هايـــــــدي
هايـــــــدي
حرب 1982:

هدف الكيان الإسرائيلي من حرب 1982 إلى ضرب المقاومة الفلسطينية في لبنان وتدمير بنيتها العسكرية، والقضاء على مشروع الثورة الفلسطينية بتحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح، وجرّها إلى مشاريع التسوية وفق الشروط والمعايير "الإسرائيلية"، خصوصاً وأن الأنظمة العربية هجرت الخيار العسكري أو لم تعد تراهن عليه. واستفاد الكيان الإسرائيلي من ظروف خروج مصر من الصراع العربي - الإسرائيلي بعد توقيعها اتفاقيات كامب ديفيد في سبتمبر 1978، ومن انشغال العرب بالحرب العراقية ـ الإيرانية، فضلا عن الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي الذي ازداد قوة في ولاية الرئيس ريغان.



وقد ادعى الكيان الإسرائيلي أن هدف الحرب هو تحقيق "سلامة الجليل" أي حماية المستوطنات اليهودية في شمال فلسطين المحتلة من الصواريخ والعمليات الفلسطينية. مع العلم أنه لم تحدث عمليات من هذا النوع منذ 24 يوليو 1981 وحتى 4 يونيو 1982. بينما قام الكيان الإسرائيلي في الفترة نفسها بخرق المجال الجوي اللبناني 2125 مرة، وخرق المياه الإقليمية اللبنانية 652 مرة، فضلاً عن بعض حوادث الانتهاك براً.



بدأ الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان في 4 يونيو 1982 واشترك فيه 125-150 ألف جندي (من أصل 170 ألفاً هم قوام الجيش "الإسرائيلي" العامل) تساندهم 1600 دبابة، و1600 ناقلة جنود مدرعة، و600 مدفع وراجمة صواريخ، والقوات الجوية والبحرية، أي أنها كانت حرب اقتلاع للوجود العسكري الفلسطيني، في جو من الاطمئنان إلى عدم وجود أي تحرك عربي جاد، فتركت الحدود شبه فارغة مع البلاد العربية الأخرى.



وقد تمكنت القوات "الإسرائيلية" من اجتياح جنوب لبنان ووسطه بسرعة كبيرة تساندها القوى الكتائبية، وفي يوم 9 يونيو كانت قد وصلت إلى مشارف بيروت. وقد حاولت القوات السورية المتمركزة في البقاع والشوف التصدي لها، لكن القوات "الإسرائيلية" تمكنت من تدمير شبكة الصواريخ السورية، وأسقطت في معارك جوية مائة طائرة عسكرية سورية فانكشفت القوات السورية البرية أمام الطيران الإسرائيلي، واضطرت القوات السورية للانسحاب بعيداً عن محاور القتال منذ 11 يونيو.



وقد استمرت معركة بيروت 65 يوماً (9 يونيو - 12 أغسطس 1982). ووصلت القوات "الإسرائيلية" إلى طريق بيروت دمشق، ودخلت بيروت الشرقية في 11 يونيو حيث قصر الرئاسة في بعبدا، وحيث وجدت ترحيباً من تحالف القوات اللبنانية الكتائبية. وقد أكملت حلقة حصارها على بيروت الغربية في 14 يونيو حيث تجمع فيها نحو 12- 13 ألف مقاتل فلسطيني واللواء السوري الـ85. وقد قررت المقاومة الفلسطينية الصمود، وقدمت نموذجاً لملحمة بطولية، فشل العدو خلالها وعلى مدى شهرين من احتلال رقعة صغيرة هي منطقة بيروت الغربية، رغم شراسة القصف والحصار ومحاولات الاقتحام والهجمات براً وبحراً وجواً، واستخدام أحدث وأشد وسائل الدمار. وفي 30 يونيو كان قد استشهد نحو 15 ألف مدني من جراء الغزو الإسرائيلي.




وقد اضطرت القوات "الإسرائيلية" للموافقة على وقف إطلاق النار في 12 أغسطس 1982، بعد أن فشلت في احتلال بيروت الغربية. غير أن القوات "الإسرائيلية" حققت أهدافها بشكل عام. إذ اقتضت الترتيبات خروج المقاومة الفلسطينية وقيادة م.ت.ف من لبنان بعد أن تجمعت في بيروت، مما أدى إلى خروج حوالي 11 ألف فلسطيني مقاتل (نحو 8300 من المنظمات الفدائية 2600 من جيش التحرير الفلسطيني و175 جريحاً) وذلك وفق ترتيبات تضمن سلامتها، وقد تم ذلك في الفترة 21 ـ 31 أغسطس 1982، حيث توجه المقاتلون الفلسطينيون إلى معسكرات في سوريا والعراق وتونس واليمن (الشمالي والجنوبي) والجزائر والسودان. ولم تحترم القوات "الإسرائيلية" تعهداتها، فقد اقتحمت بيروت الغربية بعد أسبوعين من خروج المقاومة الفلسطينية، وأشرفت بنفسها على تنفيذ قوات الكتائب والوطنين الأحرار وغيرهم من القوى المسيحية المتعصبة لمذابح صبرا وشاتيلا في 16- 18 سبتمبر 1982 والتي أدت إلى استشهاد نحو 3500 فلسطيني ولبناني من المدنيين الأطفال والنساء والشيوخ ...



أَدّت حرب 1982 إلى استشهاد وجرح نحو 55 ألف فلسطيني ولبناني، وإلى تدمير معظم البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية في لبنان بحيث لم تعد تشكل خطراً جاداً على الكيان الصهيوني، ووجدت م.ت.ف نفسها بعيدة عن فلسطين، محرومة من العمل العسكري في دول الطوق. وكسب تيار "الواقعية" في م.ت.ف دفعات جديدة باتجاه تبني الحلول السلمية، وأخذ تركيز م.ت.ف ينصب بعد ذلك على النضال السياسي. وعانت من محاولات فرض الهيمنة عليها أو تجاوزها، كما عانت من الاختلافات الداخلية، ووقع انشقاق في حركة فتح بزعامة أبو موسى. ورغم البطولات التي أبداها المقاتلون الفلسطينيون، فإن حرب 1982 كشفت عن اختراقات وترهلات ونقاط ضعف في جسد الثورة، كما دفعت إلى مراجعة الايديولوجية التي يجب أن ينبني عليها الصراع مع العدو.



ولم تدم سعادة الكيان الصهيوني بتحقيق أهدافه، إذ سرعان ما ظهرت المقاومة اللبنانية ممثلة خصوصا بحزب الله، حيث حولت الجنوب اللبناني إلى ساحة حرب توالت فيها العمليات اليومية وسقوط القتلى "الإسرائيليين". فقد جرى اغتيال الزعيم الكتائبي بشير الجميل الذي نصبته "إسرائيل" رئيساً على لبنان بعد أيام من انتخابه. وتم تدمير مقر القيادة العامة للقوات "الإسرائيلية" في صور في 12 نوفمبر 1982 حيث قتل 75 عسكرياً "إسرائيلياً"، وهوجم مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور في 4 نوفمبر 1983 وقتل 19 إسرائيلياً. وأفشلت القوى الوطنية الإسلامية الوجود المشبوه للقوات متعددة الجنسيات في لبنان، فدمرت السفارة الأمريكية في بيروت في 18 أبريل 1983 وقتلت 80 شخصاً، ودمرت مقر قيادة القوات الأمريكية في 23 أكتوبر 1983 وقتلت 239 جندياً. كما ضربت مقر قيادة القوة الفرنسية في 23 أكتوبر و21 ديسمبر 1983 مما أدى إلى مقتل 71 جندياً. وتمكنت المقاومة من إفشال الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والكيان الإسرائيلي الذي وُقِّع في 13 مايو 1983، حيث تم إسقاطه في 5 مارس 1984، لأنه اتفاق ينتقص من الحقوق اللبنانية الكاملة في السيادة والاستقلال. كما أخذت المقاومة الفلسطينية تعود شيئاً فشيئاً إلى لبنان - وإن بدرجة أقل مما سبق - وتتولى القيام ببعض العمليات والدفاع عن المخيمات الفلسطينية.



وقد اضطرت القوات الإسرائيلية للانسحاب في 4 سبتمبر 1983 إلى خط نهر الأولي، ثم قررت في 14 يناير 1985 تحت الضربات القاسية للمقاومة إلى الانسحاب من كثير من المناطق على ثلاث مراحل أتمتها في يونيو 1985، وأبقت قواتها فقط في الشريط الحدودي، الذي عهدت بإدارته إلى عميلها إنطوان لحد. وهو شريط في جنوبي لبنان يتاخم الحدود مع فلسطين وبعمق 5 ـ 20كم داخل لبنان. وقد توالت ضربات المقاومة للقوات الإسرائيلية وعملائها في هذا الشريط حتى تم تحريره في 24 مايو 2000.




ثالثاً: مرحلة 1987-2001:

كانت أبرز مظاهر المقاومة المسلحة للمشروع الصهيوني في هذه المرحلة الانتفاضة المباركة، وانتفاضة الأقصى، وهزيمة الكيان الإسرائيلي في جنوب لبنان وانسحابه. وتميزت هذه المرحلة بأن القوى الفلسطينية الأساسية التي تبنت المقاومة المسلحة طوال العشرين سنة السابقة ممثلة في قيادة م.ت.ف وحركة فتح قد جنحت إلى خط التسوية السلمية. بينما ظهرت فصائل فلسطينية جديدة تبنت العمل العسكري وفق منظور إسلامي جهادي، وبرعت في تنفيذ العمليات العسكرية في الداخل. فتولت حماس قيادة الفعاليات الجهادية وإلى جانبها - وإن بدرجة أقل - حركة الجهاد الإسلامي.


وكان من مظاهر هذه المرحلة أن مركز الثقل في المقاومة المسلحة انتقل إلى الداخل الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد أن كان متركزاً في الخارج. وفيما يلي أبرز مظاهر المقاومة المسلحة.




الانتفاضة المباركة:

حدثت شرارة الانتفاضة المباركة في يوم 9 ديسمبر / كانون أول 1987 إثر استشهاد أربعة عمال فلسطينيين في حادث دهس متعمد في اليوم الذي سبقه. وقد قررت حركة الإخوان المسلمين منذ تلك الليلة المشاركة في الانتفاضة وتوجيهها، فبدأت -بترتيبها - المظاهرات العارمة بعد صلاة الفجر 9 ديسمبر من مسجد مخيم جباليا، وسقط الشهيد حاتم أبو سيس، ثم سقط الشهيد رائد شحادة في مظاهرة أخرى قرب مستشفى الشفاء. (وأصدر الإخوان المسلمون بيانهم الأول باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في 13 ديسمبر 1987 التي عدّوها امتداداً لهم وجناحهم الضارب). وتوالى سقوط الشهداء واتسعت المظاهرات لتعم أرجاء الضفة والقطاع وليشارك فيها كافة أبناء الشعب.


وتميزت هذه الانتفاضة بأربعة مظاهر:



الأول: أن أهل "الداخل" المحتل (الضفة والقطاع) أخذوا زمام المبادرة النضالية الجهادية، بعد أن كانت بيد العمل من "الخارج".

الثاني: أن التيار الإسلامي شارك بقوة وعنف وفاعلية، وبرز على ساحة المواجهة بحجم منظم مؤثر.

الثالث: أنها شملت كافة قطاعات الشعب الفلسطيني واتجاهاته وفئاته العمرية.


الرابع: أنها اتسمت بالجرأة والتضحية، والمشاركة الواسعة للأطفال والفتيان والنساء، وبالمظاهر النبيلة من إيثار وتعاون وشهامة، وبالقضاء على مظاهر العمالة والفساد من خمور ودور لهو ...




وتميزت المرحلة الأولى من الانتفاضة بالمواجهات الشعبية الواسعة والإضرابات، والمظاهرات، ومقاطعة الإدارة المدنية الصهيونية، وتنظيف المجتمع من العملاء ومروجي الفساد والمخدرات. وبعد نحو أربع سنوات أخذت تبرز المرحلة الثانية التي شهدت تنامي العمليات المسلحة ضد الصهاينة مع تراجع الأنشطة الجماهيرية الواسعة. وقد عدّت حركة فتح وحلفاؤها في م.ت.ف اتفاقية أوسلو (سبتمبر 1993) نهاية للانتفاضة فأوقفت فاعلياتها، أما الجهات الأخرى وخصوصا حماس والجهاد الإسلامي فقد استمرتا في فاعلياتهما، بل وصعّدتا من عملياتهما الجهادية. غير أن تشكيل السلطة الفلسطينية في الأرض المحتلة في مايو 1994 أفقد الانتفاضة كثيراً من وهجها، كما أفقدها المشاركة الشعبية الجماهيرية اليومية، فاقتصر الأمر بشكل أكبر على أعضاء الحركات والتنظيمات.

ومن جهة أخرى، عدّت م.ت.ف الانتفاضة رافعة لها من محاولات العزل والتهميش والتجاوز، فسعت لتوظيف الانتفاضة في تحقيق إستراتيجيتها للوصول إلى تسوية سلمية مع الكيان الصهيوني تؤدي إلى انسحابه من الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية على أراضيها. فبعد أسبوعين من بدء الانتفاضة دعت م.ت.ف إلى إضراب عام يوم 21 ديسمبر 1987، وبدأت صور ياسر عرفات وشعارات المنظمة بالظهور. وشكلت م.ت.ف "القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة" التي شاركت فيها فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية، وصدر بيانها الأول في 8 يناير 1988. وهكذا بدأ يتنازع قيادة الانتفاضة تياران هما التيار الإسلامي وتيار م.ت.ف باستراتيجيات مختلفة وأهداف متباينة، ولكن بفعاليات جهادية نضالية متشابهة تقريبا ضد العدو، تمثلت في المظاهرات والإضرابات وقذف الصهاينة بالحجارة وقنابل المولوتوف الحارقة ... وغيرها. وكانت الجماهير تستجيب لكلا التيارين، وتلتزم بالإضرابات التي يدعوان إليها.

وقد قام الكيان الإسرائيلي بإجراءات لا مثيل لها لقمع الانتفاضة، فاستخدم الرصاص الحي، ورصاص الدمدم المحرم دولياً، وأساليب تكسير عظام المتظاهرين، ومختلف أشكال تعذيب الأسرى، ومنع السفر، وقطع المواصلات والاتصالات الهاتفية، ومصادرة الهويات، وهدم المنازل، وقام بمصادرة الأراضي في الضفة والقطاع بوتيرة عالية، حيث بلغت المصادرة خلال سنوات الانتفاضة 457834 دونماً (وهي مساحة تزيد عن مساحة كل قطاع غزة بنحو 94كم مربع). وشملت الإجراءات الإسرائيلية الحصار التمويني وإغلاق الأسواق وإتلاف المحاصيل الزراعية، ومحاولات كسر الإضرابات التجارية. وتعرضت المؤسسات التعليمية والصحية الفلسطينية لعمليات الإغلاق والمداهمة، فضلا عن انتهاك حرمة المساجد.

وحسب إحصائية أعدتها م.ت.ف فإن السنوات الست الأولى للانتفاضة (ديسمبر 1987 - ديسمبر 1993) قد شهدت استشهاد 1540 فلسطينياً، وبلغ عدد الجرحى 130 ألفاً، كما اعتقل حوالي 116 ألفاً لمدة مختلفة. وكان من بين شهداء الانتفاضة 353 طفلاً دون السادسة عشر من العمر.

وتعد الانتفاضة المباركة من أروع وأنبل ما شهده تاريخ فلسطين، بل والتاريخ الإنساني، عندما واجه شعب أعزل بأطفاله ونسائه وشيوخه إحدى أعتى وأقسى القوى في العالم، والمدججة بأحدث أسلحة البطش والدمار. وانشَدَّ العالم إليه مُعجباً ومبهوراً بـ"العين التي تحدَّت المخرز" وبالحجر الذي واجه الرصاصة والدبابة.



وكان من أبرز إنجازات الانتفاضة:



- أثبتت للكيان الإسرائيلي فشل كافة أساليبه في تركيع وإذلال الشعب الفلسطيني . وأثبتت للعالم أن هناك شعباً مظلوماً، أرضه محتلة، ويريد أن يعيش حراً مستقلاً.

- فضحت الوجه القبيح للكيان الإسرائيلي، وكشفت زيف ادعاءاته المتعلقة بالمدنية والديموقراطية، وأظهرته قوة اغتصاب وإجرام وقهر للآخرين.

- وجهت الانتفاضة ضربة قوية لمظاهر الاحتلال ومؤسساته، وخصوصا الجواسيس والعملاء المتعاونين مع جهاز المخابرات، وتمت تصفية نحو 900 منهم.

- عالجت الانتفاضة بكثير من النجاح مظاهر الفساد الخُلقي والاجتماعي، وتضاعفت مظاهر التدين، وتحقق قدر عال من التكافل والتراحم والإيثار، وظهر جيل جديد من الشباب والفتيان، يمتاز بالشجاعة والثقة بالنفس والاستعداد للتضحية والاستشهاد.

- عادت القضية الفلسطينية لتتصدر قائمة الاهتمامات الدولية، ولتثبت أنها تستعصي على الضياع أو الذوبان.

- أظهرت الانتفاضة قوى جديدة، أصبحت ذات تأثير فاعل في الساحة الفلسطينية ممثلة بحماس والجهاد الإسلامي.

وقد كان من نتائج الانتفاضة أن عاد الوهج والألق لـ م.ت.ف وقيادتها مرة أخرى، وفرضت نفسها على الساحة من جديد.

انتهت الانتفاضة المباركة بتوقيع م.ت.ف لاتفاقية أوسلو (سبتمبر 1993)، وبدء مرحلة الحكم الذاتي في أجزاء من الضفة والقطاع (مايو 1944). غير أن حماس والجهاد الإسلامي استمرتا في فعالياتهما الجهادية وعملياتهما العسكرية النوعية، وخصوصاً الاستشهادية. فقد ردَّت حماس على مذبحة الحرم الإبراهيمي (فبراير 1994) بخمس عمليات عنيفة، وردت على استشهاد يحيى عياش (الذي كان مهندساً لعمليات أدت لمقتل 70 صهيونياً وجرح 340 آخرين) بعدة عمليات في 25 فبراير ـ 4 مارس 1996، هزت الكيان الصهيوني وأفقدته صوابه، واستدعت عقد مؤتمر دولي بمشاركة الدول الكبرى بهدف ما أسموه "محاربة الإرهاب". ورغم محاربة السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي (بالتعاون مع المخابرات الأمريكية) بكل شراسة وعنف للقوى المجاهدة، فقد تمتعت حماس بثقل جماهيري واسع، وكان لها الدور الأكبر في الاستمرار في العمليات العسكرية، وإلى جانبها حركة الجهاد الإسلامي التي قامت بالعديد من العمليات النوعية المتميزة التي أفقدت العدو صوابه.



ونتابع هبّة الدفاع عن الأقصى
امي00 حبيبتي
امي00 حبيبتي
تسلميييييين
هايـــــــدي
هايـــــــدي
هبّة الدفاع عن الأقصى:

يقوم المسلمون في فلسطين بالسهر على حماية المسجد الأقصى ورعايته، إذ إن الاحتلال اليهودي - الصهيوني يستهدف تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه. وهناك 25 منظمة يهودية متطرفة تسعى لتحقيق هذا الغرض. وعادة ما يجتمع المسلمون بالآلاف للدفاع عن حرمة الأقصى (وهم لا يملكون إلاّ حجارتهم ولحوم أجسادهم) كلما حاول اليهود انتهاك حرمته.



ففي 8 أكتوبر 1990 حاولت جماعة "أبناء الهيكل" اليهودية وضع حجر الأساس لبناء الهيكل اليهودي في ساحة المسجد الأقصى، فقام المسلمون يدافعون عن حرمته، مما أدى لاستشهاد 34 وجرح 115 آخرين، بعد أن تمكنوا من إفشال المخطط اليهودي.



وفي 24 سبتمبر 1996 قامت السلطات اليهودية بافتتاح نفق أسفل المسجد الأقصى، مما أدى إلى انتفاضة غضب عارمة شملت مدن وقرى فلسطين، ووقعت اشتباكات واسعة مع الشرطة والجيش الإسرائيلي، الذي استخدم الأسلحة المختلفة وطائرات الهيلوكبتر لقمع الانتفاضة. وتدخلت الشرطة الفلسطينية للدفاع عن الفلسطينيين ضد الهجمات الإسرائيلية، واستمرت الأحداث ثلاثة أيام 25 - 27 سبتمبر 1996، مما أدى لاستشهاد 62 فلسطينياً وجرح 1600 آخرين، وقتل 14 جندياً إسرائيلياً وجرح 50 آخرين.





تحرير جنوب لبنان: 24 مايو 2000

نجح الكيان الإسرائيلي في احتلال شريط حدودي في جنوب لبنان في مارس 1978 (أكثر من 10%من مساحة لبنان) سعيا لإقامة منطقة أمنية عازلة تمنع ضرب الأهداف الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة. ورغم صدور قرار مجلس الأمن رقم 425 بتاريخ 19 مارس 1978 القاضي بانسحاب الكيان الإسرائيلي من جنوب لبنان، إلا أن الكيان أصر على استمرار الاحتلال، ودعم إقامة جيش لبنان الجنوبي العميل ... وقد توسع الصهاينة في الاحتلال عندما اجتاحوا جنوب ووسط لبنان سنة 1982، لكن سرعان ما اضطروا للتراجع إلى منطقة "الحزام الأمني" سنة 1985 بسبب ضربات المقاومة اللبنانية.



وقد برز "حزب الله" في عمليات المقاومة بشكل رئيسي، وإلى جانبه قوى المقاومة الإسلامية والوطنية. وحولوا حياة الجنود الإسرائيليين وجيش العملاء إلى جحيم لا يطاق. وتمكن حزب الله من تحقيق نظام أمني واستخباراتي راقٍ أعانه على توجيه ضربات عنيفة ومفاجئة لقوى الاحتلال. واعترف جدعون عزرا أحد الخبراء الصهاينة أن "حزب الله أصبح أول قوة عربية تتغلب على "إسرائيل" في مجال الاستخبارات". وقد استفاد حزب الله من دعم إيران له في مجالات التدريب والتمويل والتسليح. وتكون ذراعه العسكري من ستة آلاف مقاتل، وتتبعه وحدات هندسية، واستخبارات ميدانية، ومدفعية، وطبية. كما استطاع حزب الله العمل في بيئة شعبية مؤيدة، خصوصاً وسط القاعدة الشيعية حيث بنى شبكة خدمات تعليمية واجتماعية ودينية واسعة، كما تكفل بعائلات الشهداء والجرحى والمعتقلين، فضلاً عن امتلاكه لمحطة راديو وتلفزيون ومجلات أسبوعية ومواقع إنترنت، تخدم كلها بشكل منهجي فكر الحزب، وتبث روح المقاومة.




وقد قام الكيان الصهيوني بمئات الهجمات على مواقع حزب الله وقوى المقاومة لكنه فشل من اقتلاع جذوة المقاومة التي كانت ترد من جهتها بقصف المستعمرات اليهودية في شمال فلسطين. وفي سنة 1993 قامت القوات الإسرائيلية بهجوم شامل تحت اسم "عملية تقديم الحساب" توغلت فيه في الجنوب اللبناني، وهاجمت مواقع حزب الله براً وبحراً وجواً، لكنها لاقت مقاومة عنيفة، واضطرت للانسحاب تحت ضربات حرب العصابات، وبناء على اتفاق شفوي على أساس ألا يطلق حزب الله أو القوات الإسرائيلية النار على المدنيين. واستمر حزب الله في عملياته ضد المواقع العسكرية الإسرائيلية وجيش العملاء، وعادة ما كانت القوات "الإسرائيلية" تقوم بالرد فإذا ما أصابت قذائفها المدنيين كان حزب الله يضرب الأهداف المدنية الإسرائيلية. وعندما ضاق الكيان "الإسرائيلي" ذرعاً قام بحملة قصف كبيرة تحت اسم "عناقيد الغضب" 11-27 إبريل 1996 استخدم فيها الطائرات والمدافع والبحرية ولكن دون زحف برِّي، ووجهت ضرباتها للمدنيين والمنشآت العامة فضلاً عن حزب الله، وارتكبت مجزرة قانا عندما أطلقت صواريخها على ملجأ للمدنيين فقتلت أكثر من مائة من الأبرياء. وقد فشلت "عناقيد الغضب" في تحقيق أهدافها، واضطر الكيان الإسرائيلي للموافقة على عدم ضرب المدنيين، بينما خرج حزب الله أكثر قوة، واستمر في عملياته ضد الأهداف العسكرية.



وتحول بذلك جنوب لبنان إلى عبء أمني كبير على الكيان الإسرائيلي، وتحول الجنود الصهاينة إلى أهداف متحركة لعمليات المقاومة. ولم ينفع جيش العملاء المكون من ثلاثة آلاف عنصر والذين تزيد ميزانيته عن مائة مليون دولار في حماية الأمن الإسرائيلي فضلاً عن حماية نفسه. ولذلك قرر الكيان "الإسرائيلي" الانسحاب، حيث خرجت آخر فلوله من الجنوب اللبناني في 24 مايو 2000. وكان ذلك أبلغ درس على قيمة العمل العسكري والروح الجهادية في إجبار الكيان الإسرائيلي على الرضوخ والانسحاب، ولولا ذلك لظل هناك لما له من أطماع تاريخية توسعية في المنطقة. غير أن منطقة صغيرة هي مزارع شبعا ظلت محتلة ولا تزال ضربات المقاومة توجه إلى العدو هناك.




انتفاضة الأقصى: 28 سبتمبر 2000 – يناير 2003


لقد كانت زيارة الإرهابي أرييل شارون زعيم حزب الليكود الاستفزازية إلى حرم المسجد الأقصى في 28 سبتمبر 2000 هي الشرارة التي فجرت الانتفاضة، وكان واضحاً أن ثمة مباركة وتأييداً من رئيس الحكومة الصهيونية باراك للزيارة حيث زوده بستمائة جندي لمرافقته، واستنفر 3000 جندي وشرطي في القدس وأحيائها. وصمم المسلمون على الدفاع عن الأقصى، حيث سقط في المواجهات الأولى خمسة شهداء، وجرح أكثر من مائة.



وكانت عناصر اشتعال الوضع وأسباب تفجيره جاهزة، فقد وصلت مفاوضات التسوية السلمية إلى طريق مسدود، وتأكدت الأطماع الصهيونية اليهودية في القدس والمسجد الأقصى، وظهر التعنت الإسرائيلي في قضايا اللاجئين والمستوطنات، واستمر الصهاينة في مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات. ولم يكونوا مستعدين للتنازل، ولا لتنفيذ القرارات الدولية، عندما يتعلق الأمر بالقضايا الجوهرية الحاسمة.



وبدا لباراك أن "الحل الوحيد الذي لاح في الأفق كان دفع الوضع إلى الإنفجار"، كما قال بنفسه في اجتماع سري في 25 أكتوبر 2000. ولعله أراد إظهار مزيد من التصلب، وتحقيق مزيد من الشعبية وسط المجتمع الصهيوني، واستثمار ذلك في وقف عملية التسوية أو إدخالها في أزمات متتالية، في الوقت الذي تزداد فيه عمليات الهجرة اليهودية ومصادرة الأراضي والاستيطان، ليتسنى تحقيق مزيد من الضغط على السلطة الفلسطينية، التي أثبتت السنوات الماضية قابليتها للتنازل والتراجع، وتخفيض سقف مطالبها.



لكن الصهاينة وُوجهوا ببركان غضب عارم ليس في فلسطين وحدها، وإنما في العالم الإسلامي أجمع، وحيثما وجدت الجاليات الإسلامية، وأبطل الله سبحانه وتعالى حسابات الصهاينة ومكرهم، وبرز الأقصى عصياً على الخضوع والاغتصاب عندما استعدّت الملايين أن تفديه ـ والأرض المباركة ـ بأرواحها،




وأفرزت الانتفاضة عدداً من الحقائق والمؤشرات أهمها:



الأولى: أن الأمة الإسلامية لا تزال حية، رغم الجراح التي أثخنتها، وأن روح المقاومة والصمود والاستعداد للبذل والتضحية لم تخمد. فقد خرجت المظاهرات بعشرات الآلاف بل بمئات الآلاف في بلدان العالم الإسلامي، من الرباط في أقصى المغرب وحتى جاكرتا في أقصى المشرق الإسلامي،كلها تهتف للأقصى والقدس وفلسطين، وتطالب بالجهاد، وتقدم ما لديها من تبرعات ودعم. فكانت لحظات رائعة من أخوة الإسلام ووحدة الأمة. وظهرت تجليات الإمكانات الكبرى لهذه الأمة لتحقيق النصر لو سلكت طريق الجهاد.

الثانية: أن قضية فلسطين ـ بأرضها المباركة وبقدسها وأقصاها ـ قضية تجمع المسلمين وتوحدهم، بل وتكون سبباً في تجاوز خلافاتهم والتركيز على العدو الصهيوني المشترك. وأن هذه القضية غدت القضية المركزية للعالم الإسلامي، فلا قضية تجمعهم كهذه القضية، ولا عدو يجتمعون ضده كهذا العدو.

الثالثة :وجهت الانتفاضة ضربة قاسية لمشروع التسوية السلمية والتطبيع مع العدو، وبرز الخيار الجهادي كخيار أمثل.



الرابعة: أن هذه الانتفاضة انعكست على طريقة تفكير الناس وأسلوب حياتهم اليومي، فاشتد العداء للمشروع الصهيوني، واشتد العداء ضد أمريكا، وتكرست الروح الجهادية وروح التكافل، وتجاوبت الجماهير مع دعوات مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، حتى غيّر الملايين من أسلوب طعامهم وشرابهم اليومي، ومن لباسهم ووسائل تنقلهم واتصالاتهم وترفيههم، فكانت مدرسة تربوية اجتماعية شعبية، ربما احتاجت حركات الإصلاح سنوات للوصول إلى مثل نتائجها.



فانخفضت مثلاً مبيعات مطاعم الوجبات السريعة ( مكدونالدز، و K.F.C ) بنحو 80% في السعودية، وانخفضت مبيعات مشروبات البيبسي كولا بنسبة 46% في مصر (وذلك حسب بعض التقديرات التي نشرت في نوفمبر 2000)، واتجه الناس للمأكولات والمشروبات الشعبية، بل واضطرت الشركات الأجنبية الأمريكية لإنزال إعلانات عدم العلاقة بالكيان الصهيوني، بل والتبرع لضحايا الانتفاضة، كما حدث مع مطاعم مكدونالدز التي تبرعت بريال سعودي لكل وجبة طعام، لعلاج جرحى الانتفاضة. وتحولت مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية إلى محلات مهجورة في كثير من الأماكن، وذلك بعد أن كانت تشهد إقبالاً متزايداً قبل الانتفاضة. واعترف السفير الأمريكي في السعودية بخسارة بلاده لمئات الملايين من الدولارات في النصف الأول من سنة 2002 نتيجة حملات المقاطعة في السعودية. وتردد في شهر فبراير 2003 أن شركة كوكاكولا تدرس الانسحاب من السوق المصرية نتيجة خسارتها أكثر من نصف رأسمالها بسبب حملات المقاطعة.



الخامسة: أن التسوية السلمية قائمة على الظلم والغصب، وأن جماهير الفلسطينيين والعرب والمسلمين ترفض التنازل عن حقوقها في الأرض المقدسة، وأنها لا تأمل من الغاصب الصهيوني سلاماً ولا خيراً، وأنها ترى في الجهاد الوسيلة الأنجع لاسترداد الحقوق.



السادسة: برزت أهمية الإعلام ودوره في التعبئة، إذ تمكن المسلمون من كسر الطوق الإعلامي الغربي المتصهين، من خلال الفضائيات العربية، وخدمات الانترنت والبريد الإلكتروني، وخصوصاً في المراحل الأولى من الانتفاضة.

ومن جهة أخرى، فقد تميزت هذه الانتفاضة بالمشاركة الشعبية الواسعة في كل أرجاء فلسطين المحتلة، وبمشاركة كافة التيارات الفلسطينية. كما تميزت في الوقت نفسه، بشدة القمع الصهيوني الذي تمادى في قتل الأطفال والأبرياء واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وانكشفت سوءات أدعياء السلام "الصهاينة" الذين تباروا في سحق الانتفاضة المباركة.




ونتابع المقاومة الشعبية العربية و الاسلامية للمشروع الصهيوني
هايـــــــدي
هايـــــــدي
تسلميييييين
تسلميييييين
الله يسلمك ياقمر
نسائم الاقصى
نسائم الاقصى
الله يسلمك ياقمر
الله يسلمك ياقمر
فلسطين ستبفى رمزا للصمود والاباء

فلسطين ستبقى عربيه اسلاميه

اختي الغاليه جزاك الله خيرا على هذا المجهود الرررررائع

اللهم اجعله في ميزان حسنات اختي