الؤلؤة البراقة
و هذه قصيدة الزهراني عن مشاكل تعدد الزوجات فهاكم القصيدة :
أتاني بالنصائح بعض ناسِ وقالوا أنت مِقدامٌ سياسي
أترضى أن تعيش وأنت شهمٌ مع امرأةٍ تُقاسي ماتُقاسي
إذا حاضت فأنت تحيض معها وإن نفست فأنت أخو النفاسِ
وتقضي الأربعين بشرِّ حالٍ كَدابِ رأسُه هُشِمت بفاسِ
وإن غَضِبتْ عليك تنامُ فرداً ومحروما ً وتمعن في التناسي
تزوَّج باثنتينِ ولا تبالي فنحن أُولوا التجارب والِمراسِ
فقلت لهم معاذ الله إني أخاف من اعتلالي وارتكاسي
فها أنذا بدأتْ تروق حالي ويورق عودُها بعد اليباس
فلن أرضى بمشغلةٍ و هم وأنكادٍ يكون بها انغماسي
لي امرأةٌ شاب الرأسُ منها فكيف أزيد حظي بانتكاسي
فصاحوا سنة المختار تُنسى وتُمحى أين أربابُ الحماسِ؟!
فقلتُ أضعتُم سُنناً عِظاماً وبعض الواجبات بلا احتراسِ
لماذا سُنَّةُ التعداد كنتم لها تسعون في عزمٍ وباسِ
وشرع الله في قلبي و روحي وسُنَّة سيدي منها اقِتباسي
إذا احتاج الفتى لزواجِ أُخرى فذاك له بلا أدنى التباسِ
ولكن الزواج له شروطٌُ وعدلُ الزوج مشروطٌٌ أساسي
وإن معاشر النسوان بحرٌ عظيم الموجِ ليس له مراسي
ويكفي ما حملتُ من المعاصي وآثام تنوء بها الرواسي
فقالوا أنت خوَّافٌ جبانٌ فشبّوا النار في قلبي وراسي
فخِضتُ غِمار تجرُبةٍ ضروسٍ بها كان افتتاني وابتئاسي
يحزُّ لهيبها في القلب حزَّاً أشد عليَّ من حزِّ المواسي
رأيت عجائباً ورأيتُ أمراً غريبا في الوجودِ بلا قياسِ
وقلتُ أظنُّني عاشرت جِنَّاً وأحسب أنَّني بين الأناسي
لأتفه تافهٍ وأقلِّ أمرٍ تُبادر حربُهن بالإنبجاس
وكم كنتُ الضحية في مرارٍ وأجزم بانعدامي و انطماسي
فإحداهن شدَّت شعر رأسي وأخراهن تسحب من أساسي
وإن عثُر اللسان بذكرِ هذي لهذي شبَّ مثل الالتماسِ
وتبصرني إذا ما احتجتُ أمراً من الأخرى يكون بالإختلاسِ
وكم من ليلةٍ أمسي حزينا أنامُ على السطوحِ بلا لباسِ
وكنتُ أنام مُحترماً عزيزاً فصرتُ أنام ما بين البِساسِ
أُرَضِّعُ نامس الجيران دَمِّي وأُسقي كلَّ برغوث كاسي
ويومٌ أدَّعي أنِّي مريضٌ مصابٌ بالزكامِ وبالعُطاسِ
وإن لم تنفع الأعذار شيئاً لجئتُ إلى التثاؤب والنعاسِ
وإن فَرَّطْتُّ في التحضير يوماً عن الوقت المحدد يا تعاسي
وإن لم أرضِ إحداهنَّ ليلاً فيا ويلي ويا سود المآسي
يطير النوم من عيني وأصحو لقعقعةِ النوافذ والكراسي
يجيء الأكل لا ملح ٌ عليه ولا أُسقى ولا يُكوى لباسي
وإن غلط العيال تعيث حذفاً بأحذيةٍ تمُّرُ بقرب رأسي
وتصرخ ما اشتريت لي احتياجي وذا الفستان ليس على مقاسي
ولو أنى أبوحُ بربعِ حرفٍ سأحُذفُ بالقدورِ و بالتباسي
تراني مثل إنسانٍ جبانٍِ رأى أسداً يهمُّ بالافتراسِ
وإن اشرِي لإحدَّاهن فِجلاً بكت هاتيك يا باغي وقاسي
رأيتك حامِلاً كيساً عظيما فماذا فيه من ذهبٍ و ماس
تقول تُحبُّني وأرى الهدايا لغيري تشتريها والمكاسي
وأحلفُ صادقا ً فتقول أنتم رجالٌ خادعون وشرُّ ناسِ
فصرت لحالةٍ تُدمي وتُبكي قلوب المخلصين لِما أُقاسي
وحار الناس في أمري لأني إذا سألوا عن اسمي قلت ناسي
وضاع النحو والإعراب مني ولخْبطتُّ الرباعي بالخُماسي
وطلَّقتُ البيان مع المعاني وضيعَّتُ الطباق مع الجناسِ
أروحُ لأشتري كُتباً فأنسى وأشري الزيت أو سلك النحاسِ
أسير أدورُ من حيٍّ لحيٍّ كأنِّي بعض أصحاب التكاسي
ولا أدري عن الأيامِ شيئاً ولا كيف انتهى العام الدراسي
فيومٌ في مخاصمةٍ ويومٌ نداوي ما اجترحنا أو نواسي
وما نفعت سياسة بوش يوماً ولا ما كان من هيلا سيلاسي
ومن حلم ابن قيس أخذتُ حلمي ومكراً من جحا وأبي نواسِ
فلما أن عجزتُ ضاق صدري وباءت أُمنياتي بالإياسي
دعوتُ بعيشة العُزّاب أحلى من الأنكادِ في ظلِّ المآسي
وجاء الناصحون إليّ أُخرى وقالوا نحن أرباب المراسي
ولا تسأم ولا تبقى حزيناً فقد جئنا بحلٍ دبلوماسي
تزوَّج حرمةً أُخرى لتحيا سعيداً ساِلماً من كل باسِ
فصحتُ بهم لئن لم تتركوني لا نفلتنَّ ضرباً بالمداسِ
الؤلؤة البراقة
إليك هذه الوصايا .. وأنت تعالج شدتك وضيقك أسوقها إليك من النبع الصافي .. لتكون نبراسًا لك في حياتك .. ولتنفتح أمامك سبل الأمل القريب، ولتعلم أن الأمر دون ما تقاسي .. والفرج أقرب إليك من شراك نعلك.
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا من راقب الله في الأمر نجا
من صـدق الله لـم ينله أذى ومن رجاه يكون حيث رجا
فأوصيك أولاً بتقوى الله تعالى ... فهي مخرج من الشدائد والكربات كما قال سبحانــه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ فقد جاء الخبر : لما أسر ابن مالك الأشجعي أُرسل إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تكثر من قول: ((لا حول ولا قوة إلا بالله)).
وكانوا قد شدوه بالقيد، فسقط القيد عنه، فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها وأقبل فإذا بسرح القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم فاتبع أولها آخرها، فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب.
فقال أبوه: عوف ورب الكعبة، فقالت أمه: وسوأتاه ؟ وعوف كيف يقدم لما هو فيه من القيد، فاستبقا الباب والخادم، فإذا هو عوف قد ملأ الفناء إبلاً، فقص على أبيه أمره وأمر الإبل.
فقال أبوه: قفا حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله عنها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل..
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعًا بمالك))، ونزل قوله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً .

ثم عليك بالدعاء فإن به تفريج الكروب والهموم.
روى محمد بن داود قال: كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني فركب معي ذات مرة رجل فمررنا على بعض الطريق فقال لي: خذ هذه الطريق فإنها أقرب، فقلت: لا خبرة لي فيها؟ فقال: بل هي أقرب فسلكناها فانتهينا إلى مكان وعر وواد عميق وفيه قتلى كثير فقال لي: أمسك رأس البغل حتى أنزل، فنزل وشمر وجمع ثيابه وسل سكيناً معه، وقصدني، ففررت من بين يديه وتبعني، فناشدته الله، وقلت: خذ البغل بما عليه. فقال: هو لي، وإنما أريد قتلك، فخوفته الله والعقوبة، وقلت: إن رأيت إن تتركني حتى أصلي ركعتين. فقال: وعجّل. فقمت أصلي فارتج علي القرآن، فلم يحضرني منه حرف واحد، فبقيت واقفاً متحيراً وهو يقول: هيهٍ أفرغ، فأجرى الله على لساني قوله تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وفي يده حربة، فرمى بها الرجل فما أخطأت قلبه، فخر صريعاً، فتعلقت بالفارس وقلت: بالله من أنت؟ فقال: أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، قال تعالى: أليس الله بكاف عبده وقال النبي: ((وأعلم أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)) .
وقد كان رسول الله يقول عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا اله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش الكريم))، وقال: ((دعوات الكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت)).
ومن ذلك: أن تقول في دعائك: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث
ومن علاج الكروب التوبة النصوح، فإنه ما أنزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة،
وجاء عن المعصوم قوله: ((من لزم الاستغفار – أو أكثر من الاستغفار – جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب)) .
ومنها: الإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم ورحمة صغيرهم وكبيرهم، فإن من أحسن إلى الناس أحسن الله إليه، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،
ومنها: الإكثار من قراءة القرآن وذكر الله مما يسبب تعلق القلب بالله وكثرة دعائه ومناجاته والضراعة بين يديه
ثم أبشر فلعلك ممن يحبه ربه ولم تبلغ حسناتك المنزلة التي يريد الله لك في الجنة فيبتليك لتصل إلى ما يحبه الله ويرضاه لك. أو لربما أن ذنوبك قد بلغت من السوء ما بلغت فجعل الله لك من الهم والغم ما يكفر به سيئاتك
الؤلؤة البراقة
حكمة تشريع

يقول الدكتور أيمن مهدي- رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية جامعة الأزهر بطنطا-: لم يشرِّع الله عزَّ وجلَّ تشريعًا إلا لحكمةٍ وضرورةٍ ففي بعض الأحيان يكتشف الزوج عدم قدرة الزوجة على الإنجاب مثلاً أو عدم قدرتها على إعطائه حقوقه، ففي هذه الحالة يكون أمام بديلين، إما أن يُطلقها وإما أن يتزوج عليها، وأحلَّ الله التعددَ لصالح المرأة في الأساس قبل أن يكون في صالح الرجل، وما شوَّه شكلَ التعدد هو أن البعض عدَّدوا بغير داعٍ ولا مبرِّر، وإذا اشترطت عليه الزوجة الأولى في عقد الزواج ألا يتزوجَ عليها فليس له حق الزواج عليها، فالمؤمنون عند شروطهم: "وخير ما وفيتم به من العهود ما استحللتم به الفروج"، ولكن في الأصل ليس إذنها شرطًا للزواج عليها، والضرر في هذه الحالة نسبي ويتفاوت من امرأةٍ لأخرى.



ويضيف: المرأة عمومًا معروفٌ عنها حب الامتلاك، ولو وافقت على أن تساعد أختها فإن لها أجرها عند الله؛ لأنها تفرِّط في جزءٍ من حقها، ولو رجعنا إلى العهود الماضية سنجد أن قديمًا كان الأصل التعدد أما الآن فلا، ونحن الآن نرى مشكلات عمَّت بها البلوى، والمجتمع كله عليه دور لاحتواء هؤلاء الشباب ليس بالتعدد، ولكن بتيسير نفقات الزواج التي كانت سببًا في إعراض الكثير من الرجال عن الزواج حتى وصل عددهم إلى حوالي 5 ملايين رجل عزب، فالأَولى أن ننشئَ جمعيةً لتسهيل زواج هؤلاء، ولو استطعنا حل مشكلة هؤلاء سنحل جزءًا كبيرًا من المشكلة الأساسية، وهناك نوع آخر من الرجال إمكاناته المادية متاحة، ولكنه يُعرض عن الزواج لأسبابٍ أخرى لو اقتنع هؤلاء بضرورة زواجهم ولو مليون رجل منهم فقط سنحل 35% من مشكلات الفتيات بدون اللجوء إلى التعدد أو غيره من الحلول، وأعتقد أن الحل يكون بعرض النماذج التي تعدى عمرها 40 عامًا وهم الآن بدون زواج، وأصبحت الاختيارات أمامهن محدودة، لو يدرك هؤلاء حجم الخطأ الذي ارتكبوه في حقِّ أنفسهم ونشروا تجربتهم على الشباب الصغير سيصبح ذلك كفيلاً لتغيير أفكاره والرجوع عن رأيه من عزوفٍ عن الزواج.

تصحيح المفاهيم

يقول المهندس علي إسماعيل- مسئول لجنة التعدد في جمعية التبشير- فكرة إنشاء لجنة للتعدد تبدو غريبةً ومختلفةً، إلا أنها مباحةٌ، وخصصت الجمعية لجنةً للتعدد، حيث إنه لا يفهم إلا في ظل الإسلام، والشريعة أقرته ووضعت له أطرًا عامة وقواعدَ تحكمه، أهمها العدل بين الزوجات ثم الكفاءة والقدرة على الإنفاق وأحيانًا يكون التعدد حلاً لكثير من المشكلات، وهذا التشريع كان ضمانًا لحقوق المرأة وحفظها، فهو أفضل من الطلاق لكثير من الحالات.

ويضيف: ولكن أحيانًا تحتدم الخلافات ليصبح آخر العلاج الكي، ويكون الحل الوحيد في الطلاق، فكان إنشاء اللجنة محاولةً منا لحلِّ مشكلة العنوسة لنطاقٍ عريضٍ من الفتيات قد تخطى سنهن الأربعين، ومن جانب آخر حل لمشاكل بعض المتزوجين ومحاولة للمحافظة على بعض البيوت، والتعدد ليس الحلَّ الوحيدَ للعنوسة، ولكنه أحد الحلول المساعدة.

إلا أن المجتمع اعترض على التعدد واعتبره إهدارًا لحقوق المرأة وفهمه البعض الآخر أنه حق مطلق للرجال، وكلا المفهومين خطأ، ونظرته قاصرةٌ عمت البلوى على مجتمعنا، ورأينا قضايا إثبات النسب وقضايا التشهير تكتظ بها المحاكم لأننا ضيَّقنا على أنفسنا فضيَّق الله علينا، وأصبح لدينا شباب متعب تفكيره خاطئ لا يهتم إلا بالشكليات والمظاهر الكاذبة، والمفاهيم الخاطئة تحتاج إلى تصحيح، ونحن بحاجة لتفهيم أولادنا أن التشريعات الإلهية لها حكمةٌ من إصدارها فاعتبره البعض سبة في حق الإسلام، وإنما هو في الواقع مفخرةٌ من مفاخره، ولكن بدون إفراط أو تفريط في فهم الأحكام والتشريعات، وإذا تكاتفت الأيدي وتوحدت الجهود سنحل المشكلة لهؤلاء الشباب، ليس بالتعدد وحده ولكن بغيره من الحلول أيضًا.



وتؤكد ليلى محمد- مؤسسة إحدى لجان- الزواج أن البناتِ توافق على التعدد حتى لو كان سنها صغيرًا؛ لأنها تخاف من حمل لقب عانس، فتفضل لقب الزوجة الثانية، وفي نفس الوقت فإن الأهالي يرفضون حرصًا منهم على استقرار حياة ابنتهم، ولكن هناك بعض الأسر الملتزمة التي توافق لأنها تفهم أن هناك حكمةً من التشريع وتعتبر مشكلاته عادية، من دافع الغيرة الطبيعية.

وتضيف: هناك حالات تعدد ناجحة، وحالات أخرى فشلت، فالتعدد ليس حلاً في مطلقه بدليل أن كثيرًا من علمائنا رفضوا التعدد؛ لأنهم ليسوا في حاجة إليه، وخلال عملي قابلت نماذج كثيرةً ومختلفةً في التفكير، فمثلاً أذكر لكم موقفًا كان مع رجل طلب مني أن أزوجه لوجود مشكلات بينه وبين زوجته، فمن الناحية الدعوية طلبت أن أجلسَ معها لعلنا نحل المشكلة، ولكنه رفض، فتوقعت أن التقصيرَ قد يكون من جانبه، وتجنَّى في حكمه عليها، وهذا نموذجٌ من الفهم الخاطئ للشرع، وكثيرًا ما يشترطون عليَّ أن تكون امرأة جميلة ولها ذمة مالية لتنفقَ على نفسها؛ لأنه ليس على استعداد للإنفاق عليها، أعتقد أن هذه النماذج هي التي أعطت الانطباع السيئ حول تشريع التعدد
الؤلؤة البراقة
بين الزوجات

--------------------------------------------------------------------------------

مع التوجه الاعلامي المضاد لتعدد الزوجات نجد من يؤكد عن جهل أن هذه الآية

قال تعالى:" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129) – سورة النساء

هي أكبر دليل على التصريح الواضح برفض الاسلام تعدد الزوجات لأن الله وضع شرط العدل وأكد أن الرجال لن يتمكنوا منه، ويصبح التعدد مربوط بشرط لا يمكن تحقيقه. ولكن هل هذا يعقل ولا يوجد في القرآن حرف زائد، فهل يعقل أن نقرأ آية سورة النساء:" وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3) ثم ينفي الله قدرة الرجل على العدل في الآية 129 فيكون ذلك نفيا للآية التي سبقتها؟ ولما ذكر التعدد من الأصل طالما هو فوق القدرات الإنسانية؟!!!

اقرؤوا معي ما أورده تفسير ابن كثير:

وعودة إلى حديثنا، ومع النظر إلى هذا التفسير فما هذه الآية إلا رحمة بالرجال ليهَوِنوا على انفسهم ويحاولوا العدل ما استطاعوا وليست للنهي الكامل عن التعدد حسب تأويل جهلة الإعلام.

ثم تأتي مسألة تفاصيل العدل فيقولوا أن معناه إن اعطى هذه شيئا اعطى مثله للأخرى وإن تحدث بشئ هنا تحدث به للأخرى حتى أدق التفاصيل، ولا أعلم من أين أتت هذه الأقاويل فهي بهذه الطريقة مسألة غير انسانية بالمرة وإن شرع الله هو أفضل قانون على وجه الأرض يتعامل مع طبيعة البشر التي خلقها الله وهو الأعلم بهم. وعدم منطقية هذه الأقاويل تأتي من أن كل امرأة لها احتياجات مختلفة ومن غير العدل أن يعطي الزوج لامراة من زوجاته ما يعطيه لأخرى لأن كلاهن لهن احتياجات مختلفة وتحب التعامل بشكل مختلف، كما أن الرجل نفسه إنسان وله رد فعل فإذا كانت احداهن تتعامل بأسلوب خشن فكيف له أن يرد عليها بنفس الطريقة التي يرد بها على الأخرى التي تنجرح من أقل كلمة أو لها شخصية مختلفة وتوجه بأسلوب مختلف.

إنما العدل هو عدلٌ في المستوى الاجتماعي وفي سد الاحتياجات لكلا البيتين بنفس النسبة وعلى أن تكون كلا الزوجتين راضيتين بنفس القدر. وإذا كان هناك بيت فيه أطفال أكثر من البيت الآخر فمن العدل اعطاء هذا البيت مصاريف أكثر وإن كانت احدى الزوجتين مستواها أقل من الأخرى فمن العدل رفع مستوى هذا البيت ليصل إلى الآخر وعلى الرغم من أن ذلك سينتج عن اعطاؤه أكثر من الآخر ولكن هذا هو العدل المطلوب من الزوج وهذا هو العدل الذي يرضي الله، وإما أقوال بعض الشيوخ أن البيت الأول أولى فهذا ليس من الله في شئ، وليتذكر من يقول ذلك أنه لن يحاسب أمام زوجته الأولى إنما سيحاسب أمام رب العالمين، وإن لم يستطع أن يقيم تلك الحدود مع الزوجة الثانية فالأفضل له ولـ "بنات الناس" أن يغض بصره ويلزم زوجته الأولى.



وأريد هنا أن أوجه كلامي بشكل عام لمن يُستضاف في جهة إعلامية لقول رأي في أي قضية من قضايا شرع الله التي أصبحت مطروحة "للأسف الشديد" للحوار:

قد طُلبت للشهادة فلا تحيد عن ما يرضي الله لترضي أهوائك وأهواء غيرك، حتى لو كانت هذه نقطة ضعف في نفسك فلا تكون متحيزا لها وتحيز للحق، لأن من يطلبك للشهادة يطلبك لقول الحق وليس لتقول له ما تمليه عليك أهواءك، واعلم أنك ستحاسب على كل لفظ أمام الله حسابا عسيرا لأن كلمتك عبر الإعلام يسمعها الملايين، وإن كنت لا تستطيع أن تحيّد نفسك في هذه القضية فاعتذر عن هذه الشهادة فهذا أفضل لك ولمن سيسمعك.
الؤلؤة البراقة
لماذا تخشين التعدد؟




د. رقية المحارب

ترى عامة النساء أن زواج شريك حياتها من أخرى مصيبة كبيرة، وتعتبره كابوساً ينغص عليها سعادتها، ويظل هاجسًا بغيضًا تحاول التخلص من مجرد التفكير فيه. ولعل بعض الرجال يستغربون عظيم قلق المرأة، وشديد رغبتها في استفرادها بزوجها، ورد فعلها العنيف أحياناً عند علمها بمجرد عزم زوجها على التعدد.
طرحت هذا السؤال "لماذا تخشين التعدد؟" على عدد من النساء المختلفات في مستوياتهن الاجتماعية والثقافية فكان الجواب متباينًا تباين اختلاف مكانتهن في المجتمع.



قالت إحداهن: لا أتخيل أن زوجي يمكن أن يحبني ويحب أخرى في آن، والرسالة التي أفهمها من زواجه بأخرى أنه لا يحبني إذ إنه لا يمكن أن يحب الرجل أكثر من واحدة.

قالت الثانية: أما أنا فأشعر أن الزوجة الثانية سوف تقاسمنا عيشنا وسوف يؤثر هذا على توفر ما أطلبه ويطلبه أولادي.

والثالثة عبرت عن خشيتها من كلام النساء من أقارب وزميلات واعتقادهم أنها مقصرة في حقه وسوف تتحول العلاقة بينها وبين زوجها إلى مادة دسمة لأحاديثهن ولن تحظى بالاحترام في قلوبهن لهذا السبب.

أما الرابعة فأرجعت عدم ترحيبها إلى الغيرة الشديدة حيث أنها لا تتحمل أبدًا أن يهتم زوجها بأخرى.

والخامسة جعلت التعدد والحيف وجهين لعملة واحدة فحيثما ذكر التعدد هبت ريح الظلم وسوء المعاملة.

والسادسة قررت أن الرجل لا يمكن أن يعدل مهما بذل من جهود لأن الله عز وجل يقول: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)، ومادام لن يطيق العدل فعليه الاقتصار على واحدة استجابة لله عز وجل في قوله: (فإن لم تعدلوا فواحدة) وخاصة لرجال زماننا خاصة مع غياب التقوى وخشية الله تعالى.

هذه آراء مجموعة قليلة من النساء جمعتني بهن جلسة قصيرة لعل عند غيرهن هموم وأشجان أخرى وأسباب غير ما ذكر. وأقف وقفة عجلى مع كل واحدة منهن محاولة المناقشة الهادئة وصولاً إلى وضع يجعل موضوع التعدد في إطاره الصحيح.

فأقول: إن الأولى حكمت على الرجل بمنظارها وهو أن المرأة لا يمكن أن تحب رجلين في آن وعاطفتها توزع بين زوجها واولادها لاغير، أما الرجل فإنه يمكن أن يحب أكثر من واحدة وقد زين الله لهم حب النساء فطرة حيث يقول تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء..الآية)، ولذا فإن الأصل في المرأة أن تحب رجلاً واحداً وتصبر عن الرجل لكن الرجل في الغالب لا يصبر عن المرأة.

أما الثانية فإن تخوفها ناتج من أسباب ثلاثة: أولها ضعف التوكل على الله تعالى، والثاني السمعة السئية والقصص التي تعبر عنها بعض من مرت بتجربة التعدد ، والثالث تخويف النساء بعضهن بعضاً من التعدد وأن النتيجة ستكون كارثة عليها وعلى أولادها.

وفي حالة المرأة الثالثة فإن المسألة لا تعدو أن تكون في تعزيز الثقة بالنفس وعدم الاهتمام بآراء الناس فالانسان ينبغي أن يفكر بعقله ويعيش وفق المبادئ الصحيحة التي ارتضاها هو لا بما يريد الآخرون.

والرابعة فغيرتها لها أصل من الطبع والفطرة ولكن ينبغي أن تهذب فلا توصل إلى محرم من غيبة أو فتنة أو نميمة أو كذب، وعلى قدر كظمها لغيظها ومجاهدتها لغيرتها واتخاذها للأسباب التي تخفف من حدة ما تجد من الغيرة على قدر ما يهبها الله اطمئناناً ورضى بهذا الأمر.


والخامسة ترى شبح الظلم ماثلاً أمام عينيها وتفكر بعقل غيرها وتتمثل حياة زميلتها أو قريبتها التي مرت بهذا الأمر وتجزم أنها سوف تعاني كما عانت تلك. وكم سمعت من قصص مؤلمة عن نساء اشتركن مع أزواجهن في بناء بيت ولما تم البناء فاجأها بالزواج من أخرى وهذه حالات واقعية وإن كانت قليلة، أو تلك التي أقرضت زوجها مبلغاً من المال فإذا به يتزوج بأخرى دون مقدمات وتمهيد، فليس غريباً أن تصاب بالصدمة ويكون رد فعلها قوياً. وحق لهؤلاء أن يقفن هذا الموقف الذي ربما لا يقبله بعض الرجال ويطالبون المرأة أن تتقبل ظلمهم وجورهم، و تعلن ترحيبها بالزوجة الأخرى دون أن تعبر عن رفضها للأسلوب الذي تم به الأمر. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن بعض النساء عندما تساهم مع زوجها في مصاريف السكن والمعيشة فإنها بذلك تحصل على ضمان بأنه لن يتزوج بغيرها فتكون النتيجة أن تقصر في حقوقه ولا تكترث بالعناية بالرصيد العاطفي بينهما، وتنسى أن الرجل الذى يحتاج إلى معونة زوجته في بناء بيته يحتاج أيضا إليها في بناء السكينة, ويحتاج إلى حنانها, إلى تدليله, إلى احترامه وتقديره, إلى التجمل له, والاستعداد لاستقباله , فإذا لم يجد ذلك منها تطلع لغيرها, فالمرأة الذكية هي التي تملأ قلب زوجها حبا وتشبعه حنانا , ولا تكترث بتكثره من المال أو المتاع لأنه سيكون على حسابها إذا قصرت فيما ذكرت.


أما السادسة فاحتجت بما لا يحتج به, إذ العدل الذى لا يستطاع في الآية هو العدل القلبي, وليس العدل في العطاء كما جاء ذلك في الحديث الذى أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل, ثم يقول "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " قال ابن كثير: يعني القلب، هذا لفظ أبي داود، وهذا إسناد صحيح. ولو أكملت الآية لوجدتها تدل على ذلك (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) قال ابن كثير: أي إذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بالكلية فتبقى هذه الأخرى معلقة. وذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط ".
قال ابن الجوزي رحمه الله في زاد المسير 2/219: لن تطيقوا أن تسووا بينهن في المحبة التي هي ميل الطباع لأن ذلك من كسبكم (ولو حرصتم) على ذلك، (فلا تميلوا) إلى التي تحبون في النفقة والقسم.أ.هـ. وقال بان العربي رحمه الله: (أخبر سبحانه أن أحدًا لا يملك العدل بين النساء، والمعنى فيه تعلق القلب لبعضهن أكثر منه إلى بعض، فعذرهم فيما يكنون، وأخذهم بالمساواة فيما يظهرون) شرح الترمذي 5/80.
وقد بسط العلماء مسائل النفقة على الزوجات فعلى كل من أراد الزواج أن يتعلم الواجبات التي عليه حتى لا يقع في الظلم.

وأزيد على هذه الأسباب أن بعض الرجال يكل المرأة الموظفة إلى راتبها ويعطي الأخرى من ماله وهذا خلاف العدل وهو منشأ كثير من المشكلات. إن مجتمعنا بحاجة ماسة إلى قنوات توجيه تساهم في توعية الرجل إلى كيفية تسيير حياته الزوجية معددًا كان أو غير ذلك، وكذلك تعتني بتثقيف المرأة أن تعدد زوجها ليس بالضرورة علامة على عدم حبه لها أو تقصيره في حقها، وألا تهتم بكلام الآخرين مادامت في حياتها سعيدة، ومادام زوجها قائماً بالواجبات الشرعية على أحسن وجه. كما إنه من المهم أن تنظر المرأة التي اختار زوجها أن يعدد إلى الحياة نظرة إيجابية، وتحاول أن تهئي وسائل السعادة وهي كثيرة. وإن المؤمل بالرجل الذي يعزم على التعدد أن يتلطف في إخبار زوجته، وأن يختار الأوقات المناسبة، وأن يعلم أن الأمر ليس هيناً على المرأة مهما بلغت من مكانة، وأن يبالغ لاسيما في الأيام الأولى من زواجه من إظهار ألوان المودة للأولى وإشعارها بأن مكانتها في ازدياد، وأن زواجه من أخرى لا يعني بحال موقفاً منها ولا انصرافاً عنها. كما أن على من عدد أن يتجنب كافة أنواع الظلم بالكلمة أو بالتقصير في النفقة أو البخل أو غير ذلك، وأن يدرك الرجل المعدد أن استهانته بالعدل قد يتسبب في انتكاسة المرأة الصالحة وتركها لطريق الخير ويتحمل هو نتائج هذا الأمر. إن الأمل كبير في أن يحرص الجميع على تقوى الله عز وجل وأن توزن الأمور بموازينها الصحيحة دون إفراط أو تفريط في الواجبات أو الحقوق، والله يتولى الصالحين.

المصدر: موقع لها أون لاين