اخت المحبه
اخت المحبه
قال تعالى (‫يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا 9 إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أسفل مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ 10 هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا 11) .


التفسير

“يذكر تعالى عباده المؤمنين، نعمته عليهم، ويحثهم على شكرها، حين جاءتهم جنود أهل مكة والحجاز، من فوقهم، وأهل نجد، من أسفل منهم،
وتعاقدوا وتعاهدوا على استئصال الرسول والصحابة، وذلك في وقعة الخندق.


ومالأتهم اليهود، الذين حوالي المدينة، فجاءوا بجنود عظيمة وأمم كثيرة.


وخندق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، على المدينة، فحصروا المدينة، واشتد الأمر، وبلغت القلوب الحناجر، حتى بلغ الظن من كثير من الناس


كل مبلغ، لما رأوا من الأسباب المستحكمة، والشدائد الشديدة، فلم يزل الحصار على المدينة، مدة طويلة، والأمر كما وصف اللّه: { وَإِذْ زَاغَتِ


الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ} أي: الظنون السيئة، أن اللّه لا ينصر دينه، ولا يتم كلمته‫” (السعدي).


أنيس الأصحاب

‫في رحلة صيد برية توقفنا نتذاكر آي الكتاب ومضينا في التعرف على بيانه وبلاغته في هذه الآيات:


– ‫ان (نعمة الله) مفرد والذي كان في الحقيقة في عزوة الأحزاب أكثر من نعمة فما سر التعبير بالمفرد في سياق الامتنان على اهل الخندق؟


‫ان النعمة هنا اسم جنس او مصدر ومهما كانت النعم في الغزوة فان (نعمة الله) تحويها، وقد عبر بالمصدر لأنه اشد دلالة على المقصود وهو


التذكير بنعم الله…


– ‫” إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم نروها ” قد كثر الكلام فيها وما فهمت تاويلها.. هل الريح من الجنود؟ ومن او ما هي الجنود الاخرى؟


‫كما ذكرنا في سبب النزول ان الجنود التي جاءت المدينة كانت من قبائل العرب والمشركين من فوق ومن تحت المدينة وكذلك اليهود وتدخل


المنافقين أيضا.


‫حين خطط هؤلاء جميعا لحصار المدينة ما كان يخطر ببالهم تدخل السماء ولا جند الله.. لذا فانهم كانوا مطمئنين للنصر

‫جاءت حينها الريح فقلبت القدور وقلبت موازين الأحزاب.. ثم انزل الله الملائكة مثبتين ينادون بالتكبير ويؤازرون في القتال..


‫لذا فان (ريحا) جاءت منفصلة عن (جنودا لم تروها).. لبيان انهم من جنس آخر غير الريح فهم ملائكة لا نراهم.


– ‫عن تذييل الآية ب (وكان الله بما تعملون بصيرا) فان ما جرى في غزوة الأحزاب من افعال تمت في جنح الليل وغارت قلوب المؤمنين في ظلام


الشك والخوف.. ناسبه ان يختم بصفة من صفات الكمال الرباني (البصير)


– ‫اذ جاؤوكم…. واذ زاغت… كل معطوف على الفعلين جاء في حيز (اذ)… فما فائدة ذلك؟


‫ان مجيء الاعراب والمشركين واليهود من أسفل المدينة ومن فوقها هو بيان حال الفريق المهاجم


‫وان زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون هو بيان حال المؤمنين


‫ان هذا التفصيل وهذه المقابلة في بيان قوة الكفار الى البلاء الذي حل بالمؤمنين ليشعر بقيمة هذا التصريف الالهي لجند السماء والأرض.


‫وما ذاك الا ليستشعر المؤمن لطف الرب وكرمه ورعايته من بعد.


– ‫ان كان اهل مكة (من فوقكم) واهل نجد (أسفل منكم) فاين ذكر اليهود والمنافقين في الآيات؟


‫قلت.. سؤال عظيم.. سيأتي تفصيله في الحلقات القادمة فقد اجمل الرب فيمن خطره اقل ممن فصل بشأنهم وهم المنافقون واليهود


– ‫ما وجه التشبيه او البلاغة في (زاغت الابصار) و (بلغت القلوب الحناجر)؟


‫معنى زاغت اي شخصت او مالت.. وهذا اللفظ يعطي الايحاء المناسب لمن تردد وتناوشه الاعداء من كل صوب


‫ومعنى بلغت القلوب الحناجر اي انها من شدة اضطرابها طارت من مكانها حتى بلغت الحناجر


‫وهذا يعطي الانطباع المناسب عن حالة الخوف التي انتابت هؤلاء المؤمنين


‫وقد قرانا وسمعنا لطائف مفصلة بخصوص هذا التعبير (بلغت القلوب الحناجر) يستأنس به ونرجع اليه للفائدة


‫ومن ذلك


– وهل بلغ الخوف بالمؤمنين ليظنوا بالله الظنون!؟ وما هي تلك الظنون؟


ان الذي حل بالمؤمنين من كرب في الأحزاب جعلهم يصلون الى درجة فطرية من الخوف جعلتهم يناجون أنفسهم..


عَنْ ‫أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قُلْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ مِنْ شَيْءٍ نَقُولُ، فَقَدْ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ؟


قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‫” نَعَمْ، قُولُوا: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا ” . قَالَ: فَضَرَبَ وُجُوهَ أَعْدَائِهِ بِالرِّيحِ، فَهَزَمَهُمْ بِالرِّيحِ.




ثم ان المنافقين الذين هم في ظاهرهم مؤمنون قد ظنوا ان المسلمين قد انتهوا وفرحوا لذلك كما سيأتي


لم يكن الظن الا من خوف فطري ليس الا..


– (هنالك) في قوله تعالى (هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) ما يدعو للتوقف.. فكيف نفهمها..؟


(هنالك).. ظرف زمان للدلالة على ذلك الزمان الذي زلزل فيه المؤمنون.


أو هو ظرف مكان للدلالة على ذلك المكان الخاص الذي ابتلي فيه المؤمنون.


وذكر الزمان والمكان في سياق الابتلاء ينبه لدروس واحترازات عسكرية لمن درس الواقعة من بعد او اراد النظر فيها بعد انقضائها.


– نلاحظ هنا انه بالرغم مما سبق من الخوف الشديد المفضي ل(تظنون بالله الظنون) الا انه تعالى قد سماهم مؤمنين (ابتلي المؤمنون).. لذا


اقتضى التنويه


أعظم ما استفدت

‫إن الذي يستهين ببلاء المجاهدين ويجلدهم لمجرد خوف بسيط او تعبيرات ربما دلت على جزع.. لم يقرا الكتاب قراءة فهم وتدبر..


‫ان مما ينبغي للمسلم ان يومن به هو ان يقول اللهم انا نومن بقضائك ونسألك اللطف فيه


‫اللهم يا مثبت القلوب والابصار ثبت قلوبنا على دينك


‫ثم يدعو لمن ابتلاهم الله ويحسن الظن فيهم .


‫وللحديث بقية ان كان في العمر بقية.
اخت المحبه
اخت المحبه
بسم الله
راجعت وجهين من سورة الاحزاب
والحمد لله
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
السلام عليكم
راجعت 6 وجوه من الأحزاب
اخت المحبه
اخت المحبه
بسم الله راجعت وجهين من سورة الاحزاب
والحمد لله
اخت المحبه
اخت المحبه
قال تعالى (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ١٢، وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ١٣، ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ١٤)




سبب النزول


نزلت في ‫مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ وَأَضْرَابُهُ رَاضُونَ بِهِ. قَالَ: يَعِدُنَا مُحَمَّدٌ بِفَتْحِ كُنُوزِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ،
وَأحدنَا لَا يَقْدِرُ أَنَّ يَتَبَرَّزَ فَرَقًا مَا هَذَا إِلَّا وَعَدُ غُرُورٍ. (أبو السعود)




التفسير

بعد أن بينت الآيات الأحزاب الذين تواطؤوا لحرب المسلمين في المدينة من خارجها تبين الدور الأخطر للمنافقين في الداخل.
فترى طائفة منهم يشككون المؤمنين بتأييد الله لهم بقولهم ان محمدا الذي وعدكم بكنوز كسرى وقيصر جعلكم تخشون الخروج لقضاء الحاجة.
ثم ان طائفة منهم نكصوا عن الانضمام للمدافعين عن المدينة بقولهم ان بيوتنا عورة.
كلا الفريقين كاذب وما مرادهم الحقيقي الا التخذيل وهزيمة المؤمنين لتخلو لهم المدينة.




توضح الآيات ان المنافقين سيكونون مستعدين لفتنة الناس عن دينهم بالانضمام لجيش الكفار ان دخلوا المدينة..
اما في حال طلب اللبث في المدينة لحمايتها فلن يطيقوا المكوث الا يسيرا وذاك جريا على عادتهم في التلون
والاختباء وراء المنتصر واللعب على الحبال جميعها حتى اقتناص الفرص الجالبة لمصلحتهم.


هذا شان المنافقين في كل زمان ومكان.. قصته الأحزاب بالدليل المعاين في غزوة الخندق.


أنيس الأصحاب

كنت وأصحابي قد اتفقنا على كتابة لطائف حول هذه الآيات نقرؤها في عزلة ثم نناقشها فكان ما يلي:
– عن الفرق بين المنافقين والذين في قلوبهم مرض


ذكرت الآيات الصنفين معطوفا بينهما بحرف الواو الذي يفيد الاشتراك والتغاير.. وعليه فالمنافقون يشتركون مع الذين في قلوبهم مرض
بالمرض وهو الريبة والشك وهم مختلفون عنهم بان المنافقين كفار في داخلهم اما الذين في قلوبهم مرض فقد يكونون ضعاف إيمان خالط
الشك قلوبهم




والواقع دل على ذلك وساهم المنافقون فعلا في ولادة هذا الصنف من المؤمنين الذين هم للأسف اسافين سوء تنخر في الدولة حتى تخربها
– حول (ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا)


ان الذي أخبر بان كنوز كسرى وقيصر ستؤول للمسلمين هو الرسول.. فما بال القوم يقحمون (الله) في افتراءاتهم؟


ان هذا الاسقاط النفسي يجعلنا ننتبه الى حقيقة هامة وهي ان قولهم دل على إيمانهم بهذه الصلة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وربه..
وعليه فانهم يتهمون الرب بما اتهموا به الرسول


وتلك من سقطاتهم التي لم يستطيعوا تجاوزها ونقلها الكتاب لنتعلم منها ان الفطن هو من ينتبه لخطاب عدوه الذي لا بد ان يسقط فيه ببعض غباء


– حول (يثرب)


التعبير عن المدينة بيثرب ورد في الكتاب هنا وهنا فقط بينما عبر عن المدينة باسمها في الأحزاب والتوبة والمنافقون


والذي جرى هو ان زعيم المنافقين كان قد خذل المؤمنين بقوله (يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا) وكان يعلم بغض الرسول عليه الصلاة
والسلام وكراهته لهذا الاسم حتى انه غيره لطابة او طيبة..


وعليه فان مثل هذه التسمية المنقولة عن متلون كابن سلول لن ينطق بها الا في حال كحال المسلمين في غزوة الأحزاب اذ القلوب
قد بلغت الحناجر والوضع في غاية الصعوبة بالنسبة للمسلمين
اما التسمية بالمدينة وورودها في الكتاب فكانت في سياق تشريع او قوة للمؤمنين حينها




– ما المقصد من قول ضعاف القلوب (ان بيوتنا عورة)؟
ان ما دفع الخبيث لمثل هذا العذر هو الصورة التي كونها المؤمنون لديه حول الشرف وحرمة النساء في البيوت..
فكان ان حاول الابتزاز بها بقوله اننا سنترك البيوت عورة من خلفنا ان نحن خرجنا وربما انتهكت محارمنا…




ان مما يؤيد ما ذهبنا اليه هو ان الله قال من بعد (وما هي بعورة) ردا على شبهة
قد تقع فعلا كمقتل في قلوب المؤمنين.. هي ليست بعورة فلا تكذبوا
نعم.. لم يكتف الكتاب بقول (ان يريدون الا فرارا) رغم انها الحقيقة.. لكنه سبحانه رد عليهم اولا ثم بين حقيقتهم…


هذا درس لي ولك.. لا تطلق الاحكام وان كنت محقا دون بيان الحال والرد على الشبهات فالمؤمنون فيهم الضعيف والكفار يتربصون
– قرأنا في الآية (ولو دخلت عليهم..) قوله تعالى (لآتوها).. هكذا بمد الألف.. فما معناها في السياق؟




قد قرئت الكلمة بمد الالف (لآتوها) وبهمزة (لأتوها) وعلى المد يكون المعنى انهم سيهبون المدينة للأعداء
ولن يجلسوا فيها من بعد الا يسيرا حتى لا ينكشفوا
وعلى القصر يكون المعنى انهم سيدخلونها ويطلقون الفتن ثم لن يلبثوا الا يسيرا حتى لا ينكشفوا
وعلى كلا القراءتين فان المنافقين بخبث يعززون الكارثة من الداخل بشكل يفوق اذى الأحزاب من أسفل المدينة وفوقها


– ان من يطلب الاستزادة بمزيد فهم للغزوة وظروفها سيكون اقدر على فهم سياق الآيات وهذه اللطائف..
لذا فاننا نوصي بمراجعة ما ورد في صحيح السيرة حول غزوة الخندق.


أعظم ما استفدت

ان دور ضعاف الإيمان الذين تهزهم العواصف وتكسرهم النوائب ربما كان أخطر من دور المنافقين والكفار…


والحذر منهم لا يكفي فهم


يعيشون بيننا ونحن مضطرون للتعايش معهم


لذا فان من وظيفة الدعاة والقادة ان يسعوا لتقوية الصف الداخلي وخلع بذور الفتنة والضعف قبل الكارثة


وللحديث بقية إن كان في العمر بقية