width=630 height=373
قانون الأضداد يسيّر الحياة من حولنا ..
ويجري في نظام الكون ..
من الذرة .. حتى المجرة ..
فالذرة يحكمها قانون الجذب والطرد..
وبسبب هذا تحافظ الذرة على كيانها متماسكاً..
والسحاب المسخر بين السماء والأرض ، يسيرعلى نمط السالب والموجب ..!
والنجوم تسبح في أفلاكها ، وفقاً لقانون الجاذبية ..
وعلى ذات القانون، تحلق الطيور في جو السماء..
وتسافر الطائرات والأقمار الصناعية ..في الفضاء..
حتى الوحوش في الغابة ..
لابد أن تتكيف حياتها مع نظام الأضداد..
فالغزال يستعيد كامل قوته ، ويفجر طاقته ، في مطاردة الفهد له ..
وبمثل هذا وغيره .. يصبح الصراع في الغابة منبع الكمال للوحوش ..
وفي الحياة منبع الكمال للبشرية !..
ومن هنا ندرك أهمية الصراع بالنسبة للتكامل في الحياة ..
إذ لولا الأضداد لما حدث التفاعل و التقدم ..
لأن الأشياء تعرف بأضدادها..!
وقديماً قال المتنبي :
لولا المشقة ساد الناس كلهم ~ الجود يفقر والإقدام قتّال
ويقال أن الجوع والغربة .. وليس الشبع والاستقرار..
يصنعان العباقرة والعظماء ..
هؤلاء الذين غيروا وجه الحياة..
يقول الحديث القدسي:
" جعل العلم في الجوع والغربة ، والناس يطلبونه في الشبع والحضر فلا يجدونه"
فلولا الظلام الذي كان يسود الليالي ..
لما انبثق نور المصباح من فكر وأنامل العالم ..
ولولا التفاوت في الصحة والمرض. ..
والغنى والفقر ..
والفطنة والغباء..
والفشل والنجاح ..
لما تمكن الإنسان أن يسمو في الإبداع
إذن فالتكامل في الحياة ، قائم على أساس الأضداد..
والصراع بين جبهتين متعاكستين ...
وفي تجمع الأضداد يحضرني قول إيليا أبي ماضي :
يرقص الموج وفي قاعك حرب لن تزولا
تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا
قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا
ليت شعري أنت مهدٌ أم ضريحٌ .. لست أدري
لكن هذا الشاعر حين تساءل فقد فاتته حكمة الله سبحانه وتعالى
الكامنة وراء هذا الصراع في الحياة . . !
هو أشار لاجتماع التناقضات معجباً بالبحر ومتعجباًمن عمق أسراره.. فقط !
ولم يدرك أن الحكمة السماوية من صراع الأضداد هي ..
التكامل والإبداع .. ..!
والمهم في أن ماينطبق على الكائنات الحية ..
ينطبق ذات الإنسان في ماتحويه من أضداد..
فكما أن الله تعالى قد جعل الكون يسير على كفتين متجاذبتين متعاكستين ..
ليقوم النظام الكوني ..
كذلك جعل تركيب الإنسان قائماً على التجاذب والتضاد ..
ليحدث الصراع بين الحق ،، والباطل
بين الخير ،، والشر
بين النور ،، والظلام
حتى يأخذ التكامل الإنساني دورته الإبداعية الرائعة ..
فالله تعالى زرع في داخل الإنسان غريزة الخير .. وغريزة الشر
ليكون من البشر من هو ..
أما قدوة حسنة ..
وأما مثلاً سيئاً..!
يقول الله تعالى :
« ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها»
فالله تعالى منح الإنسان العقل وخلق فيه الفطرة ..
وفي ذات الوقت .. زرع في طينته .. الغرائز..
ومن هنا كان العقل والفطرة والوجدان ..
في صراع دائم مع الغرائز والشهوات ..
هنا النفس من جانب تجاهد ..
وهناك الشر من الشيطان وقبيله من جانب آخر
وبهذا الصراع المستمر .. والانتصار على عقبات الذات ..
يتواجد كيان الإنسان المؤمن..
وتتضح هويته .. وذلك عائد إلى إرادته في أن :
يكون .. أو لايكون..!
فإذا قرر أن يكون شيئاً مذكوراًعند الله عز وجل..
وفي وجوده النافع بين البشر..
فلا بد له من أخذ زمام المبادرة ..
بإذكاء نور العقل..
وإطفاء لهيب الشهوات والغرائز ..
بالاستقامة على طريق الخير ..
ونبذ طريق الشيطان المحفوف بالشر
مستعيناً بالله تعالى ..
ومتسلحاً بإرادة قوية صلبة ..
وفي كلتا حالتي :
الضلال.. والهدى.. يكون الانسان هو المسؤول ..
لأن الله تعالى منحه الحرية في اختيار الطريق ..
من خلال الإرادة .. والعقل .. والفطرة .. والوعي
يقول تعالى : « إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا»
نظرة ~
في مباحث عن قيمة العمل ..تمس الأضداد في الأخلاق للغزالي..
نقول كما هو معروف العمل الذي يجب أن يعمل ..هو الخير ..
والعمل الذي ينبغي أن لايعمل هو الشر .. وهذه لغة اليوم . !
لكن الغزالي يسمي مايجب أن يعمل واجباً..
وما يحسن أن يعمل مستحباً ..
وما ينبغي ألا يعمل مكروهاً..
وما عدا أولئك فهو مباح..
وربما يقسم العمل إلى : حسن وقبيح ومباح
فيوضح الغزالي بأن العمل لايكون حسناً لذاته ، ولا قبيحاً لذاته..
فكل ماحسنه الشرع فهو حسن ..
وكل ماقبحه الشرع فهو قبيح . .
ويصف العمل الحسن بأنه - يكون موزوناً بميزان العقل .. والشرع-
وبهذا يقاس الخير والشر فيما يرى الغزالي ..!
خلاصة الأمر أن الله تعالى جعل قانون الأضداد يحكم سائر أمور حياتنا ..
ويجري مع أنفاسنا ..
ويختلج في صدورنا ..
ويجتاحنا بشتى أنواع المشاعر المتضادة ..
بين فرح وترح ..
وطمأنينة وقلق
وسعادة وشقاء
وصبر وجزع
وكره وولع ..
ويجعلنا نعيش حالات شتى متناقضة..
ليحملنا على أن نعرف الوجه الآخر :
فلولا الشقاء .. ماأدركنا لذة السعادة
ولولا الفقر .. ماعرفنا نعمة الغنى .....
أخيراً .. وأنا أسطر هذه الخاتمة ..
تذكرت آية كريمة تدل على قدرة الله العظيمة
تبين لنا كيف يلتقي الضدان .. في البحرين:
هذا عذبٌ فراتٌ .. وهذا ملحٌ أُجاج ..
يعانق عند نقطة اللقاء أحدهما الآخر ..
فلا يطغيان .. ولا يختلطان ..!
بل يسيران وفقاً للقانون الآلهي بسلاسة ورضوخ ..
ونحن اليوم نعاني من الصراع لأننا ..
خرجنا عن إرادة الله في الكون ..
وخالفناه في أنفسنا ..
وتركنا الساحة للأضداد تتصارع فيها ..
فلم نتوافق معها فيما يرضي الله ..
فنبت بنا الحياة عن طريق الطمأنينة والسلام ..!!
width=630 height=373
قانون الأضداد يسيّر الحياة من حولنا ..
ويجري في نظام...
كلام في صلب الحقيقة
فالإنسان هو المحفز الأول لذاته أو المدمر لها كما تفضلتي!!!
وتطوير الذات مهارة لا يجيدها الجميع
ولكن هدم الذات يجيدها الأغلبية!!!
قد يكون جهلاً من البعض غير مدركين للضرر الذي سيصيبهم لاحقاً
جراء ذم الذات بشكل مستمر!!
تقبلي مروري غاليتي