

الحمد لله الغني الحميد،
الحمد لله المستغني بذاته وأفعاله لكمال صفاته،
الحمد لله الذي لا يتوقف وجوده وكماله عن أمرٍ خارجٍ عن ذاته،
الحمد لله الذي هو كامل بما له وما عنده،
الحمد لله الغني الذي استغنى عن خلقه،
الحمد لله الذي ليس لخلقه بحاجة،
وهم له في أمس حاجة.
قال تعالى: "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد".
الفرق بين أن تحتاج إلى الغني وبين أن تحتاج إلى الفقير:
ذلك بإن الله الغني يحسن إليك وهو في غنى عنك لأنه الغني.
ولهذا يقترن أغلب الأحيان في الآيات اسم الغني مع اسم الحميد،
فهو غني عنكم وليس بحاجة لكم فاستوجب حمده عليكم.
ومع غناه سبحانه عن خلقه يحسن إليك ويعطيك لينفعك دون أن ينتظر منك المقابل.
أما الإنسان إذا أحسن إليك ينتظر من وراء إحسانه مقابل.
لأنه فقير، ولد فقيراً وسيموت فقيراً، فهو دائماً يبحث عن مصلحته.
وخلق الله الناس لتكمل مصالح بعضها لبعض،
ومن الإحالة أن يحسن إليك إنسان دون أن ينتظر مقابل، فهو إما:
• ينتظر منك منفعة لوقت حاجة.
• أو ينتظر منك ثناء وشكراً.
• أو ينتظر من الله عز وجل الثواب والأجر.
أصناف الخلق ثلاث:
1. ينفعك ولا يأخذ منك شيئاً وإنما يريد الأجر من الله.
2. يأخذ منك منفعته ومصلحته وفي النهاية يضرك.
3. ينتفع بما عندك وينفعك، بتساوي بين الطرفين، كحال الزوج والزوجة.
غنى الله نوعان:
غنى عام: يشمل كل الناس من إيجاد وإمداد ورزق.
غنى خاص: فضل الله به بعض خلقه،
بتنوير بصائرهم بالإيمان وبتعريفهم به وبأسمائه وصفاته
حتى يستشعروا بمعنايها فيستغنوا بالله عن من سواه.
التعبد لله بمقتضى اسم الغني:
1. زيادة حبك لله في قلبك إن شعرت بمعنى اسمه الغني.
فإن شعرت بأنه يحسن إليك دون مقابل ولا يريد منك جلب نفع أو دفع ضر يزيد حبك له.
2. دوام شهود فقرك، لأنك أمة ولدت فقيرة، وستعيشي فقيرة، وتموتي فقيرة.
وإن أغناك الله بالإيمان فما زلت في حاجة إلى الله الغني بالثبات والعون على الطاعات.
فلا يغيب لحظة واحدة عن عينك فقرك وحاجتك لله.
قال سليمان عليه السلام:
(رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي).
لأنه كان يعتبر أن هذه النعم ملك لله له يتدبر بها كيف يشاء،
وأن الله أعطاه هذا الملك ليختبره ويمتحنه.
اشهدي فقرك في كل شيء،
وداومي على شهودك فأنت فقيرة إلى الله في كل لحظة وفي كل ثانية.
اشهدي فقرك في دينك،
واعلمي أنه لو لا توفيق الله لك لما استطعت العمل بهذه العبادة.
استشعري في كل صغيرة وكبيرة فقرك إلى الله،
واسأليه أن يوفقك بكل عمل قبل القدوم عليه وإن كان صغيراً.
ولا تتكلي على علمك وقدرتك لأنك ستصبحي مفتقرة إلى ما عندك فلن توفقي حينها.
يقول ابن القيم رحمه الله:
حقيقة غنى القلب تعلقه بالله وحده وحقيقة فقره المذموم تعلقه بغيره،
فمن لم يستغني بالله عن من سواه تقطعت نفسه على سواه،
" أي الذي تعلق به عن غير الله" فكان غناه في غير الله هو عين فقره.
هو عين فقره: أي إن كنت مستغني بصديق أو بزوج،
ومات الذي كنت تستغني به، فـُقرت بفقده.
لأنك استغنيت بفقير معدوم.
فكيف لك أن تستغني بفقير مثلك؟!
الإنسان فقير ومحتاج للغير،
ولا يسد فقر قلبه إلا معرفته بالله ومحبته له.
فاستغني بالله ليحل في قلبك الفرح والسرور والغنى الحقيقي.
من أصبح والدنيا همه فهو فقير مهما كان يملك منها،
لأن عين فقره هي أملاكه الدنيوية الزائلة، فإن فقدها أصبح فقير.
ولا يسد فقر قلبك إلا الله سبحانه وتعالى فعليك معرفة أسمائه وصفاته.
عليك بهذه الشروط الثلاثة لتصبحي غنية:
غنية بالله عن من سواه...
1. السلامة من السبب:
اعملي بالأسباب واطلبيها لكن لا تعتمدي عليها ولا تتعلقي بها.
وإنما استغني بالمسبب وهو الله.
ولو اعتمدت على السبب سيبقى قلبك مفتقر إليه،
فإن زال السبب أصبحت فقيرة.
أما إن استغنيت بالله وهو المسبب فستبقي غنية مهما حصل،
لأن غنى قلبك استغنى بالغني الكامل بصفاته وأفعاله وهو الله.
2. مسالمتك للحكم:
• الحكم الكوني:
وهو ما يكتبه الله لك في الحياة من بلاء أو مرض أو غيره،
فإن ابتليت ارضي بذلك لأنك غنية بالله ولست بحاجة إلى شيء سواه،
وإن انقطع عنك راتبك فارضي ولا تتذمري لذلك لأن غناك هو الله.
فأنت غنية عن المال وعن كل شيء بالله الغني الذي سيغنيك من فضله.
وإن كنت غنية بالله لن تتضايقي وتنزعجي مهما حصل لك.
• الحكم الشرعي:
أي تسليمك لأوامر الله وشرائعه،
فإن قيل لك فرض عليك كذا تعملي به وتسلمي لله،
دون أن تجادلي أو تناقشي أو تسألي عن السبب.
افتقري إلى الله بكل أمورك الدنويية والآخروية ولا تستغني بما عندك من قدرة.
وأظهري فقرك لله في كل ثانية ولحظة.
وقولي بعون الله سأصلي ولا تستغني بقدرتك على القيام والوضوء.
ولاتتكلي إلى ما عندك منقدرة، فتقولي أنا متعلمة وسأنجح،
فإن اتكلت إلى علمك وقدرتك الضعيفة ستصبحي فقيرة،
ويكون علمك هو عين فقرك فإن نسيت ما تعلمت بئت بالفشل، وأصبحت فقيرة.
ولكن إذا استغنيت بالله تبقي غنية دائماً،
فإن كتب لك الله الراتب 100 دينار ورضيت بذلك فأنت غنية بتدبير الله،
وإن لم ترضي بذلك، وتريدي الـ200 فأنت فقيرة إلى 200.
3. سلامة الخصومة
تخاصمي فلانة بسبب تقصيرها بزيارة أو مكالمة هاتفية،
فأنت حينها فقيرة، لأنك افتقرت إلى زيارتها.
يقول ابن تيمية:
العارف أي العارف "بأسماء الله وصفاته"
لا يرى على أحد حقاً ولا يشهد له على غيره فضلاً،
ولذلك لا يعاتب ولا يطالب ولا يضارب. انتهى.
ولا يطلق عليك اسم غنية إلا إذا سلم الناس من خصومتك،
لأنك إن خاصمت فستصبحين فقيرة إلى ما تخاصمي عليه الخلق.
استغني بالله وفوضي أمرك له،
وقولي لو حرك الله قلبها ستأتي وتزورني،
إن حرك الله قلبها ستهاتفني وتسأل عني.
ما يورثه الاستغناء بالله في القلب:
1. تصلين إلى مرحلة الإخلاص في الأقوال والأفعال،
لأنك لم تعودي تريدين من الناس شيئاً.
2. تستقيمي على الأمر الديني على أمر الله،
فتفعلي أوامره تعظيماً له وتجتنبي نواهيه خوفاً منه.
3. يحصل عندك القناعة والرضى،
ولا تعودي تطلبي لما عند المخلوقين.
وليس الغنى غني الغرض وإنما الغنى غني النفس.
4. تصبحي ممن يَشكر على النعم، ويصبر على النقم.
استغناؤك بالله يورثك غنى القلب.
وأخيراً:
كل منا يتمنى أن يكون غنياً...
فكيف لك ذلك؟
بتطبيق الشروط الثلاثة المدونة في الأعلى تصبحين غنية.
ويمكنك طباعتها تعليقها في غرفتك حتى لا تنسيها.
منقول من محاضرة إحدى الداعيات،
أسأل الله أن ينفعكم بما قرأتم في الدنيا والآخرة.
جــــزاك الله كل خير...غاليتي ...سنابل العطاء
كلمااااات قيمه وراااائعه
سلمت يمينـــــكِ
بارك الله فيك وسدد خطاكِ وجعلك مباركه اينما كنتِ
محبتك في الله...
ورده الجوري
:26: