أحلى الذكريات .. قصة من نوع جديد ( إعادة)

الأدب النبطي والفصيح

نزلت قصتي مرة ثانية لأن الصفحة اللي نزلتها فيها أول كل ما أدخلها تقفل الصفحة ويقولي إلغاء الأمر أو الإنهاء الان! ... :(
_______________________________
الفصل الأول
الفرحة الغامرة


في أحد الأيام كنت مستلقيا على سريري أتصفح إحدى مجلاتي المفضلة، توقفت عند صفحة المقابلات وكان أحد الأسئلة التي وجهها الصحفي لضيفه _المعروف بمغامراته المثيرة_: ما هي أجمل الذكريات في نظرك؟ ، أجابه الضيف:أحلى الذكريات هي تلك التي لا تتكرر وتترك أثرا رائعا في نفوسنا..، أنهيت قراءة المقابلة وأقفلت المجلة، ثم أسندت رأسي على كلتا يدي، ( أحلى الذكريات هي تلك التي لا تتكرر وتترك أثرا رائعا في نفوسنا..، ) أخذت هذه العبارة تتردد في رأسي مرارا وتكرارا وأنا أفكر: لماذا لا يوجد شيء مثير في حياتي؟ شيء يصبح ذكرى جميلة لي عندما أكبر!! فأنا وبهذا الروتين الذي أعيشه لن تخلق لي ذكريات رائعة لا تتكرر! ، استمررت في التفكير حتى استغرقت في نوم عميق...
Let’s sing a song of the hungry cheep ….. Klep … klep … klap
استيقظت على صوت هاتفي المحمول وهو يغني هذه الأغنية..
- ألو
ـ السلام عليكم
ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . . من زمااان عليك يا لقاطع آخذتك علينا قد كدا يا باسم؟!!
ـ لا قاطع ولا يحزنون، وإنت كمان طيب لا حس ولا خبر من يوم ما خلصت الجامعة
ـ إيوه على سيرة الجامعة ما رح تاخد ترم صيفي؟
ـ لا ما أعتقد، وإنت؟
ـ استحالة . . يا أبوية إحنا ما صدقنا افتكينا نقوم نبلش نفسنا مرة تانية
ـ هههه والله إنك صادق، هيه أسمع..
ـ نعم
ـ الشباب ناويين ينضموا للكشافة . . إش رأيك لو نروح معاهم ها؟
ـ ممممم . . والله فكرة حلوة بس على فين رايحين؟
ـ يقولوا رايحين غابات الكانغو في أفريقيا
ـ يا سسسلاااااام والله فللللللة على الآخر
ـ ههههه إش مرة قد كدا تحب أفريقيا؟
ـ لا السالفة مو كدا . . أنا بأفكر إنو يمكن أصطد لي أسد ولا نمر، بصراحة حيكون شي قممممة في الإثارة . .
ـ واله إنك من جد . . من جد إنسان طموح يا وسام، طيب يا سيدي يسير أقولهم يسجلونا معاهم في الكشافة .. نشوفك على خير مع السلامة
ـ سلام
. . . آه يا لفرحتي ربما كانت هذه هي فرصتي لخلق ذكريات لا تنسى فما من مكان أشد إثارة من غابات لأفريقيا كم أنا متشوق للذهاب إليها..، خرجت من غرفتي ومجرة درب التبانة بأكملها لا تكاد تسعني من الفرحة
ـ هييه وسام ماشي كدا زي الأبله لا سلام ولا كلام
_ إنت هنا يا سارة معليش ما انتبهت لك
ـ سلامتك يا أخوية إشفيك؟
ـ لا ما فيني شي بس من كثر الفرحة .. آاخ ما رح تصدقي يا سارة حأروح غابات الكانغو في أفريقيا
ـ ماشالله هدي الفرحة كلها بس هشان كدا؟؟!!
ـ وهو في أحلى من كدا؟!
ـ الله يشفيك
سارة هي أختي التي تليني مباشرة وعمرها 17 سنة أي أصغر مني بثلاث سنوات
ولدي أخت وأخ أيضا، حلى وعمرها ست سنوات وأمجد وعمره 12سنة، ولكنني أسمي حلى وأمجد زعبوب وزعبوبة لأن هذين الاسمين يليقان عليهما في نظري .. أما عني أنا فسأعطيكم شرحا مفصلا! طولي مترين وأكثر، و أمتلك شعرا بنيا داكنا وكثيفا وعينين بنيتين فاتحتين، كما أنني شخصية مرحة جدا ولا أحب المشاكل .. أرجو أن أكون قد أعطيتكم فكرة كافية عني .. أليس كذلك؟!
أكملت سيري بفرح لا يقل عن سابقه لكنني توقفت فجأة ،آااه ما هذه الرائحة الجميلة؟! التفت إلى ناحية المطبخ فوجدت أمي تعد الطعام فأسرعت إليها
ـ أهلا بك يا سيمو (سيمو هو اسم الدلع الذي تناديني به أمي)
ـ ما هو الغداء اليوم يا أمي ؟
ـ إحزر؟
ـ مممم . . هل هو مكرونة بالبشاميل؟
ـ أجل .. لقد حزرت ههههه
ـ يا لهذا اليوم الرائع، شكرا لك يا أمي الغالية
قبلت رأس أمي وخرجت من المطبخ وأنا أغني وأمي تتبعني بنظراتها بسرور
ذهبت إلى غرفة الجلوس حيث تجلس سارة
ـ إش بتسوي يا سارة يا دبة؟ قلت هذه الجملة بنوع من ـ التريقة ـ
فأطلقت علي سارة نظرة مرعبة كدت أسقط أرضا على إثرها!!، يالها من فتاة!
ثم صرخت في وجهي قائلة: ما دب إلا إنت يا مفجوع كل حياتك أكل، ضحكت على كلامها وقلت: صحيح إني آكل كثير بس هدا مو شغلك يا حشري والمهم إني مني تخن زيك يا دبة، وألقيت نظرة متفحصة على نفسي تم نظرت إلى سارة وقلت بكبرياء: ماشالله علي رشيق زي الغزال! ، نظرت إلى سارة وقد اشتعلت بل واحترقت غضبا، ثم أخذت الريموت الذي كان على الطاولة التي بجانبها وقفزت على المقعد الذي خلفي برشاقة وفتحت التلفاز كان موضوعا على قناة الأخبار، قتل .. دمار .. تفجير .. اختطاف .. حروب لم كل هذا؟ ألا يستطيع الناس أن يعيشوا مع بعضهم البعض بسلام ووئام ومحبة؟! إنه بالفعل عالم غريب! ، أتساءل ياترى هل لو أن هنالك مخلوقات غيرنا تعيش في كوكب المريخ .. هل يا ترى ستكون تحب القتل والدمار؟ أم أنها ستكون مسالمة؟ ...
في الحقيقة لا أعلم!! ، على كل أدرت القناة وتوقفت عند قناتي المفضلة بقيت أشاهدها إلى أن أصبحت الساعة الرابعة.
ـ يا أولاد هيا الغداء جاهز
ـ حسنا يا أمي
وسرعان ما التفت العائلة الكريمة حول مائدة الطعام، فنحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ـ أما بالنسبة لي فأنا جائع 24 ساعة ـ
ـ ألم يعد أبي بعد؟ (وجه أمجد هذا السؤال لأمي)
ـ بلى يا ولدي ولكن يبدل ثيابه وسوف يأتي بعد قليل
ـ السلام عليكم
كان هذا صوت أبي وهو يدخل إلى غرفة الطعام ، رد الجميع عليه السلام ثم جلس في مكانه، وبينما الجميع مستغرق في الأكل قلت أنا : أبي أريد أن أخبرك بشيء
ـ وما هو يا بني؟
ـ اتصل بي صديقي باسم اليوم وأخبرني بأن أصدقائنا سوف ينضمون إلى رحلة مع الكشافة، لذا قررنا أن نذهب معهم . . طبعا بعد إذنك يا أبي المحترم
ـ هههه المحترم مرة واحدة، أهذا كله من أجل أن أوافق؟! . . اذهب يابني باركك الله فأنا موافق من غير إطراء
ـ بابا وأنا أيضا . . أريد أن أذهب (يا إلهي هذا الأمجد .. لا أفعل شيئا إلا ويريد أن يفعل مثله، إنه مثل ـ الشوكة في الحلق ـ )
ـ لا يا أمجد لا يمكنك ذلك فأنت لا زلت صغيرا على مثل هذه الأمور
ـ إهىء إهىء إهىء ـ ضحكنا كلنا على أمجد وبكائه المصطنع ـ
ـ شكرا . . شكرا جزيلا لك يا أبي
ـ عفوا يا بني، ولكن متى ستسافر ؟
ـ بعد أسبوعين من الآن بإذن الله
بعد ذلك ذهبت لصلاة المغرب في المسجد ثم عدت إلى المنزل وتحديدا إلى غرفتي، وبعد قليل . . طق ..طق .. طق
ـ ادخل
كانت أختي الحبيبة حلى هي التي طرقت الباب، دخلت إلى الغرفة بخطوات بطيئة وهي تنظر إلى الأرض وقد نزلت بعض خصلات شعرها الناعم على وجهها، قلت لها: تعالي واجلسي بجانبي يا صغيرتي، نظرت إلي بعينيها ذات اللون البني الفاتح وقد امتلأت بالدموع وقالت بصوت حزين: أصحيح أنك سوف تذهب وتتركنا يا وسام؟! ، أجبتها وقد امتلأ وجهي بعلامات التعجب والاستغراب : لا تقلقي يا صغيرتي فأنا سأذهب لمدة قصيرة فقط ثم أعود إليكم بإذن الله، أشرق وجهها بابتسامة رائعة أدخلت السعادة إلى قلبي وقالت : كنت أظن بأنك ستتركنا للأبد ، يال تفكيري الخاطىء
ثم ضحكنا معا، كم أحب أختي حلى فهذه الزعبوبة لطيفة جدا كما أنها تحبني أكثر من أي شخص آخر
ـ زعبوبة ما رأيك في أن نلون معا
ـ حسنا يا أخي الحبيب وسام
ركضت حلى نحو غرفتها كالفراشة لتحضر الألوان ودفتر الألوان، فقد اعتدنا أنا وزعبوبتي أن نلون معا، قد ترون أن ذلك تصرف طفولي .. ولكنني أرى بأن ذلك ممتع جدا مادام مع أختي الحبيبة حلى، فأي شيء سيكون أجمل مع حلى زعبوتي الحلوة
آاه كم سأشتاق إليها عندما أذهب إلى أفريقيا ..
ـ ها قد أحضرتها يا وسام
ـ إذن هيا بنا لنلون
وبعد أن أنهينا التلوين، رفعت حلى ورقها عاليا وقالت بصوت عال : هيييييه أنظر إلى لوحتي إنها الأجمل، حككت رأسي وأنا أقول : معك حق ! ، أجل فزعبوبتي موهوبة جدا، أما أنا . . هههههه مالت علي . .




الفصل الثاني
يوم السفر

كم أنا متحمس ليوم الغد فهو يوم السفر ، كم سيكون ذلك رائعا، والآن علي أن أذهب وأقضي اليوم كله مع أسرتي فأنا لن أراهم لمدة أسبوعين، دخلت غرفة الجلوس وقد كان كل أفراد أسرتي مجتمعين، ألقيت السلام عليهم وانضممت إليهم
ـ رح توحشنا يا ولدي
ـ والله إنتو اللي رح توحشوني أكتر يا غالية
بعد قليل قال أمجد : أما أنا الصراحة بالنسبة لي فكككة من وجهك ، بس برضوا جبلي معاك هدية
ـ يا واد ما تستحي على وجهك إنت، وكمان تبغى هدية أصلا إش تبغاني أجبلك؟؟ أسد ولا نمر ههههه ولا قررررد
ـ ما أدري بس لو يكون شيء أحلى يكون أحسن
ـ لا بالله صدقت إنت ووجهك إني بأجبلك شي منهم أصلا
ـ وسام أهم شي إنك تنتبه لنفسك يا ولدي
ـ إنشالله يا أبوية
ـ وإنت يا سارة ما تبغيني أجبلك شي؟
ـ لا أهم شي سلامتك يا أخوية الحبيب
ـ الله يسلمك
في الحقيقة استغربت كثيرا بأن هذا الكلام يخرج من فم سارة!، أهذا كله لأنني سأرحل عنهم أسبوعين فقط؟!، إذا كان الأمر كذلك فهذا جيد!!، بقيت معهم إلى الساعة العاشرة ونحن نتحدث في مواضيع مختلفة ولكنني لاحظت بأن حلى لم تتكلم أبدا بل إنها كانت صامتة وشاردة الذهن طوال الوقت .
ـ هيا يا بني عليك أن تذهب لتنام فسفرك في الصباح بإذن الله
ـ حسنا .. تصبحون على خير جميعا
ـ تصبح على خير
هكذا هي أمي دائما تعاملني وكأنني لازلت طفلا صغيرا، ولكنها طيبة جدا وتحرص على مصلحتي .. إنها أم رائعة ..
ـ وساااااااام .. ألم تستيقظ بعد؟! باسم ينتظرك في السيارة
باسم؟! .. سيارة؟! .. مالذي تهذي به سارة هل جنت؟! ، هاه .. لابل أنا اللذي جننت !! إنها الساعة الثامنة وأنا لم أستيقظ بعد ،ستفوتني الرحلة إن لم أسرع !!! ، وبسرعة خاطفة بدلت ثيابي وسرحت شعري وأخذت حقيبتي ثم مررت على أمي وأبي وودعتهما، ورغم عجلتي إلا أنني لم أنسي زعبوبتي الحبيبة، ذهبت مسرعا إلى غرفتها فوجدتها نائمة قبلتها بحنان وتأملت وجهها البريء قليلا ثم نزلت الدرج مسرعا . . هاهو باسم ينتظرني يا ويلي منه لقد تأخرت عليه كثيرا
ـ السلام عليكم
ـ وعليكم السلام .. بدري يا أفندي ليش ما أتأخرت أكثر؟!
ـ والله .. في الحقيقة .. والواقع ياصديقي العزيز إني ما صحيت إلا الساعة 8 وبصراحة يعني ما كان قصدي..
ـ لا والله .. طيب .. طيب حسابك بعدين دحين إحنا متأخرين ولازم نلحق الطيارة قبل ما يروحوا ويسيبونا
سار باسم بسرعة كبيرة وقد كدنا أن نصطدم بأكثر من سيارة، وأنا أصرخ خوفا وباسم يقول لي : يالخكري ماظنيتك خواف لدي الدرجة .. وبعدين أحسن تستاهل لأنك إنت اللي مأخرنا!
وصلنا المطار بسلام والحمدلله دون أي أضرار أو خسائر في الأرواح! ،أكملنا إجراءات الجوازات والتذاكر ثم قابلنا باقي الأصدقاء أو بالأصح فرقة الكشافة، ولم يمض وقت طويل حتى نودي للرحلة التي سنسافر عليها، حملنا حقائبنا وأسرعنا بالركوب
ـ آاه وأخيرا نحن في الطائرة، كانت الرحلة ستفوتنا بسبب بعض النااااس ...
قال باسم هذه الكلمات وهو ينظر إلي بنظرات استفزازية، لكنني تجاهلته وأسندت رأسي على الكرسي وأغمضت عيني، بعد عدة دقائق أقلعت الطائرة
ـ وسام .. وسام
ـ نعم يا ياسر
ـ تعال وانظر من النافذة إلى هذا المنظر الرائع
ـ حسنا أنا قادم
ـ واااااو إنه بالفعل منظر رائع، إن مدينتنا تبدو جميلة جدا من الأعلى .. باسم تعال وانظر
ـ لا أريد أن أتحرك من مكاني
ـ يالك من كسول ستفوت على نفسك روعة المنظر
ألقى إلي باسم بهاتفه المحمول فالتقطته بمهارة، ثم قال لي : إذا كان المنظر جميلا إلى هذه الدرجة فصوره لي حتى أشاهده فيما بعد!
هززت رأسي باستنكار وقد ارتسمت على وجهي ابتسامة هازئة وقلت : يالك من ولد !!
أمضيت الساعتين التاليتين وأنا أتنقل بين رفاقي كما أنني قد تعرفت على بعض الأصدقاء الجدد أيضا، لقد كنت مفعما بالحيوية والنشاط، بعد قليل أحسست بحركة غريبة في الطائرة ثم جاءنا صوت كابتن الطائرة قائلا : من كابتن الطائرة إلى الركاب لقد تعرضت الطائرة لعملية اختطاف والمختطفون يطلبون منا تغيير اتجاه الرحلة، لذا أرجو منكم التزام الهدوء وعدم القلق
يا سسسسلاام .. التزام الهدوء وعدم القلق ونحن مختطفون .. يالها من فكرة!!
ـ بسسس .. وسام مالذي سيحدث لنا ؟
ـ وما أدراني أنا اسأل المختطفين!
نظرت حولي فوجد أربعة أشخاص يحومون في الطائرة ذهابا وإيابا وفي يد كل منهم مسدس ذو شكل غريب، بلعت ريقي بصعوبة وأنا أنظر إليهم، شعرت بالعرق يتصبب من كل جزء في جسمي، لقد كان شكلهم مرعبا لهم أجساد ضخمة ووجوه عابسة، ناهيك عن عضلاتهم المفتولة وأصواتهم المخيفة التي يصدرونها من حين لآخر لإسكات من يهمس من الركاب
ـ هييه وسام أنا خائف جدا
ـ لاتخف فأنا معك
ـ هذا صحيح ههه
رغم أنني قد كنت خائفا بل ومرعوبا إلا أنني أخفف عن صديقي باسم بقولي أنا معك،هههه يالي من ذكي! . . لحظة . . أجل أنا ذكي فلم لا أستغل ذكائي في هذا الموقف فهم رغم قوتهم إلا أنهم على ما يبدو أغبياء جدا، ولو أنني اتفقت على خطة محكمة مع أصدقائي للتخلص منهم فإننا بالتأكيد سوف ننجح . . ولكن ما هي هذه الخطة؟!!، مممممم . . . أجل لقد وجدتها !!
----------------------------------------------------------------


ـ باسم .. باسم
ـ نعم
ـ لقد وجدت طريقة للتخلص من هؤلاء المجرمين، هل تساعدني؟
ـ هه هل جننت يا وسام؟!
ـ لا ولكن إن لم تكن ترغب بمساعدتي فسأنفذ الخطة وحدي ومن دونك وليكن ما يكن
ـ لا لا يا وسام فأنت صديق عمري ولن أتركك لوحدك في مثل هذا الظرف
ـ إذن فأنت موافق ؟
ـ أ .. أ . . أجل . . ولكن ماهي خطتك؟
شرحت لباسم الخطة بصعوبة فقد كنت حذرا بسبب منع المختطفين للكلام ومراقبتهم لنا
ـ والآن هذا هو الوقت المناسب، لقد ذهب اثنان منهم إلى مقدمة الطائرة وبقي اثنان هنا .. هيا بنا إلى العمل
ـ حسنا
انتظرت حتى اقترب أحدهما من المقعد الذي أجلس عليه ومددت قدمي أمامه فاصطدم بها ووقع على الأرض، أسرعت وقفزت عليه وطوقته بذراعي مقيدا حركته، وعندما لاحظ صديقه ذلك جاء يركض بسرعة نحوي،بينما أخذ باسم المسدس من المجرم الذي قبضت عليه ووجهه نحو الآخر ، ولكنه كان يتقدم نحو باسم دون تردد ولأن باسم يتقن رياضة الكاراتيه فقد وجه له ضربة قوية بقدمه أوقعته أرضا ثم أتبعه بضربة أخرى على رأسه أفقدته وعيه، بعد ذلك قيدناهما جيدا ببعض الحبال التي كانت معنا
ـ ياسر، احرسهما جيدا ريثما نقبض على البقية
ـ حسنا، ثق بي
ابتسمت ابتسامة رضا وثقة وقلت له : أجل أنا أثق بك يا صديقي، اتجهنا إلى مقدمة الطائرة حيث بقية المختطفين، وأعين الركاب الآخرين تتبعنا بنظرات مليئة بالخوف والوجل والترقب.
ـ هاهم أمامنا على بعد مترين يا باسم،كن حذرا
ـ أجل، بالتأكيد
سرت بهدوء شديد حتى بت قريبا جدا من أحدهما، فأمسكت بإحدى يدي يده التي تحمل المسدس بقوة، ووجهت المسدس الذي معي نحو رأسه بيدي الأخرى، وقلت له : ألق مسدسك وإلا! .. ، لم يعترض أبدا بل ألقى بمسدسه على الفور، لقد بدا ذليلا حقيرا وكأنه ليس هو الذي كان يرهب الناس قبل قليل!، وكذا فعل باسم مع المجرم الآخر، ولكنه بعد أن ألقى مسدسه وتظاهر بالاستسلام أخرج من جيبه سكينا كبيرا وأمسك به بكلتا يديه ليطعن به باسم حاول باسم أن يطلق عليه الرصاص ولكنه اكتشف بأن المسدس فارغ من الرصاص، كان كل من في الطائرة يصرخ بخوف شديد، أردت أن أطلق عليه الرصاص ولكنني خفت من أخطىء فتأتي الرصاصة في باسم، نظرت حولي فلم أجد شيئا يسعفني سوى عبوة مياه غازية التقطتها وألقيتها بكل ما أوتيت من قوة عليه بعد أن فتحت غطائها فانسكب ما بها من مياه غازية على وجهه وعينيه بينما ارتطمت العلبة برأسه وجرحته، مما أتاح لباسم الفرصة لأخذ السكين منه، فانهال عليه ضربا حتى انهارت قواه، ثم قدناه هو والآخر إلى مؤخرة الطائرة وقيدناهما كما فعلنا بسابقيهما، بقي باسم وياسر لحراستهم بينما ذهبت أنا لأخبر كابتن الطائرة بأنه لا داعي لتغيير مسار الرحلة لأننا قد قبضنا على المجرمين، كان كل من في الطائرة في غاية الفرح والسرور وهم ينظرون إلينا بتقدير وامتنان، وكم كنت سعيدا حين رأيت وجوه الأطفال وقد عادت إلى الابتسام في أمان بدلا من الخوف والهلع، في هذه اللحظة تذكرت أختي حلى . . ترى مالذي تفعله الآن؟
بعد ساعتين من ذلك الفيلم الذي وبفخر قد كنت أنا بطله .. وصلنا إلى وجهتنا، وفور نزولنا إلى المطار جاءت الشرطة وقبضت على المجرمين لينالوا العقاب المناسب، بينما كنت أنا وباسم وياسر نتلقى الشكر من أناس كثر، ثم جاء قائد الشرطة وشكرنا وقدم لنا هدية تذكارية، كم كنت فخورا بما فعلنا، رغم أنني لم أصدق بأن ذلك قد حصل فهو أشبه بفيلم أميركي!!، أحقا أنا فعلت ذلك؟!، إذا كنتم قد صدقتم ذلك .. فأنا لم أصدق بعد!!
ـ إذا فأنت فتى شجاع يا وسام ؟
التفت إلى مصدر هذا الصوت فوجدت أنه قائد فريق الكشافة السيد فريد ، فأجبته : ليس تماما، إنما هذه كانت إحدى فورات الشباب!
بعد أن خرجنا من المطار استقلينا باصا كبيرا حيث سيوصلنا إلى غابات الكانغو ...
ـ لقد وصلنا يا شباب
ـ ها نحن في غابات الكانغو .. وأخيرا
ـ أجل، أرجو أن نمضي وقتا ممتعا ومثيرا..


الفصل الثالث
مغامرات في غابات الكانغو

قام السيد فريد بتقسيمنا إلى مجموعات، كل مجموعة مكونة من عشرة أولاد وقائد كبير لهم، أما أنا فقد كنت مع باسم وياسر في مجموعة واحدة بقيادة السيد سمير، باشرنا على الفور بنصب الخيام وانتهينا من ذلك في أول المساء . .
ـ والآن يا شباب سيصحب كل مجموعة قائدها في جولة استطلاعية حول المكان، لذا أرجو منكم الالتزام بأوامر قائدكم والعودة قبل حلول الظلام ..
كانت هذه تعليمات السيد فريد قائد فريق الكشافة التي أعلنها بصوت عال بيننا.
ـ هل أنتم مستعدون يا شباب؟
ـ أجل يا سيد سمير
لا أخفيكم علما بأن الفضول قد كاد يقتلني فأنا أريد اكتشاف كل شيء في هذه الغابات الكثيفة ذات المساحات الشاسعة ورؤية كل مخلوق يعيش فيها ..
ـ واااو . . انظروا إلى تلك الطيور ذات الألوان الجميلة
ـ أجل، يا لها من طيور رائعة هذه هي المرة الأولى التي نراها فيها
كانت الطيور جميلة جداً ، تغرد بأصواتها الشجية وهي تطير فوقنا منتقلة من شجرة إلى أخرى، تمنيت للحظة لو أني أطير معها، وبينما أنا منسجم بمشاهدة الطيور خطوت خطوة إلى الوراء وأنا أحمل الكاميرا حتى أصورها وفجأة... اااااه .. ما هذا ؟!
ـ هههااااي
ـ إش اللي يضحكك دحين يا باسم ؟! ها قلي!!
ـ ههههه شوف إش وراك
نظرت خلفي فوجدت حمارا وحشيا، وعلى ما يبدو أنه هو الذي ركلني بقدمه، وجهت نظري نحو باسم وصغرت حدقتي عيني وأنا أقول: إذن لهذا كنت تضحك علي؟ سأريك!!
استمر باسم بالضحك علي غير مبال بتهديدي، ولكنني سأردها له وسوف ترى يا باسم !!!
بعد قليل لاحظت بأن المجموعة كلها ملتفة حول شيء ما وأصوات ضحكهم قد ارتفعت، اقتربت منهم لأعرف مالذي يثير ضحكهم إلى هذه الدرجة؟! وفور أن رأيت مالذي اجتمعوا عليه صعقت .. فالشيء الذي كان يثير ضحكهم قبل قليل لم يكن سوى صورتي وأنا أقع على وجهي إثر ركلة ذلك الحمار المتوحش لي وعلى ما يبدو بأنني عندما كنت أريد تصوير تلك الطيور ركلني الحمار وأنا أضغط على زر التصوير فأفلتت الكاميرا مني والتقطت هذه الصورة ..
آآاخ ... إلى متى هذه المهزلة والاستهزاء بي؟!، ستعرفون عما قريب من هو وسام؟!
ـ لقد شارفت الشمس على المغيب، هيا بنا علينا أن نعود إلى المخيم
ـ أوووه ليس الآن
ـ لا تهتم يا وسام فلدينا أسبوعين كاملين بإذن الله
ـ معك حق يا ياسر . .هيا بنا
عدنا إلى المخيم وقد حل الظلام جالبا معه الهدوء والسكينة، إن غابات الكانغو تبدو مختلفة جدا في الليل عنها في النهار ولكنها جميلة في كلتا الحالتين!
قمنا بإشعال الحطب النار مستخدمين في ذلك بعض الحطب، ثم جلسنا كلنا (الخمسين ولدا) حول النار التي أشعلناها حيث أنها كانت مصدر الضوء الوحيد وسط الظلام الدامس، تناولنا والذي كان عبارة عن معلبات السردين والتونة وبعض الفاكهة، بعد أن انتهينا من تناول العشاء قال السيد فريد: اليوم كان العشاء متوفرا أما في الغد لن يكون هنالك طعام لذا أنتم من سيحضر العشاء الغد وباقي الأيام التي سنقضيها هنا، وسيقوم قائد كل مجموعة بإعطاء كل فرد منكم بندقية صيد وبعض السهام وسيعلمكم كيفية الصيد بها.
أنهى السيد فريد كلامه ودخل إلى خيمته، إنه شخصية قوية وصارمة ولكنه طيب القلب على ما يبدو. بعد قليل دخلنا جميعنا إلى الخيام لكي ننام . .
ـ وسام ألم تنم بعد؟!
ـ لا، فليس في عيني نوم البتة
ـ ولا أنا، ما رأيك لو نخرج قليلا؟
ـ لست أمانع ...
ـ وعندما هممنا بالخروج من الخيمة ...
ـ وسام .. باسم، إلى أين؟
ـ أما زلت مستيقظا أنت أيضا يا ياسر؟!
ـ أجل
ـ إذن هيا تعال معنا فنحن سنخرج قليلا
ـ أنا قادم ..
استلقينا على العشب مسندين رؤوسنا على أيدينا، هب نسيم بارد على وجهي أشعرني بالانتعاش، يال روعة الطبيعة الخلابة وما أجمل هذا الهدوء إنه يرخي الأعصاب ويشعرني بالراحة بخلاف المدينة وضجيجها الذي لا يتوقف .
ـ ما أروع النجوم هنا ..
ـ أجل، إن السماء صافية جدا مما يجعل النجوم أكثر وضوحا
ـ إن عددها كبير جدا .. أوه هذه هي مجموعة الدب الأكبر
ـ أين يا وسام؟
ـ إنها هناك ..
ـ هذا صحيح لقد رأيتها
ـ استمتعنا كثيرا ونحن نتأمل النجوم، ليتك هنا يا حلى!، فكم تمنت أن تعد النجوم ولكنها لم تستطع لأن النجوم لا تكون واضحة في مدينتنا بسبب الأضواء الكثيرة..
ااه كم أشعر بالراحة والسعادة إن هدوء الليل جميل جدا
ـ عووووو ..عووووو ... عوووووووو
ـ ما هذا الصوت؟
رفعت رأسي بحركة سريعة فقد كنت على وشك النوم، وقلت: أي صوت يا باسم؟
ـ اسمع ..
ـ عووووو ..عووووو ... عوووووو .. عوووووو
ـ يا إلهي يبدو أنه صوت ذئاب!
ـ أجل هذا صحيح يا ياسر !!
دب الخوف في قلوبنا وتبادلنا النظرات بقلق، ثم قال ياسر: علينا أن نشعل النار فالذئاب كما تعلمان تخاف من النار، أشعلنا النار ببعض الحطب المتبقي ثم امسك كل منا بعصا فيها بعض النار،جلسنا في وضعية استعداد وأعيننا المتفحصة تجوب المكان يمنة ويسرة ...
_____________________________________________________________

ي ت ب ع ..
19
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حنين الوجدان
حنين الوجدان
عزيزتي..فراشة مفرفشة..
الحمد لله انك نزلتيهــا..مره ثانيــه :) ..
عشان كنت متشوقه أكملهــا..
بس مثل ماقلتي..كانت الصفحــه تعلق :( .. كل ماحاولت افتحهــا..او كل ماحاولت أرد..
المهم..كملي عزيزتي..أنا متابعتك :27: ..
لك كل الود..
حنين
فراشة مفرفشة
فراشة مفرفشة
شكرا جزيلا لك أختي الغالية حنين الوجدان على اهتمامك لقصتي
تحياتي لك
أختك فراشة :)

-------------------------------------------------
ـ هاهم إني أراهم!
ـ أين يا ياسر؟!
ـ خلف تلك الأشجار
ـ يا إلهي يبدو أن عددهم كبير
ـ ماذا سنفعل؟!!!
أخذت الذئاب تقترب منا أكثر فأكثر والخوف يسلك طريقه في قلوبنا أكثر فأكثر، حتى أصبحوا مقابلين لنا تماما.
ـ اسمعا .. حركا النار بسرعة في كل الاتجاهات
لم نتوقف عن تحريك النار، ولكن على ما يبدو أن هذه الذئاب شرسة جدا!
ـ باسم .. ياسر حاولا أن تلهيانهم ريثما أذهب وأبحث عن بندقية أو ما شابه
ـ حسنا
يا إلهي أين يمكن أن تكون؟! لقد بحثت عنها في كل مكان يمكن أن تكون موجودة فيه!، وبينما أنا أسير تعرقلت بأحد الحجارة ثم أمسكت بها وقلت: أجل هذا هو المطلوب، ملأت إحدى الحقائب بالحجارة وأسرعت إلى باسم وياسر، ولكنني عندما وصلت إليهم وجدت باسم وقد انقض عليه أحد الذئاب وأوقعه أرضا وباسم يحاول جاهدا أن يدافع عن نفسه بينما ياسر يحاول إبعاد الذئاب الآخرين..
ـ ياسر أعطني النار التي معك وخذ هذه الحقيبة إنها مليئة بالحجارة قم برميها على الذئاب
فتح ياسر الحقيبة وأخذ يرمي الحجارة على الذئاب الواحدة تلو الأخرى، هرب بعضهم ولكن بقي حوالي خمسة ذئاب لم يتراجعوا بل ازدادوا شراسة .
ياااارب ساعدنا .. ، أخذت النار وأسرعت نحو الذئب الذي يتعارك مع باسم ووضعت النار على وجهه فأخذ يعوو بصوت عال إلى أن ترك باسم ثم هرب .
ـ شكرا لك يا وسام لقد أنقذت حياتي
ـ لا شكر على واجب، علينا أن نسرع لنساعد ياسر فهو الآن وحده ضد خمسة ذئاب شرسة!
ذهبنا إلى ياسر وقد كان الدم ينزف منه!
ـ ياااسر . . . مالذي حدث لك؟!
ـ لا تهتم بذلك الآن .. اذهبا وأيقظا السيد سمير
ـ أجل .. حالا
ذهب باسم لإيقاظ السيد سمير وبقيت أنا مع ياسر الجريح، لم تمض دقيقتان حتى أتى باسم ومعه السيد سمير حاملا معه بندقية .. أخذ يطلق النار على الذئاب حتى سقط اثنان منهم وهرب واحد وبقي اثنان
ـ باسم ابقى مع ياسر وأنا سأساعد السيد سمير
ـ اذهب .. كان الله في عونكما
كنت أمسك النار بيد وأرمي عليهم الحجارة بالأخرى وعندما انحنيت لألتقط الحجر لمحت أحد الذئبين وهو يقفز نحوي فقلت لنفسي إنني هالك لا محالة!، وبعد قليل فتحت عيني فلم أجد أي ذئب فوقي وعندما التفت إلى يميني وجدت أحد الفتيان في فريق الكشافة والذئب قد انقض عليه وأخذ يعضه في كل مكان من جسمه والدم يسيل منه حتى غطى ثيابه!، كدت أصاب بالجنون مما رأيت فقفزت فوق الذئب بلامبالاة بما سيحدث لي وأخذت أضربه بكل ما آتاني الله من قوة حتى ترك ذلك الولد ولكنه رما بي على الأرض وصعد فوق صدري . . شعرت بأن نفسي قد توقف وأنني لا أستطيع الحراك، وبينما أنا على هذه الحال جاء باسم وركل الذئب على وجهه بقوة لدرجة أن الدم قد سال من وجهه فابتعد عني وتوجه نحو باسم وهو مكشر عن أنيابه ولكنه ما لبث أن سقط أرضا إثر رصاصة أطلقها عليه السيد سمير.
ـ الحمد لله وأخيرا (قلت هذه الكلمات وأنا أتنهد تنهيدة ارتياح )
ـ أجل لقد كان أمرا فظيعا
ـ ولكن لما توقظوني منذ أن أتت الذئاب؟!
ـ لا أعلم يا سيد سمير ربما من شدة التوتر والخوف!
ـ ههههههه معك حق
توجهت على الفور نحو ذلك الفتى الذي أهلكه الذئب ـ وعلى ما أعتقد بأنه أصغر فرد في فريق الكشافة ـ وقلت له: مالذي دفعك إلى تعريض نفسك للخطر؟
ـ استيقظت على صوت عواء الذئاب فشعرت بالخوف الشديد ونظرت من خلال فتحة صغيرة في الخيمة فرأيتكم وأنتم تتعاركون مع الذئاب فقلت لنفسي: لم لا أساعدهم؟، خرجت من الخيمة بعد تردد وعندما رأيت ذلك الذئب يهم بالانقضاض عليك .. ولا أعرف كيف ولماذا تلاشى ذلك الخوف تماما فقفزت نحوه محاولا إبعاده عنك فكان ما كان ..
أحسست بالضعف أمام هذا الفتى الصغير الذي لم يتجاوز ارابعة عشرة من عمره فهو رغم صغر سنه إلا أنه شجاع جدا، وفي الوقت ذاته شعرت بالتقدير والامتنان نحوه ..
ضممته إلى صدري بحنان وأنا أقول: إنك بالفعل شجاع .. شجاع جدا، ولا أعلم لماذا انسابت دمعتان من عيني ..، بعد ذلك نظر إلي وقال: شكرا لك
ـ أنا من يجب علي شكرك ولست أنت! فقد أنقذت حياتي
ابتسم لي وقال: لست أنا، فلولا إرادة الله لما أنقذتك!
ـ ونعم بالله، أنت بالفعل فتى رائع!
نظرت إلى ملابسي فإذا هي مليئة بالدماء خفت بادىء ألمر من أن أكون قد جرحت ولكنني تذكرت بأنني قد ضممت ذلك الفتى وهو غارق في دمائه وكما ما يبدو بأن دمائه انتقلت إلى ملابسي، ياله من مسكين!
رفعت رأسي نحوه وقلت له: هيا عليك الآن أن تدخل إلى الخيمة حتى نداوي لك جراحك
وضعت إحدى يديه حول رقبتي وأمسكت بوسطه مساعدا إياه على النهوض، وصلنا إلى الخيمة فأجلسته برفق ثم قلت له: سأذهب قليلا لأطمئن على صديقي .. انتبه لنفسك ريثما أعود، هز رأسه موافقا وابتسامة عذبة تعلو وجهه، بعد ذلك ذهبت إلى الخيمة التي يوجد فيها باسم وياسر ـ أي خيمتنا ـ دخلت إلى وألقيت السلام فرد علي باسم والسيد سمير، أما ياسر فلم يرد علي أو أنه رد بصوت منخفض ـ ربما من شدة التعب ـ اقتربت منه وربت على كتفه برفق
ـ كيف حالك الآن؟
ـ أفضل بإذن الله
ـ الحمد لله ..
كانت يد ياسر اليمنى مليئة بالجراح وكذلك قدمه اليسرى، قام المسئول عن الإسعاف بتضميد جراحه وعندما انتهى من ذلك قلت له: يوجد فتى جريح في الخيمة الثانية أرجو أن تساعده
ـ إذا خذني إليه
مسكين هذا الفتى بالفعل، فجراحه بليغة جدا وهذا كله بسببي، كنت أشعر بالذنب في كل مرة يتألم أو يتأوه فيها عندما كان المسعف يعقم له جراحه ويقوم بمداواتها .. ولكن الحمدلله على كل حال.
دخل منتصف الليل ونحن لم ننم بعد لذلك جلست مع ذلك الفتى ـ والذي لم أسأله حتى عن اسمه، فأنا لا أريد أن أتعبه ـ حتى اطمأننت عليه وأنه بخير ، ثم عدت إلى خيمتنا فوجدتهم وقد ناموا جميعا والصمت يعم أرجاء الخيمة إلا من أنين ياسر، شافاك الله يا صديقي العزيز، بعد قليل نمت أنا أيضا ..
__________________________________________________
استيقظنا لصلاة الفجر، والحمد لله بأن ياسر قد أصبح بخير، بعد أن انتهينا من أداء الصلاة جاء إلينا السيد فريد وربت بيديه على كتف ياسر وعينيه تتنقلان بيننا أنا وياسر وباسم وهو يقول: أنتم فتية رائعون حقا .. لا بل أنتم رجال رائعون .. لقد أنقذتم جميع الفريق من هجوم الذئاب.
أطلق باسم وياسر ضحكة خفيفة، أما أنا فقد اكتفيت بالصمت..
ـ ولكن هنالك فتى يستحق الشكر أكثر منا يا سيدي!
ـ ومن هو هذا الفتى يا وسام؟
ـ في الحقيقة لا أعرف ماهو اسمه إذ لم تسنح لي فرصة سؤاله عن اسمه ولكنه في تلك الخيمة .. عندما لاحظ بأن الذئب يهم بالانقضاض علي قفز نحوه محاولا إبعاده عني ولكن الذئب لم يرحمه بل أخذ يعضه بشراسة .. لقد سبب له جراحا بليغة وأخذ الدم يسيل منه حتى صبغت ثيابه باللون الأحمر!
أنهيت كلامي ثم نظرت إلى السيد فريد وملامح وجهه تدل على الدهشة والاستغراب والتقدير والإعجاب لهذا الفتى، وأخيرا قال: إنه بالفعل فتى شجاع!!
اتجه السيد فريد نحو الخيمة التي أشرت له عليها فتبعناه ثلاثتنا بفضول ..
ـ أهذا هو الفتى الذي تقصده يا وسام؟
ـ أجل سيدي
ـ كيف حالك؟
ـ الحمد لله .. أفضل من الأمس
ـ حدثني عنك وسام وقد أثرت إعجابي كثيرا أيها الرجل
ـ أنا .. رجل!!
ـ أجل .. وهل ما فعلته ينسب إلى غير الرجال؟!
ثم ضحكنا جميعا .. إن السيد فريد رجل مرح وصارم وقوي وطيب القلب!، إنني أكتشف فيه كل يوم صفة جديدة ولكنه كلها صفات متضاربة!!
ـ ما هو اسمك يا عزيزي؟
ـ محمد
ـ عاشت الأسامي يا محمد
ـ شكرا لك
بعد ذلك غادر السيد فريد الخيمة وبقينا نحن محمد، أخذنا نحدثه عن أنفسنا وحدثنا هو أيضا عن نفسه فازدادت معرفتي لهذا الفتى ـ أقصد الرجل! ـ وشخصيته ويبدو أننا سنصبح أصدقاء
ـ هيا يا شباب سنتأخر عن المجموعة
ـ حسنا يا باسم، إلى اللقاء يا محمد نرك لاحقا
ـ إلى اللقاء
ـ نتمنى لك الشفاء العاجل
ـ شكرا
بعد ذلك أعطى السيد سمير كل واحد منا بندقية وبع السهام مع القوس، قلت لباسم وأنا أنظر إلى بندقيتي وأبتسم: يبدو أننا سنمضي يوما مميزا
ـ أتمنى ذلك ولكن .. حذار من أن تطلق علي رصاصة بالخطأ يا فالح!
ـ مالذي تقصده؟ .. أتعتقد بأنني سأطلق النار هنا وهناك كالمغفلين؟!
قلت هذه الجملة مصطنعا الغضب .. ثم رفعت حاجبي وابتسمت ابتسامة مائلة ونظرت إلى باسم بعينين نصف مغمضتين
ـ أنا يا صديقي صياد محترف حتى أنني لا أحتاج إلى تلقي التعليم من السيد سمير على كيفية الصيد
ـ أأنت واثق من ذلك يا وسام؟
فتحت عيني عن آخرهما ونظرت خلفي لأجد السيد سمير والذي نطق بتلك الجملة ينظر إلي منتظرا مني الجواب ..
ـ أنا .. لم .. أقصد ذلك يا سيدي .. ولكني .. كنت أمزح فقط!
أمسك السيد سمير بكتفي وهو يضحك ثم قال: إذن هيا بنا فلا وقت لنضيعه
ـ إنك تستحق ذلك يا وسام (همس باسم بهذه الجملة شامتا بي)
ـ سأثبت لكم صدق كلامي عندما أصطاد عشاء الليلة . . . وحدييي !
ـ سنرى!
جمعنا السيد سمير وباشر بتعليمنا على كيفية استخدام البندقية وكيفية إطلاق السهام وقد كان الأخير أكثر صعوبة . . على الأقل من وجهة نظري!
ـ والآن يمكنم التجوال في الغابة وابحث عن صيد لكم .. أرجو لكم حظا موفقا
-----------------------
ـ إننا نسير منذ نصف ساعة ولكننا لم نجد أي حيوان يؤكل!
ـ كن صبورا يا باسم . . الصبر مفتاح الفرج!
ـ أجل، كلام ياسر صحيح يا متسرع
ـ أنا متسرع .. إذا ماذا تكون أنت؟
ـ أنا أكون ... أسسسس .. لا تصدرا أي صوت إني أرى غزالا كبيرا هناك .. ههه سيكون عشاءنا الليلة
ـ أنا من سيصطاده
ـ لا يا باسم توقف .. سيفلت منا!
ركض باسم نحو الغزال ثم صوب بندقيته نحوه ولكن وبسبب تسرع باسم لاحظه الغزال وهرب
ـ تبا .. لقد أفلتت مني ..
قلت مقلدا باسم: تبا لقد أفلت مني ... طبعا سيفلت منك بهذه الطريقة يا ذكي!
ـ لا تهزأ بي!
ـ هذا يكفي توقفا .. سنجد صيدا أفضل منه بإذن الله
أشحت بوجهي عن باسم في الوقت نفسه الذي أشاح هو بوجهه عني، وبعد قليل شاهدت غزالا آخر ... لا بل خمسة ... هذا رائع ولكني هذه المرة لم أخبر أحدا حتى لا يفسد باسم علي صيدي .. سرت بخطوات بطيئة وحذرة ثم اختبأت خلف إحدى الأشجار الصغيرة وصوبت بندقيتي نحو أكبر غزال فيهم .. وأطلقت النار
راااااائع .. أجل لقد أصبته .. هذا راااائع
وقع ذلك الغزال أرضا إثر رصاصتي التي اخترقت قدمه ... فهرب بقية الغزلان مذعورين، قلت لنفسي: ولكن هذا العمل يخلو من الرحمة! . . . لا .. لا فأنا سأنقذ به مجموعة كبيرة من الجوع، ثم إنني لن أفعل ذلك دائما فقط هذه الأسبوعين التي سنمكثها هنا!
بعد ذلك أخرجت حبلا من حقيبتي وربطت به رقبة الغزال ثم ساعدته على النهوض وأمسكت بطرف الحبل سائقا الغزال إلى باسم وياسر ..
---------------------------------------------------
ي ت ب ع ..
فراشة مفرفشة
فراشة مفرفشة
ـ surprise
ـ مو معقووول ...
ـ إلا معقول ونص يا باسم، شفت كيف؟
ـ يعني سويتها يا وسام ... رائع!
ـ هههه إيوة يا ياسر هدا وساااام مو أي أحد تاني!!
ـ دحين لازم نوديه للمخيم
ـ إيوه يالله
سرنا ببطىء لأن الغزال كانت قدمه تؤلمه بسبب الرصاصة، وعندما وصلنا إلى المخيم وجدنا السيد سمير يجلس مع السيد فريد ويتحدثان معا ولكنهما فور أن رأونا توقفوا عن الحديث والدهشة والسعادة قد سيطرت عليهما ..
ـ أحسنتم يا أولاد .. إنه غزال كبير سيكفينا جميعا .. هذا رئع!
ـ ولكننا لم نفعل شيئا .. وسام هو اللذي اصطاده
ـ إذن كان كلامك صحيحا يا وسام! (قال السيد سمير هذه الجملة مازحا ثم أتبعها بضحكة طويلة .. فشاركناه الضحك)
بعد ذلك أخذنا الغزال وربطناه بجذع شجرة قرب المخيم ثم عدنا للبحث عن شيء آخر نصطاده
ـ إنه أرنب . . سأمسك به
قال باسم هذه الكلمات واختفى وعلى ما أعتقد بأنه ذهب ليركض خلف الأرنب!
ـ وسام .. انظر إلى هذه الفاكهة تبدو لذيذة جدا
ـ أجل
ـ ما رأيك بأن تتسلق الشجرة وتقطف الفاكهة ثم تلقي لي بها .. فأنا لن أستطيع تسلق الشجرة بسبب إصابة قدمي كما تعلم!
ـ سأفعل يا صديقي وسأقطفها كلها
لم يكن تسلق الشجرة صعبا أبدا، لأنني منذ أن كنت في المرحلة المتوسطة كنت أتسلق الأشجار مع أصدقائي كي نتدرب على تسلق سور المدرسة والهرب أثناء الفسحة . . ههههه ولا زلت أذكر باسم عندما كان يتأخر عنا فيقبض عليه المعلم متلبسا بالهرب .. كم هي جميلة أيام المدرسة ..
ـ وسام ألن تبدأ بقطف الفاكهة؟
ـ بلى .. حالا
أخذت أقطف الفاكهة الواحدة تلو الأخرى وياسر يلتقطها ويملأ بها حقيبته، وبعد أن انتهيت نزلت من الشجرة وألقيت نظرة على الحقيبة المملؤة بالفاكهة
ـ ماشاء الله كمية كبيرة
ـ إيوة وبعدين ببلاااش هههههههه
ـ ههههههههههههههه
ـ فين باسم ماجا إلين دحين؟
ـ ههههه .. تلاقي لساه بيلحق ورا الأرنب!
ـ أهو جا !
ـ إيوة .. ومعاه .. أرنب
ـ لأ ... دول ستة!
ـ أوف .. كانت مطاردة الأرانب شي متعب بالمرة
ـ ما أعتقدت بأنك تقدر تمسك واحد ... لكنك مسكت ســــتــــــــة !!
ـ الله أكبر عليك .. قول ماشالله يا حسودي!
ـ ههه ماشالله (عيني عليك باردة)
ـ أشوا ..
بعد ذلك عدنا إلى المخيم ومع حلول الظلام بدأنا مع باقي فريق الكشافة بإعداد الطعام وعلى مايبدو بأن هنالك غيرنا من الأولاد من اصطاد بعض الحيوانات ولكن لا شيء يضاهي غزالي طبعا!!!، أوه كدت أسى محمد .. ألقيت بالحطب اللذي كنت أحمله في يدي وركضت نحو الخيمة التي تركنا محمدا فيها ..
ـ إلى أين يا وسام؟!
ـ سأعود بعد قليل ..
دخلت إلى الخيمة فوجدت محمد جالسا لوحده، ياله من مسكين لقد ضاعت عليه متعة الرحلة . . . بسببي
ـ السلام عليكم
ـ وعليكم السلام
ـ كيف هو حالك الآن؟
ـ بخير والحمدلله .. هل اصطدت شيئا؟!
ـ أجل .. ولن تصدق مالذي اصطدته!
ـ ماذا؟
ـ إنه غزال .. غزال كبير!
ـ حقا!
ابتسم محمد قليلا ثم أخفض رأسه بحزن، فأدركت بأنه حزين لأنه لم يستطع الخروج والاستمتاع بياصيد معنا، فقلت متداركا: محمد .. بما أنك قد حسنت فسنأخذك معنا غدا
ـ ولكنني لا استطيع السير على قدمي من شدة الألم!
ـ لايهم ستأتي معنا وسأحملك على ظهري
ـ شكرا لك ياوسام .. أنت شاب رائع!
ـ لا شكر على واجب .. والآن هيا بنا إلى الخارج .. فالهواء في الخارج منعش جدا
خرجت من الخيمة بصحبة محمد اللذي كان يستند علي في مشيته ثم طلب مني أن أجلسه قرب أصدقاءه، أجلسته ثم أسرعت إلى ياسر الذي قد كدت أن أنساه ولملمت الحطب الذي ألقيته، ثم أكملنا العمل مع البقية وأشعلنا النار لشي الغزال والأرانب وبعض الطيور التي اصطادها الآخرون
ـ ممممم .. كم هو لذيذ هذا الغزال
ـ هههه ... الحمدلله أنه أعجبك يا محمد
ـ كيف لا يعجبني وهو من يديك؟!
ـ هههههه (تسلم)
بعد أن قدمت لمحمد الطعام انضممت إلى رفاقي
ـ صيد موفق .. وسام
ـ شكرا لك يا ياسر
قال باسم باستعلاء: ولكن أرانبي ألذ طعما
ـ ياااااك .. إش دا ؟ مرة طعمها سيء!
نطق ياسر بهذه الكلمات بعد أن تناول لقمة من أرانب باسم المشوية ، فقال باسم: كنت أحسبها طعمة! ،ضحكنا جميعا على باسم وأرانبه ... اللذيذة!!!
في اليوم التالي وعندما كنا على وشك الذهاب إلى أعماق الغابة ...
ـ يا إلهي .. كدت أنسى !!
فراشة مفرفشة
فراشة مفرفشة
ـ ما بك يا وسام؟ لقد أفزعتني!
ـ أنا آسف يا باسم ولكن أرجو منك أن تنتظروني دقائق فقط ..
أجل .. الحمد لله بأنني قد تذكرت وعدي لمحمد قبل أن نذهب ، أسرعت إليه فوجدته جاهزا للذهاب .. هف .. الحمد لله، حملت محمدا على ظهري ومن حسن حظي أنه كان نحيلا ، مشينا إلى أن وصلنا إلى مكان ممتلىء بالأشجار الكثيفة حتى أننا كنا نزيح أغصان الأشجار من أمامنا حتى نتمكن من السير، وفجأة .. آاااه .. النجداااااة ..
ـ إنه صوت باسم!!
ـ مالذي حدث له؟ .. أرجو أن يكون بخير!
أخذنا نركض باتجاه صوت باسم وهو يصرخ ويستنجد
ـ أنا هناااا!
نظرت إلى ناحية اليمين فوجدت باسم وقد سقط في بحيرة صغيرة من الوحل ...
ـأنقذني بسرعة يا وسام أنا خائف من أن تبتلعني هذه المياه الوحلة !
ـ ههههههه .. (الله يرجك يا باسم، على بالك إحنا في فيلم كارتون؟!)
ـ إش اللي يضمني؟ .. يمكن!
أنزلت محمد من على ظهري وأجلسته على جذع شجرة ملقى على الأرض، ثم أخرجت حبلا من حقيبتي وناولته لباسم الذي أمسك به بكل قوة، ثم سحبناه أنا وياسر إلى أن أخرجناه
ـ ياااااااع .. شكلك مو بس مقرف!!
ضربني باسم على كتفي مازحا ثم قال: بدل ما تقولي الحمدلله على سلامتك ياصاحبي يا حبيبي كنت حتروح مننا تقوم تتريق عليا؟!!
ـ خلاص ولايهممممك سلامات .. ولو إنك ماشالله زي العفريت ما عمره يسرلك شي!! .. قلت كلامي هذا ومددت لساني مغيظا باسم، فغرقنا جميعا بالضحك، ثم أكملنا طريقنا وبينما نحن نسير مر أمامنا قرد صغير
ـ هههههااااااي .. شوفوا دا القرد يشبه وسام .. سبحان الله يخلق من الشبه أربعين!!
ـ هيييييي ما تضحك يا باسم ... وبعدين إنت شكلك أحول تقارن القمر بالقرد .. الله يشفيك بس
ـ هه قال قمر قاااال !
_ شكله في مجموعة قرود كبيرة قريبة من هنا
ـ صح يا ياسر والدليل إنه داك القرد الصغير مستحيل يبعد عن مجموعته مسافة كبيرة!
سرنا في الاتجاه الذي سار فيه ذلك القرد الصغير وبعد دقائق ..
ـ صح .. صح كلامك يا ياسر
نطقت بهذه الجملة عندما وصلنا إلى منطقة مليئة بالقرود وعلى ما يبدو بأن ذلك القرد الصغير أحد صغارهم
ـ أؤأؤأؤ أء أء أء إي إي ... أؤأؤأؤ أء أء أء إي إي أء أء
ـ وسام خير إنشالله .. إشبك؟
ـ ههههههه ما تدري يا محمد أنا أكلم القرود !
ـ هههههههه من جدك إنت؟
ـ أجل أمزح!
ـ ما عليك يا محمد هو على باله إنه طرزان
ـ لا وأحسن منه عندك شي؟
ـ خلاص .. خلاص .. أنا آسف ياطرزان .. أتوووب
ـ هههههههههههه ( كانت هذه الضحكة صادرة من فوق رأسي! .. أعني من محمد الذي أحمله!)
بعد قليل أخذت القرود تلقي علينا الموز مما أزعجنا كثيرا فاضطررنا لمغادرة المكان وعلى ما يبدو أنهم لا يرحبون بنا!
------------------------------------------
مضت الأسبوعين سريعا .. لا بل سريعا جدا، ولكنها كانت مليئة بالأحداث الجميلة والمثيرة .. لقد كانت رحلة رائعة جدا ..
ـ ألم تنتهي من حزم أمتعتك يا وسام؟
ـ بلى ..
ـ إذن هيا بنا فالجميع بانتظارنا
ركبنا الباص ذاته الذي أوصلنا إلى هنا ولكنه هذه المرة أوصلنا إلى المطار .. إلى اللقاء يا غابات الكانغو .. لن أنسى الأيام التي قضيناها فيك لأنها كانت من أروع الأيام في حياتي ..
كانت رحلة العودة طويلة جدا أطول من رحلة الذهاب ( أو هكذا ظننتها!)
فراشة مفرفشة
فراشة مفرفشة
الفصل الرابع
قلبي يتمزق!!

" نرجو من السادة الركاب ربط الأحزمة وذلك استعدادا للهبوط"
هبطت الطائرة ونزلنا منها ثم توجهنا نحو السيد فريد والسيد سمير لوداعهما فربما كانت هذه هي المرة الأخيرة التي سنراهم فيها .. بعد أن ودعناهما توجهنا إلى حيث كان يجلس محمد
ـ محمد ..
رفع محمد نظره نحوي وقال: نعم
ـ سأفتقدك كثيرا أيها الصديق ..
ـ وأنا أيضا يا وسام .. رغم أن معرفتي لك لم تتجاوز الأسبوعين إلا أنني قد أحببتك كثيرا وأحسست بأننا صديقان من زمن طويل
ـ شعور متبادل يا عزيزي ..
ـ وسام .. أيمكنك أن تعطيني رقم هاتفك؟ .. إذا سمحت؟!
ـبالطبع!، وأنت أيضا أعطني رقمك ..
بعد أنت تبادلنا أرقام هواتفنا سلم باسم وياسر على محمد وتواعدنا على أن نتقابل فيما بعد ـ والآن إلى اللقاء يا محمد .. اعتني بنفسك جيدا يا عزيزي
ـ إلى اللقاء .. في أمان الله
ختمت لقائنا بابتسامة عريضة، ثم توجهنا إلى خارج المطار حيث استقلينا أنا وباسم إحدى سيارات الأجرة أما ياسر فقد كان أخوه الأكبر في استقباله ، توقفنا عند منزل باسم أولا ..
ـ إلى القاء يا وسام .. أراك لاحقا
ـ إلى اللقاء
كان منزلي يبعد عن منزل باسم مسافة ثلث ساعة ..، كم اشتقت إلى أختي حلى! وإلى أمي وأبي وأمجد وسارة كذلك .. رغم أنها ليست بالمدة الطويلة التي غبتها عنهم إلا أنني قد اشتقت لهم كثيرا، ترى ماذا ستكون ردة فعل حلى عنما أخبرها بمغامراتي هناك؟! وأمي .. لا بد وأنها ستندهش عنما أحكي لها عن معركتنا مع الذئاب ههههه، أما أبي فلا بد وأنه سيكون فخورا جدا عندما أخبره بأنني أنا وباسم قد قبضنا على مختطفي الطائرة، أخرجت من حقيبتي علبة وردية اللون وهي هديتي لأختي حلى التي اشتريتها لها من المطار، كان منقوشا عليها بعض الأزهار الملونة وبداخلها دب صغير ذو فرو ناعم .. أرجو أن تعجبها هديتي ولا سيما أنها بلونها المفضل
ـ هذا هو منزلي .. توقف
أعطيت السائق أجره ثم نزلت من السيارة وقرعت جرس باب المنزل ولكن لم يرد أحد .. تذكرت مفتاح المنزل معي فلماذا أقرع الجرس؟! فتحت الباب ودخلت المنزل ولكنه كان ساكنا وهادئا لدرجة لا تدل على وجود أحد في المنزل، بحثت عنهم ولكني لم أجد أحدا ثم صعدت إلى الأعلى ولكني لم أجدهم هنالك أيضا ! .. عسى أن يكون خيرا!
أخرجت هاتفي المحمول من جيب بنطالي واتصلت بهاتف أمي ولكنها تأخرت بالرد علي .. أخذت أمرر يدي على شعري بعصبية وتوتر، وأخيرا ردت علي ..
ـ ألو ..
ـ السلام عليكم
ـ وعليكم السلام .. هل عدت يا بني؟
ـ أجل يا أمي .. ولكن أين أنتم؟ لقد عدت متشوقا للقائكم ولكنني لم أجدكم!
مرت لحظات صمت حسبتها سنوات، ثم جاءني صوت أمي حزينا
ـ إنها حلى ..
ـ حـــلــــى !!! ما بها أحدث لها مكروه ؟؟!! أجيبيني يا أمي أرجوك !!!
أخذت أمي بالبكاء وأنا أكاد أموت ثم جاءني صوت أمي مرة أخرى كالصاعقة
ـ إنها .. مصابة بـــ ... سرطان في الدم!! وهي الآن في العناية المركزة!، ثم أجهشت أمي بالبكاء .. لم أتمالك نفسي من هول الصدمة ! فأخذت أصرخ في الهاتف بجنون: أمي أرجوك قولي لي بأنك تمزحين قولي ذلك يا أمي أرجوك!!
ـ ليت الأمر كان كذلك يا بني .. ليته كان كذلك
استمرت أمي بالبكاء، أما أنا فأحسست بالدنيا وهي تدور من حولي .. وسقط هاتفي من يدي ليهوي على الأرض .. تمنيت لو أنني كنت أحلم ولكنني في الواقع .. وواقع مر جدا يا إلــــــهي أنا لا أصدق .. لا أصـــــــدق ذلــــــــك!!
جلست على الأرض ثانيا ركبتي وأجهشت بالبكاء كطفل صغير رغم أنني لم أبك على أي شيء مهما كان منذ سنوات .. ولكنني هذه المرة لم أستطع أن أتمالك نفسي فهذه أغللى إنسانة على قلبي!!، وبعد فترة ليست بالطويلة تسلل إلى أذني صوت الأذان إنه أذان العصر نهضت من مكاني وتوضأت ثم اتجهت إلى المسجد لصلاة العصر وأخذت بالدعاء لأختي حلى بالشفاء العاجل وبأن يحفظها الله من كل مكروه، أنهيت الصلاة ثم توجهت إلى المشفى الذي هم فيه وقد سألت أمي عنه مسبقا، سرت سرت بسرعة جنونية والحمدلله بأنني لم أصطدم بشيء ما!، وصلت إلى المشفى المطلوب وأوقفت السيارة في أول موقف أمامي .. دخلت إلى المصعد وضغطت على رقم طابق العناية المركزة، أشعر بأن ضربات قلبي تتسارع .. أسرع أيها المصعد أسسسسررررع!