صباح الضامن
صباح الضامن
13

قبل أن يقتحم الضوء عالما أردته أن يدلهم
بسطت مكدودة نفسا تتوق لانطلاق دائم ولإشراق دائم وتــُبادر إلى حيث دفء في أي نقطة من الغرفة المحاطة بمرايا
أول مرة أتنبه أن المرايا تحيط بي
ياااه
يا ألله
ما هذا ؟؟؟؟؟؟ صور ليست صورتي تنعكس في المرآة الضخمة الماثلة أمامي يأتي النور عليها يتخافت يسرق قليلا من ابتسامة قديمة ويعكسها عليها
ها أنا اراها تبدو مطرقة حياء أنها باتت عني بعيدة
أستدرجها أسائلها أعاتبها وكأنها لم تكن يوما رفيقتي حين الشمس تسطع وأنيستي حين الحب يملأ الحنايا
أجوب مرة أخرى في نفسي ولا زالت تلك المرايا تحادثني كلما تقلبت يمنة ويسرة ترصد الأنا
رفعت تلك النفس المبسوطة في فراشي ونظرت إلى مرآتي اللامعة ولم أرني
لم يكن هناك أي من ملامح اعرفها , اردت الترحيب بمن أرى لربما هي ضيفة علي استلبت دقائق غفلة مني وأقدمت لتحتل صورتي لما رأتني لا أجيد التواجد في مرآتي ....
لم أقو على الترحيب بها وبترف عارم اقتربت الصورة كثيرا مني حتى بت أراها في بهرجها الجديد تحمل نفس ملامحي بصورة أخرى
يا ألله !!
ماذا حدث لي هل أصابتني حمى التوهم ؟
أم أن هناك فعلا ضيفة جديدة تحتل الكيان القابع في سبات ...أو المستتر خلف أغشية الضباب الحالم
ضباب حالم ؟؟؟؟؟؟
ما أغرب يا نفس هذا التنعبير !!
وهل يكون الضباب حالما ؟؟!!!!! لربما كان طاغيا ....معتما ......محيطا .....
أما أن يكون حالما فذاك زحف على مفردات الكلام وواقعية التجانس
آه نعم إن كياني يستتر خلف ضباب حالم
حالم أنت يا ضباب النفس وواهم أنك ستبقى
نفسي المشرقة تعودت على البزوغ لما تتبعت عدوها الثابت في سالف العصر والأوان
وهي الآن تبحث عن ماهية لهذه التي تظهر في المرآة كلما نظرت إليها تعيق فيها العدو .
وتلد الحروف التي تعجب سطورا وصفحات وكتبا تتساءل أين الصورة القديمة ؟؟؟؟ ما بالها تطويها انتظارات وانتظارات ؟؟ ما بالها تشاركها صور اخرى تحاول إقصاءها ؟؟ أي جرم اقترفته في ألوانها فأصبح يبهت ويذوي ويختفي ليحل محله صور تحمل نفس الملامح بنفس الابتسام
ولكن بلا إشراق
واعجبا لك يا مرآتي الصريحة ..... أذقتني الحقيقة ولم تحلي لي القضية
وسأبقى أبحث عن صورتي القديمة ... والتي لا أعرف من أخذها مني في ذاك الصباح وأعطاني فيها صباح آخر


همسة
إياك والركون إلى ثبات في بني البشر .... فالكل متغير إلا الله


------------------

14

غرد البلبل الشادي الليلة بصوت مختلف
ولم لا فالقمر يظن نفسه قد اكتمل ويوحي لرفقائه المضيئين أن تجمعوا
وأقبلوا جميعا , واحدا تلو الآخر وتواجدوا أمام ناظري لما فتحت النوافذ أطلب تخفيفا لبركان القيظ المنتشر وكانوا مستعدين في المثول :
قمر وبلبل وهبات مطوية في ريف العبق الوردي يخالط قليلا من رطب ليلي حنى على الورد فاكتسى منه بتسليمة واحدة ما ينعش الفؤاد
وقليل من ورق شجر ضعيف كلما بلغت النسمة شبابها فردت بسطوة ذراعيها فتناست تواجد الورق الصغير فأسقطته بلا اهتمام
ولكنه رقيق بطبعه فما رضي بابتعاد قبل أن يسكن القلب المبصر له حنانا
فارتمى على النافذة المضيئة مع العبق المنتشر وشدو البلبل الشجي وغرور القمر المكتمل
وظن أنه قد أفاد , ونسي أنه قادني لسلوك طريق الندم
أمسكت بالورق الصغير لا أعبث به وشعرت بتأوه يسري بين عروقه فقد سقط شابا
وتمنيت لو أن بي قوة خفية أعطيه قليلا من سلوى على مصابه وعلمت أن الضعف ليس في الورق بل بتلك النفس التي تظن أنها قادرة على فعل كل شيء
حقا
أمسكت بالورقة الصغيرة ولمت نفسي أنا من سمح لتلك النسمة أن تستبد فلهيب الدنيا دعاني أن أفتح النوافذ وأستدعي النسائم لتقبل في عرسها الهادر بطبول بإيقاع بارد يسري علىحمى النفوس فيداويها ويسري على اخضرار طفل فتجمد اخضراره ويسلبه حياته
ويسقطه
معادلة صعبة


همسة
قبل أن تفكر في نفسك ....تذكر لربما تجرح الآخرين أو تؤذيهم فترفق



-------
15
ماذا يعني أن يكون لدي بيت أو قصر أو سيارة ؟
ماذا تعني تلك الدواليب المكتظة بالملابس وكأنني في معرض تتزاحم فيه الألوان على عتبات ابيضاض الأيام في كل طلعة يوم أرى لونا جديدا يضاف إلى ألواني ولما يأت اليوم الثاني أجده بنفس من سبقه من ألوان
فلم إذا أقوم بلم هذه المقتنيات وانقش على جدران عمري عبارة
أملك الكثير
أحقا أملك الكثير !!!
صحوت اليوم وقد تسابق الضوء إلىبيتي الصغير يغريني بالعمل لم تتثاقل مني الهمة وقفزت إلى الشارع أبحث كعادتي بنظري عن قصة ..او حدث وسرت كمنقب يحمل عصاه السحرية كلما ضرب على رمل الدنيا وجد ذهبا
ذاك المنقب ! أما أنا فيبدو أني نسيت عصاي السحرية في مكان ما داخل عمري المزدحم قصصا
جلست على إحدى المقاعد الخشبية العتيقة المنتشرة قسرا بين أرصفة متهدمة , وسرحت في اللاشيء
حتى توحدت مع المقعد وصرت مثله قديمة مهترئة أتخشب فكرا وينخر السوس حروفي فيأكل مقدمتها ووسطها ويبقي على بقايا من أخرها ليعلمني بفشل جاوز حد العقل
فلا حرفا نفعني , ولا خنوسا لفكر تواثب يقوم من رقدته
فكررت زاحفة بخطوي أقفل سطرا من جولتي الخائبة
لأعود وجرابي خاو
كما هذا الشارع الذي أخفى المارة في غيابة فجأة
كنت أظن أني في جولتي سأتوسد الشمس وأشرق عبارات
أو أتوحد في كل رفة ورق تقصفت أمامي فأكتب تهاويا أو اختباء لبزوغ آجل
أو أغفو مع لمحة حب بين نسمة ووردة
ولكني لم أر شيئا ......فغدت جولتي نقشا على حجر بآلة من وهم
وعدت بيتي الصغير أبحث في دولابي الكبير عن ألوان قديمة أمتلكها فوجدت أني أضعت عمري أكدس ما لايليق ولا يفيد


همسة
لاتنس وأنت في غمرة التحليق
خارجا ........أن تفتش في عمرك وترمم الصدوع حتى تفيد
صباح الضامن
صباح الضامن
16
طرقت وطرقت وطرقت حتى استيقظ الجميع
هرعت إلى حيث الطرق ومن خلف البيت كانت تقف هناك
امرأة من زمن منسي ....أبدع الزمان فيها عبثا فارتقى لمرتبة كبيرة في غزو عنفوانها فمال الظهر منها كجذع خاو حتى خلته يتوحد مع تلك العصا السوداء القاتمة التي تسند أيامها
لم يعطها العمر الكثير الذي حملته وهنا على كتفيها ...حكمة في ستر هذه الشعيرات البيضاء المحمرة فبرزت شاهدا على خطأ كبير ترتكبه وكأنها شجرة قديمة بورق خرافي أبيض غير جميل ولا ملفت وصامد يحتاج لهبة قاسية تطيح به ولم يكن لديها أية حياة سوى تلك العصا السوداء التي تطرق على الباب الكبير المقابل لبيتي وسيجارتها التي تحرق أنفاسها تضيء قليلا من تجاعيد غير مضيئة في وجهها
لم أرها قبل الآن , واستمر الطرق حتى خلت أن الباب قد كتب حرفا واحدا مكررا
فيه من الأسى ما لا يوجد في اللغة الدارجة بل هو بدعة من تلك الخشبية السوداء تنطق بحرقة تستجدي رحمة
وفتح لها الباب أخيرا ليخرج إليها رجل ضخم بملابس بيت لا تنبيء عن حشمة
أردت أن أبعد ناظري فما أوقظني من طرق انتهى الآن وكدت أن أطوي فضولي حتى خرق مسامعي صراخ آت من ذاك الرجل يئنب المرأة واحسست بغصة في الحلق
أغرقت في يراعي حزني وأمسكت ورقي أبحث عن هروب لما أسمع
يطردها من جنته وهي من ربته وأعطته عمرا
وإهراق للمشاعر المختزنة في صوتها الضعيف خنق مني الحرف وأسبل ميتا على الصحيفة أمامي لأرمقه وهو يدفع من ربته سنين طويلة ولتعود أدراجها بشعرها الأبيض
وسنينها التي لم تحسن لها غطاء
وسيجارتها التي أحرقت عمرها قبل أن تحرق تبغها
فارتكبت خطأ بأن ربت أفعى في جحرها فسمتها
وسال السم الأبيض على روحها

همسة
من لم يتقن البدايات ......... ضاعت عليه النهايات



17
الوقت بعد منتصف الليل
وأنا ومن أحب لا نتجانس
هو يطلب مني أن أبتعد وأذوي فالعين باتت مغشية عليها من تعب
والقلب بات ينبض بدفق غير منتظم
والأعطاف ترتجف
وأنا بعنادي لا زلت أغريه أن تعال واكتب
قلم أنت فلا تتمرد
أريد أن أرسل من بين ابيضاض الورق لونا أغرب مما ألفه من يقرا
أريد ان أمسك بصواري سفني في حرب مع النسائم المخنوقة عمدا أن تخرج
أريد ان أكون كما كنت تاريخا لمن يحب الملاحم
ولكني أبكي حروفا ستوأد لأنها استمالت الوهن

الوقت بعد منتصف الليل وهمساتي تقترب من الاحتضار
وأنا ومن أحب اتفقنا على وداع ليصبح شعوري الذي أبذله هنا
تاريخ عجز
وقهر
ولأبدأ عنفوانا جديدا من صبح جديد في مرآة أظهرت صورة أخرى لضيفة في كياني قد تصبح
أنا بعد فترة

الوقت بعد منتصف الليل وموج الحروف يسبق النقاط المرسومة له ويحاول بسط سطوته وتوق
إلى فنجان قهوة أسمر يوقظ لي ابيضاض فكرة
فلا خذلان لي في عالم الحروف الراقصة على ايقاعات فكري
فأنا الطبال والمنشد
وأنا المحيط السابح لكل مستشهد على الورق بقولة لا أرض لها إلا هنا
فلم إذا أوقف الهمسات ما دام للعالم أذنين

همسة
لا تقرأ لخربشات من يكتب بعد منتصف الليل



--------------------------------------------------------------------------------------------

همســــــــــــة أخيــــــــــــــــرة


كم من صبــــــاح يشرق علينا فتخطو بنا الأقدام نحوه

وكم من صبـــــــاح تحجبه ضبابات فكر واهن

فإذا أردتم إشراقا بديمومة دفء لا يغيب
ووارف ظل لا يسافر عنكم

فكونوا كالمسافر

أرض الله له وطنا
ووطنه قلوب الناس


همسة

أخيرة
لاتوقفوا الهمس فالكل له قلب يسمع



شكـــــــــــرا لكل من همس هنــــــــــــــــــــا

سمعتكم بقلب داع الى الله أن يرعاكم وينفع بكم