وفاة ام مالك

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

توفيت قبل أيام في حائل فتاة تحفظ كتاب الله كاملا وتحفظ الأحاديث المتفق عليها إضافة إلى المتون العلمية: كتاب التوحيد، عمدة الأحكام وغيرها ..
توفيت الفتاة في حادث على مقربة من حائل وهي قادمة من مكة بعد أدائها العمرة ..
وتوفي معها في الحادث: والدها ووالدتها وولدها وأختها ..
وقد عجّلت أهلها بالعودة لكي تحضر دورة الشيخ عبد الله بن جبرين بحائل .. وقد كتب الله أن يصلي الشيخ عبد الله بن جبرين عليها وأسرتها في جامع برزان ..
************************************************** **
وإليكم هذا المقال لإحدى زميلاتها (أم عامر) ذكرت خصائص في هذه المرأة أم مالك رحمها الله:
لو طلب إليَّ أن أصفها باختصار شديد لقلت (جدٌّ كلها)، لقد أخذت الحياة بجد، وكأنما كشف لها من الغيب ستر رقيق عرفت منه قصر عمرها؛ فكانت تسابق في أيامها اللحظات أن يفرط منها شيء قبل أن تنجز أعمالها، وتصل إلى أهدافها.
كانت في مرحلة الدراسة الثانوية حيث نضح عقلها وتحددت رؤيتها واتضح لها طريق حياتها فتجاوزت تفوقها الدراسي متوجهة بها لحفظ القرآن فأتمت حفظه في هذه المرحلة بجهدها الذاتي فحفظته حفظًا متقنًا، وكنت أعجب لقوة حفظها حينما كنت أتدارس معها القرآن في شهر رمضان فكانت تقرأ من حفظها وكأن المصحف منشور أمام عينيها.
ثم عرفت السبب فزال العجب، عرفت أنها حفظت القرآن لتعيش معه وتعيش به، حفظت القرآن فتشربته روحها فكانت تديم التلاوة مع وردها من قيام الليل الذي لا تخل به، وكثيرًا ما تختم القرآن في ثلاث لخفته عليها وحفظها لوقتها به.
ولما دخلت المرحلة الجامعية لم يشغلها تخصصها العلمي (الأحياء) عن التشوف لطلب العلم الشرعي وبجهدها الذاتي أيضًا، ولكن مع الارتباط بعلم العلماء، فكانت تستمع لأشرطة الدروس العلمية وتفرغ منها الفوائد وتتابع الجديد حتى كأنما كانت تدرس على الشيوخ في حلقهم، حتى قادتها إلى التوسع المتدرج في كتب العلم الكبار، ولذا تكونت مكتبتها بشكل تدريجي مدروس فلم تكن مكتظة، ولكن فيها الكتب الجوامع والمراجع التي يصدر عنها طلبة العلم، وكانت نظرة سريعة إلى كتبها تدل على أنها قد ارتشفت ما فيها ومرت على سطورها، ولا يزال منظر نسختها من فتح الباري وقد تراخت أوراقها وتباعدت أغلفتها يعلن كم أدمنت النظر بين سطورها.
وفي عام 1425هـ أتمت حفظ الجمع بين الصحيحين.
عاشت مع العلم شغوفة به مستغرقة في تطلبه، ولكنها كانت بعيدة البعد كله عن التمظهر بالعلم والإدلال به، فلم يكن يعلم بحفظها القرآن إلا القلة القليلة من أخواتها اللاتي كن يتدارسنه معها.
ولم يكن يعلم برسوخها العلمي إلا من يتذاكر معها أو من تجيبه إذا سألها. لقد رأيت كثيرات يحاولن لفت النظر إلى مزاياهن بانتقاد من ليس مثلهن ليقلن بطريقة ملتوية، ولكننا لسنا كذلك، أما هي فقد رأيت من حفاوتها بالجوانب الإيجابية ونظرتها إلى مساحة المباح الواسعة التي يتمتع بها الناس مدخلاً للقرب منهم ورفع مستواهم، ولقد زرت المدرسة التي تدرس فيها وهي في قرية نائية تبعد عن مدينة حائل (180) كيلاً فرأيت أثرها في الطالبات واضحًا ليس في مظاهرهن، ولكن في الارتقاء باهتماماتهن وتفكيرهن.
لقد كان علمها هو ذاك العلم الرباني المؤثر الذي يتشربه القلب ويظهر أثره في السلوك والمعاملة والتعبد، فكانت صلاتها الصلاة الخاشعة إذا رأيناها رأينا كيف يكون الإقبال على الصلاة والاستغراق فيها، وإذا قرأت القرآن استمعنا إلى قراءة التدبر والخشوع، وكانت شديدة المحافظة على الورد القرآني والأذكار مع مظاهر الإخلاص والتخفي بالعمل الصالح وعدم التظاهر به.
لا أنسى يومًا دعتني للذهاب إلى مدرستها في قريتها النائية لمشاركتها في منشط للطالبات، وكان المسير بعد صلاة الفجر مباشرة وطوال الطريق كانت تقرأ في ملازم معها أو تراجع حفظها، وكان ظني أن بكور النهار ووفرة النشاط يساعدان على ذلك، ولكني عجبت عند عودتنا بعد استنفاذ الطاقة وبلوغ الجهد، وإذا بها على نفس الطريقة، ثم زاد عجبي عندما علمت من رفيقاتها في الطريق أن هذا هو دأبها كل يوم.
إنه الجد المتناهي ومسابقة ساعات العمر. أما نشاطاتها في المنطقة فقد كانت دلالة أخرى على الجد، وعلى البذل والتفاني.
فهي مشاركة في المعهد الشرعي التابع لدار البيان لتحفيظ القرآن الكريم.
ولها محاضرات في الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
ولها مشاركات في الإنترنت.
وفي النادي الأدبي كانت تلقي بعض المحاضرات.
وشاركت في مركز دار الحافظات.. وأخيراً تولت إدارة مركز جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية لهذا العام.
وقد تعدى نشاطها المنطقة وتجاوز الحدود فكانت تجمع عناوين المراسلات المنشرة في المجلات ثم تراسل الفتيات بأسلوب دعوي مميز ومؤثر، ولدي بعض الرسائل التي وصلتها وتأثرت بدعوتها، والمتبع لبرنامجها اليومي يتساءل كم ساعات يومها، بحيث يستوعب يومها كل هذا العمل؟
تعرفت عليها منذ سنين فكانت الأقرب إلي والأثيرة لدي لا تنقطع اتصالاتنا ولا رسائلنا وما زادتني معرفتي وقربي إلا إعجابًا بها وحبا لها، وكانت آخر مكالمة منها إلى قبل سفرها إلى العمرة وكان مما قالت فيها: "أبشرك بأني قد وجدت ما أسعى إليه طوال حياتي وهو العيش مع الله والقرب منه.. وأنا الآن أعيش روحانية عجيبة لم أشعر بها من قبل..."
ومن آخر رسائلها والتي لا تزال محفوظة في هاتفي (القرآن يهب القلب قوة لا نظير لها).
كانت لها أمانٍ في الحياة وفي الممات تحققت كثير من أماني حياتها، ومن أمانيها في الممات أن تكون وفاتها بعد عمرة تكفر ما قبلها، وأن يصلي عليها أحد كبار العلماء الصالحين، فكان ذلك، حيث توفيت في حادث مروري وهي عائدة من العمرة، وكان ذلك في يوم السبت 11/7/1427هـ، وصلى بالناس عليها وشيعها الإمام عبد الله بن جبرين الذي توافق وجوده لإقامة دورته العلمية بحائل.
وكان يومًا مشهودًا وجنازة حاشدة وذكرًا طيبًا استنطق الله فيه ألسنة شهوده في أرضه بالدعاء والثناء، وإني لأرجو الرب الذي حقق لها ما تمنته في الدنيا أن ينيلها ما سألته في الآخرة.
وأن يجمعنا بها في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وسلام الله ورحماته وبركاته على "أم مالك ابتسام العيد" في الآخرين.
*********** رحمها الله ********** منقول************
13
788

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

كويت الأمل
كويت الأمل
اللهم إرحمها وأحسن نزلها و أرزقنا مما أعطيتها من الطاعة,,,اللهم آمين
نسخةأصلية
نسخةأصلية
الله يرحمها
assami_hor
assami_hor
الله يرحمها برحمته هي وجميع أهلها وأمة محمد أجمعين
عواافي
عواافي
الله يرحمها برحمته هي وجميع أهلها وأمة محمد أجمعين
الله يرحمها برحمته هي وجميع أهلها وأمة محمد أجمعين
أأأأأأأأأأأأااامين يارب العالمين
umsarona
umsarona
اللهم إرحمها وأحسن نزلها و أرزقنا مما أعطيتها من الطاعة,,,اللهم آمين