إن هدف هذه السورة هو: الإيمان بالقضاء والقَدَر
فهذه هي مشكلة الكثير من الناس،إذ نراهم يتطلَّعون إلى ما بيد غيرهم ويتساءلون:" لماذا فلان لديه كذا وليس أنا"؟!..."لماذا أُصبتُ بهذا المرض من دون الناس كلهم؟!"
"ماذا جَنَيتُ يا ربي كي تفعل بي كذا وكذا؟!!"
وتسأله :" لماذا لا تُصَلّي- مثلاً_؟! فيرد:" لأن الله لم يَهدِني بَعد،و لو وضعني في ظروف مُختلفة لاهتَدَيت"!!!
ولعل هؤلاء لا يعلمون أن الإيمان بالقضاء والقدر جزء من الإيمان بالله تعالى،فلما جاء جبريل عليه السلام إلى النبي وهو جالس إلى أصحابه يسأله عدة أسئلة ليعلِّمَه دينه ، كان احد هذه الأسئلة : ما الإيمان؟" فقال له:" أن تؤمِن باللهِ وملائكته وكُتُبه ورُسُلِهِ ،وتؤمِن بالقضاء خيرِهِ وشَرِّه"
فالذين لا يرضون بقضاء الله فيهم ،يتَّهمون الله تعالى وهم لا يَدرون!!!
فإذا شعرت بالسخط على قضاء الله فيك فاسأل نفسك:" هل الذي قضى عليك هذا الأمر ظالم أو عابث؟ أم رب رحيم حكيم كريم عادل؟!!!"
إ ن الحِكمة من القضاء الذي أصابك قد تظهر لك ،وقد لا تظهر ،ولكن إذا رسخ في قلبك أن الذي قضاه عليك ملك حكيم عادل لاطمأنَّ قلبُك .
فهذه السورة تتحدث حول هذه المعاني،ولذلك بدأت في أول آية بالحديث عن الحكمة ،ثم تساءلت:"أكان للناسِ عَجَباً أن أوحَينا إلى رَجُلٍ مِنهُم "؟؟!!!هل تتعجبون ،وتستنكرون أن أعطينا الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم وليس لغيره؟!!"
إنَّ رضاكم بمن اصطفاه الله للرسالة جزء من إيمانكم بالقضاء والقَدَر.
ثم تبدأ السورة في الآيات:(4،3) في الدعوة إلى النظر إلى حِكمة الله تبارك وتعالى في الكَون..ونلاحظ أن كلمة ((الحق)) جاءت كثيراً في هذه السورة،فقد وردت 23 مرة لتؤكِّد على أن الحق عكس العبث،والحق إسم من أسماء الله تعالى،ولذلك لا يجوز أن نتهم من كان اسمه الحق في ما قضاه علينا!!! أو أن نشُك في صحة تدبيره لنا !!!
وقد ظهر ذلك في الآيات:(55،53،31) التي تُعدِّد آيات الله فتشعر وأنت تقرؤها بأنك تريد أن تقول:" سبحان العادل ، سبحان الحكيم ، سبحان القادر"!!!!!
فكيف بعد هذه الآيات والدلائل الكونية المُبهِرة لا تثق فيه وترضى بقضاءه وقَدَرِه؟!!!!
ونلاحظ أن السورة تؤكِّد المرة تلو الأخرى على هذا المعنى.
إن بعض الناس يتساءلون:" لقد كتب الله أهل الجنة وأهل النار،ففيمَ العمل إذن؟؟!!"
ولكن المؤمن لا يسأل هذا السؤال" إنَّ الذينَ لا يرجونَ لقاءَنا ورَضوا بالحياةِ الدُّنيا واطمَأَنُّوا بِها والذينَ هُم عن آياتِنا غافِلون* أولئك مأواهُم النارُ بِما كانوا يَكسِبون"(7-8)
هذه هي صفات الناس الذين يسألون هذا السؤال: يفتقرون إلى الجدِّية والإيمان الحق ،فلو تدبَّروا في خَلق الله تعالى لما سألوا هذا السؤال.ثم تتحدث الآيات التالية: (44،14،13)عن الحِكمة من القضاء والقَدَر : مؤكِّدة على أن اللهَ لا يظلم أبداً ،وأنَّ ما يقع من ظُلمٍ على الإنسان فبسبب ذنوبه وأفعاله!!!
إذن لا يصِح بعد قراءة هذه السورة أن تسأل مثل هذا السؤال مرة أخرى،فلو أن الله أجبرك على الكُفر لما أدخلك النار أبداً ،لأنه عادل ...إذن أنت مُخيَّر في أفعالك ...فاختَر ما شِئت!!!
ويتساءل الله عز وجل : كيف يستغرب الإنسان من قَدَر الله ولا يرضى بما قضاه له،مع أن الإنسان شديد الظلم لنفسه ولأخيه الإنسان؟!!!!
ثم تحكي الآية(23) قصة توضِّح أفعال الناس تجاه قضاء الله
إنهم يدعون الله بتضرع وخشوع لينجيهم من المصائب ،فلما ينجيهم منها إذا هُم يَبغون في الأرض بغَير الحق!!!
إذن فقضاء الله نابع من عِلمه بأن هؤلاء سيبغون في الأرض إن أحسَن إلَيهم...إذن فهم لا يستحقون الإحسان!!!
بعد ذلك تأتي قصص الأنبياء :أولاً قصة نوح ،ثم موسى مع فرعون ،في لقطات جاءت لخدمة هدف السورة وليس لمجرد رواية القصص ،لذا فهي تتحدث عن التوكُّل الحق على الله والتسليم لقضاءه،لأن المؤمن بقضاء الله خيره وشرِّه يتوكل على الله حق التوكُّل.
وأكرر: إن أفضل حل لمن لديه مشكلة في مسألة القضاء والقدر أن يسأل نفسه:
" هل الله عادل؟! إذن هل من المعقول أن يظلمك يوم القيامة؟ "
فهو عادل وحق وحكيم ، فاطمئِنّ ، ثم توكَّل عليه .
والسؤال الآن : لماذا سُمِّيَت بسورة يونس؟
مع أن السورة روت قصتين : قصة يونس مع قومه،وقصة موسى مع فرعون.
الفرق أن فرعون آمن وهو يغرق بعد أن كذَّب بالآيات المُبهِرات التي جاءته الواحدة تلو الأخرى.ففرعون آمَن بعد أن وقع عليه العذاب..ولو أنه نجا من الغرق لعاد أشد ظُلماً وطُغياناً ،والله تعالى يعلم ذلك لذلك جعله عِبرةً لِمَن يعتبِر!!!
أما قوم يونس فقد آمنوا لما رأوا السحابة ،وظنُّوا فيها العذاب ، فلما آمَنوا صاروا عُبَّاداً صالحين و ختموا حياتهم – بإرادتهم - في طاعة الله،والدليل الآية: "فلما آمَنوا كشفنا عنهم عذابَ الخِزي في الحياة الدُّنيا ومتَّعناهُم إلى حين"
وهاتين القصتين تعالجان قضية شائعة بين الناس،وهي قضية :" لماذا غيري لديه كذا وأنا ليس لدي مثله؟!!"
لماذا غرق فرعون ونجا قوم يونس؟
الإجابة هي أنك لا تدري حكمة الله من إغراق فرعون ونجاة قوم يونس ،ولكن يجب أن تثق في حِكمة الله وعدله ،فهو أدرى بعباده وخَلقه ،فلا تتَّهمه في قضاءه وقدره .
ويصدِّق هذا الآية الكريمة:" ولو بسَطَ الله ُالرزقَ لِعباده لبَغَوا في الأرض* ولكن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يشاء"
والإجابة أيضاً في الآية(103)من سورة يونس :"كذلكَ حقَّاً علينا نُنجِ المؤمنين"
فإذا أردتَ النجاة في الدنيا والآخرة ،فما عليكَ إلا أن تؤمن حق الإيمان ...ولا تنسَ أن الإيمان بالقضاء والقدر هو جزء من هذا الإيمان!!!!
أما ختام سورة يونس فكان رائعاً:" تقول الآيات (107،106): كُن جادَّاً ولا تدعُ أحداً غير الله،ثم توكَّل عليه حق التوكل فإن أرادك الله بخير فلن يأخذه منك أحد ،وإن أرادك بسوء فلن يُنجيك أحد غيره ..فالجأ إليه وسلِّم لقضاءه..وإيَّاكَ أن تتَّهمه في مُلكه .
فليست هناك حركة تحدث في الكون إلا بتقديره تعالى .
وتظل قصة يونس وقومه رمزاً لمن اتَّقى الله وآمَن قبل فوات الأوان ،لذا فقد أكرمهم الله وتاب عليهم ،وماتوا وهم مؤمنون!!!!
.

لعلنا نلاحظ أن هذه هي السورة الثانية التي تُسمَّى باسم نبي ،و كذلك السورة التي تسبقها،والتي تليها.
وبشكل عام:يجب أن نعلم أنه إذا سُمِّيَت أي سورة في القرآن باسم أحد الأنبياء فإن هذا يعني أن هذا النبي هو محور السورة،وأن آخر سطر من القصة هو تلخيص لهذه القصة كلها!!
ولقد نزلت السور الثلاث(يونس ، وهود، و يوسف)في وقت واحد تقريباً ،وبنفس الترتيب كما جاءت في المصحف((فكلنا يعلم أن القرآن لم ينزل بترتيب المصحف المتوفر لدينا الآن ))
هذه السور نزلت بعد وفاة خديجة رضي الله عنها ،و عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو طالب ،حيث كان الأمر شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم ،فنزلت هذه السور الثلاث لتُسرِّي عنه.
وفي نفس الوقت كان الجو العام في مكة مُظلِماً: فقد كان الإيذاء للمسلمين شديداً، وكان المقبلون على الإسلام قليلي العدد،وكانت الاتهامات موجَّهة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من كل جهة ،فيخشى صلى الله عليه وسلم على أصحابه فيأمرهم بالهجرة إلى الحبشة، ثم يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعل أهلها يؤمنون،فتكون النتيجة أن يكذِبوه ويجتمعوا على إيذاءه ... ليس هذا فحَسب،وإنَّما يفضحونه عند قريش أيضاً !!!!
فكان وضع الإسلام-كما نرى- شديد الصعوبة...لذا نزلت هذه السورة لِتَصِف العلاج لمَن كان يقف هذا الموقف ،سواء النبي وأصحابه في ذلك الوقت... أو المسلمين من بعده إلى يوم الدين!!!!
تقول السورة : إن مَن يكون وضعه هكذا يكون –في الغالب- تصرفه واحد من ثلاث:
1-إما أن يفقد الأمل، فيتوقف عمن العمل والإصلاح.
2-أو يتهور فيلجأ إلى العنف والتصرفات غير المحسوبة.
3- أو يركن للجانب الأقوى ،ويعيش في ظِلِّه ويترك دين الله ...وينتهي به الأمر وهو إمَّعة(يقلِّد تقليداً أعمى)
ولكن الإسلام لا يقبل بإحدى هذه التصرفات!!!
لذلك نجد حلاً لهذه المشكلة في الآيتين(113،112)،وهو يتمثل في ثلاث تصرُّفات:
1- فاستَقِم كما أُمِرت(إثبت واستمر على الدعوة)
2- لا تَطغَوْا (إيَّاك والتهوُّر)
3- لا تَركَن(إيَّاك أن تنحاز للفئة الكافرة حتى ولو كانت هي الأقوىكما يبدو لك..ولا تقلِّدهم فيما يخالف منهج الله ..بل تمسَّك بهويتك و منهجك ) ويذَكِّرني هذا بكلمة لطيفة للحسن -رضي الله عنه- يقول فيها :" سبحان مَن جعل اعتدال الدين بين لاءَين: لا تَطغَوا ،ولا تَركَنوا"
فالاعتدال أن لا تتهور،وفي نفس الوقت لا تذوب في الحضارات الأخرى التي تخالف منهجك!!!!
وهذه رسالة في غاية الأهمية للشباب الملتزم بدينه،والذي يتمنى أن يفعل شيئاً من أجل الإسلام ،فتأتي لهم السورة بنماذج للأنبياء الذين استمروا على الإصلاح- رغم كل الظروف الحالِكة الظُّلمة- فلم يتهوَّروا ،ولم يَركَنوا!!!!
ومن الآية الأولى في هذه السورة يتضح أنها تتحدث عن الدعوة إلى الله، وكيفية الدعوة في الظروف الصعبة.
ثم تبدأ في رواية هذه الظروف الشديدة التي عاشها الني صلى الله عليه وسلم وأصحابه
،تقول الآية "فلعلَّكَ تارِكٌ بعضَ ما يُوحَى إليكَ وضائِقٌ به صَدرُك أن يقولوا لولا أُنزل عليه كَنزٌ أو جاء معهُ ملَك " فهل تخلَّى الرسول عن بعض وحي الله،أو ضاق صدره عن تبليغ الدعوة ؟ كلا !!! حاشا لله أن يحدث هذا...ولكن هذا الكلام جاء من قَبيل تثبيته صلى الله عليه وسلم، وتثبيتاً للمؤمنين من بعده في كل زمان ومكان!!!!
فهذه السورة تؤكِّد على معنى معين ،وهو أن الداعية إلى الله لابد وأن يُقابَل بالتكذيب الشديد الذي يؤثِّر سلبياً على معنوياته فيضيق صدره وييأس من هداية الناس أو يتوقف عن الدعوة ،ونجد ذلك في الثلاثين آية الأولى من السورة...ثم تضع السورة له الحل –كما ذكرنا- في نقاط محورية :
إثبت على الحق،و إيَّاك أن تتوقف
ولا تتهور أو تتصرف بعُنف
ولا تركَن إلى غير منهج الله، أي لا تقلِّد أحداً تقليداً أعمى
فالمعاندون المكذِبون يجادلون الدعاة جدلاً بلا جدوى ،ولكن أيُّها المُحب لدين الله إثبت "إنَّما أنت نذير واللهُ على كل شيء وكيل "(12)
فأنت تعمل أجيراً عند الله ،فبلِّغ ماأُمرت به وليس عليك تحقيق النتائج فالله هو الذي بيده تحقيق النتائج(على كل شيء وكيل )أي: إبذل جهدك،ثم دع الأمر لله!!!
بعد ذلك تتحدث السورة عن بعض الأنبياء ،ومنهم نوح لكي يتأسَّى بهم الرسول -والمؤمنون من بعده -في الصبر والثَّبات..ولعلنا نلاحظ أن هذه السورة هي أكثر السور التي تحدثت عن نوح عليه السلام،حتى أن سورة نوح لم تتحدث عنه بهذا الكمّ من الآيات!!
ولعل ذلك سببه أن قصة نوح ترتبط أكثر بهدف هذه السورة وهو ((الثبات على الدعوة،مع عدم التهور،بالإضافة إلى عدم الركون لغير منهج الله))
فقد ظل نوح يدعو قومه ثلاثمائة عام،فإذا كانت ظروفك أيها الداعية صعبة،أو أن ظروف الأُمَّة صعبة من حيث إعراضها عن الحق،فقارن نفسك بنوح عليه السلام
الذي ظل مستقيماً على طريق الدعوة، يدعو قومه بكل الطرق ولم يمل ،حتى مَلُّوا هُم منه وقالوا له: إئتِنا بهذا العذاب الذي تتحدث عنه إن كنت صادقاً !!!!كما قالت الآية 32:"قالوا يا نوحُ قد جادَلتَنا فأكثَرتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إن كُنتَ مِنَ الصادِقين"
ومع ذلك لم يتهور أو يطغى عليهم، وتصرَّ ف بمنتهى التعقُّل قائلاً:" إنَّما يأتيكُم به الله إن شاء وما أنتُم بِمُعجِزين" فالمشكلة ليست بيني وبينكم وإنما بينكم وبين الله جلَّ جلاله ،وظل مستقيماً على طريق الدعوة حتى قال له الله تعالى :" وأوُحِيَ إلى نوحٍ أنه لَن يُؤمن َ مِن قَومِكَ إلا مَن قد آمَن فلا تَبتئِس بما كانوا يفعلون" !!!!
ولم يُنزل الله العذاب بقوم نوح ليعلِّمه الصبر وحُسن الثِّقة بالله..فأمره ببناء سفينة، مع أ نه لا يملك الخشب الذي سيبنيها به ليس ،فكان عليه أن يزرع شجراً ليأخذ منه الخشب،وهذا لأمر يحتاج على مائة سنة أ, أكثر ...ولكنه لم يتوانى عن تنفيذ أمر الله وصبر حتى نبتت الأشجار وحصل على الخشب ثم بنى السفينة وسط سخرية الكافرين منه!!!
فالداعية يعمل أجيراً عند الله ،يأمره بزراعة هذا الحقل مثلاً،فيزرعه ،حتى ولو كان يرى أن هذا الحقل لن ينتج محصولاً...فالمهم أن ينفذ الأوامر ،ويبذل جهده،ثم يترك النتائج لله سبحانه وتعالى...والمهم في الأمر أيضاً أنه سيأخذ أجره من الله تعالى في النهاية سواء أثْمَرَ الحقل أم لم يُثمر!!!!
وفي قصة نوح تتجلَّى المعاني التي تحدثت حولها السورة: إستقم، لا تطغَوا،لا تركن...وقد ظهر معنى " لا تركن" بوضوح حين طلب نوح من ربه أن يعفو عن ابنه، قائلاً:" ربِّ إن ابني مِن أهلي" فقال له:" إنَّهُ ليس من أهلك إنهُ عملٌ غيرٌُ صالح،إنِّي أعِظُكَ أن تكونَ مِنَ الجاهلين"!!!
فماذا فعل نوح؟!!!هل اعترض و ركَنَ إلى ابنه؟!!!
الآية رقم 47 تجيب عن هذا السؤال:" قال ربِّ أعوذُ بك أن أسألكَ ما ليسَ لي به عِِلم"
و بعد نهاية قصة نوح عليه السلام تأتي قصة هود عليه السلام...فلماذا سُمِّيَت السورة باسمه؟!!
لأن ما قاله هود لقومه جمع في آية واحدة كل المعاني التي تدور حولها هذه السورة،فبعد أن كذَّبوه وكان في نفس الحالة المُظلمة التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم في عام الحُزن، والتي تعيشها أيضاً أمَّة الإسلام اليوم قال هود :"إنِّي أُشهِدُ الله واشهدوا أنِّي بَريءٌ مِمَّا تُشرِكون * مِن دونِهِ فَكيدوني جميعاً ثُمَّ لا تُنظِرون* إنِّي توكَّلتُ على الله ِ ربي وربُّكُم ما مِن دابَّةٍ إلا هوَ آخِذٌ بِناصيتها إنَّ ربِّي على صِراطِ مستقيم"
فلم يحدث أنَّ أحدٌ حدَّث قومه بلهجة فيها قوة،وعدم ركون،وإصرار على أداء الرسالة كما فعل هود!!! ومع ذلك فهو لم يتهور ،ونرى ذلك من تحوُّل لهجته من التَّحدي إلى منتهى التعقُّل ، فلم يتصرف بعنف أو يتهور أ, يطغى ،بل قال لهم:" فإن توَلَّوا فقد أبلَغتُكُم ما أُرسِتُ به إلَيكُم ويستحلِفُ ربي قوماً غيرَكُم ولا تضُرُّونه شيئاً إنَّ ربي على كُلِّ شَيءٍ حفيظ"!!!!
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:" شيَّبَتني هود وأخواتها" لأنها سورة شديدة...وهذه السورة تحكي لكل مَن يأتي بعد ذلك كيف ينفِّذ أوامر الله وذلك في الآيتين 113،112،((فاستقم كما أُمِرت،ولا تطغَوا،ولا تَركَنوا إلى الذين ظَلموا))ثم يأتي بقية الشرح في الآية 114((أَقِم الصلاة )) ،ثم تؤكِّد الآية 115 على أهمية الصبر على طاعة الله .
وتتوالى الآيات حتى نصل إلى الآيات الأخيرة من السورة التي تقول:" وَقُل للذين لا يُؤمِنون اعمَلوا على مكانتكم إنَّا عامِلون (نحن لا نيأس من هدايتكم لأن الله هو القادر ،فنحن نبذل الجهد،ثم نتوكل عليه )
فيا شباب الأمة:
لا تَركنوا
لا تتهوَّروا
واستقيموا على طاعة الله ،وعلى الدعوة إليه.
لعلَّ الله يكشف عنا جميعاً هذه الغُمَّة
وبشكل عام:يجب أن نعلم أنه إذا سُمِّيَت أي سورة في القرآن باسم أحد الأنبياء فإن هذا يعني أن هذا النبي هو محور السورة،وأن آخر سطر من القصة هو تلخيص لهذه القصة كلها!!
ولقد نزلت السور الثلاث(يونس ، وهود، و يوسف)في وقت واحد تقريباً ،وبنفس الترتيب كما جاءت في المصحف((فكلنا يعلم أن القرآن لم ينزل بترتيب المصحف المتوفر لدينا الآن ))
هذه السور نزلت بعد وفاة خديجة رضي الله عنها ،و عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو طالب ،حيث كان الأمر شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم ،فنزلت هذه السور الثلاث لتُسرِّي عنه.
وفي نفس الوقت كان الجو العام في مكة مُظلِماً: فقد كان الإيذاء للمسلمين شديداً، وكان المقبلون على الإسلام قليلي العدد،وكانت الاتهامات موجَّهة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من كل جهة ،فيخشى صلى الله عليه وسلم على أصحابه فيأمرهم بالهجرة إلى الحبشة، ثم يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعل أهلها يؤمنون،فتكون النتيجة أن يكذِبوه ويجتمعوا على إيذاءه ... ليس هذا فحَسب،وإنَّما يفضحونه عند قريش أيضاً !!!!
فكان وضع الإسلام-كما نرى- شديد الصعوبة...لذا نزلت هذه السورة لِتَصِف العلاج لمَن كان يقف هذا الموقف ،سواء النبي وأصحابه في ذلك الوقت... أو المسلمين من بعده إلى يوم الدين!!!!
تقول السورة : إن مَن يكون وضعه هكذا يكون –في الغالب- تصرفه واحد من ثلاث:
1-إما أن يفقد الأمل، فيتوقف عمن العمل والإصلاح.
2-أو يتهور فيلجأ إلى العنف والتصرفات غير المحسوبة.
3- أو يركن للجانب الأقوى ،ويعيش في ظِلِّه ويترك دين الله ...وينتهي به الأمر وهو إمَّعة(يقلِّد تقليداً أعمى)
ولكن الإسلام لا يقبل بإحدى هذه التصرفات!!!
لذلك نجد حلاً لهذه المشكلة في الآيتين(113،112)،وهو يتمثل في ثلاث تصرُّفات:
1- فاستَقِم كما أُمِرت(إثبت واستمر على الدعوة)
2- لا تَطغَوْا (إيَّاك والتهوُّر)
3- لا تَركَن(إيَّاك أن تنحاز للفئة الكافرة حتى ولو كانت هي الأقوىكما يبدو لك..ولا تقلِّدهم فيما يخالف منهج الله ..بل تمسَّك بهويتك و منهجك ) ويذَكِّرني هذا بكلمة لطيفة للحسن -رضي الله عنه- يقول فيها :" سبحان مَن جعل اعتدال الدين بين لاءَين: لا تَطغَوا ،ولا تَركَنوا"
فالاعتدال أن لا تتهور،وفي نفس الوقت لا تذوب في الحضارات الأخرى التي تخالف منهجك!!!!
وهذه رسالة في غاية الأهمية للشباب الملتزم بدينه،والذي يتمنى أن يفعل شيئاً من أجل الإسلام ،فتأتي لهم السورة بنماذج للأنبياء الذين استمروا على الإصلاح- رغم كل الظروف الحالِكة الظُّلمة- فلم يتهوَّروا ،ولم يَركَنوا!!!!
ومن الآية الأولى في هذه السورة يتضح أنها تتحدث عن الدعوة إلى الله، وكيفية الدعوة في الظروف الصعبة.
ثم تبدأ في رواية هذه الظروف الشديدة التي عاشها الني صلى الله عليه وسلم وأصحابه
،تقول الآية "فلعلَّكَ تارِكٌ بعضَ ما يُوحَى إليكَ وضائِقٌ به صَدرُك أن يقولوا لولا أُنزل عليه كَنزٌ أو جاء معهُ ملَك " فهل تخلَّى الرسول عن بعض وحي الله،أو ضاق صدره عن تبليغ الدعوة ؟ كلا !!! حاشا لله أن يحدث هذا...ولكن هذا الكلام جاء من قَبيل تثبيته صلى الله عليه وسلم، وتثبيتاً للمؤمنين من بعده في كل زمان ومكان!!!!
فهذه السورة تؤكِّد على معنى معين ،وهو أن الداعية إلى الله لابد وأن يُقابَل بالتكذيب الشديد الذي يؤثِّر سلبياً على معنوياته فيضيق صدره وييأس من هداية الناس أو يتوقف عن الدعوة ،ونجد ذلك في الثلاثين آية الأولى من السورة...ثم تضع السورة له الحل –كما ذكرنا- في نقاط محورية :
إثبت على الحق،و إيَّاك أن تتوقف
ولا تتهور أو تتصرف بعُنف
ولا تركَن إلى غير منهج الله، أي لا تقلِّد أحداً تقليداً أعمى
فالمعاندون المكذِبون يجادلون الدعاة جدلاً بلا جدوى ،ولكن أيُّها المُحب لدين الله إثبت "إنَّما أنت نذير واللهُ على كل شيء وكيل "(12)
فأنت تعمل أجيراً عند الله ،فبلِّغ ماأُمرت به وليس عليك تحقيق النتائج فالله هو الذي بيده تحقيق النتائج(على كل شيء وكيل )أي: إبذل جهدك،ثم دع الأمر لله!!!
بعد ذلك تتحدث السورة عن بعض الأنبياء ،ومنهم نوح لكي يتأسَّى بهم الرسول -والمؤمنون من بعده -في الصبر والثَّبات..ولعلنا نلاحظ أن هذه السورة هي أكثر السور التي تحدثت عن نوح عليه السلام،حتى أن سورة نوح لم تتحدث عنه بهذا الكمّ من الآيات!!
ولعل ذلك سببه أن قصة نوح ترتبط أكثر بهدف هذه السورة وهو ((الثبات على الدعوة،مع عدم التهور،بالإضافة إلى عدم الركون لغير منهج الله))
فقد ظل نوح يدعو قومه ثلاثمائة عام،فإذا كانت ظروفك أيها الداعية صعبة،أو أن ظروف الأُمَّة صعبة من حيث إعراضها عن الحق،فقارن نفسك بنوح عليه السلام
الذي ظل مستقيماً على طريق الدعوة، يدعو قومه بكل الطرق ولم يمل ،حتى مَلُّوا هُم منه وقالوا له: إئتِنا بهذا العذاب الذي تتحدث عنه إن كنت صادقاً !!!!كما قالت الآية 32:"قالوا يا نوحُ قد جادَلتَنا فأكثَرتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إن كُنتَ مِنَ الصادِقين"
ومع ذلك لم يتهور أو يطغى عليهم، وتصرَّ ف بمنتهى التعقُّل قائلاً:" إنَّما يأتيكُم به الله إن شاء وما أنتُم بِمُعجِزين" فالمشكلة ليست بيني وبينكم وإنما بينكم وبين الله جلَّ جلاله ،وظل مستقيماً على طريق الدعوة حتى قال له الله تعالى :" وأوُحِيَ إلى نوحٍ أنه لَن يُؤمن َ مِن قَومِكَ إلا مَن قد آمَن فلا تَبتئِس بما كانوا يفعلون" !!!!
ولم يُنزل الله العذاب بقوم نوح ليعلِّمه الصبر وحُسن الثِّقة بالله..فأمره ببناء سفينة، مع أ نه لا يملك الخشب الذي سيبنيها به ليس ،فكان عليه أن يزرع شجراً ليأخذ منه الخشب،وهذا لأمر يحتاج على مائة سنة أ, أكثر ...ولكنه لم يتوانى عن تنفيذ أمر الله وصبر حتى نبتت الأشجار وحصل على الخشب ثم بنى السفينة وسط سخرية الكافرين منه!!!
فالداعية يعمل أجيراً عند الله ،يأمره بزراعة هذا الحقل مثلاً،فيزرعه ،حتى ولو كان يرى أن هذا الحقل لن ينتج محصولاً...فالمهم أن ينفذ الأوامر ،ويبذل جهده،ثم يترك النتائج لله سبحانه وتعالى...والمهم في الأمر أيضاً أنه سيأخذ أجره من الله تعالى في النهاية سواء أثْمَرَ الحقل أم لم يُثمر!!!!
وفي قصة نوح تتجلَّى المعاني التي تحدثت حولها السورة: إستقم، لا تطغَوا،لا تركن...وقد ظهر معنى " لا تركن" بوضوح حين طلب نوح من ربه أن يعفو عن ابنه، قائلاً:" ربِّ إن ابني مِن أهلي" فقال له:" إنَّهُ ليس من أهلك إنهُ عملٌ غيرٌُ صالح،إنِّي أعِظُكَ أن تكونَ مِنَ الجاهلين"!!!
فماذا فعل نوح؟!!!هل اعترض و ركَنَ إلى ابنه؟!!!
الآية رقم 47 تجيب عن هذا السؤال:" قال ربِّ أعوذُ بك أن أسألكَ ما ليسَ لي به عِِلم"
و بعد نهاية قصة نوح عليه السلام تأتي قصة هود عليه السلام...فلماذا سُمِّيَت السورة باسمه؟!!
لأن ما قاله هود لقومه جمع في آية واحدة كل المعاني التي تدور حولها هذه السورة،فبعد أن كذَّبوه وكان في نفس الحالة المُظلمة التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم في عام الحُزن، والتي تعيشها أيضاً أمَّة الإسلام اليوم قال هود :"إنِّي أُشهِدُ الله واشهدوا أنِّي بَريءٌ مِمَّا تُشرِكون * مِن دونِهِ فَكيدوني جميعاً ثُمَّ لا تُنظِرون* إنِّي توكَّلتُ على الله ِ ربي وربُّكُم ما مِن دابَّةٍ إلا هوَ آخِذٌ بِناصيتها إنَّ ربِّي على صِراطِ مستقيم"
فلم يحدث أنَّ أحدٌ حدَّث قومه بلهجة فيها قوة،وعدم ركون،وإصرار على أداء الرسالة كما فعل هود!!! ومع ذلك فهو لم يتهور ،ونرى ذلك من تحوُّل لهجته من التَّحدي إلى منتهى التعقُّل ، فلم يتصرف بعنف أو يتهور أ, يطغى ،بل قال لهم:" فإن توَلَّوا فقد أبلَغتُكُم ما أُرسِتُ به إلَيكُم ويستحلِفُ ربي قوماً غيرَكُم ولا تضُرُّونه شيئاً إنَّ ربي على كُلِّ شَيءٍ حفيظ"!!!!
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:" شيَّبَتني هود وأخواتها" لأنها سورة شديدة...وهذه السورة تحكي لكل مَن يأتي بعد ذلك كيف ينفِّذ أوامر الله وذلك في الآيتين 113،112،((فاستقم كما أُمِرت،ولا تطغَوا،ولا تَركَنوا إلى الذين ظَلموا))ثم يأتي بقية الشرح في الآية 114((أَقِم الصلاة )) ،ثم تؤكِّد الآية 115 على أهمية الصبر على طاعة الله .
وتتوالى الآيات حتى نصل إلى الآيات الأخيرة من السورة التي تقول:" وَقُل للذين لا يُؤمِنون اعمَلوا على مكانتكم إنَّا عامِلون (نحن لا نيأس من هدايتكم لأن الله هو القادر ،فنحن نبذل الجهد،ثم نتوكل عليه )
فيا شباب الأمة:
لا تَركنوا
لا تتهوَّروا
واستقيموا على طاعة الله ،وعلى الدعوة إليه.
لعلَّ الله يكشف عنا جميعاً هذه الغُمَّة

بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي وأخواتي في الله:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
فيما يلي الخواطر القرآنية الخاصة بسورتي: يوسف،والرعد للأستاذ "عمرو خالد" ،جزاه الله خيرا.
وأود أن أؤكِّد أن السطور التالية (وكل ما نقلته سابقاً ) هي ما فهمته من هذه الخواطر ...فما جاء بها من صواب فبفضل الله وحده،وما جاء بها من خطأ فمن نفسي...وأرجو أن تسامحوا غفلتي أو جهلي، و يا حبَّذا لو تُقيلوا عَثرتي يكُن لكم الثواب ...فما قصدت بكتابتها إلا النفع والفائدة للجميع ابتغاء مرضاة الله...و الحمد لله رب العالمين .
سورة يوسف
هذه هي السورة الوحيدة في القرآن التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها،لذلك قال الله تعالى عنها أنه سيقصُّ على النبي صلى الله عليه وسلم:" أحْسنَ القَصَص" وهي أحسن القصص بالفعل –كما يقول علماء الأدب وخاصة المتخصصين في علم القصة- فكل عناصر القصة الجيدة متوفرة بها من التشويق ، واستخدام الرمز ،والترابط المنطقي ... وغير ذلك ،فهي تبدأ بحلم،وتنتهي بتفسير هذا الحلم .
ومن الطريف أن قميص يوسف استُخدم كأداة براءة لإخوته ، فدل على خيانتهم... ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف نفسه،فبرَّأه!!
ونلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة وكأنك تراها بالصوت والصورة،وهي من أجمل القصص التي يمكن أن تقرأها ومن أبدع ما تتأثر به..ولكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص ولكن هدفها هو ما جاء في آخر سطر من القصة وهو:" إنَّهُ مَن يتَّقِ ويَصبر،فإنَّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنين"
فالمحور الأساسي للقصة هو: ((ثِق في تدبير الله ،واصبر ولا تيأَس))
والملاحظ أن السورة تمشي بوتيرة عجيبة ، مفادها
أن الشيء الجميل قد تكون نهايته سيئة،والعكس!!!!!
فيوسف أبوه يحبه- وهو شيء جميل- فتكون نتيجة هذا الحب أن يُلقى في البئر!!!
ثم الإلقاء في البئر شيء فظيع ،فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز!!!
ثم الإكرام في بيت العزيز شيء رائع،فتكون نهايته أن يدخل يوسف السجن!!!
ثم أن دخول السجن شيءٌ بَشِع ، فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر!!!!!
والهدف من ذلك أن تنتبه أيها المؤمن إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك فلا تشغل نفسك به، ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء وفق عِلمه و حِكمته ...فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها،فلا تيأس ولا تتذمَّر،بل ثِق في تدبير الله ،فهو مالك هذا المُلك ،وهو خير مُدبِّر للأمور.
كما يفيد ذلك في أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة،ولكنه يحمل في طياته العذاب!!!!! والعكس.
والعجيب أنك في هذه السورة لا تجد ملامح يوسف النبي ،بل تجدها في سورة "غافر"...أما هنا فقد جاءت ملامح يوسف الإنسان الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته ،ولكنه نجح!!!!
ليقول لنا إن يوسف لم يأتِ بمعجزات ،بل كان إنساناً عاديَّاً ولكنه اتَّقى الله ،فنجح!!!!
وهي عِظة لكل شاب مُسلم مُبتَلى، أو عاطل ويبحث عن عمل ...وأمل لكل مَن يريد أن ينجح رغم واقعه المرير!!!
فهذه هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس،قال تعالى:
" فلمَّا استَيأسوا منهُ خَلَصوا نَجِيَّا"80
"ولا تيأسوا مِن رَوحِ الله إنَّهُ لا ييأسُ مِن رَوحِ الله إلا القومُ الكافِرون"87
"حتى إذا استيأس الرسلُ وظَنُّوا أنََّهُم قد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا "110
وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن:" إن اللهَ قادر...فلِمَ اليأس"؟
إن يوسف –رغم كل ظروفه الصعبة لم ييأس ولم يفقد الأمل ...فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة:
في الدنيا: حين استطاع – بفضل الله، ثم بحكمته في التعامل مع الملِك- أن يُصبح عزيز مصر.
وفي الآخرة : حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ، ونجح.
ولقد نزلت هذه السورة بعد عام الحزن حين كان النبي صلى الله عليه وسلم على وشك الهجرة وفراق مكة ..وهنا نلاحظ أشياء مشتركة بين يوسف والنبي صلى الله عليه وسلم:
يوسف ترك بلده فلسطين ، والنبي على وشك ترك مكة أحب البلاد إليه.
ويوسف فارق أهله، والنبي فارق أهله.
ويوسف انتصر....وكأن الله تعالى يريد أن يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إن يوسف مر بظروف مشابهة لظروفك،ولكنه انتصر....وكذلك أنت ،سوف تنتصر مثله بإذن الله !!!
ولقد كان الرسول وصحابته في أمس الحاجة لهذه المعاني،فقد نزلت السورة وهم في مرحلة معنوية هابطة .
ولعل هذا يذكِّرنا أيضاً بمرحلة الهبوط الشديد الذي تعاني منه الأُمة اليوم...وكأن الله تبارك وتعالى يقول لنا:" لا تيأسوا فالنجاح قادم"!!!
فهذه السورة تعلِّمنا الأمل ...ولكن تذكَّر أنه بعد النجاح مطلوب منك التواضع!!!
لأن النجاح فضلٌ من الله ...فلا تدع غمرة النجاح ونشوة الانتصار تنسيك التواضع لله ،وليكُن قدوتك في ذلك يوسف عليه السلام حين قال في نهاية القصة في الآية(101)"ربِّ قد آتَيتَني من المُلك وعلَّمتَني من تأويلِ الأحاديث* فاطِرَ السماواتِ والأرضِ* أنت َولِيِّي في الدنيا والآخرة* توفَّني مُسلِماً وألحِقني بالصالحين"... وكأن الصالحين سبقوه وهو يريد اللحاق بهم!!!!!
هذه السورة ،كما قال العلماء: " ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه"!!!
وختاماً: هل تستطيع أيُها الشاب المسلم أن تنجح في الدنيا والآخرة؟؟!!!
إذن تعال وتعلَّّم من سورة يوسف!!!!
***
سورة الرعد
إن هدف هذه السورة واضح وقوي وصريح،إنها تريد أن تقول أن الحق واضح وقوي وراسخ...بينما الباطل زاهِق، وضائع ،وضعيف...مهما ظهر للناس عكس ذلك، ومهما طغا الباطل وساد!!!!
فالناس تنخدع بالباطل وترى له نشوة، وسيطرة، وبريق، فتظن أن الباطل هو الحق..فيختلط الأمر عليهم ، ولكن الله تعالى يقول لنا:" لا تنخدعوا بمظاهر الأشياء ،واعلموا أن الحق راسخ وأن النصر في النهاية للحق"!!!!
والدليل على ذلك أن الرعد صوته مُخيف ومزعج، ولكن هذا الصوت ما هو إلا تسبيح...كما أن في باطن هذا الرعد الرحمة ،وفي طيَّاته الخير: وهو المطر الذي تشربون منه وتقوم عليه كل حياتكم!!!
فاعلموا أن الحق قد يكون ظاهره سيء،فلا تنزعجوا منه !!
ثم لا تنخدعوا حين ترون الباطل مزدهراً فتجرون وراءه كما يفعل ضعفاء القلوب والإيمان .
لذلك نرى أول آية من السورة تقول:" ألمر تِلك آياتُ الكتاب * والذي أُنزِلَ مِن ربِّكَ الحقُّ ولكنَّ أكثر الناسِ لا يُؤمِنون"!!! لماذا لايؤمنون بالحق؟ لأن الباطل له بريق وبهاء ظاهري ينخدع بهما مَن لا يرى الأمور على حقيقتها.
بعد ذلك تتحدث السورة (في الآيات 4،3،2)عن مظاهر قُدرة الله في الكون ،وهي مظاهر الحق في مُلك الله.
مَن هو الحق؟! الله هو الحق ، والقرآن هو الحق ، واتّباع القرآن هو الحق...وكأنَّها تدقُّ على رأسك قائلة:" مَن الملِك؟ مَن المُسيطر؟ مَن المُسَخِّر؟"
تقول الآية (4) في نهايتها:" إن في ذلك لآياتٍ لِقَومٍ يعقِلون"،ثم تعقِّب الآية(5) :" وإن تَعجَب فَعَجَبٌ قَولُهُم أَإذا كُنَّا تُراباً أإنَّا لَفي خَلقٍ جديد؟؟!!!"
فبعد كل ما ذكره الله من آيات كونية تنخدعوا بالباطل حتى تظُنُّوا أنه لا يوجد بعث أو حساب ؟!!!!
ثم بعد ذلك يقول لنا الله سبحانه:" أنظر إلى فعل الحق في الكون"!!! فيعرض المتناقضات الموجودة في الكون التي لا يستطيع أن يجمعها ويؤلِّف بينها إلا الله ،ومنها:
أسرَّ القول ،وجهَرَ به
مُستَخفٍ ، و سارِب
يمحو، ويُثبِت
خَوفاً ، وطَمَعاً
يَبْسُط ،ويَقدِر
الأعمى ، والبصير
ظُلُمات، و نور
حق، و باطل
حتى الرعد نفسه الذي يتكون من شُحنات سالبة ،وموجبة!!!وهذا تناقض في الرعد كظاهرة كونية من الناحية العلمية ...ومن ناحية أن ظاهِِرُهُ باطل ،وباطنه حق!!!!!
فإذا لم تُصَدِّقوا الحق،فكفى بالله شهيداً بيني وبينكم!!!!
ثم تأتي الآية (31) لتدل على قوة الحق تقول:"ولَو أنَّ قُرآناً سُيِّرَت به الجِبالُ أو قُطِّعَت بِهِ الأرضُ أو كُلِّمَ بِهِ المَوتَى * بل لِلَّهِ الأمرُ جميعاً "
أي أن هذا القرآن هو أقوى شيءٌ في الوجود !!!
فلو كان هناك في الدنيا قوة تستطيع تحريك الجبال أو تُحيي المَوتى لكان هذا القرآن هو الذي يفعل ذلك...ولعل هذا يذكِّرنا بالقُوى التى تملكها الدول الكُبرى الآن كالقنابل النووية والتقدم العلمي المُذهل الذي وصل بهم إلى غزو الفضاء..وغير ذلك،فلا تنبهر بها،بل ثِق في القرآن!!!!
فمن عظَمة القرآن وقوَّته أنه يستطيع تغيير مجرى السماوات والأرض!!!
كيف؟!!!
حينما تحملونه في قلوبكم و تنفِّذونه بجوارحكم.
والدليل أن الأمة التي كانت ترعى الغنم لم تسود الدنيا وتقود الأرض إلا بعد أن حفظه أفرادها في قلوبهم وعقولهم،وتحرَّكوا به آناء الليل وأطراف النَّهار.... فكانت كل جوارحهم تتحرك بأوامر القرآن .
و لعلنا لنلاحظ أن هذه السورة بأكملها تدور حول:" له ُدعوة الحق" أي لله وحده دعوة التوحيد "لا إله إلا الله" فلا يُعبَدُ ولا يُدعَى إلا هو!!!!
ثم شبَّه الألهة التي تُعبد من دون الله في عدم إجابتها للدعاء كعطشان يبسط يديه إلى الماء من بعيد ليصل إلى فمه ،فلا يصل إليه .
وهكذا حال كل مَن يجري وراء الشهوات، يظل يجري وراءها لتُشبِعُه ،ولكنها أبداً لا تُشبعه ، ولا يرتوي مهما اغترف منها ... وكلما نال من الشهوات وجدها سراباً!!!
و هكذا الباطل !!!
فالباطل كالقش ,أو الزَّبَد أو الغُثاء الذي يطفو فوق سطح الماء حين ينزل المطر سيلاً،ولكنه غير نافع...أما الماء الصافي النافع فيجري حتى يستقر في الأودية ،ويمكث في الأرض!!!
وكذلك الذهب حين يُنَقَّى فإن ما يطفو فوق السطح منه هو الخَبَث..وأما ما يستقر في الأرض فهو الذَهب الخالص!!!!
فالباطل قد يطفو ويعلو ويرتفع...ولكن الحق يظل راسخاً ثابتاً في الأعماق !!!
والحق راسخٌ وباقٍ ونافع،حتى ولو لم يظهر لعينيك...أما الباطل فزاهق ،بلا جذور...حتى ولو كان لامعاً يخطف بريقه الأبصار!!!!!!
:27:
ِ
إخوتي وأخواتي في الله:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
فيما يلي الخواطر القرآنية الخاصة بسورتي: يوسف،والرعد للأستاذ "عمرو خالد" ،جزاه الله خيرا.
وأود أن أؤكِّد أن السطور التالية (وكل ما نقلته سابقاً ) هي ما فهمته من هذه الخواطر ...فما جاء بها من صواب فبفضل الله وحده،وما جاء بها من خطأ فمن نفسي...وأرجو أن تسامحوا غفلتي أو جهلي، و يا حبَّذا لو تُقيلوا عَثرتي يكُن لكم الثواب ...فما قصدت بكتابتها إلا النفع والفائدة للجميع ابتغاء مرضاة الله...و الحمد لله رب العالمين .
سورة يوسف
هذه هي السورة الوحيدة في القرآن التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها،لذلك قال الله تعالى عنها أنه سيقصُّ على النبي صلى الله عليه وسلم:" أحْسنَ القَصَص" وهي أحسن القصص بالفعل –كما يقول علماء الأدب وخاصة المتخصصين في علم القصة- فكل عناصر القصة الجيدة متوفرة بها من التشويق ، واستخدام الرمز ،والترابط المنطقي ... وغير ذلك ،فهي تبدأ بحلم،وتنتهي بتفسير هذا الحلم .
ومن الطريف أن قميص يوسف استُخدم كأداة براءة لإخوته ، فدل على خيانتهم... ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف نفسه،فبرَّأه!!
ونلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة وكأنك تراها بالصوت والصورة،وهي من أجمل القصص التي يمكن أن تقرأها ومن أبدع ما تتأثر به..ولكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص ولكن هدفها هو ما جاء في آخر سطر من القصة وهو:" إنَّهُ مَن يتَّقِ ويَصبر،فإنَّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنين"
فالمحور الأساسي للقصة هو: ((ثِق في تدبير الله ،واصبر ولا تيأَس))
والملاحظ أن السورة تمشي بوتيرة عجيبة ، مفادها
أن الشيء الجميل قد تكون نهايته سيئة،والعكس!!!!!
فيوسف أبوه يحبه- وهو شيء جميل- فتكون نتيجة هذا الحب أن يُلقى في البئر!!!
ثم الإلقاء في البئر شيء فظيع ،فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز!!!
ثم الإكرام في بيت العزيز شيء رائع،فتكون نهايته أن يدخل يوسف السجن!!!
ثم أن دخول السجن شيءٌ بَشِع ، فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر!!!!!
والهدف من ذلك أن تنتبه أيها المؤمن إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك فلا تشغل نفسك به، ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء وفق عِلمه و حِكمته ...فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها،فلا تيأس ولا تتذمَّر،بل ثِق في تدبير الله ،فهو مالك هذا المُلك ،وهو خير مُدبِّر للأمور.
كما يفيد ذلك في أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة،ولكنه يحمل في طياته العذاب!!!!! والعكس.
والعجيب أنك في هذه السورة لا تجد ملامح يوسف النبي ،بل تجدها في سورة "غافر"...أما هنا فقد جاءت ملامح يوسف الإنسان الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته ،ولكنه نجح!!!!
ليقول لنا إن يوسف لم يأتِ بمعجزات ،بل كان إنساناً عاديَّاً ولكنه اتَّقى الله ،فنجح!!!!
وهي عِظة لكل شاب مُسلم مُبتَلى، أو عاطل ويبحث عن عمل ...وأمل لكل مَن يريد أن ينجح رغم واقعه المرير!!!
فهذه هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس،قال تعالى:
" فلمَّا استَيأسوا منهُ خَلَصوا نَجِيَّا"80
"ولا تيأسوا مِن رَوحِ الله إنَّهُ لا ييأسُ مِن رَوحِ الله إلا القومُ الكافِرون"87
"حتى إذا استيأس الرسلُ وظَنُّوا أنََّهُم قد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا "110
وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن:" إن اللهَ قادر...فلِمَ اليأس"؟
إن يوسف –رغم كل ظروفه الصعبة لم ييأس ولم يفقد الأمل ...فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة:
في الدنيا: حين استطاع – بفضل الله، ثم بحكمته في التعامل مع الملِك- أن يُصبح عزيز مصر.
وفي الآخرة : حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ، ونجح.
ولقد نزلت هذه السورة بعد عام الحزن حين كان النبي صلى الله عليه وسلم على وشك الهجرة وفراق مكة ..وهنا نلاحظ أشياء مشتركة بين يوسف والنبي صلى الله عليه وسلم:
يوسف ترك بلده فلسطين ، والنبي على وشك ترك مكة أحب البلاد إليه.
ويوسف فارق أهله، والنبي فارق أهله.
ويوسف انتصر....وكأن الله تعالى يريد أن يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إن يوسف مر بظروف مشابهة لظروفك،ولكنه انتصر....وكذلك أنت ،سوف تنتصر مثله بإذن الله !!!
ولقد كان الرسول وصحابته في أمس الحاجة لهذه المعاني،فقد نزلت السورة وهم في مرحلة معنوية هابطة .
ولعل هذا يذكِّرنا أيضاً بمرحلة الهبوط الشديد الذي تعاني منه الأُمة اليوم...وكأن الله تبارك وتعالى يقول لنا:" لا تيأسوا فالنجاح قادم"!!!
فهذه السورة تعلِّمنا الأمل ...ولكن تذكَّر أنه بعد النجاح مطلوب منك التواضع!!!
لأن النجاح فضلٌ من الله ...فلا تدع غمرة النجاح ونشوة الانتصار تنسيك التواضع لله ،وليكُن قدوتك في ذلك يوسف عليه السلام حين قال في نهاية القصة في الآية(101)"ربِّ قد آتَيتَني من المُلك وعلَّمتَني من تأويلِ الأحاديث* فاطِرَ السماواتِ والأرضِ* أنت َولِيِّي في الدنيا والآخرة* توفَّني مُسلِماً وألحِقني بالصالحين"... وكأن الصالحين سبقوه وهو يريد اللحاق بهم!!!!!
هذه السورة ،كما قال العلماء: " ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه"!!!
وختاماً: هل تستطيع أيُها الشاب المسلم أن تنجح في الدنيا والآخرة؟؟!!!
إذن تعال وتعلَّّم من سورة يوسف!!!!
***
سورة الرعد
إن هدف هذه السورة واضح وقوي وصريح،إنها تريد أن تقول أن الحق واضح وقوي وراسخ...بينما الباطل زاهِق، وضائع ،وضعيف...مهما ظهر للناس عكس ذلك، ومهما طغا الباطل وساد!!!!
فالناس تنخدع بالباطل وترى له نشوة، وسيطرة، وبريق، فتظن أن الباطل هو الحق..فيختلط الأمر عليهم ، ولكن الله تعالى يقول لنا:" لا تنخدعوا بمظاهر الأشياء ،واعلموا أن الحق راسخ وأن النصر في النهاية للحق"!!!!
والدليل على ذلك أن الرعد صوته مُخيف ومزعج، ولكن هذا الصوت ما هو إلا تسبيح...كما أن في باطن هذا الرعد الرحمة ،وفي طيَّاته الخير: وهو المطر الذي تشربون منه وتقوم عليه كل حياتكم!!!
فاعلموا أن الحق قد يكون ظاهره سيء،فلا تنزعجوا منه !!
ثم لا تنخدعوا حين ترون الباطل مزدهراً فتجرون وراءه كما يفعل ضعفاء القلوب والإيمان .
لذلك نرى أول آية من السورة تقول:" ألمر تِلك آياتُ الكتاب * والذي أُنزِلَ مِن ربِّكَ الحقُّ ولكنَّ أكثر الناسِ لا يُؤمِنون"!!! لماذا لايؤمنون بالحق؟ لأن الباطل له بريق وبهاء ظاهري ينخدع بهما مَن لا يرى الأمور على حقيقتها.
بعد ذلك تتحدث السورة (في الآيات 4،3،2)عن مظاهر قُدرة الله في الكون ،وهي مظاهر الحق في مُلك الله.
مَن هو الحق؟! الله هو الحق ، والقرآن هو الحق ، واتّباع القرآن هو الحق...وكأنَّها تدقُّ على رأسك قائلة:" مَن الملِك؟ مَن المُسيطر؟ مَن المُسَخِّر؟"
تقول الآية (4) في نهايتها:" إن في ذلك لآياتٍ لِقَومٍ يعقِلون"،ثم تعقِّب الآية(5) :" وإن تَعجَب فَعَجَبٌ قَولُهُم أَإذا كُنَّا تُراباً أإنَّا لَفي خَلقٍ جديد؟؟!!!"
فبعد كل ما ذكره الله من آيات كونية تنخدعوا بالباطل حتى تظُنُّوا أنه لا يوجد بعث أو حساب ؟!!!!
ثم بعد ذلك يقول لنا الله سبحانه:" أنظر إلى فعل الحق في الكون"!!! فيعرض المتناقضات الموجودة في الكون التي لا يستطيع أن يجمعها ويؤلِّف بينها إلا الله ،ومنها:
أسرَّ القول ،وجهَرَ به
مُستَخفٍ ، و سارِب
يمحو، ويُثبِت
خَوفاً ، وطَمَعاً
يَبْسُط ،ويَقدِر
الأعمى ، والبصير
ظُلُمات، و نور
حق، و باطل
حتى الرعد نفسه الذي يتكون من شُحنات سالبة ،وموجبة!!!وهذا تناقض في الرعد كظاهرة كونية من الناحية العلمية ...ومن ناحية أن ظاهِِرُهُ باطل ،وباطنه حق!!!!!
فإذا لم تُصَدِّقوا الحق،فكفى بالله شهيداً بيني وبينكم!!!!
ثم تأتي الآية (31) لتدل على قوة الحق تقول:"ولَو أنَّ قُرآناً سُيِّرَت به الجِبالُ أو قُطِّعَت بِهِ الأرضُ أو كُلِّمَ بِهِ المَوتَى * بل لِلَّهِ الأمرُ جميعاً "
أي أن هذا القرآن هو أقوى شيءٌ في الوجود !!!
فلو كان هناك في الدنيا قوة تستطيع تحريك الجبال أو تُحيي المَوتى لكان هذا القرآن هو الذي يفعل ذلك...ولعل هذا يذكِّرنا بالقُوى التى تملكها الدول الكُبرى الآن كالقنابل النووية والتقدم العلمي المُذهل الذي وصل بهم إلى غزو الفضاء..وغير ذلك،فلا تنبهر بها،بل ثِق في القرآن!!!!
فمن عظَمة القرآن وقوَّته أنه يستطيع تغيير مجرى السماوات والأرض!!!
كيف؟!!!
حينما تحملونه في قلوبكم و تنفِّذونه بجوارحكم.
والدليل أن الأمة التي كانت ترعى الغنم لم تسود الدنيا وتقود الأرض إلا بعد أن حفظه أفرادها في قلوبهم وعقولهم،وتحرَّكوا به آناء الليل وأطراف النَّهار.... فكانت كل جوارحهم تتحرك بأوامر القرآن .
و لعلنا لنلاحظ أن هذه السورة بأكملها تدور حول:" له ُدعوة الحق" أي لله وحده دعوة التوحيد "لا إله إلا الله" فلا يُعبَدُ ولا يُدعَى إلا هو!!!!
ثم شبَّه الألهة التي تُعبد من دون الله في عدم إجابتها للدعاء كعطشان يبسط يديه إلى الماء من بعيد ليصل إلى فمه ،فلا يصل إليه .
وهكذا حال كل مَن يجري وراء الشهوات، يظل يجري وراءها لتُشبِعُه ،ولكنها أبداً لا تُشبعه ، ولا يرتوي مهما اغترف منها ... وكلما نال من الشهوات وجدها سراباً!!!
و هكذا الباطل !!!
فالباطل كالقش ,أو الزَّبَد أو الغُثاء الذي يطفو فوق سطح الماء حين ينزل المطر سيلاً،ولكنه غير نافع...أما الماء الصافي النافع فيجري حتى يستقر في الأودية ،ويمكث في الأرض!!!
وكذلك الذهب حين يُنَقَّى فإن ما يطفو فوق السطح منه هو الخَبَث..وأما ما يستقر في الأرض فهو الذَهب الخالص!!!!
فالباطل قد يطفو ويعلو ويرتفع...ولكن الحق يظل راسخاً ثابتاً في الأعماق !!!
والحق راسخٌ وباقٍ ونافع،حتى ولو لم يظهر لعينيك...أما الباطل فزاهق ،بلا جذور...حتى ولو كان لامعاً يخطف بريقه الأبصار!!!!!!
:27:
ِ

ياأخت rainyheart
ثبتك المولى واعانك الله عالدعوة له سبحانه و تعالى
والله لاتتصوري مدى فرحة كثير من الناس بهذه التلخيصات بارك الله فيكي وثبتكي وأعانكي
رجائي وأملي أن تستمري واحتسبي اأجرك عند الله تعالى
ولكي منا دعواتنا في ظهر الغيب
جزاكي الله خير
موفقة..
اللهم اعتقها من النار .. اللهم ادخلها الفردوس
ثبتك المولى واعانك الله عالدعوة له سبحانه و تعالى
والله لاتتصوري مدى فرحة كثير من الناس بهذه التلخيصات بارك الله فيكي وثبتكي وأعانكي
رجائي وأملي أن تستمري واحتسبي اأجرك عند الله تعالى
ولكي منا دعواتنا في ظهر الغيب
جزاكي الله خير
موفقة..
اللهم اعتقها من النار .. اللهم ادخلها الفردوس
الصفحة الأخيرة
وما كتبتيه حق يا أُخَيَّة ، فأنا أنقل الخواطر بسرعة وأنا أسمعها، وأحمد الله أنك لاحظتِ هذا الخطأ ،فالمؤمن مرآة أخيه،والمؤمن للمؤمن كالبُنيان يشد بعضه بعضا.
ولعل الأستاذ عمرو خالد قصد " إن قصة طالوت وجالوت تحكي عن بني إسرائيل الذين تخلى معظمهم عن نُصرة الدين ، ولم يبق منهم مع طالوت إلا قليل بعد أن اختبرهم ومحَّصهم ..لتدل على أن هذا الدين شديد ويحتاج إلى المخلصين لنصرته "
فمعذرة لهذا الخطأ الفادح.
اللهم اغفر لي ذنبي كله : دِقَّهُ وجله ،علانيته وسِره، خطأه وعمده،إنك على كل شيء قدير.
:44: