قال الراوي :
رأيت ذات يوم فيلماً وثائقياً عن إعصار مدمر مهوول ،
ثم أعقبته هزة أرضية عنيفة ،
فرأيتُ ثمّ رايتُ ما وقفت معه كل شعرة في جسدي ،
وسرت قشعريرة عنيفة في كل خلية في بدني ..
أبراجٌ عالية جداً تنهار كأنها علبٌ من البسكويت ،
وجسورٌ ضخمة تتخلع وكأنها أشبه بخيوط عنكبوت ،
سيارات كثيرة تتقلب كأنما هي دمى أطفال ،
طائرات ضخمة تتحطم في مدرجاتها كأنما هي ألعاب ورقية ،
أشجار ضخمة عملاقة تقتلع من أماكنها كأنما هي أغصان يابسة
تتساقط عند هبوب ريح ،
شوارع عريضة تتشقق بشكل مفزع ، حرائق في كل مكان...الخ ..الخ
مناظر مهولة ، وضحايا بالمئاات ، والجرحى بالآلاف ،
والمشردون بمئات الآلاف ، وخسائر مادية بالمليارات ،
وصياح وعويل وبكاء ونحيب ، ودموع وأنين ،
وحالة من الفزع تبلغ مستقر العظم ، تجد صداها وانت تتابع من بعيد
من وراء الشاشة ، فكيف لو كنت في قلب الحدث !!؟
وأنت ترى مدينة كبيرة أصبحت أطلال في غمضة عين !!
يا إلهي الرحمة ..!
ويخيل إليك وأنت تتابع تلك المشاهد وذلك الدمار ، وتلك الأهوال ،
يخيل إليك وكأنك ترى القيامة رأي عين ..!!
وكل ذلك في دقائق معدودة سريعة ،
قال الراوي : وحين التقطت أنفاسي وهدأت قليلاً قلت في نفسي :
يا نفس اتعظي ، أما لكِ فيما ترين زاجراً يزجرك ،
ومعتبرا تعتبرين به ، وواعظاً قويا يعظك ،
هذا زلزالٌ في ناحية من الأرض ، وفي بقعة متوارية من العالم ،
وفي دقائق معدودة ، كانت هذه نتائجه الكارثية المرعبة ..
فكيف إذا زُلزلت الأرضُ زلزالها ، وأخرجت أثقالها ،
وصاح الإنسان في كل مكان في رعب وفزع : ما لها .. ؟ ما لهاااااا ؟؟!!
يومئذً ستحدث أخبارها ..!!!
يومئذٍ تكون قد وقعت الواقعة ..
وتنكشف الأسرار ، وتكون الفضائح بجلاجل على رؤوس الأشهاد ..!
( وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ
:
لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،،
وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) ..
( وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ) ..
فيا نفس اعتظي بما ترين اليوم ، لما ستواجهينه غداً ولابد ..
ثم عدتُ إلى نفسي وتفكرت :
لو أن أهل تلك المدينة التي دُمرت بذلك الزلزال .
لو أنه قيل لهم ( خبراً يقينا لا شك فيه ) أن زلزالا عنيفا
سيدمر كل شيء في مدينتهم في غضون الشهر ..
فماذا سيفعل الناس هناك ...!؟؟؟؟؟؟
لاشك أننا كنا سنرى فرارا جماعياً من تلك المدنية ، وتدافع على المطارات ،
ومنافذ البلاد ، وحالات رعب شديدة تستولي على الناس قد لا تجعلهم ينامون ،
وسنراهم يجمعون أمتعتهم ما ( خف وزنه وغلا ثمنه )
وربما تخلصوا من أشياء كثيرة جدا يبيعونها برخص التراب ..!!
وربما رأيناهم لا يهنأون بنوم ، ولا بملاهي ، ولا بألوان من التسلية والمتع
التي كانوا فيها ، لأنه قد جاءهم ما يشغلهم عن كل ذلك ...!!
أليس الأمر كذلك أيتها النفس !!
وكأني رأيت نفسي تقول وهي تطأطئ رأسها : أي نعم والله ..!
قلت : فسبحان الله .. ثم سبحان الله
خبر من مخلوق جعل الناس في تلك الحالة من الذعر والاستعداد والتأهب
و..و..و..الخ
بينما يخبرنا ( الله ) جل جلاله ، عن زلزلة الأرض التي ستدمر كل شيء ..
ثم سيعقبها النشر والحشر والحساب على مثاقيل الذر ...!
ثم جنة أو نار ...!!
ثم نحن لا نتفاعل مع ما نسمع من كلام ربنا.. !!
ونبقى في حالة غفلة سادرة ولهو وعبث ومجون وغناء ورقص !!!
أيكون كلام البشر أوثق في نفوسنا من كلام الله عز وجل !!!؟
( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) .. ؟؟!
( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) ..؟
قال الراوي :
لا أدري ماذا قالت نفسي عندها لأني دخلت في موجة بكاء شديد .. !!
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ..اللهم آمين
= =
تعال نؤمن ساعة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
دمعة الاسلام
•
بارك الله بك اختي الحبيبه على هذه التذكرة ..وجعلها الله في ميزان حسناتك..
انيسة
•
جوزيت خيرا...فكم نحتاج مثل هذه التذكرةعندما تاخذنا الغفلة ونسترسل في تفاصيل الحياة
تقبلي تحياتي
تقبلي تحياتي
الصفحة الأخيرة