بغدادُ ، مـاذا أرى في حــالـِكِ الظُّـلَمِ ...... نجمــاً يلــوحُ لـنـــا أم لفحـةَ الحِـمَــمِ؟
أرى النواحي وضوءُ الـنارِ يلفَحُهــا ...... فـكيف تجـتـمـعُ الـنـــــيرانُ بـالظُّــلـَمِ؟
بغدادُ ، لا تسكتي .. ردي على طلبي ....... وامحي سؤالي الذي أحكيه ملءَ فمي
بغدادُ ، أين زمـــــانُ العِـــزِّ في بلـدٍ ....... كان الســـــــلام به أسمى من العَـلَـــمِ؟
دارَ الســـلامِ ، أيا بغدادُ ، هل بعُـدت ....... عنك الجحافلُ في يومِ الوغى الـنَّـهِــمِ ؟
بغدادُ ، أين سحابُ المزنِ إذ حكمت ....... يـَـدُ الرشـــــيـدِ بعدلِ اللهِ في الأُمـَــمِ ؟
يقولُ أنَّى سكبتِ المزنَ سوف أرى ....... منه الخـراجَ .. ويـأتـيني بــــلا غُـرُمِ
أين الجحـافـلُ يا بغـدادُ ، عـن زمـنٍ ...... تخـاذَلَ العُـرْبُ عن أفعــــالِ مُعتصِمِ؟
قــادَ الجحــافلَ لم يهـنـأ بشـــربَتـِـه ....... حتى أتى ثــأرَهُ في الأنـجُـمِ الحـُــــرُمِ
بالله ، لا تخجلي واحكي حقيـقـتَـنـــا ....... ولتكشفي حـالـــنـــا .. حالٌ من السَّـدَمِ
*****
كتبتُ والحبرُ من نهر الفرات جرى ...... شـعـراً يُـترجِـمُ مجـداً غاصَ في القِدَمِ
آمــنتُ بــالله ربــاً لا شـــريــكَ لـَــهُ ...... وكيف يشـــرِكُ مَن يرنـو إلى الـقِـمَـمِ ؟!
بالله يا نخلةً مـدَّت جــــذائرَهـــــــــا ....... بين الـفــــراتــين في شّــطٍ من السَّـقَمِ
هل روَّعتكِ المآسي فوق طينتِـهــا ؟ ....... وهل ســقـتـكِ دمـــاً تجــريهِ بعــدَ دَمِ؟
وهل تنبأتِ الأنــــواءُ عـن حـــدثٍ ........ يعــيــدُ للمجـدِ نَـوءَ السَّـــعـدِ والحُــلُمِ؟
وهل ســـتأتي أســودُ العُربِ يدفعُها ........ نبضُ الـكـــرامَـــةِ في قـلبٍ لها هَـرِمِ
النارُ نارُك يا بغـــدادُ ، فاصطبري ....... فما يفـيـــــــدكِ بعدَ الـحَـــرقِ من نَـدَمِ
واســتنجـدي ببني الإســـلامِ إنهمو ....... أُسْــدُ الوغى ، وأسـودُ الشـرك كالعَـدمِ
*****
بالله قولي أيا بغـــــدادُ ، مـا فـتـئت ....... يَــــدُ المغــــولِ تزيــدُ الجرحَ بالـكَـلِـمِ
مرت قرونٌ ثمـانٍ والجراحُ بنــــا ....... تغــورُ من رجــسِ ما صبُّوه من نـِقـَمِ
شمسُ الحضارةِ لم تشرق بساحتنا ........ من بعدِهم وغدونـــــــا أمَّـــةَ الـرَّخـَمِ
تباً لمستعصمٍ لم يحـمِ دولــتـَـــــــه ....... فاستهدفتها عـبـيـدُ الرجـس والـصنَـمِ
تبا لمســــتعصم كانت بطانَـتُــــــهُ ....... تـُزيـغُــــهُ عن طريــق الحقِ والقيـَــمِ
فهل يرومُ من الزنـديــقِ حكمتـَــهُ ....... و( العلقمي) جمــيــلَ الرأي والحُـلـُمِ ؟
تباً لمستعصمٍ يلـقـــاهمُ فــــرحــــاً ....... ويـلـتــقي النـاصحَ الصدِّيقِ بـالـجَـهـَمِ
تباً لمستعصم أضحت بطــــانتـُــهُ ....... تدوسُ فــيــهِ كــرامَ الشعبِ بالجِزَمِ
تباً لمستعصم أمست حواشـــــــيهِ ....... تُـشــــارك الناسَ في الأرزاقِ واللُّقمِ
تباً لمستعصم أدنى الحثـــــالةَ من ....... عَــرشٍ وأبعَـدَ أهلَ الفضلِ والـكَــرَمِ
تباً لمستعصم قد خــــــانَ أمــتـَــهُ ....... وســـلـَّــمَ الحُـكــم للأوبـَــاش والدَّهَمِ
تباً لمستعصمٍ أفـنى خــزينـتـَـــــهُ ....... على الغواني وأهـلِ الرَّقصِ والنَّـغَـمِ
تباً لمستعصمٍ يُـدنـي العـَـــدوَّ لـَـهُ ........ كـأنَّـهُ صـــار عن فـتــكِ العدوِّ عمي
تباً لمستعصمٍ يخشـى رعـيـَّـتــَــهُ ....... وآمِــنٌ بـــينَ أعـــداءٍ على الــحُـــرَمِ
تباً لمستعصمٍ أهـدى مـَــديـنـَتـَـــهُ ....... إلى المغـُـولِ وظنَّ الأمنَ في السَّــلــَمِ
تباً لمستعصمٍ لا يســــتحي أبــــداً ....... ينـقــادُ ذلاً من الأعـــــداءِ كالبـَـهـَـمِ
تباً لمستعصمٍ أبدى شــــجـاعـتـَه ....... عـلى الــرَّعـِـيــةِ بالتـنـكيــل والتـُّـهَمِ
تباً لمستعصمٍ صــارتْ مهـمـتـُـه ....... يُـشـــتتُ الجمعَ بالتخريفِ في الكَـلـِمِ
تباً لمستعصمٍ نـامَـتْ عـوَاطــِفـُهُ ....... وأعينُ الشـعـبِ لم تغمضْ ولم تـَـنـَمِ
*****
بالله قولي أيــا بغــدادُ ، لا رقدت ...... عينُ الجـَبَـــانِ إذا نـامَـت عن الهِممِ
واستخلفي الله في عصرٍ لقيتِ بهِ ...... ذُلَّ المهــانــةِ بــينَ العُـرْبِ والعَـجَمِ
حانَ الوداعُ أيا بغـــدادُ ، فانتحبي ...... فقد أصيبَ جميــــعُ القـــومِ بالصَّمَمِ
حانَ الوداعُ أيا بغدادُ ، قد نُحِرَتْ ...... رجولةُ الـقَــومِ في مـيـــدانِ مُـنـتـقِمِ
حان الوداعُ .. وعذرُ القومِ أنهمو ...... لا يقدرون على الأرمــــاحِ والحُسـُمِ
هذا الوداعُ .. فموتى خيرَ عاصمةٍ ...... مذبوحةً .. ربمـــا مــاتتْ بــلا ألـَـمِ!
أحمد الطارش 1/1/1424هـ
بغدادُ ، مـاذا أرى في حــالـِكِ الظُّـلَمِ ...... نجمــاً يلــوحُ لـنـــا أم لفحـةَ الحِـمَــمِ؟...
أَمِ المُبكيكَ دجلـةُ والفـراتُ
وسكينٌ مشت في عمق نفسي
أَمِ الدمُ في العراق لـه قنـاةُ
ومازجَ أدْمُعي مِلحٌ وصـابٌ
أمِ الفـمُ عوَّدَتـهُ التَّجْرُبـاتُ
بَكيتكَ يا عراقُ بكـا ذبيـحٍ
بخنجرِ أهله طَعَـن الغُـزاةُ
بَكيتُكَ والفؤادُ دمـى لشعـبٍ
اَبِـيٍّ بالأصالـةِ لا يُـفـاتُ
أتدمى يا عراقُ وفيك تُسبـى
نساءٌ مُسلمـاتُ مُحصنـاتُ
أتؤكلُ يا عـراقُ ولا مُغيـثٌ
وتنهشكَ الكـلابُ الجائعـاتُ
ويقضي فيك طفلٌ مات جوعا
وابطُنُهم ضخـامٌ مُتخمـاتُ
أيُحسَبُ مسلماً مَنْ بات بطْراً
وجيرانٌ له في الجوع باتـوا
وتصـرخُ طفلـةٌ وتئـنُّ أمٌّ
وَتندِبُ حظهـا بأسـىً فتـاةُ
أتُبنى للصليب قُصورُ عـارٍ
وتُهدمُ في العراق المئذنـاتُ
فَأرْحِمْ بالذي طلـب المنايـا
وتأبـى أن تُفارقَـهُ الحيـاةُ
ووا أسفا على مَُضَرٍ وَطـيْءٍ
رجولتَهـم اماتوهـا وماتـوا
عراقُ لَأنتَ في الاقدام نـارٌ
على عَلَمٍ وشيمتـك الثبـاتُ
فإنـكَ لا تليـن لِمُسْتـبـد
ٍّوترفضُ أن يعيثَ بك الطُّغاةُ
فكم زحفت عليك جيوشُ غزوٍ
فلاقتهـا الهزيمـةُ والممـاتُ
سَتندمُ يا ابنَ بوشٍ وابنَ شُؤمٍ
وتخذلك الأمانـي الكاذبـاتُ
فإنَّ الظلـمَ مرتعُـهُ وخيـم
ٌوإن الحـقَّ مرتعُـهُ الحيـاةُ
فما دامتْ لأهل الظلمِ ريـحٌ
ولا ضاعتْ لِمظلـومٍ شكـاةُ
الشاعر (( ابن بيسان ))