مسكت قلمي لأكتب عن الصبر حروفاً أعرفها وعاشرتها وتقلبتُ في ثناياها
فوجدت أني بالكتابة أصلُ إلى غورِ وجع قديم وبكاءٍ ليس بأخير
لأن حروفي هذة الأيام مشردة نامت طويلاً ثم استيقظت
وبين يديها سبع لغات وحرف يتيم
قال تعالى :
وما استرجع أحدٌ في مصيبة إلا أخلفه الله خيراً منها.
وتذكري أن ما ابتليتِ به ليس بعيباً ولا ينقص من قدرك شيئاً
كلما قرأت تلك الآية تذكرتُ وجعي وأنيني ...
فـ بأرضٍ قاحلة سمعت كل أناتي ...
وبحسرات الألم حبست جميع آهاتي ...
ولكـــــــــــــني ...
رفعتُ عيناي للسماء فرأيتُها بعيدة توميء لي بقربِ حنون
وكأنها تهمسُ لي .. أوليس الرحيمُ ربك !!!
فاستجمعتُ قواي لأكتب ولأحطم قيود الواقع لتغدوا أبجدياتِ هي فرسي المغوار
إنه فراق فلذات الأكباد وجعٌ يتنقلُ في شريان الجسد
تذرفه الدموع , ويحكيه اللسان , لترسم اآهات في القلب الحزين
في تلك اللحظة تأخذنا الحياة إلى ينابيع الوجع
فيقطر من قلمي الألم ومن فجواته الأسى
رحلت صغيرتي ذات العامين ونصف من حياتي وبين يدي
كنت أراها وأترقب أنفاسها وأستبعدتُ الموت أن يأتيها !!!
عيناي لم تفارق وجهها البرئ لأحظى ولو بنفس يشعرني أنها على قيد الحياة
ولكن قضاء الله وقدرة هو النافذ في ذلك
عندما أخبرتني الممرضة بموتها كأن الحياة خلت من كل شئ
وكأني في عالم آخر
لم أشعر بعدها بأي طعم إلا بغيبوبة قصيرة صحوت بعدها
لأتقبل العزاء فيها كانت أول جملة نطقتها .. " أريد أمي "
أريد صدر الحنان لكي يطبطب على قلبي المكلوم
كنتُ دائماً أطلق على صغيرتي " بروش " لأنها دائمة التعلُق بي
لم أستسلم للأحزان كثيراً حولت بصري إلى لوحة سمائي
لأستمد أملاً يبعدني عن مكاني
أحتسبتُ على الله مصابي محوطة بالدعوات بأن يعوضني الله
بعد أن أستودعت ابنتي التراب ..
كان موعد الحج على أبوابة فقلت هي الفرصة لاغيرها
دعوت الله فيها كثيراً فهو وحده لاسواه القادر على كل شئ
فـ الحمد لله عوضني الله بابنتين وولد
أسأل الله أن يبارك بهم ويحفظهم يارب
لأول مرة أكتب عن معناة فقد ابنتي
.. فتقبلوا كلماتي المليئة بالحزن
لقد تسللت كلماتك الموجعة إلى بناء عظامي ..
اعتصر الألم قلبي اعتصاراً..
وارتجف في خلايا جلدي فشعرت بقشعريرة باردة ..!
ليس بعد هذا الفقد .. فقد .. ! فلك الله !!
مهما تطاولت السنين سيظل هذا الوجع ماثلاً كلما استيقظ التذكار بنفس العنفوان..
لك غاليتي المحتسبة الصابرة لفقد ثمرة فؤادك بيت الحمد في الجنة إن شاء الله
وحفظ لك ذريتك وقرّ عينك بهم !
كتبت وانت تضغطين على مواقع الجراح فلله درك !
كل حرف ينطق الصدق والمعاناة والألم
فكله يحمل الروعة ويترجم وثبة الأحاسيس .
ولا أصدق وأعمق من حديث الألم..!
بورك زكي مدادك ..!
وبوركتِ ..!
هناك لقاء آخر بعد عمر مديد إن شاء الله ..!
فلا موطن .. لليأس . !!