$el.classList.remove('shaking'), 820))"
x-transition:enter="ease-out duration-300"
x-transition:enter-start="opacity-0 translate-y-4 sm:translate-y-0 sm:scale-95"
x-transition:enter-end="opacity-100 translate-y-0 sm:scale-100"
x-transition:leave="ease-in duration-200"
x-transition:leave-start="opacity-100 translate-y-0 sm:scale-100"
x-transition:leave-end="opacity-0 translate-y-4 sm:translate-y-0 sm:scale-95"
x-bind:class="modalWidth"
class="inline-block w-full align-bottom bg-white dark:bg-neutral-900 rounded-lg text-right overflow-hidden shadow-xl transform transition-all sm:my-8 sm:align-middle sm:w-full"
id="modal-container"
>
الإخوان المسلمون في حرب 1948 نموذجاً
كان هناك تعاطف شامل وواسع لدى شعوب العالم العربي والإسلامي مع محنة إخوانهم في فلسطين. وطوال تاريخ القضية في القرن العشرين شكلت الشعوب أدوات ضغط على حكوماتها للسعي لتحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني. وأسهمت كثير من المؤسسات الشعبية في العديد من المظاهرات، وإصدار البيانات، وإقامة مؤتمرات التضامن والتوعية، وفي جمع التبرعات. لكن الإطار الشعبي كان عادة ما يَتْرك (أو يجبر على تَرْك) الفعل العسكري لجيوش الأنظمة العربية. وكانت عادة ما تحدث مبادرات فردية تشارك مُتطوعةً ضمن فصائل العمل الفلسطيني.
وقد اخترنا الحديث عن نموذج الإخوان المسلمين في مشروع المقاومة لأن الإخوان استطاعوا منذ مرحلة مبكرة في أوائل الأربعينيات الانتشار التنظيمي في عدد من الأقطار العربية، بحيث امتلكوا القاعدة الأساسية لمشاركة عربية ـ إسلامية متعددة الجنسيات، مما لم يتوفر لغيرهم من معظم الاتجاهات والأحزاب. ولأن قضية فلسطين كانت قضية جوهرية محورية في فكر واهتمامات الإخوان في تلك الفترة وحتى الآن. ولأنهم أسهموا بشكل مباشر، وعلى نحو جادّ وفعال، ليس في العمل الدعائي والتعبوي وجمع التبرعات فقط، وإنما في المقاومة المسلحة والعمل العسكري.
وربما كان أكثر ما يلفت النظر، أن مركز قيادة العمل والتحرك الجهادي وروحه الدافعة أتت أساساً من مصر وليس من فلسطين. أي لم تكن مشاركتهم رمزية ضمن إطار فلسطيني، وإنما كانت مشاركة واسعة في إطار عربي إسلامي، كان الإخوان الفلسطينيون جزءاً منه، بل وتابعاً لقيادات من جماعتهم من جنسيات أخرى، في إطار روح وحدوية متماسكة. كما أن النموذج الإخواني ظل نموذجاً شعبياً لم يصل إلى سدّة الحكم، ولم يستفد مباشرة من أدوات السلطة ل***** أحزاب أو حركات محسوبة على نظام حكمه.
وتكمن أهمية التجربة الإخوانية في إثبات روح الأمة الواحدة، وإمكان توسيع دائرة الصراع ضد العدو الصهيوني، وتعبئة طاقات الجماهير العربية والإسلامية باتجاه التحرير. ولعل الحزب القومي السوري وحزب البعث قد سعيا للمشاركة في حرب 1948، ولكن مشاركتهما كانت محدودة قياساً إلى حجم مشاركة الإخوان وأثرهم، ولذلك أيضاً مِلْنا للتركيز على نموذجهم.
نشأة حركة الإخوان المسلمين وطبيعتها:
أسس الشيخ حسن البنا حركة (الإخوان المسلمين) في مارس عام 1928 في مدينة الإسماعيلية في مصر.
وقد أراد الشيخ حسن البنا من تأسيس هذه الحركة إحياء معاني الإسلام الصحيحة في النفوس، والالتزام بتعاليمه عقيدة وسلوكاً ومنهج حياة، وبناء الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم والدولة المسلمة، وتخليص البلاد الإسلامية من الاستعمار بكافة أشكاله، وإقامة الخلافة الإسلامية الواحدة على بلاد المسلمين، وسيادة العالم.
وقد اكتسبت جماعة الإخوان المسلمين من خلال هذا الطرح فهماً متكاملاً وشاملاً للطرح الإسلامي، بحيث شمل جوانب الحياة المختلفة، حيث أبدى الإخوان اهتماماً بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والجهادية، بالإضافة إلى الجوانب العبادية والعقدية، فهي حسب تعبير مؤسسها الشيخ البنا "دعوة سلفية .. وطريقة سنية .. وحقيقة صوفية .. وهيئة سياسية .. وجماعة رياضية .. ورابطة علمية ثقافية .. وشركة اقتصادية .. وفكرة اجتماعية"، كما عبر عن هذا الفهم الشعار الذي يردده الإخوان دائماً في لقاءاتهم وأنشطتهم: الله غايتنا، الرسول قدوتنا، القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا، الموت في سبيل الله أسمى أمانينا.
وكان من الطبيعي بناءً على هذا الفهم أن يهتم الإخوان المسلمون بقضايا المسلمين المختلفة فيذكر الشيخ حسن البنا "إن كل أرض يقال فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله هي جزء من وطننا، له حرمته وقداسته، والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره"، ولأن فلسطين كانت أسخن القضايا الإسلامية الحساسة في ذلك الوقت ـ وما تزال ـ فقد أولاها الإخوان المسلمون دائماً "المقام الأوفى في عنايتهم واهتمامهم".
الإخوان المسلمون وقضية فلسطين:
وقد بدأ اهتمام حركة الإخوان بقضية فلسطين يبرز بشكل واضح أمام عامة الناس مع انفجار الثورة الكبرى في فلسطين (1936 ـ 1939). فلقد نشط الإخوان المسلمون في الدعاية الإعلامية لقضية فلسطين في مصر نشاطاً كبيراً فشكلوا لجنة لمساعدة فلسطين، ودعوا إلى مشروع "قرش فلسطين" لدعم أهل فلسطين وثورتهم، وطبعوا المنشورات التي تهاجم الإنجليز وسياستهم في فلسطين، وركزوا في مجلتهم (النذير) على خدمة قضية فلسطين وإبرازها إعلامياً، واستفادوا من منابر المساجد للدعوة للقضية، وأرسلوا الطلاب في الصيف إلى أنحاء القطر المصري للدعوة للفكر الإسلامي وإلى مساعدة فلسطين، كما دعوا إلى مقاطعة المحلات اليهودية في مصر، ووزعوا كتاب "النار والدمار في فلسطين" (الذي أصدرته اللجنة العربية العليا) بشكل واسع في مصر فكان له أثر إعلامي عظيم، كما دعوا إلى القنوت في الصلاة من أجل فلسطين، كما أرسلوا الرسائل والبرقيات إلى المسئولين في الدولة وأصحاب النفوذ للتدخل لمساعدة فلسطين، والعمل الجاد على حل قضيتها.
وعندما انعقد المؤتمر العربي لنصرة قضية فلسطين في "بلودان" في 10 سبتمبر 1937 أبرق حسن البنا باسم الإخوان المسلمين في مصر إلى المؤتمر برقية يعلن فيها استعداد جماعة الإخوان المسلمين للدفاع عن فلسطين بدمائهم وأموالهم.
ونظم "الإخوان" وجمعية الشبان المسلمين مظاهرة كبرى في مصر في يونيو 1938 لنصرة فلسطين، وقد اصطدمت بالشرطة مما أدى إلى اعتقال 34 من المتظاهرين، كما نظموا مظاهرة كبرى بمناسبة وعد بلفور في نوفمبر 1938، شملت جميع أرجاء مصر، فكانت تنبيهاً قوياً للشعب المصري على أهمية قضية فلسطين.
ويبدو أن الإخوان المسلمين المصريين قد شاركوا بشكل محدود في الثورة الكبرى في فلسطين (1936 ـ 1939)، فيذكر كامل الشريف أن عدداً من شباب الإخوان قد استطاعوا التسلل إلى فلسطين والاشتراك مع المجاهدين في جهادهم خاصة في مناطق الشمال.(حيث جماعة القسام)، كما يبدو أن المفتي (الحاج أمين) قد شهد بصحة هذا الكلام، وفي مقابلة للباحث مع الدكتور عصام الشربيني يذكر أن الدكتور إبراهيم أبو النجا (عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان سابقاً) أخبره أن الإخوان في مصر قد احتفلوا بذهاب بعض الإخوان إلى فلسطين للجهاد في الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939)، كما أن في حديث محمود عبد الحليم عن قضية أحمد رفعت ما يشير إلى اتصال الإخوان بمجاهدي فلسطين والتنسيق معهم، وعلى هذا فنحن لا نستبعد مشاركة الإخوان بشكل فردي في الثورة الكبرى.
ويذكر الإخوان المسلمون عادة أن أهم أسباب ***** النظام الخاص داخل جماعة الإخوان هو مشاركة أعضائه في الجهاد لتحرير فلسطين من الانتداب البريطاني، وإفشال المخطط اليهودي في بناء الوطن القومي على أرضها، وقد كان أعضاء هذا النظام ـ الذي أُنشئ في مطلع الأربعينيات ـ يُختارون من خلاصة الإخوان، وينظمون في عضويته في سرية تامة، ويتم تربيتهم على معاني الجهاد، ويخضعون لتدريبات بدنية شاقة والتدريب على السلاح.
نشأة حركة الإخوان في فلسطين:
كانت أولى الإشارات عندما بدأ الإخوان نشر دعوتهم في فلسطين في أغسطس 1935 عندما زارها عبد الرحمن الساعاتي ومحمد أسعد الحكيم، ولقيا ترحيباً هناك من الحاج أمين، حيث قاما بنشر دعوتهم. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) زادت زيارات الإخوان لفلسطين، وأخذ عدد من أبناء فلسطين ينضمون للإخوان، غير أن تشكيل فروع للإخوان لم يتم ـ على ما يظهر ـ إلا بعد انتهاء الحرب، حيث خفّت ظروف القهر والتشديد البريطاني، ونشطت الحركة السياسية الفلسطينية. ويبدو أن أول فروع الإخوان *****ً كان فرع غزة برئاسة الحاج ظافر الشوا، ثم تأسس فرع يافا برئاسة ظافر الدجاني، أما فرع القدس فقد أنشئ سنة 1945، ثم جرى حفل افتتاح مميز له في 5 مايو 1946 وحضره الزعيم الفلسطيني جمال الحسيني، وأنشئ فرع حيفا برئاسة الشيخ عبد الرحمن مراد، وتتابع ***** الفروع في قلقيلية، واللد، ونابلس، وطولكرم، والمجدل، وسلواد، والخليل، حتى زادت الفروع عن عشرين فرعاً.
وقد نشطت جماعة الإخوان في فلسطين في مجالات الدعوة والتربية والتوعية الإسلامية، والتعريف بالخطر الصهيوني، والمؤامرة على فلسطين، والتعبئة للجهاد.
وقد عقد الإخوان الفلسطينيون مؤتمراً عاماً في حيفا في 18 أكتوبر 1946 حضره ممثلون عن لبنان والأردن. وقد حملت القرارات أبعاداً تنظيمية داخلية وسياسية محلية وخارجية تؤكد الوعي والتفاعل السياسي مع الأحداث.
وقد جاءت في القرارات:
اعتبار حكومة فلسطين مسؤولة عن الوضع السياسي المضطرب.
تأييد الجامعة العربية.
تأييد مطالب مصر بالجلاء ووحدة النيل.
عرض قضية فلسطين على مجلس الأمن.
تأييد المشاريع التي ترمي إلى إنقاذ الأراضي.
عدم الاعتراف باليهود الطارئين على البلاد.
تعميم شعب "الإخوان المسلمين" في فلسطين.
وبعد عام من انعقاد المؤتمر السابق عقد الإخوان المسلمون مؤتمراً آخر كبيراً في حيفا في 27 أكتوبر 1947 ومن بين القرارات التي اتخذها المؤتمر:
يعلن الإخوان المسلمون تصميمهم على الدفاع عن بلادهم بجميع الوسائل. واستعدادهم للتعاون مع جميع الهيئات الوطنية في هذا السبيل.
يعلن المؤتمرون باسم هيئة الإخوان المسلمين في سائر الأقطار الممثلة، استنكارهم لكل محاولة تعلل العرب والمسلمين بتحقيق الأهداف الوطنية عن طريق مجلس الأمن أو هيئة الأمم المتحدة، بعد أن أسفرت المحاولات الكثيرة عن حقيقة هذه المنظمات الدولية، وأنها ليست إلا ثوباً خالصاً لمطامع الدول الكبرى المستعمرة.
يعلن المؤتمرون أن هيئة الإخوان المسلمين ستحمل نصيبها كاملاً من تكاليف النضال.
يعلن مندوبو الإخوان المسلمين في شرق الأردن أنهم على استعداد كامل لحمل نصيبهم في تحرير فلسطين.
يجدد المؤتمر البيعة على أن يكونوا الجند البررة الصادقين لدعوة الإخوان المسلمين حتى يتم الله نوره، ويجمع شمل المسلمين والعرب على كلمة الخير في ظل العزة والكرامة.
تأليف مجالس المناطق حسب النظام الذي وضعه المكتب الإداري للإخوان المسلمين.
يبتهل المؤتمرون إلى الله تعالى أن ينجي مصر من وباء الكوليرا، وأن يحقق لجميع الشعوب الإسلامية والعربية الشقيقة.
الاتصال بالهيئة العربية العليا للبحث في بعض الشئون الوطنية العامة.
ونلاحظ في هذه القرارات مدى جديتها وقوتها ومتابعتها للأحداث السياسية والواقعية، حيث كان للقرارات السياسية نصيب الأسد فيها، كما نلاحظ المضمون الجهادي الذي تمخضت عنه هذه القرارات، والتي كانت متفوقة في مضمونها وطبيعتها عن الاتجاهات السياسية السائدة في تلك الفترة.
وقد نشط الإخوان الفلسطينيون في تعبئة الجماهير للجهاد ضد الإنجليز واليهود، واعترفت الرواية الإسرائيلية الرسمية لحرب فلسطين 1947 ـ 1948 بذلك، حتى إن المؤسسات القومية اليهودية احتجت واشتكت عليهم للسلطات البريطانية. ولكن لا ينبغي المبالغة في قدرة الإخوان الفلسطينيين وإمكاناتهم. إذ كانوا جديدين إلى حد ما على الساحة، ولم يبلغ انتشارهم حجماً سياسياً كبيراً يؤهلهم للتأثير في القرار السياسي الفلسطيني المحليّ. وكانوا بشكل عام أنصاراً للحاج أمين الحسيني الذي كان صديقاً شخصياً للشيخ حسن البنا. كما أن إمكاناتهم كانت محدودة جداً مقارنة بما لدى اليهود أو بما تحتاجه فلسطين في عملية الدفاع عنها. غير أن هذا لم يمنع أن يمثلوا في تلك الفترة حالة جهادية مضحية واعية، ذات روح وطنية قوية منفتحة.
ونتابع دور الإخوان المسلمين في حرب فلسطين 1947 ـ 1948