
لابد أن يعرف المسلم والمسلمة أن الألتزام بشرع
الله والتمسك به والثبات عليه لا بد أن تكون معه
تضحيات قد تكون بالمال وقد تكون بالنفس وقد
تكون بالجوارح وقد تكون ابتلاء وامتحانا" بمرض أو
فقد عزيز
ولقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه العزيز أنه تعالى
يمتحن المؤمنين ليعلم صدقهم وثباتهم ومدى
إلتزامهم بالنهج الذي سلكوه والحق الذي تمسكوا
به وبايعوا عليه
وها نحن نعيش مع قصة أمة" كانت عند أمير
المؤمنين ( عمر بن الخطاب ) قبل أن يُسلم وقد
كان قاسيا"وشديدا" عليها يضربها مرات ومرات حتى
عُميت وذهب بصرُها فقالت قريش في ذلك
( والله ما أذهب بصُرها إلا اللات والعُزى )
وقد كان المشركون ينسبون كل ضارة ونافعة
إلى أصنامهم ويعتقدون فيها الخير والشر والجزاء
والبلاء ويبقون أسرى الجهل والتخلف وعبدة للأصنام
وقدكانت زنيرة الرومية تقول لهم : " والله ما هو
كذلك وما يدري اللات والعزى من يعبدهما !! وربي
قادر على رد بصري "
وهذه ثقة العبيد بخالقهم ، حين يكون بديع
السموات والأرض وخالق الكون و منزل الرحمة على
عبادة ومشرع الأحكام التي فيها عزهم وصلاحهم
وهدايتهم
فا ستجاب الله لدعوة زنيرة ورد لها بصُرها
فقالت قريش : " هذا سحر محمد صلى الله عليه
وسلم "
ثم سمع الصحابة رضي الله عنهم بقصة هذه
المسلمة المعذبة ، فذهب أبو بكر رضي الله عنه
إلى من يعذبها ويذيقها ألوان العناء والبلاء فاشتراها
منه
فقالت قريش : " لو كان خيرا" ما سبقتنا إليه زنيرة"
فرد الله تعالى عليهم بقوله تعالى ( وقال الذين
كفروا للذين ءامنوا لو كان خيرا" ما سبقونآ إليه )
( الأحقاف : 11 )
ولما اجتمع الناس بمكة المكرمة لمبايعة رسول الله
بعد الفتح المبين ولما فرغ من مبايعة الرجال
ذهبت زنيرة رضي الله عنها مع مجموعة من النساء
يُبايعن رسول الله
وكانت فيهم ( هند بنت عتبة ) متنقبة متنكرة لما
كان من صنيعها بحمزة رضي الله عنه ، حيث مثلت
بجسده بعد أن أرسلت وحشي ليقتله بحربة
مسمومة
فلما دنون من رسول الله ليبايعنه قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " تبايعنني على أن لا
تشركن بالله شيئا" ؟
فقالت هند : " والله إنك لتأخذ علينا أمرا" ما أخذته
على الرجال ، وسنؤتيكه
قال صلى الله عليه وسلم : " ولا تسرقن " ؟
قالت : " والله إني كنت لأصيب من مال أبي سفيان
الهنة والهنة وما أدري أكان ذلك حلاًّ لي أم لا ؟
فقال أبو سفيان وكان شاهدا" لما تقول :
أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل
فقال صلى الله عليه وسلم : " وإنك لهند بنت
عتبه؟
فقالت : " أنا هند بنت عتبة ، فاعف عما سلف
عفا الله عنك
قال صلى الله عليه وسلم : " ولا تزنين " ؟
قالت : " وهل تزني الحرة !! ؟
قال صلى الله عليه وسلم : " ولا تقتلن أولادكن ؟
قالت : " قد ربيناهم صغارا" ، وقتلتهم يوم بدر كبارا"
فأنت وهم أعلم
فضحك عمر بن الخطاب من قولها حتى استغرب
قال صلى الله عليه وسلم : " ولا تأتين ببهتان
تفترينه بين أيديكن وأرجلكن " ؟
فقالت : " والله إن أتيان البهتان لقبح ، ولبعض
التجاوز أمثل
قال صلى الله عليه وسلم : " ولا تعصينني في
معروف "
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر :
" با يعهن " فبايعهن عمر رضي الله عنه
واستغفر لهن الله رسول الله
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت
أستغفرك وأتوب إليك