يا أمتي انك ضالة على اصول دينك

السلام عليكم ورحمة الله


قال الشيخ الإسلام رحمه الله : فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لا تزال طائفة ممتنعة من أمته على الحق أعزاء لا يضرهم المخالف ولا خلاف الخاذل

فأما بقاء الإسلام غريبا ذليلا في الأرض كلها قبل الساعة فلا يكون

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم دون العامة فأعلم أنهم على تأسيس ضلالة

أولا قبل ان ادخل في الموضوع لا أريد ان يفهم من كلامي انني ضد معرفة الأخبار وتتبع الأحداث ليس هذا هدفي على العكس المفروض على المسلم يكون على دراية واسعة بالأمور المحيطة به ولكن بتعقل ويرجع الأمر الى أهله

ولكن لا يكون كل همه وشغله الشاغل فهو يضيع الوقت بدون فائدة
سأنقل لكم من كتاب أعجبني شرحه


قال الكاتب : أخذ بعض الشباب الإسلامي بأخرة يستغرق وقته في أمور لا تعنيه وينفق جهده في أحداث لا تهمه في عمله الإسلامي
ويقضي عمره في مسائل لا تفيده في أداء واجبه الشرعي حيث أدمن متابعة الجرائد والمجلات ورصد النشرات والإذاعات فأصبح لا يتحلق إلا حول صحفي أو مديع جاثيا بين يديه كالحمل الوديع

لقد خفي عليهم أن تحليل الأحداث الجارية وربط الوقائع واستنباط النتائج في غاية التعقيد بادي الرأي في أيدي أعداء الله وكذلك لا تعدو مجرد اجتهادات وظنون وآراء فيها صواب وخطأ وخطؤها أكبر من صوابها ولذلك لا يمكن الاعتماد عليها أو الركون إليها

أخواتي في الله للأسف ان باب السياسة الشرعية دخله كل من هب ودب وكأن الأمر مجرد تحليلات وآراء وحماس ثم ينفض المجلس بعد نزاع وكأننا نتفرج على مبارات وينتهي الأمر

وهدا ضرنا كثيرا نحن المسلمين لأن كل من قرأ كتاب أو سمع شريط حماسي شنع على العلماء وراء نفسه أعلم منهم بل يتطاول ويصفهم بالجبن وأنهم بعيدين عن الواقع وهناك من يسميهم علماء الحيض والنفاس

وهناك من أصابه اليأس لسماعهم هيمنة الكفار وتخلف المسلمين

يقول نفس الكاتب : لقد أصاب كثيرا منهم اليأس لسماعهم أخبار هيمنة الكفار وتخلف المسلمين وبخاصة أن أعداءنا لا ينشرون خبرا إلا لمصلحتهم بل صاروا يستخدمون ما نشر عنهم أداة لتخديل المسلمين وتثبيط العاملين عن مقاومتهم
إذ يوحون إليهم أن كل ما خططوه قد نفذوه وكأن ملكوت كل شئ بأيديهم
ولذلك فهم الذين يروجون لبروتوكولات حكماء صهيون والحكومة الخفية ولعبة الامم واحجار على رقعة الشطرنج

وتناسى كثير منهم : أن دخول هدا الباب يحتاج درجة عالية من علم الكتاب والسنة ورسوخ فهم في منهج السلف الأول

لقد جنوا عكس ما توقعوا وحصدوا خلاف ما أرادوا لأن الأمر إذا زاد عن حده انقلب الى ضده


اخواتي بارك الله فيكم على الاهتمام واليكم التكنحن الأن في وقت الفتن كقطع الليل المظلم ويجب علينا أن نسلك الطريق السليم لكني نسلم من هده الفتن ويجب علينا أن نتجنب الوقوع في أخطأ غيرنا بالرجوع الى العلماء في كل كبيرة وصغيرة

وليس معنى هذا ندعي لهم العصمة_ فهي غير ثابتة لأحد من البشر سوى من عصمه الله تعالى عن الوقوع في الخطأ من الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم

قال الله تعالى : فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول

قال الإمام ابن القيم الجوزية :

قال ابن عباس رضي الله عنهما العالم الرباني هو المعلم

أي يربي الناس بالعلم

قال سعيد بن جبير : هو الفقيه العليم
وقد فسر بعض أهل العلم الربانيين بأنهم هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره

قال ابن القيم : الجوزية

منبها على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : العلماء ورثة الأنبياء
فقال : فيه تنبيه لأهل العلم على تربية الأمة كما يربي الوالد ولده فيربونهم بالتدرج والترقي من صغار العلم الى كباره وتحميلهم منه ما يطيقونه كما يفعل الأب بولده والطفل في إيصاله الغداء إليه فإن أرواح البشر بالنسبة إلى الأنبياء والرسل كالأطفال بالنسبة إلى آبائهم بل دون هذه النسبة بكثير ولهذا كل روح لم يربها الرسل لم تفلح و لم تصلح كما قيل


ومن لا يربيه الرسول ويسقه

لبانا له قد در من ثدي قدسه

فذاك لقيط ما له نسبة الولا
ولا يتعدى طور أبناء جنسه


لكي لا نطيل في بيان فضل العلماء سأكتب مقال منفصل خاص بهم

الذي يشغلني أكثر هو بيان حالنا في الأوضاع السياسية ويجب الحذر من الحماس الزائد الذي يعمي البصيرة ويشغل الناس في أمور قد تضرهم وتبعث فيهم اليأس حين تظهر الحقائق يفتر الحماس وقد يؤدي الى التراجع كليا عن مجال الدعوة وهناك من يحدث له انتكاس كليا وتشكيك في منهج النبوة
لأنه أعتمد في فهمه لأمور الدين على دعاة الشعارات بل هناك_ من الدعاة من يرفع نفسه ودعوته على حساب الكلام في أعراض العلماء

قيل: أن السياسة في أفكار كثير من المنتسبين إليها العاملين في ساحتها تعني القدرة على المراوغة والمناورة واللف والدوران في المحاورة وفن صياغة الأجوبة الحمالة والأفعال الحلزونية التي تأخذ شكل الإناء الذي توضع فيه ولونه وطعمه ورائحته

هذه السياسة في نظر السلف قرين النفاق لأنه تمييع للعقيدة وتخدير للحس الإسلامي وقتل للشعور الإيماني وحل لرابطة الولاء والبراء وخديعة لعامة المسلمين

في الحقيقة الذي جعلني اكتب في هذا الموضوع كثرة الحماس حولي ......... وكلما اقتربت من أخت متدينة حماسية أريد ان ابعث فيها روح التعقل والتدبر واتباع العلماء في تحليل الواقع الذي نعيشه
المح في كلامها اتهام موجه الى أمثالي بالتخاذل وأننا لا نعير الواقع أي اهتمام والله يعلم ما في القلوب لو كان الانتصار بالحماس ورفع الشعارات وتحليل السياسة بما يوافق الميول لكنت أنا أول من يساند دلك ولكن الأمر أعظم من ذلك ولا نريد ان نعيش الوهم

عندما كانت الجزائر تعيش تحت الاستعمار الفرنسي قال الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس

وهو مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قال : اتقوا الله ارحموا عباد الله اخدموا العلم بتعلمه ونشره تحملوا كل بلاء ومشقة في سبيله وليهن عليكم كل عزيز ولتهن عليكم أرواحكم من أجله
أما الأمور الحكومية وما يتصل بها فدعوها لأهلها وإياكم أن تتعرضوا لها بشئ
وقد جلى _ رحمه الله _ أسباب اختياره هذا الطريق للنهوض بالأمة كما في مجلته الصراط السوي

قائلا : وبعد فإننا اخترنا الخطة الدينية على غيرها عن علم وبصيرة وتمسكا بما هو مناسب لفطرتنا وتربيتنا من النصح والإرشاد وبث الخير والثبات على وجه واحد والسير في خط مستقيم وما كنا لنجد هذا كله إلا فيما تفرغنا له من خدمة العلم والدين وفي خدمتها أعظم خدمة وأنفعها للإنسانية عامة

ولو أردنا أن ندخل الميدان السياسي لدخلناه جهرا ولضربنا فيه المثل بما عرف عنا من ثباتنا وتضحياتنا ولقدنا الأمة كلها للمطالبة بحقوقها ولكان اسهل شئ علينا أن نسير بها على ما نرسمه لها وأن نبلغ من نفوسها الى أقصى غايات التأثير عليها فإن مما نعلمه _ ولا يخفى على غيرنا _ أن القائد الذي يقول للأمة إنك مظلومة في حقوقك وإنني أريد إيصالك إليها يجد منها ما لا يجد من يقول لها إنك ضالة عن أصول دينك وإنني أريد هدايتك فذلك تلبيه كلها وهذا يقاومه معظمها أو شطرها وهذا كله نعلمه ولكننا اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا وبينا وإننا فيم اخترنا لماضون وعليه متوكلون _انتهى كلام الشيخ رحمه الله

ونحن نقول بقوله إنك يا أمتي ضالة عن أصول دينك وعليك بهدي النبوة واتباع العلماء الربانيين ودعي عنك الدعاة الحماسيين دعاة التهييج السياسي من مظاهرات وتجمعات ومسيرات واعتصامات في الساحات العامة وإضراب عن الطعام وتناسوا منهج الأنبياء في الدعوة الى الله بالحكمة والعقل
وللحديث بقية