" وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ".
هو يوم بدر ..
ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً
تواجه ألفاً من كتائب قريش ..
الحق فيه يقابل الباطل .. وجهاً لوجه..
ويلتقي فيه الجمعان ..
فئة تقاتل في سبيل الله ،
وأخرى كافرة ..تراهم مثليهم رأي العين
ليقضي الله أمراً كان مفعولا...
ولينتصرالإيمان بفضل الله ويعلو لوائه..
ذلك الإنتصار الذي غير وجه التاريخ
وحوّل الجزيرة العربية من الشرك والوثنية
إلى شهادة أن : لاإله إلا الله ..
وأن محمداً عبده ورسوله ..!
وسمي الفرقان إذ فرق الله تعالى فيه
بين الحق والباطل ..
ليميز الخبيث من الطيب
والزائف من الجوهر ..
والخطأ من الصواب..!
المسلمون قلة يتدافعون إلى ساحة الوغى
ابتغاء احد الحسنيين : النصر أو الشهادة ..
يبادرون إلى الجهاد وقد غفلت نفوسهم عن كل شيء
إلا عن الانتصار لدين الله .. والإيمان بنصره ..
الإيمان وحده هو الذي جعلهم يتسابقون
إلى ميدان الشرف .. والشهادة
بائعين نفوسهم وما يملكون لله سبحانه وتعالى
رابحين في بيعتهم الجنة ..
" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة "
ألا ربح البيع ..!
في ذلك اليوم.. يوم بدرٍ ..
يوم الإمتحان ومحك الإيمان
يقول الرسول الكريم مستنهضاً الهمم...
مبشراً بوعد الله :
" والذي نفس محمد بيده ، لايقاتلهم اليوم رجل فيقتل
صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر ، إلا أدخله الله الجنة".
يسمع " عمير بن الحمام " .. فيخفق قلبه ..
ويود لو يفلت بروحه إلى ذلك النعيم في التو واللحظة
وماذا يحول بينه وبين الجنة ؟؟
أهذه التمرات التي في يده ؟!
وأين هي من ثمار الجنة ؟! .. ويلقي بالتمرات زاهداً ..
ويفرّ بروحه طائراً مشتاقاً إلى الشهادة
ليقابل بسيفه وجوه الكفر .. مندفعاً بقوة الإيمان وجنة الوعد
فيقاتل ويَقتُل .. ثم يموت ميتة الأبطال ..
ليلقى ماوعد الله ورسوله ..
وصدق الله ورسوله
وما زادهم إلا إيماناً وتسليما ..!
هلم بنا نشق حجب الماضي
ونطل بأرواحنا على ساحة بدر ..
لنشهد صورة أخرى من صور الإيمان الصادق ، والعقيدة الراسخة
تلك العقيدة التي تغلب العاطفة وتعلو عليها
مؤمن يقف في صفوف المسلمين ..
وقد ثار النقع وعلا .. واشتد القتال ..
يلمح والده رافعاً سيفه بين صفوف المشركين..
فيأسف لحاله وما هو عليه من الضلال ..
ورغم قوة الصلة وعظم العاطفة الطبيعية التي تربط الولد بأبيه ..
فإن ذلك الرجل .. لايرف له جفن تجاه والده
ولا يشفق عليه وهو يراه يقع صريعاً بسيوف المجاهدين
ولاينتابه شعور اليأس لفراقه .. ولم يحزن لقتله
لكنه كان حزيناً لأن أباه مات على الشرك
ولم يدخل نور الإيمان قلبه.. حزن لسوء مآل أبيه ..!
ذلك المؤمن هو : حذيفة بن عتبة ، وأبوه عتبة بن ربيعة..
وحين يشتد أزيز المعركة ..
ويعلو صليل السيوف ..
وفتك الرماح ..
نلمح بين جموع المؤمنين " معاذ بن عمرو"
يتحرى مكان أبي جهل ويتربص به على بعد
لقد سمع أن موقعه منيع ..
والحرص على حياته شديد ..
هو أحد رؤوس الكفر .. بل أكبرهم
يقول معاذ :
فلما سمعت القوم يتحدثون عن استحالة الوصول إليه
جعلت ذلك شأني ..
فصمدت نحوه فلما أمكنني ،
حملت عليه فضربته ضربة أطاحت بنصف ساقه وقدمه..
ثم مالبث أن ضربني ابنه عكرمةعلى عاتقي ،
فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي وأقعدتني عن القتال ،
فبتّ اسحبها خلفي .. فلمّا آذتني وضعت عليها قدمي ،
ثم تمطيت عليها حتى طرحتها ..
سبحان الله ..!!
صبر وشجاعة ليس لهما نظير ..!!
إلاّ عند تلك الفئة التي ثبتت مع رسول الله
فأيدهم الله بجنود لم يروها ..
ونصرهم ببدر وهم أذلة ..
ويعلو صوت رسول الله
حين يقتل عدو الله أبا جهل :
الله اكبر .. الحمد لله الذي صدق وعده .. ونصر عبده
الحمد لله الذي أعز الإسلام وأهله .
اللهم اجعل الإسلام عزيزاً .. دائماً
وانصر الحق وأهله . .!
ألا ماأحوجنا إلى أن نقتبس من يوم الفرقان
هذا الإيمان الخالص .. وتلك المواقف المبهرة
وأن نصل مجدنا الغابر
بواقعنا الحاضر ..
اللهم يامن عزّ بك المسلمين ببدر
كن عون المسلمين في مواقف الحق
وانصرهم وثبت أقدامهم ..
وأعد لنا عزة الإسلام
في فجر بدر جديد ..!
للقيم الإيمانية لهذه المعركة الباسلة
التي تبقى نبراساً منيراً ودرساً قيماً لإنتصار الفئة القليلة
على فئة كبيرة بإذن الله
وكانت أول تجربة نصر للمسلمين
في شهر الصبر حققوا فيها النصر المبين
بورك لك هذا الطرح القيم
وتقبلي ودي وأحترامي