السلام عليكم
حياكم الله ..... مد ري كيف اقد ملكم هذا الموضوع ,,,, اللي لقيته في المقـتـنيات اللي احتفظ بها.... و بصراحة جايزيل بالحيل .... وقلت مافيه الا أروع مشتركين باحلى منـتدى اقد مه لهم .. وأتمنى يحوز على رضاكم ......
ادب النـــفـس : -
أَدَبُ النَّفْسِ اعْلَمْ أَنَّ النَّفْسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى شِيَمٍ مُهْمَلَةٍ ، وَأَخْلَاقٍ مُرْسَلَةٍ ، لَا يَسْتَغْـنِي مَحْمُودُهَا عَنْ التَّأْدِيبِ ، وَلَا يَكْتَـفِي بِالْمُرْضِي مِنْهَا عَنْ التَّهْذِ يبِ ؛ لِأَنَّ لِمَحْمُودِهَا أَضْدَادًا مُقَابِلَةً يُسْعِدُهَا هَوًى مُطَاعٌ وَشَهْوَةٌ غَالِبَةٌ ،
فَإِنْ أَغْفَلَ تَأْدِ يبَهَا تَفْوِيضًا إلَى الْعَقْلِ أَوْ تَوَكُّلًا عَلَى أَنْ تَـنـْقَادَ إلَى الْأَحْسَنِ بِالطَّبْعِ أَعْدَ مَهُ التَّفْوِيضُ دَرَكَ الْمُجْتَهِدِ ينَ ، وَأَعـْقَبَهُ التَّوَكُّلُ نَد َمَ الْخَائِبِينَ ، فَصَارَ مِنْ الْأَد َبِ عَاطِلًا ، وَفِي صُورَةِ الْجَهْلِ دَاخِلًا ؛
لِأَنَّ الْأَد َبَ مُكْتَسَبٌ بِالتَّجْرِبَةِ ، أَوْ مُسْتَحْسَنٌ بِالْعَادَةِ ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ مُوَاضَعَةٌ . وَذَلِكَ لَا يُنَالُ بِتَوْقِيفِ الْعَقْلِ وَلَا بِالِانْقِيَادِ لِلطَّبْعِ حَتَّى يُكْتَسَبَ بِالتَّجْرِبَةِ وَالْمُعَانَاةِ ، وَيُسْتَفَادَ بِالدُّرْبَةِ وَالْمُعَاطَاةِ . ثُمَّ يَكُونُ الْعَقْلُ عَلَيْهِ قَيِّمًا وَزَكِيُّ الطَّبْعِ إلَيْهِ مُسَلِّمًا .
وَلَوْ كَانَ الْعَقْلُ مُغْـنِيًا عَنْ الْأَد َبِ لَكَانَ أَنْبـِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ أَد َبِهِ مُسْتَغْـنِينَ ، وَبِعُـقـُولِهِمْ مُكْتـَفـِينَ . وَقـَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ } .
وَقِيلَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ - : مَنْ أَدَّبَك ؟ قَالَ : مَا أَدَّبَنِي أَحَدٌ وَلَكِنِّي رَأَيْتُ جَهْلَ الْجَاهِلِ فَجَانَبْتُهُ .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَهَا وَصْلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَكُمْ ، فَحَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَتَّصِلَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِخُلُقٍ مِنْهَا .
وَقَالَ أَزْدَ شِيرُ بْنُ بَابَكَ : مِنْ فَضِيلَةِ الْأَدَبِ أَنَّهُ مَمْدُوحٌ بِكُلِّ لِسَانٍ ، وَمُتَزَيَّنٌ بِهِ فِي كُلِّ مَكَان ، وَبَاقٍ ذِكْرُهُ عَلَى أَيَّامِ الزَّمَانِ .
وَقَالَ مَهْبُودٌ : شُبِّهَ الْعَالِمُ الشَّرِيفُ الْقـَد ِيمُ الْأَدَ بِ بِالْبُنْيَانِ الْخَرَابِ الَّذِي كُلَّمَا عَلَا سُمْكُهُ كَانَ أَشَدَّ لِوَحْشَـتِهِ وَبِالنَّهْرِ الْيَابِسِ الَّذِي كُلَّمَا كَانَ أَعْرَضَ وَأَعْمَقَ كَانَ أَشَدَّ لِوُعُورَتِهِ ، وَبِالْأَرْضِ الْجَيِّدَةِ الْمُعَطَّلَةِ الَّتِي كُلَّمَا طَالَ خَرَابُهَا ازْدَادَ نَبَاتُهَا غَيْرَ الْمُنْـتـَفَعِ بِهِ الْتـِفَافًا وَصَارَ لِلْهَوَامِّ مَسْكَنًا .
وَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ : مَا نَحْنُ إلَى مَا نَـتـَقَوَّى بِهِ عَلَى حَوَاسِّنَا مِنْ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ بِأَحْوَجِ مِنَّا إلَى الْأَد َبِ الَّذِي هُوَ لِقَاحُ عُـقُولِنَا ، فَإِنَّ الْحَبَّةَ الْمَد ْفُونَةَ فِي الثَّرَى لَا تَـقـْدِ رُ أَنْ تَطْلُعَ زَهْرَتُهَا وَنَضَارَتُهَا إلَّا بِالْمَاءِ الَّذِي يَعُودُ إلَيْهَا مِنْ مُسْتَوْدَعِهَا .
وَحَكَى الْأَصْمَعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ الْعَقْلُ بِلَا أَدَبٍ كَالشَّجَرِ الْعَاقِرِ ، وَمَعَ الْأَدَبِ دِعَامَةٌ أَيَّدَ اللَّهُ بِهَا الْأَلْبَابَ ، وَحِلْيَةٌ زَيَّنَ اللَّهُ بِهَا عَوَاطِلَ الْأَحْسَابِ ، فَالْعَاقِلُ لَا يَسْتَغْـنِي وَإِنْ صَحَّتْ غَرِيزَتُهُ ، عَنْ الْأَدَبِ الْمُخْرِجِ زَهْرَتُهُ ، كَمَا لَا تَسْتَـغـْنِي الْأَرْضُ وَإِنْ عَذُ بَتْ تُرْبَتُهَا عَنْ الْمَاءِ الْمُخْرِجِ ثَمَرَتُهَا .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الْأَدَبُ صُورَةُ الْعَـقْلِ فَصَوِّرْ عَقْلَك كَيْفَ شِـئـْتَ . وَقَالَ آخَرُ : الْعَـقْلُ بِلَا أَد َبٍ كَالشَّجَرِ الْعَاقِرِ ، وَمَعَ الْأَد َبِ كَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ . وَقِيلَ الْأَدَبُ أَحَدُ الْمَنْصِبَـيْنِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءُ : الْفَضْلُ بِالْعـَقْلِ وَالْأَدَبِ ، لَا بِالْأَصْلِ وَالْحَسَبِ ؛ لِأَنَّ مَنْ سَاءَ أَدَبُهُ ضَاعَ نَسَبُهُ ، وَمَنْ قَلَّ عَـقْلُهُ ضَلَّ أَصْلُهُ .
وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءُ : ذَ كِّ قَلْبَك بِالْأَدَبِ كَمَا تُذَكَّى النَّارُ بِالْحَطَبِ ، وَاِتَّخِذْ الْأَدَبَ غُنْمًا ، وَالْحِرْصَ عَلَيْهِ حَظًّا ، يَرْتَجِيكَ رَاغِبٌ ، وَيَخَافُ صَوْلَتَك رَاهِبٌ ، وَيُؤَمِّلُ نَفْعَكَ ، وَيُرْجَى عَدْلُك .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْأَدَبُ وَسِيلَةٌ إلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ ، وَذَرِيعَةٌ إلَى كُلِّ شَرِيعَةٍ .
وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ : الْأَدَبُ يَسْتُرُ قَبِيحَ النَّسَبِ . وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءُ فِيهِ : فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِثْلَ الْعُـقُولِ وَلَا اكْتَسَبَ النَّاسُ مِثْلَ الْأَدَ بْ وَمَا كَرَمُ الْمَرْءِ إلَّا التُّـقَى وَلَا حَسَبُ الْمَرْءِ إلَّا النَّسَبْ وَفِي الْعِلْمِ زَيْنٌ لِأَهْلِ الْحِجَا وَآفَةُ ذِي الْحِلْمِ طَيْشُ الْغَضَبْ
وَأَنـْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَإِنْ يَكُ الْعَـقْلُ مَوْلُودًا فَلَسْتُ أَرَى ذَا الْعـَقْلِ مُسْتَغْـنِيًا عَنْ حَادِثِ الْأَدَ بْ إنِّي رَأَيْتُهُمَا كَالْمَاءِ مُخْـتَلِطًا بِالتُّرْبِ تـَظْهَرُ مِنْهُ زَهْرَةُ الْعُـشَبْ وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَتْهُ فِي مَوَالِدِهِ غَرِيزَةُ الْعَـقْلِ حَاكَى الْبُهْمَ فِي الْحَسَبْ وَالتَّأْدِ يبُ يَلْزَمُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا مَا لَزِمَ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ فِي صِغَرِهِ . وَالثَّانِي مَا لَزِمَ الْإِنْسَانَ فِي نَـفْسِهِ عِنْدَ نـُشُوئِهِ وَكِبَرِهِ
. فَأَمَّا التَّأْد ِيبُ اللَّازِمُ لِلْأَبِ فَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ وَلَدَهُ بِمَبَادِئِ الْآدَابِ لِيَأْنَسَ بِهَا ، وَيَنـْشَأَ عَلَيْهَا ، فَيَسْهُلَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا عِنْدَ الْكِبْرِ لِاسْتِـئـْنَاسِهِ بِمَبَادِ ئِهَا فِي الصِّغَرِ ؛
لِأَنَّ نـُشُوءَ الصِّغَرِ عَلَى الشَّيْءِ يَجْعَلُهُ مُتَـطَبِّعًا بِهِ . وَمَنْ أُغْـفِلَ تَأْد ِيـبُهُ فِي الصِّغَرِ كَانَ تَأْد ِيـبُهُ فِي الْكِبَرِ عَسِيرًا .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ نِحْلَةً أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ يُفـِيدُهُ إيَّاهُ ، أَوْ جَهْلٍ قَبـِيحٍ يَكْفِهِ عَنْهُ وَيَمْنَعُهُ مِنْهُ } .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : بَادِرُوا بِتَأْد ِيبِ الْأَطْفَالِ قَبْلَ تَرَاكُمِ الْأَشْـغَالِ وَتـَفَرُّقِ الْبَالِ .
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ : إنَّ الْغُـصُونَ إذَا قَوَّمْتَهَا اعْـتـَد َلَتْ وَلَا يَلِينُ إذَا قَوَّمْتَهُ الْخَشَبُ قَدْ يَنْـفَعُ الْأَد َبُ الْأَحْدَاثَ فِي صِغَرٍ وَلَيْسَ يَنـْفَعُ عِـنْدَ الشَّيـْبَةِ الْأَد َبُ
وَقَالَ آخَرُ : يَنْـشُو الصَّغِيرُ عَلَى مَا كَانَ وَالِدُهُ إنَّ الْأُصُولَ عَلَيْهَا تَـنـْبُتُ الشَّجَرُ وَأَمَّا الْأَدَ بُ اللَّازِمُ لِلْإِنْسَانِ عِـنْدَ نـُشُوئِهِ وَكِبَرِهِ فَأَدَ بَانِ : أَد َبُ مُوَاضَعَةٍ وَاصْطِلَاحٍ ، وَأَد َبُ رِيَاضَةٍ وَاسْتِصْلَاحٍ . فَأَمَّا أَدَ بُ الْمُوَاضَعَةِ وَالِاصْطِلَاحِ فَيُؤْخَذُ تـَقْلِيدًا عَلَى مَا اسْتَـقَرَّ عَلَيْهِ اصْطِلَاحُ الْعـُقَلَاءِ ، وَاتّـَفـَقَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانُ الْأُدَ بَاءِ . وَلَيْسَ لِاصْطِلَاحِهِمْ عَلَى وَضْعِهِ تَعْلِيلٌ مُسْتـَنْـبَطٌ ، وَلَا لِاتّـِفـَاقِهِمْ عَلَى اسْتِحْسَانِهِ دَلِيلٌ مُوجِبٌ ، كَاصْطِلَاحِهِمْ عَلَى مُوَاضَعَاتِ الْخِطَابِ ، وَاتِّـفَاقِهِمْ عَلَى هَيْئَاتِ اللِّبَاسِ ، حَتَّى إنَّ الْإِنْسَانَ الْآنَ إذَا تَجَاوَزَ مَا اتّـَفـَقـُوا عَلَيْهِ مِنْهَا صَارَ مُجَانِبًا لِلْأَد َبِ ، مُسْتَوْجِـبًا لِلذ َّمِّ .
لِأَنَّ فِرَاقَ الْمَأْلُوفِ فِي الْعَادَةِ ، وَمُجَانَبَةَ مَا صَارَ مُتَّـفـَقًا عَلَيْهِ بِالْمُوَاضَعَةِ ، مُفْضٍ إلَى اسْتِحْقَاقِ الذَّ مِّ بِالْعَـقْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِمُخَالَفَـتِهِ عِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَمَعْـنًى حَاد ِثٌ . وَقَدْ كَانَ جَائِزًا فِي الْعَـقْلِ أَنْ يُوضَعَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مَا اتّـَفَـقـُوا عَلَيْهِ فَيَرَوْنَهُ حَسَنًا ، وَيَرَوْنَ مَا سِوَاهُ قَبِـيحًا ، فَصَارَ هَذَا مُشَارِكًا لِمَا وَجَبَ بِالْعَـقْلِ مِنْ حَيْثُ تَوَجُّهُ الذَّ مِّ عَلَى تَارِكِهِ وَمُخَالِفًا لَهُ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ كَانَ جَائِزًا فِي الْعَـقْلِ أَنْ يُوضَعَ عَلَى خِلَافِهِ .
وَأَمَّا أَدَ بُ الرِّيَاضَةِ وَالِاسْتِصْلَاحِ فَهُوَ مَا كَانَ مَحْمُولًا عَلَى حَالٍ لَا يَجُوزُ فِي الْعَـقْلِ أَنْ يَكُونَ بِخِلَافِهَا ، وَلَا أَنْ تَخْـتَلِفَ الْعُـقَلَاءُ فِي صَلَاحِهَا وَفَسَادِهَا . وَمَا كَانَ كَذَ لِكَ فـَتَعْـلِيلُهُ بِالْعَـقْلِ مُسْتـَنـْبَطٌ ، وَوُضُوحُ صِحَّتِهِ بِالد َّلِيلِ مُرْتَبِطٌ . وَلِلنّـَفـْسِ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ ذَلِكَ شَاهِدٌ أَلْهَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى إرْشَادًا لَهَا . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَـقـْوَاهَا }
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بَيَّنَ لَهَا مَا تَأْتِي مِنْ الْخَيْرِ وَتَذَ رُ مِنْ الشَّرِّ . وَسَنَذْ كُرُ تَعْلِيلَ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ ، فَإِنَّهُ أَوْلَى بِهِ وَأَحَقُّ . فَأَوَّلُ مُقَدَّ مَاتِ أَدَبِ الرِّيَاضَةِ وَالِاسْتِصْلَاحِ أَنْ لَا يَسْبِقَ إلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِنَفْسِهِ ، فَيَخْفَى عَنْهُ مَذْ مُومُ شِيَمِهِ وَمَسَاوِئُ أَخْلَاقِهِ ؛
لِأَنَّ النُّـفـُوسَ بِالشَّهَوَاتِ آمِرَةٌ ، وَعَنْ الرُّشْدِ زَاجِرَةٌ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَعْدَى أَعْدَائِك نَفْسُك الَّتِي بَـيْنَ جَنْبـَيْك ، ثُمَّ أَهْلُك ، ثُمَّ عِيَالُك } . وَدَعَتْ أَعْرَابِـيَّةٌ لِرَجُلٍ فَـقَالَتْ : كَبَتَ اللَّهُ كُلَّ عَدُوٍّ لَك إلَّا نَفْسَك .
فَأَخَذَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ : قَلْبِي إلَى مَا ضَرَّنِي دَاعِي يُكْثِرُ أَسْقَامِي وَأَوْجَاعِي كَيْفَ احْتِرَاسِي مِنْ عَد ُوِّي إذَا كَانَ عَدُ وِّي بَيْنَ أَضْلَاعِي فَإِذَا كَانَتْ النَّفْسُ كَذَلِكَ فَحُسْنُ الظَّنِّ بِهَا ذَرِيعَةٌ إلَى تَحْكِيمِهَا ، وَتَحْكِيمُهَا دَاعٍ إلَى سَلَاطَتِهَا وَفَسَادِ الْأَخْلَاقِ بِهَا .
فَإِذَا صَرَفَ حُسْنَ الظَّنِّ عَنْهَا وَتَوَسَّمَهَا بِمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّسْوِيفِ وَالْمَكْرِ فَازَ بِطَاعَتِهَا ، وَانْحَازَ عَنْ مَعْصِيـَتِهَا .
وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْعَاجِزُ مَنْ عَجَزَ عَنْ سِيَاسَةِ نَفْسِهِ . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَنْ سَاسَ نَفْسَهُ سَادَ نَاسَهُ . فَأَمَّا سُوءُ الظَّنِّ بِهَا فَـقـَدْ اخْـتـَلَفَ النَّاسُ فِيهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ اتِّهَامِ طَاعَتِهَا ، وَرَدِّ مُنَاصَحَتِهَا .
فَإِنَّ النَّفْسَ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَكْرٌ يُرْدِي فَلَهَا نُصْحٌ يُهْدِي .
فَلَمَّا كَانَ حُسْنُ الظَّنِّ بِهَا يُعْمِي عَنْ مَسَاوِئِهَا ، كَانَ سُوءُ الظَّنِّ بِهَا يُعْمِي عَنْ مَحَاسِنِهَا .
وَمَنْ عَمِيَ عَنْ مَحَاسِنِ نَفْسِهِ كَانَ كَمَنْ عَمِيَ عَنْ مَسَاوِئِهَا ، فَلَمْ يَنْفِ عَنْهَا قَـبـِيحًا وَلَمْ يَهْدِ إلَيْهَا حَسَنًا .
وَقَدْ قَالَ الْجَاحِظُ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ : يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي التُّهْمَةِ لِنَفْسِهِ مُعْتَدِ ىلًا ، وَفِي حُسْنِ الظَّنِّ بِهَا مُقـْتَصِدًا ، فَإِنَّهُ إنْ تَجَاوَزَ مِقْـدَارَ الْحَقِّ فِي التُّهْمَةِ ظَلَمَهَا فَأَوْدَعَهَا ذِلَّةَ الْمَظْلُومِينَ ، وَإِنْ تَجَاوَزَ بِهَا الْحَقَّ فِي مِقْدَارِ حُسْنِ الظَّنِّ أَوْدَعَهَا تَهَاوُنَ الْآمَنِينَ ، وَلِكُلِّ ذَ لِكَ مِقْدَارٌ مِنْ الشُّغـْلِ ، وَلِكُلِّ شُغْـلٍ مِقْـدَارٌ مِنْ الْوَهْنِ ، وَلِكُلِّ وَهْنٍ مِقْدَارٌ مِنْ الْجَهْلِ .
وَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ : مَنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ كَانَ لِغَيْرِهِ أَظْلَمَ ، وَمَنْ هَدَمَ دِينَهُ كَانَ لِمَجْدِهِ أَهْدَمَ .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ سُوءَ الظَّنِّ بِهَا أَبْلُغُ فِي صَلَاحِهَا ، وَأَوْفَرُ فِي اجْتِهَادِهَا ؛ لِأَنَّ لِلنَّفْسِ جَوْرًا لَا يَنْـفَكُّ إلَّا بِالسَّخَطِ عَلَيْهَا ، وَغُرُورًا لَا يَنْكَشِفُ إلَّا بِالتُّهْمَةِ لَهَا ؛
لا لِأ َنَّهَا مَحْبُوبَةٌ تَجُورُ إدْلَا لًا وَتَغُـرُّ مَكْرًا ، فَإِنْ لَمْ يُسِئْ الظَّنَّ بِهَا غَلَبَ عَلَيْهِ جَوْرُهَا ، وَتَمَوَّهَ عَلَيْهِ غُرُورُهَا فَصَارَ بِمَيْسُورِهَا قَانِعًا ، وَبِالشُّبْهَةِ مِنْ أَفْعَالِهَا رَاضِيًا .
وَقَدْ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ : مَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ أَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ .
وَقَالَ كُشَاجِمُ : لَمْ أَرْضَ عَنْ نَفْسِي مَخَافَةَ سُخْطِهَا وَرِضَا الْفـَتَى عَنْ نَفْسِهِ إغْضَابُهَا وَلَوْ أَنَّنِي عَنْهَا رَضِيتُ لَقَصَّرَتْ عَمَّا تَزِيدُ بِمِثْلِهِ آدَابُهَا وَتَـبـَيَّنَـتْ آثَارَ ذَاكَ فَأَكْثَرَتْ عَذْلِي عَلَيْهِ فَطَالَ فِيهِ عِتَابُهَا
وَقَدْ اُسْتُحْسِنَ قَوْلُ أَبِي تَمَّامٍ الطَّائِيِّ : وَيُسِيءُ بِالْإِحْسَانِ ظَنًّا لَا كَمَنْ هُوَ بِابْنِهِ وَبِشَعْرِهِ مَفْـتُونُ فَلَمْ يَرَوْا إسَاءَةَ ظَنِّهِ بِالْإِحْسَانِ ذَمًّا وَلَا اسْتِـقـْلَالَ عِلْمِهِ لَوْمًا ، بَلْ رَأَوْا ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي الْفَضْلِ وَأَبْعَثَ عَلَى الِازْدِ يَادِ فَإِذَا عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ مَا تُجِنُّ ، وَتَصَوَّرَ مِنْهَا مَا تُكِنُّ ، وَلَمْ يُطَاوِعْهَا فِيمَا تُحِبُّ إذَا كَانَ غَيًّا ، وَلَا صَرَفَ عَنْهَا مَا تَكْرَهُ إذَا كَانَ رُشْدًا ، فَـقـَدْ مَلَكَهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي مِلْكِهَا ، وَغَلَبَهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي غَلْبِهَا .
وَقَدْ رَوَى أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الشَّدِ يدُ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ } .
وَقَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إذَا عَصَتْكَ نَفْسُك فِيمَا كَرِهْتَ فَلَا تُطِعْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ ، وَلَا يَغُرَّنَّك ثَـنَاءٌ مَنْ جَهِلَ أَمْرَك .
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ : مَنْ قَوِيَ عَلَى نَفْسِهِ تَـنَاهَى فِي الْقُوَّةِ ، وَمَنْ صَبَرَ عَنْ شَهْوَتِهِ بَالَغَ فِي الْمُرُوَّةِ . فَحِيـنَـئِذٍ يَأْخُذُ نَفْسَهُ عِنْدَ مَعْرِفَةِ مَا أَكَنَّتْ ، وَخِبْرَةِ مَا أَجَنَّتْ بِتَـقْوِيمِ عِوَجِهَا وَإِصْلَاحِ فَسَادِهَا .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ { يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى يَعْرِفُ الْإِنْسَانُ رَبَّهُ ؟ قَالَ إذَا عَرَفَ نَفْسَهُ } .
ثُمَّ يُرَاعِي مِنْهَا مَا صَلُحَ وَاسْتَـقَامَ مِنْ زَيْعٍ يَحْدُ ثُ عَنْ إغْـفَالٍ ، أَوْ مَيْلٍ يَكُونُ عَنْ إهْمَالٍ ؛ لِيَتِمَّ لَهُ الصَّلَاحُ وَتَسْتَـدِ يمَ لَهُ السَّعَادَةُ ، فَإِنَّ الْمُغَـفَّلَ بَعْدَ الْمُعَانَاةِ ضَائِعٌ ، وَالْمُهْمِلَ بَعْدَ الْمُرَاعَاةِ زَائِغٌ .
وأَحْوَالِ أَدَبِ الرِّيَاضَةِ وَالِاسْتِصْلَاحِ فُصُولًا تَحْتَوِي عَلَى مَا يَلْزَمُ مُرَاعَاتُهُ مِنْ الْأَخْلَاقِ ، وَيَجِبُ مُعَانَاتُهُ مِنْ الْأَدَ بِ ، وَهِيَ سِتَّةُ فُصُولٍ مُتَفَرِّعَةٍ .
تبونها ذكرتها
والمعذ رة على الا طالة ..... وأتمنى ان يلقى استحسانكم و يحقـق ما أر يد من اهد ائكم هذا الموضوع بأن يفيد كم .
واشكركم بعد الله على تكرمكم بالمرور .....
ولكم فائق الأ حترام والتـقد ير
متفائلة2 @mtfayl2
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
جزاك الله خير حبيبتي عالهديه القيمه:27:
ثبتنا الله على العقل المستقيم والنفس المهذبه المؤدبه
:26:
ثبتنا الله على العقل المستقيم والنفس المهذبه المؤدبه
:26:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهداء جميل وقيم من أخت رائعة
اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ..
واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت
بارك الله فيك غاليتي ولا حرمك أجر ماقدمته لنا
زائرة
•
الصفحة الأخيرة
الله يعيننا على انفسنا !!!!!
تسلمين عيوني على هالموضوع الهادف .