هل بذلت ما بوسعك لحماية إبنك من التحرش الجنسي ??!!

الملتقى العام

بسم الله الرحمن الرحيم ..
إخوَتيْ وَأخوَاتِي الشُرَفاء ..
أحَيّيّكم جَمِيعَاً بتحِيَةِ أهلِ الجنةِ يَومَ يَلقوْنَ رَبّهُم ،
السّلامُ عَليكُم وَرَحمَة اللهِ وبَرَكاتهُ ..
وَأسألُ اللهَ العَليّ القديرَ أنْ يُوَفِقني في مَا أوَدُ كِتابَتهُ وأنْ
يَجعَلهُ خالِصَاً لِوَجهِهِ الكَريم ..
أحبتي الشرفاء ، أستبيحكم عذراً في أن أكتبُ اليوم بينكم مجدداً عن ظاهرةٍ
خطيرة تجتاح مجتمعاتنا بأعداد غفيرة ونسبٍ هائلة ، تتعَلقُ بأبنائنا
وأبنائِكم الذكور ، الذين نغفل أحياناً عن القيام بالدور التربويّ الأمثل
تجاهَهُم ونتفاجئ فيما بعد بأنهم قد استقوا الفكرَ التربويّ من الشارعِ
وأهل الشارعِ ، وشتانَ بين تربية البيت وبين تربية الشارع ..
ولن أتطرق في حديثي لأسس التربيةِ ومَدلولاتها وواجبات الأب التربوية تجاه
أبنائه والأثر المترتب على إهمال هذا الجانب المهم من جانب الحياة ، فقد
كَـتب الكُـتاب وأثروا الساحة بما فيه الخير والنفع بإذن الله ، ولكني
أستبيحكم عذراً في الكتابة عن ظاهرة خاصة جداً جداً ، أجدُ في طرحها
تحَرّجَا من أن تـُـمَج أو تـُـرفض بحجة أن بعض العائلات لا تعرف هذه
الظاهرة ولم تسمع بها من قبل ..
وقد وجدت الرغبة من بعض الإخوة والأخوات للكتابة عن هذه الظاهرة لخطورتها
وتفشيها في المجتمع ، وهاأنذا أكتبُ راجياً العون والتوفيق من الله وحده ،
ومؤمّلاً أن يجد هذا الموضوع صداهُ لدى إخوتي الأباء وأخواتي الأمهات ..
فهذه الظاهرة موجودة بين ظهرانينا وحبالها توشكُ أن توقعَ بعشراتِ بل مئاتِ
وألافِ الأبناءِ والطلابِ في المدارسِ والأحياءِ وفي كل مكان يتواجد فيه
الشباب بمختلف أعمارهم ومختلف إهتماماتهم ..
الظاهرة التي أعنيها أيها الشرفاء هي ظاهرة التحرش الجنسي بالأبناء الذكور
أجارنا الله وإياكم .
وقبل الخوض معكم في غِمار الموضوع وجنباته ، لدي طلبٌ بسيط أرجو أن يوضَعَ
في الإعتبار ..
أرجو وآمل ممن لا يود القراءة عن مثل هذه الموضوعات من الإخوة أو الأخوات
أن ينصرفوا راشدين..
وألا يجهدوا أنفسهم بالقراءة ثم ألسنتهم بالحسبلة والحوقلة على ( هادئ
الطباع ) وموضوعه ..
أحبتي الأباء والأمهات ، خذوا هذا الإعتراف من محبكم ( هادئ الطباع ) الذي
يتألم قلبهُ ويعتصر كمداً وألماً في كل مرة يصل إلى مسامعه خبرٌ عن الطالب
الفلاني بأن مجموعة من الطلاب قد استدرجوه لعمل الفاحشة فيه ، أو عن فلان
الذي اضطر والده لنقله من المدرسة بسبب تحَرش الطلاب به بإستمرار ، أو عن
ذلك الطالب الذي يحرمُهُ والدهُ من الخروج إلى المسجد والحارة بسبب وجود
مجموعةٍ من السفهاء الذين يتربصون بهذا الإبن كي يكون لقمة سائغة لهم ..
يقضون فيه شهوتهم المتأججة ، ويحققوا بإغتصابه بعضاً من كمالهم الشبابي
الواهي ، إذ يظنوا بأن كمالَ الرجولةِ يتحققُ في إدمان التدخين ، والإنفلات
الأخلاقي ، والممارسة الدؤوبة لعمل الفاحشة في أبناء الحارة أو المدرسة ..
أسجلُ لكم هذا الإعتراف راجياً ومُأملاً منكم أن تضعوه في الحسبان وألا
تمِروه مرور الكرام .. فكلُ أمر يعترض مسيرة الإبن فإنه يمكن للوالدِ أن
يتغلبَ عليه .. إلا أن يتعرض الإبن للإغتصاب الجنسي ، هنا سيكون من الصعب
جداً على الوالدِ أن ينتشل إبنه من هذا الوحل الموبوء وهذا الخطر المحدق ،
الذي يعني لأكثر من تعرضوا له نهاية الرجولة وبداية الإنخراطِ في مسلك
الجنس الثالث ، نسأل الله الحفظ والصون ..
أحبتي الأباء والأمهات ، أبناؤكم أمانة في أعناقكم ، والإهتمام بهم
ورعايتهم وعنايتهم وتحقيق ما يتمنوهُ أمرٌ لابد من أن يكون في أولوياتكم
المعيشية ، تأدية للواجبِ وتبرئة للذمة .. وتقصيركم في حق من حقوقهم يعني
بالضرورة أنهم سيبحثوا عن هذا الحق خارج جدران المنزل ، ولن يجدوه في أغلب
الأحيان إلا عند أبناء الشوارع ، الذين لا نرتجي منهم خيراً نسأل الله
الحفظ والصون .. ولأبناء الشوارع من المآسي والمصائب والجرائم ما يندى له
الجبين لهول مصابه ، وشناعة وقعِهِ على أسماع النفوس الزكية ..
وأمرّ هذه المصائبِ وأشدها تأثيراً على الإبن خصوصاً والمجتمع على وجه
العموم هي أن يتعرض الإبن في صِغره إلى حادثةِ إغتصاب ، ونحن هنا قد نلومه
وقد نلوم من اغتصبه ولكن اللوم الأول يقعُ على الأبِ المهمل والأمِ المهملة
، وعلى تفريطهما في هذه الأمانة العظيمة حتى وصل بها الحد إلى الوقوع في
هذا المستنقع الآسن ، فالذي ارتكب الجريمة كائنٌ وضيعٌ قذرٌ لم يجد من
يعلمه ويربيه ، ومهما وضعنا اللومَ والعتابَ عليهِ إلا أننا لا ننكر تقصير
والد الإبن وإهماله في تربية إبنه وحفظه من هذه العيّـنات القذرة أن تمسّهُ
بسوء ..
أحبتي الشرفاء ، ظاهرة التحرش الجنسي بالأبناء الذكور ظاهرة منتشرة بكثرة
في مجتمعاتنا العربية - والمجتمع السعودي على وجه الخصوص - نظراً لأني أعيش
بين جنباته وأعرفُ بعضَ ما يحدثُ في أوساطِه ، يندر أن تخلو منها مدرسة أو
يخلو منها حي ، وهي منتشرة في مجتمعاتنا بأعدادٍ هائلةٍ جداً ، فلا يمكن
لأحد حصرها أو تحديد مرتكبيها ، لأنها للأسف تجدُ رَوَاجَاً منقطعَ النظير
بين أوساط الشباب من سن الثامنةِ والتاسعةِ وحتى سن العشرين ، وربما بعضهم
تجاوزَ العشرين وتعداها وربما أيضا تزوجَ ولا تزالُ هذه الرغبة الحيوانية
البهيمية تسيطر عليه وتستحوذ على فِكره وتجعلهُ يُمَنّي النفسَ بإصطيادِ
فريسة يقضي معه شهوته المتأججة وعَطشه لهذه الجريمة النكراء التي لم يعاقب
اللهُ قوماً من الأقوام كما عاقبَ مرتكبيها عليه السلام ..
وإقرارانا بوجود هذه الأعداد الكثيرة التي تمارسها وتدمن عليها يجعلنا
نحرصَ أشدّ الحرص ونحذر أشد الحذر من أن يقع أبناؤنا فريسة لهؤلاء الذئاب
البشرية ، لأن وقوعهم في حبال هذه المعصية يعود عليهم بمآسي ومصائب يندى
لها الجبين ، مآسي ومصائب تجعل الإبن أشبه بالجنس الأنثوي منه إلى الجنس
الذكوري ، مآسي ومصائب تجعل الحليم حيرانا ويشيب من هولها الولدان ويهتز
لها وجدان كل حُرٍ أبيّ يرفض الظلم على بشر ، فضلا عن أن يرضاه على إبنه
وفلذة كبده ..
وسأبتدئ حديثي بمشيئة الله تعالى ببيان تحريم هذا العمل المنكر ، مستدلاً
بصريح الكتاب والسنة ، كما سأذكر الحكمة الربانية من تحريمه والإعجاز
العلمي في ذلك .. وبعدها سأحاول أن أذكر لكم الأسبابَ التي تجعل الإبنَ يقع
في شراكِ هذهِ الجريمةِ النكراء ، ثم سأذكرُ الطرقَ والأساليبَ التي يتخذها
ضعافُ النفوس للإيقاع بالأبناء في شراكِ هذه المعصية القذرة كي نـَحذر
ونـُحذر منها ، معقباً بعدها على أبرز الأماكن التي تتم فيها ممارسة هذه
المعصية ، ثم الأثر المترتب عليها لدى الإبن المفعول فيه وعلى والدهِ
ووالدتهِ وإخوتهِ وأخواتهِ ، وسَأعرجُ بعدَ ذلكَ على ذِكر طرق وأساليب
الخلاص منها - إن كانت وقعت - حتى ينهَجهَا وتنهَجهَا من ابتلاهََا الله
بإبن ٍ مصابٍ بهذهِ المعصية..



يتبع..
14
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

علكه بالفراوله
تحريم هذه الفاحشة في القرآن والسنة والتحذير منها ..
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل في سورة الأعراف ، ويقول عز شأنه في سورة
الشعراء على لسان لوطٍ عليه السلام .. ومن السنة يقول المصطفى
صلى الله عليه وسلم .. وفي عقوبة
هذه الجريمة قال صلى الله عليه وسلم .. وصرح
في حديث ثالث باللعن لمن مارس هذه المعصية فقال عليه الصلاة والسلام ..
فالله سبحانه وتعالى أنكر عليهم إتيان الذكران لأن في هذا منافاة للفطرة
البشرية وعدم تحقق مصلحة من وراء ذلك ، فإتيان الرجل أهله له من الفوائد
والخصال الحميدة الشيء الكثير ، بينما إتيانُ الذكر لا فائدة منه بل هو
وبال وخسران ، ولهذا ألحق الله بهم في سورة الأعراف صفة الإسراف ؛ وهي أنهم
أسرفوا وخرجوا عن الإعتدال البشري والفطرة السوية ، وألحق بهم في آية
الشعراء صفة الإعتداء ، وهي أنهم جاوزوا الحد في جميع المعاصي وعلى رأسها
هذه الفاحشة العظيمة .. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم عظم شأن هذه
المعصية بخوفه على أمته منها لمعرفته بأضرارها وأخطارها المترتبة عليها ،
صلى الله عليه وسلم من رسول رحيم مشفق محب ..
وقد أجمع المسلمون من أهل الملل أن التلوط من الكبائر ، وأنه أفحش من الزنا
وأقبح ..
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في ( مجموع الفتاوى ) : والراجح أن اللوطي
يُقتل ، الفاعل والمفعول به ، محصنين كانا أو غير محصنين ، حرين أو مملوكين
، أو كان أحدهما مملوكا والآخر حرا ، إذا كانا بالغين .. فإن كان أحدهما
غير بالغ عوقب بما دون القتل ، وقتلهما بالرجم ..
وقال الشوكاني في ( نيل الأوطار ) : وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارب هذه
الرذيلة الذميمة بأن يُعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين ، ويُعذب عذابا
يكسر شهوة الفسقة المتمردين ، فحقيق بمن أتى فاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد
من العالمين ، أن يُصْلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابها
لعقوبتهم ، وقد خسف الله بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم ..
.
الإعجاز العلمي في تحريم فاحشة اللواط ..
وعن الحكمة الربانية الباهرة في تحريم هذا العمل المشين ، والإعجاز العلمي
في تحريم فاحشة اللواط .. يقول الأستاذ محمد كامل عبدالصمد في كتابه (
الإعجاز العلمي في الإسلام ) عن ظاهرة اللواط وحكمة الشرع في تحريمها
والتحذير منها :
واللواط بجانب ذلك يسبب إختلالا كبيرا في توازن عقل الشخص ، وإرتباكا عاما
في تفكيره ، وركودا غريبا في تصوراته ، وضعفا شديداً في إرادته ، وإن ذلك
ليرجع إلى قلة الإفرازات الداخلية التي تفرزها الغدة الدرقية ، والغدد فوق
الكلى وغيرها ، مما يتأثر باللواط تأثيرا مباشرا ..
ومن شأن اللواط أن يصرف الرجل عن المرأة ، وقد يبلغ به الأمر إلى حد العجز
عن مباشرتها ، وبذلك تتعطل أهم وظيفة من وظائف الزواج ، وهي إيجاد النسل ،
ولو قدر لمثل هذا الرجل أن يتزوج فإن زوجته تكون ضحية من الضحايا ، فلا
تظفر بالسكينة ولا بالمودة ، فتقضي حياتها معذبة معلقة لاهي متزوجة ولاهي
مطلقة ..
ومن الأضرار التي يسببها اللواط الإنعكاس النفسي في خلق الفرد ، فيشعر في
صميم نفسه بأنه ما خلق ليكون رجلا ، وينقلب الشعور إلى شذوذ به ، فيشعر
بميل إلى بني جنسه ، وتتجه أفكاره الخبيثة إلى أعضائهم التناسلية ، ولقد
أثبتت كتب الطب كثيرا من الوقائع الغريبة التي تتعلق بهذا الشذوذ مما لا
يتسع المجال لذكرها هنا ..
ولا يقتصر الأمر على إصابة الممارس بالإنعكاس النفسي ، بل هناك ما تسببه
هذه الفاحشة من إضعاف القوى النفسية الطبيعية في الشخص كذلك ، وما تحدثه من
جعله عرضة للإصابة بأمراض عصبية شاذة ، وعلل نفسية شديدة تفقده لذة الحياة
..
وغير ذلك من الآثار الضارة سواء في الجانب النفسي الإجتماعي أو في الجانب
العضوي .. وهانحن نرى عقوبة المولى عز وجل لمن يمارسون الشذوذ بفقدان
المناعة ، ومن ثم بالموت العاجل .. برغم أن القرآن قد ذكرنا بأن الله أهلك
قوم لوط بسبب ممارستهم لتلك الفاحشة ، ولكن هل من مدكر ؟
تناولتُ الإعجاز من الجانب النفسي على الإبن ، وسأذكر في جزئيةِ الأثر
المترتب على هذا الفعل على الإبن المفعول فيه ؛ الأثر الطبي والجسدي
المترتب على هذه الممارسة ..
.
أما الآن بعد أن توصلنا إلى معرفة الحكم الشرعي لهذه الفاحشة والحكمة
الربانية فيه فسأذكر مجتهدا الأسبابِ التي تجعل الإبن يقع في حبال هذه
المعصية ..




يتبع ..
علكه بالفراوله
1 ] ـ غفلة الأب عن الإبن قبل وقوع الجريمة : حيث يظن الأب بأن مهمته في
الحياة تتلخص في تسمين الأبناء وتأمين إحتياجاتهم المنزلية والمعيشية من
مأكل ومشرب وملبس ومسكن ، وإحضار ما يحتاجونه من لوازم مدرسية أو مكتبية
ونحو ذلك ، ونسي هذا المسكين بأن الأبناء بحاجة ماسة - خصوصا في هذا الزمن
- إلى جرعات تربوية مكثفة ترشدهم إلى مكارم الأخلاق وفضائلها وتنأى بهم عن
مثل هذه القاذورات التي تتنافى مع الفطرة السوية ..
وحين يتخلى الأب عن دوره التربوي الإيماني الذي هو حق من حقوق أبنائه عليه
فلن يجد الإبن من ينصحهُ ويرشدهُ ويعلمهُ الخطأ والصواب ، خصوصاً إن كانت
والدتهُ تماثلُ أباهُ في ضعف الجانب التربوي وإهتمامها بالزيارات والصاحبات
أكثر من إهتمامها بأبنائها وبناتها .. وسيجد الإبن نفسه فيما بعد مضطراً
للبحث عمن يكمل له رصيده التربوي ..
وربما صادف في بحثه شابا صالحا ناصحا مليح السجايا هادئ الطباع حسن المظهر
والمبطن عليه أثر الخير والصلاح يشِعُ وجهه نوراً وإيماناً فكان له نعمَ
المعينُ على الخير والطاعة فسعِد الإبن وسعِد أهله ، وعوّضه – ولو قليلاً –
عما كان يجب أن يجده من والده من تربية وحرص وإهتمام ، وربما صادف كذلك في
بحثه شابا خبيثا قذرا وضيعا لم يترك من مكارم الأخلاق شيئاً إلا تبرأ منه
ولم يدع من الأخلاق الرذيلة شيئاً إلا تخلق به وأصبح به يُعرَف فشقي الإبن
وشقي أهله نسأل الله السلامة والعافية ..
ـ جبروت الأب وتسلطه القاسي على الإبن : هذه النقطة لا تتعارض مع
النقطة السابقة ، فالإبن قد يجد من والده ملاحظة وملازمة ومتابعة وتربية ،
إلا أن هذا كله يأتي إلى الإبن مصحوباً بسيل ٍ من الألفاظِ السيئة وربما
صاحَبَه سيلٌ آخر من الضرب والتهزيء والتوبيخ والهمجية في التعامل ، فينشئُ
الإبنُ بعيداً عن حضن الأبوة الحاني ، يبحث عن والد ٍِ يشكي إليه همومه
ومتاعبه وما يؤرقه في مدرسته أو حيّه فلا يجد إلا والده الذي يتفنن في
إساءة معاملته وكأن الإبن قد ارتكب السبع الموبقات ، وهذا التصرف القاسي
والجبروت المتسلط لن يزول من ذاكرة الإبن سريعا وسيظل يتذكره في كل مرة
يتذكر فيها أباه ، ولربما دعى عليه بالموت أو المرض أو منّى النفس بأنه حين
يكبر فسيسترجع حقه المسلوب من والده وسيعامله بالمثل ..
ومع الأيام سيشعر الإبن بأنه أصبحَ يتيماً بالرغم من أن والده لا يزال على
قيد الحياة ، وشعورهُ باليتم لم يأتِ من فراغ ، وإنما لأنه يفتقد فعلاً
لأبوّةِ والدهِ ويرى بأن أبناء الحي وطلاب المدرسة أكمل منه حين يراهم مع
آبائهم في السيارة أو الطريق ؛ والبسمة تعلو محياهم والفرحة لا تسعهم ويجد
أباءهم يبادلونهم نفس الشعور وربما أكثر .. ويعود إلى واقعه المرّ بعدها
ليجد نفسه مصدوما بأب ٍ متجبر متسلط ، اتخذ من الأبوّةِ مسلكا ينفذ به قوته
وغطرسته على حساب إبنه ونفسيته المحطمة ..
ـ الأم وتغييبها للعاطفة في حياة الإبن : قد تتعجب الأمهات من هذه
النقطة ، وهل يصح أن ننسب وقوع هذه الجريمة إلى الأم ؟ وما دور العاطفة في
هذا كله ؟
فأقول نعم ، أنتي أيتها الأم على عاتقك مسؤولية كبرى في هذه المسألة ويجب
عليك ِ أن تعي هذا جيداً وتدركيه ، فالإبن لم ينجرّ خلف هؤلاء السفهاء إلا
لأنه يبحثُ عن أمر يفتقده في بيته ، يبحثُ عن الحب ، يبحثُ عن الحنان ،
يبحثُ عن القرب ، يبحثُ عن الرصيد العاطفي في حياته ، يسمعُ عن فلان بأن
أمَهُ تقبله كل صباح قبل الذهاب إلى المدرسة ، وفلان الآخر الذي تعطره أمه
كل صباح ، والثالث الذي تحبه أمه وتشعِره بحبها وأنه قطعة من جسدها ولا
تستطيع أن تفارقه وتغفل عنه .. يسمعُ هذا كلهِ وأكثر ويُقـيّـم بينه وبين
أمه وتعاملها معه ، فلا يتذكر إلا الوجه العابس في الصباح ، والخصام
والصراخ بعد العودة من المدرسة ، والتوبيخ حين يحين دور الواجبات المدرسية
، وربما الضرب والتهزيء والحرمان من المصروف لأتفه سبب ، أنا لا أعمم وإنما
هذا واقع بعض العوائل ..
فيحاول الإبن جاهدا أن يتذكر مرة واحدة صَرّحَت له فيها أمهُ بحبها له فلا
يجد ، ويحاول أن يتذكر مرةً واحدةً طبعت الأمُ فيها قبلةً على خده أو جبينه
فلا يجد ، ويجدُ نفسهُ بعد هذا كلِه مضطراً للبحث بجد ٍ عمن يملئُ عليه
رصيده العاطفي ويكيلُ له الكلمات الدافئة ومعسول الأحرف الرومانسية
والشاعرية ويحسسه بقيمته في المجتمع وأن هنالك من يسأل عنه ويبحث عن
مجالسته ومصاحبته ، ولن يطول بحثه فالذئاب البشرية تحيط به في المدرسة
والحي ولن تفرط فيه أبداً إن وجدت منه رغبة في التعرف عليهم ومصاحبتهم ..
فالإبن في مرحلة المراهقة بحاجةٍ ماسةٍ إلى ملأ رصيده العاطفي وإشعاره
بالحب والحنان ، وفقدانه لملأ هذا الرصيد في المنزل سيجعله يحاول ملأه بين
سفهاء المدرسة والحي ، ولن يطول إنتظاره لهم فسيأتوا إليه متعطشين متلهفين
، مظهرين الحب والحنان ، ومشاعرهم من الداخل تمنـّـي النفس بفريسة جديدة
يقضوا فيها شهوتهم ويستعبدوها فيما بعد لتنفيذ رغباتهم وحاجاتهم القذرة .
ـ ضعف شخصية الأب في الحي والمدرسة : لأن الشاب القذر الذي يمارس هذه
المعصية لن يستطيع أو يتجرأ على الإقتراب من أبناء الرجل الذي له كلمته
القوية في الحي وله شخصيته التي لا يُستهان بها ، فهذا القذر يعلم في قرارة
نفسه بأنه إن أقدم على محاولة الإنفراد بإبن هذا الرجل أو محاولة إرضاخه
بالقوة ثم علم أبوه فيما بعد بالأمر فلربما أتى إليه هذا الأب وسفهَهُ
وضربَهُ وشوّهَ سمعتهُ في الحي وأهانُ والدهُ وأهلهُ وربما طردهم من الحي
لأنه سليط اللسان قوي الشخصية يقدم مصلحة أبنائه على كل إعتبار ..
ولذا فإن السفهاء - في الغالب - يبحثوا عن الإبن الذي ابتلاه الله بأب ٍ
هيّن ليّن متبلد الإحساس مسلوب الرجولة الحقة يظن أن كل من حوله يماثله في
السذاجة والسطحية ، وهم يعلموا بأن الأب إن علم بالأمر لاحقاً فلن يتعدى
دوره أن ينصحهم ويستلطفهم ويترجاهم كي يبتعدوا عن إبنه وألا يتعرضوا له
بسوء ..
لاحظوا الفرق بين عبارة ( ينصحهم ويستلطفهم ويترجاهم ) وعبارة ( سفهَهُ
وضربَهُ وشوّهَ سمعتهُ ) ..
كما أن قوة الشخصية في الحي لا تعني بالضرورة التسلط ، والعنجهية ، وفرض
الرأي بالقوة ، وتوبيخ أبناء الحي والقسوة معهم ، لأن من كان هذا أسلوبه
فسيحاول أبناء الحي التسلط على إبنه لا لشيءٍ إلا لإهانةِ أبيهِ وإرغام
أنفهِ في الترابِ حين يصلُ إلى مسامعه بأن فلان الذي طالما ضربه الأبُ
وعاتبه قد أرتكب الفاحشة في إبنه ..
لا أنكر بأنه قد أخطأ هذا القذر وتعدى الحدود ، ولكن اللوم يقع عليه ويقع
في الوقت ذاته على الأب الذي كوّن لنفسه عداوات في الحي لم يكن لها داع ٍ
إن هو تعامل معهم بالحكمةِ والإبتسامةِ والأريحيةِ في الحديث وربما لاعبَهم
ومازحَهم بحدودٍ لا تجرأهم عليه أو على أبنائه .
ـ وسامة الإبن وملاحته وإهتمامه الزائد بنفسه : أرجو ألا يُـفهم من
إيرادي لهذه الجزئية بأني أشنع الإهتمام بالمظهر وجماله ، فالله جميل يحب
الجمال ، وجمال المظهر يعطي صورة موجزة عن الترتيب والتنظيم في منزل هذا
الإبن وأنه ينعم بوالدين يحرصان كل الحرص على الإبن ونجاحه الكلي في حياته
ودراسته ومجتمعه ، وإنما أوردتُ هذه الجزئية لأن بعض الأبناء الذين وهبهم
الله وسامة في الوجه تبدو على حركاتهم وتصرفاتهم وسلوكياتهم بل وملابسهم ما
يُشعر السفهاء بأن هذا الإبن يدعو الغير إلى فعل الفاحشة به ..
بعض هؤلاء الأبناء للأسف الشديد لا يختار من الملابس إلا الضيق والقصير ،
ولا يتحرك أو يتكلم إلا بميوعةٍ وتغنج لا تتناسبُ مع رجولتِهِ ، ونأسفُ حين
نعلم بأن بعض الأمهاتِ والأخواتِ الكبار في المنزل هم الذي يوصونَ الأبناء
بلبس هذه الملابس والتصرف بمثل هذه التصرفات حتى يبدو متحضرين ومهذبين ..
وكأن التحضر والتهذيب يقتصرُ على تشبه الإبن بالبنات في المشي والحديث
والملبس والتصرفات كلها ..
خطأ فادح تخطأه الأم حين تجبر ولدها – أو تسمح له - أن يلبس الضيّق من
الملابس كي يلعب بها في الشارع أو يذهب بها إلى المدرسة وهذا خطأ ليس
بالهين وتجرأة غير مأمونة العواقب في مجتمع كمجتمعنا اليوم .. فلا حرج أو
ملامة في أن يبدو الولد أو الإبن في كامل أناقته بلباس محتشم وساتر لا يحدد
ولا يفصل ، وحين يلبس ملابس الرجال الشرفاء الساترة فهو يؤكد تشبهه بهم وهم
الذين يستحيل في الغالب أن يتعرض لهم أحد بسوء بناء ً على مظهرهم ومعدنهم
السويّ .


يتبع ..
علكه بالفراوله
6 ] ـ الثقة العمياء بأبناء الأقارب والأصدقاء : يجتمع الأقارب في بعض
المناسبات بأعدادٍ كثيرةٍ جدا خصوصاً العوائل الكبيرة ، ويصعبُ على
الوالدين أن يراقبا الأبناء ويلحظا تحركاتهم خصوصا الأبناء الذكور ، ويجدُ
شبان العائلة - السفهاء منهم ولا أعمم - الفرصة مواتية لمحاولة إغواء
الأبناء الذين يظهر عليهم أثر الجمال والوسامة ، فتارة يكون الإغراء بأن
يسلمه مفتاح السيارة كي يقودها ، وتارة أخرى يعطيه الجوال ليلعب به ويقرأ
الرسائل ، وثالثة بأن يُظهر له حبه له وأنه مستعد للدفاع عنه وربما يوصي
هذا الشاب القذر أحد الشبان بمحاولة الإحتكاك بهذا الإبن حتى يستطيع الشاب
الدفاع عن هذا الإبن والظهور أمامه بأنه لا يرضى عليه الظلم وسينصره إن
تجرأ أحد على التعرض له ..
وفترة بعد فترة يجد هذا الإبن نفسه معجبا بهذا الشاب ورجولته وقوته ،
ويُصدم فيما بعد حينما يصارحه هذا الشاب برغبته الحيوانية وتتحول المصارحة
إلى إقناع ثم إلى إجبار وإرضاخ بالقوة إن أبى الإبن واستعصى عليهم إقناعه
.. وهكذا يتحول الأمر من مجرد إعجاب برجولة هذا القريب إلى مرتع خصب لقضاء
شهوته ووأد الرجولة في نفس هذا الإبن المغلوب على أمره وما أكثرهم في
زماننا ..
فالدراسات والبحوث التي تجرى بين الفينة والأخرى تؤكد أن كثيراً من حالاتِ
التحرش الجنسيّ بالأبناء وبالبنات أيضاً تتمُ في أماكن ليست مثار شبهةٍ أو
شك ، وتأتي من أشخاص هم ليسوا موضع شك أو ريبة ، كالعم المراهق أو ولد الأخ
المراهق أو ولد الخال والخالة وسائر الأقارب ممن هم في سن الشباب .
ـ عدم الرقابة على الإبن في خروجه من وإلى المنزل : فالإبن الذي يجد
مساءلة دؤوبة من والدهِ ووالدتهِ حينما يريدُ الخروجَ من المنزل وحين عودته
من خارجه يدركُ بأن هنالك من يتابعُه ويراقبُ بإهتمام خروجَه وعودته ويعرفُ
أصدقاءَه وجلساءَه .. وبالتالي سيحددُ علاقاته ويقلل الجلوسَ والحديثَ
والصحبة ممن يعرفُ بأن والدهُ يتأذى من وجودِه معهُم لسوء أخلاقِهم أو تدني
مستواهم الفكري والأخلاقي ..
هذه المراقبة والمتابعة تجعل الأب يطمئن من أن ولدَه لن يتعرفَ إلا على من
يعرفهم الأبُ ويعرفُ أهلهُم وأنهم مشهودٌ لهم بالصلاح والخير والسمعة
الطيبة ، وهؤلاء في الغالب لا تصدرُ منهم هذه التحرشات والعادات الدنيئة
لأن الحصادَ الطيب ثمرهُ مماثل له ، والضدُ بالضدِ ..
وعلى النقيض تماماً ، نجدُ شريحة ليست بالقليلةِ من الأباء لا يحرصُ على
متابعةِ إبنهِ ولا يُبالي مع أي الناس يمشي ؟ وأيهم يجالس ويصاحب ؟ فيجد
الإبنُ كافة الأبوابِ مفتوحة أمامَهُ ليتصرفَ كما يحلو له وكما يملي عليهِ
عقله القاصر وتفكيره السطحي ، وأمثالُ هذا هم الصيد السمين والفريسة
المرتقبة لأهل الفحش والفجور الذين يدركوا بأن هذا الإبن لو غابَ وتأخرَ عن
المنزل فلن يتعدى الأمر حين عودته إليه ؛ ترحيبٌ وإستقبالٌ من الوالدِ
والوالدةِ وكأنهُ لم يتغيب بالساعة والساعتين والثلاثة ..
بينما الإبن الذي يَجدُ المساءلة الدؤوبة يستحيلُ أن يفكرَ بالتأخر دونَ
إبلاغ أهله ، ولن يكون التأخرُ إلا لظرفٍ طارئ لا يحتمل التأخير ، ويقتصرُ
في الغالبِ على وقفةٍ أمام بابِ المنزل مع أحد أبناء الجيران ، أو زيارةٍ
عاجلةٍ لأحدِ المحال التجارية المجاورة لشراء غرض يعودُ بعده إلى المنزل ..
ويشعرُ حال عودتِهِ بأنهُ قد قامَ بعمل لم يعتد عليه ، ويرى أثره في أعين
والده ووالدته ، فيزيدُ حرصاً وتمسكاً على ألا يُغضب والديه وألا يخرج دون
إذن منهم أو دون إخبارهم ..
ـ غياب الأب عن المنزل بصفة دائمة للزواج أو التجارة أو العمل أو
الأصدقاء : أقصد بالزواج هو أن يكون الوالدُ متزوجا بأكثر من إمرأة ،
وبطبيعة الحال فإن التقسيم سيكون بتخصيص يوم للأم ويوم لضرتها ، وتشتكي
كثير من الأمهات بأن اليوم الذي يتغيب فيه الأب عن المنزل لأجل المبيتِ عند
الزوجةِ الأخرى فإنه أنسب الأوقات للأبناء كي يتصرفوا كما يحلو لهم ، فمنهم
من يُدمن الخروج إلى الشارع ، ومنهم من يمتنع عن أداء الصلاة في المسجد ،
ومنهم من يأتي بأشرطة الفيديو وأقراص الكمبيوتر ، وصنف آخر ينعزل عن بيته
تماماً فيأكل ويشرب و#&@#%&$ في بيوت أصدقاءه ..
التجارة أيضا تستحوذ على نصيبٍ ليس بالقليل من وقتِ الأب ، خصوصاً التي
تستدعي السفرَ لجلب بضاعةٍ أو تأكيدِ صفقةٍ وما شابه ، والعمل أيضا له ذاتُ
النصيبِ من إشغال وقت الأب وتقليل فرصة تواجده بالمنزل ، وكذلك شلل
الأصدقاء والأحواش التي نراها منتشرة خارج المدن ، والتي تستقطب أعداداً
كبيرة من المحسوبين على المجتمع بأنهم ( أباء ) ..
هذا الغياب بمختلفِ مسبباتِهِ فرصة سانحة للإبن كي يمارسَ التمردَ وإعلانَ
العصيانِ والرفض ، وهو كذلك فرصة مواتية لأهل الفحش كي يستحوذوا على هذا
الإبن في الوقت الذي يتغيب فيه والده عن المنزل ، وما أكثر الأماكن التي
يجتمع فيها قطعان الذكور للإنعزال عن العالم الخارجي والتصرف كما يحلو لهم
..
لا أشنعُ بحديثي هذا تعدد الزوجات أو أحمّله المسؤولية ، وأرجو ألا يفهم
هذا المقصد من حديثي ، فديننا الحنيف لم يُشرع لنا ما يضرنا وإنما البعض
يأخذ بالحكم ويسيء الأداء ، ولذا من العار على الأب أن يبحث عن شهوته
وراحته على حساب مستقبل إبنه ورجولته ، ولا ضيرَ في الإقتصار على زوجةٍ
واحدةٍ أو تجارةٍ واحدةٍ أو عمل واحدٍ إن كان هذا سيساهمُ ويساعدُ في
تقويةِ إيمان الأبناء بالله وتنشئتهم التنشئة الإسلامية الصحيحة ومن ثم
الإستعانة بهم على كل محاب الأب وإهتماماته إذا كبروا ..
ـ وجود الفضائيات في المنزل ، والمناظر المهيجة التي تعرضها : قد
يتعذر - في الغالب - مشاهدة مناظر جنسية فاضحة وعارية تماماً في الفضائيات
؛ خصوصا العربية منها ، التي تدّعي التطور ومواكبة العصر وهي في الواقع
تقوم بما يرغب الأعداء أن يقوموا به .. لكن المادة المعروضة في الكثير من
الفضائيات لا تقل في تأثيرها وسمومها عن المناظر الصريحة .. فالأغاني
المصورة أو ما يعرف بالفيديو كليب وكذلك المسلسلات المدبلجة والإعلانات
الفاضحة والأفلام التي تكمل هذا المشوار العفن للتحرر المزعوم ..
هذه المواد وغيرها تكوّن لدى الإبن رغبة في التعرف على أبعاد هذه المناظر ،
فلا يكفيه أن يرى خصر فلانة أو جسم فلانة ، بل يحاول أن يبحث عن سر قيام
المغنية الفلانية بعمل حركات معينة ونظرات معينة ، أو يبحث عن سر نظرات
إعجاب الممثل ببطلة الفيلم .. ورويداً رويداً سيكتشفُ الإبنُ بأنّ الكبار
يقوموا بتصرفاتٍ وممارساتٍ لا يَعرفها ولا يُدركها وسيجتهدُ في البحثِ عمن
يُشاركه ممارسة هذه العلاقة حتى يشبعَ تعطشه لمعرفةِ هذا السر ..
ما ذكرته ليس من بابِ التخيّل أو الإفتراض ، بل هو واقعٌ محسوسٌ يكتوي
كثيرٌ من الشبابِ بمرارتهِ كل يوم حين يتذكر الوضع المخزي الذي وصلَ إليه
اليوم ، وكان السببُ في البدايةِ ؛ مناظر خليعة وإيحاءات قذرة تعلق قلبه
بها ولم يستطع أن يتركها دون أن يعرف كافة أبعادها ، وأصيب فيما بعد – بسبب
بحثه وإستفساره – بإدمان هذه المعصية دون أن يستطيع التخلص منها ولا حول
ولا قوة إلا بالله .
ـ تعرض الإبن بإستمرار لإهانات متكررة في المنزل : سواء كانت هذه
الإهانات تأتيه من قِبل الوالدين أو من الإخوة والأخوات الكبار ، وتعرضه
المستمر لها يُشعره بأن من حوله في المنزل يبغضونه ولا يرحبون به وبشخصيته
، مع التأكيد على أن من يهين ويشتم – في الغالب – يحب هذا الإبن ولا يقصد
بإهاناته المتكررة إلا محاولة فرض شخصيته بالقوة وإرغام الإبن على السمع
والطاعة بأسلوب بغيض منفر ..
هذه الإهانات أودت برجولة كثير من الأبناء الذين أعتادوا على سماع هذه
الإهانات وألفتها آذانهم وترسمت فيما بعد صورة غير قابلة للتغيير في نفوسهم
وصدروهم بأن والديهم أو إخوتهم وأخواتهم يكرهونهم ولا يحبونهم ، فيضطر
المسكين مرغماً إلى البحث عمن يجد عنده الكلمة الطيبة والمواساة الحانية ..

وربما كانت هذه الإهانات سبب مباشر لنزع الثقة من نفسه وإحساسه بالنقص عن
باقي الأقران والخلان فيشعر المسكين بأنه دون الباقين وأن من حوله يتميزوا
عنه بكمال ٍ إجتماعي هو محروم منه ، ونتيجة لهذا الشعور الخاطئ ربما سلمَ
نفسهُ وجسدهُ للذئاب البشرية بحثاً عن الكمال الإجتماعي والحياة الهنيئة
التي حُرم منها في بيته مسبقاً ..


يتبع ..
علكه بالفراوله
ـ الفراغ الإيماني لدى الإبن وضعف الوازع الديني في نفسه : هذه
المعصية جرمٌ عظيمٌ ومحرمة تحريماً واضحاً مؤصلاً لا شك فيه ، ومعرفة حكمها
الشرعي من قِبل الإبن مدعاة لأن يرفضها ويتخلص منها ويستميت في الدفاع عن
نفسه كي لا يقع فيها أو يُكره عليها ، وقلة الوازع الديني في نفسه تجعله
يستهين بها وربما ظن بأن التحريم مقتصر على الكبار وأنه سيجد سلوته ومتعته
فيها إن هو مارسها ..
ومن جهة أخرى فإن الوازع الديني في نفس الإبن إن كان مكتملاً هو كفيل – بعد
حفظ الله – في صدّ مثل هذه الأفكار القذرةِ عنه ، فمن كان متديناً – وإن
كان صغيرا – فسيجد في نفسهِ مجّ مثل هذه المعاصي السيئة وسيجدُ في الوقتِ
ذاتِهِ أن ضعافَ النفوس لن يجرؤوا على محاولةِ إرضاخه أو إكراهه نظراً لأنه
ملتزمٌ بشرع الله ، ولا يجد حرجاً في أن يفتدي بروحه إكراماً لنفسه ولجسده
من أن يتعرض لهذه الجريمة النكراء ..
ـ جهل الإبن بهذا الأمر وعدم إدراكه لحرمته وبشاعته : فالكثير من
الأبناء لا يعرفون معنى إغتصاب أو شذوذ جنسي وربما ظن أن ما يقوم به زميله
في المدرسة أو صديقه في الحي والحارة من ممارسة عارية معه ماهي إلا لعبة
مسلية أو طريقة ما للتعبير عن قوة علاقتهم وأن كل واحد منهما يحبُ الآخر
حبا تذيّل لأجله كل العقبات والموانع ، وتكرار مداومة هذا العمل مع الزميل
أو الصديق أو حتى الأخ مع الجهل به وبحرمته ؛ سيجعل من الصعب في المستقبل
تناسيه والتخلص منه ..
والصنف الآخر من الأبناء يجد في هذا العمل تعبيرا بريئا – يناسب مستوى
براءته – عن حبه لإبن العم أو إبن الخال الذي يماثله في السن بحجة أنهم لا
يؤذوا بعضهم البعض ، وأن ما يقوما به عملٌ يعمله كثيرٌ من الطلاب والشباب ،
وهو يزيد من حبهم لبعض ومن قربهم بين بعضهما البعض وقد لا يدرك حرمته
والأثر الجسدي والنفسي المترتب عليه حين تتقدم به العمر ..
ـ الشدة أو نقيضها في التعامل مع رغبات الإبن : فالشدة المصحوبة
بالسب والشتم والتهزيء والعبارات الجارحة القاسية والتي قد تصحبها ممارسات
بدنية تتمثل في الضربِ والجلدِ والتفنن في إنتهاك حرمةِ إنسانيةِ الإبن
تجعله مسلوبَ الكرامةِ محطمٌ من الداخل لا يأبهُ بما حولهُ ولا يشعر بأدنى
رغبةٍ في الحياة ، وهو بشعورهِ هذا ونفسيته المتحطمة ؛ فرصة مواتية ولقمة
لا تعوّض لذوي النفوس المريضة كي يتم إستدراجه وتعويضه عن الجبروت والشدة
التي يجدها في منزله لأتفه سبب ، وربما وجدوا ترحيبا منه يكفيهم مؤونة
إستدراجه والتحايل عليه ..
وفي المقابل ، فإن التنفيذ المطلق والإستماع التام الذي يسبق التنفيذ لكل
صغيرة وكبيرة يطلبها الإبن ويتمناها تجعله يعيش في وهم وخيال خاطئ يظن من
خلاله بأنه السيد المطاع الذي لا يتجرأ أحد على عصيانه أو التعرض له بسوء ،
وقد يُصدم بذئاب بشرية في الشارع أو المدرسة تستفرد به لتذيقه مرارة هذا
التدليل الذي يجده من والديه دون تقييد أو ضبط ..
والضابط في هذين الموقفين هو التعقل والتصرف بحكمة ونظرة مستقبلية ذات
أبعاد واعية .. فالإبن يُكرم ويُهدى ويُسمع رأيه ويُرفع شأنه ولكن بحدود ،
وفي المقابل يُؤنب ويُعلم ويُصحح خطأه ولكن بحدود ، ولا ملامة على الأب أن
يضرب إبنه إن وجد من تصرفاته ما يسيئه ، ولا ملامة كذلك أن يكرمه ويقدره إن
وجد من تصرفاته ما يرفع رأسه ويسعد قلبه ..
ـ تعويد الإبن على الخروج بمفرده في أي وقت : فخروج الإبن للمدرسة
أو للمسجد قد لا يجلب له كثير مصاعب ومتاعب ، خصوصا إن كان هذا الخروج
مصحوبا بمتابعة من الوالدين وحرص دؤوبٍ على إشعار الإبن بأن هنالكَ من
يتابعه ويحرص عليه ، لكن المقصود بهذه الجزئية هو السماحُ المطلقُ للإبن
بالخروج في أي وقتٍ شاء ، بعد عودته من المدرسة وبعد المغرب والعشاء وربما
في ساعةٍ متأخرةٍ من الليل ، بحجة إعطائِهِ حريته وعدم الوقوف في وجههِ
وحرمانِهِ من رغباته وتحجيم حركته ..
هذه الحجج الواهية ؛ خلفها من المآسي والمصائب الشيء الكثير ، فالإبن إذا
أعتاد الخروجَ بمفرده خصوصاً إن كان مليحاً وسيماً فإنهُ سيكونُ أمنية بعض
من يقابله في طريقه أو المكان الذي يذهب إليه ، ربما يراه شابٌ في الحي أو
الحارة فيمني نفسه بالإيقاع بهِ ، وربما يراه بائع السوبر ماركت أو الحلاق
أو عامل المطعم فيمنوا نفوسهم بقضاء ليلة حمراء مع هذا الأمرد الوسيم ..
ولو خرج الإبن بصحبة والده - أو والدته إن تعذر خروج والده معه - فسيكون في
مأمن من عبث هؤلاء السفهاء لأنهم في الغالب يحرصوا على إنتقاء من يشعروا
بأن الحبل متروك له على الغارب أو كما يقال باللهجة الدارجة ( ما وراه أحد
) ، وأما إن أعتادَ الخروج بمفرده في أوقات غير معهودة ومألوفة فهذه تجرأة
غير مأمونة العواقب في مجتمع لا يرحم ، خصوصا وأن به من الكلابِ الضالةِ
والذئابِ البشريةِ الشيءَ الكثيرَ .
ـ سكن الإبن الدائم في منزل أحد أقربائه بسبب طلاق ونحوه : قد تضطر
الظروف الوالدين إلى الإنفصال كآخر الحلول الممكنة أمامَهُما ، ونتيجة لهذا
الإنفصال فسيضطر الوالدُ لترك الإبن – إن كانت لهم ذرية – سيضطرُ لتركِ
الإبن في بيت العمةِ أو العم أو الجدة بحجة كثرةِ أعمال الأبِ أو بحجةِ أن
زوجته لا ترحبُ بإبنه في بيتها ، وربما ماثلت أمُ الإبن والدَه في غبائِهِ
وحماقتِهِ بتركِها إبنها دونَ مساءلةٍ ومداومةٍ على السؤال والإهتمام ..
ونظراً لأن كثيراً من حوادثِ التحرش الجنسيّ بالأبناء - كما أسلفتُ - تتم
في أماكن ليست مواطن ريبة ، فقد يُقابل الإبن بقريب له يعيش معه في نفس
المنزل وتكون لهذه القريب شهوة حيوانية أو عداوة مع والدِ هذا الإبن ..
فسيجدُ هذا القريب السافل الفرصة مواتية ، ولحظة الإنتقام سانحة للنيل من
والد هذا الإبن بإرتكاب الفاحشة في إبنه إرغاماً لأنف أبيهِ في الترابِ
وإهانة لهُ ..
ليت الأباء والأمهات يعوا خطورةَ هذا الأمر ويدركوه ، فهو والله واقعٌ
ملموس ، والقصص عنه كثيرة تدمي القلب وتدمع العين حزناً وأسىً وكمداً ،
وليت الأباء والأمهات كذلك يدركوا حجم المصائب والكوارث التي تلحق بالأبناء
بسبب الطلاق وتردد الإبن فيما بعد على بيوت الأقارب والأصدقاء .. فمن يضعُ
مستقبلَ إبنهِ نصبَ عينيهِ يستحيل أن يتركه هكذا دون رعاية وحرص وإهتمام ،
والحياة إن لم تجد التضحية والتغاضي من كلا الطرفين لأجل المصلحة العامة
لهما وللذرية فمصيرها الفشل الذريع والشتات المريع ..
هذه في نظري القاصر بعض الأسباب التي تجعل الإبن يقع في هذه المعصية ، قد
تُضاف عليها عدة نقاط أخرى أجهلها ولم أعلمها ، ولكنها في نظري تستحق
الإهتمام والقراءة لأنها تُعنى بمصلحة فلذات أكبادنا في المقام الأول ،
وأمام تذييل كافة العقبات لحياة رغيدة ومستقبل مشرق ينتظرهم يهون كل عسير ،
ولا ضير أن نحرص ونحذر ونجتهد ونحتسب عند الله كل لحظة نقضيها في تربية
الأبناء حتى ينشؤوا نشأة سوية إسلامية زاكية ، يشعُ منها نورُ الحق ويكون
أثرها عميمٌ وخيرها وافرٌ على الإبن وأهله .. والشواهد من مجتمعنا حول هذا
الأمر كثيرة ومشجعة ..


يتبع ..
علكه بالفراوله
وبعد فراغي من ذكر الأسبابِ التي تتسببُ في إيقاع الإبن في هذا المستنقع
الآسن ، أعَرجُ على ذكر أهم الأساليبِ والطرق التي يتبناها ضعافُ النفوس
لنيل مآربهم المنحرفة .. وجمعها ليس بالأمر السهل والهين الذي يمكننا أن
نحصيهِ بسهولةٍ أو نلخصهُ في نقاطٍ سريعةٍ ، ولكنها طرقٌ تتجددُ يوماً بعد
يوم مع إزديادِ الأعدادِ الهائلةِ التي تمارسُ هذه المعصية وتفرح بها ..
ومع ذلك سأحاولُ وضع أبرز الأمور التي يستغلها ضعاف النفوس للإيقاع
بالأبناء الذكور في حبال هذه المعصية وجرّهم إليها فيما بعد مرغمة أنوفهم
..
ومن هَذه الأساليبِ والطرق ما يلي ..
ـ بواسطة التدخين : حيث يحاول السفهاءُ والأراذلُ إيقاعَ الإبن في
شراكِ هذا السم القاتل ، ولو أن تتم دعوتهُ مجاناً لشرب الدخان وأن يدخل
معهم في الجو والكيف كما يزعمون ، ووقوع الإبن في مسلك التدخين يجعلهُ
مواظباً على مجالستهم ومصاحبتهم وقضاء وقت ليس بالقليل معهم في شربهم
للدخان وربما يتطور الأمر مستقبلا من دخان إلى شم أو إلى إدمان الكحول
والعرق ومشتقاتها نسأل الله الحفظ والصون ..
كثيرٌ من حالات إدمان وتعاطي المخدرات يعود منشأها وأساسها إلى مجاراة
الإبن في صغره لأصحابه وزملائه في شربهم للدخان وتعاطيهم إياه ، ولا يخفى
على عاقل متبصر الجو المحيط بهؤلاء الرعاع لحظة تجمعهم وما يشاهدونه وما
يمارسونه من مصائب لا تليق بالإبن الشريف النزيه ولا تشرف أهله وعائلته
وسمعة والده الذي يشار إليه بالبنان ..
ـ بواسطة التفحيط : فالتفحيط يلقى رواجاً منقطع النظير في نفوس
الأبناء وطلاب المدارس والشباب بصفة عامة ، وهو في نظر الكثير من الشباب
خير وسيلة لإصطياد الأبناء والتغرير بهم من خلال إيهامهم بأن كمال الرجولة
وعنوان التميز هو في مصاحبة أهل التفحيط .. فينجر الإبن الغافل خلف هذه
الدعاوى الرخيصة ويصبح حريصاً أشد الحرص على حضور جلساتهم وإستعداداتهم
وربما ركب مع المفحطين أثناء وقبل وبعد تفحيطهم حتى يشعر بأنه كاملٌ محظوظ
..
ويؤكد المفحطون الذين مَنّ الله عليهم بالإلتزام والهداية بأن إستدراجَ
المردان وإتخاذهم خلان وملازمين ؛ سببه الرئيسي ممارسة الفاحشة فيهم وتحقيق
الكمال القذر الذي يدعونه ويزعمونه ، حيث أن أسهل طريقة للوصول إلى طلاب
المدارس وإلى المردان يتم عن طريق التفحيط خصوصاً إن كانوا مولعين به
ولديهم الإستعداد للتضحية بأمور كثيرة من أجل مشاهدته والإستمتاع به .
ـ بواسطة الجوالات : فكما نعلم اليوم بأن جميع فئات المجتمع لديها
جوالات ، حتى عامل محطة البنزين الذي أعبئ لسيارتي عنده أجده أحياناً يمسك
بجواله ويتحدث به .. ومِن الشباب مَن يستغل الجوالات في تمييع الحواجز
وإزالتها بينه وبين من يحاول إستدراجه من خلال إعطائه الجوال وجعله في
متناوله ، وربما مع خصائص الجوال الحديثة يُطلعه على مقاطع فيديو وصور كذلك
بها من العهر والتبجح ما يجعل الإبن ينخدع بهذا الذئب البشري ويقع فريسة له
..
ومع ظهور البلوتوث وإنتشار قصصه ومصائبه بين الناس صارَ هو الآخر فرصة
سانحة لمن قلّ دينه وزالَ الحياء من وجهه في تغذية جوالات المساكين الأبناء
بما قبُحَ وَساءَ من الصور والمقاطع والأفلام التي تُرسل كجس نبض للإبن في
الكيفية التي سيتصرف بها وما هو أسلوبه في التعامل معها .. وربما أستغل
الأراذل هذه المقاطع وهذه الصور للإيقاع بالإبن ومحاولة إقناعه بأن المتعة
والتسلية كامنة في ممارسة ومحاكاة ماهو موجود في المقاطع والصور ..
ـ استغلال فترة الإختبارات النهائية : وإستغلالها في الشر أمر ملحوظ
وموجود للأسف ، فالفترة التي تعقبُ خروجَ الطالبِ من مدرسته حين ينتظرُ
السائقَ أو الأبَ أو الأخَ الأكبر تتكاثرُ فيها تجمعات الشباب حول المدارس
بكثافة لا توجد إلا في فترة الإختبارات من كل سنة ، وربما تم التنسيق
والإعداد من أجل إقناع الإبن أو إرضاخه للركوب مع أحد الطلاب بحجة التمشية
والتخفيف من ضغط الإختبارات ثم تتحول التمشية إلى ممارسات لا إخلاقية تنتهي
بوأد الرجولة في نفس هذا الإبن بسبب تساهله وسذاجته ..
كما أن فترة الإختبارات تعج بإنتشار التفحيط فيها بصورة هائلة وكبيرة جدا
وهناك تنظيمات وإعدادات مسبقة لها حيث يتم إختيار الأماكن وتقسيم المهام
بين الحضور .. وتواجد الطلاب بعد فترة الإمتحان في هذه الساحات تمهيد
وتوطئة لإستدراجهم بعد إنتهاء التفحيط بحجة التسلية والترفيه والتعرف على
الكائنات المحسوبةِ على الإنسانيةِ والذين يجلسونَ خلف مقود تلك النعوش
الطائرة .. وتمتد هذه التسلية إلى ممارسات ومصائب لا تسر ، والمتبصر يدركُ
مرارة هذا الواقع جيداٍ ..
ـ جرّ الإبن إلى معصية ما ، ثم تهديده بالفضح عند والده : وهذا
أسلوبٌ قذرٌ دنيءٌ بغيضٌ منحط .. رغم دناءته إلا أنه موجودٌ ومُستخدم ،
فربما يتم إستدراج الإبن إلى شرب الدخان مثلا ، أو السهر خارج المنزل بكثرة
، أو مشاهدة الأفلام الإباحية والساقطة ، أو الخروج إلى الإستراحات دون علم
والده ، أو تخريب وتكسير بعض معالم الحي أو السيارات .. وغيرها من الأمور
التي تصدر من الأبناء دون علم أبائهم والتي تسبب لهم مشاكل ومتاعب مع
أبائهم إن علموا ..
فحين يقع الإبن في الفخ ويُدرك بأنهم قد أحكموا القبضة عليه ، يبدأوا هم
بمساومته على عرضه وكرامته .. إما أن يستجيب لرغباتهم الحيوانية أو أنهم
يشتكوه على والده ، وأشير هنا إلى أن الإبن الذي يدرك قربَ والدهِ منه فإنه
لا يبالي إن علمَ والدهُ بالأمر فهذا أهون من أن يُسلِم نفسهُ لهم ، لكن في
المقابل هنالك أبناء يرضوا بصنوف الإهانة والإذلال دون أن يدري والدهم
بالخبر .. وهذا الصنف زبون دائم في مرحاض الرذيلة القذر ، بسبب خوفه وفزعه
من والده وتقديمه لنفسه وعرضه خوفاً من جبروت الوالد وتسلطه ..
ـ التخويف بنشر الخبر بين أوساط الشباب في المدارس والأحياء : فألزمُ
ما على الأبناءِ والطلابِ هو سمعتهم في الحي والمدرسةِ ، قد يرضى الإبنُ أن
يَعرف عنه من يحيطون به بأنه سارقٌ أو فاشلٌ دراسياً أو مقصرٌ في دينه أو
أي سلبية من سلبيات حياته ، إلا أنه يرفضُ وبإستماتةٍ أن يعلم أحدٌ كائناً
من كان بأنه قد تعرض للتحرش الجنسي من قِبل أحد الطلاب في المدرسة أو أحد
الأصدقاء في الحي ، لأنه يُدرك أثر هذا الخبر على وجوده وعلى نظرة الآخرين
له ..
فحين يتمكن ضعاف النفوس من إستدراجه إلى مستنقعاتهم المَوبوءة فإنهم
يهددونه فيما بعد بأنه إن لم يستجب لمطالبهم فسينشرون الخبر بين الناس
وسيعرف القاصي والداني بأن فلان ابن فلان هو حبيبهم وعشيقهم الذي يقضون فيه
شهوتهم ويتخذونه مستودعا لجراثيمهم وقذارتهم ، فخوفُ الإبن من الفضيحةِ قد
يجعله يتمادى في هذا الفعل ويُكره عليه مرغماً لا مخيراً بمقابل ألا يُفضح
..
ـ استخدام العنف والقوة والإرغام : وهذا أمرٌ ملموسٌ مشاهدٌ ، فحين
يمتنع الإبنُ عن الذهاب معهم أو الإستجابةِ لمطالبهم ويكون في الوقت ذاته
مليحاً وسيماً فإنهم يحرصون على الإيقاع به بأي وسيلة أو طريقة ، فهي شهوة
حيوانية بهيمية تهون أمام تحقيقها في نظرهم كلُ المصاعب ، وسيحاولون بكل ما
أوتوا من قوةٍ ؛ إرغامه على الصعودِ معهم في السيارة أو التوجه معهم إلى
المكان الفلاني أو الإستراحة الفلانية ..
لا تتعجبوا إن شمل العنف والإرغام إستخدام السلاح ، قد يكون من باب التخويف
فقط ولكنه موجود وقد قرأت قبل فترة عن حادثة مشابهة لما كتبته ، والكثير من
الأبناء إذا رأوا بأن المسألة حياة أو موت فإنه يختار أضعف الضررين فيسلمهم
نفسه حتى لا يُقتل – كما هددوه – ويستغلوا هم سذاجته وخوفه ؛ لتكرار
المحاولة في كل مرة يمتنع عنهم فيها أو يعلن العصيان عليهم والتمرد ..
ـ الإجتماع مع الأصدقاء لمشاهدة الأفلام الخليعة أو المثيرة للغرائز
: دائماً ما يغيب الإبن عن المنزل بحجة ذهابه مع الأصدقاء لنزهة برية أو
إستراحة ومسبح أو العشاء في أحد المطاعم ونحو ذلك ، وربما كان الغيابُ بسبب
تواجدِهِ في بيت أحد الأصدقاء والزملاء ، وتواجده في منزل أحد الأصدقاء
يعني بالضرورة إستخدامهم للتقنية الحديثة للمتعة والتسلية من فيديو أو
البلايستيشن ونحوها ، وتختلف المواد المطروحة في هذه الأجهزة بإختلاف
البيئة التي يعيشها أهل ذلك المنزل والتي تنعكس سلباً أو إيجاباً على إبنهم
وعلى تصرفاته وأفكاره حين يزوره أصدقاءه ..
قد تكون البيئة صالحة واعية تديرها أم مهذبة ووالد قدير فيستفيد الإبن
ويستفيد أصحابه ، وقد تكون بيئة غير صالحة تكثر فيها عبارات السب والشتم
وتُسمع فيها الأغاني بكثرة وتُشاهد فيها الأفلام والمسلسلات دون رقيب أو
حسيب ، وربما استغل الشاب صاحب المنزل إستفراده بهذا الإبن كي يعرض عليه
بعضاً من الأفلام الخليعة الإباحية ، ومع إستمتاعهم – في الغالب – بها قد
ينقلب الأمر إلى محاولات مستميتة من صاحب المنزل إلى الإبن كي يسمح له
بتجربة هذه المناظر معه وما أقبحها من محاولات ..
كثرة خروج الإبن من منزله ظاهرة غير إيجابية ، قد تعود عليه بأضرار كثيرة
لا حد لها ويزداد الأمر خطورة حين يكون مزاملاً ومصاحباً لمجموعة من
السفهاء الرعاع الذين قلّ الوازع الديني في نفوسهم ولم يجدوا من يحرص عليهم
ويوجههم التوجيه التربوي الصحيح الذي يمج مثل هذه الجرائم المنافية للدين
والعرف والفطرة البشرية السوية ، ولا حرج في إبقاء الإبن في منزله مع تأمين
سبل الدعة والتسلية له من ألعاب إلكترونية أو جهاز فيديو مع تقنين إستخدامه
أو جلب قناة المجد له وغيرها من البدائل الناجحة والمغنية عن خروجه للبحث
عن التسلية في بيوت الآخرين ..


يتبع..