هايـــــــدي
هايـــــــدي
محاذير



* ماذا يترتب على تنازلك عن حق العودة؟

* إن تنازلك عن حق العودة إلى ديارك واسترداد ممتلكاتك هو قرار فردي ويترك عواقب عليك وعلى أولادك وأحفادك في المستقبل وأهمها:

1 - قبولك بالتعويض مقابل الأرض وتنازلك عن حقك في العودة يعني تنازلك الأبدي عن كامل حقوقك السياسية والوطنية في فلسطين.

2 - قبولك بالتعويض مقابل الأرض والتنازل عن حقك في العودة يسقط حقك وحق أبنائك وأحفادك بالمطالبة لاحقاً بأي حق في ديارك وممتلكاتك، وهذا جرم لا يغتفر نحو ذريتك وعائلتك.


3 - قبولك بالتعويض مقابل الأرض والتنازل عن حقك في العودة يعني أن أملاكك ستنقل لكل اليهود في العالم وليس لفرد أم شخص بعينه وبالتالي فإنه تنازل نهائي لكل يهود العالم.


4 - أفتى جميع علماء المسلمين أن قبول التعويض عن الأرض هو بيع للوطن المقدس وهو محرم تماماً.






تذكر




1 - أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق اللاحقة المرتبطة به والقانون الدولي ينص على أن حق العودة حق شخصي غير قابل للتصرف لا تجوز فيه النيابة أو التمثيل أو التنازل عنه لأي سبب في أي اتفاق أو معاهدة.

2 - أن حق العودة نابع من حرمة الملكية الخاصة وعدم زوالها بالاحتلال أو السيادة.


3 - إن حق العودة لا ينتقص أو يتأثر بإقامة دولة فلسطينية بأي شكل.


4 - أن كل ما يتمخض عن أي مفاوضات يؤدي إلى أي تنازل عن أي جزء من حق اللاجئين والمهجّرين والنازحين بالعودة إلى أراضيهم وأملاكهم التي طردوا منها منذ عام 1948 هو باطل قانوناً وساقط أخلاقياً وخطير سياسياً، ولا نقبل التعويض بديلاً عن حق العودة.


5 - التعويض حق تابع لحق العودة وملازم له، وليس بديلاً عنه، ولا يجوز قبول التعويض ثمناً للوطن.






إعلان تأكيد


حق الشعب الفلسطيني بالعودة والتعويض


نحن الفلسطينيون الموقعون أدناه.



لقد تم طرد شعبنا الفلسطيني من دياره في فلسطين عام 1948 على يد القوات العسكرية الصهيونية والإسرائيلية وأجبر على النزوح من 531 مدينة وقرية، وصادرت إسرائيل أراضيه التي تبلغ 92% من مساحتها الحالية.


إن الشعب الفلسطيني تعرض خلال 56 عاماً من التشريد إلى ويلات الحرب والاضطهاد وإنكار الهوية الوطنية والتمييز العنصري والتنظيف العرقي، وعانى نفسياً ومادياً. وكان ضحية لعملية منظمة ومدبرة ومدعومة من الخارج لاقتلاعه من وطنه واستبداله بمهاجرين من جميع أنحاء العالم وفق أكثر القوانين ظلماً وعنصرية وهو قانون العودة (الإسرائيلي) كما أن هذا الشعب لا يزال يمثل حتى اليوم أكبر عدد من اللاجئين والمهجرين في العالم وأقدمهم في الشتات إذ يبلغ عددهم حوالي 6 ملايين تمثل ثلثي الشعب الفلسطيني بأكمله.


وبما أنه لم يتمكن حتى الآن من تحقيق حقه الطبيعي في العودة إلى وطنه وتعويضه عن خسائره رغم الإجماع الدولي المنقطع النظير والمتمثل في مئات القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.





لذلك فإننا نؤكد ما يلي:

إن حق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم حق أساس من حقوق الإنسان، أكده الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والميثاق العالمي للحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الدولي لإزالة كل أشكال التمييز العنصري، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والحريات الأساسية.


كما أن حق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم حق غير قابل للتصرف ولا يسقط بمرور الزمن، وهو حق أكدته الأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 194 الصادر في ديسمبر 1948 وأعادت تأكيده 130 مرة منذ عام 1948 وحتى اليوم.


كما أن حق العودة نابع من حرمة الملكية الخاصة وعدم زوالها بالاحتلال أو استبدال السيادة، وهو الحق الذي طبق على اليهود الأوروبيين الذين استعادوا أملاكهم التي صودرت أثناء الحرب العالمية الثانية دون الرجوع إلى قرار دولي محدد.


كما أن حق العودة حق شخصي في أصله لا تجوز فيه النيابة أو التمثيل عنه أو التنازل عنه لأي سبب في أي اتفاق أو معاهدة وهو حق جماعي أيضاً.


كما أن حق العودة لا ينتقص أو يتأثر بإقامة دولة فلسطينية بأي شكل.



وبموجب كل ما سبق فإننا نعلن:



عدم قبولنا لكل ما يتمخض عن أي مفاوضات أو تنازل عن أي جزء من حق اللاجئين والمهجرين والنازحين بالعودة إلى أراضيهم وأملاكهم التي طردوا منها منذ عام 1948، وتعويضهم ولا نقبل التعويض بديلاً عن حق العودة.


كما أننا نطالب بالتعويض المناسب عن المعاناة النفسية والأضرار المادية وجرائم الحرب التي لحقت باللاجئين خلال 56 عاماً استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة والسوابق القانونية.


ونحن إذ نوقع أدناه أفراداً من سائر فئات الشعب الفلسطيني ومنا اللاجئون الذين يعيش 29% منهم في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية والباقي خارجها، لنتوجه إلى المدافعين عن حقوق الإنسان والمواطنين الشرفاء والمجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة وحكومات العالم، خصوصاً الدول التي كان لها دور في مأساة الشعب الفلسطيني أن يدعموا بكل الوسائل الممكنة حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم بالإضافة إلى التعويض.


إن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط لن يسود دون تنفيذ حق العودة لأكبر وأهم وأقدم قضية للاجئين في العالم.



85% من أهالي الأرض التي أقيمت عليها (إسرائيل) أصبحوا لاجئين..


كم هي أرضهم؟

الأرض اليهودية عام 1948 1.682.000 (على أقصى تقدير)

أرض الفلسطينيين الذين بقوا 1.465.000 (ثلثيها صادرته إسرائيل).

أرض الفلسطينيين الذين طردوا 17.178.000

المجموع 20.235.000

هذا يعني أن 92% من الأرض التي أقيمت عليها (إسرائيل) هي أرض فلسطينية..





لماذا نزحوا؟

حسب الملفات الإسرائيلية: عدد القرى

الطرد على يد القوات اليهودية 122

الهجوم العسكري اليهودي المباشر 270


الخوف من هجوم يهودي متجه نحو القرى 38


تأثير سقوط مدينة قريبة 49

الحرب النفسية 12


الخروج الاختياري 6

غير معروف 34


المجموع 531


أي أن 90% من القرى نزحت بسبب هجوم عسكري يهودي..



أين ينتظر اللاجئون الفلسطينيون العودة إلى الوطن؟

مكان اللجوء الفلسطينيون كافة اللاجئون داخلي

فلسطين 48 1.***.547 (250.000) لاجئ داخلي

قطاع غزة 1.066.707 813.570

الضفة الغربية 1.695.429 693.286

الأردن 2.472.501 1.849.666

لبنان 456.824 433.276

سوريا 94.501 472.475

مصر 51.805 42.974

السعودية 291.778 291.778

الكويت 40.031 36.499

باقي الخليج 112.116 112.116

العراق وليبيا 78.884 78.884

الدولة العربية الأخرى 5.887 5.887

أمريكا الشمالية والجنوبية 216.196 183.767

باقي العالم 275.303 234.008


المجموع 8.270.509 5.498.186

أرقام عام (2000)


أي أن ثلثي الفلسطينيين لاجئون محرمون من العودة إلى ديارهم لأنهم ليسوا يهوداً، بينما يتدفق آلاف المهاجرين من روسيا والحبشة وغيرهما ليعيشوا في بيوت اللاجئين.


هل يمكن أن يعود اللاجئون إلى ديارهم

نعم - لأن حق العودة مقدس وقانوني وممكن وقادم-




* حق العودة مقدس.

لأنه في وجدان كل فلسطيني، وهو المطلب الأول لكل فلسطيني رغم خمسين عاماً من التشريد.


* حق العودة قانوني
لأنه من حقوق الإنسان الأساسية أن يعود كل إنسان إلى وطنه.

لأن حق العودة وحق الملكية في الأرض والديار حق أبدي فردي وجماعي لا ينزعه احتلال أو سيادة دولة أو معاهدة أو اتفاق ولا يحق لأحد التنازل عنه بالنيابة.

لأن المجتمع الدولي يؤيد حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم بموجب قرار الجمعية العامة رقم 194 الذي أكدته الأمم المتحدة أكثر من 135 مرة.


لأن احتلال الأرض بالقوة غير مشروع وسيزول بزوال القوة.





* حق العودة ممكن؟

لأن 80% من اليهود يعيشون في 15% من (إسرائيل) و20% من اليهود يعيشون في 85% من (إسرائيل) وهي أرض فلسطينية ومعظم اليهود يعيشون في المدن، ولكن 2% فقط منهم يستغلون كل الأراضي الفلسطينية السليبة، ويعيشون في مجتمعات الكيبوتس التي أفلست الآن أخلاقياً واقتصادياً وهجرها الكثيرون.


أي أن 200.000 يهودي فقط يستغلون 17.325.000 دنم هي إرث وتراث 5.500.000 لاجئ فلسطيني، محرومين من العودة، ومكدسين في المخيمات..

عودة اللاجئ لا تتم قانوناً إلا بعودته إلى بيته الذي هُجّرت منه عائلته عام 1948 وليس إلى أي مكان آخر ولو في فلسطين.



لا يوجد معنى أخلاقي أو قانوني للمقايضة بين قيام الدولة الفلسطينية وهو عمل سياسي، وحق العودة وهو حق غير قابل للتصرف.





ونتابع مع التحول الديمغرافي القصري في فلسطين
هايـــــــدي
هايـــــــدي
التحول الديموغرافي القسري في فلسطين

الدكتور/يوسف كامل إبراهيم



لقد أخذ الصراع العربي- الصهيوني منذ بدايته صراعاً على الأرض والسكان، وكان وما يزال الهدف الأساس للحركة الصهيونية أولاً، و"إسرائيل" لاحقاً، هو الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أرض فلسطين واستعمارها بأكبر عدد ممكن من المستوطنين اليهود القادمين في موجات متلاحقة من المهاجرين، بل إن المقياس الأهم لرصد مدى نجاح الصهيونية في مشروعها الاستعماري في فلسطين يتلخص في نسبة الأراضي التي استولت عليها منذ بداية نشاطها، ومدى قدرتها على اجتذاب المهاجرين اليهود ونجاحها في استيعابهم وتوطينهم في فلسطين، وعلى هذا الأساس فإن العاملان الجغرافي (الأرض) والديموغرافي (المهاجرون) يبقيان لهما الكلمة الأخيرة في الصراع الذي تخوضه الصهيونية في فلسطين، وما الممارسات الإسرائيلية على الأرض متمثلة في تهجير الفلسطينيين تهجيراً قسرياً من قراهم ومدنهم وانتزاع الأرض من أصحابها الأصليين والسيطرة عليها بكافة الوسائل والطرق، حيث لم يستطيع اليهود إعلان دولتهم إلا بعد أن اكتمل العدد الكافي من المهاجرين إلى فلسطين ومن هنا بدأ الصراع يظهر على الأرض وأخذ في نهايته شكل الصراع الجغرافي والديموغرافي.


تعتبر الدراسات والأبحاث التي تتناول الحراك الديموغرافى للشعب الفلسطيني من أهم الدراسات نظراً للواقع الديموغرافي الذي ارتبط بالواقع السياسي الذي تعرض فيه الشعب الفلسطيني للإبادة والتهجير وتبعاً للأطماع اليهودية في فلسطين، والتي تركزت أساساً في المحاولات الحثيثة لخلق وجود يهودي قسري فيها، وتبعاً لذلك شهد التطور الديموغرافي والاجتماعي للشعب الفلسطيني اتجاهات غير طبيعية، حيث كان لعامل الهجرة اليهودية إلى فلسطين وطرد العرب أصحاب الأرض الأصليين من وطنهم أثراً مباشراً في تلك التطورات.



فعندما صدر وعد بلفور عام 1917 وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني من عام 1918 حتى عام 1948 حيث تم تقديم التسهيلات اللازمة لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وبدأ اليهود بالتدفق بالآلاف وارتفع عددهم من حوالي عشرة آلاف شخص في منتصف القرن التاسع عشر إلى ما يقرب من 62.5 ألف شخص عند بداية الانتداب البريطاني، وإلى ما يقرب من ستمائة وخمسين ألف شخص عند نهاية الانتداب المذكور عام 1948 وبذلك ارتفعت نسبة اليهود إلى مجموع عدد السكان في فلسطين من 8.3% عام 1919 إلى 31.5% في 15 أيار (مايو) عام 1948.



بدايات التغيير الجغرافي والديموغرافي:-

لقد كان أول تقدير لعدد سكان فلسطين في القرن العشرين في فترة الحكم العثماني، حيث أعلن في عام 1914 وهي السنة التي نشبت فيها الحرب العالمية الأولى. وقدر عدد سكان فلسطين هو 689.275 نسمة منهم 8% من اليهود. وبعد خضوع فلسطين للانتداب البريطاني أصبح عدد سكان فلسطين حسب التقدير الرسمي 673.000 منهم 521.000 من المسلمين و67.000 من اليهود و78.000 من المسيحيين و7000 من المذاهب الأخرى، وقد نجم عن نكبة فلسطين أن قسمت فلسطين إلى ثلاثة مناطق جغرافية :-

1. الأراضي التي احتلها اليهود بعد حرب عام 1948 وقد شغلت 76.7 % من مساحة فلسطين.

2.الضفة الغربية وتشغل 22 % من مساحة فلسطين.

3.قطاع غزة و يشغل 1.3 % من مساحة فلسطين.


ولم يكتفي العدو الصهيوني بأن تبقى رقعة دولتهم على أراضي 1948 (خريطة رقم1)، وإنما قاموا بالعدوان على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967 وقاموا باحتلالها وبذلك أصبحت فلسطين جميعها تحت السيطرة اليهودية وعلى أثر هذا العدوان الجديد نزح العديد من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وانخفض عدد السكان في الضفة الغربية إلى 581.700 نسمة، كما انخفض عدد السكان في قطاع غزة إلى 937.6 ألف نسمة، بينما كان عددهم قبل العام 1967 مباشرة في حدود مليون وأربعين ألف نسمة .


وللوقوف على صورة المتغيرات الديموغرافية ومدى أثر الهجرة عليها، نرى أن المجموع الكلي لعدد السكان في فلسطين عام 1986 (جميع الديانات) قد بلغ 5.6 مليون نسمة منهم 3.5 مليون نسمة من اليهود أي ما نسبته حوالي 63% من المجموع الكلي، والباقي من الفلسطينيين أي ما نسبته 37% من المجموع الكلي، يقيم منهم في الضفة الغربية وقطاع غزة حوالي 26% من إجمالي سكان فلسطين بينما يقيم الباقي داخل دولة "إسرائيل" حيث بلغت نسبتهم 11% من إجمالي الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية .


ومع حلول عام 1998 بلغ المجموع الكلي لعدد السكان على أرض فلسطين التاريخية 8.09 مليون نسمة منهم 5.50 مليون نسمة من سكان دولة الاغتصاب الصهيوني أي ما نسبته حوالي 67.9% منهم حوالي 17% من الفلسطينيين أو ما يطلق عليهم فلسطينيو الداخل (48)، والباقي من الفلسطينيين أي ما نسبته 32.1% من المجموع الكلي يقيم منهم في الضفة الغربية 1.596.442 نسمة في قطاع غزة 1.000.175 مليون نسمة في قطاع غزة ، وخلال الإحدى عشر عام الماضية استطاعت "إسرائيل" المحافظة على الميزان الديموغرافي لصالحها على الرغم من ارتفاع نسبة النمو السكاني في الجانب الفلسطيني، ويرجع ذلك إلى موجات الهجرة في هذه السنوات.



ملامح التغيير الجغرافي والديموغرافي:-

اليهود وفلسطين قبل 1948

إن عملية التمييز بين الاستيطان اليهودي وحركة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني يفرضه تحليل العوامل المختلفة، التي مكنت اليهود من الهجرة إلى فلسطين وإقامة المستوطنات ونشوء نوع من التعايش بينهم وبين سكان البلاد الأصليين من العرب في مرحلة الانتداب البريطاني، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها تاريخ العلاقات الحسنة بين العرب واليهود الذي يخلو من الاضطهاد والتعصب، وعدم وجود أهداف سياسية للاستيطان اليهودي في مرحلته الأولى قبل عام 1897، فقد كان جزءاً من حركة الهجرات اليهودية التي خرجت من دول أوروبا الشرقية وشملت مختلف بلاد العالم .



فلم يكن لليهود أي علاقة بأرض فلسطين إلا علاقة الترحال والتنقل، حيث لا يوجد أي سند تاريخي يؤكد أن هذه الأرض كانت ذات هيمنة يهودية في فترات زمنية طويلة، وإنما كانت هناك باستمرار أحداث مرتبطة باليهود وقعت في هذه الأرض ومن خلال التوراة، نجد أن العبرانيين الأوائل هاجروا إلى أرض كنعان ولم يستقروا في مكان واحد .



سكان فلسطين قبل النكبة :-

لقد بدأ التغلغل اليهودي في فلسطين والعمل على شراء الأراضي في ظل الحماية الامتيازات الأجنبية، إلا أن البدايات الأولى لشراء اليهود أراضي في فلسطين كانت في عام 1855 على يد السير (موشي مونتفيوري) زمن السلطان عبد المجيد (1839-1861) ، حيث أصدر السلطان فرماناً سمح بموجبة لمنتفيوري بشراء أرض في فلسطين، فاشترى أرضاً بالقرب من القدس وقد أقيم عليها فيما بعد الحي اليهودي المعروف بحي مونتفيوري، وفي عام 1870 أنشأت جمعية الأليانس الإسرائيلية مستوطنة (مكفية إسرائيل) على مساحة من الأرض قدرت بحوالي 2600 دونم استأجرت من الحكومة العثمانية لمدة 99 سنة من أراضي قرية يازور القريبة من مدينة يافا لصالح وزير العدل الفرنسي (كريمو شاولنرنتر)، ومنذ عام 1870 حتى العام 1914 امتلك اليهود 420,600 دونم اشتريت من غير عرب فلسطين.


ونظراً لطبيعة الحال خلال الفترة الأخيرة للحكم العثماني فقد سعت المنظمات الصهيونية المنبثقة عن الحركة الصهيونية، مثل الصندوق القومي اليهودي، والمصرف اليهودي للمستعمرات وشركة تطوير أراضي فلسطين، فقد عملت جميعها جاهدة لتمويل التسلل اليهودي إلى فلسطين عبر هجرات مكثفة، أما بالنسبة لمجموعات الهجرة اليهودية إلى فلسطين من سنة 1882 حتى 1948 فيذكر السير (موشي مونتفيوري) أن عدد اليهود الذين كانوا يعيشون في فلسطين عند زيارتهم لها في العام 1839 قدر بحوالي ستة آلاف نسمة معظمهم من أصل أسباني، مقابل ما يقرب من 300 ألف عربي أي نسبة اليهود لم تتعد 2% من مجموع سكان فلسطين.



وبالنسبة لسكان فلسطين، إبان فترة الاحتلال العثماني لها، فأن المعلومات الإحصائية المتوافرة عن سكان فلسطين خلال الفترة (1542-1916) قليلة ونادرة، ونتج ذلك بسبب اهتمام السلطات العثمانية بالإحصاءات كان ينحصر في خدمة أغراض التجنيد فقط، فهي لم تكن تبوب البيانات التي تجمعها في جداول منظمة، كما أنها غالباً لم تكن تنشرها، غير أنها قامت في عام 1914 بإجراء حصر للسكان، استمر العمل به لعدة شهور وأسفر عن تقدير مجموع لسكان فلسطين في ذلك العام بحوالي (689) ألفاً، ولكن لم تنشر بيانات تفصيلية عن توزيعاتهم وخصائصهم السكانية. وإذا اعتمدنا الرقم (40) ألف يهودي كانوا يقيمون في فلسطين في عام 1914، بناءً على ما أشرنا إليه في مكان آخر من دراستنا، فإن نسبة اليهود من إجمالي سكان فلسطين في العام المذكور لا تتعدى (5,8) في المائة من إجمالي السكان المقدر من قبل السلطات العثمانية، والملاحظ أن زخم الهجرة اليهودية لم يكن كبيراً إلى فلسطين في فترة الاحتلال العثماني خاصة بعد انطلاقة الحركة الصهيونية بشكل رسمي ومنظم بعد مؤتمر بال في نهاية آب 1897، وبالتالي لم يكن للتسلل اليهودي دوراً مؤثراً بشكل نوعي على اتجاهات النمو السكاني في فلسطين، بَيْدَ أن فترة الانتداب البريطاني كانت ذهبية للحركة الصهيونية لتحقيق شعاراتها الاستراتيجية في فلسطين،



فقد مثل الفلسطينيون ما نسبته 88.8% من إجمالي سكان فلسطين وذلك في العام 1922 في حين لم تصل نسبة اليهود إلا 11.2% من إجمالي السكان، وظلت نسبة الفلسطينيين في تناقص مستمر حتى وصلت نسبتهم من إجمالي السكان حوالي 69.8% عشية إعلان دولة الاغتصاب الصهيوني، وارتفعت نسبة اليهود إلى حوالي 30.2% من إجمالي السكان في نفس العام، وترجع الزيادة الكبيرة في نسبة اليهود إلى موجات الهجرة التي تركزت في السنوات التي سبقت إعلان دولة اليهود على أرض فلسطين والجدول رقم (2) يوضح موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين قبل انتشاء الدولة اليهودية.



و يتضح مدى دور الهجرة اليهودية إلى فلسطين في تحول الميزان الديموغرافي لصالح اليهود، حيث بدأت أفواج الهجرة من العام 1880 حيث بلغ حجم المهاجرين اليهود إلى فلسطين في الموجه الأولى في الفترة ما بين 1880-1903 حوالي 25000 مهاجر يهودي، والجدير بالذكر أن حياة اليهود في فلسطين في تلك الفترة كانت تعكس ظلالاً قاتمة إذ كان لا يذهب إليها من اليهود إلا كبار السن، الذين يرغبون في قضاء آخر أيامهم في القدس وخير وصف لحياتهم تلك ما جاء على لسان القنصل الأمريكي في القدس عام 1878 إذ يقول: ((ويهود القدس خاصة فقراء كسالى، ضعاف العقول والأجسام، ويبدوا أن القدس محطة يتلاقى فيها اليهود المتعصبون المشوهون والعجائز، ليعيشوا هنا على الشحاذة والإحسان، وليقضوا بقية العمر ينوحون أمام حائط المبكى)) ، وارتفع عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين ليصل إلى 34 ألف مهاجر في الفترة 1904-1914 وقد كانت الفترة التي سبقت إعلان الدولة 1932-1939 التي شهدت أكبر موجة هجرة إلى فلسطين (شكل رقم 2)، حيث وصل أكثر من 224 ألف مهاجر، وترجع أسباب تدفق هذا العدد من المهاجرين إلى:


أولاً: ظهور الحركة النازية في ألمانيا وتزايد اضطهاد اليهود، وقد كشف بعض الكتاب اليهود من أمثال (ألفرد ليلينتال) على أن الصهاينة اتصلوا بالنازيين وشجعوهم على هذه السياسية حتى يبرروا إقامة الدولة وليس هذا بمستغرب على الصهيونية، حيث اشتركت في عمليات الاضطهاد بألمانيا بعد الحرب لاضطرار اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين.


ثانياً: أثرت الأزمات الاقتصادية في أوروبا على هجرة كثير من اليهود إلى فلسطين،كما أدت الأحوال الاقتصادية في أمريكا إلى التشدد في تطبيق القيود المفروضة على الهجرة إليها، ويتضح ذلك من الأماكن التي قدم منها المهاجرين، حيث مثل اليهود البولنديون نصف الموجة الخامسة، وكذلك من خلال التكوين الاثنولوجي للموجة الخامسة فإن أكثر من 90% من مهاجريها كانوا من اليهود الأوروبيين الذين شملوا عدداً كبيراً من أصحاب المهن الحرة والعمال المهرة المتخصصين، ففي الفترة من 1935-1939 هاجر إلى فلسطين حوالي 1000 طبيب و500 مهندس، وكان ذلك استعداداً من الصهيونية لوضع أسس إعلان دولتهم.

أما بالنسبة للموجة السادسة فقد حاولت بريطانيا التقرب إلى العرب، وأصدرت بريطانيا الكتاب الأبيض في 17 أيار (مايو) سنة 1939، وترجع أهميته إلى أنه للمرة الأولى حدد رقماً نهائياً للهجرة فقامت الحركة الصهيونية بنقل مركز الثقل الصهيوني إلى الولايات المتحدة، وتركز النشاط الصهيوني في نيويورك وعقد مؤتمر بلتمور في شهر مايو سنة 1942 وحدد نقاط ثلاثة:


1- فتح باب الهجرة دون قيود وتحت إشراف الوكالة اليهودية.


2 - تكوين فرقة يهودية تقاتل إلى جانب الحلفاء، لها علمها الخاص مما يؤكد حق الصهيونية في تأسيس دولة تصبح فيما بعد عضواً في الأمم المتحدة.


3- تحويل فلسطين إلى كومنولث يهودي.



مما سبق يتضح وبشكل جلي، أن موجات الهجرة اليهودية ساهمت وبشكل مباشر في التغيير القسري للميزان الديموغرافى لصالح اليهود،كما ساهمت هذه الهجرة في تغيير جغرافي.




تطور عدد سكان فلسطين في النصف الأول من القرن الحالي 1914-1948

من خلال أول تقدير سكاني جرى في فلسطين عام 1914، فقد قدر سكان فلسطين أيام الحكم العثماني عام 1914 حوالي 689 ألف منهم 634 ألف من العرب و55 ألف من اليهود أي أن نسبة اليهود كانت تبلغ في ذلك العام 8% من مجموع السكان، ومع بداية الاحتلال البريطاني بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بالتصاعد مما أدى إلى زيادة نسبة اليهود فارتفعت إلى 9%، في العام 1920 ووصلت إلى 10,6 % في عام 1921،


يتضح أن إجمالي عدد السكان في فلسطين بلغ 775.689 نسمة حسب تقديرات الحكومة العثمانية والتي أشار إليها كل من لوك وهيث، حيث شكل السكان العرب ما نسبته 92% من إجمالي السكان، في حين شكل اليهود ما نسبته 8% حيث بلغ عددهم 142. 55 نسمة، لكن ما يؤخذ على هذه الأرقام والأعداد بأنها تقديرية ولم تكن إحصائيات رسمية.
ولأول مرة في تاريخ فلسطين الحديث جرى تعداد للسكان في فلسطين الانتداب، ثم اتبع بتعداد ثاني عام 1931.


وقد حالت ظروف بعدئذ دون إجراء تعداد ثالث حتى عام 1948، حيث وضعت تقديرات لعدد السكان حتى ذلك العام بلغ عدد سكان فلسطين عام 1922 نحو 752.388 نسمة ولم يجري في فلسطين أي تعداد رسمي قبل العام 1922 وحسب هذا التعداد فقد بلغ إجمالي سكان فلسطين 752.388 نسمة، بلغت نسبة السكان العرب من هذا الإجمالي 89% في حين ازدادت نسبة اليهود عما كانت عليه في العام 1914 إلى 11% من إجمالي السكان وذلك بزيادة مقدارها 3%، أما حسب إحصاء 1931 فقد بلغ السكان في فلسطين 1.035.821 نسمة تناقصت فيه نسبة السكان العرب إلى 84% من إجمالي السكان، في حين زادت نسبة السكان من اليهود إلى 16% من إجمالي السكان أما حسب تقديرات حكومة الانتداب البريطاني والتي قد أشار إليها مصطفى مراد الدباغ في مجلدات (بلادنا فلسطين)، فقد بلغ إجمالي السكان في فلسطين 1.363.387 نسمة، شكل العرب ما نسبته 69% في حين شكل اليهود 31% من إجمالي السكان.



ومما سبق يتضح أن نسبة الزيادة في سكان فلسطين كانت لصالح اليهود في حين كان هناك تناقص في نسبة الزيادة بالنسبة للسكان العرب. أما في أيار سنة 1948 فقد قدر عدد سكان فلسطين 2.065.000 نسمة منهم 1.415.000 نسمة من العرب و650.000 نسمة من اليهود، حيث شكل العرب ما نسبته 68.5 % من إجمالي السكان وشكل اليهود ما نسبته 31.5% من إجمالي السكان، ويرجع التناقص في نسبة تمثيل السكان الفلسطينيين لصالح زيادة نسبة السكان اليهود نتيجة الخلل الذي أصاب مكونات النمو الغير طبيعية وخاصة موجات الهجرة اليهودية المكثفة الموجة إلى فلسطين.




ونتابع مع مكونات النمو السكاني
هايـــــــدي
هايـــــــدي
مكونات النمو السكاني

من خلال دراسة مكونات النمو السكاني في فلسطين، يتضح بأن سكان فلسطين ازداد بين عامي 1922- 1944 ما نسبته 131.4%، حيث ساهمت الزيادة الطبيعية بنسبة 63% من الزيادة العامة للسكان، في حين ساهم صافي الهجرة بنسبة 37% من الزيادة العامة، وتفاوتت نسبة ازدياد السكان حسب الفئة الدينية ما بين عامي 1922- 1944، إذ حقق اليهود أعلى نسبة زيادة سكانية (536,1%) في حين حقق المسيحيون زيادة سكانية نسبتها 90% بينما لم يحقق المسلمون سوى نسبة 80% )، ويقدر النعماني السيد بالاستناد إلى بيانات تعداد 1945 الذي أجرته حكومة الانتداب وتعداد اليهود في إسرائيل عام 1948 أن نسبة النمو في السكان اليهود بلغت بين هذين التاريخيين 16.8% سنوياً، وأن نسبة الزيادة غير الطبيعية –بالهجرة– 95,2% وهو ما يوضح مدى أهمية الدور الذي لعبته الهجرة اليهودية في عملية بناء المجتمع



يتضح مما سبق مدى العلاقة بين نسبة الزيادة السكانية لكل من اليهود والمسيحيين والمسلمين ومساهمة صافي الهجرة في هذه الزيادة السكانية، فقد ساهم صافي الهجرة بنسبة 74% عند اليهود و29% عند المسيحيين، في حين ساهم صافي الهجرة بنسبة 4% من الزيادة العددية للمسلمين وعلى العكس من ذلك فقد كان نسبة مساهمة الزيادة الطبيعية أعلاها عند المسلمين 96% و عند المسيحيين 71% و لليهود 26%..


ويرجع سبب تفوق اليهود على العرب من حيث معدلات الزيادة السكانية إلى سلطة الانتداب البريطاني التي فتحت أبواب فلسطين على مصر عيها أمام الهجرة اليهودية القادمة من الخارج، وقد ساهم تدفق المهاجرين اليهود إلى فلسطين إلى الإخلال بمعدلات الزيادة السكانية لدى الفئات الدينية. ونتج عن ذلك تناقص نسبة المواطنين العرب من مسلمين ومسيحيين خلال فترة الانتداب من 89% إلى 67% من إجمالي سكان فلسطين، وتزايد نسبة السكان اليهود من 11% إلى 33% تقريباً من إجمالي السكان. وبمعنى آخر فإن العرب الذين كانوا يؤلفون تسعة أعشار سكان فلسطين في بداية فترة الانتداب البريطاني أصبحوا يؤلفون نحو ثلثي سكان فلسطين في نهاية تلك الفترة، وأن اليهود الذين كانوا يمثلون عشر سكان فلسطين في بداية الانتداب أصبحوا يمثلون ثلث السكان في النهاية، ولا يعني ذلك أن نقلل من شأن مساهمة الزيادة الطبيعية في نمو سكان فلسطين


ومن خلال ما سبق يتضح مدى أهمية مساهمة الزيادة الطبيعية في نمو سكان فلسطين، ففي خلال الفترة (1922-1944) بلغ معدل الزيادة الطبيعية للمواطنين العرب 26 في الألف، وتراوح ما بين 31 في الألف عند المسلمين، و21 في الألف عند المسيحيين. أما اليهود فكان معدل زيادتهم الطبيعية خلال الفترة نفسها 20 في الألف. وفي أواخر الانتداب وبالذات خلال الفترة (1942-1946) بلغ معدل الزيادة الطبيعية عند كل من العرب واليهود 27 في الألف و21 في الألف على التوالي، وبلغ معدل المواليد عند كل من العرب واليهود 50 في الألف و 40 في الألف على التوالي، بينما كان معدل الوفيات عند كل من العرب واليهود 23 في الألف و19 في الألف على التوالي وكان كل من العرب واليهود يقبلون على الزواج المبكر إذ وصل متوسط من الزواج للمرأة إلى دون العشرين سنة، وللرجل إلى دون الرابعة والعشرين سنة ،وارتفعت بين السكان نسبة البالغين من العمر من الشباب سن (15-45) سنة من الذكور والإناث فوصلت عند المواطنين العرب إلى 56,7% من مجموع العرب، وعند اليهود إلى حوالي 60% من مجموع اليهود، أما معدلات الخصوبة عند السكان فإنها كانت مرتفعة، إذ بلغ معدل ما تنجبه المرأة 6 أطفال بالنسبة لفلسطين عامة، و7 أطفال بالنسبة للعرب، ومن خلال الجدول السابق يتضح أن أعلى معدل للمواليد الخام كان في العام 1925 حيث بلغ المعدل 46.6 بآلاف في حين بلغ أدنى معدل 42.1 بآلاف وذلك في العام 1945، و في نفس الفترة التي بلغ فيها أعلى معدل للمواليد الخام أيضاً بلغ معدل الوفيات الخام أعلى معدل له في العام 1925 حيث بلغ 23.8 بآلاف في حين أدنى معدل للوفيات كان في العام 1945 حيث بلغ المعدل 14.2 بآلاف، في نفس الوقت الذي نرى فيه أن أدنى معدل للزيادة الطبيعية كان في العام 1925، حيث بلغ معدل الزيادة الطبيعية 22.8 في الوقت الذي بلغ أعلى معدل للزيادة الطبيعية في 1945 حيث بلغ معدل الزيادة 27.9 بآلاف، وبالرجوع إلى المعدلات للمواليد والوفيات وما ينتج عنها من معدل للزيادة الطبيعية، نرى أن معدل الزيادة الطبيعية لليهود عند مقارنته مع معدل نموهم نجد أن الفارق كبير جداً مما يعكس مدى تأثير الهجرة في زيادتهم، ويدل على أن الزيادة الطبيعية لم تكن العامل الرئيسي في تزايد اليهود بل الهجرة القادمة إلى فلسطين، وبالرجوع إلى مصادر زيادة السكان فإننا نرى أن الزيادة الطبيعية كانت تساهم بنسبة 99.6% من زيادة المسلمين وبنسبة 64% من زيادة المسيحيين وبنسبة 89% من زيادة الدروز، أما اليهود فقد بلغت نسبة مساهمة الزيادة الطبيعية في نموهم 27% فقط بينما كانت الهجرة تساهم بنسبة 73%، وأهم ما يمكن ملاحظته من خلال الجدول السابق انخفاض معدل الوفيات في أوساط اليهود مقارنة مع معدلات الوفيات عند المسلمين والمسيحيين والدروز، والجدول التالي رقم (6) يوضح أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين في كل عام من 1920 إلى العام 1940 .
جدول رقم (6) أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين بين 1921 – 1941


أعداد المهاجرين
السنة
99,927
1921-1929
206,243
1930-1939
118,300
1940-1948*
424,470
المجموع




محمد السيد غلاب، تطور سكان فلسطين من سنة 1918 إلى 1965، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، ص329.


*الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، الدراسات الخاصة، بيروت 1990 ص304.


من خلال الجدول السابق يتضح مدى التغير الكبير الذي طرأ على موجات تدفق الهجرة اليهودية إلى فلسطين فقد شهدت السنوات ما بين 1921-1929 أدنى تدفق لها في حين كانت السنوات ما بين 1930-1940 أعلى السنوات التي تدفق خلالها اليهود إلى فلسطين، وقد كان لذلك أبعاده الجغرافية حيث يرتبط الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين بالهجرة اليهودية التي تغذي هذا الاستعمار بالمستعمرين الغرباء من اليهود، كما يرتبط أيضاً بالأرض الفلسطينية التي يقوم عليها الاستعمار مستفيداً من مواردها المائية والزراعية ،حيث تركز الاستعمار منذ بدايته في الأراضي ذات التربة الجيدة الأمر الذي سهل عليه إدخال الزراعة الكثيفة والمختلطة، وعلى ذلك لم يكن اليهود عام 1918 يملكون إلا 650 ألف دونم أو ما نسبته 2% من إجمالي مساحة اليابسة البالغة (26 مليون دونم ) وقد حصل اليهود خلال فترة الانتداب على أراض أوصلت ما يملكونه عند انتهاء الانتداب في مايو 1948 ما يقرب من 2.1 مليون دونم أو ما نسبته 8% من مساحة اليابسة في فلسطين.


وقد بلغت نسبة ما امتلكه اليهود من أرض زراعية في أواخر فترة الانتداب 20% من مجموع الأراضي الزراعية في فلسطين، هذا وقد بلغت مساحة الأراضي الزراعية التي استولى عليها اليهود والتي كانوا قد اشتروها من الملاك الغائبين (المقيمين خارج فلسطين ) 625 ألف دونم، وقد نتج عن تسرب هذه المساحات من الأراضي الزراعية طرد 2746 أسرة عربية من 22 قرية في سهل مرج ابن عامر وطرد أكثر من 15 ألف مواطن من الحولة، وطرد ألوف آخرين من أراضي الساخنة وغور بيسان وطلعون والزبيدات والمنسي، وفي فترة الانتداب تضاعف عدد المستعمرات الصهيونية من 47 مستعمرة في العام 1914 إلى 274 مستعمرة في العام 1946، أي بزيادة معدلها 7 مستعمرات في العام الواحد على مدى 32 عاماً




الهجرة اليهودية وأثرها في تغيير الميزان الديموغرافي خلال فترة الانتداب البريطاني :



لم يكن الحديث عن موجات الهجرة إلى فلسطين من أجل رصد أعداد موجات الهجرة هذه وأعداد المهاجرين، وإنما كان من الضروري التطرق إلى أي مدى أثرت هذه الهجرة على الواقع الديموغرافي في فلسطين حتى قيام دولة اليهود في العام 1948، وهل كانت هذه الهجرة عشوائية ؟؟ أم كانت هجرة نوعية مقصودة قبل قيام الدولة؟ فقد هاجر اليهود إلى فلسطين خلال فترة الانتداب في أربعة أفواج رئيسية كان مجموع أفرادها نحو 482.900 مهاجر وذلك بمتوسط بلغ 16.440 مهاجر في السنة، وقد أثرت مجموعة من التغيرات الداخلية والخارجية على حركة الهجرة وحجمها بحيث أن المتوسط كان يتفاوت من فترة إلى أخرى، وكانت الفترة (1919-1923) قد شهدت متوسط هجرة بلغت 7 آلاف مهاجر سنوياً، وارتفع هذا المتوسط ليصل إلى 24.600 مهاجر سنوياً خلال الفترة (1924-1931) ، ووصل المتوسط إلى أعلى مستوى له خلال الفترة (1932-1939) عندما بلغ 57.100 مهاجر في السنة ، أما الفترة (1940-1948) فقد شهدت هجرة يهودية قادمة إلى فلسطين بلغ متوسطها السنوي 34.900 مهاجراً ، ويلاحظ من خلال استعراض موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين اعتماد الحركة الصهيونية على الهجرة كمصدر أساسي لتحقيق حلم الحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين، وذلك بالتغيير القسري للواقع الديموغرافي لصالحهم، وذلك استعداداً لإقامة الدولة وخوض المعركة.


ومن حيث نوعية المهاجرين فإن البيانات والدراسات تشير إلى أن السلطات الإسرائيلية تعنى باختيار المهاجرين كماً ونوعاً حسب الاحتياجات المرحلية لإقامة الدولة من الناحية الاقتصادية والعسكرية.

فقد ساهمت الهجرة ليس فقط في سد النقص في القوى العاملة الفنية وذات المؤهلات العالية بل كذلك في إنعاش عدد من الصناعات الأساسية في "إسرائيل"، وكذلك إنعاش قطاع البناء والتشييد بالإضافة إلى ما يصطحبه المهاجرون معهم من رؤوس أموال كبيرة وخيرات عالية فموجات الهجرة التي بدأت مع بداية العام 1882 استمرت حتى العام 1903 عرفت هذه الهجرة بـ (هجرة الريادة) وهى هجرة أفراد منتقين ذو مواصفات معينة في حين عرفت بعد ذلك بالهجرة الجماعية والتي هدفها حشد أكبر عدد ممكن من اليهود في فلسطين، وفيما يتعلق بالتوزيع النوعي فإن نسبة هجرة الذكور قد تراوحت بين 52.3% و 50% من مجموع المهاجرين، إن هذا التوازن النوعي للهجرة اليهودية هي حالة نادرة في تاريخ الهجرات الدولية والتي تفوق فيها نسبة الذكور بصورة كبيرة، كما اتخذت السلطات الإسرائيلية جملة إجراءات استهدفت رفع نسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي لتقرير مساواتها بالرجل منذ عام 1951 ودفعها للمشاركة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وعدم جعلها عاطلة عن العمل وخاصة في ظل الاستعداد لإقامة دولتهم، ومن الطبيعي أن تنعكس طبيعة هذه الهجرة الانتقائية على وضع المجتمع اليهودي، بحيث تتهيأ الفرصة لمزيد من حالات الزواج ولارتفاع في معدلات الخصوبة والاتجاه نحو استقلال الأرض والاستفادة من مواردها .



هذا بالنسبة للناحية النوعية للهجرة، أما بالنسبة للجانب الكمي فقد استطاعت الهجرة أن تعوض الدولة اليهودية عن النقص في معدل النمو الطبيعي للسكان، وأن تحقق التوازن الكمي بين السكان العرب واليهود في مرحلة من المراحل حتى استقرت الأوضاع واستطاعت السلطات الإسرائيلية تشريد عدد كبير من الفلسطينيين، وبالتالي قلب الميزان الديموغرافي القسري لصالح اليهود في فلسطين، وأن هذا الواقع جعل من اليهود تمسكهم العنيد في مفاوضات السلام الحالية على عدم عودة جميع اللاجئين ومن انحدر منهم، وذلك رغبة منهم لعدم التخفيف من الهوة بين عدد اليهود المتواجدين في فلسطين والفلسطينيين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل الأراضي التي احتلت في العام 1948، كما تسعى السلطات الإسرائيلية دائماً لعدم السماح بالهجرة المعاكسة وتفرض القوانين التي تعيق من هجرة اليهود من دولة "إسرائيل" إلى الدول الأوروبية أو أي دولة أخرى، إلا أن موجات الهجرة الوافدة تباينت من فترة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال انخفض عدد المهاجرين إلى "إسرائيل" على أثر حرب 1973 من 33478 عام 1973 إلى 16800 مهاجر من الاتحاد السوفيتي عام 1974، ومن 4393 إلى 2782 مهاجر من الولايات المتحدة الأمريكية.



غير أن الأمر الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل يتمثل في حركة النزوح عن "إسرائيل" (الهجرة المعاكسة) فقد قدرت الجهات الرسمية أن عدد الذين نزحوا عن "إسرائيل" للفترة 1970-1975 بلغ 100 ألف نازح .


وتؤكد الدراسات حقيقة ميل معدل الهجرة إلى التناقص، على الرغم من أن السلطات الإسرائيلية تعلن عن حاجتها إلى ما لا يقل عن 100 ألف مهاجر سنوياً، غير أن ما يصل إليها أقل من ذلك بكثير، ففي السنوات التي بلغت فيها الهجرة ذروتها وهي 1972-1973 بصورة خاصة لم يتجاوز معدل الهجرة عن 55 ألف مهاجر في السنة، انخفض هذا المعدل إلى 20 ألف بعد حرب 1973 ثم عاود للارتفاع على ضوء موجة الهجرة مع نهاية سنوات السبعينيات حيث وصل إلى 38 ألف مهاجر 1979، ولكن مع بداية الثمانينيات بدأ معدل الهجرة إلى "إسرائيل" بالانخفاض، وبدأت ظاهرة (الهجرة المعاكسة) حيث ابتدأت بنسبة 8% حتى 60% عام 1978 إلى 65-70% عام 1979 وإلى 75% عام 1980 .



وقد أكد ذلك رئيس الوزراء الحالي لدولة الاغتصاب الصهيوني أرئيل شارون) حيث قال: سنعمل على استقدام مليون مهاجر يهودي خلال الـ 13 سنة القادمة من جميع أنحاء العالم، مشيراً إلى أن إحدى أولوياته هي دعوة نصف مليون يهودي يعيشون في أمريكا الجنوبية لمغادرة بلدهم والهجرة إلى "إسرائيل"، ورداً على سؤال لمعرفة من أين سيأتي المليون يهودي هذا، أجاب إنه يفكر أولاً وقبل أي شيء باليهود الذين يقيمون في دول أمريكا اللاتينية، وأضاف انه يعيش 230 ألف يهودي في الأرجنتين في وضع اقتصادي صعب للغاية و130 ألف في البرازيل و50 ألف في المكسيك وغيرهم في فنزويلا ودول أخرى .


مما سبق اتضح وبشكل قاطع التغيير الديموغرافي القسري الذي حصل أرض فلسطين ومدى مساهمة الهجرة الوافدة أو العكسية في هذا التغير القسري على أرض فلسطين، وإلى جانب ذلك فقد كانت السلطات الإسرائيلية قد استخدمت مجموعة من الأساليب التي تخدم مطامعهم في الوصول إلى واقع ديموغرافي لصالح اليهود في فلسطين، ومن بين هذه الوسائل والأساليب التي استخدمتها السلطات الإسرائيلية أسلوب التهجير وتدمير القرى، وكانت هذه عبارة عن سياسة مرسومة هدفت السلطات الإسرائيلية من خلال تطبيقها إلى الوصول إلى أغلبية سكانية فلسطينية بأسلوب قسري وقهري.



ونتابع مع الميزان الديموغرافي خلال فترة الانتداب البريطاني
هايـــــــدي
هايـــــــدي
الميزان الديموغرافي خلال فترة الانتداب البريطاني

من خلال دراسة مكونات النمو السكاني في فلسطين يتضح أن عدد المواطنين العرب ازداد من 668.258 نسمة إلى 1922 إلى 1.210.922 نسمة عام 1944، وذلك بزيادة نسبتها 81.3%، بينما ازداد عدد اليهود من 83.790 نسمة إلى 528.702 نسمة خلال الفترة نفسها، وذلك بزيادة قدرت نسبتها 536.1%، وقد ساهمت الزيادة الطبيعية بنسبة 83% من النمو العددي للمواطنين العرب، بينما ساهم صافي الهجرة بنسبة 17% من نموهم العددي. وعلى النقيض من ذلك ساهمت كل من الزيادة الطبيعية وصافي الهجرة بنسبتي 26% و 74% على التوالي من النمو العددي لليهود في فلسطين.


وبالرجوع إلى الأسباب التي أدت إلى ذلك نرى أنه كان لسياسة بريطانيا المتحيزة تماماً مع اليهود ضد العرب في تنفيذ وعد بلفور السبب المباشر، ومن خلال انتدابها على فلسطين مدة ثلاثين عاماً وفتح أبواب فلسطين أمام تدفق أفواج المهاجرين اليهود. ونتج عن تلك السياسة انخفاض نسبة المواطنين العرب من 89% من إجمالي سكان فلسطين عام 1922 إلى 67% عام 1948. كما نتج عنها أيضاً ارتفاع نسبة اليهود في فلسطين من 11% إلى 33% تقريباً من إجمالي سكان فلسطين خلال الفترة نفسها، وبمعنى آخر فإن المواطنين العرب الذين كانوا يؤلفون تسعة أعشار سكان فلسطين في بداية فترة الانتداب البريطاني أصبحوا يؤلفون نحو ثلثي سكان فلسطين في نهاية تلك الفترة، وأن اليهود الذين كانوا يمثلون عُشر سكان فلسطين في بداية الانتداب أصبحوا يمثلون ثُلث السكان في نهايته.


ولقد ظل اليهود يشكلون خطراً ديموغرفياً على المواطنين العرب معتمدين على سلاح الهجرة اليهودية إلى فلسطين أساساً، وعلى الزيادة الطبيعية بصورة ثانوية. ففي منتصف القرن التاسع عشر قُدر عدد اليهود بحوالي عشرة آلاف نسمة، وفي العام 1914 قُدر عددهم في فلسطين بحوالي 85 ألف يهودي، وهبط عددهم إلى 56 ألف يهودي خلال الحرب العالمية الأولى وأخذوا يزدادون عدداً ونسبة خلال فترة الانتداب، إذ ازدادت نسبتهم من 11.1% في عام 1922 إلى 17.7% في عام 1931، وإلى حوالي 28% في عام 1936، وإلى حوالي 31.5 في عام 1943، وإلى حوالي 33% في عام 1948.


ولقد انعكس التوزيع الجغرافي لكل من العرب واليهود في أقضية فلسطين على تفاوت معدلات نمو سكان هذه الأقضيه. فخلال الفترة (1922-1931) نما عدد سكان الأقضية التي تضم نسبة عالية من اليهود بنسبة 54%، بينما كانت نسبة نمو سكان الأقضية التي تضم نسبة منخفضة من اليهود حوالي 15% خلال الفترة نفسها، وكانت هذه النسبة من نمو السكان للفترة (1931-1944) حوالي 49% و36% على التوالي، وكان هذا التفاوت واضحاً بين الأقضية الشرقية التي تضم نسبة عالية من المواطنين العرب والأقضيه الساحلية الغربية التي تضم نسبة عالية من اليهود.


ففي الأقضية الشرقية ازداد عدد السكان خلال الفترتين (1922-1931) و(1931-1944) بنسبة 15% و30% على التوالي. وفي الأقضية الساحلية الغربية ازداد عدد السكان خلال الفترتين نفسيهما بنسبة 45% و 52% على التوالي. وتشتمل الأقضية الداخلية على أقضية بئر السبع (إقليم صحراوي) والخليل وبيت لحم والقدس ورام الله وطولكرم ونابلس وجنين (إقليم جبلي). وتشتمل الأقضية الساحلية على أقضية غزة ويافا والرملة وحيفا وعكا (إقليم سهل ساحلي)

ولم تفلح الصهيونية خلال فترة الانتداب البريطاني في تحسين الميزان الديموغرافي لصالح اليهود، فإنها عجزت عن تحقيق ميزان أرضي لصالحهم. فالتواطؤ البريطاني-الصهيوني نجح في جلب اليهود إلى فلسطين وفي رفع نسبتهم إلى حوالي ثُلث سكان البلاد، ولكنه عجز عن رفع نسبة ما امتلكه اليهود من أراضٍ في فلسطين إلى أكثر من 8% من مساحة البلاد ونتيجةً لهذا الوضع المتناقض عملت الصهيونية وبمساعدة من بريطانيا عام 1948، على اغتصاب نحو 79% من مساحة فلسطين لإقامة كيانها العدواني.


أساليب اليهود في التغيير القسري للميزان الديموغرافي في فلسطين قبل العام 1948

فمن خلال الشعار الذي رفعته الحركة الصهيونية والذي ينادي بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين التي كانوا يعتبرونها (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، يتضح بأن هدف اليهود كان من البداية إظهار فلسطين على أنها أرض بدون سكان وبدون شعب يقطنها، وقد تبلورت أهدافهم في تصفية الشعب الفلسطيني وإبادته معتمدين في ذلك أساليب كثيرة تصب جميعها في سياسة موحدة ألا وهي سياسة التهجير وهي عملية مقصودة هدفها طرد السكان الأصليين ليحل محلهم سكان آخرين، كما هي عملية استبدال سكان بسكان آخرين. وقد اتبعت أساليب وأشكال مختلفة للضغط على الفلسطينيين لترك قراهم ومدنهم من خلال مذابح كان أشهرها مذبحة دير ياسين، وذلك بهدف الوصول إلى واقع ديموغرافي جديد داخل فلسطين يكون لصالح اليهود المغتصبين. وقد تم تسجيل 5 مذابح في الوسط و5 في الجنوب و24 مذبحة في الجليل.


وفي الفترة التي سبقت إعلان اليهود لدولتهم في العام 1948 وما تلاها أقدمت العصابات الصهيونية على القيام بعدد من المذابح إلى جانب إتباع أسلوب الترحيل الجماعي والأبعاد، وذلك استكمالاً لأهدافهم التي رسموها لأنفسهم لخلق واقع ديموغرافي جديد هدفه خلق أكثرية يهودية على أرض فلسطين والأمثلة على ذلك:-


- طرد السلطات الإسرائيلية الكثير من أهالي المجدل والخصاص وعسقلان والجاعونة.

- طرد السلطات الإسرائيلية أهالي 13 قرية من قرى المثلث في عام 1951.

- دمرت "إسرائيل" بعد قيامها 478 قرية من أصل 585 قرية عربية.

- دمرت السلطات الإسرائيلية 135 قرية من الجليل من أصل 210 قرية وشرد سكانها.

- إبعاد السلطات الإسرائيلية بعد قيامها مباشرة لـ 35 ألف فلسطيني من سكان النقب إلى كل من الأردن وسيناء.



الآثار الجغرافية والديموغرافيه للممارسات الصهيونية

ونتيجة للممارسات الصهيونية فقد انخفضت نسبة السكان العرب من 52% بعد قيام "إسرائيل" مباشرة إلى 17.9% في العام 1949 وإلى 12.9% عام 1950 ، أما بعد حرب عام 1967 فقد كان الأمر مختلفاً فقد تم إعلان قيام دولة “إسرائيل” في العام 1948 أما في العام 1967 فقد كان هدف هذه الحرب الاستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطين والتي لم تستطيع السلطات الصهيونية السيطرة عليه في الأعوام الأولى لإعلان دولتهم، وقد نتج عن هذه الحرب تشريد وتهجير ما يقرب من 400 ألف فلسطيني من الضفة الغربية ونحو 50 ألف من قطاع غزة.


واستمرت عملية التهجير بعد ذلك فيما بين نهاية عام 1967 وعام 1979 فقد بلغ عدد الذين هجروا ونزحوا من الضفة الغربية وقطاع غزة نحو 354 ألف مواطن وذلك بمعدل سنوي 29.500 فلسطيني.


مما سبق يتضح لنا أن عمليات التهجير للفلسطينيين لم تكن هجرة طوعيه وإنما كانت عبارة عن سياسة اتبعتها السلطات الإسرائيلية للوصول إلى أغلبية وتفوق ديموغرافي قسري وغير طبيعي في فلسطين.
قراءة ديموغرافيه مستقبلية:


على الرغم من الممارسات الصهيونية والآثار الجغرافية والديموغرافيه المترتبة عن ذلك، إلا أن الوجود اليهودي المنتشر على أرض فلسطين التاريخية سيصبح لا يشكل أغلبية في العام 2006، حيث أن الفلسطينيين سيصبحون على تساوى مع اليهود، ومن المتوقع في السنوات القادمة أن يكون التفوق للفلسطينيين

- أعداد المستوطنين لا يتم إضافتها إلى إجمالي عدد اليهود لأنهم بالطبع محسوبون على إجمالي عدد اليهود في دولة "إسرائيل".


- من (1999-2006) تقديرات الباحث على أساس ثبات الزيادة السنوية (للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة = 176.159 نسمة سنوياً/للفلسطينيين داخل "إسرائيل"= 34500 نسمة سنوياً/لليهود = 83.500 نسمة سنوياً).

- الزيادة في أعداد اليهود لم تأخذ بالحسبان موجات الهجرة اليهودية الجماعية التي قد تأتى إلى فلسطين.

- لم يتم تقدير أعداد المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة لأن ذلك مرتبط بالظروف السياسية.


من خلال الجدول السابق يتضح أن الميزان الديموغرافى سيكون في صالح الفلسطينيين في العام 2006 بغض النظر عن مكان وجودهم سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة أو في داخل "إسرائيل"، فسيصل عدد الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية في العام 2006 إلى حوالي 5.467.472 فلسطيني في نفس الوقت الذي سيكون فيه عدد اليهود على أرض فلسطين التاريخية 5.453.100 يهودي، ويرجع هذا التفوق للفلسطينيين إلى الزيادة الطبيعية في حين أن الزيادة السكانية عند اليهود كانت تعتمد وبشكل مباشر على المهاجرين القادمين من جميع أقطار العالم.
نستنتج مما سبق أن الهجرة الفلسطينية الواسعة وبهذا الحجم الكبير كانت نتيجة التهجير القسري وممارسات العصابات الصهيونية، مقابل قدوم آلاف اليهود من جميع أقطار العالم للاستقرار في فلسطين وعلى الرغم من ممارسات العصابات الصهيونية إلا أن الفلسطينيون على أرض فلسطين التاريخية سيكون لهم الأغلبية خلافاً لما خططت له الحركة الصهيونية.


نتائج:

1- أهمية الدراسات الجغرافية والديموغرافية التي من خلالها معرفة مجموع وتوزيع الشعب الفلسطيني ومكونات النمو للفلسطينيين واليهود كطرفي صراع.


2- تأثر الشعب الفلسطيني بالسياسات السكانية الإجلائية والإحلالية التي طالت أكثر من 5.3 مليون فلسطيني هم مجموع اللاجئين والنازحين، ويشكلون ما نسبته 69% من أجمالي الشعب الفلسطيني.

3- أن الشعب الفلسطيني يعتبر مجتمع فتي بسبب ارتفاع معدلات المواليد وارتفاع نسبة صغار السن.


4- أن الشعب الفلسطيني سيصل إلى حالة توازن ديموغرافي مع اليهود مع حلول العام 2006 على الرغم من موجات الهجرة اليهودية.


5- اعتماد المجتمع الإسرائيلي على الهجرة الوافدة في نموه مقابل اعتماد المجتمع الفلسطيني على المواليد.


6-اتباع الصهيونية نهج التهجير القسري أو ما يعرف بالنهج الاجلائي والاحلالي.




توصيات:


1- دعوة جميع المثقفين والباحثين وخاصة الجغرافيين والديموغرافيين وعلماء الاجتماع إلى تسليط الضوء على موضوع الصراع الديموغرافي لما له من أهميه من كشف فضائح الصهيونية وممارساتها المستمرة حتى يومنا هذا.

2- ضرورة تسليط الأضواء على الجانب الديموغرافي والجغرافي لجميع التجمعات السكانية الفلسطينية ووضع الحقائق والأرقام لتوضيح اتجاهات التطور والنمو السكاني للشعب الفلسطيني.


3- دعوة جميع مراكز الأبحاث لتسليط الضوء على البعد الجغرافي والديموغرافي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأهمية وحدة الشعب الفلسطيني في مقاومته وصموده أمام التحديات الصهيونية التي مازلنا نشهد فصولها من مصادرة للأرض واقتلاع للإنسان الفلسطيني وجذب مزيد منم يهود العالم.




ونتابع مع دلالة اسماء فلسطين و القدس على عروبتها
هايـــــــدي
هايـــــــدي
دلالة أسماء فلسطين والقدس على عروبتها

(الحضارة النطوفية)




فلسطين . . هذا البلد الصامد صمود بشريتنا، الخالد خلود كوكبنا، لم تعرف البشرية والأرض بلداً أكثر منه عراقة، عاش فيه الإنسان الفلسطيني - كما تفيد آخر المكتشفات الأثرية - منذ ما يربو على المليون ونصف المليون سنة خلت، وقد وجدت هياكله العظيمة وآثاره الحجرية في عدة مواقع من فلسطين، ويطول بنا المجال إذا ما حاولنا تتبع هذه المسيرة عقب الحقب السحقية في القدم، ولذا سنترك تلك المراحل الأولى من تطوره ونقف عند الأخيرة من تلك المراحل .


في العصر الحديث الوسيط ما بين 10،000 - 8،000 سنة ق.م ظهر النطوفيون في فلسطين، وجاءت تسميتهم نسبة إلى وادي النطوف غربي القدس، وتعتبر الحضارة النطوفية الحضارة الأولى عن طريق تقدم الإنسان وارتقائه، فمن خلالها وصلت التحولات الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين قمتها، فبعد أن بلغ النطوفيون درجة عالية من التقدم وضع الأساس المادي والفكري ا لمباشر للانعطاف الجذري والأهم في تاريخ البشرية، إلا أن أهم ما امتازت به هذه الحضارة انتقالها بالإنسان من مرحلة الصيد وجمع الطعام إلى مرحلة الزراعة وتدجين الحيوان، وبذلك تحول من الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإنتاجي، وكان القمح والشعير أول ما زرع الإنسان .


وليس لدينا دليل على ممارسة أي شعب آخر غير النطوفي للزراعة في مثل هذا العصر البعيد .


وإذا أردنا تتبع أفضال الزراعة على الرقي البشري لاحتجنا إلى عدة دراسات، فرأينا الاكتفاء برأي "غولايف" في كتابه (المدن القديمة) حيث يذكر أن الزراعة وتدجين الحيوان والتبديلات المرتبطة بهما قد حولت بوضوح - أكثر من أي شيء آخر - ظروف تطور الحضارة البشرية وغيرت بيئة الإنسان الطبيعية وبيولوجيته، وغيرت كل كوكبنا إلى درجة معينة، وانطلاقاً من هذا يكون الإنسان النطوفي الفلسطيني قد قدم للبشرية خدمات جليلة هي الأساس الأول للحضارة الحديثة .



الدور العموري الكنعاني اليبوسي

ومرت الأيام والقرون والحقب منحنية الهامة أمام دور النطوفيين في ارتقاء البشرية، وظل الإنسان الفلسطيني يخترع الحضارة تلو الأخرى، كلها حضارات عريقة اتصلت مع غيرها من الحضارات الإنسانية.

وفي الألف الخامسة ق.م دخلت فلسطين في طور جديد من أطوارها حين وفد إليها من قلب الجزيرة العربية قبائل العموريين والكنعانيين ومعهم اليبوسيين الذين تفرعوا عنهم، وقد فرض الوافدون الجدد أنفسهم على سكان البلاد الذي ذابوا بهم على مر الزمن، وفيما بعد طبّعوا البلاد بطابعهم الخاص وحملت البلاد أسماءهم .

لا نملك حتى الآن وثائق تاريخية توضح لنا اسم فلسطين قبل الهجرات العربية - التي ذكرناها - إليها، أما بلاد الشام بأكملها فقد عرفت في النصوص الأكاديمية في الألف الثالث ق.م على أنها "أمورو" أو الأرض العربية، كما تطلق هذه النصوص على شرقي البحر الأبيض المتوسط (بحر أمورو) وتأتي هذه التسمية نسبة إلى الشعب الأموري أو العموري، وهو أول شعب سامي رئيس في سورية وفلسطين، وبعض الباحثين يرون أن الكنعانيين انبثقوا من العموريين انبثاق اليبوسيين من الكنعانيين .


وقد ورد في الموسوعة الفلسطينية أن بعض الباحثين يرون أن اسم أرض الملوريا - وهو أحد مرتفعات القدس - صححه العلماء على أنه أرض العموريين أو الأموريين .


وقد عرفات بأسماء أخرى أطلقتها الشعوب المجاورة لها، وفي ذلك يقول "مظفر الإسلام خان" في كتابه - تاريخ فلسطين القديم - "إن الأرض الفلسطينية الواقعة جنوبي سورية هي أرض صنعت التاريخ وصنع فيها التاريخ، وقد أطلقت شعوب كثيرة على هذه الأرض أسماء كثيرة، ولعل أقدم هذه الأسماء أسماء "خارو" للجزء الجنوبي، و"رتينو" للجزء الشمالي، اللذين اطلقهما قدماء المصريين، وقد تكون كلمة "رتينو" تحريف كلمة سامية، أما خارو أو خورو فقد تكون تحريفاً لكلمة (حوري) وهم الحواريون المذكورون في التوارة.




أرض كنعان

ثم سميت البلاد "أرض كنعان" أو كنعان، كما نصت عليها تقارير قائد عسكري عند ملك - ماري- ووجدت بوضوح في مسألة "أدريمي" - ملك الالاح - تل العطشانة من منتصف القرن الخامس عشر ق.م. وأقدم ذكر لهذه التسمية في المصادر المسمارية من "توزي" يعود تقريباً إلى الفترة نفسها، وهذه الصيغة تقارب كثيراً إلى الفترة نفسها، وهذه الصيغة تقارب كثيراً الصيغة التي وردت في رسائل "تل العمارنة" ويذكر الدكتور فيليب حتى في كتابه (تاريخ سورية ولبنان وفلسطين) أنه قد أطلق كنعان في أول الأمر على الساحل وغربي فلسطين ثم أصبح الاسم الجغرافي المتعارف عليه لفلسطين وقسم كبير من سورية.


كما يذكر "البروفيسور روبنسون" في كتابه (تاريخ اسرائيل) أن الاسم كنعان يستخدم في بعض الأحيان كلفظ له طابع الشمول، يميز سكان فلسطين الذين سكنوها منذ القدم، ويبدو أنه يشمل "الفينقينين"، وهكذا فإن الاسم الذي سبق الاسم "فلسطين" بكل أشكالها اللفظية، أو الاسم الرئيس بين أسمائها السابقة هو الاسم كنعان وهذا الاسم أو الكلمة لا زال حياً حتى الآن .


ولما نزل الفلسطينيون وهم على ما يرى بعض ثقاة العلماء أقرباء الكنعانيين ومن نفس جنسهم - الساحل الكنعاني الجنوبي حوالي 1185 ف.م أدعى الساحل باسمهم "فلسطين" وأطلقت هذه التسمية من قبيل تسمية الكل باسم الجزء، وقد ورد ذكر اسم "الفلسطينيين" في عدد من المصادر المصرية، وخاصة على اللوحات الجدارية لمدينة "هابو" من أيام "رمسيس الثالث" سماهم المصريون باسم Pist .


كما ورد ذكرهم في المصادر الآشورية في صيغتين متقاربتين، فغالباً ما يكون أصل كلمة فلسطين - فلستينا- التي ترد في السجلات الأشورية في أيام الملك الآشوري "أددنيراري الثالث 800 ق.م" إذ يذكر هذا الملك على مسلته أنه في السنة الخامسة من حكمه أخضعت قواته "فلستو" وأجبرت أهلها على دفع الجزية، وفي عام 734 ق.م جعل الملك "تغلات بيلاسر الثالث" أرض فلستيا هدفاً له .



وعلى أية حال يستنج من النصوص المختلفة أن المقصود من هذا المصطلح "الساحل الفلسطيني" الأرض الفلسطينية الممتدة بين سيناء جنوباً وغور الأردن شرقاً، وقد استعمل الإغريق هذا اللفظ بادئ الأمر للدلالة على المنطقة الساحلية، وتتركز صيغة التسمية عند المؤرخ اليوناني "هيرودوتس 484 - 425 ق.م على أسس آرامية بالستاين ونجد عنده أحياناً أنه اسم يطلق على الجزء الجنوبي من سورية أو سورية الفلسطينية بجوار فينيقية وحتى حدود مصر .


وقد استعمل هذه التسمية الذين اتبعوه من كبار المؤرخين أمثال : سترابو وديودوروس وبطليموس وبليني، ومع مرور الزمن حل اسم بالتسين محل الاسم الشامل سورية الفلسطينية، وقد أصبح اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على جميع الأرض المقدسة، وقد صك الإمبراطور فسباسيان هذا الاسم على نقوده التي أصدرها عقب قهره لليهود عام 70م، وبذلك أعطاها الصفة الرسمية، وورث البيزنطيون هذا الاسم عن الرومان، ومن بالستين انبثقت كلمة فلسطين العربية .


ومن خلال استقراء أسماء فلسطين طوال تاريخها العريق يتضح لنا بجلاء أن الإنسان الفلسطيني قد امتلك هذه البقعة من الأرض من حوالي المليون ونصف المليون سنة خلت، ولم ينقطع عنها في يوم من الأيام حتى يومنا هذا، إنه أقدم امتلاك على وجه الأرض باستنثاء الدليل الوحيد - الذي لا يركن له صدقه - وهو الدليل التوراتي الذي تدلل المكتشفات الأثرية على ضعف ووهن وانهيار حججه التاريخية، الأمر الذي جعل الكثيرين يعيدون النظر في إعادة كتابة تاريخ فلسطين، بحيث يكون لعلم الآثار دور أكثر أهمية في رسم الخطوط الموضوعية لهذه الكتابة .



عروبة القدس من خلال أسمائها

وعلى الرغم من أن استقراء أسماء فلسطين كاف تماماً للدلالة على عروبة "القدس" - روح فلسطين وقلبها - التي عرفها الزمن فصاغها قلادة علقت على صدر فلسطين. وكاف أيضاً للدلالة على انقطاع أي صلة لليهود بها ودحض أي حق لهم في تملكها إلا أنهم لم يتورعوا عن تبرير هذا الإثم في حق الجغرافيا بإثارة مسألة قداسة القدس بالنسبة لليهود وليفصلوا منها حججهم الرامية إلى امتلاك المدينة. وحرصاً منا على تفتيت وإزاحة الكتل الضخمة من الادعاءات المزيفة، رأينا أنه سيكون من الأهمية، بمكان خاص استقراء أسماء القدس منذ أقدم عصورها وحتى هذا اليوم الذي نعيش فيه .


وبغض النظر عن المسخ التوراتي وعلى ضوء المكتشفات الأثرية الحديثة فإن أول اسم عرفت به القدس، هو الاسم الذي سماها به سكانها الأصليون "الكنعانيون" وهو "يرو-شاليم" أو "يرو -شلم" وشالم وشلم اسم لإله كنعاني معناه السلام .


وربما ورد أول ذكر لمدينة القدس كتابة في الوثائق التي عثر عليها في "عبلاء-تل مرديخ-في شمال سورية، وهي وثائق مكتوبة على ألواح من الآجر بالخط المسماري وبلغة سامية غربية، وترجع إلى أواسط الألف الثالث ق.م، وترد في الوثائق أسماء عدة مدن منها - سالم- التي يرجح البعض أنها تشير إلى القدس .


لكن أول اسم ثابت لمدينة القدس وهو "اوروسالم" أو "اوروشالم" إنما ورد فيما يسمى بنصوص اللعنة، وهي تتضمن أسماء البلدان والمدن والحكام الذين كانوا فيما زعم من أعداء مصر، وكانت العادة هي كتابة أسماء الأعداء على الأواني الفخارية ثم تحطيمها في أحد طقوس السحر التأثيري، أي الذي يرمي إلى التسبب في سقوط الأتباع العصاة، وثبت أن تاريخ تلك الأواني يرجع إلى فترة حكم الفرعون "سيزوسترس الثالث 1878-1842 ق.م" وكانت كلها أسماء تسع عشرة مدينة كنعانية من بينها اوروسالم .


وهناك من يذهب في أصل أوروسالم أو اوروشالم إلى أن الاسم مكون من مقطعين "سالم أو شالم" وهو إسم إله، وأورو: وهي كلمة تعني أسس أو أنشأ، فيكون معنى الاسم "اوروسالم" أسسها سالم، ويعتبر الاسم اسماً عمورياً، بدليل أن أول اسمين لأميرين تاريخيين من القدس هما: "باقر عمو" و"سزعمو" وهما اسماه عموريان، والعموريون كما أسلفنا هم سكان كنعان الأصليون، ولغة العموريين تدعى غالباً الكنعانية، كما أن اسم الكنعانيين يشمل العموريين أحياناً .


ويتضح مما تقدم أن التسمية أورشليم التي يحاول الصهيونيون اليوم عدها من الأسماء العبرية هي في الحقيقة كلمة كنعانية عربية أصيلة، وكيف تكون كلمة أورشليم عبرية واللغة العبرية لغة حديثة جداً ولدت في القرن الرابع ق.م وتبلورت في القرن الخامس الميلادي وبعده؟!

وبعد نصوص اللعنة بحوالي خمسمائة عام اسم اوروسالم مرة ثانية فيما يعرف بألواح تل العمارنة، وهي ست رسائل بعث بها "عبدي خيبا" - ملك أوروسالم في القرن الرابع عشر ق.م - إلى فرعون مصر "اختانون" يشكو فيها من الخطر الذي تتعرض له مدينته من جرّاء هجمات ما يعرف بالعبيرو .

كما أن "سليمو أو سالم" ذكرت في سجلات "سنحاريب" ملك أشور في عداد المدن التي تدفع له الجزية، وقد ظل اسم أورشليم شائعاً منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا ومنه جاء الاسم الإفرنجي "جيروزاليم" .

ومن أسماء القدس القديمة أيضاً "يبوس" نسبة إلى اليبوسيين، وهم كما ذكرنا فرقة من الكنعانيين سكنوا القدس وحولها،وذكر بعض الباحثين أن اليبوسيين لم يكونوا سوى أسرة أرستقراطية تعيش في القلعة وفي عزلة عن سكان البلدة نفسها، ومن المحتمل أن يكون اليبوسييون هم الذين أصلحوا التحصينات القديمة على الآكمة، وقاموا ببناء الحي الجديد على المنحدر الشرقي بين السور وقمة التل .


وفي هذه الفترة أخذ اسم"يبوس" و"اليبوسيين" يظهر في الكتابات الهيروغليفية، ويبدو أن اليبوسيين قد تلو العموريين في سكني المدينة خلال النصف الأول من الألف الثاني ق.م، وأطلق على القدس اسم "يبوس" وهو الاسم الثاني لمدينة القدس بعد أورشاليم، وقد سماها الفراعنة في كتاباتهم الهيروغليفية "يابيثي" و"يابتي" وهو تحريف لاسم يبوس الكنعاني اليبوسي، وفي رأى انفرد به الأستاذ محمود العابدي في كتابه - قدسنا - أن اليونانيين سموها - هروسوليما- ولكن مؤرخهم "هيرودوتس" سماها "قديس" كما سمعها من سكانها العرب المعاصرين له .


وفي زمن الرومان حول الإمبراطور "هادريان" مدينة أورشليم بعد أن استولى عليها ودمرها عام 122 م إلى مستعمرة رومانية، ويدل اسمها إلى "إيليا كابيتولينا" وصدر الاسم إيليا لقب عائلة هادريان، وكابيتولين جوبيتر هو الإله الروماني الرئيس، وظل اسم "إيليا" سائداً نحو مائتي سنة، إلى أن جاء الإمبراطور "قسطنطين" المتوفي عام 237م، وهو أول من تنصر من أباطرة الرومان - فألغى اسم إيليا وأعاد للمدينة اسمها الكنعاني، ولكن الظاهر أن اسم إيليا شاع وظل مستعملاً، كما نجد ذلك في العهدة العمرية والشعر العربي.


وبعد الفتح الإسلامي أطلق على هذه المدينة أسماء: القدس، وبيت المقدس، والبيت المقدس، ودار السلام، وقرية السلام، ومدينة السلام، وكل هذه الأسماء التي قصد منها التكريم والتقديس لم يعش منها سوى اسمين: القدس وبيت المقدس، بمعنى الأرض المطهرة أو البيت المطهر، وربما يعود خلودهما لارتباطهما بأسماء الله الحسنى، وخصوصاً أن تقديسها ثابت بكتاب الله (عز وجل) وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد حافظ العرب المسلمون على هذه القداسة منذ أن افتتحوها منذ أربعة عشر قرناً من الزمان، ولم ينتهكوا لها حرمة قط، على نقيض ما فعل اليهود من انتهاكها في كل العصور التي عرفوا فيها، وما فعل النصارى أيام حروبهم الصليبية، ولم يكتف ا ليهود بانتهاك حرمتها، بل راحوا يضعون الخطط لسلخها من واقعها العربي البريق إلى حاضر غريب عنها إلى أنها تأباه، لأنه تعد على التاريخ وتشويه للقداسة، واغتصاب للحق، وتزيف للحقيقة .



ولو قدر للقدس الكلام لسمعنا منها تاريخ سبعين قرناً من الزمان أو تزيد ترويه لنا وهي شامخة بأنفها تتحدى غزاتها، وتجاهر بعروبتها التي لازمتها منذ ولادتها، وتجاهر بالبراءة من أية صلة لها باليهود .



ونتابع مع فلسطين في التاريخ الاسلامي