
أعتلى صوت الأذآن
وأفاقت الأسرةُ على صوتِ المؤذن مُردداً
" حي على الصلاة ... حي على الفلاح "
مؤذناً ببداية يوم جديد
مشرقٌ مُضنن جميل
ردد الوالدان أصبحنا و أصبح الملك لله
وبدأت العائلة توقظ بعضها إنه الأذآن
هيا للصلاة ..
و ما أن أنتهت الأم من صلاتها إلا وقد باشرت القيام بمهام أسرتها
و أخذ الجد مكانه على سرير خشبي قد أكل عليه الزمن و شرب
سرير يحكي قصة عمر وزمان فقد لازمه منذ الشباب
وبجانبه كرسي ذو عجلات يتكيء عليه بسلام
وجلس الجدُ ماسكاً بيديه مذياعه القديم يقلب فيه عبر الأثير
و يضعه بالقرب من أُذنه كلما أختفى صوته
و طفلة قد أخرجت الدجاج من قنه
فانتشر في باحة المنزل
وطفل يجري و يلعب خلف دجاج وكتاكيت
و جدة تمشي الهنيهات متجهة للغنمات
وبيدها محلبها القديم لتحلب فيه الحليب
و الأم تعجن العجين لتحضر لعائلتها الفطير
ليتقووا ليوم جديد به عمل مضنٍ
و غرسٍ و حصدُ حصيد
وما هو إلا قليل إلا وقد بدأ صوت الصواريخ يدوي
الأم ومنذُ سماع الصوت بدأت تتوجس وكلها خوف
و لكن تهدأ و تستغفر وتتشجع وتُردد
إنه ككل يوم
ننام و نستيقظ على صوت الطلقات و الصواريخ
و إذ بقنبلة تسقط على ذلك البيت الصغير
لحظات ...
لحظات ...
مرت و كأنها سنوات و إذ يعم السكون أرجاء المكان
فلا ضحكة طفل و لا صوت دجاج
ولا رائحة تنور به فطير
و يعود الرجل و ابناؤه من المسجد مسرعين
و دقات قلوبهم و أسئلة تكاد تسبقهم
ماذا حل بالمكان ؟!
أين منزلُنا ؟!
أَينْ أهلنا ؟!
أين و طننا ؟!
أَينْ الماضي و الحاضر والمستقبل ؟
أين أمي ، جدتي ، جدي ، أين أخي أين أختي ؟!
و إذ بخشبات من سرير قديم متطايرة هنا وهناك
ومذياعٌ قد دفن معظمه ولم يبقى منه غير أنتله
و إذ بوعاءِ عجينٍ فارغ إلا
من كف مدمي مرتدي خاتم
و عجوز قد تبقى من أثرها حكايات تُروى على مر السنين
و طفل وطفلة في حضنِ نصف جسد قد التفوا
و أب يبكي و أبناء قد عرفوا أن لا مستقبل لهم
في و طن يغشاه الخوف
قال عليه الصلاة والسلام
" مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ
عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا "
فهل تفكرنا في هذه الكلمات و تدبرنا ما خلفها من مغزى وعبر ؟
هل حمدنا الله سبحانه وتعالى على كل نعمة أنعمها علينا وأهمها
نعمة الأمن والأمان و السلام
هل شكرناه تعالى على هذه النعمة ونحن متيقنين فعلا بأن الشكر
عبادة و به تستمر النعم وتزداد
اليس هو من قال " و لئن شكرتم لأزيدنكم "
فلك الحمد و الشكر يا ربي أن خلقتنا في هذا البلد الغالي
و سخرت لنا حكام يحكمون بالشريعة و السنة
وأنعمت علينا بنعم كثيرة و جعلتنا من أهل و سكان بلاد الحرمين
وطن الإسلام و السلام والأمان
فجُل من قال
" فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "
سبحانك اللهم لم نعبدك حق عبادتك ولم نشكرك حق شكرك
فتجاوز عنا ياربنا و أرحمنا برحمتك التي و سعت كل شيء
واحفظ لنا وطننا و أمننا و أماننا .
جزآك الله خير وبارك فيك ولك
* رومنسية * على الخلفية الرائعة