وهذا خبر مزعج أيضا عن .المياه المعبأة وسرطان الرئة

التصريح الذي أدلى به الدكتور محمد بن إبراهيم الجارالله أستاذ الفيزياء المشارك بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والمستشار غير المتفرغ بوزارة الصحة للزميل الصيدلي محمد الحيدر حول وجود تراكيز عالية من غاز الرادون المذاب في مياه بعض الآبار الجوفية بالمملكة نتيجة وجود عنصر الراديوم في باطن الأرض خاصة في المنطقة الوسطى الأمر الذي يعتقد د.الجارالله ان له علاقة بارتفاع نسبة أمراض السرطان في تلك المنطقة كما نشر في الصفحة الأخيرة من الرياض في يوم الاثنين 19 رجب 1421هـ .. هذا الخبر يجب أن نقف أمامه كثيرا ونعطيه الأهمية التي تتناسب مع حجم الخطر الذي تشير إليه هذه الملاحظة فكثير من المصائب مـنينا بها نتيجة عدم الاكتراث بمثل هذه المشاهدات وملاحظات العلماء المتخصصين!!
قبل مدة راجت شائعة ان أحد أنواع مياه الشرب المعبأة يحتوي على نسبة عالية من الرادون مما يجعل احتمال ان تتسبب في السرطان أمرا واردا . ولأننا نحسب حسابا كبيرا لدور التنافس التجاري في ترويج مثل هذه الشائعات في وقت لا نحسب خلاله أدنى حساب لاحتمال صدق الشائعة ولأننا نشفق كثيرا على التاجر ونخشى عليه من الخسارة نتيجة تأكيد مثل هذا الخبر والتعميم عنه أو نفيه فإن هذا النوع من المياه من ذلك المصدر مازال يوزع.. بل إن أنواعا أخرى من منتجات المياه المعبأة من نفس المنطقة التي دارت حولها الشائعات نزلت إلى السوق وراجت وبقيت المعلومة تحوم كشائعة لم تنف ولم تؤكد.
وبالرغم من ان دراساتنا وإحصاءاتنا عن السرطان لاتزال قاصرة وغير دقيقة خاصة من حيث التوزيع الطبوغرافي والمسببات ومعدلات الانتشار فإن وجود الرادون في المياه الجوفية وبالتالي في قوارير المياه المعبأة التي توزع على جميع أنحاء البلاد سيزيد الأمر تعقيدا لأن تلك المياه الجوفية لتلك المنطقة أصبحت تعلب وتوزع إلى غيرها من المناطق ولا تنحصر في منطقة محددة لتسترعي الانتباه.
ثم لماذا نتعامل بكثير من التحفظ والتستر على نتائج تحاليل المياه المعبأة وغيرها من المنتجات الوطنية طالما أن الأمر يتعلق بنتائج خطيرة كالتلوث بالرادون أو مياه المجاري؟!!
لا تمر ستة أشهر إلا وأعلنت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية عن سحب مستحضر أو غذاء من السوق بسبب تلوثه بمادة سامة أو الخوف من احتوائه على مواد تسبب السرطان مما يسبب خسائر كبيرة للشركة المصنعة أو حتى إفلاسها. أما لدينا فلم نسمع يوما عن إيقاف منتج وطني أو مستورد (غير ذلك الذي يعمم عنه في بلد المنشأ أو إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية!!).
أقترح بناء على ما كشف عنه د.الجارالله ان يعاد تحليل محتويات جميع أنواع المياه المعبأة ومياه الشرب وأن يصدر إيضاح واضح لا مجاملة فيه عن النتائج.
كما أرى ان على مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية دعم مزيد من الأبحاث التي تدرس مسببات السرطان في المملكة والتركيز على موضوع احتواء المياه الجوفية على تراكيز عالية من الرادون على ان يستفاد من نتائج هذه الأبحاث وتخرج من رفوف المكتبات إلى الشارع والإعلام في شكل توعية وتحذير