عرفتها حزينة القلب ، بائسة النفس ، كثيرة الدمع ، يلازمها الهم أينما حلت وارتحلت ، لم يعد للحياة عندها طعم ، كانت تتمنى الموت وتنتظره بشغف.
كل ما تستطيعه أن تمد سجادتها وتلف جلبابها ثم تصلي ، ثم تذرف الدموع تلو الدموع تئن وتشتكي إلى بارئها .
هدها التعب ، وآلمها السحر ، واشتد عليها المس .
بدأتُ معها رحلة الجهاد .. جهاد الجان المتلبس بها ، وجهاد الساحر المتربص بها ، جهاد الحسد والعين القابع فيها .
ولأني أديب فلا تخلو تلك الرحلة المملوءة بالعجائب من أبيات أقوي بها من عزيمتها وأحثها على الصبر حتى النصر .
( … ) الخيرِ والإيمانِ والنورِ
الله مولاكِ لا مولى لمدحورِ
شدي على الخبثِ بالقرآن وانتفضي
بآي يوسفَ والأنفالِ والنورِ
ولتحرقيهِ بأقوى آية نزلتْ
فإنها النار في أحشاءِ مثبورِ
ولتعلي الصوت كي تنشقَّ طبلتهُ
ولتنفثي فتذيبي جلد مخمورِ
ولتصبري فبلاء العبد مطهرةٌ
من الذنوب فيمحي كل مسطورِ
ولتعلمي أن نصر الله مقتربٌ
وسوف يبطل ربي سحر مسحورِ
مرة زادت بها الأوجاعُ والآلامُ حداً لم تستطع معه الكتمان ، فلم تجد بعد الله تعالى غيري تشتكي له وتئن ، فكتبتُ لها :
ما هذه الأوجاعُ والأسقامُ ؟
ما هذه الأحزانُ والآلامُ ؟
ما بالُ قلبكِ يائسٌ مترددٌ
والنفسُ يملأها الأسى وحطامُ ؟
لا تحزني مولاكِ ربٌ قادرٌ
ومهيمنٌ ومسيطرٌ علامُ
ما بين غمضة عينٍ ثم يقظتها
يأتي الشروقُ وينجلي الإظلامُ
فدعي الهموم وشمري بعزيمةٍ
وستنصرين ويدحر الظلامُ
وسيحرقُ القرآنُ خادمَ ساحرٍ
وسيعقبُ الخوفَ الطويلَ سلامُ
وأذكر مرة أني أدخلت السعادة على قلبها ، وأحسستُ بانشراح صدرٍ لا يعرفُ إلا الضيق والهموم ، فكتبتُ لها :
كأني أرى الخُبْثَ يشطاطُ غيظاً
لأنك يا (…) سعيدهْ
يريدكِ في الحزنِ والهم دوماً
ويخسأُ ما عادَ تجدي المكيدهْ
فمولاكِ ربٌ عظيمٌ تعالى
لكلِ ظلومٍ أعدَّ جنودهْ
ومولاه عبدٌ حقيرٌ خسيسٌ
سيعلمُ في النارِ زيفَ وعودهْ
ولعلها مرة استحيت أن تبدي حزنها ، وأنى لها الكتمان ، فقد بتُّ أعلم من نبرة صوتها ما حالها وماذا تحسُّ يه ، فكتبتُ إليها :
يا (…) قد أتاكِ كتابي
يهديكِ من نصحي فلا ترتابي
إني أحسُّ بنبرةٍ محزونةٍ
وأرى على الخدينِ دمعُ عذابِ
إني أقولُ بكلِ نبضةِ خافقٍ
لا تقنطي من رحمة الوهابِ
إن سدتْ الأبوابُ من قِبَلِ الورى
عندَ الإله البرِ أوسعُ بابِ
أسأل الله العظيم أن يكفينا وإياكم شرور أنفسنا وشر الشيطان وشركه ، وشر كل حاسد وساحر ، والله الموفق .
عرفتها حزينة القلب ، بائسة النفس ، كثيرة الدمع ، يلازمها الهم أينما حلت وارتحلت ، لم يعد للحياة...
بورك المداد ....
وسلمت اليمين ....
ووفقتِ أينما كنتِ
ودمتي بود