يوميات مديرة 22 ( اختفاء معلمة )
نرى على صفحة القمر الجميل تواقيع من أشعة عيون من في هذا الكون العامر و الكل يرسل عبر خطوطه المنبعثة من قلبه ومضات تصل هناك في الأعالي وترتسم صورا وتواقيع مبهرة وعندما يطل القمر علينا يظهر فيه كل ما أرسلنا ولما يغيب يعلو الخوف على اختفاء التواقيع .
وتكون هذه الصور رؤى ما أن تتفلت النفس من عقالها الواقعي حتى تختلط بها لتخرج إشراقة دفينة تضيء ظلمة .. أو تفتح مغلقا .
وتقع النفس أحيانا في شرك هذا الخط الرفيع بين الواقع والرؤى فتارة يجذبها إلى واقع مرير وتارة يحلق بها مخفيا وراءه تداعيات مؤلمة .
... وذكرتني نسائم خفيفة هبت من نافذة المصلى حملت معها أنفاس الصغيرات وهن يتراكضن كالفراشات هنا وهناك مسطرات بوقع خطواتهن تاريخا نسيته في تأملي ..
ذكرتني بواجبي الذي أودعته عالما آخر وأيد أخرى .. فانتفضت مسرعة إلى الصف الخامس الإبتدائي
كانت معلمة التاريخ بانتظاري ..
نظرت إليها وكأني أراها للمرة الأولى , كم هي صغيرة , رقيقة الملامح هادئة جدا لا يكاد الصوت يظهر , ظننت في البدء أن ذاك الهدوء الذي كنت أعيشه قبل لحظات قد تجسد هنا في صوت المعلمة ,
وابتدأ الدرس , واختفى أوسلط على الإلقاء قيدا لم يفك طوال الحصة .
إن كل شيء جميل في هذه الدنيا يبدأ صغيرا ثم يكبر نرى فيه انعكاسا لجما ل نعرفه أو ابتداء لجمال لم نخبره إلا ذاك الدرس , فقد كان انتهاء لأي شيء وكل شيء ,ويبدو أن الكلمة السحرية في قاموس الدرس الناجح لم ترفرف في عالم مفردات صاحبتنا , وما تسيد هنا هو الإلقاء ..
لم تستعمل معلمتنا أية وسيلة , لا الإستقراء ولا غيره , لم تناقش , لم تستثر فضول الصغيرات وحتى المعلومات لم تكن دقيقة , كل ما فعلته هو السرد لما في الكتاب !! فمات التشويق وحسن المتابعة في عيون وعقول الطالبات .
وحتى يكون الدرس لاهبا ومحفزا للنيام , كان لا بد وأن تخفي ولو قليلا من ارتباكها ويكون صوتها مقتحما جريئا , وسلاحها أيا كان لا بد وأن يكون حاطما للملل والكسل ليجذب المتلقيات .
ولكن !! كانت أشعتها غير مضيئة فعم الظلام في الصف ونامت الطالبة الجالسة أمامي , وتزايد الإرتباك .. ابتسمت لها مشجعة ولكن بدون فائدة , فتقاذفني الحنين إلى الخروج لأنقذها وطلبت منها المجيء بعد الحصة ..
جلست في الباحة أتنفس , وهب هواء لأنعش أنس نفسي التي أنكرت عليها الخلوة فانتفضت قائمة ولكن كيف و هذا النسيم يغريني بالنظر حولي لآثاره المتحركة فقد بدأت أوراق الشجر البنية تتطاير هنا وهناك حولي كل منها تسلك طريقا أحاول احتواءه بنظري المتلاحق وأحده بحريتي , أضيفه إلى سجل سرحاتي حتى هدأ ! وسقطت الأوراق أمامي
وبقيت ورقة صغيرة جدا خفيفة تحوم ثم تهاوت على حوض زهور زرعه طلاب الصف الأول الإبتدائي
حوض زنابق بيضاء بسيقان خضراء دقيقة يانعة , جـَذبت الورقة إلىأسفل بين الزرع وظننت أنها استقرت فهممت بالعودة إلى مكتبي المهجور لأستقبل معلمة التاريخ ولكني ألقيت نظرة على الورقة الصغيرة لأجدها قد اختفت .. وبسرعة أخذت أنقب عنها هنا وهناك بين سيقان الزنابق الشاحبة ولم أجدها !
فهزني اختفاؤها
وأكثر ما يهزني الإختفــــــــــاء ..!!
ولم أكبر على حادثة الإختفاء للورقة بل ظل يوخزني رغم تركي للحوض وذهابي للمكتب لأستقبل المعلمة التي .... لم تأت !!
نهاية الجـــــــــزء الأول
الجزء الثاني
.... ولم تأت
انتظرت المعلمة طوال النهار... ولم تأت
راجعت جدولها لم يكن لديها غير ثلاث حصص , ولم يكن يدور في خلدي إلا أنها خجلة من حصتها وعدم استعدادها لها .
وتذكرت تلك الورقة التي اختفت بلحظة واحدة عن ناظري .
أخذت أبحث في تواجدي عندها عن إيحاءات صدرت مني أثرت على نفسيتها .. فلم أجد
وما أصعب الساعة التي تجعل مني (( وما أكثرها في نفسي )) ما أصعبها تلك التي أختزل فيها آلام الناس في تصرفاتي
ووقعت أخيرا في شرك ذاك الخط الرفيـــع , بدأ الواقع المرير في مواجهة تلك المعلمة يجرني بقسوة إليه يطلب مني الحزم والبحث عنها لإحضارها مخفورة بطلب إداري , ومصلحة الصغيرات تتسيد الطلب .
ثم ابتدأت نفسي المشفقة على ضعف المعلمة وقلة خبرتها ورغبتها في أن تداري فشلها بالإختفاء من أمامي ينازع حزمي ,
وسمحت لقلبي بأن يتمادى بالإشفاق عليها حتى بدأت معركة الدموع في القلب يسمع لها صوتا هائلا كدت أن أخرجه !
ولم أدر لم لم أستعمل مفردات الغضب أية مفردة ! على الأقل فهي مخطئة في عدم الإستعداد لا بوسيلة إيضاح ولا بتحضير ولا بأسئلة ولا بأسلوب ولا بأية عملية تعليمية قديمة كانت أوحديثة
إذن فلم ذاك الإشفاق عليها ..!!
وضج بي التساؤل مرخية رأسي على كفي وإذا بي أراني بحرا كبيرا يقع بين شطين واسعين تقف هي على شط وتلميذاتي على الشط الآخر فإن علا مدي على مشاعرها أغرقها وأنا أعلم هشاشة تقبلها , وإن انحسر عن الطالبات حرمهن من لاليء وكنوز العلم وكان لا بد من من المحافظة على توازن هنا ..
فتصبرت لآخر الدوام علني أحظى بطلعتها البهية عند توقيع المغادرة .. ولم يحدث
وابتدأت مع المساعدة رحلة متسرعة للبحث عنها...و لم نوفق , وساعتها فقط ابتدأت جمل الغضب بالظهور رغم أن الإعلان عنها أرجيء لحين ظهور المختفية .
وعدت لمكتبي أرسم تواريخا على ورقي لعلي أوثق عملا هجر منذ زمن وصار أطلالا
ولازال جانب من نفسي حزينا لما حدث , سجنت أوراقي في درج مكتبي وأقفلت عليهم وكالعادة ابتدأت بتفقد الصفوف والمرافق , فمفاجآت الصغار كثيرة فأحيانا يكمن لك في المصلى أو بعض الصفوف أو المقصف تلميذا يلوح بيده ثم يهرب إلى بيته !!
وأنهيت رحلة التفقد في المصلى
وإذا بي أرى
معلمة التاريخ
وكان تاريخا
ذاك اليوم كان تاريخا , كيف لم يخطر ببالي أن ارض المعركة مع نفسها ستكون هنا
رأيتها وقد صنعت الدموع الأفاعيل في عينيها أما وجهها الحزين فكان كتلك الزنابق الشاحبة في الحوض , لم تختف منها آثار الدموع ولكن آخر دمعة اختفت عندما رأتني ..
وبدون أن أكلمها جلست أمامها أطرقت وأخرجت من جيبها ورقة صغيرة (( استقالة ))
ابتسمت لها وقلت ممازحة
__ لا ليست استقالة بل اختفاء
ردت بصوت ضعيف مهتز وبقية من آثار دموع
__ أنا لا أصلح للعمل كمعلمة . أحب الصغار كثيرا ولكني لا أستطيع الوصول إلى أذهانهن الصغيرة
و أصغيت .... كل ما كان يدور بخلدها أنها فاشلة وبناء عليه تسبقني بالإستقالة حتى تعفيني من حرج إقصائها فستختفي نهائيا
ورغم أن القلب انخلع مرة أخرى من مفهوم الإختفاء إلا أن الضعف الإنساني كان دائما يحرك خيالاتي لاستنهاض كوامن القوة في الدواخل , وعرفت الآن سبب إشفاقي عليها (( ضعفها ))
وطلع علينا القمر ونحن نتحادث يحمل تواقيع كثيرة
وبطل عمل لغة التخاذل في نفسها واختفت من قاموسها كلمة اختفاء , وجمحات الخوف في نفسها من مواجهتي تلاشت ... لتستقر في نفسي أنا ..!!!!!!!
لأواجه أنا اختفاء ما أسميه .. الخوف من الاختفاء
متى أتصالح مع نفسي الهشة مع هذا _ الخوف من الاختفاء_ وكأنه أمر لا زمام له في داخلي .
وكأن الخط الرفيع بين الحقيقة والخيال أحيانا يكون أوهى من أن أراه فتتجاوز قدمي الواقع قليلا لتسبح في خيال .. فتأبى الرضوخ لحقيقة ....
............. أن الاختفـــــــــاء ضرورة من ضرورات الوضوح

صباح الضامن @sbah_aldamn
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الاختفـــــــــاء ضرورة من ضرورات الوضوح
هذا ما جعلني أرافق التواقيع القمرية
في رحلتها لصفحتك
ليس زهدا ً في كلماتك - لا والله -
ولكن اعترافا ً بالعجز عن تسطير ما تستحقه من إعجاب
بارك الله في أشعتك المضيئة
هذا ما جعلني أرافق التواقيع القمرية
في رحلتها لصفحتك
ليس زهدا ً في كلماتك - لا والله -
ولكن اعترافا ً بالعجز عن تسطير ما تستحقه من إعجاب
بارك الله في أشعتك المضيئة

عطــــــــــــاء
غبطة اعترتني لمناداتك لي بأم إيمان
أسعدك الله بالدارين
أخية لا تختفي كثيرا فقد أتعبني البحث
بانتظارك
غبطة اعترتني لمناداتك لي بأم إيمان
أسعدك الله بالدارين
أخية لا تختفي كثيرا فقد أتعبني البحث
بانتظارك

نــــور
•
لحظات تمر ..
أتمنى فيها الاختفاء
أتمنى التلاشي عن الأنظار
والابتعاد عن الناس
حتى لا تزعجهم رتابة ألفاظي
وانطفاء حماستي
فأجلس وحدي أعاتب روحي
كيف تبتعد
وأعاتب عواطفي كيف تتجمد
أجلس وحدي .. أختفي .. أبكي ضعفي
أبقى برهة صامتة
حتى أميز الأصوات من حولي
أمسح دمعي
أستعيد رباطة جأشي
ثم أنطلق ...
فقد استطعت التغلب على لحظات ضعفي
حقا .. للاختفاء روعته
حين يعيدنا ببريق ساحر
وعزيمة قوية ..
ولكنني مثلك ..
يرعبني الاختفاء
وتقلقني اللحظات التي تسبق الوضوح
كعادة الصباح ...
تتعبنا كلماتنا .. حين تتغلغل في أرواحنا كلماته
أتمنى فيها الاختفاء
أتمنى التلاشي عن الأنظار
والابتعاد عن الناس
حتى لا تزعجهم رتابة ألفاظي
وانطفاء حماستي
فأجلس وحدي أعاتب روحي
كيف تبتعد
وأعاتب عواطفي كيف تتجمد
أجلس وحدي .. أختفي .. أبكي ضعفي
أبقى برهة صامتة
حتى أميز الأصوات من حولي
أمسح دمعي
أستعيد رباطة جأشي
ثم أنطلق ...
فقد استطعت التغلب على لحظات ضعفي
حقا .. للاختفاء روعته
حين يعيدنا ببريق ساحر
وعزيمة قوية ..
ولكنني مثلك ..
يرعبني الاختفاء
وتقلقني اللحظات التي تسبق الوضوح
كعادة الصباح ...
تتعبنا كلماتنا .. حين تتغلغل في أرواحنا كلماته

الصفحة الأخيرة
صباح ..لاأعرف .ماذا أقول ؟؟ولكن حقاً اليوم مع يومياتك...لعلي أستعد لثورة مشاعر عنيفة
قد خلقت الآن ...وزحفت إلي كياني...لتحل طلسماً من طلاسمه...
إن الاختفــــــــــــــــــــــــــــاء ضرورة من ضرورات الوضـــــــــــــــــــــــــــــــوح...
لله ..درك ياأم إيمان...
لقد أعملتِ مشرطكِ في مشاعري لتستيقظ...فخلف الكلام كلام وحقيقة..
لن أطيل وسأعود...