همة و طموح
همة و طموح
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمدلله على فضله واحسانه
الحمدلله لا احصي ثناء عليك أنت كما اثنيت على نفسك .

والصلاة والسلام على خير الخلق محمد صلّ الله عليه وسلم .

أما بعد:

......

رجعت لكم بعد إنقطاع اسأل الله أن يتم علينا وعلى جميع
مرضى المسلمين الشفاء
ويلبسهم لباس الصحة والعافية ..

سنبدء في تفسر سورة الانشقاق الجزء الاول





سورة الانشقاق مقرر الثلاثاء .


﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ* وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ *
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ *
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا *
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا *
إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا } .

تلاوة بصوت الشيخ علي الحذيفي حفظه الله .



{إذا السماء انشقت} :
انفتحت وانفرجت
إذاً فانشقاقها يوم القيامة.


{وأذنت لربها} أذنت:
بمعنى استمعت وأطاعت أمر ربها عز وجل أن تنشق
فانشقت بينما هي كانت كما وصفها الله تعالى {سبعاً شداداً} .
قوية كما قال تعالى: {والسماء بنيناها بأيد} .
أي بقوة فهذه السماء القوية العظيمة تنشق يوم القيامة
تتشقق تتفرج بإذن الله سبحانه وتعالى.

{وحقت}:
أي حق لها أن تأذن، أي تسمع وتطيع؛
لأن الذي أمرها الله ربها خالقها عز وجل، فتسمع وتطيع،
كما أنها سمعت وأطاعت في ابتداء خلقها،

فتأمل
أيها الآدمي البشر الضعيف كيف كانت هذه المخلوقات العظيمة
تسمع وتطيع لله عز وجل، هذه الطاعة العظيمة في ابتداء الخلق وفي انتهاء الخلق.
في ابتداء الخلق قال: {ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين}
في انتهاء الخلق {إذا السماء انشقت. وأذنت لربها وحقت}
حُق لها أن تأذن تسمع وتطيع.



ثم أعاد قال:
{وأذنت لربها وحقت}:
تأكيداً لاستماعها لربها وطاعتها له.

{وإذا الأرض مدت} :
أي تمد مدًّا واحداً كمد الأديم يعني كمد الجلد،
كأنما تفرش جلداً أو سماطاً، تُمد حتى إن الذين عليها ـ وهم الخلائق ـ
يُسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، لكن الآن لا ينفذهم البصر،
لو امتد الناس على الأرض لوجدت البعيدين منخفضين
لا تراهم لكن يوم القيامة إذا مُدت صار أقصاهم مثل أدناهم
كما جاء في الحديث:
«يجمع الله تعالى يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد،
فيسمعهم الداعي، وينفُذُهُم البصر».




{وألقت ما فيها وتخلت}:
أي جثث بني آدم تلقيها يوم القيامة،
تلقي هذه الجثث فيخرجون من قبورهم لله عز وجل،
كما بدأهم أول خلق، أي كما خرجوا من بطون أمهاتهم يخرجون من بطون الأرض،
وأنت خرجت من بطن أمك حافياً، عارياً،
أغرل إلا أن بعض الناس قد يخلق مختوناً لكن عامة الناس
يخرجون من بطون أمهاتهم غرلاً كذلك تخرج من بطن الأرض
يوم القيامة حافياً ليس عليك نعال، عارياً ليس عليك كساء،
أغرل لست مختوناً،

ولما حدّث النبي عليه الصلاة والسلام بذلك قالت عائشة :
يا رسول الله : الرجال والنساء جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض ؟
قال: «يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض»،
الأمر شديد، كل إنسان لاهٍ بنفسه {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} .



والإنسان إذا تصور الناس
في ذلك الوقت مجرد تصور فإنه يرتعب ويخاف،
وإذا كان عاقلاً مؤمناً عمل لهذا اليوم .




{وأذنت لربها وحقت} :
أذنت يعني استمعت وأطاعت لربها وحقت
فبعد أن كانت مدورة فيها المرتفع والنازل صارت
كأنها جلد ممتدة امتداداً واحداً.

ثم قال عز وجل:
{يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً} :
{يا أيها الإنسان}:
يعم كل إنسان مؤمن وكافر .


{ إنك كادح } :
الكادح: هو الساعي بجد ونوع مشقة .
أي عامل كاسب للخير أو الشر.



{ إلى ربك كدحا } :
أي إلى أن تلقى ربك وأنت تعمل وتكسب
فليكن عملك مما يرضي عنك ربك


{ فملاقيه } :
أي ملاق ربك بعد موتك وبعملك خيره وشره.

وإذا شئت أن يتبين لك أن ملاقاة الرب عز وجل قريبة
فانظر ما مضى من عمرك الآن،
لو مضى لك مئة سنة كأنما هذه السنوات ساعة واحدة.
كل الذي مضى من أعمارنا كأنه ساعة واحدة.
إذاً هو قريب، ثم إذا مات الإنسان، فالبرزخ الذي بين الحياة الدنيا والآخرة قريب قريب كاللحظة،
والإنسان إذا نام نوماً هادئاً ولنقل نام أربعاً وعشرين ساعة،
وقام فإنه يقدر النوم بدقيقة واحدة مع أنه نام أربعاً وعشرين ساعة،
فإذا كان هذا في مفارقة الروح في الحياة يمضي الوقت بهذه السرعـة،
فما بالك إذا كانت الروح بعد خروجها من البدن مشغولـة إما بنعيم أو جحيم،
ستمر السنوات على الإنسان كأنها لا شيء،
لأن امتداد الزمن في حال يقظتنا ليس كامتداد الزمن في حال نومنا،
فالإنسان المستيقظ من طلوع الشمس إلى زوال الشمس يحس بأن الوقت طويل،
لكن لو كان نائماً ما كأنها شيء،
والذي أماته الله مئة عام ثم بعثه
{قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم} (البقرة : 259).
وأصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وتسع سنين،
فلما بُعثوا قال بعضهم لبعض: كم لبثتم؟
قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم،

- وهذا يدل على أن الإنسان يتعجب
كيف تذهب السنوات على هؤلاء الأموات؟

نقول نعم، السنوات ما كأنها إلا دقيقة واحدة،
لأن حال الإنسان بعد أن تفارق الروح بدنه سواء كانت مفارقة كلية أو جزئية
غير حاله إذا كانت الروح في البدن،
فإذا كانت الروح في البدن يعاني من المشقة والمشاكل والهواجيس
والوساوس أشياء تطيل عليه الزمن، لكن في النوم يتقلص الزمن كثيراً،
في الموت يتقلص أكثر وأكثر، فهؤلاء الذين ماتوا منذ سنين طويلة
كأنهم لم يموتوا إلا اليوم فلو بعثوا وقيل لهم كم لبثتم؟
قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم،
وهذه مسألة قد يرد على الإنسان فيها إشكال،
ولكن لا إشكال في الموضوع مهما طالت المدة بأهل القبور فإنها قصيرة .
ولهذا قال: {فملاقيه}
(بالفاء) الدالة على الترتيب والتعقيب،

وما أسرع أن تلاقي الله عز وجل.


ثم قسم الله عز وجل الناس عند ملاقاته تعالى إلى قسمين:
القسم الاول : منهم من يأخذ كتابه بيمينه،
والقسم الثاني : منهم من يأخذ كتابه من وراء ظهره.

{فأما من أوتي كتابه بيمينه}:
إشارة إلى أن هؤلاء العاملين منهم من يؤتى كتابه بيمينه،
ومنهم من يؤتى كتابه من وراء ظهره

{أوتي}:
هنا فعل مبني لما لم يسم فاعله، فمن الذي يؤتيه؟
يحتمل أنه الملائكة، أو غير ذلك لا ندري،
المهم أنه يعطى كتابه بيمينه أي يستلمه باليمنى.


{فسوف يحاسب حساباً يسيراً} :
أي يحاسبه الله تعالى بإحصاء عمله عليه، لكنه حساب يسير،
ليس فيه أي عسر كما جاءت بذلك السنة:
أن الله عز وجل يخلو بعبده المؤمن، ويقرره بذنوبه،
فيقول: عملت كذا، عملت كذا، عملت كذا،
ويقر بذلك ولا ينكر فيقول الله تعالى:
«قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم»،
ولا شك أن هذا حساب يسير يظهر فيه منّة الله على العبد،
وفرحه بذلك واستبشاره.
والمحاسب له هو الله عز وجل كما قال تعالى:
{إن إلينا إيابهم. ثم إن علينا حسابهم} .



{وينقلب إلى أهله مسروراً}:
ينقلب من الحساب إلى أهله في الجنة مسروراً،
أي مسرور القلب، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام
أن أول زمرة تدخل الجنة
على صورة القمر ليلة البدر،
ثم هم بعد ذلك درجات، وهذا يدل على سرور القلب؛
لأن القلب إذا سُر استنار الوجه .



{وأما من أوتي كتابه وراء ظهره} :
هؤلاء هم الأشقياء والعياذ بالله، يؤتى كتابه وراء ظهره وليس عن يمينه،
وفي الآية الأخرى في سورة الحاقة {وأما من أوتي كتابه بشماله} .
فقيل: إن من لا يؤتى كتابه بيمينه ينقسم إلى قسمين:
منهم من يؤتى كتابه بالشمال،
ومنهم من يؤتى كتابه وراء ظهره،

= والأقرب والله أعلم أنه يؤتى كتابه بالشمال،
ولكن تلوى يده حتى تكون من وراء ظهره،
إشارة إلى أنه نبذ كتاب الله وراء ظهره،
فيكون الأخذ بالشمال ثم تلوى يده إلى الخلف إشارة
إلى أنه قد ولى ظهره كتاب الله عز وجل ولم يبال به،
ولم يرفع به رأساً، ولم ير بمخالفته بأساً.




{فسوف يدعو ثبوراً} :
أي يدعو على نفسه بالثبور،
يقول: واثبوراه ياويلاه، وما أشبه ذلك من كلمات الندم والحسرة،
ولكن هذا لا ينفع في ذلك اليوم؛ لأنه انتهى وقت العمل ،
فوقت العمل هو في الدنيا، أما في الآخرة فلا عمل وإنما هو الجزاء



{ويصلى سعيًرا}:
أي يصلى النار التي تسعر به ويكون مخلداً فيها أبداً، لأنه كافر



{إنه كان في أهله مسروراً}:
إنه كان في الدينا في أهله مسروراً،
ولكن هذا السرور أعقبه الندم والحزن الدائم المستمر،
واربط بين قوله تعالى فيمن أوتي كتابه بيمينه .

* الفرق بين السرورين
الاول : {وينقلب إلى أهله مسروراً
الثانيه : {كان في أهله مسروراً}
تجد فرقاً بين السرورين،
فسرور الأول سرور دائم ـ نسأل الله أن يجعلنا منهم ـ
وسرور الثاني سرور زائل، ذهب

{كان في أهله مسروراً}:
أما الآن فلا سرور عنده


{إنه ظن أن لن يحور} أي:
ألا يرجع بعد الموت، ولهذا كانوا ينكرون البعث ويقولون لا بعث،
ويقولون: من يحيي العظام وهي رميم

{بلى} :
أي سيحور ويرجع
{إن ربه كان به بصيراً} :
يعني أنه سيرجع إلى الله عز وجل الذي هو بصير بأعماله،
وسوف يحاسبه عليها على ما تقتضيه حكمته وعدله.
......


آنتهى بحمد من الله وفضل تفسير الجزء الاول من سورة الانشقاق .
والله أعلم .

روابط انصح أحبتي بها :

المقطع الذي أبكاني و هزني و شاهدته عشرات المرات -

......

اللهم اجعلنا ممن أوتى كتابه بيمينه وبشر بجنة عرضها السموات والارض
واجمعنا بوالدينا واحبتنا ومن كل له حقاً علينا في ظل يوم لا ظل إلا ظلك .
آمين آمين آمين .
همة و طموح
همة و طموح

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه

وعلى أله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد ..


حياكم ربي وبياكم في اللقاء الخامس والعشرون
لمقرر يوم الاربعاء ..
ربي ارزقنا العلم النافع والعمل الصالح ..







تابع سورة الانشقاق .




{ فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ *
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ *
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ *فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *
إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .

تلاوة بصوت الشيخ علي الحذيفي
حفظه الله وطال في عمره على طاعته



{فلا أقسم بالشفق. والليل وما وسق.
والقمر إذا اتسق. لتركبن طبقاً عن طبق}.
هذه الجملة مكونة من قسم، ومُقسم به، ومقسم عليه، ومُقسِم،
فالقسم في قوله: {لا أقسم بالشفق}
قد يظن الظان أن معنى {لا أقسم} نفي،
وليس كذلك بل هو إثبات و{لا} هنا جيء بها للتنبيه،
{ فلا أقسم } أي فليس الأمر كما تدعون من أنه لا بعث ولا جزاء

{بالشفق} :
الشفق هو الحمرة التي تكون بعد غروب الشمس.
وإذا غابت هذه الحمرة خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء،
هذا قول أكثر العلماء .


{والليل وما وسق} :
هذا أيضاً مقسم به معطوف على الشفق،
يعني وأقسم بالليل وما وسق وهذان قسمان
{والليل وما وسق} الليل معروف
{وما وسق} أي ما جمع،
لأن الليل يجمع الوحوش والهوام وما أشبه ذلك،
تجتمع وتخرج وتبرز من جحورها وبيوتها،
وكذلك ربما يشير إلى اجتماع الناس بعضهم إلى بعض.


{والقمر إذا اتسق} :
القمر معروف.
{إذا اتسق} :
يعني إذا اجتمع نوره وتم وكمل، وذلك في ليالي الإبدار.

{لتركبن طبقاً عن طبق} :
هذه الجملة جواب القسم , أي لتتحولن حالاً عن حال،
وهو يعني أن الأحوال تتغير فيشمل أحوال الزمان،
وأحوال المكان، وأحوال الأبدان، وأحوال القلوب .
الأول: أحوال الزمان تتنقل
{وتلك الأيام نداولها بين الناس} .
فيوم يكون فيه السرور والانشراح وانبساط النفس، ويوم آخر يكون بالعكس،
حتى إن الإنسان ليشعر بهذا من غير أن يكون هناك سبب معلوم،
وتتغير حال الزمان من أمن إلى خوف ، ومن حرب إلى سلم ،
ومن قحط إلى مطر ، ومن جدب إلى خصب إلى غير ذلك من تقلبات الأحوال ..

الثاني: الأمكنة ينزل الإنسان هذا اليوم منزلاً،
وفي اليوم التالي منزلاً آخر،
إلى أن تنتهي به المنازل في الآخرة،
وما قبل الآخرة وهي القبور هي منازل مؤقتة.
القبور ليست هي آخر المنازل بل هي مرحلة.
(تنبيه )
قول كلمة «فلان توفي ثم نقلوه إلى مثواه الأخير»
أن هذه الكلمة غلط كبير ومدلولها كفر بالله عز وجل كفر باليوم الآخر،
لأنك إذا جعلت القبر هو المثوى الأخير فهذا يعني أنه ليس بعده شيء،
والذي يرى أن القبر هو المثوى الأخير وليس بعده مثوى، كافر،
فالمثوى الأخير إما جنة وإما نار.

الثالث: الأبدان يركب الإنسان فيها طبقاً عن طبق
واستمع إلى قول الله تعالى:
{الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة
ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} .
أول ما يخلق الإنسان طفلاً صغيراً يمكن أن تجمع يديه ورجليه بيد
واحدة منك وتحمله بهذه اليد ضعيفًا، ثم لايزال يقوى رويداً رويداً
حتى يكون شاباً جلداً قوياً، ثم إذا استكمل القوة عاد فرجع إلى الضعف،
وقد شبه بعض العلماء حال البدن بحال القمر يبدو هلالاً ضعيفاً،
ثم يكبر شيئاً فشيئاً حتى يمتلئ نوراً، ثم يعود ينقـص شيئـاً فشيئاً حتى يضمحل،
نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.

الرابع: حال القلوب وما أدراك ما أحوال القلوب؟!
أحوال القلوب هي النعمة وهي النقمة، والقلوب كل قلوب بني آدم
بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء،
فإن شاء أزاغه وإن شاء هداه،
ولما حدّث النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث قال:
«اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»،
فالقلوب لها أحوال عجيبة، فتارة يتعلق القلب بالدنيا،
وتارة يتعلق بشيء من الدنيا، وتارة يكون مع الله عز وجل ،
دائماً مع الله يتعلق بالله سبحانه وتعالى، ويرى أن الدنيا كلها وسيلة إلى عبادة الله،
وطاعته، فيستخدم الدنيا من أجل تحقيق العبودية لله عز وجل؛
لأنها خلقت له ولا تستخدمه الدنيا.
وهذه أعلى الأحوال وأصحاب الدنيا هم الذين يخدمونها،
هم الذين أتعبوا أنفسهم في تحصيلها.
وأحوال القلوب هي أعظم الأحوال الأربع،

ولهذا يجب علينا جميعاً أن نراجع قلوبنا كل ساعة كل لحظة
أين صرفت أيها القلب؟
أين ذهبت؟
لماذا تنصرف عن الله؟
لماذا تلتفت يميناً وشمالاً؟
ولكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وقد غلب على كثير من الناس،
حتى إن الإنسان ليصرف عن صلاته التي هي رأس ماله بعـد الشهادتين
فتجده إذا دخل في صلاته ذهب قلبه يميناً وشمالاً،
حتى يخرج من صلاته ولم يعقل منها شيئاً،
والناس يصيحون يقولون صلاتنا لا تنهانا
عن الفحشاء والمنكر أين وعد الله؟

فيقال: يا أخي هل صلاتك صلاة إذا كنت من حين تكبر
تفتح لك باب الهواجيس التي لا نهاية لها، فهل أنت مصل؟

صليت بجسمك لكن لم تصل بقلبك،
ويقال لمثل هؤلاء:إن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر
هي الصلاة التي يعقل فيها صاحبها ما يقرأه من القرآن والأذكار
والتسبيح والأدعية ويحافظ على ركوعها وسجودها وخشوعها
وطمأنينتها أما الصلاة التي يهيم فيها القلب في كل واد ويخرج منها
ولم يدر ما قرأ فلا تنهى عن الفحشاء والمنكر من أجل ذلك

أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها نصفها،
ربعها، ثلثها، عشرها، خمسها»

حسب ما تعقل منها، إذاً فالقلوب تركب طبقاً عن طبق

{فما لهم لا يؤمنون. وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون}:

{ فما لهم لا يؤمنون } :
أي أيٌ مانع من الإِيمان بالله ورسوله
ولقاء ربهم والحجج كثيرة تتلى عليهم.


{ وإذا قرئ عليهم القرآن } :
أي تُلي عليهم وسمعوه.

{ لا يسجدون } :
أي لا يخضعون فيؤمنوا ويسلموا.

صفة سجود التلاوة :
http://islamqa.info/ar/ref/22650


ومن علامات الخضوع لله عز وجل عند قراءة القرآن
أن الإنسان إذا قرأ آية سجدة سجد لله ذلاً له وخضوعاً .

{بل الذين كفروا يكذبون. والله أعلم بما يوعون}:
لما ذكر سبحانه وتعالى أنهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون
بيّـن سبحانه وتعالى أن سبب تركهم السجود هو تكذيبهم بما جاءت به
الرسل عليهم الصلاة والسلام، لأن كل من كان إيمانه صادقاً فلا بد أن يمتثل الأمر،
وأن يجتنب النهي، لأن الإيمان الصادق يحمل صاحبه على ذلك،
ولا تجد شخصاً ينتهك المحارم أو يترك الواجبات إلا بسبب ضعف إيمانه،
ولهذا كان الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو التصديق المستلزم للقبول والإذعان،
فمتى رأيت الرجل يترك الواجبات، أو بعضاً منها،
أو يفعل المحرمات فاعلم أن إيمانه ضعيف
إذ لو كان إيمانه قوياً ما أضاع الواجبات ولا انتهك المحظورات .

{ والله أعلم بما يوعون} :
أي أنه سبحانه وتعالى أعلم بما يوعونه أي بما يجمعونه في صدورهم،
وما يجمعونه من أموالهم، وما يجتمعون عليه من منابذة الرسل ومخالفة الرسل،
بل محاربة الرسل وقتالهم، والكفار أعداء للرسل من حين بعث الله
الرسل عليهم الصلاة والسلام، فهم يجمعون لهم وهذا وعيد لهم



بدليل قوله تعالى :
{فبشرهم بعذاب أليم}:
أخبرهم بالعذاب الأليم الذي لابد أن يكون،

والخطاب في قوله:
{فبشرهم} :
عام للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكل من يصح خطابه.


{إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون}:
إلاّ الذين آمنوا اي منهم آمنوا بالله ورسوله
وآيات الله ولقائه وعملوا الصالحات
فأدوا الفرائض واجتنبوا المحارم فهؤلاء

{ لهم أجر } :
اي ثواب عند الله إلى يوم يلقونه


{ غير ممنون }:
أي غير منقوص ولا مقطوع في الجنة دار السلام.







اللهم اجعلنا من الذين آمنو بك وبرسولك وعملوا الصالحات
واجعلنا من ورثة جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
همة و طموح
همة و طموح
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله هدانا للاسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
والصلاة على نبينا ورسولاً محمد صلّ الله عليه وسلم .

، -------------------------------------------

أما بعد :
حياكم ربي يالغاليات في الدرس السادس والعشرون في التفسير
وهو مقرر ليوم السبت :
سورة المطففين الجزء الاول من آية (1- 17)

،

( آحاديث في موضوع الايات )
1- عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء
فإن تاب صقل منها فإِن عاد عادت حتى تعظم في قلبه
فذلك الران الذي قال الله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ".

، -------------------------------------------





{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }
{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ *
أَلا يَظُنُّ أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَـلَمِينَ
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ
كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ }

تلاوة سورة المطففين بصوت الشيخ علي الحذيفي حفظه الله



( تفسير الايــات )

{ ويل}:
كلمة ويل تكررت في القرآن كثيراً،
وهي على الأصح كلمة وعيد يتوعد الله سبحانه وتعالى
بها من خالف أمره ، أو ارتكب نهيه .


{ ويل للمطففين}:
* فمن هؤلاء المطففون؟

هؤلاء المطففون فسرتهم الايات التي بعدها فقال:
{الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون.
وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}.


{إذا اكتالوا على الناس يستوفون} :
يعني اشتروا منهم ما يكال استوفوا منهم
الحق كاملاً بدون نقص



{وإذا كالوهم أو وزنوهم} :
يعني إذا كالوا لهم أي هم الذين باعوا الطعام كيلاً،
فإنهم إذا كالوا للناس أو باعوا عليهم شيئاً
وزناً إذا وزنوا نقصوا



{يخسرون} :
فهؤلاء يستوفون حقهم كاملاً ، وينقصون حق غيرهم،

فجمعوا بين الأمرين، بين الشح والبخل،
-الشح: في طلب حقهم كاملاً بدون مراعاة أو مسامحة.
- والبخل: بمنع ما يجب عليهم من إتمام الكيل والوزن،
وهذا المثال الذي ذكره الله عز وجل في الكيل والوزن هو مثال،
فيقاس عليه كل ما شبهه، فكل من طلب حقه كاملاً ممن هو عليه
ومنع الحق الذي عليه فإنه داخل في الآية الكريمة .



{ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون} :
يعني ألا يتيقن هؤلاء ويعلموا علم اليقين؛
لأن الظن هنا بمعنى اليقين،
والظن بمعنى اليقين يأتي كثيراً في القرآن .



{ ليوم عظيم} :
هذا اليوم عظيم ولا شك أنه عظيم
عظيم في طوله، في أهواله، فيما يحدث فيه،
في كل معنى تحمله كلمة عظيم،
لكن هذا العظيم هو على قوم عسير،
وعلى قوم يسير .


{ يوم يقوم الناس لرب العالمين}:
يقومون من قبورهم حفاة ليس لهم نعال ولا خفاف،
عراة ليس عليهم ثياب لا قُمص ولا سراويل ولا أزر ولا أردية،
غرلاً أي غير مختونين بمعنى أن القلفة التي تقطع
في الختان تعود يوم القيامة مع صاحبها كما
قال الله تعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده} .

ويعيده الله عز وجل لبيان كمال قدرته تعالى،
وأنه يعيد الخلق كما بدأهم،
والقلفة إنما قطعت في الدنيا من أجل النزاهة عن الأقذار؛
لأنها إن بقيت فإنه ينحبس فيها شيء من البول وتكون عرضة للتلويث،
لكن هذا في الآخرة لا حاجة إليه؛ لأن الآخرة ليست دار تكليف
بل هي دار جزاء إلا أن الله سبحانه وتعالى قد يكلف فيها امتحاناً .


{كلا إن كتاب الفجار لفي سجين} :
فتحتمل أن تكون بمعنى حقًّا إن كتاب الفجار لفي سجين،
أو تكون بمعنى: الردع عن التكذيب بيوم الدين،
وعلى كل حال فبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة
أن كتاب الفجار في سجين، والسجين .
قال العلماء:
إنه مأخوذ من السجن وهو الضيق،
أي في مكان ضيق، وهذا المكان الضيق هو نار جهنم ـ والعياذ بالله ـ .


{كتاب مرقوم} :
كتاب هذه لا تعود على سجين وإنما تعود على كتاب

في قوله: {كلا إن كتاب الفجار}:
فما هذا الكتاب

فقال: {كتاب مرقوم}:
يعني مكتوب لا يزاد فيه ولا ينقص ولا يبدل ولا يغيّر،
بل هذا مآلهم ومقرهم ـ والعياذ بالله ـ أبد الابدين .



{ويل يومئذ للمكذبين} :
ويل سبق الكلام عليها في أول هذه السورة


{الذين يكذبون بيوم الدين} :
أي يكذبون بيوم الجزاء ، وهو يوم القيامة ؛
هؤلاء الذين يكذبون بيوم الدين توعدهم الله بالويل؛
لأن هؤلاء المكذبين بيوم الدين
لا يمكن أن يستقيموا على شريعة الله.
لا يستقيم على شريعة الله إلا من آمن بيوم الدين؛
لأن الإيمان بالله ابتداء والإيمان باليوم الآخر انتهاء.
فتؤمن بالله ثم تعمل لليوم الآخر الذي هو المقر، فهؤلاء ـ والعياذ بالله ـ
كذبوا بيوم الدين، ومن كذب به لا يمكن أن يعمل له أبداً؛
لأن العمل مبني على عقيدة، فإذا لم يكن هناك عقيدة فلا عمل .




{وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم}:
أي ما يكذب بيوم الدين وينكره

{إلا كل معتد أثيم}:
{معتد} في أفعاله
{أثيم} في أقواله،
وقيل: {معتد} في أفعاله
{أثيم} في كسبه أي أن مآله إلى الإثم،
= والمعنيان متقاربان
فلا يمكن أن يكذب بيوم الدين إلا رجل معتد أثيم،
آثم كاسب للآثام التي تؤدي به إلى نار جهنم نعوذ بالله .



{إذا تتلى عليه آياتنا} :
يعني إذا تلاها عليه أحد،
وهذا يدل على أن هذا الرجل لا يفكر أن يتلو آيات الله
ولكنها تتلى عليه فإذا تليت عليه



{قال أساطير الأولين} :
أي هذه أساطير الأولين
- وأساطير: جمع أسطورة وهي الكلام الذي
يذكر للتسلي ولا حقيقة له ولا أصل له،

فيقول: هذا القرآن أساطير الأولين،
ولم ينتفع بالقرآن وهو أبلغ الكلام
وأشده تأثيراً على القلب
وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم، فلم يكن مؤمناً
فلم يصل نور آيات الله عز وجل إلى قلبه،
بل يراها مثل أساطير الأولين التي يتكلم بها العجائز
وليس لها أي حقيقة وليس فيها أي جد.


قال الله عز وجل {كلا بل}:
أي ليست أساطير الأولين ولكن هؤلاء .

{ران على قلوبهم}:
أي اجتمع عليها وحجبها عن الحق

{ما كانوا يكسبون}:
أي من الأعمال السيئات؛
لأن الأعمال السيئات تحول بين المرء وبين الهدى

كما قال الله تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} .
فمن اهتدى بهدي الله واتبع ما أمر الله به،
وترك ما نهى الله عنه، وصدق بما أخبر الله به،
وفعل مثل ذلك فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
فلا شك أن قلبه يستنير وأنه يرى الحق حقًّا، ويرى الباطل باطلاً،
ويعظم آيات الله عز وجل، ويرى أنها فوق كل كلام،
وأن هدي محمد صلى الله عليه وسلّم فوق كل هدي،
هذا من أنار الله قلبه بالإيمان،
أما من تلطخ قلبه بأرجاس المعاصي وأنجاسها فإنه
لا يرى هذه الايات حقًّا
بل لا يراها إلا أساطير الأولين كما في هذه الآية.



{كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}:
(في قراءة الاية )
{بل} سكتة لطيفة عند بعض القراء .
وعند آخرين لا سكتة فيجوز على هذا أن تقول

القراءة الاول : {كلا بل. ران} :
ويجوز أن تقول:
القراءة الثانيه :{كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}

وهذه لا تغير المعنى
سواء سكتّ أم لم تسكت فالمعنى لا يتغير.



{كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} :
أي حقًّا إنهم عن ربهم لمحجوبون، وذلك في يوم القيامة فإنهم يحجبون
عن رؤية الله عز وجل كما حُجبوا عن رؤية شريعته وآياته
فرأوا أنها أساطير الأولين.
وبهذه الآية استدل أهل السنة والجماعة على ثبوت رؤية الله عز وجل،
ووجه الدلالة ظاهر فإنه ما حجب هؤلاء في حال السخط
إلا وقد مكن للأبرار من رؤيته
تعالى في حال الرضا، فإذا كان هؤلاء محجوبون فإن الأبرار غير محجوبين،
ولو كان الحجب لكل منهم لم يكن لتخصيصه بالفجار فائدة إطلاقاً.
ورؤية الله عز وجل ثابتة بالكتاب، ومتواتر السنة، وإجماع الصحابة والأئمة،
لا إشكال في هذا أنه تعالى يُرى حقًّا بالعين كما قال تعالى:

{وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة} .
وقال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} .
فالحاصل أن القرآن دل على ثبوت رؤية الله عز وجل حقًّا بالعين،

وكذلك جاءت السنة الصحيحة بذلك حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام
«إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته».



{ثم إنهم لصالوا الجحيم} :
أي هؤلاء الفجار

{لصالوا الجحيم} :
أي يصلونها يصلون حرارتها أو عذابها نسأل الله العافية .



ثم يقال تقريعاً لهم وتوبيخاً
{هذا الذي كنتم به تكذبون}:
فيجتمع عليهم العذاب البدني
والألم البدني بصلي النار
وكذلك العذاب القلبي بالتوبيخ والتنديم

حيث يقال: {هذا الذي كنتم به تكذبون}
ولهذا يقولون يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين،
قال الله تعالى: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل
ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون}
. .
، -------------------------------------------


آنتهى تفسير الجزء الاول من سورة المطففين
والله أعلم .

روابط انصح أحبتي بها :
قلبي قاسي ليه؟
صالح المغامسي كيف ترقق قلبك.wmv
قسوة القلب - خالد الراشد


، -------------------------------------------



تلويحة :
بارك الله فيكم ياخواتي الغاليات , لكل من تسأل عن التأخير في الدروس
قد ذكرت لكم السبب مسبقاً حفظكم ربي ..
وسيكون كل يوم درس حتى لا نراكم الحفظ عليكم
ولا يكون الهم هو الحفظ دون تركيز
أو تدبر
وسيكون يوم الخميس والجمعة درس ايضاً بالاضافة للمراجعة والتقييم ..


وارجوا منكم ياكريمات لا تسجلو الحضور والحفظ لدرس لم نأخذه بعد ^^
لن المقصد من الحلقة هو الفهم قبل الحفظ ..

إلا إذا كٌنتِ استعنتي بكتاب تفسير فيحق لك التسجيل حفظك وحضورك
أم غير ذلك لا يحق لك ..
ومن سجلت في الايام الماضيه نتجاوز عنها لعدم علمها بذلك .

حفظك ربي واسعدكم في الدارين ,
وجعل القرآن العظيم ربيع لقلوبكم ونوراً
لصدوركم .
همة و طموح
همة و طموح
بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمد لله الذي رضي من عباده اليسير من العمل،
وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل، وأفاض عليهم النعمة،
وكتب على نفسه الرحمة،
وضمّـن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه،
دعا عباده إلى دار السلام .

أما بعــد :

حياكم الله وبياكم في الدرس السابع والعشرون
فــي التفسيـر مقرر يوم الاحد
سورة المطففين الجزء الثاني من الاية ( 18 - 28)







{كَلاَّ إِنَّ كِتَـبَ الاَْبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَـبٌ مَّرْقُومٌ *
يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ * عَلَى الاَْرَآئِكِ يَنظُرُونَ *
تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ *
خِتَـمُهُ مِسْكٌ وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَـفِسُونَ *وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ *
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ }

تلاوة سورة المطففين بصوت الشيخ علي الحذيفي حفظه الله




كما تعرفنا في الدرس الماضي عن أحوال الفجار ومالهم من عقاب وعذاب
نتعرف اليوم عن أحوال الابرار ومالهم من النعيم المقيم :

{كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين}:
وهذا مقابل {إن كتاب الفجار لفي سجين}
فكتاب الفجار في سجين في أسفل الأرض،
وكتاب الأبرار في عليين في أعلى الجنة،
أي أنهم في هذا المكان العالي قد كُتب ذلك عند الله عز وجل
قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.


{وما أدراك ما عليون}:
أي ما الذي أعلمك ما عليون؟
وهذا الاستفهام يراد به التفخيم والتعظيم.
يعني أي شيء أدراك به فإنه عظيم قال الله تعالى:
{كتاب مرقوم} هذا بيان لقوله:
{إن كتاب الأبرار}:
أي أن كتاب الأبرار كتاب مرقوم
مكتوب لا يتغير ولا يتبدل .



{يشهده المقربون}:
يشهده أي يحضره، أو يشهد به المقربون،
و{المقربون} :
عند الله هم الذين تقربوا إلى الله سبحانه وتعالى بطاعته.
وكلما كان الإنسان أكثر طاعة لله كان أقرب إلى الله.
وكلما كان الإنسان أشد تواضعاً لله كان أعز عند الله،
وكان أرفع عند الله .


{إن الأبرار لفي نعيم}:
الأبرار : جمع بر،
والبر كثير الخير، كثير الطاعة، كثير الإحسـان في عبادة الله
والإحسان إلى عباد الله، فهؤلاء الأبرار
الذين منّ الله عليهم بفعل الخـيرات، وترك المنكرات


{لفي نعيم}:
والنعيم هنا يشمـل نعيم البدن ونعيم القلـب،
-أمـا نعيم البدن فلا تسأل عنه فإن الله سبحانه وتعالى قال في الجنة :
{وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعـين وأنتـم فيهـا خـالـدون} .
وقال تعالى: {فلا تعلم نفـسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين
جزاءً بما كانوا يعملون} .

-وأمـا نعيم القلـب فـلا تسأل عنه أيضاً فإنهم يقال لهم
وقد شاهدوا الموت قد ذبح يقال لهم : يا أهل الجنة خلود ولا موت
ويقال لهم : ادخلوها بسلام،
ويقال لهم : إن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، وأن تصحوا فلا تمرضوا أبدا ً،
وأن تشبوا فلا تهرموا أبداً ،
وكل هذا مما يدخل السرور على القلب فيحصل لهم
بذلك نعيم القلب ونعيم البدن
جعلنا الله منهم .




{على الأرائك ينظرون}:
الأرائك :
جمع أريكة وهي السرير المزخرف المزيّن الذي وَضع عليه مثل الظل،
وهو من أفخر أنواع الأسرة فهم على الأرائك
على هذه الأسرة الناعمة الحسنة البهية .


{ينظرون} :
يعني ينظرون ما أنعم الله به عليهم من النعيم الذي لا تدركه الأنفس الآن
{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} .
وقال بعض العلماء: إن هذا النظر يشمل حتى النظر إلى وجه الله،
وجعلوا هذه الآية من الأدلة على ثبوت رؤية الله عز وجل في الجنة
{تعرف في وجوههم نضرة النعيم} أي تعرف أيها الناظر إليهم




{في وجوههم نضرة النعيم} :
أي حسن النعيم وبهاءه، أي التنعم، وأنتم تشاهدون الان في الدنيا
أن المنعمين المترفين وجوههم غير وجوه الكادحين العاملين.
تجدها نضرة، تجدها حسنة، تجدها منعمة،
فأهل الجنة تعرف في وجوههم نضرة النعيم أي التنعم والسرور؛
لأنهم أسّر ما يكون، وأنعم ما يكون.

ثم قال الله تعالى في بيان ما لهم من النعيم
{يسقون من رحيق مختوم} :
{يسقون}:
يعني الأبرار، يسقيهم الله عز وجل بأيدي الخدم الذين وصفهم الله
بقوله: {يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين.
لا يصدعون عنها ولا ينزفون} .


{يسقون من رحيق مختوم*ختامه مسك}:
أي من شراب خالص لا شوب فيه ولا ضرر فيه على العقل،
ولا ألم فيه في الرأس، بخلاف شراب الدنيا فإنه يغتال العقل ويصدع الرأس.
أما هذا فإنه رحيق خالص ليس فيه أي أذى.



{مختوم. ختامه مسك}:
أي بقيته وآخره مسك أي طيّب الريح.
بخلاف خمر الدنيا فإنه خبيث الرائحة.
فهؤلاء القوم الأبرار لما حبسوا أنفسهم عن الملاذ
التي حرمها الله عليهم في الدنيا أعطوها يوم القيامة.



{وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} :
أي وفي هذا الثواب والجزاء , فليتسابق المتسابقون
سباقاً يصل بهم إلى حد النفس، وهو كناية عن السرعة في المسابقة.
والمنافسة في الخير هي المسابقة إلى طاعة الله عز وجل وإلى
ما يرضي الله سبحانه وتعالى، والبعد عما يسخط الله .



{ومزاجه من تسنيم } :
أي ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم أي من شراب
يقال له تسنيم وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه .



{عيناً يشرب بها المقربون}:
أي أن هذه العين والمياه النابعة،
والأنهار الجارية يشرب بها المقربون.



آنتهى تفسير الجزء الثاني لسورة المطففين
والله أعلم .
روابط انصح أحبتي بهــا :

نعيم أهل الجنة مؤثر جدا.mp4
مشاهد 3 الحلقة الثانية ـ الشوق إلى الجنة
وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ








لن نحبكم نرفع الاكف إلى الله وندعو لكم :

اللهم إنا لن نبلغ الجنة بكثرة اعمالنا ولكن نبلغ جنتك برحمتك وفضلك
فسألك يارب ياكريم أرحمنا وارحم
والدينا وادخلنا الجنة من غير حساب ولا سابق عذاب .
اللهم يسر لبنات الحلقة أمورهن وفرج همومهن
واجعلهن ياربي ممن رضيت عنهن
ورد لنا كل أخت غائبة عنا
اللهم أن نفتقد أختنا ( أم نايف م ) اللهم ردها لنا سالمة
اللهم أنها تسعى لافادة اخواتها فيارب اسألك أن تحفظها بحفظك وتحفظ ذريتها .

اللهم أن أبو بداية فرح يشكو إليك ظلماً اصابه فيارب ياناصر المظلومين
ومجيب دعوة المضطر إذا دعاك
نسألك يارب أن تنصره على من ظلمه اللهم أجعل تدبيرهم في نحورهم وحفظه بحفظك
ورده إلى اهله وذريته رداً جميلاً ..
اللهم كن له عوناً ونصيراً فاأنت يارب خير معين .

اللهم ارزق كل من تشكو إليك عقماً اصابها أو اصاب زوجها اللهم
بشرهم ياكريم بحملاً قريب
فإنك على كل شيء قدير
يارب أحفظ جيجي لؤي وقدم لها بالسلامة
وارزقها ذرية طيبة صالحة مصلحة
اللهم آمين آمين آمين .
همة و طموح
همة و طموح
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام
على نبي المرسلين محمد صلّ الله عليه وسلم

وبعد :

حُييتم ياطالبات الحلقة في الدرس الثامن والعشرون
لمقرر يوم الاثنين .
رزقنــا العلم النافع والعمل الصالح .





بسم الله نبدأ .








{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضْحَكُونَ *
وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ *
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُواْ إِنَّ هَـؤُلاَءِ لَضَآلُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَـفِظِينَ *
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الاَْرَآئِكِ يَنظُرُونَ *
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
}.




{إن الذين أجرموا}
أي قاموا بالجرم وهو المعصية والمخالفة

{كانوا}
أي في الدنيا

{من الذين آمنوا يضحكون}
استهزاءاً وسخرية واستصغاراً لهم.


{وإذا مروا}
والقاعدة التي ينبغي أن تفهم في التفسير:
أن الآية إذا احتملت معنيين لا ينافي أحدهما الآخر
وجب حملها على المعنيين؛ لأن ذلك أعم،
فعليه نقول :
أن المجرمين إذا مروا بالمؤمنين وهم جلوس تغامزوا،
وإذا مر المؤمنون بالمجرمين وهم جلوس تغامزوا أيضاً
فتكون شاملة للحالين:
حال مرور المجرمين بالمؤمنين،
وحال مرور المؤمنين بالمجرمين.


{يتغامزون} :
يعني يغمز بعضهم بعضاً، انظر إلى
هؤلاء سخرة واستهزاء واستصغاراً.



{وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين}:
إذا انقلب المجرمون إلى أهلهم



{انقلبوا فكهين} :
يعني متفكهين بما نالوه من السخرية بهؤلاء المؤمنين،
فهم يستهزؤن ويسخرون ويتفكهون بهذا،
ظنًّا منهم أنهم نجحوا وأنهم غلبوا المؤمنين،
ولكن الأمر بالعكس.




{وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون}:

{إذا رأوهم}:
أي رأى المجرمون المؤمنين


{قالوا إن هؤلاء لضالون}:
ضالون عن الصواب، متأخرون، متزمتون متشددون إلى غير ذلك من الألقاب،
ولقد كان لهؤلاء السلف خلف في زماننا اليوم وما قبله وما بعده،
من الناس من يقول عن أهل الخير: إنهم رجعيون،
إنهم متخلفون ويقولون عن المستقيم:
إنه متشدد متزمت،
وفوق هذا كله من قالوا للرسل عليهم الصلاة والسلام
إنهم سحرة أو مجانين.



{وما أرسلوا عليهم حافظين}:
أي أن هؤلاء المجرمين ما بعثوا حافظين لهؤلاء
يرقبونهم ويحكمون عليهم، بل الحكم لله عز وجل .



{فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون} :
اليوم يعني يوم القيامة، الذين آمنوا يضحكون من الكفار
فالذين آمنوا يضحكون اليوم من الكفار،
وهذا والله هو الضحك الذي لا بكاء بعده،
أما ضحك المجرمين بالمؤمنين في الدنيا
فسيعقبه البكاء والحزن والويل والثبور .




{على الأرائك ينظرون} :
أي أن المؤمنين على الأرائك في الجنة،
والأرائك هي السرر الفخمة الحسنة النضرة.



{ينظرون}:
أي ينظرون ما أعد الله لهم من الثواب،
وينظرون أولئك الذين يسخرون بهم في الدنيا،
ينظرون إليهم وهم في عذاب الله كما قال الله تعالى:
{قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك
لمن المصدقين أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أإنا لمدينون.
قال هل أنتم مطلعون
} .


{ هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون }:
أي هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين
من الاستهزاء والتنقص أم لا يعني قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله





وبهذا تم الكلام الذي يسره الله عز وجل على سورة المطففين
نسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم به، وأن يجعلنا من المتعظين الواعظين.
إنه جواد كريم.


وللتنبيه بارك الله فيكم يا أخواتي الكريمات
غداً سيكون هناك درس وتسجيل للحفظ والحضور

كونوا بالقــرب حفظكم ربي .