هل يأتمنوك أم لا ؟ كلما زاد عدد من يأتمنك على دمه ، ماله ، عرضه ، فأنت مؤمن . أرأيتم النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه على أداء الودائع وهو مهاجر إلى المدينة لدرجة إنه أبقى على بن أبي طالب قائلاً له : ابق يا علي ولا تلحق بي حتى ترد الودائع ، هل ترى هذا كافر ولا يريد أن يقتلك وأنت مصر تؤدي له أمانته هل علمت أنت مطالب بأن تكون أمين لأي درجة ؟ سيدنا عمر بن الخطاب يوم فتح " المدائن " وهي مليئة بكنوز كسرة وقيصر وجاءت الكنوز إلى عمر في المدينة ووضعت في المسجد ويدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويجد المسجد ممتلئ بكنوز يرفع عنها الغطاء فيجد في الكنوز حتى الخاتم الصغير والفص الصغير فنظر إليها عمر وبكى ثم قال : إن قوماً أتوا إلى بهذا لأمناء " نعم منه أدوا الأمانة على أكمل وجه حتى فص الزبرجد وحتى الخاتم الصغير .. إنها الأمانة . لكن تعالوا للأمانات الصغيرة التي نضيعها نحن : شريط الكاسيت ، الكتاب ، العقد ، الملزمة .. كلها من الأمانات ، يرضيك بالله عليك أن تلقى الله وأنت لديك 50 شريط مثلاً ليسوا ملكك ماذا ستقول لله عز وجل عنهم ؟ ومن الممكن أن يأتي صاحب الشريط الذي لم يسألك عنه في الدنيا ليطالبك عند الله ولكن من حسناتك . إذن احرص على أداء الأمانة بكل ما تستطيع الأمانة لا تتجزأ ليس فيها كبير وصغير . هذه هي أمانة الأموال والودائع وهي أسهل أنواع الأمانات .


الأمانة في البيع والشراء : والمهن

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء"تخيل أيها التاجر أنك بمجرد صدقك وأمانتك تأتي مع سيدنا موسى وسيدنا عيسى وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . نجد الآن بعض الأطباء يطلبون من المرضى أشعة ويقوموا بتحويلهم لمراكز أشعة وهو لا يحتاجها ، والطبيب يعلم ، وهي مجرد منافع بينهما ( بين الطبيبين ) إنها خيانة الأمانة . الميكانيكي الذي تعطيه سيارتك وأنت لا تفهم فيها شيء ويطالبك بفاتورة تغيير بعض الأشياء في السيارة والتي لم تكن تحتاج لتغيير إنها خيانة للأمانة لذلك لابد أن تنتبه إلى أنواع الأمانات هذه ، لأن هناك الكثيرين الذي لا يعتبرون مثل هذه الأشياء أمانات . إذن كل من يتحايل في مهنته للحصول على حقوق من الغير فهو غير أمين ، ونقيس على المثالين المذكورين . وانظروا كيف انتشر الإسلام في آسيا ؟ عن طريق التجار ، تاجر صدوق ينزل بلاد آسيا يبيع ويشتري بأمانة – يقول مثلاً عن عيب ما موجود في البضاعة ولا يراه المشتري لكنه ينبهه لأنه لأمين – فيسألونه عد دينه فيقول : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله " فيسلموا هم أيضاً ، كثيرين هناك أسلموا بسلوكيات رجل أمين .. إذن الأمانة أدخلت الإسلام آسيا .


أمانة حفظ الأسرار

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة" . ومعناه : أني إذا كنت أجلس معك وأحكي لك أمراً ثم التفت يميناً ويساراً لأتأكد إنه لا أحد يسمعني إذن فهي أمانة أنت تحملها دون أن يقول لك ذلك . لا يجب أن أقول لك أن هذا سراً ، مجرد أن أخفض صوتي وأنا أحدثك فأنا حريص على ألا يطلع على ما أقوله فهو سر . لأن هناك أناس كثيرين يقولون إنه لم يستأمني على هذا السر ، ولو كان أمّنّي لما قلت ، انظر لدقة تعبير النبي " ثم التفت " مجرد أن ظهر عليه أن لا يريد أحد أن يعلم فقد أصبحت أمانة عليك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن من أعظم الأمانة على الله يوم القيامة أن يفضى الرجل لامرأته بالحديث وتفضي إليه ثم ينشر سرها " – من أشد الأمانات التي سيحاسب عليها الله حتى من أمانة المال. ونحن نرى ما يحدث عندما ينفصل الزوجين ، فضائح لا حصر لها وليعلم كل من فعل ذلك في لحظة غدر وخصام سيسأل يوم القيامة من الله عز وجل سؤال شديد عن هذه الأمانة . فما بالكم من غير خصام أو طلاق ، زوجة تجلس مع صديقاتها تحكي عن كل ما يحدث بينها وبين زوجها ، وزوج يجلس مع أصدقائه ليحكي عما يحدث بينه وبين زوجته – إنها من أشد وأعظم الأمانات عند الله عز وجل .. انتبهوا يا جماعة مثل هذه الأمثلة تكون سبباً في خراب وهدم الكثير من البيوت لتركهم هذه الأمانة .


أمانة التعامل مع المرآة

وكيف أن الكثير من الشباب يتعامل مع المرآة وهو ينوي سوء وينوي شر وهناك مثل أعظم ضربه الله عز وجل في القرآن لتتعلم :- موسى عليه السلام ." ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يستسقون ووجد من دونهم امرأتان تزودان ، قال : ما خطبكما ؟ قالتا : لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل ، نجدها عندما حكت لأبيها عنه ، قالت : إن خير من استأجرت القوي الأمين . ونرى في هذا المثل التوازن في التعامل مع المرآة ليس بالشكل الذي يرفض ويحرم التعامل مع المرآة بتاتاً ، وليس بالشكل المتهور أو الزائد عن الحد . سألهم النبي وهو الذي ذهب إليهما ولكن في أدب وغض البصر وباختصار : ما خطبكما ولم يطل في الحديث أو يعرفهم بنفسه أو … ، كما ردتا هما في أدب واختصار فذهب وسقى لهما – ونلاحظ هنا فإن السرعة فهو لم يتكأ ، ثم " تولى إلى الظل " ونرى هنا الروعة في التعبير ( تولى ) وكأنه هو الخجلان منهما ، وعندما حكيتا عنه لأبوهما وصفوه بالأمين لِمَ ؟ لأن المرآة تعلم مدى أمانة الرجل في التعامل معها والحفاظ عليها من لفتة عينيه. دقق في هذا المثل واضبط عليه سلوكياتك في التعامل مع المرآة . أمانة التعامل مع الزوجة: الرجل الذي يتزوج ويعتقد أنه بذلك ملك المرآة ويفعل ما يشاء ويحلوا له فيها أبداً ، ستسأل عن أمانتك فيها .أنسيت أن بينكما عقد ( عقد الزواج ) ، وإنك عندما توقع ، توقع على أنك قبلت أن تستأمن فيها . يقول الله تبارك وتعالى : " وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً " ميثاق الزواج الميثاق الوحيد الذي قال عنه الله تبارك وتعالى ميثاقاً غليظاً . لذلك هناك أمانة التعامل مع الزوجة ، والزوج الذي يمنع زوجته أن تذهب لتزور أهلها هو خائن للأمانة ، أبوها عندما سلمها إليك قال لك :- " إنها أمانة في رقبتك " . الزوج الذي يضرب زوجته ، ويمنعها من زيارة أهلها ، إنك خائن وستسأل عنها يوم القيامة ، فقد استأمنك عليها أهلها ، الكثير من الأزواج يعتقدون إنه فضل منه يسمح لزوجته أن تزور أهلها ، لا إنه حقهم وحقها . المرآة أمينة في بيتها على زوجها, فلا تدخل بيته إلا من يرضى ، تحرص على طاعته وعلى تربية أولاده كما يجب وكما يشتهي.


أمانة الأبناء مع أهلهم

وكلامي للشباب والشابات .... من يأخذ من مال أبيه وأمه دون أن يعلمون ، ويقول إنها عشرة جنيهات فقط ( أنها خيانة للأمانة ) لابد وأن تستأذن منهم . الفتاة التي تتعرف على شاب من وراء أهلها ؛ ضيعت الأمانة . يقول الله تبارك وتعالى " وأتوا البيوت من أبوابها " ، الشاب الذي قبل أن يصاحب فتاة بدون علم أهلها خائن لأبيها وأمها وسيشتكوه لله عز وجل يوم القيامة إنه يا رب كان خائن لنا ، فما بالكم لو كان جارته ، تزداد الخيانة ويزداد الإثم ويزداد السؤال . انتبهوا أشياء كثيرة لا نعدها من الأمانة .


يقول أنس بن مالك " إنكم تعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على زمن النبي من الموبقات – من المهلكات . " وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم " .


تعالوا لنوسع الدائرة ونقول : - أن الأمانة هي أن تحافظ على كل ما أعطاك الله من النعم " – " وما المال والأهلون إلا ودائع ، ولابد يوماً أن ترد الودائع " . أولادك : ألا يعدوا أمانة ؟ هل ربيتهم جيداً ؟ لا تقل لي أنك أنفقت عليهم ، هذا رزقهم ، لكن أمانتك فيهم أن تربيهم على الدين . صحتك : ألا تعد أمانة ؟ المدخنين : ألا تعتقد أنك تخون بذلك أمانة صحتك ، لا تقل لي أن التدخين لم يثبت إنه حرام شرعاً ولكنه يعد مكروه ، وأنت تفعل 20 مكروه يومياً ألا يحسبوا بحراماً واحداً كل يوم ؟ . لابد وأن يسيطر على الأذهان أن إهلاك الصحة تضييع للأمانة . هذه العين أليست أمانة ؟ إذن النظر بها إلى الحرام ألا يعد خيانة ؟ اللسان أليس أمانة الوجه الجميل ، هذا الشعر الذي رزقك الله إياه ألا يعد أمانة ، وأن تحفظي أمانته بتغطيته ، القدمين … ؟ أنا أريدك أن تنظر لكل الأمانات التي استودعك الله إياها وتحافظ عليها لأنك ستحاسب عليها . هذا المال وتبذيرك له أليس أمانة ؟ تشعر أني أبالغ ؟ اسمع النبي :- يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة إلا ويسأل عن أربع :- عن عمره فيمَ أفناه ؟ وعن شبابه فيمَ أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ؟ و فيمَ أنفقه ؟ وعن علمه ماذا عمله به ؟ " .


أما آخر الأمانات وأعظم الأمانات فهي:


أمانة الحفاظ على الدين والحفاظ على الإسلام

صيانة الدين ، أنت مسئول عن الإسلام وستسأل عنه يوم القيامة ، هذه أمانة القرآن الذي تقرأه ، الدرس الذي حضرته ، أمانة ستسأله عنها يوم القيامة بلغت الناس ، أخذت بيد أحد من أصحابك ؟ يقول ابن تميمه : " لا تظن أن الأمانة أن تتوضأ برطل من الماء وتصلي ركعتين في المحراب إنما الأمانة أن تحمل هذا الدين ، وتحمله للناس ، . يقول الله تبارك وتعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " بم أصبحتم خير أمة ؟ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إذن وبمَ تنتسب أنت لهذه الأمة ؟ هل حملت مسئولية هذا الدين على عاتقك ؟ إياك أن تعتقد أن مسئولية هذا الدين على عاتقي أنا فقط ، لا ، أنت أيضاً مسئوليتك أن تبلغ ما سمعته مني إلى صديقك ، خطيبتك ، والدك ، بأرق وأفضل الأساليب ، بأحسن الأساليب . الإسلام مسئولية الجميع ، وهذه أمانة ستسأل عنها يوم القيامة . أعلمت أنواع الأمانات ، وكيف أنها شملت كل شيء في حياتنا ، هل وجدتها تقيلة عليك ؟ اسمع قول الله عز وجل :" إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منهما وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً . كثيراً سمعنا هذه الآية ، لقد أبوا واعتذروا السموات والأرض والجبال عن حمل هذه الأمانة لأنه ثقيلة جداً يكفيك أن كل ما وهبك الله من نعم أمانة ، أن الدين أمانة ، أن زوجتك أمانة ، وأن المال أمانة . " ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات – من أخذوا الأمانة ولم يصونوها – ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات – من قبلوا الأمانة وأدوها كما يحب الله ويرضى فما كانوا ظالمين ولا جهالاً – وكان الله غفوراً رحيماً .


اسأل الله عز و جل أن يكون مفهومنا للأمانة قد اتسع ، وبذلك ننتبه ونحطاط ونحفظ الأمانة
زملكاويه
زملكاويه
( اسم الله الودود)


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعيش اليوم مع اسم الله الودود. هو اسم مُحبب إلى القلوب، اسم يُسعدك، اسم مرتبط بالحنان والرحمة والعطف والحُب، ونستشعر الإحساس بهذا الحنان وبهذا القرب والحُب لأنه يذكرنا باسم الله الودود.

اسم الله الودود جاء في القرآن الكريم مرتين، الأولى في قول الله تبارك وتعالى { وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } البروج 14- 15، والثانية في قول الله تبارك وتعالى { ... إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } هود90. حقيقة اسم الله الودود خاصة من الأسماء التي تشعرك بالقرب الشديد من الله سبحانه وتعالى.



حلقة اليوم مكونة من أربع محاور:

· المحور الأول: معنى اسم الله الودود.

· المحور الثاني: ما الفرق بين الود والحُب؟ ولماذا اسمه تعالى الودود وليس الحبيب؟

· المحور الثالث: مظاهر ود الله تبارك وتعالى لنا في كل ما حولنا.

· المحور الرابع: كيف نحيا بهذا الاسم؟



ما معنى كلمة الود؟

كلمة الود تجدها في أي مُعجم بمنتهى الوضوح بمعنى الحب والحنان. يجب أن تعلم بأننا نتحدث عن اسم اختاره الله تبارك وتعالى لنفسه، يُعامل به عباده. هل أنت مُدرك لذلك؟ ما الذي جعل الله يختار لنفسه هذا الاسم.. الودود؟

قالوا العلماء في معنى الودود: انه أصفى الحب وأنقاه.. أعلى درجات الحب. وأصفى الحب الذي ليس فيه حِقد. تستطيع أن تُحب ولكن في نفس الوقت ربما تجد نفسك قد حقدت على هذا المحبوب، أما الله تبارك وتعالى فـ حاشا وكلا، فالله أصفى الحب وأنقاه. وقالوا ودود: الذي يتودد ويُحب أولياءه وأنبياءه وعبادهُ الصالحين. وقالوا الودود: الذي يُحَب وهنا العكس.. فهو الذي يُحبه عباده الصالحين من ملئ قلوبهم، فيملئ حُبه سمعهم وبصرهم وقلوبهم وجوارحهم ودمائهم وأرواحهم فيكون أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وكل ما في الأرض، ولعل هذا المعنى هو ما أشار إليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ذاق طعم الإيمان ).

إذن نقول أن الودود سبحانه وتعالى، وكونه أيضاً في معنى اسم الله الودود: الذي تقرب إلى أولياءه وتحبب إلى أولياءه بالقرب منهم، وتحبب إلى المذنبين بالرحمة والمغفرة، وتحبب إلى الخلق كل الخلق بالعطاء والرفق في الكون. الودود سبحانه وتعالى الذي يتودد إلى عباده بالحنان والعطف والحب، فيحنوا عليهم ويُحبهم ويُعطيهم. أنت المُخاطب بهذا الاسم.. هل لك أن تتخيل ذلك؟!



كل واحد منا له أشخاص في حياته ودودين وتعلق بهم.. أليس كذلك؟ ولله المثل الأعلى. فما بالك بالله الذي من أسماءه الحسنى الودود؟ هل تذكرون هذا الحديث؟ (ما السماء الأولى في السماء الثانية إلا كحبة في صحراء وما الثانية في الثالثة إلا كحبة في صحراء وما الثالثة في الرابعة إلا كحبة في صحراء وما الرابعة في الخامسة إلا كحبة في صحراء وما الخامسة في السادسة إلا كحبة في صحراء وما السادسة في السابعة إلا كحبة في صحراء وما السابعة في العرش إلا كحبة في صحراء وما العرش في الكرسي إلا كحبة في صحراء، وسع كرسيه السموات والأرض). ما حجمك إذن في هذا كله؟! بالتأكيد صغير جداً ولكنه سبحانه وتعالى يُحبك وقد سمى نفسه الودود.. هل تتخيل ذلك؟



عليك أن تعرف أن ما نقوله الآن هو عقيدة.. كيف؟ كما توقن أنه الخالق سبحانه وتعالى وتؤمن به، لابد أن توقن يقيناً تاماً بأنه الودود، وتكون عقيدة ثابتة في قلبك أن الودود سبحانه وتعالى الذي يُحب عباده ويحنوا عليهم، ولذلك تجد اسم أخر وهو "الحنَّان"، وقد ورد في بعض الأحاديث ووردت إشارة له في القرآن { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا... } مريم13. يجب أن تشعر بأن الله يحبك ويتودد إليك، فتصبح عبد الودود.



أتذكرون هذا الحديث؟ ( ما في شبر في السماء إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد إلى يوم القيامة، فإذا قامت الساعة قاموا من عبادتهم يقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ). أرأيت؟! ومع ذلك يتودد إليك سبحانه وتعالى رغم أنك صغير جداً في مُلكه وهو الغني عن عبادتك، فهناك من يعبده أكثر منك كالملائكة، لكنك مخلوق غالي على الخالق، فسمى نفسه الودود ويتودد إليك سبحانه وتعالى.









ما الفرق بين الود والحُب؟

الود أشمل وأعم وأكبر من الحب.. كيف؟ الحب هو المشاعر الداخلية ما تُكنه في قلبك للآخرين. الود هو التعبير عن هذه المشاعر بالأفعال. لماذا لم يسمي نفسه الحبيب؟ لأن الود أشمل. ألنا كل ذلك يا رب..؟ نريد أن نستشعر بشيء من الحياء والخجل أو بشيء من الحب الشديد لله تعالى عند سماع اسم الله الودود. الحب مشاعر داخلية والود تصرفات وأفعال. الحب إحساس داخلي والود ترجمة وتحويل المشاعر الداخلية لأفعال وتصرفات. ولذلك أنا أُكن لك مشاعر جميلة.. هذا حب، ولكن عندما ابتسم في وجهك أو أعطيك هدية.. فذلك ود. ولله المثل الأعلى فهو الذي سمى نفسه "الودود".



إذن فكل ودود مُحب وليس كل مُحب ودود. ولله المثل الأعلى. هناك حديث واضح جداً يبين لك هذا الفرق ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل، يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه - لماذا؟ لأنه الودود سبحانه وتعالى – فينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) ما شعورك الآن بالودود؟؟



ما الفرق بين الودود والرحيم والغفور والتواب..؟ ربما يشعر البعض أن هذه الأسماء متقاربة ولها نفس المعنى... بل الفرق كبير واشرح لك بمثل.

الإنسان مخلوق ضعيف، احتياجاته لا تنتهي. محتاج للطعام والشراب، فيتجلي الله عليه باسمه الرزاق.. أليس كذلك؟ محتاج للحماية والحفظ، فيتجلى الله عليه باسمه الحفيظ. محتاج للتربية والإصلاح، فيتجلى الله عليه باسمه الرحيم. محتاج للتعليم والفهم، فيتجلى الله عليه باسمه الفتاح العليم. محتاج قوة وعزة، فيتجلى عليه باسمه العزيز. كل ذلك يحتاجه، ولكنه يحتاج إلى شيء هام جداً ألا وهو الحنان والعطف. فالله تبارك وتعالى تجلى عليه بالرحيم والكريم والرزاق والعزيز، ولكنه مازال يحتاج لشيء أخر.. فتجلى عليه باسمه الودود. أرأيت كم هو عليم باحتياجاتك؟ فاحتياجاتك المادية.. الرزاق، واحتياجاتك الروحية.. الودود سبحانه وتعالى.



هل تعلمون احتياجات الطفل من والديه؟ ولله المثل الأعلى.. يحتاج أن يُعلّموه ويُربوه ويصرفوا عليه الأموال ويُلبسوه ويُطعموه.. أهذا كافٍ؟ بل يحتاج لشيء أخر اسمه الحنان والعطف. يقولون علماء النفس بأن الطفل يمتلئ ثقة في نفسه عندما يقول له أبيه "إني لأحبك"، ويمتلئ حنان وفرحة عندما تقول له أمه "إني أحبك".. ولله سبحانه وتعالى المثل الأعلى.



الله سبحانه وتعالى جعل الكون كله قائم على نظام الأب والأم في حياتنا.. ليس فقط للتربية ولكن لهدف معرفة الله عز وجل. لذلك يقول النبي دائماً ( لللّه أرحم بكم من الأم الشفيقة بولدها ). وكأن هذا النموذج لتِعرف به كيف يحبك الله.



يقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: " لو قيل لي يوم القيامة سنطلق حسابك لأبيك وأمك لرفضت، لأن الله سيكون أرحم بي من أبي وأمي "

هذه الكلمة لمن يعرف الودود حقاً كسيدنا علي، فهو يعيش مع أسماء الله الحسنى ويعرفها جيداً.



الودود يتودد إليك بطريقتين:

1- الود العام

ود لكل البشر مسلمهم وكافرهم، مؤمنهم وغير مؤمنهم، فاجرهم وعاصيهم.. لماذا؟ لأنه الودود سبحانه وتعالى، ثم ود خاص للمؤمنين.

انظر إلى الكون وخلق الله في كونه، فكلما نظرت في صفحة الكون لوجدت دلائل تودد الله تبارك وتعالى إليك. الشمس، القمر، الأنهار، البحار، الورود.. وكل هذه الأشياء لها وظائف لديمومة الحياة، ولكن نفس هذه الأشياء جعل الله فيها دلائل وده. كان من الممكن أن تكون هذه الأشياء جافة وصماء، ولكن انظر إلى الودود ماذا يفعل مع كل عباده. هل تذكر الشمس وقت العصر، والجلسات الطيبة..؟ أتذكر الشمس وقت الشروق؟ أتذكر الشمس في لحظة الغروب وما تفعله في القلب..؟! ما وقع في القلب هذا هو من الودود سبحانه وتعالى.



الليل له دوره.. ليرتاح الناس وينامون، ولكن انظر إلى الودود { وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } الضحى2 فالليل يأتي بنسماته العليلة ويجلس الناس يتسامرون فيه، ويخلوا الحبيب بحبيبه في لحظات الليل الرقيقة الجميلة. كان من الممكن أن يكون ليلاً مُظلماً موحشاً.. ولكنه الودود سبحانه.

اسم الله الودود تجده أمامك دائماً، وانظر إلى هذه الآية الكريمة { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } الفرقان 45

بماذا يعبر هذا الظل..؟ يعبر عن الود من الله سبحانه وتعالى، فقد جعله من أجلك. وقد جاءت هذه الآية في سورة الفرقان، وسورة الفرقان تتحدث عن إيذاء الكافرين للنبي وكيف أن الله تبارك وتعالى ودود ورحيم به صلى الله عليه وسلم وليعلمه مثلما أن الكون ودود به، سيكون الله تعالى ودود به.



هناك ملايين الأنواع من الأسماك.. كم نوع منها يؤكل..؟ قليل.. ولما الباقي؟! زينة ومناظر جميلة! انظروا إلى الكون بطريقة جديدة.. الودود سبحانه وتعالى. الأزهار التي لا تؤكل.. لماذا؟ من أجل الشكل الجميل والرائحة ومن أجل صناعة العطور، فكلما رأيت وردة تذكرت الودود سبحانه وتعالى. هناك ملايين الأنواع من الطيور.. كم نوع منها يؤكل..؟ قليل جداً.. والباقي؟! من الودود سبحانه وتعالى. جعل الله لك مئات الأنواع من الفاكهة وبألوان مختلفة.



أعطيك مثل ولله المثل الأعلى. عندما تكون معزوماً عند شخص في بيته ووضع لك على مائدة الطعام الأرز واللحم والماء.. ألم يكرمك؟ ألم يضيفك؟ نعم، ولكن فرق كبير أن تذهب لبيت أخر وتجد فيه على مائدة الطعام كل ما لذ وطاب وعشرة أنواع من الفاكهة وورود وعطور. فالأول قد أطعمك وأما الثاني تودد إليك.

يجب عليك أن تُعيد النظر في الكون بوسعه مرة أخرى ولتعلم أنه مسجد كبير حتى تعرف الودود سبحانه وتعالى وتتودد إليه.



2- الود الخاص

ليس للأنبياء فقط وليس للشهداء فقط، بل الود لعباده المؤمنين. واستمع إلى هذه الآية التي ستجعلك تذوب شوقاً للودود سبحانه وتعالى.. { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } مريم96. إن تؤمن وتعمل الصالحات سيكون لك ود خاص، وكلمة "سيجعل" هنا ممتدة. سيجعل في الدنيا؟ نعم.. سيجعل في القبر؟ نعم.. سيجعل يوم القيامة؟ نعم.. سيجعل في الجنة..؟ نعم.. الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولم يقل الشهداء ولم يقل الأنبياء.

مظاهر ود الله تبارك وتعالى

1- مع النبي صلى الله عليه وسلم: أتذكرون كيف كان غار حراء؟ هو جبل ولكنه على شكل حُضن. أتذكرون أول شيء فعله جبريل عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ ضمهُ بالحُضن شوقاً. أتذكرون عندما تعرض النبي لإيذاء شديد؟ فتنزل الآية الكريمة تقول له {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا...} الطور48 أنت مُحاط برعايتنا.. أليست وداً؟ وعندما مات ابنه صلى الله عليه وسلم، فقالوا مُحمد ابتر، فينزل قرآن مخصوص لرسول الله { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ } الكوثر1-3

خرج صلى الله عليه وسلم من مكة، فيبكي لفراقها، فينزل القرآن { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ...} القصص85. فالود مُتصل.

يُؤذى النبي الأكرم ويُجرح يوم غزوة أحد ويموت سبعون من الصحابة، وقلوب بقية الصحابة مجروحة، فينزل القرآن الكريم كله ود ورحمة وحنان { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } آل عمران 139-140. فماذا تسمي هذه الآيات غير أنها وداً وحناناً { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا... } مريم13



انظر إلى النبي عندما تأخر عنه الوحي ستة أشهر، وبدأت قريش تضحك وتقول: رب مُحمد قلاه – ودّعه – والنبي صلى الله عليه وسلم يتألم ألم شديد، فتنزل سورة كاملة من القرآن {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى } الضحى1-7

أريدك أن تتخيل حبيبك صلى الله عليه وسلم وهذه الآيات تنزل عليه من رب العالمين مالك المُلك.. ما هو شعوره صلى الله عليه وسلم؟! . كلمة "ألم" تُذكر ثلاث مرات، وانظر إلى الود في كلمة " فآوى" وكأنها حُضن رقيق، وانظر إلى السورة وقد بدأت بالضحى والليل، فأراد الله تعالى أن يضرب له مثل بالكون في أفضل لقطات الود التي فيه، وأقسم بالليل في لحظات الصفاء الرقيقة وليس بالليل الموحش. اقرأوا سورة الضحى واستشعروها جيداً وراجعوا تاريخكم وما فات من حياتكم لتعرفوا الودود، وأن الود في الكون مرتبط بالود في حياتنا.



ليس هذا فقط.. هناك سورة أخرى { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } الشرح1. انظر إلى الود في قلبك كيف هو من الله سبحانه وتعالى. كم مرة بكيت؟ كم مرة خشعت؟ كم مرة قلت له أحبك يا الله؟ كم مرة أحسست بالقرب والحنان..؟ من لم يشعر بذلك فهو إما أنه سبحانه وتعالى يتودد إليك وأنت لست منتبهً لذلك وهذه مشكلة، وإما أنه لا يتودد إليك لأنك لا تستحق، فهذه مُصيبة.



الودود يحبك أن تذهب إليه، تُكلمه. هناك فرق بين الدعاء والفضفضة وأن تشكوا إلى الله همك، لأنه الودود سبحانه وتعالى. عندما تُحب إنساناً ويكون مُتعباً.. ماذا يفعل؟ يقول لك سآتي لأشتكي إليك ولا أريد منك شيئاً غير الفضفضة.. ولله المثل الأعلى. فهل جربت أن تذهب إلى الله الودود سبحانه وتعالى..؟ هذا المعنى هام جداً والكثير من الناس لا يلتفتون إليه.

تكلم مع الودود سبحانه وتعالى وأنت مستلقي على فراشك، واشتكي إليه واستشعر قربك منه، فهذه عبادة رقيقة جداً، وما إن تفعلها إلا وتجد حلاوة في قلبك عجيبة، هذه الحلاوة تعرف أنها من الودود سبحانه وتعالى.

سيسألني البعض أين أصل هذه العبادة؟ سأخبرك على أصلها من القرآن.

2- أم مريم وزوجة عمران. هي تريد أن تنجب ذكراً يُحرر المسجد الأقصى وهذه أمنيتها.. انظر معي إلى هذا الحوار وهذه المناجاة في سورة آل عمران {... رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً – خالص لك وحدك ومحرراً من أي قيود - فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ } آل عمران35-37. فكانت الأم صادقة في العلاقة وكانت قريبة ومتصلة بالودود.. وكانت تناجيه سبحانه وتتساءل.. هل تستطيع هذه البنت أن تفعل شيئاً من أجل الدين؟ فهي ليست كالذكر، ومن الذي سيربيها وأنا عجوز؟ فانظر معي إلى هذه الآيات التي تود هذه المرأة التي ذهبت إلى الودود لتكلمه بصدقٍ { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً } آل عمران37.



3- انظر إلى أيوب عليه السلام عندما أصابه المرض {... رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } الأنبياء83 وانظر إلى الآية التي بعدها { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ... }الأنبياء84 أين الدعاء؟!

4- { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } الأنبياء87 وانظر إلى الآية التي بعدها { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ...} الأنبياء88 أين الدعاء؟!



هذه العبادة وهذه المناجاة تتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى باسمه الودود، فهو يحب أن يسمعك ويحب أن تذهب إليه. هل تستطيع أن تفعل ذلك وتذهب للودود بهذه الطريقة؟؟



انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الطائف لما ضُرب وأوذي يقول ( اللهم إني أشكوا إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب العالمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي. إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ) أين الدعاء؟!

ما هذا إذن..؟ هذا مناجاة، تُكلم الله فيها وتشكوا إليه.. ذاهب للودود. نريد أن نمارس هذه العبادة ونعلمها لأولادنا كيف يعبدوا الله ويتوددوا إليه بها.







الودود مع عباده

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } مريم96 { وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } البروج 14- 15. أكثروا من الصالحات وانتظروا الود الجميل من الودود. أي تشريف أكثر من ذلك..؟!

استمع لهذه الآيات وهذه الأحاديث التي تعرفك بالودود سبحانه وتعالى في أمور كثيرة. يقول الله تبارك وتعالى { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } المائدة54 وبدأ بنفسه سبحانه وتعالى.



اسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله تبارك وتعالى يُنادى يوم القيامة: يا آدم إن الله يأمرك أن تُخرج من ذريتك بعثاً إلى النار، فيقول آدم: يارب وكم بعث النار، فيُقال له من كل ألف، تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فعندما قال النبي هذا الحديث، غطى الصحابة وجوههم وسُمع لهم صوت بكاء، فدخل النبي بيته فنزل جبريل. يقول لك الله: لما تُقنط عبادي.. اخرج إليهم فبشرهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد، وإني لأرجوا أن تكونوا رُبع أهل الجنة، فكبرنا.. فقال النبي: وإني لأرجوا أن تكونوا ثُلث أهل الجنة، فكبرنا.. فقال النبي: وإني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة). الودود يحب أن يستبشر عبادة ويفرحوا.



يقول النبي ( عُرضت عليّ الأمم يوم القيامة، فرأيت النبي يأتي ومعه الرجل، ورأيت النبي يأتي ومعه الرهط، ورأيت النبي يأتي وليس معه أحد، ثم رُفع إليّ سوادٌ عظيم – أي عدد كبير من الرؤوس – فقلت أمتي أمتي، فقيل لي لا، هذا موسى وقومه. ولكن انظر إلى الطرف الأخر، فنظرت فإذا سواد يسُد الأفق، فقيل لي هؤلاء أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. فقال النبي فاستزدت ربي فزادني على كل ألفٍ سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب )



يقول النبي ( عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله.. ) فهنيئاً لك من الودود، فهذه العين حُرّمت على النار.

اسمع لهذا الحديث القدسي ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ) تعود أن تذكر الله..

{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } البقرة152

( من ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملئ، ذكرته في ملئ خير منه ) أليس ودوداً..؟؟



يأتي أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، اسمه عثمان بن أبي طلحة ويقول له: يا رسول الله أشتكي من وجع في جسدي، فيعلمه النبي أن يكون بينه وبين الله علاقة قريبة، فقال له النبي: ضع يدك على مكان الوجع وقل باسم الله ثلاث مرات ثم قل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات. يقول ظللت أفعلها فذهب عني الوجع، ووالله من يومها وأنا أعلمها لأهلي ولكل من أعرف.



كان يجلس النبي يوماً في بيته، فقام وذهب إلى المسجد ليجد مجموعة من الصحابة يجلسون، فقال لهم: ما أجلسكم؟ فقالوا جلسنا نذكر الله يا رسول الله. قال: آلله ما أجلسكم إلا هذا؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا هذا. فقال النبي: إني لم أسألكم تُهمة لكم، ولكن بلغني أن الله يباهي بكم الملائكة. أرأيتم كيف يحبنا الودود..؟؟

اسمع الودود سبحانه وتعالى وهو يقول ( من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ) أرأيتم؟!

وفي الأثر ( يا داوود لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقاً إلي. يا داوود هذه رغبتي بالمدبرين عني فكيف محبتي للمقبلين علي )



الودود يعاتبك بود { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } الحديد16. فعتابه ليس مؤلماً.

الودود سبحانه وتعالى مع النساء في الحجاب { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ – بقربهم مني - فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب59. فالحجاب دليل على قربها من الله فلا يتعرض لها أحد بسوء. هل فكر أحد في الحجاب بهذا الشكل..؟ لو فهمتي الحجاب بهذا الشكل لذبتِ شوقاً إلى الحجاب من الودود سبحانه وتعالى.





الودود الذي غرس في كل قلوبنا الود بيننا وبين بعض.. أليس كذلك؟؟ الجلسات النقية الطاهرة التي تجمع بين الأصدقاء. الجلسات العائلية والفرحة التي تغمرهم وأولادهم بينهم. أليست من الودود سبحانه وتعالى؟

فترة الخطوبة والعقد.. لهفة الاثنين على بعض { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...} الروم21. أليست هذه من الودود سبحانه وتعالى؟



ابحث في الكون، ابحث في حياتك الشخصية، ابحث في القرآن.. ستجد الودود في كل مكان يُناديك ويدعوك إلى محبته سبحانه وتعالى.

دموع الأم وهي تودع ابنها للسفر.. أليست هذه من الودود؟



العُمرة.. قالوا سميت العُمرة بهذا الاسم لأنها زيارة تُعمّر الود بينك وبين الله سبحانه وتعالى ولإعمار الود بين العبد وبين الله تعالى.. أليست العُمرة من الودود؟ ألا تلاحظ أن ما تردده حتى تصل إلى الكعبة هو " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك، لا شريك لك " يقول أحد التابعين أثناء كلمات التلبية " طال شوقي إليك فعجل قدومي عليك ".

رؤية الكعبة تجعلك تشتاق إليها ويهفوا قلبك حباً لها، فما بالك بالنظر للودود سبحانه وتعالى يوم القيامة؟! { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } القيامة22-23

( إنكم سترون ربكم كما ترون البدر في ليلة التمام ).



الودود في الجنة

· يقول النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الجنة ( قلوبهم قلب واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض )، كمال الود. في الدنيا أنت تريد شيئاً وأنا أريد شيئاً أخر، وأما في الجنة فـ لا.

· الودود في الجنة: يشتاق الأخ إلى أخيه في الجنة، فيُقرب الله سرير هذا من سرير هذا، فيقول الأخ لأخيه: أتذكر متى غفر الله لنا؟ فيقول له نعم، يوم كذا وكذا. فالآية الكريمة تقول { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } الطور21 أليس ذلك من الودود..؟

· هل عرفت الآية التي تتكرر كثيراً في القرآن من الودود؟ { عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } الحجر47.

كيف نحيا باسم الله الودود؟

1- اذهب إلى الله بمنتهى الحب وأملئ قلبك بحبه ( أحبوا الله من كل قلوبكم ).

2- كُن على يقين شديد بأن الله يتودد إليك فلا تنسى ذلك.

3- كُن ودوداً مع الناس، مع زوجتك، مع عائلتك، مع طلابك إن كنت مدرساً، مع موظفيك إن كنت صاحب شركة. إن كنت ضابط شرطة كُن ودوداً مع الناس وعاملهم برقة وعطف.. تعلم من نبيك الود مع الناس، تأتيه قبيلة أسلمت أسمها أسلم، فيقول أسلم سالمها الله.. اختار الكلمات الودودة. يأتيه قبيلة اسمها غفار، فيقول غفار غفر الله لها. يأتيه أهل اليمن فيقول لهم يأتيكم أهل اليمن أرق أفئدة. يأتيه عكرمة بن أبي جهل، فيقول لهم يأتيكم عكرمة فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت. هل تستطيع أن تكون ودوداً بهذه الطريقة..؟

سيدنا علي بن أبي طالب يذهب ليدعوا قبيلة همدان في اليمن فيسلموا على الفور، فيقول لهم كلمات رقيقة جداً، فقول: ولو كنت بواباً على باب جنةٍ، لقلت لهمدان ادخلوا بسلام. هل تستطيع أن تكون ودوداً بهذا الشكل؟

انظر إلى النبي وهو يتودد للجماد، يقول: أُحد جبل يُحبنا ونُحبه، ويمسح عليه ويقول له: أثبت أُحد فإن فوقك نبي وصديق وشهيدين.