هلا والله وغلا أخيتي أم شماء:26:
لاما نعذ رك بل نشكر وانت من يستحق التعذر منه ... فلا يسعني ان اعبر عن مدى أمتناني واعجابي بهذا الطرح الراقي وبكل جداااااااااااارة .....
وربي مادري وش أقول غير الله يجزاك خير وينوربصيرك ويثبتك ويكثر من أمثالك
بصراحة وبلا مجاملة من ارقى وارشد المواضيع التي مرت علي .... الى الامام ربي يسهل امرك
اللهم يسر امرها وفـقهاوتجاوز عنها بالد نيا والاخرة
رحمني الله واياك و والد ينا بالد نيا والاخره
وتقبلى ألطف وأرق تحية:26: غارقة بحياهامن شخصك الكريم

متفائلة2
•


أم شماء
•
الباقة الثانية والعشرون..
آداب ذكر الله تعالى..
ذكر الله تعالى هو روح جميع العبادات، وهو المقصود من كل الطاعات والقربات، وهو أفضل من جميع الأعمال الصالحات، وهو منتهى حياة المؤمن ونورها وغايتها وخلاصتها في الدنيا والآخرة. قال تعالى: "وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ" العنكبوت 45. وقال سبحانه "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي" (14) طه 14، وقال:" وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ" البقرة 203.
روي عن معاذ عن النبي أن رجلا سأله أي المجاهدين أعظم أجرا؟ قال:" أكثرهم لله تعالى ذكرا. قال: فأي الصالحين أعظم أجرا؟ قال: أكثرهم لله تعالى ذكرا. ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك ورسول الله يقول: أكثرهم لله تعالى ذكرا. فقال أبو بكر لعمر: يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال : أجل." رواه أحمد والطبراني.
وقال رسول الله :" ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا بلى، قال: ذكر الله تعالى" رواه الترمذي عن أبي الدرداء. وقال:" أحب الأعمال الى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله" رواه ابن حبان والطبراني عن معاذ.
ولكل عبادة من العبادات وقت معيبن وشروط محددة، ولكن ذكر الله تعالى لا يحدده مكان، ولا يحدده زمان، ولكنه مطلوب على جميع الأحوال، وفي كل الأوقات، قال تعالى" الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ" آل عمران 191. (وقد كان رسول الله ذكر الله على كل أحيانه) رواه مسلم عن عائشة. وقد أوحى الله لموسى يا موسى أتحب أن أسكن معك بيتك؟ فخر لله ساجدا ثم قال: يا رب وكيف ذلك؟ فقال يا موسى: ( أما علمت أني جليس من ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني).
ولم يطلب الله سبحانه من عبادة الإكثار من شيء، إلا ذكر الله فقال:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً" (42) الأحزاب. وقال:" وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ" (45) الأنفال، وقال:" وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً "(35) الأحزاب.وقال رسول الله :" سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات" رواه مسلم عن أبي هريرة.
وقال معاذ بن جبل : ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها. بل إنه جعل إحدى علامات المنافقين أنهم يذكرون الله تعالى ولكنه الذكر القليل الذي لا يثمر محبة، ولا يورث خشية، ولا يحدث تقوى ولا إيمانا قال تعالى:" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً "(142) النساء.
وإذا كان الإيمان شجرة باسقة جذورها العقيدة الصحيحة باله، وفروعها العمل الصالح النافع، وثمارها الأخلاق الكريمة الطيبة، فإن ماءها الذي تسقى به والذي فيه استمرار حياتها إنما هو ذكر الله تعالى قال عليه الصلاة والسلام:" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت" رواه البخاري. وقال:" والذي نفسي بيده إن القرآن والذكر ينبتان الإيمان في القلب كما ينبت الماء العشب" رواه الديلمي.
ومن بين شرائع الإسلام الحقة انتقى منها معلمها الأول أنفعها وأكثرها ضرورة للتمسك به، والثبات عليه، ( فقد جاء رجل اليه وقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فأخبرني بشيء أتشبث به؟ قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله رواه الترمذي). كيف لا وذاكر الله تعالى جليس ربه الذي يفيض عليه من علمه وحكمته ومراقبته بحسب صلته به وقوة توجهه إليه، قال تعالى: "فاذكروني أذكركم "البقرة 151. وقال في الحديث القدسي ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه) رواه البيهقي وابن حبان عن أبي هريرة. وقال عليه الصلاة والسلام: "إن ذكر الله شفاء، وإن ذكر الناس داء" رواه البيهي، وقال أحد الصالحين: إني أعلم متى يذكرني ربي سبحانه، ففزعوا منه وقالوا: وكيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني.
وذكر الله تعالى هو العاصم من الوقوع في الخطايا، وهو الوازع للنفس يكفها عن غفلتها وميلها الى الباطل، واتباعها للهوى، قال تعالى: "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" (28) الكهف. وقال عليه الصلاة والسلام:" من أصبح وأمسى ولسانه رطب من ذكر الله يمسي ويصبح وليس عليه خطيئة" رواه الأصبهاني عن أنس.
وذكر الله تعالى هو العمل المرتجى للنجاة من عذاب الله تعالى، إذ أن أشد العذاب الذي يصيب الإنسان إنما يأتيه بسبب الغفلة عن الله، وما وقع من وقع، ولا زل من زل، ولا أذنب من أذنب إلا بسبب غفلته عن الله تعالى قال الله عز وجل:" وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" (36) الزخرف، وقال تعالى:" وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى "(126) طه. وقال رسول الله: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا ان تضرب بسيفك حتى ينقطع، ثم تضرب به حتى ينقطع، ثم تضرب به حتى ينقطع" رواه مسلم.
ومجالس الذكر التي يجتمع عليها الذاكرون، فتلتقي أرواحهم في بوتقة واحدة، ويستمد ضعيفها من قويها، وتستمد جميعها من مصدر الخير والكمال والفضل والعطاء، والنور والهدى والإيمان، هي رياض الجنة، ومجالس الرضوان قال تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ" الكهف 28، وقال رسول الله :" لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه فيما يرويه عن ربه:" يقول الله تعالى يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم؟ قيل: من أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: أهل مجالس الذكر في المساجد" رواه أبو يعلى وأحمد.
وأي شرف أعظم لهذا الإنسان الضعيف، من قول الملك العظيم، الكريم الحلي حين يخاطبه في الحديث القدسي فيقول: ( إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه، وإذا تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإذا تقرّب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإذا مشى إلي هرولت إليه) متفق عليه عن أبي هريرة، ويقول : ( يا ابن آدم إذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني) رواه الطبراني والديلمي عن أبي هريرة.
ويقول رسول الله: ( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) رواه البخاري والبزار والبيهقي عن ابن عمر.
وإذا كان الذكر هو الصلة الروحية بين العبد وربه، فلا بد للوصول بها الى مرتبة القبول، ولتؤتي ثمارها على الوجه الأفضل، من آداب يلتزمها الذاكر بين يدي خالقه ومولاه نذكر منها:
1 »» الوضوء قبل الذكر، قال سيدنا عمر ( إن الوضوء الصالح يطرد عنك الشيطان).
2 »» الجلوس باتجاه القبلة ساكنا خاشعا، استعدادا لمناجاة الله تعالى.
3 »» إرادة وجه الله تعالى بذكره، وامتثال أمره وطاعته، وابتغاء مرضاته، دون الالتفاف الى شيء من حظوظ النفس، أو مراءاة الناس، أو مراقبة الآخرين.
قال تعالى: "قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُآل" عمران29.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله خرج على حلقة من أصحابه فقال:" ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام. قال: وما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: أما إني لم أستحلفكم بتهمة لكم، ولكن أتاني جبريل فأخبرني ان الله عز وجل يباهي بكم الملائكة" رواه مسلم.
4 »» الابتداء بتطهير النفس بالاستغفار والتوبة الى الله من كل الذنوب والخطايا والغفلات.
قال تعالى:" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "(135) آل عمران.
وعن الأغرّ المزني أن رسول الله قال:" إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" رواه مسلم.
5 »» يفضل إغماض العينين، لئلا يشتغل بشيء من متاع الدنيا، ولصرف القلب والفكر الى تدبر معاني الذكر، ومراقبة الله سبحانه وتعالى.
6 »» إختيار الأوقات المناسبة لذكر الله تعالى، والتي يكون فيها المرء خاليا من الشواغل، ونفسه مستعدة لتلقي النور والفيض الإلهي، وقلبه مشتاق لمناجاة الله تعالى، كأوقات السحر، والأصيل، وعقب الصلوات المكتوبة، وفي الليالي المباركة، والأيام الفضيلة..
قال تعالى:" وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً" (25) الإنسان.
وقال سبحانه: "وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً "(26) الإنسان.
وقال سبحانه:" الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ "(17) آل عمران.
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال فيما يرويه عن ربه:" ابن آدم اذكرني بعد الفجر وبعد العصر ساعة أكفك ما بينهما "رواه مسلم وأبو نعيم.
وعن أنس بن مالك أن رسول الله قال:" من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة" رواه الترمذي وأحمد.
وعن عمرو بن عنبسة أنه سمع النبي يقول: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله تعالى في تلك الساعة فكن" رواه الترمذي وأبو داود.
7 »» استحضار عظمة الله وجلاله، وأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، بحسب حالة الذكر والفتح الذي يفتح عليه فيه، والتفكير في كل لفظ يذكره، ومراقبة القلب يردده مع اللسان، حتى يصل الى الهيبة والتضرع والعبودية الحقة، ولا يفرغ حتى يشعر بطمأنينة القلب بذكر الله تعالى.
قال أحد العارفين: لا اعتداد بذكر اللسان ما لم يكن ذلك من ذكر في القلب، وذكره تعالى يكون لعظمته فيتولد منه الهيبة والإجلال، وتارة لقدرته فيتولد منه الخوف والخشية، وتارة لنعمته فيتولد منه الحب والشكر، وتارة لأفضاله الباهرة فيتولد منه التفكير والاعتبار، فحق للمؤمن أن لا ينفك أبدا عن ذكره على أحد هذه الأوجه.
قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ "الأنفال 2.
وقال تعالى:" وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ" (205) الأعراف.
وقال تعالى: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (28) الرعد.
وعن العباس أن رسول الله قال:" إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله تحاتّت عنه خطاياه كما يتحاتّت عن الشجرة البالية ورقها" رواه الطبراني.
8 »» يستحب البكاء مصاحبا لذكر الله تعالى، ويساعد عليه التوجه الكلي الى الله عز وجل حتى يمتلئ القلب من خشية الله، أو ذكر تقصيره في جنب الله وما مضى من عمره وهو في الغافلين.
عن أنس قال: قال رسول الله : "عينان لا تمسهما النار أبدا، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" رواه أبو يعلى.
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: "سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ـ وذكر منهم ـ ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" متفق عليه.
وعن أبي أمامة قال: ليس شيء أحب الى الله تعالى من قطرتين وأثرين، قطرة دموع من خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله، وأما الأثران: فأثر في سبيل الله تعالى، وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى رواه الترمذي.
9 »» أفضل الذكر ما كان خفيا في القلب، وسريّا في أعمالق النفس، وذلك بملاحظة القلب بذكر اسم الله تعالى مع كل نبضة من نبضاته، وملاحظة نور الله تعالى يتدفق إليه مع كل قطرة تفد إليه.
قال الجنيد من الأعمال ما لا يطلع عليه الحفظة، وهو ذكر الله بالقلب وما طويت عليه الضمائر من الهيبة والتعظيم واعتقاد الخوف وإجلال أوامره ونواهيه.
وقال الشيخ محيي الدين بن العربي: واشتغل بذكر الله بأي نوع شئت من الأذكار وأعلاها ـ قدرا ورتبة ونتيجة ـ الاسم الأعظم وهو قولك: الله. الله. الله لا تزيد شيئا، ولكن ذكرك الاسم الجامع الذي هو الله الله الله، وتحفّظ أن يفوه به لسانك وليكن قلبك هو القائل، ولتكن الأذن مصغية لهذا الذكر..وقال النووي: الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، والأفضل ما كان بالقلب والسان جميعا، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل.
وقال الغزالي: اعتكفت أذكر الله تعالى بهذا الاسم: الله، الله، حتى انكشفت لي العوالم فرأيت ما أبوح به وما لا يمكن أن أبوح به.
قال تعالى:" وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8) المزمّل.
وقال تعالى:"وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ" الأعراف 205.
وقال سبحانه:" وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا" الكهف 28.
وقال سبحانه:" قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ" (91) الأنعام.
وعن سعد عن النبي قال:" خير الذكر الخفيّ، وخير الرزق ما يكفي" رواه البيهقي وابن حبّان.
وعن ضمرة بن حبيب أن رسول الله قال: "اذكروا الله ذكرا خاملا. قيل وما الذكر الخامل؟ قال: الذكر الخفيّ" رواه ابن المبارك.
وقال أحدهم:
بقلب فاذكر الله خفيّا ******* عن الخلق بلا حرف وقال
وهذا الذكر أفضل كل ذكر ****** بهذا قد جرى قول الرجال
10 »» مطالبة النفس بثمرات الذكر بعد الفراغ منه، وذلك بالمحافظة على الطاعات، ومجانبة اللهو واللغو والإثم والمحرمات، والاستقامة في الأقوال والأفعال والمعاملات.
قال الحسن : الكر ذكران: ذكر الله تعالى بين نفسك وبين الله عز وجل ما أحسنه وما أعظم أجره، وأفضل من ذلك ذكر الله سبحانه عند ما حرم الله عز وجل.
وقال أحد العارفين: المؤمن يذكر الله تعالى بكله، لأنه يذكر الله بقلبه فتسكن جميع جوارحه الى ذكره فا يبقى منه عضو إلا وهو ذاكر في المعنى، فاذا امتدت يده الى شيء ذكر الله فكف يده عما نهى الله عنه، وإذا سعت قدمه الى شيء ذكر الله فغض بصره عن محارم الله، وكذلك سمعه ولسانه وجوارحه مصونة بمراقبة الله تعالى، ومراعاة أمر الله، والحياء من نظر الله، فهذا هو الذكر الكثير الذي أشار الله إليه بقوله سبحانه:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً" (42) الأحزاب.
وقال سبحانه:" إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" (45) العنكبوت.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله قال فيما يرويه عن ربه سبحانه: "من ذكرني حين يغضب، ذكرته حين أغضب، ولا أمحقه فيمن أمحق" رواه الديلمي.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله :" من أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان "رواه أبو داود.
11 »» اختتام الذكر بالصلاة على النبي وبالدعاء.
12 »» يستحب الاجتماع على الذكر، لما فيه من حث الهمم على الطاعة، وتقوية الضعيف وإعانته على نفسه، والتقاء القلوب وتغذية ذاكرها لغافلها، وإشاعة جو الألفة والمحبة في الله، واكتساب بركة الجماعة، وإظهار لشعائر الله وأركان الدين.
قال تعالى:" وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ "المائدة 2.
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال فيما يرويه عن ربه:" أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" رواه البيهقي.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله قال:" ليبعثنّ الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء.
قال: فجاءنا أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله حلّهم لنا لنعرفهم، قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد يجتمعون على ذكر الله ويذكرونه" رواه الطبراني.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله :" ما قعد قوم مقعدا لم يذكروا الله ولم يصلوا على النبي فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة" رواه الترمذي.
آداب ذكر الله تعالى..
ذكر الله تعالى هو روح جميع العبادات، وهو المقصود من كل الطاعات والقربات، وهو أفضل من جميع الأعمال الصالحات، وهو منتهى حياة المؤمن ونورها وغايتها وخلاصتها في الدنيا والآخرة. قال تعالى: "وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ" العنكبوت 45. وقال سبحانه "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي" (14) طه 14، وقال:" وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ" البقرة 203.
روي عن معاذ عن النبي أن رجلا سأله أي المجاهدين أعظم أجرا؟ قال:" أكثرهم لله تعالى ذكرا. قال: فأي الصالحين أعظم أجرا؟ قال: أكثرهم لله تعالى ذكرا. ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك ورسول الله يقول: أكثرهم لله تعالى ذكرا. فقال أبو بكر لعمر: يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال : أجل." رواه أحمد والطبراني.
وقال رسول الله :" ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا بلى، قال: ذكر الله تعالى" رواه الترمذي عن أبي الدرداء. وقال:" أحب الأعمال الى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله" رواه ابن حبان والطبراني عن معاذ.
ولكل عبادة من العبادات وقت معيبن وشروط محددة، ولكن ذكر الله تعالى لا يحدده مكان، ولا يحدده زمان، ولكنه مطلوب على جميع الأحوال، وفي كل الأوقات، قال تعالى" الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ" آل عمران 191. (وقد كان رسول الله ذكر الله على كل أحيانه) رواه مسلم عن عائشة. وقد أوحى الله لموسى يا موسى أتحب أن أسكن معك بيتك؟ فخر لله ساجدا ثم قال: يا رب وكيف ذلك؟ فقال يا موسى: ( أما علمت أني جليس من ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني).
ولم يطلب الله سبحانه من عبادة الإكثار من شيء، إلا ذكر الله فقال:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً" (42) الأحزاب. وقال:" وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ" (45) الأنفال، وقال:" وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً "(35) الأحزاب.وقال رسول الله :" سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات" رواه مسلم عن أبي هريرة.
وقال معاذ بن جبل : ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها. بل إنه جعل إحدى علامات المنافقين أنهم يذكرون الله تعالى ولكنه الذكر القليل الذي لا يثمر محبة، ولا يورث خشية، ولا يحدث تقوى ولا إيمانا قال تعالى:" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً "(142) النساء.
وإذا كان الإيمان شجرة باسقة جذورها العقيدة الصحيحة باله، وفروعها العمل الصالح النافع، وثمارها الأخلاق الكريمة الطيبة، فإن ماءها الذي تسقى به والذي فيه استمرار حياتها إنما هو ذكر الله تعالى قال عليه الصلاة والسلام:" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت" رواه البخاري. وقال:" والذي نفسي بيده إن القرآن والذكر ينبتان الإيمان في القلب كما ينبت الماء العشب" رواه الديلمي.
ومن بين شرائع الإسلام الحقة انتقى منها معلمها الأول أنفعها وأكثرها ضرورة للتمسك به، والثبات عليه، ( فقد جاء رجل اليه وقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فأخبرني بشيء أتشبث به؟ قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله رواه الترمذي). كيف لا وذاكر الله تعالى جليس ربه الذي يفيض عليه من علمه وحكمته ومراقبته بحسب صلته به وقوة توجهه إليه، قال تعالى: "فاذكروني أذكركم "البقرة 151. وقال في الحديث القدسي ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه) رواه البيهقي وابن حبان عن أبي هريرة. وقال عليه الصلاة والسلام: "إن ذكر الله شفاء، وإن ذكر الناس داء" رواه البيهي، وقال أحد الصالحين: إني أعلم متى يذكرني ربي سبحانه، ففزعوا منه وقالوا: وكيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني.
وذكر الله تعالى هو العاصم من الوقوع في الخطايا، وهو الوازع للنفس يكفها عن غفلتها وميلها الى الباطل، واتباعها للهوى، قال تعالى: "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" (28) الكهف. وقال عليه الصلاة والسلام:" من أصبح وأمسى ولسانه رطب من ذكر الله يمسي ويصبح وليس عليه خطيئة" رواه الأصبهاني عن أنس.
وذكر الله تعالى هو العمل المرتجى للنجاة من عذاب الله تعالى، إذ أن أشد العذاب الذي يصيب الإنسان إنما يأتيه بسبب الغفلة عن الله، وما وقع من وقع، ولا زل من زل، ولا أذنب من أذنب إلا بسبب غفلته عن الله تعالى قال الله عز وجل:" وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" (36) الزخرف، وقال تعالى:" وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى "(126) طه. وقال رسول الله: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا ان تضرب بسيفك حتى ينقطع، ثم تضرب به حتى ينقطع، ثم تضرب به حتى ينقطع" رواه مسلم.
ومجالس الذكر التي يجتمع عليها الذاكرون، فتلتقي أرواحهم في بوتقة واحدة، ويستمد ضعيفها من قويها، وتستمد جميعها من مصدر الخير والكمال والفضل والعطاء، والنور والهدى والإيمان، هي رياض الجنة، ومجالس الرضوان قال تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ" الكهف 28، وقال رسول الله :" لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه فيما يرويه عن ربه:" يقول الله تعالى يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم؟ قيل: من أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: أهل مجالس الذكر في المساجد" رواه أبو يعلى وأحمد.
وأي شرف أعظم لهذا الإنسان الضعيف، من قول الملك العظيم، الكريم الحلي حين يخاطبه في الحديث القدسي فيقول: ( إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه، وإذا تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإذا تقرّب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإذا مشى إلي هرولت إليه) متفق عليه عن أبي هريرة، ويقول : ( يا ابن آدم إذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني) رواه الطبراني والديلمي عن أبي هريرة.
ويقول رسول الله: ( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) رواه البخاري والبزار والبيهقي عن ابن عمر.
وإذا كان الذكر هو الصلة الروحية بين العبد وربه، فلا بد للوصول بها الى مرتبة القبول، ولتؤتي ثمارها على الوجه الأفضل، من آداب يلتزمها الذاكر بين يدي خالقه ومولاه نذكر منها:
1 »» الوضوء قبل الذكر، قال سيدنا عمر ( إن الوضوء الصالح يطرد عنك الشيطان).
2 »» الجلوس باتجاه القبلة ساكنا خاشعا، استعدادا لمناجاة الله تعالى.
3 »» إرادة وجه الله تعالى بذكره، وامتثال أمره وطاعته، وابتغاء مرضاته، دون الالتفاف الى شيء من حظوظ النفس، أو مراءاة الناس، أو مراقبة الآخرين.
قال تعالى: "قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُآل" عمران29.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله خرج على حلقة من أصحابه فقال:" ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام. قال: وما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: أما إني لم أستحلفكم بتهمة لكم، ولكن أتاني جبريل فأخبرني ان الله عز وجل يباهي بكم الملائكة" رواه مسلم.
4 »» الابتداء بتطهير النفس بالاستغفار والتوبة الى الله من كل الذنوب والخطايا والغفلات.
قال تعالى:" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "(135) آل عمران.
وعن الأغرّ المزني أن رسول الله قال:" إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" رواه مسلم.
5 »» يفضل إغماض العينين، لئلا يشتغل بشيء من متاع الدنيا، ولصرف القلب والفكر الى تدبر معاني الذكر، ومراقبة الله سبحانه وتعالى.
6 »» إختيار الأوقات المناسبة لذكر الله تعالى، والتي يكون فيها المرء خاليا من الشواغل، ونفسه مستعدة لتلقي النور والفيض الإلهي، وقلبه مشتاق لمناجاة الله تعالى، كأوقات السحر، والأصيل، وعقب الصلوات المكتوبة، وفي الليالي المباركة، والأيام الفضيلة..
قال تعالى:" وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً" (25) الإنسان.
وقال سبحانه: "وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً "(26) الإنسان.
وقال سبحانه:" الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ "(17) آل عمران.
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال فيما يرويه عن ربه:" ابن آدم اذكرني بعد الفجر وبعد العصر ساعة أكفك ما بينهما "رواه مسلم وأبو نعيم.
وعن أنس بن مالك أن رسول الله قال:" من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة" رواه الترمذي وأحمد.
وعن عمرو بن عنبسة أنه سمع النبي يقول: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله تعالى في تلك الساعة فكن" رواه الترمذي وأبو داود.
7 »» استحضار عظمة الله وجلاله، وأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، بحسب حالة الذكر والفتح الذي يفتح عليه فيه، والتفكير في كل لفظ يذكره، ومراقبة القلب يردده مع اللسان، حتى يصل الى الهيبة والتضرع والعبودية الحقة، ولا يفرغ حتى يشعر بطمأنينة القلب بذكر الله تعالى.
قال أحد العارفين: لا اعتداد بذكر اللسان ما لم يكن ذلك من ذكر في القلب، وذكره تعالى يكون لعظمته فيتولد منه الهيبة والإجلال، وتارة لقدرته فيتولد منه الخوف والخشية، وتارة لنعمته فيتولد منه الحب والشكر، وتارة لأفضاله الباهرة فيتولد منه التفكير والاعتبار، فحق للمؤمن أن لا ينفك أبدا عن ذكره على أحد هذه الأوجه.
قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ "الأنفال 2.
وقال تعالى:" وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ" (205) الأعراف.
وقال تعالى: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (28) الرعد.
وعن العباس أن رسول الله قال:" إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله تحاتّت عنه خطاياه كما يتحاتّت عن الشجرة البالية ورقها" رواه الطبراني.
8 »» يستحب البكاء مصاحبا لذكر الله تعالى، ويساعد عليه التوجه الكلي الى الله عز وجل حتى يمتلئ القلب من خشية الله، أو ذكر تقصيره في جنب الله وما مضى من عمره وهو في الغافلين.
عن أنس قال: قال رسول الله : "عينان لا تمسهما النار أبدا، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" رواه أبو يعلى.
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: "سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ـ وذكر منهم ـ ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" متفق عليه.
وعن أبي أمامة قال: ليس شيء أحب الى الله تعالى من قطرتين وأثرين، قطرة دموع من خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله، وأما الأثران: فأثر في سبيل الله تعالى، وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى رواه الترمذي.
9 »» أفضل الذكر ما كان خفيا في القلب، وسريّا في أعمالق النفس، وذلك بملاحظة القلب بذكر اسم الله تعالى مع كل نبضة من نبضاته، وملاحظة نور الله تعالى يتدفق إليه مع كل قطرة تفد إليه.
قال الجنيد من الأعمال ما لا يطلع عليه الحفظة، وهو ذكر الله بالقلب وما طويت عليه الضمائر من الهيبة والتعظيم واعتقاد الخوف وإجلال أوامره ونواهيه.
وقال الشيخ محيي الدين بن العربي: واشتغل بذكر الله بأي نوع شئت من الأذكار وأعلاها ـ قدرا ورتبة ونتيجة ـ الاسم الأعظم وهو قولك: الله. الله. الله لا تزيد شيئا، ولكن ذكرك الاسم الجامع الذي هو الله الله الله، وتحفّظ أن يفوه به لسانك وليكن قلبك هو القائل، ولتكن الأذن مصغية لهذا الذكر..وقال النووي: الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، والأفضل ما كان بالقلب والسان جميعا، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل.
وقال الغزالي: اعتكفت أذكر الله تعالى بهذا الاسم: الله، الله، حتى انكشفت لي العوالم فرأيت ما أبوح به وما لا يمكن أن أبوح به.
قال تعالى:" وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8) المزمّل.
وقال تعالى:"وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ" الأعراف 205.
وقال سبحانه:" وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا" الكهف 28.
وقال سبحانه:" قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ" (91) الأنعام.
وعن سعد عن النبي قال:" خير الذكر الخفيّ، وخير الرزق ما يكفي" رواه البيهقي وابن حبّان.
وعن ضمرة بن حبيب أن رسول الله قال: "اذكروا الله ذكرا خاملا. قيل وما الذكر الخامل؟ قال: الذكر الخفيّ" رواه ابن المبارك.
وقال أحدهم:
بقلب فاذكر الله خفيّا ******* عن الخلق بلا حرف وقال
وهذا الذكر أفضل كل ذكر ****** بهذا قد جرى قول الرجال
10 »» مطالبة النفس بثمرات الذكر بعد الفراغ منه، وذلك بالمحافظة على الطاعات، ومجانبة اللهو واللغو والإثم والمحرمات، والاستقامة في الأقوال والأفعال والمعاملات.
قال الحسن : الكر ذكران: ذكر الله تعالى بين نفسك وبين الله عز وجل ما أحسنه وما أعظم أجره، وأفضل من ذلك ذكر الله سبحانه عند ما حرم الله عز وجل.
وقال أحد العارفين: المؤمن يذكر الله تعالى بكله، لأنه يذكر الله بقلبه فتسكن جميع جوارحه الى ذكره فا يبقى منه عضو إلا وهو ذاكر في المعنى، فاذا امتدت يده الى شيء ذكر الله فكف يده عما نهى الله عنه، وإذا سعت قدمه الى شيء ذكر الله فغض بصره عن محارم الله، وكذلك سمعه ولسانه وجوارحه مصونة بمراقبة الله تعالى، ومراعاة أمر الله، والحياء من نظر الله، فهذا هو الذكر الكثير الذي أشار الله إليه بقوله سبحانه:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً" (42) الأحزاب.
وقال سبحانه:" إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" (45) العنكبوت.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله قال فيما يرويه عن ربه سبحانه: "من ذكرني حين يغضب، ذكرته حين أغضب، ولا أمحقه فيمن أمحق" رواه الديلمي.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله :" من أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان "رواه أبو داود.
11 »» اختتام الذكر بالصلاة على النبي وبالدعاء.
12 »» يستحب الاجتماع على الذكر، لما فيه من حث الهمم على الطاعة، وتقوية الضعيف وإعانته على نفسه، والتقاء القلوب وتغذية ذاكرها لغافلها، وإشاعة جو الألفة والمحبة في الله، واكتساب بركة الجماعة، وإظهار لشعائر الله وأركان الدين.
قال تعالى:" وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ "المائدة 2.
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال فيما يرويه عن ربه:" أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" رواه البيهقي.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله قال:" ليبعثنّ الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء.
قال: فجاءنا أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله حلّهم لنا لنعرفهم، قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد يجتمعون على ذكر الله ويذكرونه" رواه الطبراني.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله :" ما قعد قوم مقعدا لم يذكروا الله ولم يصلوا على النبي فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة" رواه الترمذي.
الصفحة الأخيرة
آداب تلاوة القرآن الكريم
القرآن الكريم كتاب الله الخالد، وكلامه القديم، ومعجزة نبيه الكبرى، وجامعة الإسلام العظمى، وصفه الذي أنزله بالعلم: "لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً "(166) النساء. وبالحكمة:" يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ" (2) يس. وبالكرم: "إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ" (77) الواقعة، وبالمجد:" ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ" (1) ق، وبالعزة:" وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ" (41) فصلت، وبالعظمة: "وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ" (87) الحجر، وبالبركة:" كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ" ص 29، وبالتذكير": ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ" (1) ص. وبالوضوح والتبيين: "حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ" (2) الدخان.
وبين آثاره في الهداية والبشرى" إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" (9) الإسراء. وفي الشفاء والرحمة:" وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ" الإسراء 82، وفي التذكير والتقوى: "وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" (28) الزمر، وفي الثبات على الحق:" قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" (102) النحل، وفي زيادة الإيمان:" وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ" (124) التوبة.
ووصفه الذي أنزل عليه وبيّن آثاره في كثير من أحاديثه الشريفة، منها ما روي عن علي قال: سمعت رسول الله يقول: "أما أنها ستكون فتنة. قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ فقال: كتاب الله تعالى، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله تعالى، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله تعالى، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنفضي عجائبه، وهو الذي لم تنته اليه الجن إذ سمعته حتى قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فآمنا به، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا اليه هدي الى صراط مستقيم." رواه الترمذي.
وعن محمد بن علي ما قال، قال رسول الله :" القرآن أفضل من كل شيء دون الله، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، فمن وقّر القرآن فقد وقّر الله، ومن لم يوقّر القرآن لم يوقّر الله، وحرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده، القرآن شافع مشفع، وما حل ـ أي خصم مجادل ـ مصدّق، فمن شفع له القرآن شفع، ومن محل بالقرآن صدق، ومن جعله أمامه قاده الى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه الى النار، وحملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله، الملبسون نور الله، المعلمون كلام الله، من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله." رواه القرطبي في تفسيره.
وقد أمر الله تعالى بتلاوته "إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ" النمل 91 »»92. ووعد عليها الخير الجزيل: "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ" (30) فاطر. كما أمر النبي بتلاوته وبيّن ما أعد الله سبحانه وتعالى لمن قرأه من أجر عظيم منها شفاعته به فقال " اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه" رواه مسلم.
ومنها حصوله على ثروة عريضة من الحسنات التي تضاف الى رصيده عند تلاوة كل حرف من الكتاب الكريم، قال عليه الصلاة والسلام:" من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: الم حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" رواه الترمذي. ومنها ارتقاؤه الى منزلة لا تنتهي رفعتها إلا عندما ينتهي من تلاوته قال :" يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" رواه أبو داود والترمذي. ومنها نيله شهادة نبوية بتقليده أعلى وسام إلهي:" إن لله أهلين من الناس، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته". رواه النسائي وابن ماجه.
إنه كتاب الله تعالى الدستور الجامع لأحكام الإسلام، والمنبع الصافي للعلم والخير والحكمة والنور والوسيلة المختصرة لمعرفة الله تعالى وقربه ورضاه والوصول الى حقائق التقوى ومعادن الإيمان. وفي الحديث الشريف " إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد" رواه الحاكم. وفي وصية رسول الله لأبي ذر عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء.
إنه رسالة الله العلي القدير، لهذا الإنسان الضعيف الجهول الفقير، لتأخذ بيده وتدله على سبيل النجاة، وتهديه الى صراط الله، وتمنحه السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة.
عن جبير أن رسول الله قال: "أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدا" رواه الطبراني.
ولقد بوأ الله به المسلمين عندما تمسكوا به، وأخلصوا في تطبيق أوامره، وتنفيذ أحكامه ووصاياه، وانتهوا عن كل ما نه عنه، بوأهم مكانة الصدارة بين الأمم، وجعلهم مخلّصي الشعوب ومعلمي الأمم، وناشري الحضارة التي ما عرف التاريخ لها مثيلا، فكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس.
وهذا كتاب الله تعالى تكفل بحفظه، وسخر عباده لتوثيقه، ليكون الدستور الخالد الى يوم القيامة "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "(9) الحجر.
وصدق رسول الله إذ يقول: "خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه" رواه البخاري.
قال أحدهم:
قد حوى القرآن نورا وهدى ***** فعصى القرآن من لا يعقل
قل لقوم نبذوا أحكامه ***** ما لكم مما نبذتم بدل
فاسألوا التاريخ عن قرآنكم ***** يوم ضاءت بسناه السبل
فكأن الكون أفق أنتم ***** فيه بدر كامل لا يأفل
أو كأن الكون منكم روضة ***** وعلى الأغصان أنتم بلبل
إنه كتاب الله، منزلته كمنزلة منزله، وتعظيمه من تعظيم قائله، والأدب معه أدب مع الله سبحانه وحري بالمسلم أن يتعلم هذه الآداب ليلتزمها مع كتاب الله الكريم.1 »» أن يقصد بقراءته وجه الله تعالى، وتعلم أحكام كتابه، وتنيفيذ أمر ربه بتلاوة القرآن الكريم.
قال ابن عباس : (إنما يعطى الرجل على قدر نيته).
قال الله تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ" البينة 5.
وعن ابن عمران قال: قال رسول الله : "من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس" رواه الترمذي.
وعن بريدة أن رسول الله قال:" من قرأ القرآن يتأكّل به الناس جاء يوم القيامة ووجه عظم ليس عليه لحم." رواه البيهقي.
2 »» أن يكون على طهارة من الحدثين، فالطهارة من الجنابة والحيض والنفاس فرض لقراءة القرآن أو مس المصحف وحمله.
قال تعالى: "إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ" (80) الواقعة.
وعن علي " أن رسول الله كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة." رواه أصحاب السنن.
وعنه قال:" رأيت رسول الله توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن، ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا، ولا آية" رواه أحمد وأبو يعلى.
3 »» تنظيف الفم بالسواك وغيره، لأنه مجرى كلام الله تبارك وتعالى. قال قتادة ( ما أكلت الثوم منذ قرأت القرآن).
عن علي مرفوعا:" إن أفواهكم طرق للقرآن فطيّبوها بالسواك" رواه البزار.
4 »» يستحب للقارئ أن يجلس مستقبلا القبلة إذا تمكن من ذلك، لأنه ورد ( خير المجالس ما استقبل به القبلة) رواه الطبراني.
ويجوز أن يقرأ قائما أو ماشيا أو مضجعا أو في فراشه أو في الطريق أو على غير ذلك من الأحوال وله الأجر، وإن كان دون الأول.
5 »» طهارة المكان والثياب ونظافتهما، والتجمل والتطيب استعدادا لمناجاة الله تعالى بتلاوة كلامه.
6 »» التعوذ والبسملة قبل البدء بالتلاوة.
قال تعالى:" فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "(98) النحل.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله :" كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أجذم" رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي.
7 »» المداومة على قراءة القرآن، بالتزام ورد يومي وإن قلّ، وتجنب هجران القرآن ونسيان تلاوته. قال سيدنا عثمان بن عفان : لو أن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام ربنا عز وجل، وإني لأكره أن يأتي عليّ يوم لا أنظر في المصحف.
قال تعالى:" وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً" (30) الفرقان.
وعن أبي موسى أن النبي قال: "تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشدّ تفلتا من الإبل في عقلها" متفق عليه.
8 »» الإقبال بشغف وشوق ومحبة على كلام الله تعالى حتى يتملك عليه مشاعره وأحاسيسه، وقلبه وفكره وروحه، ويعين على ذلك طرح كل ما يشغله من أفكار أو كلام أو هموم الحياة الدنيا، وخصوصا في صلاة الليل.
قال تعالى: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" الزمر 23.
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله :" من أحبّ أن يحبّه الله ورسوله فلينظر فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله" رواه الطبراني.
9 »» تحسين الصوت وتزيينه عند التلاوة، والتغني بالقرآن ليكون أشد وقعا، وأكبر تأثيرا في القلوب.
عن أبي هريرة قال:" سمعت رسول الله يقول: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به" متفق عليه.
وعن البراء بن عازب عن النبي قال: "زيّنوا القرآن بأصواتكم" رواه أبو داود والنسائي.
وعن أبي لبابة أن النبي قال:" من لم يتغنّى بالقرآن فليس منا" رواه أبو داود.
10 »» قراءة القرآن حسب قواعد التجويد، وترتيله على النحو الذي وضعه علماء القرآن بتأديته حرفا حرفا، من غير استعجال، وكما ورد عن السلسلة المتصلة بالنبي في تلقي القرآن الكريم، قال ابن الجزري:
والأخذ بالتجويد حتم لازم ***** من لم يجوّد القرآن آثم
لأنه به الإله أنزله ***** وهكذا منه إلينا وصله
وقد سئل سيدنا علي عن ترتيل القرآن الكريم فقال: هو تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف.
قال تعالى:" وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً "(4) المزمل.
وعن أم سلمة " أنها نعتت قراءة النبي قراءة مفسرة حرفا حرفا." رواه أبو داود.
وعن عائشة قالت: قال رسول الله :" الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران" متفق عليه.
11 »» التدبّر:
قال السيوطي: صفة التدبر أن يشغل القارئ قلبه بالتفكر في معنى ما يتلفظ به فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك، فإن كان قصر عنه فيما مضى من عمره اعتذر واستغفر، وإذا مر بآية عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنزيه نزّه وعظّم، أو دعاء تضرع وطلب.
وقال الحسن البصري: إن من كان قبلكم ـ يعني الصحابة ـ رأوا أن هذا القرآن رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها في النهار.
وقال علي : لا خير في عبادة لا فقه فيها، ولا في قراءة لا تدبر فيها.
وقال ابن عباس ما: لأن أقرأ إذا زلزلت والقارعة أتدبرهما، أحب إليّ من أقرأ البقرة وآل عمران تهذيرا.
وقال ابن مسعود : من أراد علم الأولين والآخرين، فليتدبر القرآن.
وقد بات الكثير من السلف يتلو أحدهم آية واحدة ليلة كاملة، يرددها ليتدبر ما فيها، وكلما أعادها انكشف له من معانيها، وظهر له من أنوارها، وفاض عليه من علومها وبركاتها.
قال الأحنف بن قيس: عرضت نفسي على القرآن، فلم أجد نفسي بشيء أشبه مني بهذه الآية"وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ" التوبة 102.
قال تعالى:" كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ "(29) ص.
وقال عز وجل:" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا "(24) محمد.
وقال سبحانه:" وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً" (106) الإسراء.
وقال عز من قائل:" وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" (17).
وعن عوف بن مالك قال:" قمت مع النبي ليلة فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوّذ" رواه النسائي وأبو داود.
وعن أبي ذر قال: قام رسول الله بنا ليلة فقام بآية يرددها وهيإِن" تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) المائدة.
12 »» خشوع القلب، وإطراق الرأس، وسكون الجوارح، واستحضار عظمة منزلة القرآن، والبكاء من خشية الله تعالى، فإن لم يبك فليستجلب البكاء وليحاول ذلك عندما يكون خاليا فإنه أبعد من الرياء.. قال الحسن: كان عمر بن الخطاب يمر بالآية من ورده بالليل فيبكي حتى يسقط، ويبقى في البيت حتى يعاد للمرض..
قال تعالى:" لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ "الحشر 21.
وقال عز وجل:" وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ" المائدة 83.
وقال سبحانه:" وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً" (109) الإسراء.
وقال سبحانه: "إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً" (58) مريم.
وعن ابن مسعود لما قرأ على رسول الله قال ابن مسعود:" فالتفتّ فإذا عينا رسول الله تذرفان." رواه الشيخان.
وعن سعد قال: سمعت رسول الله يقول: "إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنّوا به فمن لم يتغنّ بالقرآن فليس منا" رواه ابن ماجه.
وعن أبي هريرة قال:" لما نزلت أفمن هذا الحديث تعجبون، وتضحكون ولا تبكون بكى أصحاب الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم." رواه البيهقي.
13 »» العمل بالقرآن، إئتمارا بأمره، وانتهاء عن نواهيه، وتنفيذا لوصاياه، ووقوفا عند حدوده.
قال ابن مسعود : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
وقال ابن عمر ما: لقد عشنا برهة من الدهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة فيتعلم حلالها وحرامها، وأوامرها وزواجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، ولقد رأينا رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب الى خاتمته لا يدري ما آمره وما زاجره، وما ينبغي أن يقف عنده، ينثره نثر الدّقل ـ أي رديء التمر ويابسه ـ.
قال تعالى: "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ "البقرة 121.
وعن أبي ذر قال: قال لي رسول الله :" يا أبا ذر، لأن تغدو فتتعلم آية من كتاب الله خير من أن تصلي مائة ركعة." رواه ابن ماجه.
وعن عبدالله بن عمرة ما قال: قال رسول الله :" اقرأ القرآن ما نهاك، فإن لن ينهك فلست تقرؤه." رواه الطبراني.
وعن صهيب أن رسول الله قال: "ما آمن بالقرآن من استحلّ محارمه "رواه الترمذي.
14 »» قراءة القرآن مع النظر في المصحف، لتجتمع له عبادتا القراءة والنظر، وقد قال ابن مسعود : أديموا النظر في المصحف.
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال:" أعطوا أعينكم حظها من العبادة . قالوا: وما حظها من العبادة؟ قال: النظر في المصحف، والتفكر فيه، والاعتبار عند عجائبه" رواه البيهقي.
15 »» الإصغاء والإستماع والإنصات عند تلاوة القرآن، لأن ذلك أدنى للفهم والتأمل بما في آيات الله من وعد ووعيد، وتبشير وتهديد، وحكمة وموعظة، وأمر ونهي، وأقرب لإحراز رحمة الله تعالى:
قال تعالى:" وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "(204) الأعراف.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله :" من استمع الى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلا آية من كتاب الله كانت له نورا يوم القيامة "رواه أحمد.
16 »» تجنب كل ما يخل بالخشوع مع جلال القرآن أثناء التلاوة أو السماع، كالضحك والتثاؤب والعبث بالثياب أو الأعضاء، وفرقعة الأصابع، والتحدث الى الآخرين دون حاجة.. إلخ ويمسك عن القراءة إذا غلبه التثاؤب لأنه في حضرة الخطاب الإلهي، والتثاؤب من الشيطان.
قال مجاهد: إذا تثاءبت وأنت تقرأ القرآن فأمسك عن القراءة إجلالا للقرآن حتى يذهب تثاؤبك.
17 »» العمل على حفظ القرآن الكريم واستظهاره، وإن من أعظم النعم الإلهية أن جعل الله تعالى قلوب عباده المؤمنين أوعية لكلامه، وصدورهم خزائن لآياته، يتلونها آناء الليل وأطراف النهار.
وقال العلماء إن حفظ ما تجوز به الصلاة فرض عين على كل مكلف، وحفظ فاتحة الكتاب وسورة واجب، وحفظ سائر القرآن فرض كفاية، وسنة عين أفضل من سنة النفل.
قال تعالى:" بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ "العنكبوت 49.
وعن عليّ أن النبي قال:" من قرأ القرآن فاستظهره، فأحلّ حلاله، وحرّم حرامه أدخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار" رواه الترمذي.
وعنه قال: قال النبي : "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب "رواه الترمذي.
وعن ابن عباس ما قال: قال رسول الله : "أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل" رواه البيهقي والطبراني.
18 »» التأدب بآداب الحفظة إذا منّ الله عليه بحفظ كتابه، وإلا سلبت منه هذه الفضيلة العظمى، قال الفضيل بن عياض: حامل القرآن حامل راية الإسلام فلا ينبغي مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن.
وقال ابن مسعود: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون هينا لينا، ولا ينبغي له أن يكون جافيا ولا مماريا ولا صياحا ولا صخابا.
عن ابن عمر ما أن رسول الله قال: "من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، ولا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من وجد، ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله تعالى ." رواه الحاكم.
19 »» إن مما يعين على حفظ القرآن الكريم الابتداء بحفظه منذ الصغر، وتفريغ الذهن له باغتنام الأوقات المباركة في الأسحار، وترتيله والتغني به في صلاة الليل، وسماعه من أفواه المقرئين المجيدين ومحاولة تقليد أحدهم، وتدبر المعنى ومعرفة أسباب النزول، وتجزيء القرآن الى أرباع أحزاب ووضع برنامج محدد للحفظ، والمحافظة على الورد اليومي مهما كانت الأعذار، والتزام معلم للقرآن يسمع منه ما حفظه كل يوم، والتكرار الكثير وعدم الملل أو اليأس إذا صعبت عليه بعض الآيات، والحفظ في مصحف معين والالتزام به ويفضل مصحف الحفاظ، وسؤال الله تعالى بالصدق والعزم أن يكرمه بحفظظ كتابه، والتقوى وتطهير النفس والقلب مما سوى الله.
عن عبيدة المليكي أن رسول الله قال:" يا أهل القرآن لا تتوسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وأفشوه وتغنوا به، وتدبروا ما فيه لعلكم تفلحون، ولا تعجلوا ثوابه فإن له ثوابا" رواه البيهقي والطبراني وأبو نعيم.
20 »» الحرص على الحفظ من النسيان، بالتلاوة المستمرة، والتكرار اليومي للمحفوظات من القرآن الكريم، واجتناب الذنوب والمحرمات، لأن القرآن لا يستقر في القلوب الغافلة.
عن أنس قال: قال رسول الله :" عرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أوتيها رجل ثم نسيها" رواه الترمذي وأبو داود.
وعن ابن عمر ما أن رسول الله قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت" متفق عليه.
21 »»إجابة بعض الآيات عند سماعها أو تلاوتها ببعض الأكار أو الكلمات الواردة ومنها بعد يا أيها الذين آمنوا..
يقول: لبيك ربي وسعديك
بعد الفاتحة يقول: آمين
بعد البقرة يقول: آمين
بعد كل آية فبأي آلاء ربكما تكذبان من سورة الرحمن يقول:
ولا بشيء من نعمك نكذب فلك الحمد.
بعد القيامة يقول: بلى هو قادر.
بعد الملك يقول: الله رب العالمين.
بعد المرسلات يقول: آمنت بالله.
بعد سبّح اسم ربك الأعلى يسبّح ثلاثا.
بعد فألهمهما فجورها وتقواها يقول: اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها.
بعد التين يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
بعد إن الله وملائكته يصلون على النبي.. الآية يصلي على النبي .
بعد آية سجدة يسجد إن كان متوضأ، وإلا قال ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) ثلاثا.
وبعد آية تنزيه: يسبح، وبعد آية دعاء يدعو وينيب، وبعد آية استغفار يستغفر ويتوب..
22 »»الدعاء بعد كل تلاوة بما يتناسب والآيات التي تلاها، ويتأكد الدعاء بعد ختم القرآن الكريم فهو مظنة الاستجابة، قال مجاهد: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن ويقولون: تنزل الرحمة.
عن أنس أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا. رواه أبو داود.
وعنه مرفوعا: من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي واستغفر ربه فقد طلب الخير مكانه. رواه البيهقي.
23 »» يسن إذا فرغ من الختمة أن يشرع في ختمة جديدة مباشرة ليكون متواصل القراءة دون فترة أو مهلة أو تقاعس بعد الختمة..
قال رسول الله:" أحب الأعمال الى الله قال الحال المرتحل الذي يضرب من أول القرآن الى آخره كلما ارتحل" رواه الترمذي.
وعن ابن عباس، وأبيّ بن كعب م "أن النبي كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس فتح من الحمد، ثم قرأ من البقرة وأولئك هم المفلحون ثم دعا بدعاء الختمة ثم قام" رواه الدارمي.