
الاميره لامير
•
الله لايرحمه ولايرده اعورو يتنقور على ايش شايف نفسه والله القصه مره حلوه ومؤثره ولاتبطي عليناننتظروشكل النهايه قربت مره مستعجله والله يعطيك العافيه00

وينك مشتاقة تأخرت ليكون رايحة تعزي في الشايب هههههههه
أمزح لاتزعلين وبعدين من يكملنا القصة
يالله شدي حيلك منتظرينك ياقمر
أمزح لاتزعلين وبعدين من يكملنا القصة
يالله شدي حيلك منتظرينك ياقمر

خلاص زعلت وبطلت اكمل القصه ........
يعني بالله يالأم الحنونه ماتبغين اهنيء عفوا اعزي احلام في ابوها ؟؟
الله يهديك بس .
خخخخخخخخخ .
يعني بالله يالأم الحنونه ماتبغين اهنيء عفوا اعزي احلام في ابوها ؟؟
الله يهديك بس .
خخخخخخخخخ .


الجزء السابع والعشرون
تغيم الحياة في نظري من جديد وتبدو الأشياء من حولي ضبابية سرمدية لا شيء حقيقي أو واضح، ارتدت الوجوه من حولي أقنعة كابية ترابية كالحة، فلم أعد أميز الوجوه... يقترب وجه أمي رويداً رويداً حتى ليكاد يلتصق بوجهي، أبتعد قليلاً، لأتمكن من رؤيتها بوضوح... تخرج كلمتها المأثورة بسرعة واندفاع وكأنها تبصقها في وجهي " لا حول ولا قوة إلا بالله" أرفع يدي... أتحسس وجهي لأمسح البصقة فلا أجد سوى دموعي... دموع غزيرة كاسحة لا أدري أمن نهر اندفعت! أو من محيط غادر هادر انسكبت، شلال عاصف الأمواج يتلاعب بروحي المنكمشة فغدوت كقارب أضاع مرساه فتاه في لجج لا يملك له دفعاً... أمي... أماه لا تغادريني ولا تحتقريني... ولمن تتركينني؟
ألأب أضاعني ولم يصن الأمانة، أم لأخوة نسوني في متاهات حياتهم ووضعوني في خانة المهملات... أم لزوج ظالم قاس قتلني مئات المرات قبل أن أقتله!! ثم كيف تحتقرين من هي أفضل منك... نعم... أنا أفضل منك بكثير يا أمي، أنت صمت وصمت وصمت... اغتالتك المهانة والمذلة وسبقت اغتيال أبي لك. أهانك وسحقك وظلمك... ضربك حتى أدماك، ظلمك، نهبك، أبكاك، ثم ابتدأ السلب... سلبك نقودك ومجوهراتك ثم سلبك حقوقك وأحلامك وانتهي بأن سلبك عقلك حتى جننت على يديه، اتخذك مطية له وآلة لتفريخ أولاده ثم خادمة تحت أقدامهم جميعاً... ولضعفك وقوته، وهشاشتك وعظمته، ومهانتك وجبروته قبلت أكثر من ذلك... بدأ بعجرفة لا يعرفها سوى الجبابرة يسحق عظامك يسحق عظامك بقدميه الغليظتين ويجرف ما تبقي من كرامتك في بالوعة ليس لها بداية أو نهاية... تزوج عليك ولم تحركي ساكناً وكأنه لم يوجه طعنه غادرة لأنوثتك السلبية وجرحاً نافذاً لقدراتك كامرأة وأم وزوجة... لم تثوري ثورة النساء ولم تفعلي ما تفعله النساء الواثقات من أنفسهن وأزواجهن، ثورتك يا أمي كانت ضعيفة مثلك ورد فعلك كان واهياً كذاتك... ضعفك كان وقوداً لنار غضبي الذي ما يفتأ يزداد أواره يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، حتى انتقمت لكيلينا من أقدار لم نخترها وإنما فرضت علينا فرضاً وأجبرنا على أن نخوضها خانعين... لكنني كنت أشجع منك يا أمي يا أمي فلا تغضبي أو تبصقي علي... أماه إني بحاجة إلى مساندتك، إلى أحضانك الدافئة ولو من خلال الأثير...
- هل قتلت زوجك...؟
نعم ... نعم قتلته... قتلته مع سبق الإصرار والترصد ولو عاد إلى الحياة مرة أخرى سأقتله ولست نادمة على ذلك أبداً... لقد قتلته وقتلت الشر والأنانية والطمع معه... وقتلت أبي فيه... قتلت ذلك الرجل الذي لا يربطني به سوى رباط واه من الأبوة المزعومة... الرجل الذي ملأني أحقاداً على كل الرجال وطبع صورته في وجه كل رجل أعرفه واغتصب مني حريتي وسعادتي ومستقبلي... وحقي في أن أعيش كأية فتاة أخرى في مثل سني... قتلت فيه أباً مجرداً من كل معاني الأبوة، تفتحت عيناي على ظلمة وأنانيته، نشأت أجاهد بذرة الحقد التي زرعها بيديه داخل أعماقي، أقسر نفسي على حبه أو عدم كرهه على الأقل، أرهب نفسي بعقاب الله والنبذ من رحمته إذا استمرأت هذا الشعور... بيد أن البذرة تنمو وتترعرع وكأنني بكبتي لها قد دفعتها أكثر نحو النضوج والطغيان حتى لم يتبق في قلبي ذرة حب له ولا حتى شفقة...
- أجيبي... هل قتلت زوجك؟
تتصاعد الشهقات في أعماقي لتزدحم في حلقي، فلا أقوى على الكلام ولا البكاء... إن هي إلا نظرات هاوية خاوية تدور بلا معنى في فضاء لا أعرفه ولا يمت لي يوماً بصلة... صوت دافئ حبيب يخترقني:
- تكلمي يا أحلام ولا تخشي شيئاً أنا معك... هل قتلت زوجك حقاً؟؟
أهي بدرية من يتكلم... أهي أنت أيتها الحبيبة... وهل قتلت زوجك أنت أيضاً؟ أما كان من الواجب أن تقتليه أن تمزقيه بألف طعنة ثم تمثلي بجثته ليراها القاضي والجاني ويعرف كم كنت مظلومة وشهيدة...؟ ألم تكن لك جرأة كجرأتي أم أن عذابك لا يوازي عذابي، بلي يا بدرية... بلي لقد ذقت على يديه ألواناً شتى من العذاب وأسقاك المر قطرة قطرة حتى لم تعودي تعرفين هل أنت تعيشين في جحيم الآخرة أم أن هذا جزء لا ينفصل عنها... أتذكرين يا بدرية أم قد نسيت... إنني لم أنس أبدا ذلك اليوم السوداوي البغيض حينما كنت في زيارتك في لحظة مسروقة من عمر الزمن. كنا نأكل ونضحك أنا وأنت والأطفال حينما علا صوته يطلبك و يعلن قدومه ... اختبأ الأطفال على الفور، وكأن القادم هو وحش مفترس لا أبوهم رمز الحنان و التضحية ... اصفر وجهك على الفور وزاغت عيناك الطيبتان ثم نهضت من فورك لتلبية النداء ... سألك كسيد يسأل خادمة أين عشائي يا ... أسرعت تجيبين طلبه .. ارتجت جدران البيت لصوته أهذا فقط عشائي ؟؟ تأكلين أنت وأولادك و تستبقين لي الفضلات ؛ لم يعطك فرصة لأفهامه أنه على خطأ وأنك احتفظت له بنصيب الأسد وحرمت أولادك منه ... فسكب الطعام على وجهك وثيابك ثم بدأ ينهال عليك بالضرب والكلمات البذيئة القبيحة التي لا تخرج من فم إنسان سوي .. كنت تكتمين آلامك وصراخك باستماتة لا أدري أكان من أجلي أم من أجل أولادك !! ثم جئت تتحاشين النظر في وجهي ... جئت ( وبأي حال عدت يا عيد) ... جئت ممزقة مشتتة في عينيك كرامة شعب مسلوب وعلى شفتيك فضيلة مرغت في الأوحال ... جروح هنا وهناك وجروح غائرة لا ترى ونفس صدئة حرى ... كنت جثة تتحرك على قدمين يملأك الخزي والخجل والعار... أصدقيني القول أخيّة... ألم تتمني لحظتها أن تقتليه، أن تواتيك الجرأة لتحطمي رأسه كما أحال كل شيء فيك إلى حطام ثم سجنك بين قضبان الترمل إلى أبد الآبدين...
أجيبيني صادقة مخلصة ألم تقتليه فعلاً كما تمنيت قتله مراراً؟ أرجوك يا أحب الناس أن تغفري لي وتسامحيني ، فلم أقبل حياة الذل مثلك ولم أرغب أن تمتد مهانتي أعواماً طويلة، فليس في جعبتي المزيد من الصمت وليس لي طاقة على الصبر والتحمل...
- أحلام... أرجوك يا حبيبتي تكلمي فالتهمة سوف تثبت عليك إذا صمتّ...
وما يهمني يا بدرية إن ثبت أم لم تثبت... في كلتا الحالتين لن أخرج من سجني، ولن أختار الحياة التي أهفو إليها من كل قلبي، ولن أتزوج بمن اخترته بملء إرادتي...
القضبان تتشابه يا بدرية في كل مكان، منذ وعيت على الدنيا وأنا أشعر بالقضبان تحوطني من كل الجهات... قضبان سوداء وبيضاء ومن مختلف الألوان، لذلك فلن يكون هناك فرق كبير إذا احتوتني قضبان مرئية...
- تحول إلى مستشفي الأمراض يا أماه أخيراً... أهذه هي نهاية المطاف لكل امرأة واعية عاقلة رفضت الظلم وتصدت للمهانة والإذلال وقررت أن تختار مصيرها بنفسها بدلاً أن يختاره لها الآخرين... على طريقك يا أماه... ذات الطريق الذي اختاره لك أبي وسارت فيه شقيقتي ندى دون ذنب أو جريرة... ضباب يغشي عيني فلا أرى ماذا يحدث أمامي... وجوه كثيره تحيط بي، أفواه تفتح وتغلق... عيون لامعة وأخرى كابية خابية بلا لمعان، غضب وسخرية وألم تلون الوجوه تفصلها عني غلالة سحرية لا أري منها سوى ذاتي... أدوية كثيرة ابتلعتها، إبر طويلة تغرس في ذراعي على امتداد الليل والنهار، أقطاب كهربائية تشل عقلي وتدمر حواسي وتعطل قدراتي... ولا يصدر مني في النهاية سوى صراخ... صراخ متقطع كعواء الذئاب... ثم تنتابني إغماءه طويلة لا أفيق منها إلا على سراب...
شممت رائحة أحببتها ذات يوم... تلونت عيناي بألوان الفرح ورقصت الجراح على حافة الألم... وضحى... همست باسمها على الرغم مني... أعلنت بنفسي انتهاء الحداد فانطلق لساني باسم سعد...
- هل عرفتني... الحمد لله... شكرا لله... أحلام من أجلي ومن أجل سعد تكلمي... قولى بأنك لم تقتلي زوجك... ارفضي التهمة وأعلني احتجاجك، لا تصمتي زوجك هكذا فالصمت ليس في صالحك... لقد حاول سعد بشتي الطرق أن يكلمك لكن الدروب كلها مغلقة كما تعلمين يا أحلام من أجل سعد تكلمي...
سعد ... نعم إنه حبي الوحيد وذوب قلبي وواحتي التي أختبئ فيها من غدر البشر... لكنني لن أكون له يا وضحي ولن يكون لي... مهما فعلت وكافحت وسعيت لن يتحقق أملنا سوى في الجنة. وحتى الجنة لا أضمنها بعد أن قتلت زوجي... أتدرين لماذا قتلته يا وضحى ولأي سبب أنهيت حياته... ربما لأنه ظلمني كثيراً وأهانني مراراً وقتلني مرات ومرات، بيد أن السبب الحقيقي الكامن داخل نفسي هو أنني لن أتحرر منه سوى بالموت... فلا أمل الطلاق كان يداعبني ولا ضوء الفرار كان يلامس أفقي... فكان لا بد مما ليس له بد أن أعيش حرة أبية داخل نفسي حتى ولو كنت مقيدة فعلياً، أن أتنسم الحرية التي لم أذق لها طعماً، أن يحلم بي سعد كما شاءت له أحلامه أن تصورني، وحيدة بلا قيود، بلا رجل يستنزفني، أو أغلال زوج تقيدني... أن تكون فتاة أحلامه شجاعة انتصرت على الظلم والاستبداد والأنانية... إنني أثق به وأعرف تماما أنه لن يخلني حتى لو خذلني الناس جميعاً. أتدرين لماذا؟ لأن حينا ليس كأي حب آخر في الوجود، إنه حب مختلف امتزج بدمائنا وسرى فيها كسريان النار في الهشيم... لن أنساه يا وضحى أبد الدهر...
أحلام ... أستحلفك بالله أن تتكلمي... قولي أى شيء... أي شيء ولا تصمتي هكذا...
أعذريني يا وضحى، وليعذرني سعد وكل أحبائي، فما عادت لي لغة سوى الصمت، في حروفها أستكين وفي جملها الباردة المقتولة أجد ذاتي الهاربة... تبتعدين... تغادرين... تسير خطاك النائية على قلبي فتترك بصماتها الدامية عليه... ترتجف الورقة التي دسستها في يدي ربما هلعاً أو أملا أو استسلاما، أفردها بأصابع محترقة، تخترقني الكلمات الموجعة فأتأوه لألم الطعنات.
أبداً تحن إليكم الأرواح *** ووصالكم ريحانها والراح
وقلوب أهل ودادكم تشاقكم ***وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
وارحمتا للعاشقين تكلفوا *** ستر المحبة والهوى فضاح
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم*** وكذا دماء البائحين تباح
تدمع عيناي ثم تغرق فتسيل الدموع بغزارة كاسحة وأنا أرقب طيف وضحى وهي تغادر عبر زجاج النافذة، فأشعر أن روحي تغادر معها ولم يبق إثرها سوى جسد ممزق مبتور بلا أية هوية... تسقط عيناي على شجرة قريبة أرقب عصفوراً يصارع جلاديه، يحاول أن يحمي عشه من عبث الصغار، يختبئ ثم يقفز... يحني رأسه، يحتمي بغصن ضخم...
تعود نظراتي خائبة كسيرة إلى ذاتي المضعضعة ونفسي المضعضعة بالأحزان وإلى تلك الورقة المبللة بالدموع... ويحي... سعد ألم تنس؟ ألم تسل؟ ألم تفقد الأمل؟ وحتى متى؟ وهل بعد جريمة القتل منفذ أو مخرج أو حتى حلم، إنها النهاية سا سعد فحاول أن تبتعد وتسهو وتجد لك ملاذاً آخر، وسكناً ليس محكوماً بعادات وتقاليد وقائمة طويلة من المحاذير والعقبات... حاول فأنت تستحق كل خير وكل سعادة...
- ويحك يا أحلام أهذه هي النهاية؟ تفضحيننا أمام الناس وتغمرين رؤوسنا في الأوحال...
أبي قادم أنت من واقع أم من خيال... اختلطت المرئيات بناظري فلم أميز الحقيقة من السراب... تأتيني صورته من وراء غلالة غليظاً قاسياً جافاً كما عهدته دائماً...
- أنت تستحقين القتل غسلاً للعار وانتقاماً لشرفنا المهدر على يديك...
عار... شرف... ألا زلت تتشدق بالمثاليات يا أبي وأنت أبعد الناس عنها، ألا زلت تتباهي بالقيم والمثل التي لا تعرفها؟ ألا زلت ترتدي رداء القديسين وتتمسح بمسوح الرهبان وتتخفى خلف قناع الملائكة، ألا تدرك أن الحقيقة ظهرت وأننا لم نعد كما كنا ولا عاد الزمان هو الزمان... أمي ليست هنا لتركع تحت قدميك ولا أخوتي سيرضخون لك بعد الآن ولا حتى زوجتك ستحني رأسها لك... لقد حطمت أسطورتك بيدي، وخلعت النقاب عن وجهك المزيف، لتتبدى كل الحقائق القابعة خلفه وبأنه لا يصح إلا الصحيح والحقيقة لا بد ظاهرة في النهاية... لم أحنك يا أبي أو أمرغ شرفك في الأوحال. كل ما فعلته أنني كسرت أغلالي وعدت حرة من جديد... هل فهمت يا أبي؟
- لماذا فعلت هذا يا أحلام؟
دموع حقيقة على وجه أبي... دموع يعتصرها وجدانه قطرة قطرة لتحلق في سماء الوجع والأنين وتتحدر على وجه شاحب كئيب صافية متبلورة شفافة... حانت منى التفاته إلى حيث العصفور البائس على الشجرة وقد أصابته الضربات الطائشة ثم حملته يد قوية إلى قفصه الجديد جريحاً لا يقوى على الطيران... صرخت بكل ما أملك من قوة:
- أبي أنا لم أقتل زوجي... أنا قتلتك أنت...
وللقصة بقية
تغيم الحياة في نظري من جديد وتبدو الأشياء من حولي ضبابية سرمدية لا شيء حقيقي أو واضح، ارتدت الوجوه من حولي أقنعة كابية ترابية كالحة، فلم أعد أميز الوجوه... يقترب وجه أمي رويداً رويداً حتى ليكاد يلتصق بوجهي، أبتعد قليلاً، لأتمكن من رؤيتها بوضوح... تخرج كلمتها المأثورة بسرعة واندفاع وكأنها تبصقها في وجهي " لا حول ولا قوة إلا بالله" أرفع يدي... أتحسس وجهي لأمسح البصقة فلا أجد سوى دموعي... دموع غزيرة كاسحة لا أدري أمن نهر اندفعت! أو من محيط غادر هادر انسكبت، شلال عاصف الأمواج يتلاعب بروحي المنكمشة فغدوت كقارب أضاع مرساه فتاه في لجج لا يملك له دفعاً... أمي... أماه لا تغادريني ولا تحتقريني... ولمن تتركينني؟
ألأب أضاعني ولم يصن الأمانة، أم لأخوة نسوني في متاهات حياتهم ووضعوني في خانة المهملات... أم لزوج ظالم قاس قتلني مئات المرات قبل أن أقتله!! ثم كيف تحتقرين من هي أفضل منك... نعم... أنا أفضل منك بكثير يا أمي، أنت صمت وصمت وصمت... اغتالتك المهانة والمذلة وسبقت اغتيال أبي لك. أهانك وسحقك وظلمك... ضربك حتى أدماك، ظلمك، نهبك، أبكاك، ثم ابتدأ السلب... سلبك نقودك ومجوهراتك ثم سلبك حقوقك وأحلامك وانتهي بأن سلبك عقلك حتى جننت على يديه، اتخذك مطية له وآلة لتفريخ أولاده ثم خادمة تحت أقدامهم جميعاً... ولضعفك وقوته، وهشاشتك وعظمته، ومهانتك وجبروته قبلت أكثر من ذلك... بدأ بعجرفة لا يعرفها سوى الجبابرة يسحق عظامك يسحق عظامك بقدميه الغليظتين ويجرف ما تبقي من كرامتك في بالوعة ليس لها بداية أو نهاية... تزوج عليك ولم تحركي ساكناً وكأنه لم يوجه طعنه غادرة لأنوثتك السلبية وجرحاً نافذاً لقدراتك كامرأة وأم وزوجة... لم تثوري ثورة النساء ولم تفعلي ما تفعله النساء الواثقات من أنفسهن وأزواجهن، ثورتك يا أمي كانت ضعيفة مثلك ورد فعلك كان واهياً كذاتك... ضعفك كان وقوداً لنار غضبي الذي ما يفتأ يزداد أواره يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، حتى انتقمت لكيلينا من أقدار لم نخترها وإنما فرضت علينا فرضاً وأجبرنا على أن نخوضها خانعين... لكنني كنت أشجع منك يا أمي يا أمي فلا تغضبي أو تبصقي علي... أماه إني بحاجة إلى مساندتك، إلى أحضانك الدافئة ولو من خلال الأثير...
- هل قتلت زوجك...؟
نعم ... نعم قتلته... قتلته مع سبق الإصرار والترصد ولو عاد إلى الحياة مرة أخرى سأقتله ولست نادمة على ذلك أبداً... لقد قتلته وقتلت الشر والأنانية والطمع معه... وقتلت أبي فيه... قتلت ذلك الرجل الذي لا يربطني به سوى رباط واه من الأبوة المزعومة... الرجل الذي ملأني أحقاداً على كل الرجال وطبع صورته في وجه كل رجل أعرفه واغتصب مني حريتي وسعادتي ومستقبلي... وحقي في أن أعيش كأية فتاة أخرى في مثل سني... قتلت فيه أباً مجرداً من كل معاني الأبوة، تفتحت عيناي على ظلمة وأنانيته، نشأت أجاهد بذرة الحقد التي زرعها بيديه داخل أعماقي، أقسر نفسي على حبه أو عدم كرهه على الأقل، أرهب نفسي بعقاب الله والنبذ من رحمته إذا استمرأت هذا الشعور... بيد أن البذرة تنمو وتترعرع وكأنني بكبتي لها قد دفعتها أكثر نحو النضوج والطغيان حتى لم يتبق في قلبي ذرة حب له ولا حتى شفقة...
- أجيبي... هل قتلت زوجك؟
تتصاعد الشهقات في أعماقي لتزدحم في حلقي، فلا أقوى على الكلام ولا البكاء... إن هي إلا نظرات هاوية خاوية تدور بلا معنى في فضاء لا أعرفه ولا يمت لي يوماً بصلة... صوت دافئ حبيب يخترقني:
- تكلمي يا أحلام ولا تخشي شيئاً أنا معك... هل قتلت زوجك حقاً؟؟
أهي بدرية من يتكلم... أهي أنت أيتها الحبيبة... وهل قتلت زوجك أنت أيضاً؟ أما كان من الواجب أن تقتليه أن تمزقيه بألف طعنة ثم تمثلي بجثته ليراها القاضي والجاني ويعرف كم كنت مظلومة وشهيدة...؟ ألم تكن لك جرأة كجرأتي أم أن عذابك لا يوازي عذابي، بلي يا بدرية... بلي لقد ذقت على يديه ألواناً شتى من العذاب وأسقاك المر قطرة قطرة حتى لم تعودي تعرفين هل أنت تعيشين في جحيم الآخرة أم أن هذا جزء لا ينفصل عنها... أتذكرين يا بدرية أم قد نسيت... إنني لم أنس أبدا ذلك اليوم السوداوي البغيض حينما كنت في زيارتك في لحظة مسروقة من عمر الزمن. كنا نأكل ونضحك أنا وأنت والأطفال حينما علا صوته يطلبك و يعلن قدومه ... اختبأ الأطفال على الفور، وكأن القادم هو وحش مفترس لا أبوهم رمز الحنان و التضحية ... اصفر وجهك على الفور وزاغت عيناك الطيبتان ثم نهضت من فورك لتلبية النداء ... سألك كسيد يسأل خادمة أين عشائي يا ... أسرعت تجيبين طلبه .. ارتجت جدران البيت لصوته أهذا فقط عشائي ؟؟ تأكلين أنت وأولادك و تستبقين لي الفضلات ؛ لم يعطك فرصة لأفهامه أنه على خطأ وأنك احتفظت له بنصيب الأسد وحرمت أولادك منه ... فسكب الطعام على وجهك وثيابك ثم بدأ ينهال عليك بالضرب والكلمات البذيئة القبيحة التي لا تخرج من فم إنسان سوي .. كنت تكتمين آلامك وصراخك باستماتة لا أدري أكان من أجلي أم من أجل أولادك !! ثم جئت تتحاشين النظر في وجهي ... جئت ( وبأي حال عدت يا عيد) ... جئت ممزقة مشتتة في عينيك كرامة شعب مسلوب وعلى شفتيك فضيلة مرغت في الأوحال ... جروح هنا وهناك وجروح غائرة لا ترى ونفس صدئة حرى ... كنت جثة تتحرك على قدمين يملأك الخزي والخجل والعار... أصدقيني القول أخيّة... ألم تتمني لحظتها أن تقتليه، أن تواتيك الجرأة لتحطمي رأسه كما أحال كل شيء فيك إلى حطام ثم سجنك بين قضبان الترمل إلى أبد الآبدين...
أجيبيني صادقة مخلصة ألم تقتليه فعلاً كما تمنيت قتله مراراً؟ أرجوك يا أحب الناس أن تغفري لي وتسامحيني ، فلم أقبل حياة الذل مثلك ولم أرغب أن تمتد مهانتي أعواماً طويلة، فليس في جعبتي المزيد من الصمت وليس لي طاقة على الصبر والتحمل...
- أحلام... أرجوك يا حبيبتي تكلمي فالتهمة سوف تثبت عليك إذا صمتّ...
وما يهمني يا بدرية إن ثبت أم لم تثبت... في كلتا الحالتين لن أخرج من سجني، ولن أختار الحياة التي أهفو إليها من كل قلبي، ولن أتزوج بمن اخترته بملء إرادتي...
القضبان تتشابه يا بدرية في كل مكان، منذ وعيت على الدنيا وأنا أشعر بالقضبان تحوطني من كل الجهات... قضبان سوداء وبيضاء ومن مختلف الألوان، لذلك فلن يكون هناك فرق كبير إذا احتوتني قضبان مرئية...
- تحول إلى مستشفي الأمراض يا أماه أخيراً... أهذه هي نهاية المطاف لكل امرأة واعية عاقلة رفضت الظلم وتصدت للمهانة والإذلال وقررت أن تختار مصيرها بنفسها بدلاً أن يختاره لها الآخرين... على طريقك يا أماه... ذات الطريق الذي اختاره لك أبي وسارت فيه شقيقتي ندى دون ذنب أو جريرة... ضباب يغشي عيني فلا أرى ماذا يحدث أمامي... وجوه كثيره تحيط بي، أفواه تفتح وتغلق... عيون لامعة وأخرى كابية خابية بلا لمعان، غضب وسخرية وألم تلون الوجوه تفصلها عني غلالة سحرية لا أري منها سوى ذاتي... أدوية كثيرة ابتلعتها، إبر طويلة تغرس في ذراعي على امتداد الليل والنهار، أقطاب كهربائية تشل عقلي وتدمر حواسي وتعطل قدراتي... ولا يصدر مني في النهاية سوى صراخ... صراخ متقطع كعواء الذئاب... ثم تنتابني إغماءه طويلة لا أفيق منها إلا على سراب...
شممت رائحة أحببتها ذات يوم... تلونت عيناي بألوان الفرح ورقصت الجراح على حافة الألم... وضحى... همست باسمها على الرغم مني... أعلنت بنفسي انتهاء الحداد فانطلق لساني باسم سعد...
- هل عرفتني... الحمد لله... شكرا لله... أحلام من أجلي ومن أجل سعد تكلمي... قولى بأنك لم تقتلي زوجك... ارفضي التهمة وأعلني احتجاجك، لا تصمتي زوجك هكذا فالصمت ليس في صالحك... لقد حاول سعد بشتي الطرق أن يكلمك لكن الدروب كلها مغلقة كما تعلمين يا أحلام من أجل سعد تكلمي...
سعد ... نعم إنه حبي الوحيد وذوب قلبي وواحتي التي أختبئ فيها من غدر البشر... لكنني لن أكون له يا وضحي ولن يكون لي... مهما فعلت وكافحت وسعيت لن يتحقق أملنا سوى في الجنة. وحتى الجنة لا أضمنها بعد أن قتلت زوجي... أتدرين لماذا قتلته يا وضحى ولأي سبب أنهيت حياته... ربما لأنه ظلمني كثيراً وأهانني مراراً وقتلني مرات ومرات، بيد أن السبب الحقيقي الكامن داخل نفسي هو أنني لن أتحرر منه سوى بالموت... فلا أمل الطلاق كان يداعبني ولا ضوء الفرار كان يلامس أفقي... فكان لا بد مما ليس له بد أن أعيش حرة أبية داخل نفسي حتى ولو كنت مقيدة فعلياً، أن أتنسم الحرية التي لم أذق لها طعماً، أن يحلم بي سعد كما شاءت له أحلامه أن تصورني، وحيدة بلا قيود، بلا رجل يستنزفني، أو أغلال زوج تقيدني... أن تكون فتاة أحلامه شجاعة انتصرت على الظلم والاستبداد والأنانية... إنني أثق به وأعرف تماما أنه لن يخلني حتى لو خذلني الناس جميعاً. أتدرين لماذا؟ لأن حينا ليس كأي حب آخر في الوجود، إنه حب مختلف امتزج بدمائنا وسرى فيها كسريان النار في الهشيم... لن أنساه يا وضحى أبد الدهر...
أحلام ... أستحلفك بالله أن تتكلمي... قولي أى شيء... أي شيء ولا تصمتي هكذا...
أعذريني يا وضحى، وليعذرني سعد وكل أحبائي، فما عادت لي لغة سوى الصمت، في حروفها أستكين وفي جملها الباردة المقتولة أجد ذاتي الهاربة... تبتعدين... تغادرين... تسير خطاك النائية على قلبي فتترك بصماتها الدامية عليه... ترتجف الورقة التي دسستها في يدي ربما هلعاً أو أملا أو استسلاما، أفردها بأصابع محترقة، تخترقني الكلمات الموجعة فأتأوه لألم الطعنات.
أبداً تحن إليكم الأرواح *** ووصالكم ريحانها والراح
وقلوب أهل ودادكم تشاقكم ***وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
وارحمتا للعاشقين تكلفوا *** ستر المحبة والهوى فضاح
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم*** وكذا دماء البائحين تباح
تدمع عيناي ثم تغرق فتسيل الدموع بغزارة كاسحة وأنا أرقب طيف وضحى وهي تغادر عبر زجاج النافذة، فأشعر أن روحي تغادر معها ولم يبق إثرها سوى جسد ممزق مبتور بلا أية هوية... تسقط عيناي على شجرة قريبة أرقب عصفوراً يصارع جلاديه، يحاول أن يحمي عشه من عبث الصغار، يختبئ ثم يقفز... يحني رأسه، يحتمي بغصن ضخم...
تعود نظراتي خائبة كسيرة إلى ذاتي المضعضعة ونفسي المضعضعة بالأحزان وإلى تلك الورقة المبللة بالدموع... ويحي... سعد ألم تنس؟ ألم تسل؟ ألم تفقد الأمل؟ وحتى متى؟ وهل بعد جريمة القتل منفذ أو مخرج أو حتى حلم، إنها النهاية سا سعد فحاول أن تبتعد وتسهو وتجد لك ملاذاً آخر، وسكناً ليس محكوماً بعادات وتقاليد وقائمة طويلة من المحاذير والعقبات... حاول فأنت تستحق كل خير وكل سعادة...
- ويحك يا أحلام أهذه هي النهاية؟ تفضحيننا أمام الناس وتغمرين رؤوسنا في الأوحال...
أبي قادم أنت من واقع أم من خيال... اختلطت المرئيات بناظري فلم أميز الحقيقة من السراب... تأتيني صورته من وراء غلالة غليظاً قاسياً جافاً كما عهدته دائماً...
- أنت تستحقين القتل غسلاً للعار وانتقاماً لشرفنا المهدر على يديك...
عار... شرف... ألا زلت تتشدق بالمثاليات يا أبي وأنت أبعد الناس عنها، ألا زلت تتباهي بالقيم والمثل التي لا تعرفها؟ ألا زلت ترتدي رداء القديسين وتتمسح بمسوح الرهبان وتتخفى خلف قناع الملائكة، ألا تدرك أن الحقيقة ظهرت وأننا لم نعد كما كنا ولا عاد الزمان هو الزمان... أمي ليست هنا لتركع تحت قدميك ولا أخوتي سيرضخون لك بعد الآن ولا حتى زوجتك ستحني رأسها لك... لقد حطمت أسطورتك بيدي، وخلعت النقاب عن وجهك المزيف، لتتبدى كل الحقائق القابعة خلفه وبأنه لا يصح إلا الصحيح والحقيقة لا بد ظاهرة في النهاية... لم أحنك يا أبي أو أمرغ شرفك في الأوحال. كل ما فعلته أنني كسرت أغلالي وعدت حرة من جديد... هل فهمت يا أبي؟
- لماذا فعلت هذا يا أحلام؟
دموع حقيقة على وجه أبي... دموع يعتصرها وجدانه قطرة قطرة لتحلق في سماء الوجع والأنين وتتحدر على وجه شاحب كئيب صافية متبلورة شفافة... حانت منى التفاته إلى حيث العصفور البائس على الشجرة وقد أصابته الضربات الطائشة ثم حملته يد قوية إلى قفصه الجديد جريحاً لا يقوى على الطيران... صرخت بكل ما أملك من قوة:
- أبي أنا لم أقتل زوجي... أنا قتلتك أنت...
وللقصة بقية
الصفحة الأخيرة